تسعى هيئة المساحة الجيولوجية السعودية منذ ان أنشئت قبل خمس سنوات، لتربط السعوديين بترابهم وتنمي احساسهم بسحر الطبيعة الصحراوية بصخورها وجبالها ومياهها وبراكينها.
وأضفى اكتشاف مجموعة من الكهوف الكلسية أخيرا، زخما اضافيا لمهام الهيئة الوليدة. يحدثنا الدكتور محمد أسعد توفيق، رئيس هيئة المساحة الجيولوجية، في الحوار التالي الذي أجرته «الشرق الأوسط» معه في جدة, عن أسرار الطبيعة الصحراوية ومسيرة الهيئة الكشفية، وتعاونها مع هيئة السياحة العليا، كما يتحدث عن أحلامه في استخراج كنوز صحرائنا وتحويلها إلى معالم سياحية عالمية. بداية.. دعنا نتحدث عن زلزال مكة المكرمة. > كيف تفسر شعور منطقة العتيبية بالهزة الأرضية دون بقية المناطق؟

ـ بالفعل لقد شعرت بها منطقة العتيبية، رغم أنها حدثت خارج منطقة مكة المكرمة، لكن الدراسات الجيولوجية التي اعقبت الحادث، أوضحت أن هناك صدعا يمر بمنطقة العتيبية وقد يكون متحركا، فتعاونا مع الدفاع المدني وجامعة الملك عبد العزيز لدراسة هذه الصدوع.

> وهل هناك خطورة على منطقة العتيبية جراء هذا الصدع؟

ـ نعم هناك خطورة، فإذا أثبتت الدراسات الجيولوجية أن الصدع نشط وخطر، فإننا سنضع دراسات واحتياطات، خاصة في مسألة بناء المنازل في المنطقة وستكون هناك محاذير مختلفة.

> ما أكثر المناطق السعودية المعرضة لخطر الزلازل الأرضية؟

ـ معظم المناطق التي تقع على ساحل البحر الأحمر، خاصة عند خليج العقبة، معرضة لخطرها، كذلك منطقة تبوك والمدينة المنورة وينبع وجيزان وجدة.

> هناك تعاون قائم بينكم وبين وزارة الصحة في إرساء مفهوم «الجيولوجيا الطبية»، بتزويدهم بالأماكن التي تحتاج تدخلا وقائيا للحد من ظهور بعض الأمراض، فهل تم حصر الأماكن الموبوءة؟

ـ الجيولوجيا الطبية تخصص ليس بالجديد في علومنا، فهو يشرح للأطباء سبب تركز مرض ما في منطقة دون غيرها، وقد يكون السبب في الصخور المصدرة لإشعاعات سرطانية أو مياه جوفية قد تكون متسرطنة أو التراب وهذا هو التبادل والتعاون مع وزارة الصحة، إضافة إلى الدراسات والأبحاث التي ننفذها ونخرج بخريطة جيولوجية طبية لمنطقة ما، وننتظر تقدم وزارة الصحة خطوات منا، فمتى ما تشير الى أن هناك منطقة ينتشر بها مرض ما، نقوم وقتها بعملنا.

> هل المناطق الشمالية من السعودية تأثرت بالتسرب الإشعاعي لمفاعل ديمونة الإسرائيلي؟

ـ في الحقيقة ليست لدي أية فكرة عن هذه المسألة، وأرى أنه من اختصاص مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، لكن هذا لا يمنع بأن ننظر في المسألة من الآن، لأنه إذا ثبت أن هذه المناطق تأثرت ستتسبب في الكثير من المشاكل البيئية والصحية وغيرها لا سمح الله.

> اكتشفتم بمنطقة تبوك مناطق سياحية مهمة وجذابة بالنسبة لسياحة الصحراء في إطار تعاونكم مع الهيئة العليا للسياحة.. فهل تحدثنا عن هذه المناطق؟

ـ نعم كما أشرت فمنطقة تبوك منطقة سياحية مهمة، وذلك بشواطئها العذراء التي تمتد من حقل مرورا بشرما ومقتا وضبا والوجه واملج، وتحتوي المنطقة على مواقع للمعالم الجيولوجية مثل اخدود تبوك الذي يقع ما بين تبوك وضباء ويخترق صخوراً رسوبية رملية ونارية بطول 25 كلم ويتصل بوادي أرنب بين جبل الشاطئ بالقرب من شقرة بعمق 500م، وهو شبيه بالجراند كانيون بالولايات المتحدة، وأيضا هناك منطقة الديسة ومنطقة البدع التي تحتوي على آثار مغارات منحوتة في الصخور الرسوبية، وهناك مناطق الحرات البركانية مثل حرة عويرض وغيرها، وهناك أيضا جزر مثل جزيرة حسان على بعد 25 كلم من أملج، كل تلك المناطق تم اكتشافها عن طريقنا وتستعمل في جذب السياح إلى بلادنا الغنية بالآثار والمعالم الطبيعية الساحرة.

