يقول الله تبارك و تعالى في كتابه العزيز: ((وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ )) سورة الأنعام. العناكب هي إحدى أغرب أنواع الحشرات، وبالنسبة لنا نحن البشر فإننا نكره العناكب، ونشمئز عند رؤيتها، و على كل حال فالعناكب مفيدة لأن لها دور في التوازن البيئي، فالعنكبوت صياد ماهر للحشرات، ولكن هل خطر في بالنا يوماً بأن هنالك بشر يعيشون بيننا يشبهون إلى حدٍ بعيد العناكب في تصرفاتهم !!!!!! ، للأسف إنها حقيقة واقعة فالعنكبوت في عالم الحشرات يشبه إلى حد بعيد المحتالون في عالم البشر!! - فالعناكب حشرات غير اجتماعية تنصب الفخاخ و الشباك لتحصل رزقها، و المحتال إنسان ينصب الفخاخ للناس ويدرس نقاط ضعفهم ليحصل رزقه الحرام منهم. - للعناكب أنواع عديدة ومختلفة، ولكل منها طريقة صيده، فمنها من ينصب الشباك، ومنها من يحفر الحفر ويختبئ فيها حتى إذا ما مرت الضحية انقض عليها بسرعة البرق، ومنها المتجول بين الأغصان و الأشجار ( العنكبوت الذئبية تصيد أحياناً العصافير )، و المحتالون أيضا لكل منهم أسلوبه المنفرد في الإيقاع بضحاياه. و الآن وبعد هذه المقدمة ستتولد لدينا الأسئلة التالية: 1 – العنكبوت حشرة ظاهرة للعيان نميزها فوراً، فكيف سنميز الإنسان العنكبوت عن غيره من البشر ؟؟؟ 2 - ما هي أساليب المحتالين وصفاتهم وكيف نتقي شرهم ؟؟؟ 3 – كيف نواجه المحتالين ؟؟؟ وسأجيب الآن على هذه التساؤلات: يقول أحد الحكماء: ( لا يستطيع أي إنسان أن يخفي شيء، فإن صمت لسانه فإن أصابعه تثرثر ) و يقول الإمام على رضي الله عنه : ( تكلموا تعرفوا فالمرء مخبوء تحت طي لسانه لا تحت طيلسانه ) فالمحتالين لهم صفات، ومن صفاتهم: - خائفون دائماً ، يحسبون كل صيحة عليهم ((وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )) سورة المنافقون، هل تعلمون لماذا هذا الخوف ؟؟ ، أريد من كل إنسان أن يتخيل معي نفسية المنافق ، فلو أنني بدأت يومي منذ الصباح بالسعي في الأرض فساداً وضربت ضرباتي هنا وهنالك فسأمشي في الشارع و أنا خائف من أن يتعرف علىّ إحدى الضحايا ، و إذا صرخ أحد في الشارع باسمي سأموت من الهلع حتى أعرف من يصرخ على، فهذه نتائج طبيعية و الخوف يولد حدة الطبع فهم غالباً ما يكونون حادي الأمزجة. - المحتالون كاذبون، يلونون الحقائق بألوان مزيفة، فقد يعدك في صفقة تجارية بالربح السريع و الهائل، و الحياة تقول بأن المال لا يأتي بهذا الحجم المهول إلا في حكايات على بابا، وقد قرأت مرة قصة عن محتال فرنسي قام باستأجار مكتب ودعا إليه تجار الخرداوات في باريس وأنتحل شخصية منتدبة من الدولة بشكل سري، وقدم العرض للتجار بمناقصة لبيع برج إيفل الحديدي العملاق، و اخذ يعدهم بالأرباح الطائلة التي ستنهال عليهم، وبدئ سحر الأحلام يداعب أفكار التجار بل ويستحوذ عليها، و أمرهم أن يبقى الأمر سراً كي لا تتحرك المعارضة لمنع الصفقة، و أختار في النهاية أكثرهم سذاجة و اقتناعا بكلامه، ووقع معه عقداً بعد أن قبض منه مبلغا محترماً، ومن ثم ذهب الرجل ليباشر بفك البرج ولكنه فوجئ بالشرطة تنقض عليه بتهمة الإضرار بالممتلكات العامة، عندها علم التاجر أنه وقع ضحية لأكبر عملية احتيال في تاريخه، من هذه القصة نستنتج بأن المحتال يريد دائماً أن تتم صفقاته في الخفاء حتى لا تتحدث عن الموضوع أمام شخصٍ أخر فيلفت نظرك من سحر الأرباح إلى لا معقولية أن تشتري برج إيفل، و تسأل إن كانت هنالك عملية احتيال أم لا، و الرسول (صلى الله عليه وسلم ) يقول ( تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا زائغ ) ويقول السيد المسيح عيسى عليه الصلاة و السلام لأتباعه: ( ما أقوله لكم في الخفاء، نادوا به من على السطوح )، و الواضح رابح. - و الآن كيف نستطيع أن نكشف خداع المحتالين ونتقي شرهم ؟ وسأذكر حقيقة علمية شاهدتها على التلفاز بأم عيني، في عالم الحشرات هنالك نوع من الفراشات تقوم بالذهاب دورياً لنبتة سامة تفرز نوعاً من السموم، حيث تذهب الفراشة لكي تشرب السم وتضعه في مكان من جسمها كسلاح زودها به الخالق، هل تعلمون ماذا كانت النتيجة، لقد سقطت هذه الفراشة في إحدى شراك العناكب وسرعان ما أنقض العنكبوت ليلتهمها ولكنه توقف فجأة أمامها و اشتم رائحة السم، فعلم أن ضحيته لا تَأكل، فشرع يخلص الفراشة من حباله ويرميها بعيداً عن الشباك، من هذه الحقيقة العلمية علينا أن نتعلم من الفراشة أن نذهب إلى مخازن المعرفة و العلم ونخزن العلم في أدمغتنا، ونقرأ القرآن الكريم ونقرأ الكتب الحكيمة وعندها سيجعل الله لنا نوراً نمشي به بين الناس ((أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) سورة الأنعام، عندها لن يستطيع أي محتال أن يتلاعب بنا، فهو يبحث عن ضحية غبية ساذجة، و أنا أدعوا القراء الأعزاء لقراءة سور ة المنافقين في القرآن الكريم مع بعض التحليل المنطقي ، ولسوف يجدون الكثير من الإشارات حول هؤلاء الأشخاص. - و الآن من أجل مواجهة المحتالين، أدعوا كافة أعضاء المنتدى للمشاركة بذكر قصة ما، ربما جرت معه أو سمع بها عن المحتالين، حتى يقرأها الأعضاء فتكون لهم كنوع من التجارب التي يستفيدون منها في كشف أساليب المحتالين، وستكون هذه القصص بمثابة كارثة تحل بهم فأخوف ما يخافونه افتضاح أساليبهم ((يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ )) سورة التوبة. وأختم حديثي بهذه القصة التي قرأتها من كتاب ( كيف تمسك بزمام القوة ) للكاتب الأمريكي روبرت غرين: في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1910م كان رجل يلقب بالرجل الأصفر وهو خبير احتيال كبير، كان يدرس ضحاياه بشكل عميق، حتى يتمكن من الإيقاع بأشد الناس حذراً، وكان هذه المرة يدرس شخصية السيد سام الذي يمتلك ثروة تقدر بمليون دولار، وقد كان صاحب شركة مخازن وهو متمرس في التجارة وقد تفرغ لشراء بيوت وتأجيرها بعد أن كبر سنه، وذات يوم قام المحتال بزيارة مكتب السيد سام الذي كان يعرض شقة للبيع بملغ / 8000 / دولار ويطلب مبلغ / 2000 / دولار كدفعة أولى فقال المحتال بأنه سيفكر في الموضوع ويرد له جواباً، ثم عاد في اليوم التالي وقال للسيد سام بأنه سيدفع المبلغ كاملاً إذا أنتظره سام لمدة يومان فقط، لأنه سيقوم بعملية تجارية تغطي المبلغ، فأثار لدى سام الفضول لمعرفة ما نوع العملية التي ستجلب له هكذا مبلغ في ظرف يومان، فرفض المحتال أن يكشف العملية مما زاد إلحاح سام لمعرفة نوعها، وفي النهاية وافق المحتال على أن يشرح له قائلاً: إن لي عم يعمل لدى مجموعة من ثلاثة من أثرياء نيويورك، وقد كلفوه ببيع منزل فخم في ولاية مشغان، كانوا قد اشتروه ولم يستخدموه لعدة سنوات فأوكلوا