Warning: session_start(): open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php73/sess_b28ec2a4c53c8f910c68a5e0940781c9b29921356105dd89, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in /home/qudamaa/public_html/vb/includes/vb5/frontend/controller/page.php on line 71
Warning: session_start(): Failed to read session data: files (path: /var/cpanel/php/sessions/ea-php73) in /home/qudamaa/public_html/vb/includes/vb5/frontend/controller/page.php on line 71
أحاديث منوعة -
شبكة ومنتديات قدماء
نذكر الجميع من أن الغاية في انشاء هذا المنتدى هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
توعية الاخوان الباحثين عن الركاز بتقديم المساعده لهم
من خلال هذا المنتدى بالعلم الحقيقي للأشارات و الرموز
المؤدية لأماكن الكنوز المخبأة بعيدآ عن المساكن الأثرية التي كانوا يسكوننها
ذالك لمنع ظاهرة التعدي على المباني الاثرية وتخريبها التي لايوجد بها اي كنوز فالكنوز تكون خارج المباني وان كانت موجوده فقد تم استخرجها من قبل الدوله العثمانية التي كانت تهتم باخراج اي كنوز في اي بلد كان تحت حكمها
اهدفنا المحافظه على جميع المباني الأثرية لتكون رمز لبلادنا و فخر لنا امام العالم و الحفاظ على الاثار والبحث عن الدفائن و طلب الرزق في الاماكن التي تكون خارج مساكن القدماء
حدثنا محمد بن عيسى حدثنا عتاب يعني ابن بشير عن ثابت بن عجلان عن عطاء عن أم سلمة قالت كنت ألبس أوضاحا من ذهب فقلت يا رسول الله أكنز هو فقال ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز
عون المعبود شرح سنن أبي داود
( كنت ألبس أوضاحا )
: بالضاد المعجمة والحاء المهملة جمع وضح . قال في النهاية : هي نوع من الحلي تعمل من الفضة سميت بها لبياضها واحدها وضح انتهى .
وفي منتهى الإرب بالفارسية وضح بمعنى خلخال أي حلقة طلا ونقره كه درباي كنند وآترا بفارسي باي برنجن نامند انتهى ( أكنز هو )
: أي استعمال الحلي كنز من الكنوز الذي توعد على اقتنائه في القرآن أم لا ( فقال ما بلغ )
: أي الذي بلغ ( أن تؤدى )
: بصيغة المجهول ( زكاته )
: أي بلغ نصابا ( فزكي )
: على صيغة المجهول قال المنذري : في إسناده عتاب بن بشير أبو الحسين الحراني وقد أخرج له البخاري وتكلم فيه غير واحد انتهى .
وأخرجه الحاكم في المستدرك عن محمد بن المهاجر عن ثابت به وقال صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ولفظه إذا أديت زكاته فليس بكنز . وكذلك رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما . قال البيهقي تفرد به ثابت بن عجلان . قال في التنقيح : وهذا لا يضر فإن ثابت بن عجلان روى له البخاري ووثقه ابن معين والنسائي , وقول عبد الحق فيه لا يحتج به قول لم يقله غيره انتهى .
وقال ابن دقيق العيد : وقول العقيلي في ثابت بن عجلان لا يتابع على حديثه تحامل منه انتهى وأخرج مالك في الموطأ عن عبد الله بن دينار أنه قال سمعت عبد الله بن عمر وهو يسأل عن الكنز ما هو فقال هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة انتهى أي فما أديت منه فليس بكنز , وعلى هذا التفسير جمهور العلماء وفقهاء الأمصار . وأخرج البيهقي عن ابن عمر مرفوعا كل ما أديت زكاته وإن كانت تحت سبع أرضين فليس بكنز وكل ما لا تؤدى زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا على وجه الأرض . قال البيهقي : ليس بمحفوظ والمشهور وقفه . قال ابن عبد البر : ويشهد له حديث أبي هريرة مرفوعا إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك , أخرجه الترمذي وقال حسن غريب , وصححه الحاكم . وقال ابن عبد البر : وفي سند حديث أم سلمة مقال . وقال الزين العراقي : سنده جيد . وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس ما أدي زكاته فليس بكنز وللحاكم عن جابر مرفوعا : إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره . ورواه عبد الرزاق موقوفا , ورجحه أبو زرعة
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي عثمان عن أبي موسى رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ولكن تدعون سميعا بصيرا ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي لا حول ولا قوة إلا بالله فقال يا عبد الله بن قيس قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة أو قال ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة لا حول ولا قوة إلا بالله
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله ( أيوب )
هو السختياني , وأبو عثمان هو النهدي .
قوله ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر )
لم أقف على تعيينه .
قوله ( اربعوا )
بهمزة وصل مكسورة ثم موحدة مفتوحة أي ارفقوا ولا تجهدوا أنفسكم .
قوله ( فإنكم لا تدعون أصم )
يأتي بيانه في التوحيد .
قوله ( كنز )
سمى هذه الكلمة كنزا لأنها كالكنز في نفاسته وصيانته عن أعين الناس .
