مجتمع الصين الباكر
منذ عهدي الشانغ والتشو كان قد وضع نمط مجتمع المستقبل بشكل انقسام جوهري إلى طبقتين، هما طبقة النبلاء أصحاب الأرض، وطبقة العامة وسوادها من الفلاحين. لقد دفعت الطبقة العامة وأحفادهم، وهم الأكثرية العظمى من الشعب، ثمن كل ما أنتجته الصين من حضارة وسلطة، ولكننا لا نعلم إلا القليل من أعدادهم التي لا تحصى، لأن الفلاح الصيني كان ينتقل بين كوخه الطيني في الشتاء ومخيم يعيش فيه خلال أشهر الصيف لكي يحرس المحاصيل ويرعاها، لم يترك أي من هذين المسكنين أثراً يذكر. عدا عن هذا يبدو الفلاح مغموراً في جماعة لا اسم لها، فهو لا ينتمي إلى عشيرة ومرتبطاً بالأرض التي يؤخذ منها في بعض الأحيان لكي يؤدي واجبات أخرى ويخدم سيده في الحرب أو في الصيد.
وقد استمر التمييز بين عامة الشعب والنبلاء زمناً طويلاً جداً، وفي أزمنة لاحقة كان النبلاء معفيين من عقوبة الجلد التي قد تطبق على العامة، ولو أنهم كانوا بالطبع معرضين لعقوبات مناسبة بل رهيبة في حال ارتكابهم جرائم أخطر، كما كانوا يتمتعون باحتكار فعلي للثروة استمر بعد احتكارهم الأبكر للأسلحة المعدنية. إلا أن الفرق الحاسم في المنزلة إنما هو في مكانة النبيل الدينية الخاصة والناشئة من احتكاره طقوساً دينية معينة. والنبيل وحده ينتمي إلى عائلة أي أن له أجداداً وإن تقاليد توقير الأجداد واسترضاء أرواحهم تعود إلى ما قبل أزمنة الشانغ.
إن العائلة هي تطوراً قانونياً للعشيرة وفرعاً منها، وكان هناك نحو مائة عشيرة لا يحق لأفرادها الزواج من شخص من العشيرة نفسها، وكانوا يعتقدون أن كلاً منها قد أسسها بطل أو إله. كان آباء عائلات العشائر وبيوتها يمارسون سلطة خاصة على أفرادها، وكان جميعاً مؤهلين لأداء طقوسها المضنية والطويلة، التي يطلبون فيها من الأرواح أن تتوسط لصالح العشيرة لدى القوى المسيطرة على الكون. ثم صارت هذه الطقوس تميز الأشخاص المؤهلين لامتلاك الأراضي وشغل المناصب. وكان هناك نوع من تساوي الفرص على مستوى العشيرة، لأن أياً من أفرادها يمكنه أن يعين في أعلى مناصبها، فكلهم مؤهلون لذلك بفضل تحدرهم جوهرياً من أصول شبه إلهية؛ وبهذا المعنى لم يكن الملك إلا رجلاً أول بين رجال متساوين، ونبيلاً بارزاً بين جميع النبلاء.
أما عامة الشعب فكانت تجد متنفسها الديني في آلهة الطبيعة، وكان استرضاء أرواح الجبال والأنهار وعبادتها واجباً ملكياً هاماً منذ الأزمنة الباكرة، ولو أن سلطة عبادات الطبيعة في الصين كانت أضعف منها في أنظمة دينية أخرى. كان جوهر ادعاء الأسرة الحاكمة بحق الطاعة هو صدارتها الدينية، لأنها تستطيع عن طريق ممارسة الطقوس بلوغ رضا قوى غير منظورة، يمكن معرفة نياتها من خلال قراءة الوحي. وعندما يفسر الوحي يمكن تنظيم الحياة الزراعية للجماعة، لأنه هو الذي يحدد البذار والحصاد وغيرها. لذلك كانت أشياء كثيرة تعتمد على المكانة الدينية للملك، وكانت لها الأهمية الكبرى في الدولة. في عهد تشو ظهرت فكرة وجود إله أعلى من الآلهة المؤسسة للسلالات، وأنه قد منح انتداباً من السماء بالحكم، فكانت هذه بداية فكرة أخرى أساسية في المفهوم الصيني للحكم، وسوف ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهوم التاريخ الدوري، الذي يرسمه صعود السلالات وهبوطها. وقد أدى هذا الأمر بالطبع إلى محاولات تخمين من أجل معرفة العلامات التي تسمح بالتعرف على صاحب الانتداب الجديد.
