رجوعهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حكم الرجم
قال ابن إسحاق : وحدثني ابن شهاب الزهري أنه سمع رجلا من مزينة ، من أهل العلم ، يحدث سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة حدثهم : أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس ، حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت ، فقالوا : ابعثوا بهذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد ، فسلوه كيف الحكم فيهما ، وولوه الحكم عليهما ، فإن عمل فيهما بعملكم من التَّجْبِية - والتجبية : الجلد بحبل من ليف مطلي بقار ، ثم تسود وجوههما ، ثم يحملان على حمارين ، وتجُعل وجوههما من قبل أدبار الحمارين - فاتبعوه ، فإنما هو ملك ، وصدقوه ؛ وإن هو حكم فيهما بالرجم فإنه نبي ، فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه .
فأتوه ، فقالوا : يا محمد ، هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت ، فاحكم فيهما ، فقد وليناك الحكم فيهما . فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال : يا معشر يهود ، أخرجوا إلي علماءكم ، فأخرج له عبدالله بن صوريا .
قال ابن إسحاق : وقد حدثني بعض بني قريظة : أنهم قد أخرجوا إليه يومئذ ، مع ابن صوريا ، أبا ياسر بن أخطب ، ووهب بن يهوذا ، فقالوا : هؤلاء علماؤنا . فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى حصّل أمرهم ، إلى أن قالوا لعبدالله بن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة .
قال ابن هشام : من قوله : ( وحدثني بعض بني قريظة ) . إلى : ( أعلم من بقي بالتوراة ) . من قول ابن إسحاق ، وما بعده من الحديث الذي قبله .فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا ، فألظّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة ، يقول له : يابن صوريا ، أنشدك الله وأُذكِّرك بأيامه عند بني إسرائيل ، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة ؟ قال : اللهم نعم ، أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك لنبي مرسل ولكنهم يحسدونك .
قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بهما فَرُجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار . ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا ، وجحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم .قال ابن إسحاق : فأنزل الله تعالى فيهم : ( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ، ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ) . أي الذين بعثوا منهم من بعثوا وتخلفوا ، وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الحكم عن مواضعه . ثم قال : ( يحرفون الكلم من بعد مواضعه ، يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ، وإن لم تؤتوه ) ، أي الرجم ( فاحذروا ) إلى آخر القصة .
قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن عباس ، قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما ، فرجما بباب مسجده ، فلما وجد اليهودي مسَّ الحجارة قام إلى صاحبته فجنأ عليها ، يقيها مس الحجارة ، حتى قتلا جميعا .
قال : وكان ذلك مما صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في تحقيق الزنا منهما .
قال ابن إسحاق : وحدثني صالح بن كيسان ، عن نافع مولى عبدالله ابن عمر ، عن عبدالله بن عمر ، قال : لما حكَّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما ، دعاهم بالتوراة ، وجلس حبر منهم يتلوها ، وقد وضع يده على آية الرجم ، قال : فضرب عبدالله بن سلام يد الحبر ، ثم قال : هذه يا نبي الله آية الرجم ، يأبى أن يتلوها عليك .
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويحكم يا معشر يهود ! ما دعاكم إلى ترك حكم الله وهو بأيديكم ؟ قال : فقالوا : أما والله إنه قد كان فينا يُعمل به ، حتى زنى رجل منا بعد إحصانه ، من بيوت الملوك وأهل الشرف ، فمنعه الملك من الرجم ، ثم زنى رجل بعده ، فأراد أن يرجمه ، فقالوا : لا والله ، حتى ترجم فلانا ، فلما قالوا له ذلك اجتمعوا فأصلحوا أمرهم على التجبية ، وأماتوا ذكر الرجم والعمل به .
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأنا أول من أحيا أمر الله وكتابه وعمل به ، ثم أمر بهما فرجما عند باب مسجده . قال عبدالله بن عمر : فكنت فيمن رجمهما .