قوله ( أو قال ألا أدلك على كلمة هي كنز إلخ )
شك من الراوي هل قال " قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة " أو قال " ألا أدلك إلخ " وسيأتي في كتاب القدر من رواية خالد الحذاء عن أبي عثمان بلفظ " ثم قال يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة إلخ " وسيأتي في أواخر كتاب الدعوات أيضا من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان بلفظ " ثم قال يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس ألا أدلك إلخ " ولم يتردد . ووقع في هذين الطريقين بيان سبب قوله " إنكم لا تدعون أصم " فإن في رواية سليمان " فلما علا عليها رجل نادى فرفع صوته " وفي رواية خالد " فجعلنا لا نصعد شرفا إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير " ووقع في بعض النسخ " أصما " وكأنه لمناسبة " غائبا " وقوله " بصيرا " ووقع في تلك الرواية " قريبا " ويأتي شرح الحديث مستوفى في كتاب القدر إن شاء الله تعالى . وقوله " لا حول " يجوز أن يكون في موضع جر على البدل من قوله " على كنز " وفي موضع نصب بتقدير أعني , وفي موضع رفع بتقدير هو .
و حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قتلت جارية لها سحرتها وقد كانت دبرتها فأمرت بها فقتلت
المنتقى شرح موطأ مالك
( ش ) : قوله أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قتلت جارية لها سحرتها ظاهره من جهة اللفظ أنها اختصت بقتلها إما بأن تكون باشرت ذلك أو أمرت به من أطاعها , وقد روي عن مالك أنه قال وقد أمرت حفصة في جارية لها سحرتها أن تقتل , ويحتمل أن يريد بذلك أنها رفعت أمرها إلى من له النظر في ذلك من أمير أو غيره , وأثبتت عنده ما أوجب ذلك فنسب القتل إليها لما كانت سببه , ويحتمل أن يكون من ثبت عنده من الأمراء بعد أن حكم بالقتل , ومباشرته إليها فباشرته أو أمرت به من ناب عنها هذا ما يحتمله اللفظ على أنه قد روي أنها أفردت بذلك دون أمير ولا حكم حاكم به . وقد روى نافع عن ابن عمر أن جارية لحفصة سحرت حفصة فوجدوا سحرها فاعترفت على نفسها فأمرت حفصة عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فقتلها فبلغ ذلك عثمان رضي الله عنه فأنكره فأتاه ابن عمر فقال إنها سحرتها ووجدوا معها سحرها فاعترفت على نفسها فكان عثمان أنكر عليها ما فعلت دون السلطان فالساحر وإن كان يجب قتله فإنه لا يلي ذلك إلا السلطان , وفي الموازية عن العبد أو المكاتب يسحر سيده يقتل , ويلي ذلك السلطان قال أصبغ وليس لسيده ولا لغيره قتله , ووجه ذلك أنه قتل بحق الله تعالى يجب على من يظهر الإسلام فلا يلي ذلك إلا الإمام أو حكمه كقتل الزنديق .
( مسألة ) ولا يقتل حتى يثبت أن ما يفعله من السحر الذي وصفه الله بأنه كفر قال أصبغ يكشف ذلك من يعرف حقيقته يريد , ويثبت ذلك عند الإمام ; لأنه معنى يجب به القتل فلا يحكم به إلا بعد ثبوته وتحقيقه كسائر ما يجب له القتل , وفي الموازية في الذي يقطع أذن الرجل أو يدخل السكاكين في جوف نفسه إن كان هذا سحرا قتل , وإن لم يكن من السحر فلا يقتل .
( مسألة ) ومن قتل الساحر فقد قال ابن المواز من قول مالك وأصحابه إن الساحر كافر بالله تعالى فإذا سحر هو في نفسه يريد أنه باشر ذلك قال فإنه يقتل قال والسحر كفر قال الله تعالى وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر , وبه قالت حفصة وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب وسالم بن عبد الله , ووجهه ما تعلق به مالك رحمه الله تعالى من أنه كفر بنص القرآن , وهو من الكفر الذي لا يقر أحد عليه , ولا سيما إذا تقدمه إسلام فالكافر به مرتد , ويحتمل أن يوصف الساحر بأنه كافر بمعنى أن فعله هذا دليل على الكفر الذي هو الجحد للبارئ تعالى , وكما لو أخبرنا نبي صادق أن لا يدخل دار كذا إلا كافر , ثم رأينا رجلا دخلها لحكمنا بكفره , وإن لم يكن دخوله الدار كفرا , ولكنا نستدل به على كفره , وإن أخبر هو عن نفسه بأنه مؤمن علمنا كذبه ; لأن الصادق أخبرنا عنه بأنه كافر .
( مسألة ) إذا ثبت ذلك فمن عمل السحر قتل فإن كان مسلما ففي الموازية من رواية ابن وهب عن مالك يقتل ساحر مسلما أو ذميا قال مالك يقتل ولا يستتاب , وقال ابن عبد الحكم وأصبغ هو كالزنديق , ومن كان للسحر أو للزندقة مظهرا استتيب فإن لم يتب قتل قال ابن المواز السحر كفر فمن أسره , وظهر عليه قتل , وإن أظهره فكمن أظهر كفره , وحكى القاضي أبو محمد أنه لا يستتاب , وإن تاب لم تقبل توبته خلافا للشافعي , وحمل ذلك على قول مالك , واستدل على ذلك بأن علمه كفر لقوله تعالى ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين إلى قوله فلا تكفر أي بتعلم السحر فتقرر من ذلك أن ما حكياه عن ابن عبد الحكم وأصبغ وابن المواز مخالف لقول مالك أو تأولا عليه غير ما تأوله القاضي أبو محمد .
( فرع ) قال ابن عبد الحكم وأصبغ إن كان لسحره مظهرا فقتل حين لم يتب فماله في بيت المال , ولا يصلى عليه , وإن استتر بسحره فماله بعد القتل لورثته من المسلمين , ولا آمرهم بالصلاة عليه فإن فعلوا فهم أعلم .
