يتعلق هذا الموضوع ببيئة دفن الآثار في مواقع الحفائر المختلفة ، وما تمثلة دراسة هذه البيئة من أهمية في معايشتها بما تحويه من آثار وظروفها المختلفة المحيطة بها ، ولذلك فإن الأمر يدعونا لأن نشير إلي أهمية ذلك العلم والعمل الذي يجري للكشف عما تحويه هذه البيئة ، ونقصد بذلك علم الحفائر Excavation والذي تبدأ قصته منذ أن حاول الإنسان التعرف علي حضارة وتاريخ من عاشوا في عصور غابرة .
وقد يظن البعض أن التنقيب عن الآثار هو لمجرد الحفر الدائب المغني في سبيل الحصول علي أثار ثمينة أو تحفاً جميلة تدر علي مكتشفيها صيتاً وغنى ، والحق يقال أن الحفائر الأثرية كانت قبل نحو مائة عام تهدف إلي البحث عن الكنوز ، غير أن علم الآثار بمدلوله الحديث يختلف عن ذلك اختلافا بيناً ، فهو يرتبط بأمرين هامين :
أولهما : أعمال الحفر والتنقيب واستخراج الآثار وتسجيل أوصافها وصيانتها .
وثانيهما : استخدام هذه الآثار في إلقاء أضواء جديدة علي الحضارة الإنسانية الماضية وتطورها واستنباط التاريخ منها .
ولقد قال أحد العلماء " إن علم الآثار لا يحفر ولا ينقب عن أشياء ولكنه يبحث في باطن الأرض عن الإنسان " وقال آخر إن هدف علم الآثار والحفائر الكشف عن تطور الحضارة الإنسانية وأن يبرز ويوضح خطي هذا التطور " .
وليكن معروفاً أن علم الآثار ليس هو أعمال الحفائر فقط ، ذلك أنهم يقولون إن الجاروف spad وهو معول الحفار ليس بأهم وأخطر من القلم ، إلا أن الأخير يصير لا حول له ولا قوة بدون الجاروف ، وعلية فإنه يصبح في ذات الوقت علم متخصص ، ذلك أن النتائج العلمية المهمة في عالم الآثار لا تتأتى إلا عن طريق الحفائر والمكتبة وخلوة البحث والاستنتاج والتحليل .
وعلم الحفائر من العلوم المرتبطة بعلوم التاريخ والآثار والهندسة والجيولوجيا 000 الخ من العلوم الفنية والتطبيقية ، أما علاقته بعلم ترميم الآثار وصيانتها فهي علاقة وثيقة ، ذلك أن مهمة الحفار هي الكشف عن الآثار ، أما المرمم فدوره يبدأ في موقع الكشف عن الأثر ويمتد إلى ما بعد ذلك إلى أن يتأكد من سلامة الأثر وصيانته تماماً .
مسيرة الآثار في حقل الحفائر : -
يمر مسار القطع في حقل الحفريات بسلسلة من المراحل الوجوبية وهي الكشف عن الأثار ، التسجيل ، الرفع ، الغسل ، الغربلة ، وضع العلامات ، التهيئة ، النقل .
إذا اعتبرنا أن الهدف الأمثل للأبحاث هو بالفعل أن تكون لدينا مادة يمكن إعادة وضعها بالضبط في نفس الظروف التي كانت موجودة عليها قبل الكشف عنها ، وهذا هو ما يرنو إليه أي تسجيل أبعادي أو مسح أو رفع بالتصوير الفوتوغرافي أو رسومات تخطيطية ، إلخ .
مخيم الحفرية :-
ينبغي علي رئيس الحفرية والمشرف عليها – منذ وصوله للمنطقة التي سيجري فيها التنقيب – اختيار موقع ليقيم عليه مخيم الحفرية . فلو كانت منطقة الحفر بعيدة عن جميع الأماكن المعمورة التي يتوفر فيها وجود مبان للإقامة فيها ، وجب عليه إقامة مخيم قريبا من منطقة الحفر . وعليه أن يعمل علي تجهيزه بكل وسائل الراحة للمشتغلين بعمليات التنقيب وخاصة إن كان موسم الحفرية سيطول بضعة أشهر .
