جذور الحضارة
يقول البعض إن ما صنعه البشر الأوائل، حتى إذا اتفقنا على من كانوا، ليس تاريخاً على الإطلاق، ويشيرون إلى أننا لا يمكن أن نبدأ بفهم الناس فعلاً وكتابة تاريخ حقيقي إلا عندما تكون لدينا أدلة تعطينا صورة جيدة عن أفكارهم. ويعني هذا من الناحية العملية أنه يجب أن تكون بين أيدينا كلمات وأن نفهمها، لهذا لا يمكن أن يكون ”التاريخ” كقصة لماضي البشر أقدم بكثير من الكتابة الأولى. لقد اكتشف رمزان من الكتابة الصينية يقال إنهما يعودان لعام 5500 ق.م، إلا أن أول كتابة أكيدة اخترعت بين عامي 3500 و 3000 ق.م. وخلال بضع مئات من السنين راح الناس يضعون سجلات مكتوبة بشكل نقوش على ألواح الحجر أو الصلصال، ثم تتسع السجلات مع مرور الزمن اتساعاً كبيراً باستخدام ورق البردي والرق والورق، إلى أن تغدو فيضاً متزايداً من الوثائق المكتوبة التي تزودنا بالأدلة على الحقبة التي حدثت فيها أكثر التغيرات اللافتة والسريعة في طريقة حياة الناس. لقد انقلبت حياة البشر خلال الخمسة آلاف سنة الماضية، ويقول بعض العلماء إن هذا موضوع ”التاريخ” أي حقبة السجلات المدونة.
يسمى ما حدث قبل الكتابة عادة ” ما قبل التاريخ”، وقد تركه المؤرخون لعلماء آخرين، وجميع الأدلة المستخدمة لاستكشافه هي أدلة غير مكتوبة. ولكن أشياء كثيرة قد رسخت في ما قبل التاريخ فضمنت أن البشر سوف يتمكنون من الكتابة، فضلاً عن الهندسة والبناء والتنظيم وأشياء كثيرة غيرها. صحيح أن أشياء كثيرة قد حدثت خلال زمن قريب جداً ، أثناء الـ5000 سنة الماضية تقريباً، إلا أنها لم تبدأ من دون تحضير، ويكمن القسم الأطول من قصة البشرية في الأزمنة قبل التاريخية، لهذا بدأنا من هناك، لأننا عندما ننظر إلى بدايات الحياة المتحضرة ينبغي علينا أن نبتدئ أولاً بما كان يكمن وراءها.
كان ما حمله أجدادنا معهم إلى حقبة الحضارة ذا أهمية كبيرة في تشكيل الكيانات التي نسميها حضارات، فلو لم يكتشف الناس أولاً كيف يصنعون الثياب لما تمكنوا من العيش على هذا الجزء الكبير من سطح الأرض الذي يسكنونه اليوم. إن استخدام الثياب مع كل ما جاء بعده، من الخياطة والنسج حتى اختراع المواد الخاصة برحلات الفضاء، هو علامة على قدرة البشر على التأقلم مع البيئات المختلفة. ولولا اختراع الثياب لتغيرت أشياء كثيرة، كالعلامات التي يستخدمها الناس للدلالة على هويتهم الجنسية مثلاً. ولا حاجة بنا للتخمين في هذه الأمور لأن الفكرة الأساسية بسيطة، وهي أنه لولا الميراث الذي حملته الجماعات البشرية الأولى من ماضيها لما تمكنت من صنع الحضارة. والحقيقة أن بعضها لم تصنعها قط، بل كان عليها أن تنتظر قدومها إليها من الخارج.
إن تحديد ما يشكل ” حضارة” يشبه قليلاً تحديد البشر الأوائل، لأن ثمة مرحلة زمنية ضبابية نعلم أن تحولاً قد حصل فيها، وقد نتفق على تحديد الزمن الذي تم فيه عبور خط ما، أما البحث في تواريخ دقيقة فهو أمر لا جدوى منه. نحن نعلم أنه في حوالي عام 5000 ق.م كانت توجد في كافة أرجاء الشرق الأدنى قرى زراعية قادرة على تأمين فائض زراعي. بعض تلك المستوطنات الصغيرة كانت فيها ممارسات دينية معقدة، وكانت تصنع خزفاً ملوناً متقناً، وقد كان الخزف فناً واسع الانتشار في الحقبة النيوليتية. ولكننا عندما نستعمل كلمة حضارة نعني بها عادة شيء أوسع من وجود طقوس ما، أو فن أو تقنية معينة، وهي بالتأكيد أكثر من مجرد تجمع للناس في مكان واحد، ولو أن للحجم أهميته. والأفضل أن نبدأ بما اتفق الناس على اعتباره حضارات.
