في آواخر ينانير عام 2003 كنا مجموعة اصدقاء في رحلة برية لمنطقة ارجو المعذرة من ذكر اسمها، كانت منطقة نائية ولكن جميلة وهادئة وبعيدة عن الناس وامضينا اربعة ايام في تلك المنطقة نستمتع بالصحراء والجبال والوديان والجو الجميل وبدون ان نشاهد مخلوق وفي اليوم الخامس اقترب من مخيمنا احد سكان المنطقة وبعد السلام والترحيب عرض علينا ان نشتري منه بضاعة يحملها في سيارته وكانت عبارة عن لقى اثرية كرؤوس الرماح والسهام وتماثيل حجرية لبشر وحيوانات وأحجار تلمع تحت الشمس، سألناه عن المكان الذي وجدها فيه فقال انه يرعى الغنم والأبل ويجدها ويجد الكثير منها مما لا يلتقطه واشار الى مكان الرعي وهو لا يبعد كثيراعن مخيمنا، كانت هذه اللقى في صندوق خشبي كبير وبحثت في الصندوق ولفت نظري لفافة من الجلد تظهرعليها كتابات بلغة لم اعرفها في البداية وهي ممزقة في اغلب اجزائها واكل عليها الدهر والشرب فاشتريتها منه فورا بمائتي ريال علما انه كان يعرض كل بضاعته بهذا المبلغ، اكرمنا الرجل وتغدى معنا ثم ودعنا واستغرقت انا في فحص هذه اللفافة الجلدية ولم اصل لنتيجة، في اليوم التالي عزمنا على البحث والتنزه في مرعى ضيفنا وأول ما لفت نظرنا هو وجود دائرة ضخمة منحوتة على جبل وبجانبها مثلث بنفس الحجم، كان الوادي الذي نسير عليه مليئ باشجار الدوم ثم افضى الوادي الى سهل فسيح وهناك شاهدنا ضيفنا يرعى حلاله فسلمنا عليه ودار حديثا معه استفسرنا منه عن المنطقة والاماكن التي عثر فيها على اللقى فتردد في البداية وقال ان هناك منطقة في آخر الوادي لا يذهبون اليها مطلقا لخشيتهم منها ولوجود مخاطر تحدق بكل من يذهب اليها، المهم انه وصف الطريق اليها وحذرنا منها فاتكلنا على الله فنحن لا نخشى سواه وقدنا سياراتنا حسب الوصف وفعلا كانت في آخر الوادي عدة شعاب وأودية تفترق عن بعضها وهي شديدة الوعورة فالسيارات لا تنفع ويجب السير على الاقدام وهكذا كان، فمضينا مشيا على الاقدام لاستكشاف المنطقة وأول ما قابلنا هو عظام وهياكل بشرية متناثرة جرفتها السيول وعوامل التعرية، استمرينا في السير فبدأت تكثر هذه العظام والهياكل واكتشف احدنا سوارة تلمع تحت الشمس على عضد احد الهياكل ثم توالت الاكتشافات فمن درع نحاسية الى سيف يعلوه الصدأ الى خناجر قديمة وعملات فضية مطموسة تقريبا واهم ما وجدناه كان صندوق صغير يوجد به تسع عملات ذهبية، كان الوقت يمر بسرعة والمنطقة نائية ولا نعرفها جيدا والشمس على وشك الغروب فقررنا المغادرة خاصة اننا اوقفنا السيارات بعيدا عن هذا الموقع، في طريق العودة كنا نحاول فك رموز هذه المنطقة وتحليل ما شاهدناه وما عثرنا عليه، كان هذا الموقع يحتاج لفترات زمنية طويلة لاستكشافه ومعدات وتجهيزات افضل وكان علينا المغادرة فالاجازة شارفت على الانتهاء، ثبتنا الموقع والطرق على الجي بي اس والخرائط وغادرنا الى الرياض وعرضت اللفافة على خبير متمكن فقرر انها قطعة من التوارة مكتوبة بالعبرية القديمة وتباع مثلها واقل منها باعلى الاثمان في اسواق اميركا والغرب، بعد سنتين تقريبا وفي شهر يناير ايضا في البرد الشديد غادرنا لنفس الموقع مع نفس رفاق السفر في المرة الأولى ولكن مستعدين هذه المرة فالمخيم كان قريبا من الموقع ولا هم لنا إلا استكشاف الموقع الذي عثرنا عليه بوصف ضيفنا يذكره الله بالخير، بحثنا جيدا وعثرنا على تماثيل حجرية بعضها مطعم بالنحاس والذهب وعلى سيوف متقنة الصنع وخناجر وعلى رؤوس رماح وسهام وجرار مكسورة وخوانم حديدة ومباخر وعثرنا في النهاية على لفافة جلدية اخرى تحمل نفس الكتابة وكل ما عثرنا عليه يحتاج لترميم بيد خبيرة، امضينا اسبوعين في تلك المنطقة وهي جميلة للغاية وارض بكر فلا طرق ولا حياة سوى بعض الرعاة الذين يظهرون على الافق وليس دائما وكنا نشتري الذبائح من بعضهم ولكن في الطرف الآخر من الوادي، عدنا للرياض وعرضنا ما عثرنا عليه على نفس الخبير وساهم معنا في الترميم وباع اللفافتين بسعر مجز تقاسمناه جميعا واحتفظ في منزلي ببعض ما عثرنا عليه كتحف تزين مجلسي، السؤال الملح الذي اتعبنا جوابه هو مالذي حدث لهؤلاء القوم الذين تتناثر هياكلهم على هذا النحو مع اسلحتهم ومتاعهم وممتلكاتهم فالهياكل كلها لرجال وهذا يدل على أنهم جيشا او قافلة تعرضت للإبادة بفعل جيش آخر او لصوص ولكن السؤال ايضا لماذا لم يستولي الجيش المهاجم او اللصوص على ممتلكات القتلى المتناثرة التي تملأ الوادي مع اسلحتهم ومتاعهم؟؟ وما هو السر في وجود كل هذه التماثيل وماذا تعني، لا نجد جوابا حتى الآن وما تزال المنطقة نائية لا يعلم عنها احد شيئا..