عناصر الموضوع :
1. حكم الغناء والمعازف في الشريعة الإسلامية
2. أمثلة على الأغاني الإباحية
3. الغناء والاعتداء على العقيدة والتوحيد
4. أقسام كلمات الأغاني
5. الغناء وتلحين لفظ الجلالة
كلمات الأغاني في ميزان الشريعة:
إن الإباحية اليوم والانحلال قد طغتا على معظم الأمة؛ ومن أهم أسباب ذلك الأغاني والمجون والتغزل بالنساء من قبل الفنانين والفنانات، فقد عثر على كلمات فيها كفر وردة عن الدين، وشرك بالله وعبادة لغيره سبحانه، ولهذا أتى الشيخ بأمثلة ونماذج تبين ذلك الكفر البواح والارتداد عن الدِّين.
حكم الغناء والمعازف في الشريعة الإسلامية:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71]. إخواني: لقد عرفنا في بعض الخطب الماضية حكم الغناء في الإسلام، وأنه حرام حرام، وذكرنا الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة في تسميته سبحانه وتعالى للغناء بلهو الحديث الذي أقسم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه الغناء، وأن الله لما قال: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ [الإسراء:64] أن المفسرين قد ذكروا في صوت الشيطان أن منه الغناء. وكذلك سماه الله: (سموداً) فقال: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ [النجم:59-61]. فهو: الغناء بلغة حمير، من أهل اليمن ، وهو الصوت الأحمق الفاجر الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه، وكذلك هو الصوت الملعون، صوت المزمار الذي ذكره عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر. وكذلك فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد تأففوا منه، ولما مر ابن عمر بقومٍ يغنون وهم في حجٍ قال: [لا سمع الله لكم] وسد الصحابي أذنه لما مر بزمارة راعٍ احتياطاً منه رضي الله عنه، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك. وكذلك أخبر عليه الصلاة والسلام: (أن هذه الأمة ستستحل الحر والحرير والخمر والمعازف) وهو حديث صحيح بلا ريب. واستحلال الحر يعني: الزنا، وكذلك الخمر والمعازف معروفة؛ ما هي إلا أدوات الموسيقى المنتشرة التي تكون في كل مكان تقريباً. عباد الله: لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن قوماً من أمته سيبيتون على لهوٍ ولعب ومعازف، وأن الله تعالى سيخسف بهم ويسقط عليهم جبلاً يكونون تحته، ويمسخ منهم قردةً وخنازير؛ وكل هذا الوعيد يدل على تحريم ذلك. كذلك نهى صلى الله عليه وسلم عن الكوبة -وهي: الطبل- ونهى عن كسب الزمارة، وذكرنا كذلك كلام الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم في تحريم الغناء، وأنه يشتد إذا كان بصوت امرأة، ويشتد إذا رافقه معازف وصوت الموسيقى، وأن حضوره حرام، والاستئجار للمغني والمغنية حرام.. إلى آخر الكلام الذي مضى ذكره عن أهل العلم رحمهم الله تعالى في ذلك. ووعدنا بالكلام عن كلمات الأغاني في ميزان الشريعة. أيها الإخوة: لقد كنت أظن بُرهة من الزمن أن كلمات الأغاني فيها خطورة كبيرة، وفيها مخالفات شرعية كثيرة، ولكن لما طلبنا من بعض الإخوان أن يأتوننا بما يعرفون من كلمات الأغاني التي سمعوها فيما مضى من دهرهم وعمرهم.
خطر كلمات الأغاني:
وبعد المراجعات (المقرفة) لبعض دواوين المغنين، واستبياناً قمنا به مع بعض الشباب التائهين؛ تبين أن الأمر أخطر بكثيرٍ مما نتصور، والتصور السابق شيء وما يطلع عليه الإنسان في البحث شيء آخر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الخبر كالمعاينة) فإنك قد تسمع عن شيء لكن إذا رأيته بنفسك اختلفت النظرة عندك. لقد وجدت في كلمات الأغاني -بعد الفحص والمراجعة وما جلبه هؤلاء الإخوان- درجات الكفر بجميع أنواعه، والشرك الأكبر والأصغر والخفي، وأنواع المعاصي من الكبائر والصغائر، والمحادة لله ، وأريد أن أعرض لكم بعضاً مما اطلعت عليه ليكون في ذلك عبرة، ولنعلم -جميعاً- بأن قضية الأغاني ليست قضية طرب فقط -مع أن الطرب بها محرم- ولكنها قضية خطيرة، ومدخلٌ من مداخل إبليس لإدخال الشرك والكفر والانحلال إلى أوساط المسلمين. إن المسألة أخطر مما نتصور يا عباد الله! إن هذه الكلمات التي ترددها الأجيال؛ يرددها الصغار والكبار بهذه الأشرطة المنتشرة التي هي بالملايين بين الناس ذكوراً وإناثاً تخرب في النفوس تخريباً لا يعلم مداه إلا الله. وإني أستسمحكم وأستعذركم في ذكر بعض هذه الكلمات على منبر خطبة الجمعة؛ لأن المسألة فيها أشياء عجيبة من الكفر والانحلال.
أمثلة على الأغاني الإباحية:
لعلك تتصور نفسك وأنت تستمع لبعض هذه المقاطع أحياناً أنك في جو الأغنية، ولكن انقل لنفسك -أيها المسلم- وخصوصاً يا من تستمع إلى الأغاني إلى جو الكتاب والسنة، لتقارن بين هذا وبين ما هو موجود في كلام الرب والرسول صلى الله عليه وسلم.
