تويت
سبب توجه العثـمانيين إلى ضم العالم العربي إلى دولتهم
يرى فريق من المؤرخين أن سبب التحول العسكري العثماني نحو العالم العربي في أوائل القرن السـادس عشر الميلادي, بأحداث عالمية وقعت حول أطراف العالم العربي, سواء الشرقية أو الغربية, ويقصد بهذه الإحداث زحف الاستعمار الأوربي على جناحي العالم العربي, وتصدي العثمانيين لهذا الزحف لمنع "إطباق فكي الكماشة الأوربية على دار الإسلام". وكان الفك الأول – ممثلاً في الاعتداءات الأسبانية البرتغالية – قد اخذ يهدد عـرب المغرب ويسعى لاحتلال بلادهم وانتزاع السيطرة على مياه البحر المتوسط من أيدي العرب والمسلمين, في وقت الذي راح الفك الثاني – ممثلاً في الزحف البرتغالي- يطرق أبواب المشرق العربي, بعد أن التف حول إفريقية وشرع في احتكار الجانب الأكبر من تجارة الشرق وتحطيم قوة العرب وتجارتهم في البحار الشرقية, واستولى على قواعد ومحطات عند مدخل البحر الأحمر والخليج العربي, بل حاول التسلل إلى داخل البحـر الأحمر, أملاً في النزول إلى الحـجـاز وانتهاك حرماته المقدسة !!.
ويرى أصحاب هذا الرأي أن السلطان العثماني سليم الأول كان أكثر تفهماً للوضع الدولي وأخطاره من الشاه إسماعيل الصفوي, فقد شعر السلطان سليم الأول بالخطر الكبير الذي يهدده إذا ما انطلق فك الكماشة الأوربي على دار الإسلام, وقد غدا الفكان قويين وقادريين على الأطباق, فكان عليه أن يبذل جهده مستميتاً لمنع إطباقهما بالاستيلاء على البلاد العربية واحتلال المراكز الإستراتيجية الضرورية. ووجد السلطان تشجيعاً من جانب علماء الدين السنيين الذين رأوا في وحدة دار الإسلام تحت راية سلطان واحد مثالاً أعلى للحكم الإسلامي المثالي. وكان سليم الأول– في اعتقاد أصحاب هذا الرأي - عملياً وحكيماً في قراره الذي اتخذه بالقضاء على دولة المماليك وضم إمبراطوريتهم إلى أملاكه, وذلك بعد أن أظهرت هذه الدولة عجزها عن مواجهة البرتغاليين. وقد أدرك السلطان سليم الأول – كما أدرك غيره من المسلمين – أنه السلطان المسلم السني الوحيد القادر على حماية الحرمين الشريفين من "الكفر والهرطقه".
المصدر كتاب (العالم العربي في التاريخ الحديث) للدكتور إسماعيل أحمد ياغي