منذ عهدي الشانغ والتشو كان قد وضع نمط مجتمع المستقبل بشكل انقسام جوهري إلى طبقتين، هما طبقة النبلاء أصحاب الأرض، وطبقة العامة وسوادها من الفلاحين. لقد دفعت الطبقة العامة وأحفادهم، وهم الأكثرية العظمى من الشعب، ثمن كل ما أنتجته الصين من حضارة وسلطة، ولكننا لا نعلم إلا القليل من أعدادهم التي لا تحصى، لأن الفلاح الصيني كان ينتقل بين كوخه الطيني في الشتاء ومخيم يعيش فيه خلال أشهر الصيف لكي يحرس المحاصيل ويرعاها، لم يترك أي من هذين المسكنين أثراً يذكر. عدا عن هذا يبدو الفلاح مغموراً في جماعة لا اسم لها، فهو لا ينتمي إلى عشيرة ومرتبطاً بالأرض التي يؤخذ منها في بعض الأحيان لكي يؤدي واجبات أخرى ويخدم سيده في الحرب أو في الصيد.
وقد استمر التمييز بين عامة الشعب والنبلاء زمناً طويلاً جداً، وفي أزمنة لاحقة كان النبلاء معفيين من عقوبة الجلد التي قد تطبق على العامة، ولو أنهم كانوا بالطبع معرضين لعقوبات مناسبة بل رهيبة في حال ارتكابهم جرائم أخطر، كما كانوا يتمتعون باحتكار فعلي للثروة استمر بعد احتكارهم الأبكر للأسلحة المعدنية. إلا أن الفرق الحاسم في المنزلة إنما هو في مكانة النبيل الدينية الخاصة والناشئة من احتكاره طقوساً دينية معينة. والنبيل وحده ينتمي إلى عائلة أي أن له أجداداً وإن تقاليد توقير الأجداد واسترضاء أرواحهم تعود إلى ما قبل أزمنة الشانغ.
إن العائلة هي تطوراً قانونياً للعشيرة وفرعاً منها، وكان هناك نحو مائة عشيرة لا يحق لأفرادها الزواج من شخص من العشيرة نفسها، وكانوا يعتقدون أن كلاً منها قد أسسها بطل أو إله. كان آباء عائلات العشائر وبيوتها يمارسون سلطة خاصة على أفرادها، وكان جميعاً مؤهلين لأداء طقوسها المضنية والطويلة، التي يطلبون فيها من الأرواح أن تتوسط لصالح العشيرة لدى القوى المسيطرة على الكون. ثم صارت هذه الطقوس تميز الأشخاص المؤهلين لامتلاك الأراضي وشغل المناصب. وكان هناك نوع من تساوي الفرص على مستوى العشيرة، لأن أياً من أفرادها يمكنه أن يعين في أعلى مناصبها، فكلهم مؤهلون لذلك بفضل تحدرهم جوهرياً من أصول شبه إلهية؛ وبهذا المعنى لم يكن الملك إلا رجلاً أول بين رجال متساوين، ونبيلاً بارزاً بين جميع النبلاء.
أما عامة الشعب فكانت تجد متنفسها الديني في آلهة الطبيعة، وكان استرضاء أرواح الجبال والأنهار وعبادتها واجباً ملكياً هاماً منذ الأزمنة الباكرة، ولو أن سلطة عبادات الطبيعة في الصين كانت أضعف منها في أنظمة دينية أخرى. كان جوهر ادعاء الأسرة الحاكمة بحق الطاعة هو صدارتها الدينية، لأنها تستطيع عن طريق ممارسة الطقوس بلوغ رضا قوى غير منظورة، يمكن معرفة نياتها من خلال قراءة الوحي. وعندما يفسر الوحي يمكن تنظيم الحياة الزراعية للجماعة، لأنه هو الذي يحدد البذار والحصاد وغيرها. لذلك كانت أشياء كثيرة تعتمد على المكانة الدينية للملك، وكانت لها الأهمية الكبرى في الدولة. في عهد تشو ظهرت فكرة وجود إله أعلى من الآلهة المؤسسة للسلالات، وأنه قد منح انتداباً من السماء بالحكم، فكانت هذه بداية فكرة أخرى أساسية في المفهوم الصيني للحكم، وسوف ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهوم التاريخ الدوري، الذي يرسمه صعود السلالات وهبوطها. وقد أدى هذا الأمر بالطبع إلى محاولات تخمين من أجل معرفة العلامات التي تسمح بالتعرف على صاحب الانتداب الجديد.
تعليق