> اختارت هيئة المساحة الجيولوجية موقع حرة (رهاط) كأول منتزه جيولوجي في السعودية، وهو عبارة عن «متحف بركاني مفتوح»، هل تم الاتفاق لاستثمارها من قبل قطاع حكومي أو خاص؟

ـ أولا أحب أن أعطي نبذة بسيطة عن الموقع، فهو يحتوي على فوهات بركانية مختلفة تعتبر منهجا علميا مثاليا، إضافة إلى ظواهر بركانية أخرى مثل الأنابيب والقنابل البركانية والأحجار الكريمة، وقد شكلت لجنة من قِبل هيئة المساحة الجيولوجية وإمارة منطقة المدينة المنورة لتحديد الموقع ووضع آلية عمل للحماية الجيولوجية للموقع، وناقشت اللجنة سبل استثمار الموقع من قبل القطاع الخاص.

> ذكرت في سياق حديثك الآثار التاريخية الغنية بالسعودية، فهل لكم دور في اكتشافها؟

ـ إن المناطق التاريخية هي من اختصاص هيئة الآثار التي نأمل في سرعة انضمامها لهيئة السياحة العليا، ليسهل التعاون معها، لأنه حاليا لا دخل لنا فيها، لكن للعلم فلدينا أجهزة ومعدات تساعد على اكتشاف مثل هذه المناطق الأثرية بسهولة.

> ستقومون كما أعلنتم سابقا بأول رحلة علمية الى صحراء الربع الخالي، ما هي النتائج المتوقعة التي ستجنونها من هذه الرحلة؟ ـ أريد أن أصحح المصطلح، فهو ليس صحراء الربع الخالي، بل الغالي، فصحراؤنا غنية بالكنوز التعدينية والذهب الأسود، وستكون رحلة علمية لمدة 12 يوما في وجود خبراء وعلماء أجانب جاءوا من اجل هذه الرحلة التي نتوقع أن تثمر نتائجها، لأننا نتمنى أن نحول الربع الخالي الى منطقة سكانية وسياحية.

> أصدرتم كتاباً يتحدث عن الكهوف في السعودية مما جعل القارئ يعيش دهشة السؤال: هل كل هذا في السعودية؟.. فما هو دوركم بعد العثور على هذه المناطق؟

ـ تضم السعودية أجمل الكهوف في العالم، ونحن نقوم بعمل دراسات لا نهائية في اكتشاف تلك الكهوف وتحويلها إلى معلم ومزار سياحي بالتعاون مع متخصصين أجانب، فعلى سبيل المثال هناك كهف درجة حرارته على مدار السنة 16 درجة مئوية، وهو من أجمل الكهوف، ودورنا لم يتوقف هنا، بل قمنا بإرسال مجموعة من الشباب السعودي إلى بيروت لتعلم سياحة الكهوف، كيف يدخلون ويخرجون وغيرها، فالكهوف التي لدينا إذا وجدت مستثمرين ستحول السعودية الى دولة سياحية.

> كم هي عدد المواقع التعدينية المهمة في السعودية التي اكتشفتها الهيئة منذ تأسيسها؟

ـ تم تحديد أكثر من 3 آلاف موقع في مختلف مناطق السعودية، خصوصا منطقة الدرع العربي، وقد بلغ عدد مواقع خامات المعادن والصخور الصناعية المستكشفة حتى الآن أكثر من 2000 موقع لأكثر من 43 صخرا ومعدنا صناعيا.

> حدثت في منطقة الخفجي قبل عام أربعة انهيارات أرضية أدت إلى تكون البحيرات، فما أسباب تلك الانهيارات؟ وهل مياهها خطيرة؟

ـ أولا أحب أن احمد الله بأن تلك الانهيارات حدثت في منطقة نائية، فقد انخسفت تلك المناطق وتكونت بالفعل بحيرات ذات مياه غير خطيرة وحدثت لأسباب أولية حتى الآن، ونتوقع حدوث انهيارات أخرى وندرسها حاليا لنحد من عملها، فالمأساة ستكون إذا وقعت في مناطق سكانية.

> هناك تعاون قائم بينكم وبين شركة أرامكو.. حدثنا عن هذا التعاون وعن ماذا سيثمر؟

ـ تقوم أرامكو باستكشاف الغاز والبترول والهيئة تقوم بأعمال لاستكشاف المعادن، وكلتا المهمتين تستلزم تفهما للوضع الجيولوجي، لذا هناك لجنة لدراسة التتابع الطبقي للمكونات الجيولوجية والهدف منها توحيد المفاهيم الجيولوجية وربط المعلومات السطحية والتحت سطحية وهذه اللجنة تترأسها الهيئة وتضم عضوية أرامكو وبعض الجامعات السعودية من ذات المجال.