حكاية الرافضة
كان بخراسان رجلان: أحدهما يسمى بمسعود والآخر يسمى بمحمد. وكان لهما خمسة من الأصحاب، وهم من الفتاك، ويعرفون بالعراق بالشطار، ويعرفون بخراسان بسرابداران " سربداران "، ويعرفون بالعراق بالصقور. فاتفق سبعتهم على الفساد وقطع الطرق وسلب الأموال، وشاع خبرهم، وسكنوا جبلاً منيعاً بمقربة من مدينة بيهق، وتسمى أيضاً مدينة سيزار " سيزوار ". فكانوا يكمنون بالنهار. ويخرجون بالليل والعشي، فيضربون على القرى، وبقطعون الطرق، ويأخذون الأموال. وانثال عليهم أشباههم من أهل الشر والفساد، فكثر عددهم واشتدت شوكتهم وهابهم الناس، وضربوا على مدينة بيهق فملكوها، ثم ملكوا سواها من المدن، واكتسبوا الأموال وجندوا الجنود وركبوا الخيل، وتسمى مسعود بالسلطان. وصار العبيد يفرون عن مواليهم إليه. فكل عبد فر منهم يعطيه الفرس والمال. وإن ظهرت له شجاعة أمره على جماعة، فعظم جيشه واستفحل أمره وتمذهب جميعهم بمذهب الرفض، وطمحوا إلى استئطال أهل السنة بخراسان، وأن يجعلوها كلمة واحدة رافضية. وكان بمشهد طوس شيخ من الرافضة يسمى بحسن، وهو عندهم من الصلحاء، فوافقهم على ذلك، وسموه بالخليفة وأمرهم بالعدل فأظهروه. حتى كانت الدراهم والدنانير تسقط في معسكرهم فلا يلتقطها أحد حتى يأتي ربها فيأخذها. وغلبوا على نيسابور، وبعث إليهم السلطان طغيتمور بالعساكر فهزموه، ثم بعث إليهم نائبه أرغون شاه فهزموه وأسروه ومنوا عليه، ثم غزاهم طغيتمور بنفسه في خمسين ألفاً من التتر فهزموه، وملكوا البلاد، وتغلبوا على سرخس والزاوه وطوس، وهي من أعظم بلاد خراسان. وجعلوا خليفتهم بمشهد علي بن موسى الرضا، وتغلبوا على مدينة الجام، ونزلوا بخارجها وهم قاصدون مدينة هراة، وبينها وبينهم مسيرة ست. فلما بلغ ذلك الملك حسيناً جمع الأمراء والعساكر وأهل المدينة واستشارهم، هل يقيمون حتى يأتي القوم أو يمضوا إليهم فيناجزوهم. فوقع إجماعهم على الخروج إليهم، وهم قبيلة واحدة يسمون الغورية. ويقال: إنهم ينسبون على غور الشام، وإن أصلهم منه. فتجهزوا أجمعون، واجتمعوا من أطراف البلاد، وهم ساكنون بالقرى، وبصحراء مرغيس " بدغيس "، وهي مسيرة أربع، لا يزال عشبها أخضر. ترعى منه ماشيتهم وخيلهم. وأكثر شجرها الفستق، ومنها يحمل إلى أرض العراق. وعضدهم أهل مدينة سمنان، ونفروا جميعاً إلى الرافضة، وهم مائة وعشرون ألفاً ما بين رجاله وفرسان، يقودهم الملك حسين. واجتمعت الرافضة في مائة وخمسين ألفاً من الفرسان. وكانت الملاقاة بصحراء بوشنج. وصبر الفريقان معاً. ثم كانت الدائرة على الرافضة، وفر سلطانهم مسعود، وثبت خليفتهم حسن في عشرين ألفاً حتى قتل، وقتل أكثرهم، وأسر منهم نحو أربعة آلاف. وذكر لي بعض من حضر هذه الوقعة أن ابتداء القتال كان في وقت الضحى، وكانت الهزيمة عند الزوال. ونزل الملك حسين بعد الظهر فصلى، وأتي بالطعام، فكان هو وكبراء أصحابه يأكلون، وسائرهم يضربون أعناق الأسرى. وعاد إلى حضرته بعد هذا الفتح العظيم، وقد نصر الله السنة على يديه، وأطفأ نار الفتنة. وكانت هذه الوقعة بعد خروجي من الهند عام ثمانية وأربعين. ونشأ بهراة رجل من الزهاد والصلحاء الفضلاء واسمه نظام الدين مولانا، وكان أهل هراة يحبونه، ويرجعون إلى قوله. وكان يعظهم ويذكرهم، وتوافقوا معه على تغيير المنكر،
