سأل أحد الصحابة رسول الله عن نزول هذه الآية"يوم تبدل السموات و الأرض" ... أين سنكون؟ .... قال الرسول صلى الله عليه وسلم "سنكون على الصراط" ...
وقت المرور علي الصراط لا يوجد إلا ثلاث أماكن فقط : جهنم والعياذ بالله ، الجنة ، والصراط ...يقول الرسول صل الله عليه و سلم : "يكون أول من يجتاز الصراط أنا و أمتي".
تعريف الصراط :
---------
"يوم تبدل السموات و الأرض" ، لن يكون سوى مكانين الجنة والنار ، ولكي تصل إلي الجنة يجب أن تعدي جهنم ، فيُنصب جسر فوق جهنم إسمه "الصراط" بعرض جهنم كلها إذا مررت عليه وصلت لنهايته ووجدت باب الجنة أمامك ورسول الله صل الله عليه وسلم واقفاً يستقبل أهل الجنة ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم "فيضرب بالصراط بعرض جهنم".
مواصفات الصراط :
-----------
1. أدق (أرفع) من الشعرة.
2. أحد من السيف.
3. شديد الظلمة تحته جهنم سوداء مظلمة "تكاد تمييز من الغيظ"
4. حامل ذنوبك كلها مجسمة علي ظهرك فتجعل المرور بطيئاً لأصحابها إذا كانت كثيرة والعياذ بالله أو سريعاً كالبرق إذا كانت خفيفة فقد قال الله عز وجل: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون}سورة النحل آية رقم 25.
5. عليه كلاليب (خطاطيف) وشوك مدبب تجرح القدم وتخدشها (تكفير ذنب الكلمة الحرام والنظرة الحرام...ألخ) ، فقد قال الله عز وجل : { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } سورة الإسراء من آية رقم 13 حتي 14.
6. سماع أصوات صراخ عالي لكل من تزل قدمه ويسقط في قاع جهنم ، قال الله تعالى { إنها ترمى بشرر كالقصر *كأنه جمالات صفر * ويل يومئذ للمكذبين * هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون * ويل يومئذ للمكذبين } سورة المرسلات من آية رقم 32 حتي 38 ، وشرر : جمع شرارة وهي ما يتطاير من النار ، والقصر : شرارة كالبناء العظيم في الحجم والإرتفاع .. والرسول عليه الصلاة و السلام واقفاً في نهاية الصراط عند باب الجنة يراك تضع قدمك على أول الصراط ويدعو لك قائلاً "يا رب سلم ... يا رب سلم".
أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تذكرت يوم القيامة فبكت فسألها الرسول صلى الله عليه و سلم "ماذا بك يا عائشة؟" ، فقالت : "تذكرت يوم القيامة فهل سنذكر أبائنا؟؟ هل سيذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة ؟؟؟ .. قال الرسول صل الله عليه وسلم: "نعم إلا في ثلاث مواضع عند الميزان - عند تطاير الصحف - عند الصراط" ، قال الله عز وجل : { فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } سورة عبس من آية رقم 34 حتي 37.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والصراط منصوب على متن جهنم ، وهو الجسر الذي بين الجنة والنار ، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم ، فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كالفرس الجواد ، ومنهم كركاب الإبل ، ومنهم من يعدو عدواً ، ومنهم من يمشي مشياً ، ومنهم من يزحف زحفاً ، ومنهم من يُخطف ويلقى في جهنم ، فإن الجسر عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم ، فمن مر على الصراط دخل الجنة.قال تعالى: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } سورة مريم : 71 ـ 72. والمراد بالورود هنا المرور على الصراط. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال :قال رسول الله صل الله عليه وسلم : ( يضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل ، وكلام الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم... الحديث) رواه البخاري ومسلم. وقد روي أن الله يلقي على الناس يوم القيامة ظلمة حالكة السواد، فلا يستطيع أحد في أرض الموقف أن يخطو خطوة واحدة إلا بنور ، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ( فمنهم من يكون نوره كالجبل ، ومنهم من يكون نوره كالنخلة ، ومنهم من
يكون نوره كالرجل القائم ، ومنهم من يكون نوره على إبهامه يتقد مرة وينطفئ مرة وهذا أقلهم نوراً ، ومنهم من تحوطه الظلمة من كل ناحية ) رواه أحمد وصححه الألباني.
ما أشد هول هذا الموقف ، ويا له من مفزع للقلوب ، حتى أن الرسل عليهم السلام لا يزيدون على قول : اللهم سلم سلم. وما أحوجنا إلى تأمل هذا الموقف ، حتى نتدارك ما نحن فيه من تقصير. مرور على جسر منصوب فوق جهنم ، وعلى الجسر كلاليب عظيمة تخطف الناس وتلقيهم في النار ، ولا يستطيع المرء الحركة إلا بنور ، وسرعة الحركة وحجم النور تكون حسب عمل كل شخص. نعم بحسب إكثاره من أعمال الإستغفار والتسبيح والخير التي كثيرا ما تكاسلنا عنها وفرطنا فيها ، وبحسب اجتنابه للمعاصي التي كثيرا ما تجرأنا عليها وتساهلنا فيها.
أخوتي كلما أحسست بتكاسل عن فريضة أو عمل صالح ، فلنتذكر حاجتك له عند المرور على الصراط ، وكلما دعتنا أنفسنا لمعصية ، فلنتذكر هذا الموقف.
أستغفر الله العظيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ...
تعليق