الفكر الفلسفي في بلاد ما بين النهرين
بقلم اسحق قومي
بلاد ما بين النهرين بلادٌ واسعة الإرجاء متنوعة التضاريس، تمتد من جنوب العراق إلى أعالي منابع الفرات ودجلة وجميع الأرض التي بينهما تُسمى بلاد ما بين النهرين (موزوبوتاميا). ونستطيع أن نقسمها إلى ثلاثة أقسام. القسم الجنوبي (سومر وأكاد وبابل) وفي الوسط أشور ونينوى يُقابلها في الغرب (فدان آرام في العهد القديم).أما العليا فالأرض التي تُسمى هيكاري وطور عبدين وديار بكر وحتى حران والرها (أورفا أو أُديسا).
وقد قامت على هذه الأرض أقدم الحضارات.بدءاً من الحضارة السومرية واختراع الكتابة الأولى ، إلى الحضارة البابلية الأولى(العلوم الفلكية والحساب)، والحضارة الآشورية والآرامية والكلدانية. فماذا أنتج ذاك الشعب الذي عاش على تلك الأرض من فكرٍ وعلوم ؟! يقر أرنولد توينبي أنَّ بلاد ما بين النهرين هي مهد الحضارات القديمة، وأن الإنسان وجد على هذه الأرض منذ خُلق الإنسان، فقد دلت الحفريات الأثرية التي تمت على مدى ما يقرب من مائة عام وجود مجتمع بشري متقدم ومتحضر على هذه الأرض. وقد تمتع ذاك الإنسان بفكرٍ خلق اللغة والفلسفة وجميع العلوم التي قد نرى فيها تألقه في جميع مجالات الحياة الأرضية والسماوية ، واستطاع أن يتجاوز الذات إلى دراسة كنه الأشياء والموجودات والعوالم والمجرات والنجوم وغيرها.
سنمر على مجموعة الفكر الفلسفي في بلاد ما بين النهرين ذاكرين أهم القوانين والأنظمة والتشريعات التي قام بوضعها لأول مرةٍ، أنهُ (أورنامو) الذي سبق حمورابي في هذا المجال، لكن حمورابي يأتي ويطورها ويضعها في سياقها التاريخي والاجتماعي، وحمورابي هو الملك البابلي الشهير مؤسس الدولة البابلية حيث تولى العرش على بابل في الحقبة الممتدة ما بين عامي (1792و1750) قبل الميلاد . وهو الملك السادس في السلالة العمورية (الآرامية) التي حكمت بابل لمدة ثلاثة قرون، وسلالة حمورابي تنحدر من أعالي نهر الخابور ومن مدينة جوزان (غويزانا أو تل حلف اليوم). وقد حكم حمورابي حوالي 42 عاماً، وهو القائل: أنَّ الآلهة قد نابتني لأمنع الأقوياء من أن يظلموا الضعفاء وانشر النور في الأرض، وأرعى مصالح الخلق. وأما معنى اسمه ذو الفم العظيم وحمو اسم إله أموري أيضاً.
أما قوانينه فقد وضعها في السياسة الداخلية والأسس التشريعية لإقامة نظام الحياة الاجتماعية ضمن دولتهِ، وهي محفورة على نصب من الحجر البازلتي، والنسخة الأصلية موجودة في متحف اللوفر بباريس كما يوجد في متحف بوشكين في موسكو صورة طبق الأصل عنها، أكتشفها العالم الأثري (دوموغان) سنة 1901م في سوسة منقوشة على حجر الديوريت الأسود يبلغ طولها 255سم وعرضها 190سم. وفي أعلى النصب نقش بارز يظهر حمورابي واقفاً أمام عرش إله الشمس(شماش) جالساً على عرشه والذي كان يُعتبر إله العدالة ومصدر التشريع…ويبلغ عدد مواد قوانين حمورابي 300مادة. وتتناول أمور الزراعة والتجارة والحياة الاجتماعية والعائلية والعلاقات الفردية والعقوبات لمختلف أنواع الجنح والجرائم وكانت تلك القوانين الأساس الذي بنت عليها البشرية فيما بعد تشريعاتها، وقد وجدتُ نسخة غير أصلية في متحف برلين عندما زرت المتحف عام 1996م.
وإذا كنا قد بدأنا في القانون وأول من صاغ مواده ونظمها لمعالجة المشاكل الحياتية في بلاد مابين النهرين،فهذا لا يعني أن القوانين والتشريعات الوضعية كانت أولى إبداعات الفكر البيت نهريني،فقد فكر الإنسان ومن خلال خوفه من المجهول ومجموعة الأوامر الأبوية، فكر في خلق آلهة لهُ كي يعبدها، وليس أكثر من الآلهة التي خلقها الفكر البيت نهريني، إنما يتوصل في النهاية إلى إله واحد عبر مدرسة إريدو أبو شهرين الحالية ( والتي تخرج منها (إبراهيم الخليل) الذي منه يعقوب واسحق وإسماعيل، وإذا نورد أسماء الآلهة إنما نريد أن نتعرف إلى نوع العبادات التي هي جزء من الفكر الذي عرفه شعب بلاد مابين النهرين.
