علم الآثار فرع من فروع علم التاريخ
يعنى علم التاريخ بنشاط الإنسان السياسي والعلمي في الماضي ويعتمد المؤرخ عادة على وسيلتين لتحصيل المعرفة عن الماضي وهما :
1 . (النقولات المدونة) وأوثقها لديه ما كان مدونا وقريبا من الواقعة .
2 . (الأشياء المادية المتبقية من العهود الماضية) كالأدوات والمصنوعات والنصب والنقوش التي يعثر عليها في الأطلال والأماكن القديمة .
وفي الغرب اليوم أصبحت كلتا الوسيلتين موضوع علم خاص .
فـ (النقولات المدونة) موضوع (علم النقد التاريخي) [1] .
و(الأشياء المتبقية من العهود القديمة) موضوع (علم الآثار) (Archaeology) .
إن (علم الآثار) يُعنى بالأشياء المادية التي يُعثر عليها وصفا وتحليلا وتقديرا ثم يضعها بين يدي المؤرخ والمعني بالتاريخ ليستفيد منها في تدوين التاريخ أو تفسيره .
وعلم الآثار كعلم مستقل عن التاريخ بطرق البحث التي يعتمدها والأمور التي كشف عنها وأنجزها يعتبر علما غربيا إذ لم تكن لـه سابقة لدى المسلمين وقد انتقل هذا العلم إلى البلاد الإسلامية على أيدي الغربيين أنفسهم حيث تربى على أيديهم ثلة من أبناء البلاد الإسلامية حملوا عنهم أصول هذا العلم وطرق البحث فيه .
العلوم المساعدة لعلم الآثار
يستعين عالم الآثار في مهمته بعلوم كثيرة [2] على رأسها علم اللغات وعلم الجيولوجيا وعلم الجغرافية ويحظى علم اللغات بأهمية خاصة حين تكشف عملية التنقيب الآثاري عن نقش مدون من قبيل :
نقش مدينة (برسي بوليس)عاصمة الدولة الأخمينية المكتوب بالخط المسماري واللغات العيلامية القديمة والفارسية القديمة والبابلية [3].
وحجر رشيد المكتوب بالخط الـهيروغليفي والخط الديموطيقي والخط اليوناني الذي اكتشف في قلعة الرشيد في مدينة (صان الحجر) في محافظة الشرقية في مصر سنة 1799م [4] .
ومسلة حمورابي التي اكتشفت في مدينة (شوش) المكتوبة باللغة البابلية القديمة والخط المسماري .
أو ألواح سومر المكتوبة بالخط المسماري واللغة السومرية وغيرها .
ومن الواضح أن فهم تلك النقوش يعتمد مباشرة على تلك اللغات .
نموذج من القاموس الهيروغليفي
E. A. WALLIS BUDGE ANEGYPION HIEROGYPHIC
E. A. WALLIS BUDGE ANEGYPION HIEROGYPHIC
العربية: Arab ، القبطية : Copt ، الإغريقية : Gr ، الآشورية : Assyr ، العبرية : Heb
تعدد علوم الآثار
تتعدد علوم الآثار بتعدد الحضارات فهناك :
علم آثار العراق ،
علم آثار مصر ،
علم آثار إيران ،
علم آثار اليونان ،
علم آثار العهد المسيحي ،
علم آثار العهد الإسلامي ،
وغيرها .
اكبر إنجازات علم الآثار
إن اكبر واعظم إنجاز لعلم الآثار هو كشفه لحضارات وأمم قديمة كانت لا تخطر على بال الناس في القرون المتأخرة .أمثال حضارات السومريين والبابليين ومدوناتهم في الثقافة التي تزيد على خمسمائة ألف لوح من الطين المشوي المكتوب بالخط المسماري وهو الخط الذي استوعب ثقافة الأمم القديمة في الشرق مدة تقرب من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد .
أثارت هذه الألواح فضول العلماء في الغرب فعكفوا على فك رموزها ودراستها وقد ظهرت نتيجة لذلك آلاف البحوث سواء على مستوى أوراق علمية نشرت في المجلات المتخصصة أو على مستوى رسائل الماجستير والدكتوراه .
إن ابرز المواضيع التي تناولتها تلك الألواح هي :
· التشريع وقد اكتشفت خمس مدونات تشريعية اشهرها وأحدثها مدونة حمورابي التي تحتوي على ثلاثمائة مادة قانونية .
· قصة خلق الإنسان .
· قصة طوفان نوح (ع) .
· الأدعية والابتهالات .
· الأمثال والحكم .
· صكوك معاملات تجارية ومرسومات إدارية .
· الطب والأدوية .
· الرياضيات .
· الفلك والتنجيم .
· السحر والفال .
مدونة حمورابي
مدونة حمورابي في التشريع : وجدت المدونة في مدينة سوس عاصمة عيلام أثناء حفريات البعثة التنقيبية الفرنسية (1901-1902م) ، رتبت مواد هذه المدونة في أربعة واربعين حقلا ، وكتبت باللغة البابلية والخط المسماري ، تحتوي المدونة على 282 مادة تشريعيةبطل الطوفان في الوثائق المسمارية
كان اسم بطل الطوفان وصانع السفينة في الوثائق السومرية (زيو سيودرا) (Zi-U-Sudra) وقد ذكره المؤرخ البابلي (بيروسس) بنفس الصيغة (Xisouthros) والاسم السومري يتألف من ثلاثة مقاطع : 1. (Zi) بمعنى (الحياة) .
