سقوط قرطبة
كانت هزيمة الموحدين سنة 609هـ بالأندلس في معركة العقاب، إيذانًا بانهيار هذه الدولة القوية، والذي جاء مروعًا وسريعًا، واتسعت عليها الخروق في المغرب والأندلس بالثورات الداخلية المتكررة، وتطلع المسلمون في الأندلس لزعامة جديدة تلملم شعث دولة الإسلام في الأندلس، في ظل تخاذل حكام الموحدين، وفي هذه الفترة برز نجم قائد جديد وهو ابن هود الذي أعلن أنه سيقوم بتحرير الأندلس من نير الموحدين وعدوان الصليبيين، وسيعمل على إحياء الشريعة وذلك سنة 625هـ.
ونظرًا لأن العصر كان مليئًا بالأهواء والفتن والمطامع، فلم يجد هذا القائد الجديد الطريق سهلاً أمامه، فقد كان هناك العديد من الزعماء المنافسين لابن هود، أخطرهم وأشدهم ابن الأحمر في جنوب الأندلس، والذي كان أشد على ابن هود من الإسبان أنفسهم، ودخل في حروب متكررة ضد ابن هود من أجل زعامة الأندلس، وهذا الصراع الداخلي استفاد منه الإسبان الصليبيون على أفضل ما يكون، حيث أخذ فرناندو الثالث ملك قشتالة في التحضير لضربة قوية ومؤلمة لدولة الإسلام في الأندلس.
كان الهدف قرطبة حاضرة الأندلس وعاصمة الخلافة القديمة، ورمز الإسلام وظفره على الصليبية في الأندلس، وكانت هذه المدينة منذ سقوط الخلافة الأموية سنة 407هـ تعاني من الإهمال بعد أن فقدت مكانتها وبريقها؛ إذ انتقلت العاصمة إلى إشبيلية، وكان أهلها مشهورين بالثورة والتمرد ولكنهم ليسوا على قلب رجل واحد تجمعهم الثورة وتفرقهم الأطماع والأهواء، فتارة يبايعون ابن هود، وتارة ابن الأحمر، وتارة بلا قائد أو بيعة.
في أواخر ربيع الثاني سنة 633هـ، أرسل فرناندو الثالث سرية استطلاعية من الفرسان لاستكشاف تحصينات المدينة، واستعدادات أهلها الدفاعية، وبمعاونة أحد المسلمين الخونة الذين ارتدوا عن الإسلام، استطاعت هذه السرية أن تستولي على العديد من أبراج المدينة، وهرع أهل قرطبة لطردهم عنها ولكنهم استماتوا في القتال، وأرسلوا برسائل استغاثة لفرناندو الثالث، فجاءت إمدادات سريعة بقيادة أساقفة الكنائس القريبة من قرطبة، وجاء فرناندو بنفسه وحاصر المدينة بقواته.
أرسل أهل قرطبة لابن هود يطلبون منه نجدتهم، فأقبل مسرعًا بجيش كبير يقدر بـ 35 ألف مقاتل وصحبه مائتا فارس من المرتزقة النصارى بقيادة الفارس لورنسو خواريز، وكان هذا الفارس الصليبي مغضوبًا عليه من قبل فرناندو الثالث فنفاه خارج قشتالة، فانضم لخدمة ابن هود، وهذا الأمر والذي يمثل خللاً في عقيدة الولاء والبراء كان سبب هزيمة المسلمين وضياع قرطبة؛ ذلك أن هذا الفارس الصليبي أراد أن يسترد رضا مليكه ويخدم بني دينه خدمة يستعيد بها مكانته السابقة فتظاهر هذا الفارس أنه سيقوم بجولة استطلاعية للتعرف على جيش الصليبيين، ثم دخل هذا الفارس معسكر فرناندو واجتمع معه واتفق على تفاصيل خطة الخداع.
عاد الفارس الصليبي لابن هود وشن عليه حملة تخويف وترهيب، حذره من ضخامة الجيش الإسباني ومغبة الاصطدام معه، مع العلم أن جيش ابن هود كان أكبر وأقوى من جيش فرناندو، ولكنها عاقبة الاستعانة بأعداء الدين ومغبة ضياع عقيدة الولاء والبراء، ونجحت الخطة وانخذل ابن هود عن نصرة قرطبة، ثم تعلل ابن هود بالانسحاب لنصرة أهل بلنسية الذين استغاثوا به من تهديدات خايمي الأول ملك أراجون.