مغنون لا يعرفون سبب وجودهم في الدنيا:
عباد الله: لقد وجدنا أن في كلمات الأغاني -التي يغنيها المشاهير من المغنين والمغنيات- كفراً صراحاً وردةً معلنة عن دين الله تعالى. كان مما غنوه قصيدة الشاعر النصراني:
جئت لا أعلم مـن أين ولكنـي أتيت
ولقد أبصرت قدامي طريـقاً فمشـيت
كيف أبصرت طـر يقي لسـت أدري
ولماذا لسـت أدري لســـت أدري
لقد غنوا الأغنيات ذات الأشعار التي تبين أنهم لا يعرفون سبب وجودهم في هذه الدنيا، ولا يعرفون أبعد هذا الموت بعثٌ أو نشور، أو أنه يكون هناك الإهمال والترك، وتكون هذه النهاية بكلماتها الفصحى وغير الفصحى، عبروا عنها في أغنياتهم، والله يقول: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].. أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115].. قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]. لقد وجدنا في كلمات الأغاني أن هؤلاء القوم يكتبون الكلمات ويغنونها ويلحنونها، فالشاعر كاتب الكلمات، والملحن لها، والمغني ثلاثة في النار، وهم شركاء في الإثم؛ لأنهم يقدمون هذا السم ويعرضونه. * تقول قائلتهم أم كلثوم التي طرب بها الملايين، وأعجبوا بها، واستمعوا الساعات الطوال: لبست ثوب العيش ولم أُستشر. * ويقول الآخر التافه الهالك: لو كنت أعلم خاتمتي ما كنت بدأت. هل أنتم تحيون وتموتون كما تريدون؟ وتأتون إلى الدنيا متى ما أردتم وعندما تشاءون؟ وتفعلون ما تشتهون؟ أم الله هو الذي يأتي بكم؟ وهو الذي يحييكم ثم يميتكم ثم إليه ترجعون؟!! وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ [القصص:68] وهؤلاء يقولون: لبسنا ثوب العيش ولم نستشر. ومن الذي سيستشيركم؟ وهل لكم رأيٌ؟ ومن أنتم حتى يكون لكم رأي؟
عبادة المحبوب:
ثم وجدنا في كلمات الأغاني -أيها الإخوة- الصراحة في عبادة المحبوب، وأنه لأجله يعيش في هذه الدنيا، ويصرح بأنه مخلوق في الدنيا من أجله، وأنه يعيش من أجله، ويقول: * عشت لكي وعلشانك، والله يقول: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]. تقول: * أنا جئت إلى الدنيا من أجلك ومن أجل حبك، هكذا جاءت إلى الدنيا ولأجل هذا خلقت! ويصرح بعضهم بصرف أنوع من العبادة إلى المحبوب أو المحبوبة: وهو التوبة. فيقول قائلهم:
أتوب إلى ربي وإني بمرةٍ يسامحني ربي إليكِ أتوب
ورأيت أنكِ كنت لي ذنبـاً سألت الله ألا يغفره فغفرتِهِ
هذا الذي يقولونه من صرف التوبة إلى غير الله تعالى، فهو يعبد المحبوبة ولأجلها يعيش، وهذا غرضه من الدنيا، ولها يتوب وإليها، ولا يسأل ألا تغفر فتغفر، أو أن تغفر فلا تغفر، والله هو الذي يغفر: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:135] فإليه يتاب سبحانه، قال الله: وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرعد:30] وتقديم حرف الجر هنا: (إليه) يفيد الحصر، أي: إليه التوبة لا إلى غيره: وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرعد:30] حصر التوبة فيه سبحانه وإليه عزوجل ومنه المغفرة لا من غيره. وهم يستخدمون ألفاظ التوحيد والدين في العلاقة بالمحبوب والمحبوبة.. وهكذا يعبرون. ومنهم من شيعه الملايين من المسلمين مشوا في جنازته. ويعبرون: أحب حبيبي، وأعشق حبيبي، وأعبد حبيبي. وتقول القائلة: وحبك عليَّ أكبر فريضة؛ أكبر فريضة هي الحب! ويقول القائل: الله أمر لعيونك أسهر، الله أمر. قُل إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:28]. إذاً! يعبرون بأن الله أمر بالحب الحرام للمحبوبة، وأمر بأن يسهر من أجل عيونها، وذلك تكذيب ومنافاة ومضادة صريحة لما أمر الله تعالى به: قُل إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:28].
في الغناء: العشق والمحبة عبادة
ويقول الآخر:
أريد ودك جمـراً ولا أطيق رماده
قلت المحبة عندي لو تعلمين عباده
الحب في الشرع فرضٌ على الجميع ارتياده :
يقول: لابد لكل أحدٍ أن يحب، ومحبتها هذه عنده عبادة، فيتقربون إلى الله بالكبائر والمعاصي. ويقول الآخر في أغنيته: أنا عبدكِ أنا عبدكِ! ومنزلة العبودية أرفع المقامات وأعلاها، ولأجل ذلك سمى الله محمداً صلى الله عليه وسلم في القرآن عبداً في أربعة مواضع لم يسمه ولم يطلق عليه ولم يصفه إلا بهذه الصفة؛ صفة العبودية؛ لأن العبودية هي كمال المحبة مع كمال الخوف والخضوع والذل لله رب العالمين، فيجتمع فيها محبةٌ وخوف ورجاء، وكمال الخضوع والذل، وهذه هي العبودية، ثم يقول قائلهم: حبك عبادة، وحبكِ عبادة، وأنا عبدكِ أو أنا عبدكَ، ونحو ذلك من الألفاظ. والله قد سمى المخلصين من خلقه عباداً له، وشرفهم بإضافتهم إليه: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً [الفرقان:63]. فالعبودية منزلة عظيمة، لكن في أي شيء جعلها هؤلاء!
في الغناء: الاعتداء على الأنبياء.
لقد اعتدوا على ذات الله وشرعه، وعلى كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، واعتدوا على أنبياء الله. فهذا أحدهم يقول في صبره على فراق المحبوب، أو المحبوبة: صبرت مثل صبر أيوب. والآخر يقول: أيوب ما صبر صبري. والنبي الكريم أيوب هو الذي مسه الضر فنادى الله تعالى، فقال الله عز وجل عنه: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ [الأنبياء:83-84] قال العلماء: أخفى ولم يظهر الطلب وأظهر النداء، فقال: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فكشف الله تعالى ما به من ضر، ابتلاه سنوات طويلة، فصبر ذلك النبي الكريم على بلواه، وشكا أمره إلى الله، فاستجاب له مولاه، وكشف عنه الكرب الذي أصابه وحلَّ به، وهذا يقول: أيوب ما صبر صبري! اعتداءٌ فاحش على رسل الله تعالى وعلى أنبيائه.
في الغناء: اعتداء على الله ورسوله.
بل قد حصل الاعتداء على كتاب الله؛ فلحنوا آيات من القرآن، منها سورة إِذَا زُلْزِلَتْ [الزلزلة:1] وعبثوا فيها ولعبوا، حتى قصار السور حصل فيها تلحين والغناء لها نصاً أو مقاطع، وبعضكم يعلم ذلك، فما بقيت حرمة للدين إلا واعتدى عليها هؤلاء المغنون. وبعض الأغاني الشعبية فيها سب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وفيها وصف لله تعالى -تعالى الله عن أقوالهم- بأوصاف شنيعة، وأنه سبحانه يشاركهم الغناء والطرب، وأنه يعمل معهم ذلك -تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً- فماذا بقي أيها الإخوة؟!
في الغناء: سب للقدر.
أما عقيدة القضاء والقدر ولوم الرب، فيقول بعضهم: ليه القسوة ليه؟ ليه الظلم ليه؟ ليه يا رب ليه؟ فهذا فريد الأطرش يتهم الله صراحة بالظلم والقسوة، والله يقول: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49].. لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ [الأنبياء:23] لا نقول لله: ليه، ولا لماذا: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ [الأنبياء:23]. أليس هذا كفراً أيها الإخوة؟! أليست هذه الأغنية قد استمع لها الملايين في ما مضى، ولا زالت تسجل وتسمع فيما بقي من التراث السابق بين الحين والحين.. وهكذا يفعلون، وهو الآن تحت الأرض، الله أعلم ماذا يفعل به؟ ذهب القوم وماتوا، وبقيت أغنياتهم حسرة عليهم، بها يعذبون، وعليها يؤاخذون ويحاسبون، والله أعلم كيف سيكون مصيرهم يوم الدين، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89].
في الغناء: الاستعداد لدخول النار.
