ليل الأحد 17-10-2010 بثت محطةALSAT التلفزيونية المحلية في ألبانيا تقريرا تحدث فيه كبير مؤرخي الألبان، صبري غودو، وقال إن لجنة دولية تابعة للأمم المتحدة "يجب أن تتولى أمر الكنز عند العثور عليه لتحديد هوية مالكيه" في رد منه على تقرير بثته حول الموضوع نفسه محطة NET tv اليونانية، وقالت فيه إن الكنز هو لليونان المسروق منها طوال حكم علي باشا الذي وصفته بقاتل جزار "جمعه بالابتزاز والسرقة" على حد قولها.
وما قاله غودو، وهو مؤلف كتاب "علي باشا تبيلينا" المترجم لأكثر اللغات الحية، هو رفض واضح منه لنوايا الحكومة اليونانية التي ما إن أعطت إذنا لصياد كنوز اسمه فانجليس ديماس، وهو أسترالي من أصل يوناني، للبحث عن الصناديق المختفية منذ غاب السلطان قتيلا قبل 188 سنة، حتى ضجت المنطقة الريفية وضاقت أرضها بباحثين عن كنز سيحمل مالكه بالتأكيد لدخول ناد لائحة مجلة "فوربس" الأمريكية بأغنى الأثرياء.
وذكر غودو أن كل المؤشرات التاريخية تؤكد وجود هذا الكنز الذي إذا أردنا العثور عليه فيجب علينا التفكير بأفضل مكان كان علي باشا سيختاره. وبالنسبة لي فمكانه المفضل كان تبيلينا. وإذا لم يكن لعلي باشا، وهو ألباني، ورثة مباشرين، فيجب أن تعود التركة لبلدية "تبيلينا" وليس لغيرها" كما قال.
وتبيلينا هي المدينة الألبانية التي أبصر علي باشا النور في 1741 بجوارها في قرية بيشست، لذلك يسمونه "علي باشا تبيلينا" المعروفة أيضا بلقب يوانينا، بحسب ما ذكر "المركز الألباني للفكر والحضارة الإسلامية" وهو بالعربية والإنجليزية والألبانية على الإنترنت عن علي باشا، الملقب تركيا أيضا بأرسلان، أي الأسد.
صياد الكنوز: أجهزة الاستشعار تدل أنه في المنطقةوكان علي باشا في مطلع القرن التاسع عشر، حاكما لمنطقة ابيروس، ومعين من الإمبراطورية العثمانية قبل ثورة يونانية عليها وضعت حدا لأربعة قرون من الاحتلال التركي. وقتل علي باشا في 1822 خلال تمرد فاشل قام به طوال أكثر من عامين ضد السلطان العثماني محمود الثاني، أي أنه كان بعمر 80 سنة حين كان ممعنا في الثورة والانقلاب على السلطة التي انتدبته، لكثرة مطامعه.
لكن الكنز الذي جمعه، وهو حقيقي تؤكده وثائق موجودة حاليا وكان لتمويل ثورة عامة أرادها على العثمانيين، أختفى من بعد وفاته وجرت محاولات عدة للعثور عليه، ولكن بلا طائل، إلى أن برز صياد الكنوز بأجهزة ومعدات وتقنيات جديدة متطورة متفائلا باصطياده من تحت الأرض.
ويصف"المركز الألباني للفكر والحضارة الاسلامية" علي باشا ببطل تاريخي وقومي ورجل دولة بامتياز، لذلك يقيمون له كل عام مؤتمرا دوليا يحمل اسمه في العاصمة، تيرانا. ومؤتمر العام الماضي افتتحه الباحث والكاتب والمؤرخ صبري غودو نفسه، وفق التقرير المنشور عن المؤتمر في موقع المركز على الإنترنت.
وكانت وكالات للأنباء نشرت الأسبوع الماضي خبرا قصيرا عن "بدء أعمال حفر في جبال وسط اليونان في محاولة للعثور على كنز علي باشا، الحاكم العثماني في القرن التاسع عشر، بتمويل من صائد الكنوز الاسترالي من أصل يوناني فانجيليس ديماس الذي يقدر قيمة الكنز بملايين اليوروهات" على حد تعبير وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت الوكالة إن الكنز "سيستخدم في حال الوصول إليه لتسديد جزء من الدين العام اليوناني" ناقلة عن الصياد ديماس قوله إن"أجهزة الاستشعار تشير إلى أن ثمة كنزا مخبأ في هذه المنطقة" مشيرا إلى فاسيليكي.
رئيس البلدية يحفر بنفسه بحثاً عن الصيد الثمينطبعا، لن يساهم مبلغ مليار دولار بتسديد الكثير من ديون اليونان التي تزيد على 430 مليارا، لكنه فتح شهية الألبان واليونان عليه، فجنوا معا إلى درجة أن الحمية أصابت فايوس زياكاس، رئيس بلدية "فاسيليكي" وهي قرية استمدت اسمها من اسم زوجة علي باشا، الألبانية المولودة باليونان، فراح هو وأفراد عائلته يشاركون بالحفر مع السكان والقادمين من الخارج طمعا بحصة ما من الصيد الثمين.
أما الصياد ديماس، المزود بكاميرات ومجسات للاستشعار متطورة، فروى لبعض صحف اليونان أن الحفر وصل إلى عمق 23 مترا حتى أمس داخل منطقة صخرية صلبة جدا يعتقدون أن السلطان أخفى الصناديق والصرر فيها مكتظة بسبائك من ذهب متنوع العيار، كما وبمجوهرات "وفي حال شعرنا بفتحة ما على عمق 30 مترا مثلا، فهذا يعني أن غرفة ما توجد تحتها" كما قال.
واشترطت الحكومة اليونانية على ديماس أن يقوم هو بتمويل تكاليف البحث عن الكنز المفقود، وهي مرتفعة وقبوله بها يؤكد اقتناعه التام بوجود الصناديق في البرية الجبلية المجاورة للقرية. أما حصة الحكومة اليونانية فستكون 50 % من القيمة الإجمالية للمحتويات، في ما سيتقاسم الصياد الباقي مع بلدية "فاسيليكي" البعيدة نحو الشمال 352 كيلومترا عن العاصمة أثينا.
ومعظم حياة علي باشا توترات، فعندما كان عمره 14 سنة قتلوا أباه الذي لم يترك سوى 5 دراهم وبندقية من طراز "موسكت" لم يعد لها وجود إلا في المتاحف كميراث. أما والدته، وكان اسمها حنكو، فكانت اسما على مسمى ومن النوع المحنك تحولت إلى أب وأم في الوقت نفسه وراحت تعلمه الانتقام وتشحنه بالحقد الدفين على قتلة أبيه.
ومع الزمن تحول علي باشا إلى زعيم محلي، ثم أصابه جنون العظمة وهو وال في اليونان، فحاول وهو قد تقدم به العمر إسقاط السلطان العثماني محمود الثاني بالعصيان عليه وتجييش الأعداء، لكن المحاولة انتهت بحصاره، ومنحوه فرصة ليعيش، فرفض وواصل القتال وحيدا من شباك قلعة هرب إليها، فأردوه بالرصاص ثم قطعوا رأسه بالسيف وأرسلوه إلى السلطان محمود ليتأكد من موته، وهو مشهد رسم عنه الفنانون الأتراك لوحات ولوحات ووزعوها في الأقطار والأمصار ليكون عبرة لمن يعتبر.
تعليق