بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، هذه وقفة مع درس من دروس سورة الأعراف وهي بعنوان
لماذا حقد إبليس على آدم ؟
في قوله تعالى :
﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ ( سورة الأعراف ) .
1 – هذا ما يفعله الحقد :
حينما عصى إبليس ربه ، وأبى أن يسجد لآدم ، وكان عند الله من الصاغرين ، كفعل أي مشرك حقد على آدم حقداً شديداً .
لذلك تمنى على الله أن يؤخر أجله إلى يوم القيامة ، حتى ينتقم من آدم وذريته من بعده ، فعلة أنه طلب من الله عز وجل أي يؤخر أجله إلى يوم القيامة كي ينتقم من آدم ، ومن ذريته جميعاً .
2 – المؤمنُ لا يحقد :
وهذا الموضوع يوقفنا عند نقطة : أن المؤمن موحد يرى أن الله عز وجل هو الفعال ، لذلك لا يحقد على بني البشر ، ذلك أن الله عز وجل يقول :
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ ( سورة لقمان ) .
الصبر يحتاج إلى إيمان ، وإلى إرادة ، لكن آية أخرى تلفت النظر :
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ ( سورة الشورى ) .
فائدة جليلة :
اللام لام التوكيل ، وهناك لام المزحلقة ، وهما توكيدان ، فما الفرق بين الآيتين ؟ سأوضح لكم بمثل :
لو أن أباً عنده ابن يحبه حباً جماً ، وقع من الشرفة فنزل ميتاً ، ليس هناك في بني البشر من يحقد عليه ، هذا قضاء وقدر من الله مباشرة ، أما حينما ـ لا سمح الله ولا قدر ـ يدهس سائق ابنه فهناك إنسان يمكن أن يصب جام غضبه عليه ، يمكن أن يحقد عليه ، لذلك جاء الصبر .
إذا كان قضاء الله وقدره على يد إنسان يحتاج إلى صبر أشد ، وإلى إيمان أشد ، وإلى إرادة اشد ، لذلك قال : ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ ﴾ ، يعني على قضاء الله وقدره ، ﴿ وَغَفَرَ ﴾ لمن أجري القضاء على يديه ، ﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ .
فإبليس حينما كان عند الله من الصاغرين ، وكان كما تروي بعض الكتب متفوقاً قبل أن يؤمر بالسجود ، فحينما طرده الله من رحمته حقد على آدم ، لذلك قال :
﴿ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ ( سورة الحجر ) .
والله عز وجل قال له :
﴿ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾ ( سورة الأعراف ) .
تعليق