لا يعرف بالضبط تاريخ اكتشاف الزجاج كما هو الحال بالنسبة لكثير من المواد التي نستعملها في هذا الزمان، وقد قيل: إنه عرف منذ أكثر من خمسة عشر قرناً قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام ، ويذكر أن اكتشاف الزجاج تم مصادفة ويقال ان الفراعنة عرفوا الزجاج منذ خمسة أو ستة آلاف سنة قبل الميلاد وصنعوا منه فصوصاً وزينات تميزت بدقة الصنع وغاية الجمال أما زجاج النوافذ فقد ذكر منذ سنة / 290م / واستعملته العامة في أوروبا منذ القرن الخامس عشر الميلادي واستخدم قبل ذلك بعدة قرون في العالم الإسلامي . من الناحية الكيماوية كان التطور الوحيد في صناعة الزجاج منحصراً في تقنيات المواد الأولية، وزيادة اقتصاديات الوقود، وبقيت صناعة الزجاج قبل / 1900م / فناً بخلطات سرية، وكان إنتاجه يعتمد أساساً على الخبرة الشخصية .
في عام / 1914م / طور فوركولت في بلجيكا السحب الآلي لألواح الزجاج فبدأ عصر جديد في تقنيات إنتاج الزجاج المسطح، ثم توالت الاختراعات للإنتاج السريع للقوارير وانتفاخات المصابيح الضوئية، وهلم جرا .
عمل آلاف الأشخاص في مجال صناعة الزجاج منذ بداية معرفته، ومنهم الحر في والفنان، والصائغ كما يذكر تاريخ الزجاج، ولعل أحسن مرجع لتاريخ الزجاج هو آلاف القطع الزجاجية المنتشرة في متاحف العالم اليوم، والتي تحكي كل منها قصة رائعة عن نفسها، وتعكس فكرة صاحبها، وتقنياته، وطريقة حياته، ونوعية عصره في الفترة التي صنعت فيها، حيث ترى عصور من الخبرة وعدد لا حصر له من الاختراعات التي طورتها أجيال بعد أجيال في عصور البشرية المختلفة .
الزجاج الإسلامي:
انتهى تأثير الرومانيين في صناعة الزجاج باضمحلال الإمبراطورية الرومانية، وأنتجت أوروبا بعد ذلك بعض أنواع القطع الزجاجية ، لعدد من القرون ثم ازدهرت في ذلك الوقت حضارة غراء حيث كان المولد الأول لصناعة الزجاج، وهي الحضارة الإسلامية التي أنتجت في ربوعها أصناف راقية من المصنوعات الزجاجية .
لقد غرق العالم الإسلامي في بحور من الترف والمال، وازدهرت صناعة الزجاج، واقتنت ربات القصور أدوات فخمة من الأطباق والقناني والمزهريات والكؤوس وأدوات العطر والزينة المصنوعة من الزجاج الفاخر، وجمع الأمراء أدوات من الزجاج تشبه الأحجار الكريمة، أغلى من الذهب والفضة نحتت عليها المناظر الجميلة والآيات القرآنية والنباتات المتكررة وبعض الحيوانات والأسماك والأشكال الهندسية بعد رسمها وحفرها بدقة لتترك المناظر والآيات بارزة وجميلة .
وتتطور في مصر خلال الحقبة الإسلامية طلاء الزجاج بالميناء بلون فضي لامع، وبعد طلاء الزجاج بمركبات الفضة يسخن الإناء الزجاجي للحصول على ألوان بنية وصفراء .
وقد أنتج في دمشق أجمل الأدوات الزجاجية في العصر الإسلامي، وما زالت آثار براعة الشعب السوري في الصناعية واضحة حتى الآن، وقد زار أحد الأوربيين دمشق في القرن الرابع عشر الميلادي، ووصف أحد أهم مراكز صناعة الزجاج في العالم في ذلك الزمان .
ربما كان يتحدث عن تلك الفازات والمزهريات المطعمة والمطلية بالميناء، وقناني العطر وكؤوس الشراب التي صنعت أولاً في حلب ثم انتقلت صناعتها إلى دمشق، والتي بلغت ذروتها في العصر الإسلامي، ثم لم ير مثلها بعد ذلك إلا بعد النهضة الأوروبية .