كان بخراسان رجلان: أحدهما يسمى بمسعود والآخر يسمى بمحمد. وكان لهما خمسة من الأصحاب، وهم من الفتاك، ويعرفون بالعراق بالشطار، ويعرفون بخراسان بسرابداران " سربداران "، ويعرفون بالعراق بالصقور. فاتفق سبعتهم على الفساد وقطع الطرق وسلب الأموال، وشاع خبرهم، وسكنوا جبلاً منيعاً بمقربة من مدينة بيهق، وتسمى أيضاً مدينة سيزار " سيزوار ". فكانوا يكمنون بالنهار. ويخرجون بالليل والعشي، فيضربون على القرى، وبقطعون الطرق، ويأخذون الأموال. وانثال عليهم أشباههم من أهل الشر والفساد، فكثر عددهم واشتدت شوكتهم وهابهم الناس، وضربوا على مدينة بيهق فملكوها، ثم ملكوا سواها من المدن، واكتسبوا الأموال وجندوا الجنود وركبوا الخيل، وتسمى مسعود بالسلطان. وصار العبيد يفرون عن مواليهم إليه. فكل عبد فر منهم يعطيه الفرس والمال. وإن ظهرت له شجاعة أمره على جماعة، فعظم جيشه واستفحل أمره وتمذهب جميعهم بمذهب الرفض، وطمحوا إلى استئطال أهل السنة بخراسان، وأن يجعلوها كلمة واحدة رافضية. وكان بمشهد طوس شيخ من الرافضة يسمى بحسن، وهو عندهم من الصلحاء، فوافقهم على ذلك، وسموه بالخليفة وأمرهم بالعدل فأظهروه. حتى كانت الدراهم والدنانير تسقط في معسكرهم فلا يلتقطها أحد حتى يأتي ربها فيأخذها. وغلبوا على نيسابور، وبعث إليهم السلطان طغيتمور بالعساكر فهزموه، ثم بعث إليهم نائبه أرغون شاه فهزموه وأسروه ومنوا عليه، ثم غزاهم طغيتمور بنفسه في خمسين ألفاً من التتر فهزموه، وملكوا البلاد، وتغلبوا على سرخس والزاوه وطوس، وهي من أعظم بلاد خراسان. وجعلوا خليفتهم بمشهد علي بن موسى الرضا، وتغلبوا على مدينة الجام، ونزلوا بخارجها وهم قاصدون مدينة هراة، وبينها وبينهم مسيرة ست. فلما بلغ ذلك الملك حسيناً جمع الأمراء والعساكر وأهل المدينة واستشارهم، هل يقيمون حتى يأتي القوم أو يمضوا إليهم فيناجزوهم. فوقع إجماعهم على الخروج إليهم، وهم قبيلة واحدة يسمون الغورية. ويقال: إنهم ينسبون على غور الشام، وإن أصلهم منه. فتجهزوا أجمعون، واجتمعوا من أطراف البلاد، وهم ساكنون بالقرى، وبصحراء مرغيس " بدغيس "، وهي مسيرة أربع، لا يزال عشبها أخضر. ترعى منه ماشيتهم وخيلهم. وأكثر شجرها الفستق، ومنها يحمل إلى أرض العراق. وعضدهم أهل مدينة سمنان، ونفروا جميعاً إلى الرافضة، وهم مائة وعشرون ألفاً ما بين رجاله وفرسان، يقودهم الملك حسين. واجتمعت الرافضة في مائة وخمسين ألفاً من الفرسان. وكانت الملاقاة بصحراء بوشنج. وصبر الفريقان معاً. ثم كانت الدائرة على الرافضة، وفر سلطانهم مسعود، وثبت خليفتهم حسن في عشرين ألفاً حتى قتل، وقتل أكثرهم، وأسر منهم نحو أربعة آلاف. وذكر لي بعض من حضر هذه الوقعة أن ابتداء القتال كان في وقت الضحى، وكانت الهزيمة عند الزوال. ونزل الملك حسين بعد الظهر فصلى، وأتي بالطعام، فكان هو وكبراء أصحابه يأكلون، وسائرهم يضربون أعناق الأسرى. وعاد إلى حضرته بعد هذا الفتح العظيم، وقد نصر الله السنة على يديه، وأطفأ نار الفتنة. وكانت هذه الوقعة بعد خروجي من الهند عام ثمانية وأربعين. ونشأ بهراة رجل من الزهاد والصلحاء الفضلاء واسمه نظام الدين مولانا، وكان أهل هراة يحبونه، ويرجعون إلى قوله. وكان يعظهم ويذكرهم، وتوافقوا معه على تغيير المنكر،
تعليق