الوَكِيل
قضية أسماء الله الحسنى هل هي مشتقة من الصفات أم الصفات مشقة من الأسماء لا بد أن نفرق فيها بين عدة جوانب أساسية توضح المسألة وتبين القضية .
إذا نظرنا إليها من جهة التكليف والحكم الشرعي ، فإنه لا يجوز أن تُشتق الأسماء من الصفات ، وإنما الصفات هي المشتقة من الأسماء ، فتشتق من السميع البصير صفة السمع والبصر ، ومن العليم القدير العلم والقدرة، ومن العزيز الحكيم العزة والحكمة ، ومن الكريم العظيم الكرم والعظمة ، لكن لا يجوز أن نشتق من صفات الذات والأفعال أسماء رب العزة والجلال ، فقد وصف الله نفسه بالإرادة والاستواء والكلام والنزول والجلال والانتقام وأنه يؤتي وينزع ويعز ويذل ويخفض ويرفع ويبديء ويعيد ويقضي ويكتب لكن لا يجوز لنا أن نشتق له من هذه الصفات المريد والمستوى والمتكلم والنازل والجليل والمنتقم والمؤتي والمنزع والمعز والمذل والخافض والرافع والمبديء والمعيد والقاضي والكاتب .
ومن الخطأ أن نسمى الله بهذه الأسماء أو بعضها ، ومن فعل ذلك فقد سمى ربه بما لم يسم به نفسه في كتابه أو في سنة رسوله ، فأسماء الله الحسنى بإجماع السلف الصالح توقيفية على النص ؛ لا بد فيها من أدلة قرآنية ، أو ما صح عن رسول الله في السنة النبوية ، وليست أسماء الله مسألة عقلية اجتهادية يشتق فيها الإنسان لربه من أوصافه وأفعاله ما يشاء من الأسماء ، فكثير من العلماء جعلوا المرجعية في علمية الاسم واشتقاقه من الوصف إلى أنفسهم ، وليس إلى النص الثابت في الكتاب والسنة ، وهذا يعارض ما اتفق عليه أهل السنة والجماعة في كون الأسماء الحسنى توقيفية
وعلى ذلك فإن الأسماء الحسنى والصفات الذاتية وأصل الصفات الفعلية من جهة المشيئة والإمكانية هي في حقيقتها أزلية أبدية بأزلية الذات الإلهية ، وطالما أنه سبحانه ليس كمثله شيء في ذاته وأسمائه وصفاته ، وأن الاشتقاق في حقه ليس كالاشتقاق في حقنا ، فإن الأسماء الحسنى دالة على الصفات ومرتبطة بها ، والصفات يشتق الله لنفسه منها ما يشاء من الأسماء
فهذا حقه وفعله فيما يخصه ...
الوَكِيل :ـ
في اللغة هو القَيِّم الكَفِيل الذي تكفل بأرْزَاق العِبَاد ، وحَقِيقة الوكيل أنه يَسْتَقل بَأَمْر الموْكول إليه .
يقال : توكل بالأَمْر إذا ضَمِنَ القِيام به ، ووكلت أمْرِي إلى فلان أي ألْجَأته إليه واعْتَمدت فِيه عَليه ، ووكل فلان فلانا إذا اسْتَكفاه أَمْرَه ، إما ثقةً بِكفايَتِه أو عَجزا عن القيام بأمر نفسه ، ووكيلك في كذا إذا سلمته الأمر وتركته له وفوضته إليه واكتفيت به 1 ، فالتوكل قد يأتي بمعنى تولي الإشراف على الشيء ومراقبته وتعهده ومنه ما ورد عند البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ تَوَكَّلَ لِى مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ ، تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ) 2 ، وقد يأتي التوكل بمعنى الاعتماد على الغير والركون إليه ومنه ما ورد في قوله تعالى:وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق/3] ، وربما يفسر الوكيل بالكفيل ، والوكيل أعم لأن كل كفيل وكيل وليس كل وكيل كفيلا ، وعند الترمذي وصححه الألباني من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا) 3 .