أبدعت صناعة الزجاج في سورية في العصر الإسلامي في صناعة مصابيح المساجد منم الزجاج المطلي بالميناء، والذي يمكن أن يرى في مسجد أية صوفيا في اسطنبول ( تركيا )، وفي جوامع كثيرة أخرى في جميع أنحاء العالم الإسلامي، والتي زينت بمئات المصابيح المدلاة من سقوفها حتى بدت وكأنها سقوف من نور، وتحوي مصابيح المساجد إناء للزيت تطفو عليه ذبالة قطنية تضيء المساجد وتزينها .
انتهى عصر الزجاج الإسلامي عندما اجتاح تيمور لنك إمبراطور منغوليا العالم الإسلامي ودمر مدينة دمشق ففر بعض صانعي الزجاج إلى الغرب، واقتاد بعضهم الآخر إلى عاصمته سمرقند.
براعة الكيميائيين في صناعة الزجاج:
صناعة الزجاج من الصناعات الكيميائية المهمة التي سجل فيها علماء المسلمين نبوغاً وبراعة، وصناعة الزجاج من أدق الصناعات الكيماوية وأعقدها، ومن حيث موادها الأولية، وطرق صنعها وحاجتها إلى أيدي ماهرة مبدعة وفنانة، وقد انتشرت صناعة الزجاج في الحضارة الإسلامية، وخاصة في فارس، والعراق، وسورية، ومصر بشكل عجيب، وقد ذكر أبو الريحان البيروني / 440 هـ / أن الزجاج يصنع من الرمل مخلوطاً مع مادة القلي، وتسخن على النار وتصفى وتبرد حتى تكون على شكل بلورات .
ومن مآثر المسلمين تفننهم وبراعة كيميائييهم في صناعة الزجاج بالألوان المختلفة حتى أصبحت القطع المنتجة تستعمل كأحجار كريمة، كما أنهم أدخلوا عليها تحسينات كثيرة بواسطة التزيينات الفسيفسائية .
وكانوا يصنعون الألواح الزجاجية الملونة وغير الملونة، وكذلك الصحون والكؤوس والقناني والأباريق والمصابيح وزجاجات الزينة لحفظ العطور وغير ذلك، وافتنوا في زخرفة هذه الأدوات زخرفة رائعة وبألوان جميلة، وكتب عليها أبيات منت الشعر الرقيق.
ابتكر المسلمون التزجيج، وما زالت روائع من أعمالهم في التزجيج باقية في واجهات المساجد والجوامع، وكذلك في الأبنية الأثرية، إضافة إلى ما هو محفوظ في المتاحف العالمية.
لقد استخدمت الأصباغ المعدنية في هذه الصناعة الفنية فلم تتأثر بالتقلبات الجوية، ولم تؤثر فيها حرارة الشمس المحرقة طوال السنين الماضية .
عرف علماء المسلمين البلور وهو الزجاج الممتاز ( الكريستال بحسب التعريف الكيماوي الصحيح) الذي يحتوي على نسب مختلفة من أكاسيد الرصاص، وصنعوه بإتقان، وعرفوا منه نوعاً طبيعياً، وما زال يستعمل كما استعمله المسلمون من قبل في صناعة الأقداح والأواني والثريات، وكذلك في صناعة الخواتم وأدوات الزينة وكثير من الأدوات المنزلية، وقد اشتهرت مدناً عربية ببلورها الطبيعي مثل النجف في العراق، وحلب في سورية وصنعوا منه نظارات العيون وكانوا يسمونها منظرة .
من المعروف أن المسلمين استعملوا الأدوات الزجاجية في مختبراتهم، وابتكروا الإنبيق والأثال كما تدعى الأجزاء السفلى من آلة التقطير الحديث، واستعمل الكاثي في عملية التقطير فرناً خاصاً تتجدد فيه مواد الاحتراق تلقائياً، وتثبت الأنابيب الداخلية بعضها ببعض بواسطة قطع من القماش.
من أنواع الزجاج :
سماه المسلمون زجاجاً وقزازاً وقوارير، وعرفوا منه المعدني والمصنوع، وكانوا يسمون الزجاج الصافي بالبلور، وأجوده الشفاف الرزين الكثير الأشعة الكائن بجزيرة البندقية في إيطاليا وحلب وقد صنعوا الزجاج بخلط جزء من القلي مع نصف جزء من الرمل الأبيض الخالص ويسبكان إلى حد الامتزاج، وعرف كيميائيوهم نوعاً من الزجاج يصير في كيان المنطرقات يلف ويرفع، وقد احتفظوا لأنفسهم بأسراره، وأشاروا إليه بالرموز، ويعرف عندهم بالملوح به والمطوي،
وصنعوا زجاجاً فضي اللون بمزج كميات متساوية من كل من اللؤلؤ والنشادر والتنكار والملح الأندراني يذاب بالخل ويطلى به الزجاج، ويدخل النار .