يقول البعض إن ما صنعه البشر الأوائل، حتى إذا اتفقنا على من كانوا، ليس تاريخاً على الإطلاق، ويشيرون إلى أننا لا يمكن أن نبدأ بفهم الناس فعلاً وكتابة تاريخ حقيقي إلا عندما تكون لدينا أدلة تعطينا صورة جيدة عن أفكارهم. ويعني هذا من الناحية العملية أنه يجب أن تكون بين أيدينا كلمات وأن نفهمها، لهذا لا يمكن أن يكون ”التاريخ” كقصة لماضي البشر أقدم بكثير من الكتابة الأولى. لقد اكتشف رمزان من الكتابة الصينية يقال إنهما يعودان لعام 5500 ق.م، إلا أن أول كتابة أكيدة اخترعت بين عامي 3500 و 3000 ق.م. وخلال بضع مئات من السنين راح الناس يضعون سجلات مكتوبة بشكل نقوش على ألواح الحجر أو الصلصال، ثم تتسع السجلات مع مرور الزمن اتساعاً كبيراً باستخدام ورق البردي والرق والورق، إلى أن تغدو فيضاً متزايداً من الوثائق المكتوبة التي تزودنا بالأدلة على الحقبة التي حدثت فيها أكثر التغيرات اللافتة والسريعة في طريقة حياة الناس. لقد انقلبت حياة البشر خلال الخمسة آلاف سنة الماضية، ويقول بعض العلماء إن هذا موضوع ”التاريخ” أي حقبة السجلات المدونة.
يسمى ما حدث قبل الكتابة عادة ” ما قبل التاريخ”، وقد تركه المؤرخون لعلماء آخرين، وجميع الأدلة المستخدمة لاستكشافه هي أدلة غير مكتوبة. ولكن أشياء كثيرة قد رسخت في ما قبل التاريخ فضمنت أن البشر سوف يتمكنون من الكتابة، فضلاً عن الهندسة والبناء والتنظيم وأشياء كثيرة غيرها. صحيح أن أشياء كثيرة قد حدثت خلال زمن قريب جداً ، أثناء الـ5000 سنة الماضية تقريباً، إلا أنها لم تبدأ من دون تحضير، ويكمن القسم الأطول من قصة البشرية في الأزمنة قبل التاريخية، لهذا بدأنا من هناك، لأننا عندما ننظر إلى بدايات الحياة المتحضرة ينبغي علينا أن نبتدئ أولاً بما كان يكمن وراءها.
كان ما حمله أجدادنا معهم إلى حقبة الحضارة ذا أهمية كبيرة في تشكيل الكيانات التي نسميها حضارات، فلو لم يكتشف الناس أولاً كيف يصنعون الثياب لما تمكنوا من العيش على هذا الجزء الكبير من سطح الأرض الذي يسكنونه اليوم. إن استخدام الثياب مع كل ما جاء بعده، من الخياطة والنسج حتى اختراع المواد الخاصة برحلات الفضاء، هو علامة على قدرة البشر على التأقلم مع البيئات المختلفة. ولولا اختراع الثياب لتغيرت أشياء كثيرة، كالعلامات التي يستخدمها الناس للدلالة على هويتهم الجنسية مثلاً. ولا حاجة بنا للتخمين في هذه الأمور لأن الفكرة الأساسية بسيطة، وهي أنه لولا الميراث الذي حملته الجماعات البشرية الأولى من ماضيها لما تمكنت من صنع الحضارة. والحقيقة أن بعضها لم تصنعها قط، بل كان عليها أن تنتظر قدومها إليها من الخارج.
إن تحديد ما يشكل ” حضارة” يشبه قليلاً تحديد البشر الأوائل، لأن ثمة مرحلة زمنية ضبابية نعلم أن تحولاً قد حصل فيها، وقد نتفق على تحديد الزمن الذي تم فيه عبور خط ما، أما البحث في تواريخ دقيقة فهو أمر لا جدوى منه. نحن نعلم أنه في حوالي عام 5000 ق.م كانت توجد في كافة أرجاء الشرق الأدنى قرى زراعية قادرة على تأمين فائض زراعي. بعض تلك المستوطنات الصغيرة كانت فيها ممارسات دينية معقدة، وكانت تصنع خزفاً ملوناً متقناً، وقد كان الخزف فناً واسع الانتشار في الحقبة النيوليتية. ولكننا عندما نستعمل كلمة حضارة نعني بها عادة شيء أوسع من وجود طقوس ما، أو فن أو تقنية معينة، وهي بالتأكيد أكثر من مجرد تجمع للناس في مكان واحد، ولو أن للحجم أهميته. والأفضل أن نبدأ بما اتفق الناس على اعتباره حضارات.
تعليق