والوكيل سبحانه هو الذي توكل بالعالمين خلقا وتدبيرا ، وهداية وتقديرا ، فهو المتوكل بخلقه إيجاد وإمدادا كما قال تبارك وتعالى : } ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ { [الأنعام:102]
وقال تعالى :
} اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ { [الزمر:62]
وقال تعالى في سورة هود :
}إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا { [هود:56] ، فالوكيل الكفيل بأرزاق عباده ومصالحهم 4 .
وهو سبحانه وكيل المؤمنين الذين جعلوا اعتقادهم في حوله وقوته ، وخرجوا من حولهم وطولهم وآمنوا بكمال قدرته ، وأيقنوا أنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، فركنوا إليه في جميع أمورهم ، وجعلوا اعتمادهم عليه في سائر حياتهم ، وفوضوا إليه الأمر قبل سعيهم ، واستعانوا به حال كسبهم ، وحمدوه بالشكر بعد توفيقهم ، والرضا بالمقسوم بعد ابتلائهم قال تعالى :
} إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ { [الأنفال:2]
وقال سبحانه في وصف المؤمنين :
} الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ { [آل عمران:173]
وقال تعالى لنبيه:
} وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً { [الأحزاب:48]
وقال تعالى : } رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً { [المزمل:9] 5.
ويذكر ابن القيم أن توكيل العبد ربه يكون بتفويضه نفسه إليه وعزلها عن التصرف إلا بإذنه يتولي شئون أهله ووليه ، وهذا هو عزل النفس عن الربوبية وقيامها بالعبودية وهو معنى كون الرب وكيل عبده أي كافيه والقائم بأموره ومصالحه لأنه ينوب عنه في التصرف ، فوكالة الرب عبده أمر وتعبد وإحسان له وخلعة منه عليه لا عن حاجة منه وافتقار إليه ، وأما توكيل العبد ربه فتسليم لربوبيته وقيام بعبوديته 6 .
(1) لسان العرب 11/ 734 ، وكتاب العين 5/ 405 ، واشتقاق أسماء الله 136، والمفردات 882 قضية أسماء الله الحسنى هل هي مشتقة من الصفات أم الصفات مشقة من الأسماء لا بد أن نفرق فيها بين عدة جوانب أساسية توضح المسألة وتبين القضية .
إذا نظرنا إليها من جهة التكليف والحكم الشرعي ، فإنه لا يجوز أن تُشتق الأسماء من الصفات ، وإنما الصفات هي المشتقة من الأسماء ، فتشتق من السميع البصير صفة السمع والبصر ، ومن العليم القدير العلم والقدرة، ومن العزيز الحكيم العزة والحكمة ، ومن الكريم العظيم الكرم والعظمة ، لكن لا يجوز أن نشتق من صفات الذات والأفعال أسماء رب العزة والجلال ، فقد وصف الله نفسه بالإرادة والاستواء والكلام والنزول والجلال والانتقام وأنه يؤتي وينزع ويعز ويذل ويخفض ويرفع ويبديء ويعيد ويقضي ويكتب لكن لا يجوز لنا أن نشتق له من هذه الصفات المريد والمستوى والمتكلم والنازل والجليل والمنتقم والمؤتي والمنزع والمعز والمذل والخافض والرافع والمبديء والمعيد والقاضي والكاتب .
ومن الخطأ أن نسمى الله بهذه الأسماء أو بعضها ، ومن فعل ذلك فقد سمى ربه بما لم يسم به نفسه في كتابه أو في سنة رسوله ، فأسماء الله الحسنى بإجماع السلف الصالح توقيفية على النص ؛ لا بد فيها من أدلة قرآنية ، أو ما صح عن رسول الله في السنة النبوية ، وليست أسماء الله مسألة عقلية اجتهادية يشتق فيها الإنسان لربه من أوصافه وأفعاله ما يشاء من الأسماء ، فكثير من العلماء جعلوا المرجعية في علمية الاسم واشتقاقه من الوصف إلى أنفسهم ، وليس إلى النص الثابت في الكتاب والسنة ، وهذا يعارض ما اتفق عليه أهل السنة والجماعة في كون الأسماء الحسنى توقيفية
وعلى ذلك فإن الأسماء الحسنى والصفات الذاتية وأصل الصفات الفعلية من جهة المشيئة والإمكانية هي في حقيقتها أزلية أبدية بأزلية الذات الإلهية ، وطالما أنه سبحانه ليس كمثله شيء في ذاته وأسمائه وصفاته ، وأن الاشتقاق في حقه ليس كالاشتقاق في حقنا ، فإن الأسماء الحسنى دالة على الصفات ومرتبطة بها ، والصفات يشتق الله لنفسه منها ما يشاء من الأسماء
فهذا حقه وفعله فيما يخصه ...