وإذا كانت إقامة جميع أفراد البعثة في خيام ، فمن الأفضل أن تقام حجرة من الخشب أو الصاج المعرج وذات سقف مائل حتى لا تتجمع مياه الأمطار فوقه . ويكون للحجرة باب يحكم قفله بمزلاق وقفل متين ، وتستخدم مثل هذه الحجرة لوضع المكتشفات الأثرية فيها . ويحسن إقامة حجرة مماثلة ولكن ذات نافذة كبيرة توضع أمامها طاولة الرسم وتستخدم كمرسم أو كمعمل ، وخاصة لتحميض وطبع الصور بحيث تكون مجهزة بستائر سوداء لاحكام ظلمتها عند تحميض وطبع الأفلام والصور .
كما يجب أن تجهز الحفرية بأدوات وأدوية للإسعافات الأولية السريعة وخاصة بأمصال وجهاز للحقن للاستخدام ضد لسعة العقرب أو عض الثعبان ، وضد التسمم من جروح بسبب أدوات معدنية أو مسامير ، وما إلي ذلك .
ويجب أن تجهز حجرة المكتشفات واللقي الأثرية بخزانة حديدية لحفظ الثمين من التحف ولحفظ المبالغ السائلة التي توجد بالحفرية خشية تعرضها للسرقة . كما يجب أن يدخل في الاعتبار تزويد المخيم بالإضاءة الكافية والضرورية ، إما بمد خط من تيار كهربائي أو بمصابيح الغاز أو بواسطة مولد كهربائي يعمل بالسولار مثلا .
ويجب أن تراعي النظافة العامة بالمخيم دائما خشية الأمراض والحشرات ، كما يجب أن يؤمن علي الأفراد الموجودين المشتركين في الحفرية بما في ذلك العمال ، ويؤمن علي المخيم ضد الحريق مثلا ، وضد الحوادث مع شركة تأمين مضمونة وذلك قبل البدء في الحفرية .
يعد علماء الآثار المعاصرون خبراء في دراسة الشعوب القديمة؛ على أساس البقايا المادية التي يعثر عليها حديثا. ويقوم علماء الآثار بإعداد خرائط دقيقة متقنة وصور تفصيلية توثق كافة جوانب حفائرهم. كما أنهم يعكفون على تحليل الظروف المناخية والبيئية في حقب الماضي؛ على أساس عينات من التربة والبقايا (المخلفات) النباتية والحيوانية. وهم يجمعون أيضا القطع؛ مثل الأدوات والفخار والحلي والأثاث. كما يفحص الأثريون كذلك المعالم؛ مثل أساسات المنازل وحفر الخزين وأكوام الرديم والمدافن. وتساعد هذه المعالم (والقرائن) الأثريين على تكوين فكرة واضحة عن جوانب الحياة التي عاشها القدماء؛ بما في ذلك أنظمتهم التجارية والاقتصادية والسياسية. ويمكن الآن للأثريين تحليل الحمض الأميني المميز للصفات الوراثية؛ من الأنسجة الرخوة لمومياوات البشر والحيوانات: من أجل مزيد من المعلومات، عن الأطعمة والأعمار والصحة.
وللعثور على موقع أثري، فإن الأثريين يقومون بعملية استكشاف؛ بحثا عن دلائل (قرائن) من عوامل بيئية ضرورية للبقاء. ومن هذه العوامل: المياه والحماية الجغرافية وطرق التجارة القريبة. كما تأتي الاكتشافات، مصادفة، أثناء القيام بأنشطة زراعية أو إنشائية. ولقد أصبح بإمكان الأثريين، مؤخرا، الاعتماد في استكشافاتهم للمواقع على تقنيات حديثة: مثل صور الرادار والأقمار الصناعية.
ويعد الاهتمام بماضي قدماء المصريين حديثا نسبيا. فبعد انهيار الإمبراطوريات الفرعونية والإغريقية واليونانية، تعرضت المقابر والمعابد للنهب: بحثا عن كنوز، واستغلال أحجارها في البناء. وبدأت الاستكشافات الأثرية الأوربية في مصر بعد الغزو الفرنسي عام 1798م؛ بقيادة نابليون (بونابرت). فإضافة إلى جيشه، كان هناك نحو مائتي عالم مرافق؛ جاءوا لإجراء عمليات مسح وحفائر – في عموم مصر. وكانت تلك البعثات المبكرة هي التي حملت معها معظم القطع الأثرية إلى المتاحف الأوربية والأمريكية. وزاد الاهتمام بدراسة الآثار المصرية القديمة، ليتطور إلى "علوم المصريات"؛ خاصة بعد أن تمكن "جان فرانسوا شامبليون" من فك رموز الكتابة الهيروغليفية على حجر رشيد.
