السؤال: ما حقيقة الإيمان بالقضاء والقدر مع ذكر الدليل؟
الإيمان بالقضاء والقدر هو أحد أركان الإيمان الستة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: (الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشرِّه) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/36، 37، 38) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو جزء من الحديث.]. وقال صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك، ولا تعجزنَّ، فإن أصابك شيء؛ فلا تقل: لو أني فعلت كذا؛ لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل. فإن (لو) تفتح عمل الشيطان) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (4/2052) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو جزء من حديث طرفه: " المؤمن القوي خيرٌ...".]. والله جل وعلا يقول: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49.]. فالإيمان بالقضاء والقدر هو أحد أركان الإيمان الستة، ومن لم يؤمن بالقضاء والقدر؛ فإنه يكون قد ترك أحد أركان الإيمان الستة؛ فلا بد من الإيمان بالقضاء والقدر. وليس معنى هذا أننا نقول: العبد مجبر! ونلغي الأعمال والأسباب كما تقول الجبريَّةُ، لكننا نؤمن بالقدر، ونعمل بالأسباب؛ لأن الله أمرنا باتخاذ الأسباب وبالعمل وبتجنُّب الأشياء المضرَّة؛ فالذي أخبرنا أن كل شيء بقضائه وقدره؛ أمرنا بالأعمال، وأمرنا بفعل الأسباب، والأعمال والأسباب من قضاء الله وقدره؛ فالقضاء والقدر يعالَجُ بالقضاء والقدر، ولهذا لمَّا سافر عمر بن الخطاب إلى الشام، وبلغه وقوع الوباء فيه، وعزم على الرجوع؛ قال له بعض أصحابه: أتفرُّ من قدر الله يا أمير المؤمنين؟! قال: نعم؛ نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله [انظر: "صحيح البخاري" (7/20-21) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه.]. والمؤمن لا يزال في قدر الله عز وجل؛ فهل يعمل ويكتسب ويتسبَّب، وكل هذا من قدر الله عز وجل، أمَّا أن نقول: إن العبد مجبَرٌ، وإن كان مقدَّرٌ له شيء سوف يحصل، وإلا لم يحصل له! ونترك الأسباب! هذا هو قول الجبريّة الضَّالّة.
صالح بن فوزان الفوزان
تعليق