( مسألة ) وإن كان الساحر ذميا فقد قال مالك إلا أن يدخل سحره ضررا على المسلمين فيكون ناقضا للعهد فيقتل نقضا للعهد , ولا تقبل منه توبة غير الإسلام , وأما إن سحر أهل ملته فليؤدب إلا أن يقتل أحدا فيقتل به , وقال سحنون في العتبية في الساحر من أهل الذمة يقتل إلا أن يسلم فيترك كمن سب النبي صلى الله عليه وسلم فظاهر قول سحنون إنه يقتل على كل حال إلا أن يسلم بخلاف قول مالك لا يقتل إلا أن يؤذي مسلما أو يقتل ذميا , وجه قول مالك ما احتج به ابن شهاب من أن لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقتله , ولأن اليهودي كافر فإن كان السحر دليلا على الكفر فإنما يدل من كفر اليهودي على ما هو معلوم , ووجه قول سحنون أنه ناقض للعهد , ومنتقل إلى كفر لا يقر عليه , وقد قال أشهب في اليهودي يتنبأ أنه إن كان معلنا به استتيب إلى الإسلام فإن تاب , وإلا قتل .
( مسألة ) وأما من ليس يباشر عمل السحر , ولكنه ذهب إلى من يعمله له ففي الموازية يؤدب أدبا شديدا , ووجه ذلك أنه لم يكفر ; لأنه لم يوجد منه العمل فلذلك لا يقتل , ولكنه يستحق العقوبة الشديدة ; لأنه آثر الكفر , ورغب إلى من يأتيه , ويفعل ما يقتضيه .
( مسألة ) إذا ثبت ذلك فقد قال القاضي أبو بكر إن للسحر حقيقة , وقاله القاضي أبو محمد في معونته , واستدل على ذلك بقول الله تعالى ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر فجعلهم كفارا بتعليمه فثبت أن له حقيقة , والدليل على ذلك من جهة السنة ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله , وأن لبيد بن الأعصم سحره في مشط ومشاقة في جف طلعة نخلة ذكر , وجعله تحت راعوفة في بئر ذروان , وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخرجه , وعافاه الله
</b> و حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وحجاج بن الشاعر وأحمد بن خراش قال عبد الله أخبرنا و قال الآخران حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا
صحيح مسلم بشرح النووي
قوله : ( حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وحجاج بن الشاعر وأحمد بن خراش )
هكذا هو في جميع النسخ ( أحمد بن خراش ) بالخاء المعجمة المكسورة وبالراء وبالشين المعجمة , وهو الصواب , ولا خلاف فيه في شيء من النسخ , وهو أحمد بن الحسن بن خراش , أبو جعفر البغدادي نسب إلى جده . وقال القاضي عياض : هكذا هو في الأصول بالخاء المعجمة . قال : قيل : إنه وهم , وصوابه أحمد بن جواس بفتح الجيم وبواو مشددة وسين مهملة . هذا كلام القاضي , وهو غلط فاحش , ولا خلاف أن المذكور في مسلم إنما هو بالخاء المعجمة والراء والشين المعجمة كما سبق , وهو الراوي عن مسلم بن إبراهيم المذكور في صحيح مسلم هنا . وأما ( ابن جواس ) بالجيم فهو أبو عاصم الحنفي الكوفي روى عنه مسلم أيضا في غير هذا الموضع , ولكنه لا يروى عن مسلم بن إبراهيم , ولا هو المراد هنا قطعا . وكان سبب غلط من غلط كون أحمد بن خراش وقع منسوبا إلى جده كما ذكرنا .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين )
فيه إثبات القدر , وهو حق , بالنصوص وإجماع أهل السنة . وسبقت المسألة في أول كتاب الإيمان , ومعناه أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى , ولا تقع إلا على حسب ما قدرها الله تعالى , وسبق بها علمه , فلا يقع ضرر العين ولا غيره من الخير والشر إلا بقدر الله تعالى . وفيه صحة أمر العين ; وأنها قوية الضرر . والله أعلم .