ثم إن منهم من يصرح بأنه مستعد للذهاب إلى جهنم مع محبوبته:
يا تعيش وياي في الجنة يا اعيش وياك في النار
بطلت أصـوم وأصـلي بـدي أعبــد سمـاكِ
لجهنـم مانـي رايـح إلا أنـــا ويّـــاك
يصرحون بأنهم يختارون بين الجنة والنار:
يا تختار الجنة يا تختار النار
علشانك أنتِ انكـوي بالنـار وألقـح جثتـي
وأدخل جهنم وانشوي واصرخ واقول يا لهوتي
هذا نص كلام غنائهم وما يقولونه، فيتمنى أحدهم أن يذهب مع المحبوب ولو إلى النار. وماذا يوجد في جهنم؟ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [البقرة:24].. وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ [المدثر:27-29]. تشوى جلودهم في النار: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [ق:30].. تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ [الهمزة:7]. تكشف القلوب من حرها، وتصطلي القلوب ناراً لشدة عذابها: إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً [الفرقان:12]. لهم نصيب من العذاب كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا [الحج:22].. يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا [المائدة:37].. لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا [فاطر:36].. إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ [غافر:71-72].. يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا [الأحزاب:66].. فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ [التوبة:35].. وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُم [محمد:15].. يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ [الكهف:29].. قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ [الحج:19-21] .. كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ [النساء:56].. تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ [المؤمنون:104].. يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [القمر:48]. هذا الذي أردته واخترته مع محبوبتك، ولو إلى جهنم!: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [القمر:48].
في الغناء: استحلال للمحرمات.
ويصرح قائلهم بأنه قبَّلها في الصباح، فقالت: تفطر يا هذا والناس صيام، قلت لها: أنتِ الهلال، والصوم بعد الهلال حرام فهي الهلال عنده، وأفطر في يوم الصوم؛ لأنه يرى بأنها هي هلاله، وأن الصوم بعد رؤية الهلال حرام. ويصرحون بأنه إذا لم تحل له محبوبته على دين محمد أخذها على دين المسيح بن مريم؛ وهل كان دين المسيح عيسى بن مريم يحل الزنا؟!! ويقول قائلهم: صوتك ذكرياتي وعزي وصلاتي. ويقول قائلهم: فكانت حلالاً لي ولو كنتَ أو كنتِ محرمي. لو كانت من المحارم لاستحلها وهي عزته وصلاته، وهي هلاله، وهي التي يفطر عليها. هكذا صارت المحبوبة. يا جماعة! هذه الأشعار التي تقال وتغنى هي السم الناقع، والبلاء القاطع لهذه الأعناق يوم الدين. فيا قوم إنما فتنتم بهذا الغناء، وبهؤلاء المغنين.
الغناء وسوء الخاتمة:
ويصرح بعضهم بأنه سيطري ذكرها في سكرات الموت، ويقول: قلت أهواكِ وأفضل هواكِ، أو أهواك بين سكرات الموت بطريكي إذاً: سيطري ذكرها في سكرات الموت. وأنا أقول: إن هذا كلامٌ صحيح، فالذي يفتن بالشيء ويغرم به ويحبه إلى النهاية ويفتن به يذكره عند سكرات الموت. ولذلك أخبر العلماء من قصص الواقع: أن بعض المرابين ممن فُتن بالربا وعمل به، كان يقول عند موته: عشرة بأحد عشر، عشرة بأحد عشر. وأن بعض التجار الذين ألهتهم تجارتهم عن الصلاة وذكر الله كان يقول عند موته: هذه سلعة رخيصة، هذا مشتراها رخيص، هذه بكذا وكذا. وأن بعض من فتن بالنساء كان يقول عند موته:
رب قائلة يوماً وقد تعبت أين الطريق إلى حمام منجابِ
فهو قد عشق جاريةًَ أتت إلى الحمام العمومي ولا زالت في مخيلته حتى مات كمداً وعشقاً، وهو لا يزال يلهج بذكر محبوبته. وبعض الذين ماتوا في حوادث السيارات كانوا في الرمق الأخير يرددون مقاطع من الأغاني، أشلاؤهم قد اختلطت بحديد السيارات ملقون في الطرقات بعد الحوادث، يتلفظون ببعض المقاطع من الأغاني. وهكذا كل من شغف بذكر شيءٍ ذكره في أحلك اللحظات؛ وأحلك اللحظات في حياة المرء هي سكرات الموت: (لا إله إلا الله إن للموت لسكرات، اللهم هون علينا سكرات الموت) فهو عندما يقول ذلك فهو كلامٌ صحيح يقر به أن يطري ذكراها في سكرات الموت، وكيف تكون نهايته؟! وكيف يقابل ربه؟!
الغناء والشهادة:
لقد ميعت المعاني الفاضلة في الشريعة، والرتب العالية: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ [النساء:69-70] هذه هي المراتب العالية، ومنها: مرتبة الشهادة، والشهداء أحياءٌ عند ربهم، أرواحهم في حواصل طيرٍ خضر تسرح في أنهار الجنة، يعجب ربك إليهم ويضحك، ومن ضحك الله إليه فلا حساب عليه. الشهيد هو الذي يقتل بين الصفين مقبلاً غير مدبر في سبيل الله تعالى، هذا هو الشهيد. ثم يقول عبد الحليم شبانة :
يا ولدي قد مات شهيداً من مات فداءً للمحبوب
هكذا جعلوا الشهادة؛ المقام العظيم عند الله، من مات فداءً للمحبوب، ومن المحبوب؟ هل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لا. لا يقصدون ذلك، لأنه استهل تلك القصيدة بذكر أوصاف المحبوبة التي شعرها كذا وكذا، وعيناها كذا وكذا، ثم ينادي بالشهادة لأجل المحبوبة.
الغناء وتغيير الأسماء:
هذا عبد الحليم شبانة الذي غير اسمه، وملعون من انتسب إلى غير أبيه أو قومه، وهذه من المنكرات العظيمة في الأوساط الفنية العفنة، فتجد تغيير الأسماء بالأسماء الفنية ليشتهروا بها، وينادوا بها، ويكتب عنهم بها، إلا واحداً سمعت عنه فوجدت أن تغييره لاسمه كان في محله، اسمه: محمد، وهو من المغنين الذين فتن بهم الجيل الحاضر الجديد من النساء والرجال، فغير اسمه إلى (عاصي) لأنه معجب بملحن اسمه: (عاصي) فهذا وجدت أن تغييره لاسمه كان في محله. "ورب رميةٍ من غير رامٍ" هو قصد إعجاباً، فجاءت مطابقة للواقع ولما يقوم به ويعمل. والحمد لله الذي أرانا ذلك وجعلها آية، فمحمد لا يليق بالغناء أما عاصي، فهو الاسم الدال على ذلك المسمى الذي يعصي الله تعالى. نسأل الله عزوجل أن يتوب على من يسمع الغناء، وأن ينقذ هذه الأمة من هذه الفتنة العظيمة، والبلوى التي طار شررها، نسأل الله السلامة والعافية، وأن يطهر بيوتنا من المنكرات. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفره إنه هو الغفور الرحيم.
الغناء والاعتداء على العقيدة والتوحيد:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له رب الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، صلى الله عليه صلاةً دائمةً بما علَّمنا وأدّبنا ودلّنا على الخير. عباد الله: هل أنتم تشكون في تحريم الغناء، وأن ما يقال في هذه الأغاني هو عين الردة عن الدين أحياناً، وعين الفسق والفجور أحياناً، وعين نشر الرذيلة بين المسلمين، والدعوة إلى الانحلال والفسق والفجور؟
الغناء وادعاء علم الغيب:
ثم إننا لم ننتهِ بعدُ من ذكر بعض ما وصلنا مما يقال في الأغاني من الأمور المتعلقة بالعقيدة؛ لأننا لم نذكر شيئاً بعد عن الأمور المتعلقة بالانحلال والفسق.
جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلـوب
قالت يا ولدي لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب
اشتمل هذان البيتان على جلوس هذا الفاجر مع امرأة تدعي علم الغيب، فهي كاهنة وعرافة ومشعوذة، وعلى طريقة الذين يدَّعون علم الغيب في شعوذتهم وهي قراءة الفنجان المقلوب بعد قلبه. واشتمل على الكذب على الله تعالى في أنه كتب الحب على هذا الرجل. أولاً: ادعاء علم الغيب كفرٌ: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65].. لا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً [الجن:26]. وقراءة الفنجان وقراءة الكف، وضرب الودع، والتخطيط في الرمل، قراءة الكرة الكريستال، وغير ذلك من الوسائل القديمة والحديثة شرك وحرام. وادعاء علم الغيب كفر بالله، واعتداءٌ على خصوصية من خصوصياته سبحانه وهي علم الغيب الذي لا يطلع عليه أحداً إلا من شاء سبحانه من وحي إلى رسول بأمور مستقبلة ينبئ بها قومه ليحذروا.. ونحو ذلك من الأمور.
الاستعانة والحلف بغير الله:
ثم إنك تجد أيضاً في أغانيهم:
مدد يا نبي يا نبي مدد
والاستعانة بغير الله، ونداء الأموات، والطلب من الأموات، والحلف بغير الله، والحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وحياة الغالي عندك، وحياة عينيك، أو وحياة عينك؛ والقسم بغير الله عز وجل: أحلف والحب يمين، كما يقول قائلهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك). بل إن في بعض مقاطع الأغاني حلف بالأضرحة والمشاهد والقبور: مقدرش على كده ومقام السيده والواو: واو القسم، والقسم بمقام السيدة.
الغناء وسب الدهر:
إن سب الدهر في الأغاني شائع ومنتشر، شتم الساعة، والزمان، والشهر، والعمر، والدهر؛ كل ذلك وارد ومنتشر.
كتاب حزين كله مآسي جابنا في زمان غدار قاسي
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر) هو مقلب الأيام والليالي سبحانه وتعالى، وإذا سب أحد الدهر فقد سب شيئاً ليس بأهلٍ للسب ولا ذنب له؛ لأن الدهر هو ظرفٌ لوقوع الحوادث، فلا ذنب له ولا عمل فيها، ولكن الله هو الذي يشاء، ويفعل ما يشاء، ويقدر ما يشاء، ويجري الحوادث في الزمان بمشيئته سبحانه، فمن سب الدهر فقد رجع سبه على الله، وهم يقولون: زمان غدار وقاسي.
الغناء والاعتداء على اللوح المحفوظ:
ثم يعتدون على ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ:
الفرح سطر غلط مكتوب لما الزمان كان يوم ناسي
هذا السطر الذي كتبه الله في اللوح المحفوظ كان غلط، افهم يا مسلم يا عبد الله! كيف يتسللون إلى بيتك وإلى عقول نسائك وأولادك، وبه تلهج الملايين؟! ثم إن هناك فناً يمكن أن نسميه فن التفاهة؛ تصاغ به الأشعار وعليه كلمات سخيفة جداً جداً جداً، لكن يترنم بها ملايين المسلمين، وتنتشر أسطواناتها بالملايين. أما ذلك الشعر الرائع الفخم الجزيل، الموزون على قوافي أشعار العرب، المحكم في نظمه وبيانه، وجميل ترتيبه وجمال كلماته، المشتمل على المعاني العظيمة: السحْ ادَّحْ امبوا.. إلى آخره، هذا هو الكلام العظيم المشتمل على المعاني الرائعة التي يتغنى به الملايين! وأغاني عدوية التي تسمى بالأغاني الشعبية قد انتشرت بالملايين، يلهجون بها بدلاً من أن يقول الواحد: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله (من قال: لا إله إلا الله غرست له شجرة في الجنة).. (غراس الجنة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله) لكنهم يقولون هذا الكلام، ويلهجون به.
أقسام كلمات الأغاني:
أيها الأخ المسلم! لو قسمنا كلمات الأغاني لوجدناها ثلاثة أقسام: القسم الأول: ما هو منافٍ للدين والعقيدة والردة عن الدين وهو كفر بالله تعالى. وقد غنت أم كلثوم قصائد في الشعر الإلهي: القلب يعشق كل جميل. وهذا اسمه عند الصوفية المنحرفين (العشق الإلهي) فتجد في القصيدة بعض الإشارات إلى قضية العشق الإلهي عند هؤلاء الصوفية المنحرفين، وتجد الردة.. الكفر والشرك الأكبر والشرك الأصغر، وتجد جميع الألفاظ الإسلامية، والمعاني الجليلة في الدين، وإدخالها في الأغاني والحب والغرام. القسم الثاني: قسم الانحلال: وهي الأغاني التي فيها وصف الحبيب والمحبوبة، انحلال. وهذا شيء لا يمكن أن نأتي بأمثلته في خطبة الجمعة، لكن هذا هو أكثر ما يعرف في الأغاني.. هو أغاني الانحلال والفسق والفجور، والدعوة إلى الفاحشة، والدعوة إلى الموعد والابتسامة واللقاء والحب والغرام، والدعوة إلى الفجور والمعصية؛ هذا هو أكثر ما هو موجود في الأغاني مرافقاً للفيديو (كليب) الذي ذبح به بعض الشباب ذبحاً من الوريد إلى الوريد، لكن ما ذبحوه ذبحاً تسيل به الدماء؛ وإنما ذبحوه ذبحاً تسيل به الفضيلة والدين من النفوس، وتخرج وتزهق أرواحهم بما يعرض في تلك الأغاني. القسم الثالث من الأغاني: أغاني التفاهة. ثم يوجد أغاني دينية وموشحات أندلسية بعضها فيه الشرك، كما يوجد في بعض المناسبات الدينية؛ كالموالد والرجبية.. وغيرها. وبعضه لا يوجد فيه شيء من هذا، بل قد يكون الشعر الأصلي جميل المعنى، جليل المحتوى، لكن ما حكم تلحين لفظ الجلالة وتغنى على الموسيقى؟
الغناء وتلحين لفظ الجلالة:
وكثير من الأغاني ممتلئة بألفاظ الجلالة الملحنة التي تؤدى من امرأة أو رجل فاجر على أنغام الموسيقى. ماذا يسمى هذا أيها الإخوة؟ حتى لو كانت المعاني جميلة وجليلة فقد استخدموها في الموسيقى من غناء امرأة أو رجل فاجر! إذاً يتبين بالجملة أن قضية الغناء هذه دخل بها إبليس عن طريق أبالسة الإنس وشياطينهم: يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام:112]. يلحنون بها لأجيال المسلمين ليشتغلوا به عن ذكر الله وتعمر به المجالس، وتلهج به ألسن أولادكم وبناتكم ذكراناً وإناثاً في بيوتكم والسيارات والأشرطة في كل مكان: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ [الصافات:106]. فماذا نقول بعد هذا؟ هل من توبة؟ هل من أوبة؟ هل من ورجعة؟ هل من تركٍ لهذه المحرمات؟ اعتدوا على أعز شيء عندك، اعتدوا على الله تعالى ورسله.. اعتدوا على اللوح المحفوظ.. اعتدوا على قضائه وقدره.. شتموا الدين والرب، ما أبقوا عزيزاً في الدين ولا غالٍ إلا أوسخوه ووسخوه بهذه الكلمات، ولطخوه لكي يحولوا بين الناس وبين دين رب العالمين. فأين المنتبهون؟!! وأين الواعون لهذه الأخطار؟!! المسألة جد خطيرة يا عباد الله! نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
1. حكم الغناء والمعازف في الشريعة الإسلامية
2. أمثلة على الأغاني الإباحية
3. الغناء والاعتداء على العقيدة والتوحيد
4. أقسام كلمات الأغاني
5. الغناء وتلحين لفظ الجلالة
كلمات الأغاني في ميزان الشريعة:
إن الإباحية اليوم والانحلال قد طغتا على معظم الأمة؛ ومن أهم أسباب ذلك الأغاني والمجون والتغزل بالنساء من قبل الفنانين والفنانات، فقد عثر على كلمات فيها كفر وردة عن الدين، وشرك بالله وعبادة لغيره سبحانه، ولهذا أتى الشيخ بأمثلة ونماذج تبين ذلك الكفر البواح والارتداد عن الدِّين.