بعد انسحاب ابن هود أخذ فرناندو الثالث في تشديد الحصار على المدينة، حتى أوشك أهلها على التسليم ولكنهم عادوا وقويت نفوسهم بعدما علموا أن مؤن الجيش الصليبي على وشك النفاد، وشعر فرناندو أن لابن هود يدًا في الأمر، فاستغل العداء المستحكم بين ابن هود وابن الأحمر لصالح أغراضه، وأرسل لابن الأحمر يعرض عليه المحالفة والمعاهدة على ابن هود، ووافق ابن الأحمر.
انهارت معنويات أهل قرطبة عندما وصلتهم أخبار معاهدة فرناندو لابن الأحمر، واضطروا للموافقة على التسليم، ودخل فرناندو الثالث قرطبة يوم الأحد 23 شوال سنة 633هـ، في الحال رفع الصليبيون صليبًا كبيرًا على قمة صومعة جامعها الأعظم الذي تم تحويله فورًا إلى كنيسة..
ثم قام فرناندو الثالث بعمل يدل على مدى قوة ذاكرة أعداء الإسلام، وأنهم لا ينسون أبدًا فتوحات المسلمين ومعاركهم، حيث أمر فرناندو الثالث بنزع النواقيس التي كان المنصور بن أبي عامر قد أخذها من كنيسة شانت ياقب وهي قدس الأقداس عند نصارى إسبانيا، حين غزوه لمدينة شانت ياقب سنة 387هـ في العصر الذهبي للأندلس، وحملها الأسرى النصارى على كواهلهم حتى قرطبة، وهنالك جعلت رءوسًا للثريات الكبرى بالجامع الكبير، أمر فرناندو بنزع هذه النواقيس وأن يحملها الأسرى المسلمون على كواهلهم حتى شانت ياقب لترد هناك إلى مكانها القديم.
كانت هزيمة الموحدين سنة 609هـ بالأندلس في معركة العقاب، إيذانًا بانهيار هذه الدولة القوية، والذي جاء مروعًا وسريعًا، واتسعت عليها الخروق في المغرب والأندلس بالثورات الداخلية المتكررة، وتطلع المسلمون في الأندلس لزعامة جديدة تلملم شعث دولة الإسلام في الأندلس، في ظل تخاذل حكام الموحدين، وفي هذه الفترة برز نجم قائد جديد وهو ابن هود الذي أعلن أنه سيقوم بتحرير الأندلس من نير الموحدين وعدوان الصليبيين، وسيعمل على إحياء الشريعة وذلك سنة 625هـ.
ونظرًا لأن العصر كان مليئًا بالأهواء والفتن والمطامع، فلم يجد هذا القائد الجديد الطريق سهلاً أمامه، فقد كان هناك العديد من الزعماء المنافسين لابن هود، أخطرهم وأشدهم ابن الأحمر في جنوب الأندلس، والذي كان أشد على ابن هود من الإسبان أنفسهم، ودخل في حروب متكررة ضد ابن هود من أجل زعامة الأندلس، وهذا الصراع الداخلي استفاد منه الإسبان الصليبيون على أفضل ما يكون، حيث أخذ فرناندو الثالث ملك قشتالة في التحضير لضربة قوية ومؤلمة لدولة الإسلام في الأندلس.
كان الهدف قرطبة حاضرة الأندلس وعاصمة الخلافة القديمة، ورمز الإسلام وظفره على الصليبية في الأندلس، وكانت هذه المدينة منذ سقوط الخلافة الأموية سنة 407هـ تعاني من الإهمال بعد أن فقدت مكانتها وبريقها؛ إذ انتقلت العاصمة إلى إشبيلية، وكان أهلها مشهورين بالثورة والتمرد ولكنهم ليسوا على قلب رجل واحد تجمعهم الثورة وتفرقهم الأطماع والأهواء، فتارة يبايعون ابن هود، وتارة ابن الأحمر، وتارة بلا قائد أو بيعة.
