الحمدلله رب العالمين والصلاه والسلام على نبينا وحبيبنا وعلى اله وصحبه اجمعين ومن اقتدى بهديه الى يوم الدين
وبعد
وبعد
معنى لا إله إلا الله، لا معبود بحق إلا إلهٌ واحدٌ، وهو الله وحده لا شريك له؛ لأنه المستحق للعبادة، فتضمنت هذه الكلمة العظيمة أن ما سوى الله من سائر المعبودات ليس بإلهٍ حق وأنه باطل؛ لأنه لا يستحق العبادة .
ولهذا كثيرًا ما يَرِدُ الأمر بعبادة الله مقرونًا بنفْي عبادة ما سواه؛ لأن عبادة الله لا تصح مع إشراك غيره معه، قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [سورة النساء – الآية 36]. وقال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة – الآية 256]. وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل – الآية 36]. وقال صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد مِن دون الله حرم دمه وماله" رواه مسلم .وكل رسول يقول لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [سورة الأعراف – الآية 59]. إلى غير ذلك من الأدلة.
قال الإمام ابن رجب رحمه الله: وتحقيق هذا المعنى وإيضاحه أن قول العبد "لا إله إلا الله" يقتضي أن لا إله له غير الله، والإله هو الذي يُطاع فلا يُعصى هيبةً له وإجلالاً، ومحبةً وخوفًا ورجاءً، وتوكلاً عليه وسؤالاً منه ودعاءً له، ولا يَصلُح ذلك كله إلا لله عز وجل.
ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لكفار قريش: قولوا لا إله إلا الله، قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [سورة ص – الآية 5]. ففهموا من هذه الكلمة أنها تُبطل عبادة الأصنام كلها، وتحصر العبادة لله وحده، وهم لا يريدون ذلك، فتبين بهذا المعنى أن معنى لا إله إلا الله ومقتضاها إفراد الله بالعبادة، وترك عبادة ما سواه، فإذا قال العبد "لا إله إلا الله" فقد أعلن وجوب إفراد الله بالعبادة، وبطلان عبادة ما سواه، والقبور والأولياء والصالحين، وبهذا يبطل ما يعتقده عباد القبور اليوم وأشباههم من أن معنى لا إله إلا الله هو الإقرار بأن الله موجود، أو أنه هو الخالق القادر على الاختراع وأشباه ذلك، أو أن معناها لا حاكمية إلا لله. ويظنون أن من اعتقد ذلك وفَسَّر به "لا إله إلا الله" فقد حقق التوحيد المطلق ولو فعل ما فعل من عبادة غير الله والاعتقاد بالأموات، والتقرب إليهم بالذبائح والنذور والطواف بقبورهم والتبرك بتربتهم، وما شعر هؤلاء أن كفار العرب الأولين يشاركونهم في هذا الاعتقاد، ويعرفون أن الله هو الخالق القادر على الاختراع، ويقِرُّون بذلك وأنهم ما عبدوا غيره إلا لزعمهم أنهم يقربونهم إلى الله زلفى لا أنهم يخلقون ويرزقون. فالحاكمية جزء من معنى لا إله إلا الله وليست هي معناها الحقيقي المطلوب، فلا يكفي الحكم بالشريعة في الحقوق والحدود والخصومات مع وجود الشرك في العبادة.
ولو كان معنى لا إله إلا الله ما زعمه هؤلاء لم يكن بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين نزاع، بل كانوا يبادرون إلى إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قال لهم: أقِروا بأن الله هو القادر على الاختراع، أو أقِروا أن الله موجود، أو قال لهم: تحاكموا إلى الشريعة في الدماء والأموال والحقوق وسكت عن العبادة، لكن القوم وهم أهل اللسان العربي فهموا أنهم إذا قالوا "لا إله إلا الله" فقد أقروا ببطلان عبادة الأصنام، وأن هذه الكلمة ليست مجرد لفظ لا معنى له، ولهذا نفروا منها وقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [سورة ص – الآية 5]. كما قال الله عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [سورة الصافات – الآيات 35، 36] .
فعرفوا أن لا إله إلا الله تقتضي ترك عبادة ما سوى الله وإفراد الله بالعبادة، وأنهم لو قالوها واستمروا على عبادة الأصنام لتناقضوا مع أنفسهم وهم يأنفون من التناقض، وعُبَّاد القبور اليوم لا يأنفون من هذا التناقض الشنيع، فهم يقولون لا إله إلا الله، ثم ينقضونها بعبادة الأموات والتقرب إلى الأضرحة بأنواع من العبادات.
