في آواخر عام 1992 حصلت هذه القصة الحقيقية مع صديق لي، كان مسافرا إلى لبنان بالسيارة من الرياض وتوقف في الزبداني لتناول الغداء وهناك قابل شخص سوري مقطوع فاطعمه وسقاه وساعده ماليا واستأجر له سيارة تقله إلى منزله في الريف السوري معززا مكرما، بعد عدة اشهر تلقى هذا الصديق مكالمة من نفس الشخص السوري يستفسر منه عن موعد قدومه لسوريا حتى يقوم بالواجب ويكرمه فاعتذر الصديق وشكره على لطفه لكن الشخص السوري ألح عليه بضرورة زيارته في سوريا وأن يحل ضيفا لديه، شاورني في الأمر فاقترحت عليه أن ينزل في فندق في دمشق وأن يزوره ويعتذر بالسفر لأن صديقي هذا يملك شفة في بيروت ودائما يقضي اجازاته هناك ويسافر أحيانا بالسيارة، وحصل أن توجه هذا الصديق الى دمشق في طريقه لبيروت ونزل في فندق وزار الشخص السوري في منزله في الريف، وفاجأ هذا الشخص السوري صديقي بصينية متقنة الصنع وكاملة الاستدارة مصنوعة من الفضة ومطعمة بالنحاس وتحمل اثنا عشر كأسا لها قواعد طويلة ومزخرفة وغاية في الجمال ومطعمة باحجار كريمة وشبه كريمة ولكن المثير هو ان كل سنتيمتر مربع تقريبا في الكؤوس والصينية تحمل نقوش تختلف عن النقش المجاور، اتصل بي هذا الصديق واقترحت عليه أن يشتريها فورا حتى لو كانت مزيفة فالقيمة هنا في العمل الفني، اشتراها الصديق بألفي دولار وقضى اجازته في بيروت وعندما عاد شاهدت تلك القطعة واصابني الذهول، فالاتقان في الصنع خارق للعادة ولم اشاهد من قبل سواء في الواقع أو الصور عمل متقن كهذا، عرضنا هذه القطعة على خبير متمرس فإفاد أن مصدرها من ارض الشام وبالذات منطقة محددة في سوريا فالكتابات هي اللغة البيزنطية القديمة والرموز هي للآلهة الوثنية التي كانت تعبد في ذلك الوقت وان هذه القطعة هي من المذبح الوثني في الهيكل ولا بد من وجود قطع أخرى قد تكون اكثر اهمية منها في نفس الموقع فهذا الموقع هو المعبد الإمبراطوري وأن قيمتها المالية والتاريخية عالية لأبعد الحدود، اصابنا الذهول مرة أخرى واقترحت على هذا الصديق أن ينسق الاتصال مع الشخص السوري فقد كانوا في غاية الفقر والعوز وعلى أن لا يظلمه بل يعطيه ما يرضيه وأن ينسق معهم للعمل في نفس الموقع لعل وعسى ان نجد شيئا، سافرنا سوية واجتمعنا مع الشخص السوري وطلبنا منه تكثيف العمل في المنطقة التي وجدوا فيها القعطة واعطيناه مبلغ الفي دولار كمقدم ولمساعدته في تدبير أموره وابلغناه ان يتصل عند العثور على اي شيئ، بعد اكثر من تسعة شهور ورد اتصال من نفس الشخص وابلغنا بضرورة ان نزوره وكانت هذه هي الإشارة لنا بأنه وجد شيئا، سافرنا إلى هناك وزرناه في بيته وكانت المفاجأة مرة أخرى أنهم عثروا على تمثال لمحارب يرتدي الخوذة والسيف من الغرانيت مطعم بالذهب الخالص يزن في حدود الأربعة كيلو ونصف وعثروا على درع مزخرف غاية في الاتقان وعملات مختلفة من الذهب والفضة والبرونز تزن في حدود كيلو ونصف وأربعة كؤوس من نفس نوع الكؤوس التي عثروا عليها سابقا ثم حجر من الرخام الأبيض اربعين سنتيمتر في ثلاثين سنتيمتر مكتوب عليه كتابات بيزنطية ورسومات لخيل بالغة الدقة وسنابل قمح، اعطيناه ما يرضيه من المال وطلبنا منه مواصلة العمل والاتصال بنا وعرضنا هذه القطع عند عودتنا على نفس الخبير فكانت