الوَكِيل :ـ
في اللغة هو القَيِّم الكَفِيل الذي تكفل بأرْزَاق العِبَاد ، وحَقِيقة الوكيل أنه يَسْتَقل بَأَمْر الموْكول إليه .
يقال : توكل بالأَمْر إذا ضَمِنَ القِيام به ، ووكلت أمْرِي إلى فلان أي ألْجَأته إليه واعْتَمدت فِيه عَليه ، ووكل فلان فلانا إذا اسْتَكفاه أَمْرَه ، إما ثقةً بِكفايَتِه أو عَجزا عن القيام بأمر نفسه ، ووكيلك في كذا إذا سلمته الأمر وتركته له وفوضته إليه واكتفيت به 1 ، فالتوكل قد يأتي بمعنى تولي الإشراف على الشيء ومراقبته وتعهده ومنه ما ورد عند البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ تَوَكَّلَ لِى مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ ، تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ) 2 ، وقد يأتي التوكل بمعنى الاعتماد على الغير والركون إليه ومنه ما ورد في قوله تعالى:وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق/3] ، وربما يفسر الوكيل بالكفيل ، والوكيل أعم لأن كل كفيل وكيل وليس كل وكيل كفيلا ، وعند الترمذي وصححه الألباني من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا) 3 .
والوكيل سبحانه هو الذي توكل بالعالمين خلقا وتدبيرا ، وهداية وتقديرا ، فهو المتوكل بخلقه إيجاد وإمدادا كما قال تبارك وتعالى : } ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ { [الأنعام:102]
وقال تعالى :
} اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ { [الزمر:62]
وقال تعالى في سورة هود :
}إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا { [هود:56] ، فالوكيل الكفيل بأرزاق عباده ومصالحهم 4 .
وهو سبحانه وكيل المؤمنين الذين جعلوا اعتقادهم في حوله وقوته ، وخرجوا من حولهم وطولهم وآمنوا بكمال قدرته ، وأيقنوا أنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، فركنوا إليه في جميع أمورهم ، وجعلوا اعتمادهم عليه في سائر حياتهم ، وفوضوا إليه الأمر قبل سعيهم ، واستعانوا به حال كسبهم ، وحمدوه بالشكر بعد توفيقهم ، والرضا بالمقسوم بعد ابتلائهم قال تعالى :
} إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ { [الأنفال:2]
وقال سبحانه في وصف المؤمنين :
} الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ { [آل عمران:173]
وقال تعالى لنبيه:
} وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً { [الأحزاب:48]
وقال تعالى : } رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً { [المزمل:9] 5.
ويذكر ابن القيم أن توكيل العبد ربه يكون بتفويضه نفسه إليه وعزلها عن التصرف إلا بإذنه يتولي شئون أهله ووليه ، وهذا هو عزل النفس عن الربوبية وقيامها بالعبودية وهو معنى كون الرب وكيل عبده أي كافيه والقائم بأموره ومصالحه لأنه ينوب عنه في التصرف ، فوكالة الرب عبده أمر وتعبد وإحسان له وخلعة منه عليه لا عن حاجة منه وافتقار إليه ، وأما توكيل العبد ربه فتسليم لربوبيته وقيام بعبوديته 6 .
(2) البخاري في المحاربين ، باب فضل من ترك الفواحش 6/2497 (6422) .
(3) الترمذي في الزهد ، باب في التوكل على الله 4/573 (2344) .
(4) زاد المسير 1/ 505 .
(5)انظر شرح أسماء الله للرازي ص282 ، والمقصد الأسنى ص114 .
(6)مدارج السالكين 2/127 بتصرف .
(3) الترمذي في الزهد ، باب في التوكل على الله 4/573 (2344) .
(4) زاد المسير 1/ 505 .
(5)انظر شرح أسماء الله للرازي ص282 ، والمقصد الأسنى ص114 .
(6)مدارج السالكين 2/127 بتصرف .
تعليق