بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص البحث. تواجه المناطق الجغرافية ذات الموقع الفلكي المتطرف والتي تقع فوق درجة عرض خمسين شمال وجنوب خط الاستواء مشكلة في تحديد وقتي صلاة العشاء والفجر، وذلك في فصل الصيف عندما يطول النهار ويقصر الليل، حيث تظهر فيها مشكلة اتصال الشفقين (شفق الغروب بشفق الشروق) واتصال وقتي المغرب بالفجر، وانعدام العلامة الفلكية الشرعية المحددة لدخول وقت صلاتي العشاء والفجر.
ولهذا وقع المسلمون هناك في حرج ومشقة وخلاف، واجتهادات في تحديد وقت دخول الوقت الشرعي لصلاتي العشاء والفجر وفقاً للأمارات الفلكية الشرعية التي حددها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وانسحب هذا أيضاً على وقت بدء الإمساك للصائمين.
وتأتي هذه الدراسة لتطرح آلية علمية فقهية عملية، في حالة انعدام علامة وقت العشاء أو تأخرها بصورة تشق على المصلين، وتكون الآلية تلك منسجمة مع معطيات وتوجيهات الشريعة في التأكيد على أهمية أداء الصلاة في وقتها، ومتناغمة في الوقت نفسه مع سماحة الشارع الحكيم خاصة مع وجود المشقة، كما يناقش البحث بعض الحلول الفقهية المطروحة والمشهورة والمبنية على التقدير، حيث يكشف البحث ضعفها العلمي، وصعوبة تطبيقها العملي.
وخلص البحث إلى أهمية الاعتماد على العلامة الشرعية الفلكية، والمتمثلة بغروب الشفق الأحمر طالما كان الشفق يغرب في أي وقت من الليل التزاماً بالنص الشرعي، وليس لأحد أن يجتهد في تقدير وقت الصلاة بداية ونهاية مع وجود العلامة الفلكية الشرعية التي وردت في الحديث، ولكن عندما يغرب الشفق الأحمر في وقت متأخر، ويشق على المسلمين الانتظار، أو إن لم يغرب الشفق الأحمر، واتصل الشفقان (شفق الغروب بشفق الشروق) يصار إلى الجمع ما بين المغرب والعشاء؛ لوجود المشقة ورفعاً للحرج في الأولى، ولانعدام الوقت في الثانية والله أعلم.
*******
توطئة : الحمد لله القائل: ]إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا[ النساء آية 103، والصلاة والسلام على نبينا المصطفى المختار محمد صلى الله عليه وسلم القائل: (َصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) "صحيح البخاري" ... وبعد:
عُني الإسلام بالوقت بصورة جعلته قطب الرحى الذي تدور عليه الكثير من العبادات العملية والقولية، فعلى سبيل المثال ربط الإسلام بعض العبادات بحركة الشمس اليومية في القبة الفلكية، وبعضها بحركة القمر الشهرية في القبة الفلكية، لذا جاء الوقت ليكون شرطاً لصحة الصلاة المكتوبة، وعليه وجب على المسلم أن يتحرى دخول وقت الصلاة وخروجه، من أجل أن يصلي فروضه وفق المواقيت الزمنية التي حددها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بالتفصيل المبسوط في مظانه من متون كتب الحديث والفقه وشروحهما.
والمناطق الجغرافية ذات الموقع الفلكي المتطرف، والتي تقع أعلى من درجة عرض 34´48° شمال خط الاستواء وجنوبه تواجه مشكلة في تحديد وقتي صلاة العشاء والفجر، وذلك في فصل الصيف، عندما يطول النهار ويقصر الليل، حيث لا ينخفض قرص الشمس تحت الأفق بالدرجة الكافية لاختفاء الشفق وغروبه، فتظهر بذلك مشكلة اتصال الشفقين (شفق الغروب وشفق الشروق)، واتصال وقت المغرب بوقت الفجر، وانعدام العلامة الفلكية الشرعية المحدِّدة لخروج وقت المغرب، ودخول وقت العشاء وخروجه، وكذلك دخول وقت الفجر.
وبسبب ذلك وقع المسلمون هناك في حرج ومشقة في تحديد موعد وقت صلاة الفجر والعشاء على وجه الخصوص، وفقاً للأمارات الفلكية الشرعية التي حددها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بل وأوقعت تلك المشكلة المسلمين في خلاف وشقاق، واجتهادات في تحديد وقت دخول الوقت الشرعي للصلاة، وبدء الإمساك للصائمين أيضاً، ومما زاد الطين بِلة اختلاف الفقهاء في الفتوى حيال تلكم المشكلة بصورة واسعة وشائكة.
وتأتي هذه الدراسة العصرية لطرح آلية علمية فقهية عملية، وذلك في حالة انعدام علامة دخول وقت الفجر أو العشاء، أو تأخر وقت صلاة العشاء بصورة تشق على المصلين، وتكون تلك الآلية منسجمة مع معطيات وتوجيهات الشريعة في تأكيد أهمية أداء الصلاة في وقتها، ومتناغمة في الوقت نفسه مع سماحة الشارع الحكيم خاصة مع وجود المشقة، كما يناقش البحث الحلول الفقهية المطروحة والمشهورة لحل المشكلة، والمبنية على التقدير وفقاً لآراء الفقهاء المتعددة.
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
تعليق