" 5222 " قوله : ( سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي , حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله )
قوله : ( من يهود بني زريق ) بتقديم الزاي . قال الإمام المازري رحمه الله : مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر , وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة , خلافا لمن أنكر ذلك ونفى حقيقته , وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها , وقد ذكره الله تعالى في كتابه , وذكر أنه مما يتعلم , وذكر ما فيه إشارة إلى أنه مما يكفر به , وأنه يفرق بين المرء وزوجه , وهذا كله لا يمكن فيما لا حقيقة له , وهذا الحديث أيضا مصرح بإثباته , وأنه أشياء دفنت وأخرجت , وهذا كله يبطل ما قالوه , فإحالة كونه من الحقائق محال , ولا يستنكر في العقل أن الله سبحانه وتعالى يخرق العادة عند النطق بكلام ملفق , أو تركيب أجسام , أو المزج بين قوى على ترتيب لا يعرفه إلا الساحر . وإذا شاهد الإنسان بعض الأجسام منها قاتلة كالسموم , ومنها مسقمة كالأدوية الحادة , ومنها مضرة كالأدوية المضادة للمرض لم يستبعد عقله أن ينفرد الساحر بعلم قوى قتالة , أو كلام مهلك , أو مؤد إلى التفرقة . قال : وقد أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث بسبب آخر , فزعم أنه يحط منصب النبوة , ويشكك فيها , وأن تجويزه يمنع الثقة بالشرع , هذا الذي ادعاه هؤلاء المبتدعة باطل ; لأن الدلائل القطعية قد قامت على صدقه وصحته وعصمته فيما يتعلق بالتبليغ , والمعجزة شاهدة بذلك , وتجويز ما قام الدليل بخلافه باطل . فأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث بسببها , ولا كان مفضلا من أجلها , وهو مما يعرض للبشر فغير بعيد أن يخيل إليه من أمور الدنيا ما لا حقيقة له , وقد قيل : إنما كان يتخيل إليه أنه وطئ زوجاته وليس بواطئ , وقد يتخيل الإنسان مثل هذا في المنام , فلا يبعد تخيله في اليقظة , ولا حقيقة له . وقيل : إنه يخيل إليه أنه فعله وما فعله , ولكن لا يعتقد صحة ما يتخيله , فتكون اعتقاداته على السداد . قال القاضي عياض : وقد جاءت روايات هذا الحديث مبينة أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على عقله وقلبه واعتقاده , ويكون معنى قوله في الحديث : ( حتى يظن أنه يأتي أهله ولا يأتيهن ) ويروى : ( يخيل إليه ) أي يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة عليهن , فإذا دنا منهن أخذته أخذة السحر فلم يأتهن , ولم يتمكن من ذلك كما يعتري المسحور . وكل ما جاء في الروايات من أنه يخيل إليه فعل شيء ثم لا يفعله ونحوه فمحمول على التخيل بالبصر , لا لخلل تطرق إلى العقل , وليس في ذلك ما يدخل لبسا على الرسالة , ولا طعنا لأهل الضلالة . والله أعلم . قال المازري : واختلف الناس في القدر الذي يقع به السحر , ولهم فيه اضطراب , فقال بعضهم : لا يزيد تأثيره على قدر التفرقة بين المرء وزوجه ; لأن الله تعالى إنما ذكر ذلك تعظيما لما يكون عنده , وتهويلا به في حقنا , فلو وقع به أعظم منه لذكره , لأن المثل لا يضرب عند المبالغة إلا بأعلى أحوال المذكور قال : ومذهب الأشعرية أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك . قال : وهذا هو الصحيح عقلا لأنه لا فاعل إلا الله تعالى , وما يقع من ذلك فهو عادة أجراها الله تعالى , ولا تفترق الأفعال في ذلك , وليس بعضها بأولى من بعض , ولو ورد الشرع بقصوره عن مرتبة لوجب المصير إليه , ولكن لا يوجد شرع قاطع يوجب الاقتصار على ما قاله القائل الأول , وذكر التفرقة بين الزوجين في الآية ليس بنص في منع الزيادة , وإنما النظر في أنه ظاهر أم لا . قال : فإن قيل : إذا جوزت الأشعرية خرق العادة على يد الساحر , فبماذا يتميز عن النبي ؟ فالجواب أن العادة تنخرق على يد النبي والولي والساحر , لكن النبي يتحدى بها الخلق , ويستعجزهم عن مثلها , ويخبر عن الله تعالى بخرق العادة بها لتصديقه , فلو كان كاذبا لم تنخرق العادة على يديه , ولو خرقها الله على يد كاذب لخرقها على يد المعارضين للأنبياء . وأما الولي والساحر فلا يتحديان الخلق , ولا يستدلان على نبوة , ولو ادعيا شيئا من ذلك لم تنخرق العادة لها . وأما الفرق بين الولي والساحر فمن وجهين : أحدهما , وهو المشهور , إجماع المسلمين على أن السحر لا يظهر إلا على فاسق , والكرامة لا تظهر على فاسق , وإنما تظهر على ولي , وبهذا جزم إمام الحرمين وأبو سعد المتولي وغيرهما . والثاني أن السحر قد يكون ناشئا بفعلها وبمزجها ومعاناة وعلاج , والكرامة لا تفتقر إلى ذلك . وفي كثير من الأوقات يقع ذلك اتفاقا من غير أن يستدعيه أو يشعر به والله أعلم .
وأما ما يتعلق بالمسألة من فروع الفقه فعمل السحر حرام , وهو من الكبائر بالإجماع , وقد سبق في كتاب الإيمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عده من السبع الموبقات , وسبق هناك شرحه , ومختصر ذلك أنه قد يكون كفرا , وقد لا يكون كفرا , بل معصيته كبيرة , فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر , وإلا فلا وأما تعلمه وتعليمه فحرام , فإن تضمن ما يقتضي الكفر كفر , وإلا فلا . وإذا لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عزر , واستتيب منه , ولا يقتل عندنا . فإن تاب قبلت توبته . وقال مالك : الساحر كافر يقتل بالسحر , ولا يستتاب , ولا تقبل توبته , بل يتحتم قتله . والمسألة مبنية على الخلاف في قبول توبة الزنديق , لأن الساحر عنده كافر كما ذكرنا , وعندنا ليس بكافر , وعندنا تقبل توبة المنافق والزنديق . قال القاضي عياض : وبقول مالك قال أحمد بن حنبل , وهو مروي عن جماعة من الصحابة والتابعين . قال أصحابنا : فإذا قتل الساحر بسحره إنسانا , واعترف أنه مات بسحره , وأنه يقتل غالبا لزمه القصاص . وإن قال : مات به , ولكنه قد يقتل , وقد لا , فلا قصاص , وتجب الدية والكفارة , وتكون الدية في ماله لا على عاقلته , لأن العاقلة لا تحمل ما ثبت باعتراف الجاني . قال أصحابنا : ولا يتصور القتل بالسحر بالبينة , وإنما يتصور باعتراف الساحر . والله أعلم .