2. (U) بمعنى يوم .
3. (Sud) بمعنى (طال) او(اطال) .
ولذلك فالأرجح أن اسمه يعني الذي جعل الحياة طويلة ، كناية بالطبع عن خلوده .
(عبد الواحد فاضل في كتابه الطوفان ص 35 نقلا عن (Poebel/PBSIV/ P . 48ff) .
أقول : بل الاقرب ان معناه هو (الذي طالت ايام حياته) .
بيهستون
مدونة داريوش الأول ، يقع جبل بيهستون بالقرب من مدينة كرمنشاه في إيران وتقع الكتابة على ارتفاع 130 الى 140 مترا منقوشة على جرف صخري عمودي أول من عثر عليها هنري رولنسون استنسخها ونشرها عام 1846م وكان يتدلى بالحبال من قمة الجبل الى عمق 50 أو 60 مترا لاجل استنساخها .الألواح المسمارية
توجد هذه الالواح في اماكن متفرقة من العالم تبعا لبعثات التنقيب التي عثرت عليها واشهرها المتحف البريطاني ومتحف جامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا ومتحف جامعة شيكاغو في أمريكا ومتحف اللوفر في باريس والمتحف الالماني في برلين ومتحف تركيا في استنبول مضافا إلى المتحف العراقي في بغداد . وأورد كوركيس عواد في كتابه (خزائن الكتب القديمة في العراق) معلومات قيمة عن خزائن الكتب المسمارية في العراق وفيما يلي خلاصة لأهمها : · خزانة نِفَّر : تقع نفر على نحو مائة ميل من جنوب بابل على ضفاف نهر النيل الذي يستمد من الفرات قرب بابل . بدأ التنقيب فيها سنة 1889م على شكل مواسم كان آخرها 1898 كشف خلالـها على ثلاثة وأربعين ألف لوح يرقى تاريخها إلى (2700-2100ق . م) . ونشرت في مدينة فيلادلفيا بالولايات المتحدة بين سنة 1889-1944) في عشرين مجلدا أو اكثر .
· خزانة نينوى : وقد عني بجمعها الملك الآشوري (آشور بانيبال) (حكم بين 668-626ق . م) وقد ظلت خزانة الكتب هذه مطمورة تحت التراب نيفا وعشرين قرنا . أسفرت التنقيبات عن كشف ما بقرب من ثلاثين ألف لوح نقلت إلى المتحف البريطاني .
· خزانة مدينة أدب (بسمى) (بسمايا) : وتقع على خمسة وعشرين ميلا جنوب غرب نفر ، كشف فيها عن ألفين وخمسمائة لوح يرجع تاريخها إلى الألف الثالث قبل الميلاد .
· خزانة سبار : وتقع على نحو عشرين ميلا جنوب غرب بغداد وتعرف توراتيا بـ(سفروايم) ، اسفر التنقيب فيها عن عشرات الالاف من الالواح المكتوبة وقد اشار هرمز رسام إلى ان عدد الألواح يتراوح بين أربعين ألف لوح وخمسين ألف لوح ، ويقدر آخر ان عدد الألواح قد يناهز المائة وثلاثين ألف لوح .
· خزانة تلُّو : واسمها القديم (لجش) وكان يقرأ سابقا (شربولا) ترى في الضفة الشرقية من شط الحي بلغ عدد ما وجد فيها من الألواح زهاء خمسا وثلاثين ألف لوح .
· خزانة تل حرمل : على نحو ستة أميال من شرقي بغداد ، كشف فيها عن اكثر من ألف وخمسمائة لوح ، فيها مدونات تشريعية قبل حمورابي .
خزانة نوزي : وتقع على نحو 12 ميلا جنوب غرب كركوك ، بلغ عدد الألواح المكتشفة فيها إلى نيف وأربعة آلاف لوح .
حجر رشيد
[2] جاء في موسوعة الآثار المصرية ج1 ص67 : ان عالم الآثار المصرية يجب عليه ان يدرس لغات مختلفة منها اليونانية القديمة والقبطية واللغة المصرية القديمة بخطوطها الثلاثة (الـهيروغليفية والـهيراطيقية والديموطيقية) كما يجب عليه ان يكون ملما باللغات السامية القديمة وبخاصة العبرية والنوبية والمروية ويجب عليه ايضا ان يلم الماما كافيا بتاريخ هذه العصور الطويلة ليس للشعب المصري فحسب بل للشعوب المتاخمة ايضا ثم عليه كذلك ان يكون على علم كاف بالتطور الذي حدث للعمارة والفنون المختلفة في مصر كما يدرس العقائد الدينية والجنائزية وتاثيرها الواضح على توجيه النضوج العقلي والفكري للمصري في كل مظهر من مظاهر حضارته وفي نهاية الامر يجب على عالم الآثار المصرية ان يلم الماما طيبا بدراسات عصور ما قبل التاريخ التي تحتاج إلى معلومات عامة في الجيولوجيا وعلوم النبات والحيوان والكيمياء وعلم الاجناس البشرية .
[3] انظر قصة اكتشافه وحل رموزه في كتاب (رموز ومعجزات) ص 67 فما فوق تأليف إرنست دوبلـهوفر ترجمة د . عماد حاتم - الدار العربية للكتاب ليبيا 1983 .