مهندس سويسري يحاول إنقاذ أكبر فسيفساء العالم.. في أريحا
عامل فلسطيني ينظف فسيفساء "شجرة الحياة" في احدى غرف قصر هشام في اريحا
أريحا (ا ف ب) - يطمح المهندس السويسري بيتر زومثور، بعدما لجأت منظمة اليونسكو والسلطة الفلسطينية إليه، إلى إنقاذ أكبر فسيفساء في الشرق الأوسط لا بل في العالم بين أنقاض قصر هشام، إحدى الروائع الأموية التي تعود إلى القرن الثامن الميلادي والتي تقع بالقرب من أريحا.
وبيتر زومثور الحائز جائزة "بريتزكر 2009" التي تعادل جائزة نوبل للهندسة، كان قد قدم مؤخرا للدول المانحة مشروعه "بيت الفسيفساء" بهدف العمل على تعزيز هذا الموقع الأثري الذي يعتبر واحدا من الأكثر غنى في فلسطين شمالي واحة أريحا، بالإضافة إلى جذب السياح.
يصف زومثور البالغ من العمر 67 عاما نفسه ب"المهندس المؤلف". وهذا السويسري الذي تعود أصوله إلى مدينة بال، كان قد بدأ بالعمل على فكرته في العام 2006. وهو يفضل التحدث عن "إعادة إعمار عاطفية" بدلا من "الترميم".
ويهدف زومثور إلى "إعادة خلق جو الموقع الأصلي حتى يجعله مكانا رمزيا لأريحا"، واحدة من أقدم مدن العالم والتي مضى على قيامها 10 آلاف عام.
وأنقاض قصر هشام الذي شيد في زمن الدولة الأموية (661 - 750 ميلادي) تمتد على ستين هكتارا في خربة المفجر، غرب غور الأردن على انخفاض يبلغ 260 مترا تحت مستوى البحر.
وكان الموقع قد اكتشف في العام 1873، في حين تعود عمليات التنقيب العلمية الأولى إلى ثلاثينات القرن الماضي وقد عمل عليها عالم الآثار البريطاني روبرت دبليو هاملتون خلال الانتداب البريطاني على فلسطين.
وهذا القصر الشتوي الذي يعتبر نموذجا للهندسة الإسلامية في بداياتها، يتألف من مسكن بطبقات عدة وبفناء مع قناطر ومسجد ونافورة مياه وحمامات على الطراز الروماني.
لطالما نسب هذا القصر إلى عاشر خلفاء السلالة الأموية الحاكمة هشام بن عبد الملك (724 - 743). لكن يبدو أن ابن أخيه وخلفه الوليد بن يزيد بن عبد الملك هو الذي شيده في الفترة الممتدة بين العام 743 والعام 744 وقد اتخذه مسكنا له.
لم تنته أعمال بناء القصر، وقد دمرته هزة أرضية ضربت المنطقة في حوالى العام 749.
وتؤكد لويز هاكسثاوزن مديرة مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" في رام الله، أن "الموقع الأثري لقصر هشام يشكل أولوية لليونسكو. وهو مؤهل كي يدرج في قائمة التراث العالمي للانسانية".
ويذيع صيت الموقع نظرا لكثرة الفسيفساء التي يضمها. ففيه "شجرة الحياة" الشهيرة، وتحتها غزالان يرعيان العشب، في حين يفترس أسد غزالا ثالثا... وذلك كرمز للسلم والحرب.
في ردهة الحمام الكبير وعلى مساحة 850 مترا مربعا نجد فسيفساء أرضية وهي أفضل تلك التي تمت المحافظة عليها في الشرق الأوسط، كما أنها ولا شك الأكبر في العالم بحسب الخبراء. واليوم تغطي رسوماتها الهندسية طبقة من الرمال بهدف حمايتها.
ولوقاية البلاط الملون من الشمس والأمطار والرياح الرملية بالإضافة إلى إعادة خلق مساحة هندسية، صمم بيتر زومثور هيكلا خشبيا أطلق عليه اسم "بيت الفسيفساء". وزومثور كان قد اكتسب شهرته نتيجة أعماله التي تناولت مبان دينية وثقافية.
وفي التصميم تصور زومثور عريشا مؤلفا من عارضات من خشب أرز لبنان يسند على 16 دعامة من الخرسانة التي ما زالت صامدة منذ تاريخ تشييد القصر.
وهذا الملجأ الذي يبلغ ارتفاعه 18 مترا والذي يخفف وزنه شيئا فشيئا كلما تقدم المشروع، سوف يغطى بقماش أبيض. فيتيح دخول الضوء الطبيعي كما يحرص على تأمين التهوئة.
لكن المهندس يشدد على أن "كل شيء قابل للتغيير".
في الداخل، سوف تخصص جسور للمشاة تعلو 3,5 أمتار عن الأرض حتى لا يفسد الزائرون قطع الرخام. أما في الخارج، فيعيد جيل كليمان مهندس المناظر الطبيعية الفرنسي إعادة تصميم حديقتين.
وتتراوح الكلفة العامة للورشة ما بين 10 و15 مليون دولار، تؤمن أربعة منها خلال العامين المقبلين بحسب اليونسكو. ومن المتوقع أن تنطلق ورشة البناء الفعلية في العام 2013.
ويعتبر هذا مشروع الإستثمار الثقافي الأكثر أهمية حتى يومنا هذا في الأراضي المحتلة، بحسب وزارة السياحة والآثار الفلسطينية.
ولعل إحدى فوائد "بيت الفسيفساء" تكمن في أنه قد يشكل "نموذجا" لكيفية المحافظة على مواقع أثرية أخرى.