في أواخر ربيع الثاني سنة 633هـ، أرسل فرناندو الثالث سرية استطلاعية من الفرسان لاستكشاف تحصينات المدينة، واستعدادات أهلها الدفاعية، وبمعاونة أحد المسلمين الخونة الذين ارتدوا عن الإسلام، استطاعت هذه السرية أن تستولي على العديد من أبراج المدينة، وهرع أهل قرطبة لطردهم عنها ولكنهم استماتوا في القتال، وأرسلوا برسائل استغاثة لفرناندو الثالث، فجاءت إمدادات سريعة بقيادة أساقفة الكنائس القريبة من قرطبة، وجاء فرناندو بنفسه وحاصر المدينة بقواته.
أرسل أهل قرطبة لابن هود يطلبون منه نجدتهم، فأقبل مسرعًا بجيش كبير يقدر بـ 35 ألف مقاتل وصحبه مائتا فارس من المرتزقة النصارى بقيادة الفارس لورنسو خواريز، وكان هذا الفارس الصليبي مغضوبًا عليه من قبل فرناندو الثالث فنفاه خارج قشتالة، فانضم لخدمة ابن هود، وهذا الأمر والذي يمثل خللاً في عقيدة الولاء والبراء كان سبب هزيمة المسلمين وضياع قرطبة؛ ذلك أن هذا الفارس الصليبي أراد أن يسترد رضا مليكه ويخدم بني دينه خدمة يستعيد بها مكانته السابقة فتظاهر هذا الفارس أنه سيقوم بجولة استطلاعية للتعرف على جيش الصليبيين، ثم دخل هذا الفارس معسكر فرناندو واجتمع معه واتفق على تفاصيل خطة الخداع.
عاد الفارس الصليبي لابن هود وشن عليه حملة تخويف وترهيب، حذره من ضخامة الجيش الإسباني ومغبة الاصطدام معه، مع العلم أن جيش ابن هود كان أكبر وأقوى من جيش فرناندو، ولكنها عاقبة الاستعانة بأعداء الدين ومغبة ضياع عقيدة الولاء والبراء، ونجحت الخطة وانخذل ابن هود عن نصرة قرطبة، ثم تعلل ابن هود بالانسحاب لنصرة أهل بلنسية الذين استغاثوا به من تهديدات خايمي الأول ملك أراجون.
بعد انسحاب ابن هود أخذ فرناندو الثالث في تشديد الحصار على المدينة، حتى أوشك أهلها على التسليم ولكنهم عادوا وقويت نفوسهم بعدما علموا أن مؤن الجيش الصليبي على وشك النفاد، وشعر فرناندو أن لابن هود يدًا في الأمر، فاستغل العداء المستحكم بين ابن هود وابن الأحمر لصالح أغراضه، وأرسل لابن الأحمر يعرض عليه المحالفة والمعاهدة على ابن هود، ووافق ابن الأحمر.
انهارت معنويات أهل قرطبة عندما وصلتهم أخبار معاهدة فرناندو لابن الأحمر، واضطروا للموافقة على التسليم، ودخل فرناندو الثالث قرطبة يوم الأحد 23 شوال سنة 633هـ، في الحال رفع الصليبيون صليبًا كبيرًا على قمة صومعة جامعها الأعظم الذي تم تحويله فورًا إلى كنيسة..
ثم قام فرناندو الثالث بعمل يدل على مدى قوة ذاكرة أعداء الإسلام، وأنهم لا ينسون أبدًا فتوحات المسلمين ومعاركهم، حيث أمر فرناندو الثالث بنزع النواقيس التي كان المنصور بن أبي عامر قد أخذها من كنيسة شانت ياقب وهي قدس الأقداس عند نصارى إسبانيا، حين غزوه لمدينة شانت ياقب سنة 387هـ في العصر الذهبي للأندلس، وحملها الأسرى النصارى على كواهلهم حتى قرطبة، وهنالك جعلت رءوسًا للثريات الكبرى بالجامع الكبير، أمر فرناندو بنزع هذه النواقيس وأن يحملها الأسرى المسلمون على كواهلهم حتى شانت ياقب لترد هناك إلى مكانها القديم.
تعليق