حكم الغناء والمعازف في الشريعة الإسلامية:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71]. إخواني: لقد عرفنا في بعض الخطب الماضية حكم الغناء في الإسلام، وأنه حرام حرام، وذكرنا الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة في تسميته سبحانه وتعالى للغناء بلهو الحديث الذي أقسم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه الغناء، وأن الله لما قال: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ [الإسراء:64] أن المفسرين قد ذكروا في صوت الشيطان أن منه الغناء. وكذلك سماه الله: (سموداً) فقال: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ [النجم:59-61]. فهو: الغناء بلغة حمير، من أهل اليمن ، وهو الصوت الأحمق الفاجر الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه، وكذلك هو الصوت الملعون، صوت المزمار الذي ذكره عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر. وكذلك فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد تأففوا منه، ولما مر ابن عمر بقومٍ يغنون وهم في حجٍ قال: [لا سمع الله لكم] وسد الصحابي أذنه لما مر بزمارة راعٍ احتياطاً منه رضي الله عنه، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك. وكذلك أخبر عليه الصلاة والسلام: (أن هذه الأمة ستستحل الحر والحرير والخمر والمعازف) وهو حديث صحيح بلا ريب. واستحلال الحر يعني: الزنا، وكذلك الخمر والمعازف معروفة؛ ما هي إلا أدوات الموسيقى المنتشرة التي تكون في كل مكان تقريباً. عباد الله: لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن قوماً من أمته سيبيتون على لهوٍ ولعب ومعازف، وأن الله تعالى سيخسف بهم ويسقط عليهم جبلاً يكونون تحته، ويمسخ منهم قردةً وخنازير؛ وكل هذا الوعيد يدل على تحريم ذلك. كذلك نهى صلى الله عليه وسلم عن الكوبة -وهي: الطبل- ونهى عن كسب الزمارة، وذكرنا كذلك كلام الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم في تحريم الغناء، وأنه يشتد إذا كان بصوت امرأة، ويشتد إذا رافقه معازف وصوت الموسيقى، وأن حضوره حرام، والاستئجار للمغني والمغنية حرام.. إلى آخر الكلام الذي مضى ذكره عن أهل العلم رحمهم الله تعالى في ذلك. ووعدنا بالكلام عن كلمات الأغاني في ميزان الشريعة. أيها الإخوة: لقد كنت أظن بُرهة من الزمن أن كلمات الأغاني فيها خطورة كبيرة، وفيها مخالفات شرعية كثيرة، ولكن لما طلبنا من بعض الإخوان أن يأتوننا بما يعرفون من كلمات الأغاني التي سمعوها فيما مضى من دهرهم وعمرهم.
خطر كلمات الأغاني:
وبعد المراجعات (المقرفة) لبعض دواوين المغنين، واستبياناً قمنا به مع بعض الشباب التائهين؛ تبين أن الأمر أخطر بكثيرٍ مما نتصور، والتصور السابق شيء وما يطلع عليه الإنسان في البحث شيء آخر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الخبر كالمعاينة) فإنك قد تسمع عن شيء لكن إذا رأيته بنفسك اختلفت النظرة عندك. لقد وجدت في كلمات الأغاني -بعد الفحص والمراجعة وما جلبه هؤلاء الإخوان- درجات الكفر بجميع أنواعه، والشرك الأكبر والأصغر والخفي، وأنواع المعاصي من الكبائر والصغائر، والمحادة لله ، وأريد أن أعرض لكم بعضاً مما اطلعت عليه ليكون في ذلك عبرة، ولنعلم -جميعاً- بأن قضية الأغاني ليست قضية طرب فقط -مع أن الطرب بها محرم- ولكنها قضية خطيرة، ومدخلٌ من مداخل إبليس لإدخال الشرك والكفر والانحلال إلى أوساط المسلمين. إن المسألة أخطر مما نتصور يا عباد الله! إن هذه الكلمات التي ترددها الأجيال؛ يرددها الصغار والكبار بهذه الأشرطة المنتشرة التي هي بالملايين بين الناس ذكوراً وإناثاً تخرب في النفوس تخريباً لا يعلم مداه إلا الله. وإني أستسمحكم وأستعذركم في ذكر بعض هذه الكلمات على منبر خطبة الجمعة؛ لأن المسألة فيها أشياء عجيبة من الكفر والانحلال.
أمثلة على الأغاني الإباحية:
لعلك تتصور نفسك وأنت تستمع لبعض هذه المقاطع أحياناً أنك في جو الأغنية، ولكن انقل لنفسك -أيها المسلم- وخصوصاً يا من تستمع إلى الأغاني إلى جو الكتاب والسنة، لتقارن بين هذا وبين ما هو موجود في كلام الرب والرسول صلى الله عليه وسلم.