مصدر الخبر : أ ف ب-16/12/2010 الكاتب : بواسطة فيليب أغريه
عامل فلسطيني ينظف فسيفساء "شجرة الحياة" في احدى غرف قصر هشام في اريحا
أريحا (ا ف ب) - يطمح المهندس السويسري بيتر زومثور، بعدما لجأت منظمة اليونسكو والسلطة الفلسطينية إليه، إلى إنقاذ أكبر فسيفساء في الشرق الأوسط لا بل في العالم بين أنقاض قصر هشام، إحدى الروائع الأموية التي تعود إلى القرن الثامن الميلادي والتي تقع بالقرب من أريحا.
وبيتر زومثور الحائز جائزة "بريتزكر 2009" التي تعادل جائزة نوبل للهندسة، كان قد قدم مؤخرا للدول المانحة مشروعه "بيت الفسيفساء" بهدف العمل على تعزيز هذا الموقع الأثري الذي يعتبر واحدا من الأكثر غنى في فلسطين شمالي واحة أريحا، بالإضافة إلى جذب السياح.
يصف زومثور البالغ من العمر 67 عاما نفسه ب"المهندس المؤلف". وهذا السويسري الذي تعود أصوله إلى مدينة بال، كان قد بدأ بالعمل على فكرته في العام 2006. وهو يفضل التحدث عن "إعادة إعمار عاطفية" بدلا من "الترميم".
ويهدف زومثور إلى "إعادة خلق جو الموقع الأصلي حتى يجعله مكانا رمزيا لأريحا"، واحدة من أقدم مدن العالم والتي مضى على قيامها 10 آلاف عام.
وأنقاض قصر هشام الذي شيد في زمن الدولة الأموية (661 - 750 ميلادي) تمتد على ستين هكتارا في خربة المفجر، غرب غور الأردن على انخفاض يبلغ 260 مترا تحت مستوى البحر.
وكان الموقع قد اكتشف في العام 1873، في حين تعود عمليات التنقيب العلمية الأولى إلى ثلاثينات القرن الماضي وقد عمل عليها عالم الآثار البريطاني روبرت دبليو هاملتون خلال الانتداب البريطاني على فلسطين.
وهذا القصر الشتوي الذي يعتبر نموذجا للهندسة الإسلامية في بداياتها، يتألف من مسكن بطبقات عدة وبفناء مع قناطر ومسجد ونافورة مياه وحمامات على الطراز الروماني.
لطالما نسب هذا القصر إلى عاشر خلفاء السلالة الأموية الحاكمة هشام بن عبد الملك (724 - 743). لكن يبدو أن ابن أخيه وخلفه الوليد بن يزيد بن عبد الملك هو الذي شيده في الفترة الممتدة بين العام 743 والعام 744 وقد اتخذه مسكنا له.
لم تنته أعمال بناء القصر، وقد دمرته هزة أرضية ضربت المنطقة في حوالى العام 749.
وتؤكد لويز هاكسثاوزن مديرة مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" في رام الله، أن "الموقع الأثري لقصر هشام يشكل أولوية لليونسكو. وهو مؤهل كي يدرج في قائمة التراث العالمي للانسانية".
ويذيع صيت الموقع نظرا لكثرة الفسيفساء التي يضمها. ففيه "شجرة الحياة" الشهيرة، وتحتها غزالان يرعيان العشب، في حين يفترس أسد غزالا ثالثا... وذلك كرمز للسلم والحرب.
في ردهة الحمام الكبير وعلى مساحة 850 مترا مربعا نجد فسيفساء أرضية وهي أفضل تلك التي تمت المحافظة عليها في الشرق الأوسط، كما أنها ولا شك الأكبر في العالم بحسب الخبراء. واليوم تغطي رسوماتها الهندسية طبقة من الرمال بهدف حمايتها.
ولوقاية البلاط الملون من الشمس والأمطار والرياح الرملية بالإضافة إلى إعادة خلق مساحة هندسية، صمم بيتر زومثور هيكلا خشبيا أطلق عليه اسم "بيت الفسيفساء". وزومثور كان قد اكتسب شهرته نتيجة أعماله التي تناولت مبان دينية وثقافية.
وفي التصميم تصور زومثور عريشا مؤلفا من عارضات من خشب أرز لبنان يسند على 16 دعامة من الخرسانة التي ما زالت صامدة منذ تاريخ تشييد القصر.
وهذا الملجأ الذي يبلغ ارتفاعه 18 مترا والذي يخفف وزنه شيئا فشيئا كلما تقدم المشروع، سوف يغطى بقماش أبيض. فيتيح دخول الضوء الطبيعي كما يحرص على تأمين التهوئة.
لكن المهندس يشدد على أن "كل شيء قابل للتغيير".
في الداخل، سوف تخصص جسور للمشاة تعلو 3,5 أمتار عن الأرض حتى لا يفسد الزائرون قطع الرخام. أما في الخارج، فيعيد جيل كليمان مهندس المناظر الطبيعية الفرنسي إعادة تصميم حديقتين.
وتتراوح الكلفة العامة للورشة ما بين 10 و15 مليون دولار، تؤمن أربعة منها خلال العامين المقبلين بحسب اليونسكو. ومن المتوقع أن تنطلق ورشة البناء الفعلية في العام 2013.
ويعتبر هذا مشروع الإستثمار الثقافي الأكثر أهمية حتى يومنا هذا في الأراضي المحتلة، بحسب وزارة السياحة والآثار الفلسطينية.
ولعل إحدى فوائد "بيت الفسيفساء" تكمن في أنه قد يشكل "نموذجا" لكيفية المحافظة على مواقع أثرية أخرى.
مصدر الخبر : أ ف ب-16/12/2010 الكاتب : بواسطة فيليب أغريه
تعليق