قال ابن إسحاق : وحدثني ابن شهاب الزهري أنه سمع رجلا من مزينة ، من أهل العلم ، يحدث سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة حدثهم : أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس ، حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت ، فقالوا : ابعثوا بهذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد ، فسلوه كيف الحكم فيهما ، وولوه الحكم عليهما ، فإن عمل فيهما بعملكم من التَّجْبِية - والتجبية : الجلد بحبل من ليف مطلي بقار ، ثم تسود وجوههما ، ثم يحملان على حمارين ، وتجُعل وجوههما من قبل أدبار الحمارين - فاتبعوه ، فإنما هو ملك ، وصدقوه ؛ وإن هو حكم فيهما بالرجم فإنه نبي ، فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه .
فأتوه ، فقالوا : يا محمد ، هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت ، فاحكم فيهما ، فقد وليناك الحكم فيهما . فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال : يا معشر يهود ، أخرجوا إلي علماءكم ، فأخرج له عبدالله بن صوريا .
قال ابن إسحاق : وقد حدثني بعض بني قريظة : أنهم قد أخرجوا إليه يومئذ ، مع ابن صوريا ، أبا ياسر بن أخطب ، ووهب بن يهوذا ، فقالوا : هؤلاء علماؤنا . فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى حصّل أمرهم ، إلى أن قالوا لعبدالله بن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة .
قال ابن هشام : من قوله : ( وحدثني بعض بني قريظة ) . إلى : ( أعلم من بقي بالتوراة ) . من قول ابن إسحاق ، وما بعده من الحديث الذي قبله .فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا ، فألظّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة ، يقول له : يابن صوريا ، أنشدك الله وأُذكِّرك بأيامه عند بني إسرائيل ، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة ؟ قال : اللهم نعم ، أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك لنبي مرسل ولكنهم يحسدونك .
قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بهما فَرُجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار . ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا ، وجحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم .قال ابن إسحاق : فأنزل الله تعالى فيهم : ( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ، ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ) . أي الذين بعثوا منهم من بعثوا وتخلفوا ، وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الحكم عن مواضعه . ثم قال : ( يحرفون الكلم من بعد مواضعه ، يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ، وإن لم تؤتوه ) ، أي الرجم ( فاحذروا ) إلى آخر القصة .
قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن عباس ، قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما ، فرجما بباب مسجده ، فلما وجد اليهودي مسَّ الحجارة قام إلى صاحبته فجنأ عليها ، يقيها مس الحجارة ، حتى قتلا جميعا .
قال : وكان ذلك مما صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في تحقيق الزنا منهما .
قال ابن إسحاق : وحدثني صالح بن كيسان ، عن نافع مولى عبدالله ابن عمر ، عن عبدالله بن عمر ، قال : لما حكَّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما ، دعاهم بالتوراة ، وجلس حبر منهم يتلوها ، وقد وضع يده على آية الرجم ، قال : فضرب عبدالله بن سلام يد الحبر ، ثم قال : هذه يا نبي الله آية الرجم ، يأبى أن يتلوها عليك .
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويحكم يا معشر يهود ! ما دعاكم إلى ترك حكم الله وهو بأيديكم ؟ قال : فقالوا : أما والله إنه قد كان فينا يُعمل به ، حتى زنى رجل منا بعد إحصانه ، من بيوت الملوك وأهل الشرف ، فمنعه الملك من الرجم ، ثم زنى رجل بعده ، فأراد أن يرجمه ، فقالوا : لا والله ، حتى ترجم فلانا ، فلما قالوا له ذلك اجتمعوا فأصلحوا أمرهم على التجبية ، وأماتوا ذكر الرجم والعمل به .
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأنا أول من أحيا أمر الله وكتابه وعمل به ، ثم أمر بهما فرجما عند باب مسجده . قال عبدالله بن عمر : فكنت فيمن رجمهما .
تعليق