قوله : ( حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا , ثم دعا )
هذا دليل لاستحباب الدعاء عند حصول الأمور المكروهات , وتكريره , وحسن الالتجاء إلى الله تعالى .
قوله : ( ما وجع الرجل ؟ قال : مطبوب )
المطبوب المسحور , يقال : طب الرجل إذا سحر , فكنوا بالطب عن السحر , كما كنوا بالسليم عن اللديغ . قال ابن الأنباري : الطب من الأضداد , يقال لعلاج الداء طب , وللسحر طب , وهو من أعظم الأدواء , ورجل طبيب أي حاذق , سمي طبيبا لحذقه وفطنته .
قوله : ( في مشط ومشاطة وجب طلعة ذكر )
أما ( المشاطة ) فبضم الميم , وهي الشعر الذي يسقط من الرأس أو اللحية عند تسريحه . وأما ( المشط ) ففيه لغات : مشط ومشط بضم الميم فيهما وإسكان الشين وضمها , ومشط بكسر الميم وإسكان الشين , وممشط , ويقال له : ( مشطأ ) بالهمز وتركه , ومشطاء ممدود , وممكد , ومرجل , وقيل بفتح القاف , حكاهن أبو عمر الزاهد . وأما قوله : ( وجب ) هكذا في أكثر نسخ بلادنا ( جب ) بالجيم وبالباء الموحدة , وفي بعضها ( جف ) بالجيم والفاء , وهما بمعنى , وهو وعاء طلع النخل , وهو الغشاء الذي يكون عليه , ويطلق على الذكر والأنثى , فلهذا قيده في الحديث بقوله : ( طلعة ذكر ) وهو بإضافة طلعة إلى ذكر . والله أعلم . ووقع في البخاري من رواية ابن عيينة : ( ومشاقة ) بالقاف بدل مشاطة , وهي المشاطة أيضا , وقيل : مشاقة الكتان .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( في بئر ذي أروان )
هكذا هو في جميع نسخ مسلم : ( ذي أروان ) وكذا وقع في بعض روايات البخاري . وفي معظمها ( ذروان ) وكلاهما صحيح , والأول أجود وأصح . وادعى ابن قتيبة أنه الصواب , وهو قول الأصمعي , وهو بئر بالمدينة في بستان بني زريق .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( والله لكأن ماءها نقاعة الحناء )
النقاعة بضم النون الماء الذي ينقع فيه الحناء , والحناء ممدود .
قولها : ( فقلت : يا رسول الله أفلا أحرقته )
وفي الرواية الثانية : ( قلت : يا رسول الله فأخرجه ) كلاهما صحيح , فطلبت أنه يخرجه , ثم يحرقه , والمراد إخراج السحر , فدفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأخبر أن الله تعالى قد عافاه , وأنه يخاف من إخراجه وإحراقه وإشاعة هذا ضررا وشرا على المسلمين من تذكر السحر , أو تعلمه , وشيوعه , والحديث فيه , أو إيذاء فاعله , فيحمله ذلك أو يحمل بعض أهله ومحبيه والمتعصبين له من المنافقين وغيرهم على سحر الناس وأذاهم , وانتصابهم لمناكدة المسلمين بذلك . هذا من باب ترك مصلحة لخوف مفسدة أعظم منها , وهو من أهم قواعد الإسلام , وقد سبقت المسألة مرات . والله أعلم .
حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله : ( الشيطان )
كأن المراد به الجنس , وفاعل ذلك هو القرين أو غيره , ويحتمل أن يراد به رأس الشياطين وهو إبليس , وتجوز نسبة ذلك إليه لكونه الآمر به الداعي إليه , ولذلك أورده المصنف في " باب صفة إبليس " من بدء الخلق . قوله : ( قافية رأس أحدكم )
أي مؤخر عنقه . وقافية كل شيء مؤخره ومنه قافية القصيدة , وفي النهاية : القافية القفا وقيل مؤخر الرأس وقيل وسطه . وظاهر قوله " أحدكم " التعميم في المخاطبين ومن في معناهم , ويمكن أن يخص منه من تقدم ذكره , ومن ورد في حقه أنه يحفظ من الشيطان كالأنبياء , ومن تناوله قوله : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) وكمن قرأ آية الكرسي عند نومه فقد ثبت أنه يحفظ من الشيطان حتى يصبح , وفيه بحث سأذكره في آخر شرح هذا الحديث إن شاء الله تعالى . قوله : ( إذا هو نام )
كذا للأكثر , وللحموي والمستملي " إذا هو نائم " بوزن فاعل , والأول أصوب وهو الذي في الموطأ . قوله : ( يضرب على مكان كل عقدة )
كذا للمستملي , ولبعضهم بحذف " على " وللكشميهني بلفظ " عند مكان " . وقوله " يضرب " أي بيده على العقدة تأكيدا وإحكاما لها قائلا ذلك , وقيل معنى يضرب يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ , ومنه قوله تعالى ( فضربنا على آذانهم ) أي حجبنا الحس أن يلج في آذانهم فينتبهوا , وفي حديث أبي سعيد " ما أحد ينام إلا ضرب على سماخه بجرير معقود " أخرجه المخلص في فوائده , والسماخ بكسر المهملة وآخره معجمة ويقال بالصاد المهملة بدل السين , وعند سعيد بن منصور بسند جيد عن ابن عمر " ما أصبح رجل على غير وتر إلا أصبح على رأسه جرير قدره سبعين ذراعا " . قوله : ( عليك ليل طويل )
