وإذا أخذت من القلزم غربي هذا البحر، فإنه ينتهي إلى برية قفرة، لا شيء فيها إلا أن يتصل ببادية البجة، والبجة قوم أصحاب أخبية شعر، أشد سوادا من الحبشة في زي العرب، لا قرى لهم ولا مدن ولا زرع، إلا ما ينقل لهم من مدن الحبشة واليمن ومصر والنوبة، وينتهي حدهم إلى ما بين الحبشة وأرض النوبة وأرض مصر، وينتهي إلى معادن الذهب، ويأخذ هذا المعدن من قرب أسوان مصر على نحو من عشر مراحل، حتى ينتهي إلى حصن على البحر يسمى عيذاب، ويسمى مجمع الناس بهذا المعدن العلاقي، وهو رمال وأرض مبسوطة لا جبل بها، وأموال هذا المعدن ترتفع إلى أرض مصر، وهو معدن ذهب لا فضة فيه، والبجة قوم يعبدون الأصنام وما استحسنوه، ثم يتصل ذلك بأرض الحبشة وهم نصارى، وتقرب ألوانهم من ألوان العرب بين السواد والبياض، وهم متفرقون في ساحل هذا البحر إلى أن يحاذي عدن، وما كان من النمور والجلود الملمعة وأكثر جلود اليمن "التي تدبغ للنعال" تقع منها إلى عدوة اليمن، وهم أهل سلم ليسوا بدار حرب، ولهم على الشط موضع يقال له زيلع، فرضة للعبور إلى الحجاز واليمن، ثم يتصل ذلك بمفازة بلد النوبة، والنوبة نصارى، وهي بلدان أوسع من الحبشة، وبها من المدن والعمارة أكثر مما بالحبشة، ويخترق نيل مصر فيما بين مدنها وقراها، حتى يتجاوز ذلك إلى رملة من أرض الزنج، ثم يتجاوزه إلى براري يتعذر مسلكها، ثم ينتهي هذا البحر حتى يتصل بأرض الزنج مما يحاذي عدن، إلى أن يمتد على البحر وتتجاوز محاذاتها جميع حد الإسلام، ويدخل فيما حاذى بعض بلدان الهند لسعته وكثرته، وبلغني أن في بعض أطراف الزنج صرودا فيها زنج بيض، وبلد الزنج هذا بلد قشف قليل العمارة وقليل الزروع، إلا ما اتصل بها من مستقر الملك.
ديار المغرب
وأما المغرب فهو نصفان يمتدان على بحر الروم، نصف من شرقيه ونصف من غربيه، فأما الشرقي فهو برقة وأفريقية وتاهرت وطنجة والسوس وزويلة وما في أضعاف هذه الأقاليم، وأما الغربي فهو الأندلس، وقد جمعتهما في التصوير، فأما الجانب الشرقي فإن الذي يحيط به من شرقيه حد مصر بين الإسكندرية وبرقة من حد بحر الروم، حتى يمضي على ظهر الواحات إلى برية تنتهي إلى أرض النوبة، وغربيه البحر المحيط ممتدا على حده، وشماليه بحر الروم الذي يأخذ من البحر المحيط، يأخذ من حد مصر على ما يحاذي برقة إلى طرابلس المغرب، ثم إلى المهدية ثم إلى تونس ثم إلى طبرقة ثم إلى تنس ثم إلى جزيرة بني مزغنا، ثم إلى ناكور ثم إلى البصرة ثم إلى أزيلة ثم إلى السوس الأقصى، ثم يمتد على برية ليس وراءها عمارة، وجنوبيه رمل من حد البحر المحيط حتى يمتد من وراء سجلماسة إلى زويلة، ثم يمتد إلى ظهر الواحات من أرض مصر، وأما الأندلس فإنه يحيط به مما يلي البحر المحيط من حد بلد الجلالقة، على كورة يقال لها شنترين، ثم إلى أخشنبة ثم إلى أشبيلية ثم إلى سدونة ثم إلى جزيرة جبل طارق ثم إلى مالقة ثم إلى بجانة ثم إلى بلاد مرسية ثم إلى بلاد بلنسية ثم إلى طرطوشة ثم يتصل ببلاد الكفر مما يلي البحر ببلاد الإفرنجة، ومما يلي البر ببلاد علجسكس ثم ببلاد بسكونس ثم ببلاد الجلالقة حتى ينتهي إلى البحر.
تعليق