مغنون لا يعرفون سبب وجودهم في الدنيا:
عباد الله: لقد وجدنا أن في كلمات الأغاني -التي يغنيها المشاهير من المغنين والمغنيات- كفراً صراحاً وردةً معلنة عن دين الله تعالى. كان مما غنوه قصيدة الشاعر النصراني:
جئت لا أعلم مـن أين ولكنـي أتيت
ولقد أبصرت قدامي طريـقاً فمشـيت
كيف أبصرت طـر يقي لسـت أدري
ولماذا لسـت أدري لســـت أدري
لقد غنوا الأغنيات ذات الأشعار التي تبين أنهم لا يعرفون سبب وجودهم في هذه الدنيا، ولا يعرفون أبعد هذا الموت بعثٌ أو نشور، أو أنه يكون هناك الإهمال والترك، وتكون هذه النهاية بكلماتها الفصحى وغير الفصحى، عبروا عنها في أغنياتهم، والله يقول: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].. أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115].. قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]. لقد وجدنا في كلمات الأغاني أن هؤلاء القوم يكتبون الكلمات ويغنونها ويلحنونها، فالشاعر كاتب الكلمات، والملحن لها، والمغني ثلاثة في النار، وهم شركاء في الإثم؛ لأنهم يقدمون هذا السم ويعرضونه. * تقول قائلتهم أم كلثوم التي طرب بها الملايين، وأعجبوا بها، واستمعوا الساعات الطوال: لبست ثوب العيش ولم أُستشر. * ويقول الآخر التافه الهالك: لو كنت أعلم خاتمتي ما كنت بدأت. هل أنتم تحيون وتموتون كما تريدون؟ وتأتون إلى الدنيا متى ما أردتم وعندما تشاءون؟ وتفعلون ما تشتهون؟ أم الله هو الذي يأتي بكم؟ وهو الذي يحييكم ثم يميتكم ثم إليه ترجعون؟!! وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ [القصص:68] وهؤلاء يقولون: لبسنا ثوب العيش ولم نستشر. ومن الذي سيستشيركم؟ وهل لكم رأيٌ؟ ومن أنتم حتى يكون لكم رأي؟
عبادة المحبوب:
ثم وجدنا في كلمات الأغاني -أيها الإخوة- الصراحة في عبادة المحبوب، وأنه لأجله يعيش في هذه الدنيا، ويصرح بأنه مخلوق في الدنيا من أجله، وأنه يعيش من أجله، ويقول: * عشت لكي وعلشانك، والله يقول: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]. تقول: * أنا جئت إلى الدنيا من أجلك ومن أجل حبك، هكذا جاءت إلى الدنيا ولأجل هذا خلقت! ويصرح بعضهم بصرف أنوع من العبادة إلى المحبوب أو المحبوبة: وهو التوبة. فيقول قائلهم:
أتوب إلى ربي وإني بمرةٍ يسامحني ربي إليكِ أتوب
ورأيت أنكِ كنت لي ذنبـاً سألت الله ألا يغفره فغفرتِهِ
هذا الذي يقولونه من صرف التوبة إلى غير الله تعالى، فهو يعبد المحبوبة ولأجلها يعيش، وهذا غرضه من الدنيا، ولها يتوب وإليها، ولا يسأل ألا تغفر فتغفر، أو أن تغفر فلا تغفر، والله هو الذي يغفر: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:135] فإليه يتاب سبحانه، قال الله: وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرعد:30] وتقديم حرف الجر هنا: (إليه) يفيد الحصر، أي: إليه التوبة لا إلى غيره: وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرعد:30] حصر التوبة فيه سبحانه وإليه عزوجل ومنه المغفرة لا من غيره. وهم يستخدمون ألفاظ التوحيد والدين في العلاقة بالمحبوب والمحبوبة.. وهكذا يعبرون. ومنهم من شيعه الملايين من المسلمين مشوا في جنازته. ويعبرون: أحب حبيبي، وأعشق حبيبي، وأعبد حبيبي. وتقول القائلة: وحبك عليَّ أكبر فريضة؛ أكبر فريضة هي الحب! ويقول القائل: الله أمر لعيونك أسهر، الله أمر. قُل إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:28]. إذاً! يعبرون بأن الله أمر بالحب الحرام للمحبوبة، وأمر بأن يسهر من أجل عيونها، وذلك تكذيب ومنافاة ومضادة صريحة لما أمر الله تعالى به: قُل إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:28].
في الغناء: العشق والمحبة عبادة
ويقول الآخر:
أريد ودك جمـراً ولا أطيق رماده
قلت المحبة عندي لو تعلمين عباده
الحب في الشرع فرضٌ على الجميع ارتياده :
يقول: لابد لكل أحدٍ أن يحب، ومحبتها هذه عنده عبادة، فيتقربون إلى الله بالكبائر والمعاصي. ويقول الآخر في أغنيته: أنا عبدكِ أنا عبدكِ! ومنزلة العبودية أرفع المقامات وأعلاها، ولأجل ذلك سمى الله محمداً صلى الله عليه وسلم في القرآن عبداً في أربعة مواضع لم يسمه ولم يطلق عليه ولم يصفه إلا بهذه الصفة؛ صفة العبودية؛ لأن العبودية هي كمال المحبة مع كمال الخوف والخضوع والذل لله رب العالمين، فيجتمع فيها محبةٌ وخوف ورجاء، وكمال الخضوع والذل، وهذه هي العبودية، ثم يقول قائلهم: حبك عبادة، وحبكِ عبادة، وأنا عبدكِ أو أنا عبدكَ، ونحو ذلك من الألفاظ. والله قد سمى المخلصين من خلقه عباداً له، وشرفهم بإضافتهم إليه: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً [الفرقان:63]. فالعبودية منزلة عظيمة، لكن في أي شيء جعلها هؤلاء!
في الغناء: الاعتداء على الأنبياء.
لقد اعتدوا على ذات الله وشرعه، وعلى كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، واعتدوا على أنبياء الله. فهذا أحدهم يقول في صبره على فراق المحبوب، أو المحبوبة: صبرت مثل صبر أيوب. والآخر يقول: أيوب ما صبر صبري. والنبي الكريم أيوب هو الذي مسه الضر فنادى الله تعالى، فقال الله عز وجل عنه: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ [الأنبياء:83-84] قال العلماء: أخفى ولم يظهر الطلب وأظهر النداء، فقال: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فكشف الله تعالى ما به من ضر، ابتلاه سنوات طويلة، فصبر ذلك النبي الكريم على بلواه، وشكا أمره إلى الله، فاستجاب له مولاه، وكشف عنه الكرب الذي أصابه وحلَّ به، وهذا يقول: أيوب ما صبر صبري! اعتداءٌ فاحش على رسل الله تعالى وعلى أنبيائه.
في الغناء: اعتداء على الله ورسوله.
بل قد حصل الاعتداء على كتاب الله؛ فلحنوا آيات من القرآن، منها سورة إِذَا زُلْزِلَتْ [الزلزلة:1] وعبثوا فيها ولعبوا، حتى قصار السور حصل فيها تلحين والغناء لها نصاً أو مقاطع، وبعضكم يعلم ذلك، فما بقيت حرمة للدين إلا واعتدى عليها هؤلاء المغنون. وبعض الأغاني الشعبية فيها سب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وفيها وصف لله تعالى -تعالى الله عن أقوالهم- بأوصاف شنيعة، وأنه سبحانه يشاركهم الغناء والطرب، وأنه يعمل معهم ذلك -تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً- فماذا بقي أيها الإخوة؟!
في الغناء: سب للقدر.
أما عقيدة القضاء والقدر ولوم الرب، فيقول بعضهم: ليه القسوة ليه؟ ليه الظلم ليه؟ ليه يا رب ليه؟ فهذا فريد الأطرش يتهم الله صراحة بالظلم والقسوة، والله يقول: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49].. لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ [الأنبياء:23] لا نقول لله: ليه، ولا لماذا: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ [الأنبياء:23]. أليس هذا كفراً أيها الإخوة؟! أليست هذه الأغنية قد استمع لها الملايين في ما مضى، ولا زالت تسجل وتسمع فيما بقي من التراث السابق بين الحين والحين.. وهكذا يفعلون، وهو الآن تحت الأرض، الله أعلم ماذا يفعل به؟ ذهب القوم وماتوا، وبقيت أغنياتهم حسرة عليهم، بها يعذبون، وعليها يؤاخذون ويحاسبون، والله أعلم كيف سيكون مصيرهم يوم الدين، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89].
في الغناء: الاستعداد لدخول النار.