ومما يجعله عقيقاً أي بلور العقيق اليماني أن تذاب الخلطة التالية وتطلى به ثم يدخ النار والخلطة كالآتي : مغنيسيا ( 5 )، فضة محرقة ( 5 )، زاج ( 2.5 )، زنجفر ( 2.5 ) و كبريت ( 1 )، وأما إذا ضوعفت كمية الزاج في الخلطة المذكورة أعلاه وأضيف بعض القلقند كان لونه خلوقياً.
التراكيب الزجاجية:
يعرف العام حالياً حوالي ( 800 ) نوع من التراكيب الزجاجية المختلفة، يتميز بعضها بخاصية واحدة والبعض الأخر يتميز بمجموعة من الخواص المتوازنة، وعلى هذا الكم الهائل من التراكيب إلا أن 90% من جميع أنواع الزجاج المعروف يصنع من المواد نفسها التي استعملت في صناعة الزجاج في الحضارة الإسلامية، وربما ما قبلها، وهي الرمل والقلي بصورة أساسية، ويجب أن لا يفهم من هذا أنه لم يحصل اختلاف في التركيب خلال هذه الفترة بل ما حصل هو تغيير طفيف في المكونات الأساسية، وتغير كبير في المكونات الثانوية، فالمكونات الأساسية هي الرمل والكلس والقلي، وما غير ذلك فهي مكونات ثانوية حتى لو كان تأثيرها كبيراً في النتائج .
وقد أعطت تحاليل الزجاج الإسلامية المثالية النسب التالية :
65% أوكسيد السيليكون ( السيليكيا )، 15% أوكسيد الصوديوم، 9% أوكسيد الكالسيوم وأكاسيد أخرى كأوكسيد المغنيسيوم، وقد استخدم أوكسيد المغنيسيوم لإنتاج زجاج شفاف نظيف لا لون له، ويبدو أن هذا التفسير معقول لأن أغلب الرمال تحتوي على أكاسيد الحديد التي تعطي الزجاج لوناً أخضراً أو بنياً، حيث يؤكسد ثاني أوكسيد المغنيسيوم الحديد ويعادل اللون الأصفر الناتج بصبغته البنفسجية، ولعل هذا لم يكن معروفاً قبل أن يلحظه الكيميائي العربي الكبير جابر بن حيان / 200 هـ / ويظهر بعد ذلك في مؤلفات المسلمين، ومنذئذ أصبحت المغنيسيا مكوناً مهماً لصناعة الزجاج كالقلي والرمل، وأدخلت أكاسيد المعادن لإعطاء الزجاج اللون الأسود والأزرق والكحلي والأحمر والأصفر والأخضر.
في عام / 1914م / طور فوركولت في بلجيكا السحب الآلي لألواح الزجاج فبدأ عصر جديد في تقنيات إنتاج الزجاج المسطح، ثم توالت الاختراعات للإنتاج السريع للقوارير وانتفاخات المصابيح الضوئية، وهلم جرا .
عمل آلاف الأشخاص في مجال صناعة الزجاج منذ بداية معرفته، ومنهم الحر في والفنان، والصائغ كما يذكر تاريخ الزجاج، ولعل أحسن مرجع لتاريخ الزجاج هو آلاف القطع الزجاجية المنتشرة في متاحف العالم اليوم، والتي تحكي كل منها قصة رائعة عن نفسها، وتعكس فكرة صاحبها، وتقنياته، وطريقة حياته، ونوعية عصره في الفترة التي صنعت فيها، حيث ترى عصور من الخبرة وعدد لا حصر له من الاختراعات التي طورتها أجيال بعد أجيال في عصور البشرية المختلفة .
الزجاج الإسلامي:
انتهى تأثير الرومانيين في صناعة الزجاج باضمحلال الإمبراطورية الرومانية، وأنتجت أوروبا بعد ذلك بعض أنواع القطع الزجاجية ، لعدد من القرون ثم ازدهرت في ذلك الوقت حضارة غراء حيث كان المولد الأول لصناعة الزجاج، وهي الحضارة الإسلامية التي أنتجت في ربوعها أصناف راقية من المصنوعات الزجاجية .