كذا في جميع الطرق عن البخاري بالرفع , ووقع في رواية أبي مصعب في الموطأ عن مالك " عليك ليلا طويلا " وهي رواية ابن عيينة عن أبي الزناد عند مسلم , قال عياض : رواية الأكثر عن مسلم بالنصب على الإغراء , ومن رفع فعلى الابتداء , أي باق عليك , أو بإضمار فعل أي بقي . وقال القرطبي : الرفع أولى من جهة المعنى لأنه الأمكن في الغرور من حيث إنه يخبره عن طول الليل ثم يأمره بالرقاد بقوله " فارقد " وإذا نصب على الإغراء لم يكن فيه إلا الأمر بملازمة طول الرقاد وحينئذ يكون قوله " فارقد " ضائعا , ومقصود الشيطان بذلك تسويفه بالقيام والإلباس عليه . وقد اختلف في هذه العقد فقيل هو على الحقيقة وأنه كما يعقد الساحر من يسحره , وأكثر من يفعله النساء تأخذ إحداهن الخيط فتعقد منه عقدة وتتكلم عليه بالسحر فيتأثر المسحور عند ذلك , ومنه قوله تعالى ( ومن شر النفاثات في العقد ) وعلى هذا فالمعقود شيء عند قافية الرأس لا قافية الرأس نفسها , وهل العقد في شعر الرأس أو في غيره ؟ الأقرب الثاني إذ ليس لكل أحد شعر , ويؤيده ما ورد في بعض طرقه أن على رأس كل آدمي حبلا , ففي رواية ابن ماجه ومحمد بن نصر من طريق أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا " على قافية رأس أحدكم حبل فيه ثلاث عقد " , ولأحمد من طريق الحسن عن أبي هريرة بلفظ " إذا نام أحدكم عقد على رأسه بجرير " ولابن خزيمة وابن حبان من حديث جابر مرفوعا " ما من ذكر ولا أنثى إلا على رأسه جرير معقود حين يرقد " الحديث , وفي الثواب لآدم بن أبي إياس من مرسل الحسن نحوه . والجرير بفتح الجيم هو الحبل , وفهم بعضهم من هذا أن العقد لازمة , ويرده التصريح بأنها تنحل بالصلاة فيلزم إعادة عقدها فأبهم فاعله في حديث جابر , وفسر في حديث غيره . وقيل هو على المجاز كأنه شبه فعل الشيطان بالنائم بفعل الساحر بالمسحور , فلما كان الساحر يمنع بعقده ذلك تصرف من يحاول عقده كان هذا مثله من الشيطان للنائم . وقيل المراد به عقد القلب وتصميمه على الشيء كأنه يوسوس له بأنه بقي من الليلة قطعة طويلة فيتأخر عن القيام . وانحلال العقد كناية عن علمه بكذبه فيما وسوس به . وقيل العقد كناية عن تثبيط الشيطان للنائم بالقول المذكور , ومنه عقدت فلانا عن امرأته أي منعته عنها , أو عن تثقيله عليه النوم كأنه قد شد عليه شدادا . وقال بعضهم . المراد بالعقد الثلاث الأكل والشرب والنوم , لأن من أكثر الأكل والشرب كثر نومه . واستبعده المحب الطبري لأن الحديث يقتضي أن العقد تقع عند النوم فهي غيره , قال القرطبي : الحكمة في الاقتصار على الثلاث أن أغلب ما يكون انتباه الإنسان في السحر فإن اتفق له أن يرجع إلى النوم ثلاث مرات لم تنقض النومة الثالثة إلا وقد ذهب الليل . وقال البيضاوي التقييد بالثلاث إما للتأكيد , أو لأنه يريد أن يقطعه عن ثلاثة أشياء الذكر والوضوء والصلاة , فكأنه منع من كل واحدة منها بعقدة عقدها على رأسه وكأن تخصيص القفا بذلك لكونه محل الوهم ومجال تصرفه وهو أطوع القوى للشيطان وأسرعها إجابة لدعوته . وفي كلام الشيخ الملوي أن العقد يقع على خزانة الإلهيات من الحافظة وهي الكنز المحصل من القوى , ومنها يتناول القلب ما يريد التذكر به . قوله : ( انحل عقده )
بلفظ الجمع بغير اختلاف في البخاري , ووقع لبعض رواة الموطأ بالإفراد , ويؤيده رواية أحمد المشار إليها قيل فإن فيها " فإن ذكر الله انحلت عقدة واحدة , وإن قام فتوضأ أطلقت الثانية , فإن صلى أطلقت الثالثة " وكأنه محمول على الغالب وهو من ينام مضطجعا فيحتاج إلى الوضوء إذا انتبه فيكون لكل فعل عقدة يحلها , ويؤيد الأول ما سيأتي في بدء الخلق من وجه آخر بلفظ " عقده كلها " ولمسلم من رواية ابن عيينة عن أبي الزناد " انحلت العقد " وظاهره أن العقد تنحل كلها بالصلاة خاصة , وهو كذلك في حق من لم يحتج إلى الطهارة كمن نام متمكنا مثلا ثم انتبه فصلى من قبل أن يذكر أو يتطهر , فإن الصلاة تجزئه في حل العقد كلها لأنها تستلزم الطهارة وتتضمن الذكر , وعلى هذا فيكون معنى قوله " فإذا صلى انحلت عقده كلها " إن كان المراد به من لا يحتاج إلى الوضوء فظاهر على ما قررناه , وإن كان من يحتاج إليه فالمعنى انحلت بكل عقدة أو انحلت عقده كلها بانحلال الأخيرة التي بها يتم انحلال العقد , وفي رواية أحمد المذكورة قبل " فإن قام فذكر الله انحلت واحدة , فإن قام فتوضأ أطلقت الثانية , فإن صلى أطلقت الثالثة " وهذا محمول على الغالب وهو من ينام مضطجعا فيحتاج إلى تجديد الطهارة عند استيقاظه فيكون لكل فعل عقدة يحلها . قوله : ( طيب النفس )