ولعل علم المصريات قد بدأ رسميا بأعمال الأثري الفرنسي "أوجست ماريت"، الذي اكتشف مقبرة العجل أبيس (في سقارة). ولقد أصبح "ماريت" مديرا لمصلحة الآثار، وكرس حياته لأعمال الحفائر وحفظ آثار مصر. وساعد "ماريت" في إقامة المتحف المصري بالقاهرة؛ من أجل عرض الآثار والكنوز المصرية. وواصل "شارل ماسبيرو"أعمال "ماريت"، كمدير عام لمصلحة الآثار: من عام 1881 إلى عام 1914.
وبحلول القرن التاسع عشر، تأسس النشاط الأثري كعلم للآثار. ولم تعد الحفائر الأثرية مجال نشاط يهدف إلى نهب المقابر وجمع القطع الأثرية؛ وإنما أصبح علما يهدف إلى اكتساب المعرفة العلمية عن الحضارات القديمة. وطبق علماء المصريات، أمثال "وليام فليندرز بيتري" الوسائل العلمية في إجراء الحفائر الأثرية. وكان من بين تلاميذ "بيتري" عالم المصريات الشهير "هوارد كارتر" الذي اكتشف مقبرة توت عنخ آمون؛ يوم 26 نوفمبر من عام 1922.
وبينما كان الأثريون الأوائل، في الغالب، يهتمون بكشف المنشآت الضخمة ونقل الآثار إلى المتاحف؛ فإن "بيتري" أولى اهتماما خاصا بكسر الفخار (الشقافة) والأحجبة المكسورة والأدوات المنبوذة وغير ذلك من القطع (المنتجات) التي كانت تعد ضربا من النفايات والمهملات. وبذلك برهن "بيتري" على إمكانية تعلم الكثير من تلك القطع؛ بربطها بالمحتوى الذي وجدت فيه: وإن كثيرا من ابتكاراته هي اليوم ممارسات عيارية أولية.
وقد يظن البعض أن التنقيب عن الآثار هو لمجرد الحفر الدائب المغني في سبيل الحصول علي أثار ثمينة أو تحفاً جميلة تدر علي مكتشفيها صيتاً وغنى ، والحق يقال أن الحفائر الأثرية كانت قبل نحو مائة عام تهدف إلي البحث عن الكنوز ، غير أن علم الآثار بمدلوله الحديث يختلف عن ذلك اختلافا بيناً ، فهو يرتبط بأمرين هامين :
أولهما : أعمال الحفر والتنقيب واستخراج الآثار وتسجيل أوصافها وصيانتها .
وثانيهما : استخدام هذه الآثار في إلقاء أضواء جديدة علي الحضارة الإنسانية الماضية وتطورها واستنباط التاريخ منها .
ولقد قال أحد العلماء " إن علم الآثار لا يحفر ولا ينقب عن أشياء ولكنه يبحث في باطن الأرض عن الإنسان " وقال آخر إن هدف علم الآثار والحفائر الكشف عن تطور الحضارة الإنسانية وأن يبرز ويوضح خطي هذا التطور " .
وليكن معروفاً أن علم الآثار ليس هو أعمال الحفائر فقط ، ذلك أنهم يقولون إن الجاروف spad وهو معول الحفار ليس بأهم وأخطر من القلم ، إلا أن الأخير يصير لا حول له ولا قوة بدون الجاروف ، وعلية فإنه يصبح في ذات الوقت علم متخصص ، ذلك أن النتائج العلمية المهمة في عالم الآثار لا تتأتى إلا عن طريق الحفائر والمكتبة وخلوة البحث والاستنتاج والتحليل .