كتبه: فضيلة الشيخ د. صالح الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء
مِن كِتاب: معنى لا إله إلا الله.
ولهذا كثيرًا ما يَرِدُ الأمر بعبادة الله مقرونًا بنفْي عبادة ما سواه؛ لأن عبادة الله لا تصح مع إشراك غيره معه، قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [سورة النساء – الآية 36]. وقال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة – الآية 256]. وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل – الآية 36]. وقال صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد مِن دون الله حرم دمه وماله" رواه مسلم .وكل رسول يقول لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [سورة الأعراف – الآية 59]. إلى غير ذلك من الأدلة.
قال الإمام ابن رجب رحمه الله: وتحقيق هذا المعنى وإيضاحه أن قول العبد "لا إله إلا الله" يقتضي أن لا إله له غير الله، والإله هو الذي يُطاع فلا يُعصى هيبةً له وإجلالاً، ومحبةً وخوفًا ورجاءً، وتوكلاً عليه وسؤالاً منه ودعاءً له، ولا يَصلُح ذلك كله إلا لله عز وجل.
ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لكفار قريش: قولوا لا إله إلا الله، قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [سورة ص – الآية 5]. ففهموا من هذه الكلمة أنها تُبطل عبادة الأصنام كلها، وتحصر العبادة لله وحده، وهم لا يريدون ذلك، فتبين بهذا المعنى أن معنى لا إله إلا الله ومقتضاها إفراد الله بالعبادة، وترك عبادة ما سواه، فإذا قال العبد "لا إله إلا الله" فقد أعلن وجوب إفراد الله بالعبادة، وبطلان عبادة ما سواه، والقبور والأولياء والصالحين، وبهذا يبطل ما يعتقده عباد القبور اليوم وأشباههم من أن معنى لا إله إلا الله هو الإقرار بأن الله موجود، أو أنه هو الخالق القادر على الاختراع وأشباه ذلك، أو أن معناها لا حاكمية إلا لله. ويظنون أن من اعتقد ذلك وفَسَّر به "لا إله إلا الله" فقد حقق التوحيد المطلق ولو فعل ما فعل من عبادة غير الله والاعتقاد بالأموات، والتقرب إليهم بالذبائح والنذور والطواف بقبورهم والتبرك بتربتهم، وما شعر هؤلاء أن كفار العرب الأولين يشاركونهم في هذا الاعتقاد، ويعرفون أن الله هو الخالق القادر على الاختراع، ويقِرُّون بذلك وأنهم ما عبدوا غيره إلا لزعمهم أنهم يقربونهم إلى الله زلفى لا أنهم يخلقون ويرزقون. فالحاكمية جزء من معنى لا إله إلا الله وليست هي معناها الحقيقي المطلوب، فلا يكفي الحكم بالشريعة في الحقوق والحدود والخصومات مع وجود الشرك في العبادة.
ولو كان معنى لا إله إلا الله ما زعمه هؤلاء لم يكن بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين نزاع، بل كانوا يبادرون إلى إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قال لهم: أقِروا بأن الله هو القادر على الاختراع، أو أقِروا أن الله موجود، أو قال لهم: تحاكموا إلى الشريعة في الدماء والأموال والحقوق وسكت عن العبادة، لكن القوم وهم أهل اللسان العربي فهموا أنهم إذا قالوا "لا إله إلا الله" فقد أقروا ببطلان عبادة الأصنام، وأن هذه الكلمة ليست مجرد لفظ لا معنى له، ولهذا نفروا منها وقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [سورة ص – الآية 5]. كما قال الله عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [سورة الصافات – الآيات 35، 36] .
فعرفوا أن لا إله إلا الله تقتضي ترك عبادة ما سوى الله وإفراد الله بالعبادة، وأنهم لو قالوها واستمروا على عبادة الأصنام لتناقضوا مع أنفسهم وهم يأنفون من التناقض، وعُبَّاد القبور اليوم لا يأنفون من هذا التناقض الشنيع، فهم يقولون لا إله إلا الله، ثم ينقضونها بعبادة الأموات والتقرب إلى الأضرحة بأنواع من العبادات.
كتبه: فضيلة الشيخ د. صالح الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء
مِن كِتاب: معنى لا إله إلا الله.
تعليق