بقلم اسحق قومي
بلاد ما بين النهرين بلادٌ واسعة الإرجاء متنوعة التضاريس، تمتد من جنوب العراق إلى أعالي منابع الفرات ودجلة وجميع الأرض التي بينهما تُسمى بلاد ما بين النهرين (موزوبوتاميا). ونستطيع أن نقسمها إلى ثلاثة أقسام. القسم الجنوبي (سومر وأكاد وبابل) وفي الوسط أشور ونينوى يُقابلها في الغرب (فدان آرام في العهد القديم).أما العليا فالأرض التي تُسمى هيكاري وطور عبدين وديار بكر وحتى حران والرها (أورفا أو أُديسا).
وقد قامت على هذه الأرض أقدم الحضارات.بدءاً من الحضارة السومرية واختراع الكتابة الأولى ، إلى الحضارة البابلية الأولى(العلوم الفلكية والحساب)، والحضارة الآشورية والآرامية والكلدانية. فماذا أنتج ذاك الشعب الذي عاش على تلك الأرض من فكرٍ وعلوم ؟! يقر أرنولد توينبي أنَّ بلاد ما بين النهرين هي مهد الحضارات القديمة، وأن الإنسان وجد على هذه الأرض منذ خُلق الإنسان، فقد دلت الحفريات الأثرية التي تمت على مدى ما يقرب من مائة عام وجود مجتمع بشري متقدم ومتحضر على هذه الأرض. وقد تمتع ذاك الإنسان بفكرٍ خلق اللغة والفلسفة وجميع العلوم التي قد نرى فيها تألقه في جميع مجالات الحياة الأرضية والسماوية ، واستطاع أن يتجاوز الذات إلى دراسة كنه الأشياء والموجودات والعوالم والمجرات والنجوم وغيرها.
سنمر على مجموعة الفكر الفلسفي في بلاد ما بين النهرين ذاكرين أهم القوانين والأنظمة والتشريعات التي قام بوضعها لأول مرةٍ، أنهُ (أورنامو) الذي سبق حمورابي في هذا المجال، لكن حمورابي يأتي ويطورها ويضعها في سياقها التاريخي والاجتماعي، وحمورابي هو الملك البابلي الشهير مؤسس الدولة البابلية حيث تولى العرش على بابل في الحقبة الممتدة ما بين عامي (1792و1750) قبل الميلاد . وهو الملك السادس في السلالة العمورية (الآرامية) التي حكمت بابل لمدة ثلاثة قرون، وسلالة حمورابي تنحدر من أعالي نهر الخابور ومن مدينة جوزان (غويزانا أو تل حلف اليوم). وقد حكم حمورابي حوالي 42 عاماً، وهو القائل: أنَّ الآلهة قد نابتني لأمنع الأقوياء من أن يظلموا الضعفاء وانشر النور في الأرض، وأرعى مصالح الخلق. وأما معنى اسمه ذو الفم العظيم وحمو اسم إله أموري أيضاً.
أما قوانينه فقد وضعها في السياسة الداخلية والأسس التشريعية لإقامة نظام الحياة الاجتماعية ضمن دولتهِ، وهي محفورة على نصب من الحجر البازلتي، والنسخة الأصلية موجودة في متحف اللوفر بباريس كما يوجد في متحف بوشكين في موسكو صورة طبق الأصل عنها، أكتشفها العالم الأثري (دوموغان) سنة 1901م في سوسة منقوشة على حجر الديوريت الأسود يبلغ طولها 255سم وعرضها 190سم. وفي أعلى النصب نقش بارز يظهر حمورابي واقفاً أمام عرش إله الشمس(شماش) جالساً على عرشه والذي كان يُعتبر إله العدالة ومصدر التشريع…ويبلغ عدد مواد قوانين حمورابي 300مادة. وتتناول أمور الزراعة والتجارة والحياة الاجتماعية والعائلية والعلاقات الفردية والعقوبات لمختلف أنواع الجنح والجرائم وكانت تلك القوانين الأساس الذي بنت عليها البشرية فيما بعد تشريعاتها، وقد وجدتُ نسخة غير أصلية في متحف برلين عندما زرت المتحف عام 1996م.
وإذا كنا قد بدأنا في القانون وأول من صاغ مواده ونظمها لمعالجة المشاكل الحياتية في بلاد مابين النهرين،فهذا لا يعني أن القوانين والتشريعات الوضعية كانت أولى إبداعات الفكر البيت نهريني،فقد فكر الإنسان ومن خلال خوفه من المجهول ومجموعة الأوامر الأبوية، فكر في خلق آلهة لهُ كي يعبدها، وليس أكثر من الآلهة التي خلقها الفكر البيت نهريني، إنما يتوصل في النهاية إلى إله واحد عبر مدرسة إريدو أبو شهرين الحالية ( والتي تخرج منها (إبراهيم الخليل) الذي منه يعقوب واسحق وإسماعيل، وإذا نورد أسماء الآلهة إنما نريد أن نتعرف إلى نوع العبادات التي هي جزء من الفكر الذي عرفه شعب بلاد مابين النهرين.
تعليق