لعمه عملية بيعه بأي سعر، وقد قرر العم تدبير شخص ممول يشتري العقار بمبلغ / 35000 / دولار وهو يساوي في الحقيقة / 125000 / وكان المبلغ ضخما في تلك الأيام، وبعد أن تتم عملية البيع يتقاسم العم و المحتال و الممول المبلغ الحقيقي بالتساوي، و أخبره بأنه سيقابل شخص ما اليوم من أجل الموضوع، وعندها قال السيد سام بأنه مستعد لأن يكون الممول وبعد معالجة مع المحتال وافق أخيراً. وفي اليوم التالي سافرا بالقطار إلى ولاية مشغان حيث ستتم الصفقة، وفي القطار ألتقي المحتال مع رجل يبلغ الأربعين من العمر وعندما سأله السيد سام عنه قال له إنني أدرب الملاكمة وهذا هو لاعبي الذي أدربه، ولم ينتبه السيد سام إلى أن الملاكم رجل شبه عجوز، فقد كانت أفكاره تدور حول الصفقة، وعندما وصلا الفندق، طلب السيد سام من المصرف تحويل مبلغ / 35000 / دولار كاش إليه في الفندق، وفي الفندق التقى بالشخص الذي يزعم بأنه عم المحتال، و أخبره بأن أصحاب المنزل الفخم في طريقهم إليهم، وعندها شرع الملاكم المزعوم بالتدريب في المكان الذي سيلتقون به بالأثرياء المزعومين، وبعدها دخل ثلاثة رجال يرتدون ملابس فاخرا تظهر على سحنتهم مظاهر الثراء، وبدء الجميع عملية البيع وقبل أن يوقعوا العقد التفت الرجل إلى المحتال وقال له هل هذا هو ملاكمك الجديد، هل تراهن بأنه لن يتحمل ضربة واحدة، وشرع الاثنان الجدال بشأن من سيغلب، وقال الرجل إني أراهنك على مبلغ على مبلغ الــ / 35000 / دولار فإن ربح ملاكمي أخذتها منك و إن ربحت أنت تأخذ المنزل بدون أن تدفع شيء، وقام المحتال بأخذ السيد سام جانباً و أقنعه بأنه سيقوم برشوة الملاكم الذي سيحضره الأثرياء لأنه يعرفه فسيرشيه بمبلغ / 1000 / دولار مقابل أن يسقط في حلبة الرهان غداً، فبدأت أحلام الربح تراود السيد سام فسوف يربح مع زملائه المنزل و المبلغ الذي قام بإحضاره، وفي اليوم التالي التقى الطرفان في حلبة ملاكمة وبدأ النزال بين الخصمين، بعد أن أنفرد المحتال مع ملاكم الخصم و أعطاه دفعة ووعده بالباقي بعد أن يخسر، وبدأ النزال وبعد قليل سدد ملاكم الأثرياء لكمة على فم ملاكم المحتال فسقط على الأرض والدم ينبجث من فمه، عنها صعق السيد سام، وصعق أكثر عندما فحص المحتال الملاكم وقال بأنه مات، وبسرعة أنسحب السيد سام من القاعة تاركاً كل شيء ورائه، وقلبه يخفق من الهلع فلو أن الشرطة أمسكت بهم فسوف يزج به في السجن بتهمة المراهنات الغير مشروعة، وبعد أن هرب تاركاً كل شيء نهض ملاكم المحتال الميت من الحلبة و أخرج من فمه كيساً يحتوي على سائلٍ أحمر كان قد وضعه في فمه، ومن ثم تقاسم المحتال مع شركائه مبلغ / 35000 / دولار في أكب عملية احتيال، من هذه القصة نستنتج كيف أن الأحلام دوخت السيد سام و أعمته عن أن يلاحظ أن الملاكم رجل كبير في السن و لا تبدو عليه سحنة الملاكمين، وفي نفس الوقت كان المحتال يعلم بأن السيد سام رجل حذر ولذلك أوهمه بأنه سيعقد صفقة بيع المنزل وبعهدها جره إلى عملية المراهنة فكانت عملية البيع كستار دخاني يغطي عملية الاحتيال الواضحة، وهذا هو أحد أساليب التمويه لدى المحتالين المخضرمين.
هذا المقال منقول من موقع الشوق... للأمانة وصاحب المقال كتب عند اسم علي ( كرم الله وجهه ) وعند اسم النبي ( ص ) فمن الفاضل ومن المفضول ؟؟؟
نسأل الله الثبات على الحق