وعلم الحفائر من العلوم المرتبطة بعلوم التاريخ والآثار والهندسة والجيولوجيا 000 الخ من العلوم الفنية والتطبيقية ، أما علاقته بعلم ترميم الآثار وصيانتها فهي علاقة وثيقة ، ذلك أن مهمة الحفار هي الكشف عن الآثار ، أما المرمم فدوره يبدأ في موقع الكشف عن الأثر ويمتد إلى ما بعد ذلك إلى أن يتأكد من سلامة الأثر وصيانته تماماً .
مسيرة الآثار في حقل الحفائر : -
يمر مسار القطع في حقل الحفريات بسلسلة من المراحل الوجوبية وهي الكشف عن الأثار ، التسجيل ، الرفع ، الغسل ، الغربلة ، وضع العلامات ، التهيئة ، النقل .
إذا اعتبرنا أن الهدف الأمثل للأبحاث هو بالفعل أن تكون لدينا مادة يمكن إعادة وضعها بالضبط في نفس الظروف التي كانت موجودة عليها قبل الكشف عنها ، وهذا هو ما يرنو إليه أي تسجيل أبعادي أو مسح أو رفع بالتصوير الفوتوغرافي أو رسومات تخطيطية ، إلخ .
مخيم الحفرية :-
ينبغي علي رئيس الحفرية والمشرف عليها – منذ وصوله للمنطقة التي سيجري فيها التنقيب – اختيار موقع ليقيم عليه مخيم الحفرية . فلو كانت منطقة الحفر بعيدة عن جميع الأماكن المعمورة التي يتوفر فيها وجود مبان للإقامة فيها ، وجب عليه إقامة مخيم قريبا من منطقة الحفر . وعليه أن يعمل علي تجهيزه بكل وسائل الراحة للمشتغلين بعمليات التنقيب وخاصة إن كان موسم الحفرية سيطول بضعة أشهر .
وإذا كانت إقامة جميع أفراد البعثة في خيام ، فمن الأفضل أن تقام حجرة من الخشب أو الصاج المعرج وذات سقف مائل حتى لا تتجمع مياه الأمطار فوقه . ويكون للحجرة باب يحكم قفله بمزلاق وقفل متين ، وتستخدم مثل هذه الحجرة لوضع المكتشفات الأثرية فيها . ويحسن إقامة حجرة مماثلة ولكن ذات نافذة كبيرة توضع أمامها طاولة الرسم وتستخدم كمرسم أو كمعمل ، وخاصة لتحميض وطبع الصور بحيث تكون مجهزة بستائر سوداء لاحكام ظلمتها عند تحميض وطبع الأفلام والصور .
كما يجب أن تجهز الحفرية بأدوات وأدوية للإسعافات الأولية السريعة وخاصة بأمصال وجهاز للحقن للاستخدام ضد لسعة العقرب أو عض الثعبان ، وضد التسمم من جروح بسبب أدوات معدنية أو مسامير ، وما إلي ذلك .
ويجب أن تجهز حجرة المكتشفات واللقي الأثرية بخزانة حديدية لحفظ الثمين من التحف ولحفظ المبالغ السائلة التي توجد بالحفرية خشية تعرضها للسرقة . كما يجب أن يدخل في الاعتبار تزويد المخيم بالإضاءة الكافية والضرورية ، إما بمد خط من تيار كهربائي أو بمصابيح الغاز أو بواسطة مولد كهربائي يعمل بالسولار مثلا .
ويجب أن تراعي النظافة العامة بالمخيم دائما خشية الأمراض والحشرات ، كما يجب أن يؤمن علي الأفراد الموجودين المشتركين في الحفرية بما في ذلك العمال ، ويؤمن علي المخيم ضد الحريق مثلا ، وضد الحوادث مع شركة تأمين مضمونة وذلك قبل البدء في الحفرية .