أي لسروره بما وفقه الله له من الطاعة , وبما وعده من الثواب , وبما زال عنه من عقد الشيطان . كذا قيل , والذي يظهر أن في صلاة الليل سرا في طيب النفس وإن لم يستحضر المصلي شيئا مما ذكر , وكذا عكسه , وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى ( إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ) وقد استنبط بعضهم منه أن من فعل ذلك مرة ثم عاد إلى النوم لا يعود إليه الشيطان بالعقد المذكور ثانيا , واستثنى بعضهم - ممن يقوم ويذكر ويتوضأ ويصلي - من لم ينهه ذلك عن الفحشاء بل يفعل ذلك من غير أن يقلع , والذي يظهر فيه التفصيل بين من يفعل ذلك مع الندم والتوبة والعزم على الإقلاع وبين المصر . قوله : ( وإلا أصبح خبيث النفس )
أي بتركه ما كان اعتاده أو أراده من فعل الخير , كذا قيل , وقد تقدم ما فيه . وقوله : ( كسلان )
غير مصروف للوصف ولزيادة الألف والنون , ومقتضى قوله " وإلا أصبح " أنه إن لم يجمع الأمور الثلاثة دخل تحت من يصبح خبيثا كسلان , وإن أتى ببعضها وهو كذلك , لكن يختلف ذلك بالقوة والخفة , فمن ذكر الله مثلا كان في ذلك أخف ممن لم يذكر أصلا . وروينا في الجزء الثالث من الأول من حديث المخلص في حديث أبي سعيد الذي تقدمت الإشارة إليه " فإن قام فصلى انحلت العقد كلهن , وإن استيقظ ولم يتوضأ ولم يصل أصبحت العقد كلها كهيئتها " وقال ابن عبد البر : هذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيعها , أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو إلى النافلة بالليل فغلبته عينه فنام فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته ونومه عليه صدقة . وقال أيضا : زعم قوم أن هذا الحديث يعارض قوله صلى الله عليه وسلم " لا يقولن أحدكم خبثت نفسي " وليس كذلك لأن النهي إنما ورد عن إضافة المرء ذلك إلى نفسه كراهة لتلك الكلمة , وهذا الحديث وقع ذما لفعله , ولكل من الحديثين وجه , وقال الباجي : ليس بين الحديثين اختلاف , لأنه نهى عن إضافة ذلك إلى النفس - لكون الخبث بمعنى فساد الدين - ووصف بعض الأفعال بذلك تحذيرا منها وتنفيرا . قلت : تقرير الإشكال أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن إضافة ذلك إلى النفس فكل ما نهي المؤمن أن يضيفه إلى نفسه نهي أن يضيفه إلى أخيه المؤمن , وقد وصف صلى الله عليه وسلم هذا المرء بهذه الصفة فيلزم جواز وصفنا له بذلك لمحل التأسي , ويحصل الانفصال فيما يظهر بأن النهي محمول على ما إذا لم يكن هناك حامل على الوصف بذلك كالتنفير والتحذير .
( تنبيهات ) :
الأول ذكر الليل في قوله " عليك ليل " ظاهره اختصاص ذلك بنوم الليل , وهو كذلك , لكن لا يبعد أن يجيء مثله في نوم النهار كالنوم حالة الإبراد مثلا ولا سيما على تفسير البخاري من أن المراد بالحديث الصلاة المفروضة . ثانيها , ادعى ابن العربي أن البخاري أومأ هنا إلى وجوب صلاة الليل لقوله " يعقد الشيطان " وفيه نظر , فقد صرح البخاري في خامس ترجمة من أبواب التهجد بخلافه حيث قال " من غير إيجاب " وأيضا فما تقدم تقريره من أنه حمل الصلاة هنا على المكتوبة يدفع ما قاله ابن العربي أيضا , ولم أر النقل في القول بإيجابه إلا عن بعض التابعين . قال ابن عبد البر : شذ بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة , والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه , ونقله غيره عن الحسن وابن سيرين , والذي وجدناه عن الحسن ما أخرجه محمد بن نصر وغيره عنه أنه قيل له : ما تقول في رجل استظهر القرآن كله لا يقوم به إنما يصلي المكتوبة ؟ فقال : أمن الله هذا , إنما يتوسد القرآن . فقيل له : قال الله تعالى ( فاقرءوا ما تيسر منه ) قال : نعم , ولو قدر خمسين آية . وكان هذا هو مستند من نقل عن الحسن الوجوب . ونقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أنه قال : إنما قيام الليل على أصحاب القرآن , وهذا يخصص ما نقل عن الحسن , وهو أقرب , وليس فيه تصريح بالوجوب أيضا . ثالثها : وقد يظن أن بين هذا الحديث والحديث الآتي في الوكالة من حديث أبي هريرة الذي فيه " أن قارئ آية الكرسي عند نومه لا يقربه الشيطان " معارضة , وليس كذلك , لأن العقد إنما حمل على الأمر المعنوي والقرب على الأمر الحسي وكذا العكس فلا إشكال , إذ لا يلزم من سحره إياه مثلا أن يماسه , كما لا يلزم من مماسته أن يقربه بسرقة أو أذى في جسده ونحو ذلك . وإن حملا على المعنويين أو العكس فيجاب بادعاء الخصوص في عموم أحدهما . والأقرب أن المخصوص حديث الباب كما تقدم تخصيصه عن ابن عبد البر بمن لم ينو القيام , فكذا يمكن أن يقال يختص بمن لم يقرأ آية