ثم إن منهم من يصرح بأنه مستعد للذهاب إلى جهنم مع محبوبته:
يا تعيش وياي في الجنة يا اعيش وياك في النار
بطلت أصـوم وأصـلي بـدي أعبــد سمـاكِ
لجهنـم مانـي رايـح إلا أنـــا ويّـــاك
يصرحون بأنهم يختارون بين الجنة والنار:
يا تختار الجنة يا تختار النار
علشانك أنتِ انكـوي بالنـار وألقـح جثتـي
وأدخل جهنم وانشوي واصرخ واقول يا لهوتي
هذا نص كلام غنائهم وما يقولونه، فيتمنى أحدهم أن يذهب مع المحبوب ولو إلى النار. وماذا يوجد في جهنم؟ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [البقرة:24].. وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ [المدثر:27-29]. تشوى جلودهم في النار: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [ق:30].. تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ [الهمزة:7]. تكشف القلوب من حرها، وتصطلي القلوب ناراً لشدة عذابها: إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً [الفرقان:12]. لهم نصيب من العذاب كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا [الحج:22].. يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا [المائدة:37].. لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا [فاطر:36].. إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ [غافر:71-72].. يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا [الأحزاب:66].. فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ [التوبة:35].. وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُم [محمد:15].. يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ [الكهف:29].. قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ [الحج:19-21] .. كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ [النساء:56].. تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ [المؤمنون:104].. يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [القمر:48]. هذا الذي أردته واخترته مع محبوبتك، ولو إلى جهنم!: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [القمر:48].
في الغناء: استحلال للمحرمات.
ويصرح قائلهم بأنه قبَّلها في الصباح، فقالت: تفطر يا هذا والناس صيام، قلت لها: أنتِ الهلال، والصوم بعد الهلال حرام فهي الهلال عنده، وأفطر في يوم الصوم؛ لأنه يرى بأنها هي هلاله، وأن الصوم بعد رؤية الهلال حرام. ويصرحون بأنه إذا لم تحل له محبوبته على دين محمد أخذها على دين المسيح بن مريم؛ وهل كان دين المسيح عيسى بن مريم يحل الزنا؟!! ويقول قائلهم: صوتك ذكرياتي وعزي وصلاتي. ويقول قائلهم: فكانت حلالاً لي ولو كنتَ أو كنتِ محرمي. لو كانت من المحارم لاستحلها وهي عزته وصلاته، وهي هلاله، وهي التي يفطر عليها. هكذا صارت المحبوبة. يا جماعة! هذه الأشعار التي تقال وتغنى هي السم الناقع، والبلاء القاطع لهذه الأعناق يوم الدين. فيا قوم إنما فتنتم بهذا الغناء، وبهؤلاء المغنين.
الغناء وسوء الخاتمة:
ويصرح بعضهم بأنه سيطري ذكرها في سكرات الموت، ويقول: قلت أهواكِ وأفضل هواكِ، أو أهواك بين سكرات الموت بطريكي إذاً: سيطري ذكرها في سكرات الموت. وأنا أقول: إن هذا كلامٌ صحيح، فالذي يفتن بالشيء ويغرم به ويحبه إلى النهاية ويفتن به يذكره عند سكرات الموت. ولذلك أخبر العلماء من قصص الواقع: أن بعض المرابين ممن فُتن بالربا وعمل به، كان يقول عند موته: عشرة بأحد عشر، عشرة بأحد عشر. وأن بعض التجار الذين ألهتهم تجارتهم عن الصلاة وذكر الله كان يقول عند موته: هذه سلعة رخيصة، هذا مشتراها رخيص، هذه بكذا وكذا. وأن بعض من فتن بالنساء كان يقول عند موته:
رب قائلة يوماً وقد تعبت أين الطريق إلى حمام منجابِ
فهو قد عشق جاريةًَ أتت إلى الحمام العمومي ولا زالت في مخيلته حتى مات كمداً وعشقاً، وهو لا يزال يلهج بذكر محبوبته. وبعض الذين ماتوا في حوادث السيارات كانوا في الرمق الأخير يرددون مقاطع من الأغاني، أشلاؤهم قد اختلطت بحديد السيارات ملقون في الطرقات بعد الحوادث، يتلفظون ببعض المقاطع من الأغاني. وهكذا كل من شغف بذكر شيءٍ ذكره في أحلك اللحظات؛ وأحلك اللحظات في حياة المرء هي سكرات الموت: (لا إله إلا الله إن للموت لسكرات، اللهم هون علينا سكرات الموت) فهو عندما يقول ذلك فهو كلامٌ صحيح يقر به أن يطري ذكراها في سكرات الموت، وكيف تكون نهايته؟! وكيف يقابل ربه؟!
الغناء والشهادة:
لقد ميعت المعاني الفاضلة في الشريعة، والرتب العالية: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ [النساء:69-70] هذه هي المراتب العالية، ومنها: مرتبة الشهادة، والشهداء أحياءٌ عند ربهم، أرواحهم في حواصل طيرٍ خضر تسرح في أنهار الجنة، يعجب ربك إليهم ويضحك، ومن ضحك الله إليه فلا حساب عليه. الشهيد هو الذي يقتل بين الصفين مقبلاً غير مدبر في سبيل الله تعالى، هذا هو الشهيد. ثم يقول عبد الحليم شبانة :
يا ولدي قد مات شهيداً من مات فداءً للمحبوب
هكذا جعلوا الشهادة؛ المقام العظيم عند الله، من مات فداءً للمحبوب، ومن المحبوب؟ هل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لا. لا يقصدون ذلك، لأنه استهل تلك القصيدة بذكر أوصاف المحبوبة التي شعرها كذا وكذا، وعيناها كذا وكذا، ثم ينادي بالشهادة لأجل المحبوبة.
الغناء وتغيير الأسماء:
هذا عبد الحليم شبانة الذي غير اسمه، وملعون من انتسب إلى غير أبيه أو قومه، وهذه من المنكرات العظيمة في الأوساط الفنية العفنة، فتجد تغيير الأسماء بالأسماء الفنية ليشتهروا بها، وينادوا بها، ويكتب عنهم بها، إلا واحداً سمعت عنه فوجدت أن تغييره لاسمه كان في محله، اسمه: محمد، وهو من المغنين الذين فتن بهم الجيل الحاضر الجديد من النساء والرجال، فغير اسمه إلى (عاصي) لأنه معجب بملحن اسمه: (عاصي) فهذا وجدت أن تغييره لاسمه كان في محله. "ورب رميةٍ من غير رامٍ" هو قصد إعجاباً، فجاءت مطابقة للواقع ولما يقوم به ويعمل. والحمد لله الذي أرانا ذلك وجعلها آية، فمحمد لا يليق بالغناء أما عاصي، فهو الاسم الدال على ذلك المسمى الذي يعصي الله تعالى. نسأل الله عزوجل أن يتوب على من يسمع الغناء، وأن ينقذ هذه الأمة من هذه الفتنة العظيمة، والبلوى التي طار شررها، نسأل الله السلامة والعافية، وأن يطهر بيوتنا من المنكرات. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفره إنه هو الغفور الرحيم.
الغناء والاعتداء على العقيدة والتوحيد:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له رب الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، صلى الله عليه صلاةً دائمةً بما علَّمنا وأدّبنا ودلّنا على الخير. عباد الله: هل أنتم تشكون في تحريم الغناء، وأن ما يقال في هذه الأغاني هو عين الردة عن الدين أحياناً، وعين الفسق والفجور أحياناً، وعين نشر الرذيلة بين المسلمين، والدعوة إلى الانحلال والفسق والفجور؟
الغناء وادعاء علم الغيب:
ثم إننا لم ننتهِ بعدُ من ذكر بعض ما وصلنا مما يقال في الأغاني من الأمور المتعلقة بالعقيدة؛ لأننا لم نذكر شيئاً بعد عن الأمور المتعلقة بالانحلال والفسق.
جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلـوب
قالت يا ولدي لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب
اشتمل هذان البيتان على جلوس هذا الفاجر مع امرأة تدعي علم الغيب، فهي كاهنة وعرافة ومشعوذة، وعلى طريقة الذين يدَّعون علم الغيب في شعوذتهم وهي قراءة الفنجان المقلوب بعد قلبه. واشتمل على الكذب على الله تعالى في أنه كتب الحب على هذا الرجل. أولاً: ادعاء علم الغيب كفرٌ: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65].. لا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً [الجن:26]. وقراءة الفنجان وقراءة الكف، وضرب الودع، والتخطيط في الرمل، قراءة الكرة الكريستال، وغير ذلك من الوسائل القديمة والحديثة شرك وحرام. وادعاء علم الغيب كفر بالله، واعتداءٌ على خصوصية من خصوصياته سبحانه وهي علم الغيب الذي لا يطلع عليه أحداً إلا من شاء سبحانه من وحي إلى رسول بأمور مستقبلة ينبئ بها قومه ليحذروا.. ونحو ذلك من الأمور.
الاستعانة والحلف بغير الله:
ثم إنك تجد أيضاً في أغانيهم:
مدد يا نبي يا نبي مدد
والاستعانة بغير الله، ونداء الأموات، والطلب من الأموات، والحلف بغير الله، والحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وحياة الغالي عندك، وحياة عينيك، أو وحياة عينك؛ والقسم بغير الله عز وجل: أحلف والحب يمين، كما يقول قائلهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك). بل إن في بعض مقاطع الأغاني حلف بالأضرحة والمشاهد والقبور: مقدرش على كده ومقام السيده والواو: واو القسم، والقسم بمقام السيدة.
الغناء وسب الدهر:
إن سب الدهر في الأغاني شائع ومنتشر، شتم الساعة، والزمان، والشهر، والعمر، والدهر؛ كل ذلك وارد ومنتشر.
كتاب حزين كله مآسي جابنا في زمان غدار قاسي
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر) هو مقلب الأيام والليالي سبحانه وتعالى، وإذا سب أحد الدهر فقد سب شيئاً ليس بأهلٍ للسب ولا ذنب له؛ لأن الدهر هو ظرفٌ لوقوع الحوادث، فلا ذنب له ولا عمل فيها، ولكن الله هو الذي يشاء، ويفعل ما يشاء، ويقدر ما يشاء، ويجري الحوادث في الزمان بمشيئته سبحانه، فمن سب الدهر فقد رجع سبه على الله، وهم يقولون: زمان غدار وقاسي.
الغناء والاعتداء على اللوح المحفوظ:
ثم يعتدون على ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ:
الفرح سطر غلط مكتوب لما الزمان كان يوم ناسي
هذا السطر الذي كتبه الله في اللوح المحفوظ كان غلط، افهم يا مسلم يا عبد الله! كيف يتسللون إلى بيتك وإلى عقول نسائك وأولادك، وبه تلهج الملايين؟! ثم إن هناك فناً يمكن أن نسميه فن التفاهة؛ تصاغ به الأشعار وعليه كلمات سخيفة جداً جداً جداً، لكن يترنم بها ملايين المسلمين، وتنتشر أسطواناتها بالملايين. أما ذلك الشعر الرائع الفخم الجزيل، الموزون على قوافي أشعار العرب، المحكم في نظمه وبيانه، وجميل ترتيبه وجمال كلماته، المشتمل على المعاني العظيمة: السحْ ادَّحْ امبوا.. إلى آخره، هذا هو الكلام العظيم المشتمل على المعاني الرائعة التي يتغنى به الملايين! وأغاني عدوية التي تسمى بالأغاني الشعبية قد انتشرت بالملايين، يلهجون بها بدلاً من أن يقول الواحد: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله (من قال: لا إله إلا الله غرست له شجرة في الجنة).. (غراس الجنة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله) لكنهم يقولون هذا الكلام، ويلهجون به.
أقسام كلمات الأغاني:
أيها الأخ المسلم! لو قسمنا كلمات الأغاني لوجدناها ثلاثة أقسام: القسم الأول: ما هو منافٍ للدين والعقيدة والردة عن الدين وهو كفر بالله تعالى. وقد غنت أم كلثوم قصائد في الشعر الإلهي: القلب يعشق كل جميل. وهذا اسمه عند الصوفية المنحرفين (العشق الإلهي) فتجد في القصيدة بعض الإشارات إلى قضية العشق الإلهي عند هؤلاء الصوفية المنحرفين، وتجد الردة.. الكفر والشرك الأكبر والشرك الأصغر، وتجد جميع الألفاظ الإسلامية، والمعاني الجليلة في الدين، وإدخالها في الأغاني والحب والغرام. القسم الثاني: قسم الانحلال: وهي الأغاني التي فيها وصف الحبيب والمحبوبة، انحلال. وهذا شيء لا يمكن أن نأتي بأمثلته في خطبة الجمعة، لكن هذا هو أكثر ما يعرف في الأغاني.. هو أغاني الانحلال والفسق والفجور، والدعوة إلى الفاحشة، والدعوة إلى الموعد والابتسامة واللقاء والحب والغرام، والدعوة إلى الفجور والمعصية؛ هذا هو أكثر ما هو موجود في الأغاني مرافقاً للفيديو (كليب) الذي ذبح به بعض الشباب ذبحاً من الوريد إلى الوريد، لكن ما ذبحوه ذبحاً تسيل به الدماء؛ وإنما ذبحوه ذبحاً تسيل به الفضيلة والدين من النفوس، وتخرج وتزهق أرواحهم بما يعرض في تلك الأغاني. القسم الثالث من الأغاني: أغاني التفاهة. ثم يوجد أغاني دينية وموشحات أندلسية بعضها فيه الشرك، كما يوجد في بعض المناسبات الدينية؛ كالموالد والرجبية.. وغيرها. وبعضه لا يوجد فيه شيء من هذا، بل قد يكون الشعر الأصلي جميل المعنى، جليل المحتوى، لكن ما حكم تلحين لفظ الجلالة وتغنى على الموسيقى؟
الغناء وتلحين لفظ الجلالة:
وكثير من الأغاني ممتلئة بألفاظ الجلالة الملحنة التي تؤدى من امرأة أو رجل فاجر على أنغام الموسيقى. ماذا يسمى هذا أيها الإخوة؟ حتى لو كانت المعاني جميلة وجليلة فقد استخدموها في الموسيقى من غناء امرأة أو رجل فاجر! إذاً يتبين بالجملة أن قضية الغناء هذه دخل بها إبليس عن طريق أبالسة الإنس وشياطينهم: يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام:112]. يلحنون بها لأجيال المسلمين ليشتغلوا به عن ذكر الله وتعمر به المجالس، وتلهج به ألسن أولادكم وبناتكم ذكراناً وإناثاً في بيوتكم والسيارات والأشرطة في كل مكان: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ [الصافات:106]. فماذا نقول بعد هذا؟ هل من توبة؟ هل من أوبة؟ هل من ورجعة؟ هل من تركٍ لهذه المحرمات؟ اعتدوا على أعز شيء عندك، اعتدوا على الله تعالى ورسله.. اعتدوا على اللوح المحفوظ.. اعتدوا على قضائه وقدره.. شتموا الدين والرب، ما أبقوا عزيزاً في الدين ولا غالٍ إلا أوسخوه ووسخوه بهذه الكلمات، ولطخوه لكي يحولوا بين الناس وبين دين رب العالمين. فأين المنتبهون؟!! وأين الواعون لهذه الأخطار؟!! المسألة جد خطيرة يا عباد الله! نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
تعليق