يعد علماء الآثار المعاصرون خبراء في دراسة الشعوب القديمة؛ على أساس البقايا المادية التي يعثر عليها حديثا. ويقوم علماء الآثار بإعداد خرائط دقيقة متقنة وصور تفصيلية توثق كافة جوانب حفائرهم. كما أنهم يعكفون على تحليل الظروف المناخية والبيئية في حقب الماضي؛ على أساس عينات من التربة والبقايا (المخلفات) النباتية والحيوانية. وهم يجمعون أيضا القطع؛ مثل الأدوات والفخار والحلي والأثاث. كما يفحص الأثريون كذلك المعالم؛ مثل أساسات المنازل وحفر الخزين وأكوام الرديم والمدافن. وتساعد هذه المعالم (والقرائن) الأثريين على تكوين فكرة واضحة عن جوانب الحياة التي عاشها القدماء؛ بما في ذلك أنظمتهم التجارية والاقتصادية والسياسية. ويمكن الآن للأثريين تحليل الحمض الأميني المميز للصفات الوراثية؛ من الأنسجة الرخوة لمومياوات البشر والحيوانات: من أجل مزيد من المعلومات، عن الأطعمة والأعمار والصحة.
وللعثور على موقع أثري، فإن الأثريين يقومون بعملية استكشاف؛ بحثا عن دلائل (قرائن) من عوامل بيئية ضرورية للبقاء. ومن هذه العوامل: المياه والحماية الجغرافية وطرق التجارة القريبة. كما تأتي الاكتشافات، مصادفة، أثناء القيام بأنشطة زراعية أو إنشائية. ولقد أصبح بإمكان الأثريين، مؤخرا، الاعتماد في استكشافاتهم للمواقع على تقنيات حديثة: مثل صور الرادار والأقمار الصناعية.
ويعد الاهتمام بماضي قدماء المصريين حديثا نسبيا. فبعد انهيار الإمبراطوريات الفرعونية والإغريقية واليونانية، تعرضت المقابر والمعابد للنهب: بحثا عن كنوز، واستغلال أحجارها في البناء. وبدأت الاستكشافات الأثرية الأوربية في مصر بعد الغزو الفرنسي عام 1798م؛ بقيادة نابليون (بونابرت). فإضافة إلى جيشه، كان هناك نحو مائتي عالم مرافق؛ جاءوا لإجراء عمليات مسح وحفائر – في عموم مصر. وكانت تلك البعثات المبكرة هي التي حملت معها معظم القطع الأثرية إلى المتاحف الأوربية والأمريكية. وزاد الاهتمام بدراسة الآثار المصرية القديمة، ليتطور إلى "علوم المصريات"؛ خاصة بعد أن تمكن "جان فرانسوا شامبليون" من فك رموز الكتابة الهيروغليفية على حجر رشيد.
ولعل علم المصريات قد بدأ رسميا بأعمال الأثري الفرنسي "أوجست ماريت"، الذي اكتشف مقبرة العجل أبيس (في سقارة). ولقد أصبح "ماريت" مديرا لمصلحة الآثار، وكرس حياته لأعمال الحفائر وحفظ آثار مصر. وساعد "ماريت" في إقامة المتحف المصري بالقاهرة؛ من أجل عرض الآثار والكنوز المصرية. وواصل "شارل ماسبيرو"أعمال "ماريت"، كمدير عام لمصلحة الآثار: من عام 1881 إلى عام 1914.
وبحلول القرن التاسع عشر، تأسس النشاط الأثري كعلم للآثار. ولم تعد الحفائر الأثرية مجال نشاط يهدف إلى نهب المقابر وجمع القطع الأثرية؛ وإنما أصبح علما يهدف إلى اكتساب المعرفة العلمية عن الحضارات القديمة. وطبق علماء المصريات، أمثال "وليام فليندرز بيتري" الوسائل العلمية في إجراء الحفائر الأثرية. وكان من بين تلاميذ "بيتري" عالم المصريات الشهير "هوارد كارتر" الذي اكتشف مقبرة توت عنخ آمون؛ يوم 26 نوفمبر من عام 1922.
وبينما كان الأثريون الأوائل، في الغالب، يهتمون بكشف المنشآت الضخمة ونقل الآثار إلى المتاحف؛ فإن "بيتري" أولى اهتماما خاصا بكسر الفخار (الشقافة) والأحجبة المكسورة والأدوات المنبوذة وغير ذلك من القطع (المنتجات) التي كانت تعد ضربا من النفايات والمهملات. وبذلك برهن "بيتري" على إمكانية تعلم الكثير من تلك القطع؛ بربطها بالمحتوى الذي وجدت فيه: وإن كثيرا من ابتكاراته هي اليوم ممارسات عيارية أولية.