لقد غرق العالم الإسلامي في بحور من الترف والمال، وازدهرت صناعة الزجاج، واقتنت ربات القصور أدوات فخمة من الأطباق والقناني والمزهريات والكؤوس وأدوات العطر والزينة المصنوعة من الزجاج الفاخر، وجمع الأمراء أدوات من الزجاج تشبه الأحجار الكريمة، أغلى من الذهب والفضة نحتت عليها المناظر الجميلة والآيات القرآنية والنباتات المتكررة وبعض الحيوانات والأسماك والأشكال الهندسية بعد رسمها وحفرها بدقة لتترك المناظر والآيات بارزة وجميلة .
وتتطور في مصر خلال الحقبة الإسلامية طلاء الزجاج بالميناء بلون فضي لامع، وبعد طلاء الزجاج بمركبات الفضة يسخن الإناء الزجاجي للحصول على ألوان بنية وصفراء .
وقد أنتج في دمشق أجمل الأدوات الزجاجية في العصر الإسلامي، وما زالت آثار براعة الشعب السوري في الصناعية واضحة حتى الآن، وقد زار أحد الأوربيين دمشق في القرن الرابع عشر الميلادي، ووصف أحد أهم مراكز صناعة الزجاج في العالم في ذلك الزمان .
ربما كان يتحدث عن تلك الفازات والمزهريات المطعمة والمطلية بالميناء، وقناني العطر وكؤوس الشراب التي صنعت أولاً في حلب ثم انتقلت صناعتها إلى دمشق، والتي بلغت ذروتها في العصر الإسلامي، ثم لم ير مثلها بعد ذلك إلا بعد النهضة الأوروبية .
أبدعت صناعة الزجاج في سورية في العصر الإسلامي في صناعة مصابيح المساجد منم الزجاج المطلي بالميناء، والذي يمكن أن يرى في مسجد أية صوفيا في اسطنبول ( تركيا )، وفي جوامع كثيرة أخرى في جميع أنحاء العالم الإسلامي، والتي زينت بمئات المصابيح المدلاة من سقوفها حتى بدت وكأنها سقوف من نور، وتحوي مصابيح المساجد إناء للزيت تطفو عليه ذبالة قطنية تضيء المساجد وتزينها .
انتهى عصر الزجاج الإسلامي عندما اجتاح تيمور لنك إمبراطور منغوليا العالم الإسلامي ودمر مدينة دمشق ففر بعض صانعي الزجاج إلى الغرب، واقتاد بعضهم الآخر إلى عاصمته سمرقند.
براعة الكيميائيين في صناعة الزجاج:
صناعة الزجاج من الصناعات الكيميائية المهمة التي سجل فيها علماء المسلمين نبوغاً وبراعة، وصناعة الزجاج من أدق الصناعات الكيماوية وأعقدها، ومن حيث موادها الأولية، وطرق صنعها وحاجتها إلى أيدي ماهرة مبدعة وفنانة، وقد انتشرت صناعة الزجاج في الحضارة الإسلامية، وخاصة في فارس، والعراق، وسورية، ومصر بشكل عجيب، وقد ذكر أبو الريحان البيروني / 440 هـ / أن الزجاج يصنع من الرمل مخلوطاً مع مادة القلي، وتسخن على النار وتصفى وتبرد حتى تكون على شكل بلورات .
ومن مآثر المسلمين تفننهم وبراعة كيميائييهم في صناعة الزجاج بالألوان المختلفة حتى أصبحت القطع المنتجة تستعمل كأحجار كريمة، كما أنهم أدخلوا عليها تحسينات كثيرة بواسطة التزيينات الفسيفسائية .
وكانوا يصنعون الألواح الزجاجية الملونة وغير الملونة، وكذلك الصحون والكؤوس والقناني والأباريق والمصابيح وزجاجات الزينة لحفظ العطور وغير ذلك، وافتنوا في زخرفة هذه الأدوات زخرفة رائعة وبألوان جميلة، وكتب عليها أبيات منت الشعر الرقيق.
ابتكر المسلمون التزجيج، وما زالت روائع من أعمالهم في التزجيج باقية في واجهات المساجد والجوامع، وكذلك في الأبنية الأثرية، إضافة إلى ما هو محفوظ في المتاحف العالمية.
لقد استخدمت الأصباغ المعدنية في هذه الصناعة الفنية فلم تتأثر بالتقلبات الجوية، ولم تؤثر فيها حرارة الشمس المحرقة طوال السنين الماضية .
