الكتب الدينية
هي مجموعة من النصوص الدينية التي تعبر عن تصور المصريين لحياة الموتى في العالم الآخر. وتضم مجموعة من التعاويذ التي تتلى عند تجهيز الجسد للدفن، وعند إطعام المتوفى وتقديم القرابين له، بالإضافة إلى تعاويذ حمايته من كل الشرور المتوقعة في العالم الآخر.
نصوص الأهرامهرم أوناس "نصوص الاهرام"
وأقدم هذه الكتب الدينية هي تلك التي تعرف بـ (نصوص الأهرام)، والتي سجلت لأول مرة على الجدران الداخلية لغرف وممرات هرم الملك أوناس في سقارة، ثم استمرت تسجل داخل أهرامات ملوك الأسرة السادسة وزوجاتهم في سقارة القبلية.
ولا يعني تسجيل هذه النصوص لأول مرة في هرم أوناس أنها تمثل نتاج الفكر الديني في عهده، ولكنها تمثل في الواقع نتاج الفكر الديني للإنسان المصري منذ أقدم العصور، وإن سجلها لأول مرة في عهد الملك أوناس.
وابتداء من الدولة الوسطي، انتقلت هذه النصوص مع بعض التطوير إلى السطوح الداخلية للتوابيت، وأصبحت تعرف باسم "نصوص التوابيت".
ومنذ الدولة الحديثة أصبحت هذه النصوص الدينية تسجل على جدران مقابر الملوك والملكات وبعض الأفراد، وتسجل كذلك على لفائف البردي، وأصبحت تعرف باسم "كتاب الموتى"، وكتاب ما في العالم الآخر، وكتاب البوابات ... الخ. وتعد نصوص الأهرام- باعتبارها الأقدم- هي الأكثر تعبيراً عن أصالة الفكر الديني المصري.
والواضح أن نصوص الأهرام لا تتسم بالتجانس، بل أنها قد تمثل أفكاراً ورؤى متناقضة في بعض الأحيان، وتعبر عن أزمنة سحيقة وصادرة من أماكن مختلفة، ولا تخص الملك المتوفى فقط، وإنما تشير أحياناً إلى الملك الحي. كما أنها تختلف في تفاصيلها من هرم لآخر. فعلى سبيل المثال، فإن بعض التعاويذ الواردة في نصوص هرم أوناس لم ترد في أهرامات ملوك الأسرة السادسة وزوجاتهم، الأمر الذي يعبر عن تطور في الفكر الديني المصري.
وقد اكتشف العالم الفرنسي ماسبيرو هذه النصوص (ما بين عامي 1810-1880) في أهرامات أوناس، وبيبي الأول، ومري- إن-رع، وبيبي الثاني.
وتنوعت نصوص الأهرام ما بين نصوص درامية وسحرية، وأناشيد وصلوات، وتعاويذ ونصوص وطقوس القرابين، وغيرها.
وإن نصوص الأهرام- التي تهدف بالدرجة الأولي إلى حماية المتوفى مما يواجهه من شرور في العالم الآخر- تلقي الضوء على تكوين العالم الآخر، وكيفية وصول المتوفى إليه، ويتضح فيها تأثير العقائد المختلفة التي ظهرت على ساحة الديانة المصرية القديمة، مثل مذهب "هليوبوليس" الذي يجعل من الإله رع محوراً لهذا العالم الآخر، والذي اعتبره هذا المذهب في السماء.
ويصور كيف يلتقي المتوفي بالتاسوع ويصبح مقدساً مثلهم، وكيف يصعد إلى مركب الشمس ويسبح في السماء حيث العالم السفلي. وعندما يصل إلى السماء يغير شكله إلى طائر كالصقر أو الحدأة أو الأوزة، ويستخدم قوى الطبيعة من رياح وعواصف وخلافه.
وهناك تصور آخر بأنه يقع تحت الأرض، ويهيمن عليه الإله أوزير، وأن المتوفى يتحول إلى أوزير.
وتلعب الطقوس دوراً كبيراً في نصوص الأهرام، مثل طقس فتح الفم، وتقديم القرابين، وطقوس التطهير، والتبخير والتعطير، مما يجعلها تبدو وكأنها مجموعة من الطقوس المرتبطة بدفن المتوفى وبوجوده في العالم الآخر. ثم هناك من الباحثين من يرى أنها مجموعة تعاويذ تصف صعود المتوفى إلى السماء، أو مساعدته على أن يتحول إلى روح في العالم الآخر.
وإذا كانت نصوص الأهرام (التي يبلغ عدد تعاويذها ما يقرب من 800 تعويذة) قد اقتصر تسجيلها على أهرامات الملوك في نهاية الأسرة الخامسة، وطوال الأسرة السادسة، فإنها انتقلت طوال عصري الانتقال الأول والدول الوسطي إلى مقابر بعض الأفراد، كما أنها تداخلت مع نصوص التوابيت.
واستمر تسجيل نصوص الأهرام في بعض مقابر أفراد الدولة الحديثة، وكذلك الحال في العصر المتأخر، حيث سجلت على جدران بعض المقابر والتوابيت.
تعليق