وأخيرًا:
تعالَوْا لنأخذ لَمْحَةً يَسِيرة عن بعض المشاعر التي ظهرت في هذا الزواج الميمون من خلال الحبِّ والفخْر والغَيْرَة عند السيِّدة الفاضلة، إن الحب الجمَّ والفخر والغيرة شواهد ودلائل صدق على مثاليَّة هذا الزواج المبارَك؛ فقد ثبَتَ أن السيدة عائشة - رضي الله عنها - المبارَكة الطاهِرَة الواعِيَة العالِمَة كانت تحبُّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حبًّا جمًّا، وتفتَخِر على نساء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بمكانتها عنده؛ لأنه لم يتزوَّج بكرًا غيرها، وتَغار على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - غَيْرَةً شديدة، وهذه دلائل وشواهد صدْق على مِثالِيَّة هذا الزواج؛ لأن المرأة لا تفعل ذلك مع الرجل إلا لِمَا له من قيمة ومكانة سامِيَة، ومنزلة في قومه عالِيَة، ولما فيه من أخلاق وصفات وعظمة، ويَنتَفِي مع هذا أن تكون تألَّمت في هذا الزوج لحظةً من زمن، أو شعرت فيه بأدنى ندَم وألَم، وكأنَّ الطاهِرَة تردُّ بهذا على كلِّ مستغرب أو مُعتَرِضٍ على هذا الزواج قائلة: ما لكم ورسول الله الحبيب؟! ما لكم ورسول الله صاحب الخلق العظيم؟! وما لكم لا تشعرون بفرحتي وسعادتي، وفخري وعِزِّي، وطمأنينة قلبي بزواجه مِنِّي؟! وما لكم أقحمتم أنفسكم فيما لا تفهمون، وقلتم ما لا تعرفون؟!
وممَّا ورد في غَيْرَتِها أَنَّها - رضِي الله عنها - حدثت أَنَّ رسولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - خرج من عندها ليلاً، قالت: فغِرْتُ عليه - أي: فجاءتني الغَيْرَة على خروجه من عندي فاضطربت أفعالي وتغيَّرت أحوالي - فجاء فرأى ما أصنع فقال: ((ما لكِ يا عائشة؟ أغِرتِ؟))، فقلت: وما لي لا يَغار مثلي على مثلك؛ أخرجه مسلم؛ والمعنى: أي: كيف لا يَغار مَن هو على صفتي من المحبَّة ولها ضرائر على مَن هو على صفتك من النبوَّة والمنزلة من الله تعالى؟!
تعليق