عرف علماء المسلمين البلور وهو الزجاج الممتاز ( الكريستال بحسب التعريف الكيماوي الصحيح) الذي يحتوي على نسب مختلفة من أكاسيد الرصاص، وصنعوه بإتقان، وعرفوا منه نوعاً طبيعياً، وما زال يستعمل كما استعمله المسلمون من قبل في صناعة الأقداح والأواني والثريات، وكذلك في صناعة الخواتم وأدوات الزينة وكثير من الأدوات المنزلية، وقد اشتهرت مدناً عربية ببلورها الطبيعي مثل النجف في العراق، وحلب في سورية وصنعوا منه نظارات العيون وكانوا يسمونها منظرة .
من المعروف أن المسلمين استعملوا الأدوات الزجاجية في مختبراتهم، وابتكروا الإنبيق والأثال كما تدعى الأجزاء السفلى من آلة التقطير الحديث، واستعمل الكاثي في عملية التقطير فرناً خاصاً تتجدد فيه مواد الاحتراق تلقائياً، وتثبت الأنابيب الداخلية بعضها ببعض بواسطة قطع من القماش.
من أنواع الزجاج :
سماه المسلمون زجاجاً وقزازاً وقوارير، وعرفوا منه المعدني والمصنوع، وكانوا يسمون الزجاج الصافي بالبلور، وأجوده الشفاف الرزين الكثير الأشعة الكائن بجزيرة البندقية في إيطاليا وحلب وقد صنعوا الزجاج بخلط جزء من القلي مع نصف جزء من الرمل الأبيض الخالص ويسبكان إلى حد الامتزاج، وعرف كيميائيوهم نوعاً من الزجاج يصير في كيان المنطرقات يلف ويرفع، وقد احتفظوا لأنفسهم بأسراره، وأشاروا إليه بالرموز، ويعرف عندهم بالملوح به والمطوي،
وصنعوا زجاجاً فضي اللون بمزج كميات متساوية من كل من اللؤلؤ والنشادر والتنكار والملح الأندراني يذاب بالخل ويطلى به الزجاج، ويدخل النار .
ومما يجعله عقيقاً أي بلور العقيق اليماني أن تذاب الخلطة التالية وتطلى به ثم يدخ النار والخلطة كالآتي : مغنيسيا ( 5 )، فضة محرقة ( 5 )، زاج ( 2.5 )، زنجفر ( 2.5 ) و كبريت ( 1 )، وأما إذا ضوعفت كمية الزاج في الخلطة المذكورة أعلاه وأضيف بعض القلقند كان لونه خلوقياً.
التراكيب الزجاجية:
يعرف العام حالياً حوالي ( 800 ) نوع من التراكيب الزجاجية المختلفة، يتميز بعضها بخاصية واحدة والبعض الأخر يتميز بمجموعة من الخواص المتوازنة، وعلى هذا الكم الهائل من التراكيب إلا أن 90% من جميع أنواع الزجاج المعروف يصنع من المواد نفسها التي استعملت في صناعة الزجاج في الحضارة الإسلامية، وربما ما قبلها، وهي الرمل والقلي بصورة أساسية، ويجب أن لا يفهم من هذا أنه لم يحصل اختلاف في التركيب خلال هذه الفترة بل ما حصل هو تغيير طفيف في المكونات الأساسية، وتغير كبير في المكونات الثانوية، فالمكونات الأساسية هي الرمل والكلس والقلي، وما غير ذلك فهي مكونات ثانوية حتى لو كان تأثيرها كبيراً في النتائج .
وقد أعطت تحاليل الزجاج الإسلامية المثالية النسب التالية :
65% أوكسيد السيليكون ( السيليكيا )، 15% أوكسيد الصوديوم، 9% أوكسيد الكالسيوم وأكاسيد أخرى كأوكسيد المغنيسيوم، وقد استخدم أوكسيد المغنيسيوم لإنتاج زجاج شفاف نظيف لا لون له، ويبدو أن هذا التفسير معقول لأن أغلب الرمال تحتوي على أكاسيد الحديد التي تعطي الزجاج لوناً أخضراً أو بنياً، حيث يؤكسد ثاني أوكسيد المغنيسيوم الحديد ويعادل اللون الأصفر الناتج بصبغته البنفسجية، ولعل هذا لم يكن معروفاً قبل أن يلحظه الكيميائي العربي الكبير جابر بن حيان / 200 هـ / ويظهر بعد ذلك في مؤلفات المسلمين، ومنذئذ أصبحت المغنيسيا مكوناً مهماً لصناعة الزجاج كالقلي والرمل، وأدخلت أكاسيد المعادن لإعطاء الزجاج اللون الأسود والأزرق والكحلي والأحمر والأصفر والأخضر.
تعليق