اجابته بأن هذه المقتنيات بالغة الأهمية وخاصة حجر الرخام فهو يحوي على ترانيم وثنية مقدسة كانت مثلها تعلق في المذبح ولا يجوز لمسها إلا للكاهن الأعظم الذي يقوم بنفسه بتنظيفها والاعتناء بها وابلغنا ان هذا الموقع بالغ الأهمية فقد يكتشف بداخله شيئا ما يحدث ضجة، بعد اكثر من سنة ونصف وكنا في بيروت اتصل هذا الشخص وطلب منا زيارته وزرناه في منزله فالمسافة كانت قريبة وأبلغنا انهم عثروا في وسط مزرعتهم على سلم يقود للأسفل وأنهم عثروا على غرف وسراديب لكنها مهددة بالانهيار في اي لحظة بسبب زلازل حصلت في المنطقة منذ زمن بعيد وأنهم لا يستطيعون التحرك داخل المبنى المنهار لإنسداده بأعمدة منهارة وصخور ضخمة ونزلنا نحن على السلم ألى اقرب مسافة وتأكد لنا استحالة التحرك إلا بعد إزالة الحطام وطلب منا الرأي والمشورة فهم لا يستطيعون عمل أي شيئ دون لفت النظر اليهم ولا يجوز ابدا لفت النظر اليهم في كل الأحوال، ولم يكن لدينا جواب فنحن لسنا مهندسين أو خبراء آثار ولكن اقترح احدهم ان يحفر نفق جانبيا يدور حول الموقع حتى يجد منفذا للداخل وتعلل أنه وحده ويحتاج لنفقات وقدرنا قيمة العمل بحدود العشرة الآف دولار وسندفع له هذا المبلغ على أن نرى حجم العمل المنفذ قبل ان ندفع الدفعة الثانية دفعنا المبلع وبعد اسبوعين فقط اتصل نفس الشخص وطلب منا زيارته وفعلا كان الحفر قد وصل إلى داخل المبنى المتهدم من جهة غير متهدمة وكانت عبارة عن غرفة كبيرة تقدر مساحتها بعشرين متر طولا وعرضا وأرضية من الفسيفساء الخيالية وعثروا بداخلها على خوذات حربية مزينة بالرسوم والنقوش وبعظها مطعم باحجار شبة كريمة وعلى سيف لكنه كان في حالة يرثى لها فقد طمست كل معالمه وعلى جرار من الفخار مختلفة الاحجام وأهم ما وجد كان تمثال لأمرأة بطول سبعين سنتيمتر من الحجر الأبيض الناصع البياض ومطعم بكل انواع الحجارة الكريمة وحوالي العشرين شمعدانا بعضها في حالة ممتازة وجميعها عليها نقوش وكتابات وكل ما عثر عليه متقن الصنع لإبعد الحدود والاحتراف، المبنى الرئسيي المتهدم لا يمكن الدخول إليه إلا بإزالة السقف المتهدم وهذا ما لم نستطع القيام به، اعطيناهم ما يرضيهم وكان لنا لقاء مع نفس الخبير الذي ذهل من تمثال المرأة وعرض علينا تسويقه في متاحف العالم ومقتني الآثار وأخبرنا ان هذه هي جوبتير آلهة الحب والحرب لدي البيزنطيين وتوجد نسخة من هذا التمثال في كل معبد امبراطوري والدليل هو الحجارة الكريمة المرصعة والكتابات على التمثال واتقان الصنع المبالغ فيه، باع هذا الصديق التمثال بمبلغ كبير لأحد محبي الآثار وأشترى ارضا كبيرة اقام عليها سوقا تجارية وانِشأ تجارة مواد غذائية ونقليات، وتقلبت بنا الأحوال وافترقنا، تذكرت هذه القصة عندما شاهدت ابن صديقي في احدى المناسبات فقد توفى والده إلى رحمة الله وإلى الآن مازال الشخص السوري حائرا في الدخول إلى المبنى الرئيس المتهدم الذي يعتقد أنه هو المعبد الامبراطوري الذي تمت مغادرته على عجل بفعل الزلازل المدمر ولم يدخله احد مطلقا بعد الزلازل إلى ان تم اكتشافه على يد هذا الاخ السوري..
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
اعمل الخير تجد ما يسرك اكتشافات اثرية بالجملة وبأغلى الاسعار
تقليص
X
تعليق