الكرسي لطرد الشيطان والله أعلم . رابعها : ذكر شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين في " شرح الترمذي " أن السر في استفتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين المبادرة إلى حل عقد الشيطان , وبناه على أن الحل لا يتم إلا بتمام الصلاة , وهو واضح , لأنه لو شرع في صلاة ثم أفسدها لم يساو من أتمها , وكذا الوضوء . وكأن الشروع في حل العقد يحصل بالشروع في العبادة وينتهي بانتهائها . وقد ورد الأمر بصلاة الركعتين الخفيفتين عند مسلم من حديث أبي هريرة فاندفع إيراد من أورد أن الركعتين الخفيفتين إنما وردتا من فعله صلى الله عليه وسلم كما تقدم من حديث عائشة , وهو منزه عن عقد الشيطان , حتى ولو لم يرد الأمر بذلك لأمكن أن يقال : يحمل فعله ذلك على تعليم أمته وإرشادهم إلى ما يحفظهم من الشيطان . وقد وقع عند ابن خزيمة من وجه آخر عن أبي هريرة في آخر الحديث " فحلوا عقد الشيطان ولو بركعتين " خامسها : إنما خص الوضوء بالذكر لأنه الغالب , وإلا فالجنب لا يحل عقدته إلا الاغتسال , وهل يقوم التيمم مقام الوضوء أو الغسل لمن ساغ له ذلك ؟ محل بحث . والذي يظهر إجزاؤه , ولا شك أن في معاناة الوضوء عونا كبيرا على طرد النوم لا يظهر مثله في التيمم . سادسها : لا يتعين للذكر شيء مخصوص لا يجزئ غيره , بل كل ما صدق عليه ذكر الله أجزأ , ويدخل في تلاوة القرآن وقراءة الحديث النبوي والاشتغال بالعلم الشرعي , وأولى ما يذكر به ما سيأتي بعد ثمانية أبواب في " باب فضل من تعار من الليل " ويؤيده ما عند ابن خزيمة من الطريق المذكورة " فإن تعار من الليل فذكر الله
</b> حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن إسمعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حد الساحر ضربة بالسيف
قال أبو عيسى هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وإسمعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث من قبل حفظه وإسمعيل بن مسلم العبدي البصري قال وكيع هو ثقة ويروى عن الحسن أيضا والصحيح عن جندب موقوف والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهو قول مالك بن أنس و قال الشافعي إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل في سحره ما يبلغ به الكفر فإذا عمل عملا دون الكفر فلم نر عليه قتلا تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قوله : ( حد الساحر ضربة بالسيف )
قال في مجمع البحار يروى بالتاء وبالهاء , وعدل عن القتل إلى هذا كي لا يتجاوز منه إلى أمر آخر , واستدل به من قال : إن حد الساحر القتل لكن الحديث ضعيف .
قوله : ( هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه )
وأخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي ( وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث من قبل حفظه )
قال في التقريب : إسماعيل بن مسلم المكي أبو إسحاق كان من البصرة ثم سكن مكة وكان فقيها ضعيف الحديث من الخامسة ( وإسماعيل بن مسلم العبدي البصري قال وكيع : هو ثقة ويروى عن الحسن أيضا )
أي كما يروي عنه إسماعيل بن مسلم المكي . قال في التقريب : إسماعيل بن مسلم العبدي أبو محمد البصري القاضي ثقة من السادسة .
قوله : ( وهو قول مالك بن أنس إلخ )
قال النووي في شرح مسلم : عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع , قال : وقد يكون كفرا وقد لا يكون كفرا بل معصية كبيرة , فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر وإلا فلا . وأما تعلمه وتعليمه فحرام , قال : ولا يقتل عندنا يعني الساحر , فإن تاب قبلت توبته , وقال مالك : الساحر كافر بالسحر ولا يستتاب ولا تقبل توبته بل يتحتم قتله . والمسألة مبنية على الخلاف في قبول توبة الزنديق ; لأن الساحر عنده كافر كما ذكرنا وعندنا ليس بكافر وعندنا تقبل توبة المنافق والزنديق . قال القاضي عياض : وبقول مالك قال أحمد بن حنبل وهو مروي عن جماعة من الصحابة والتابعين . قال أصحابنا إذا قتل الساحر بسحره إنسانا أو اعترف أنه مات بسحره وأنه يقتل غالبا لزمه القصاص , وإن مات به ولكنه قد يقتل وقد لا يقتل فلا قصاص وتجب الدية والكفارة , وتكون الدية في ماله لا على عاقلته ; لأن العاقلة لا تحمل ما ثبت باعتراف الجاني . قال أصحابنا : ولا يتصور القتل بالسحر بالبينة وإنما يتصور باعتراف الساحر والله تعالى أعلم .
</b> حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا ابن وهب قال حدثني سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات
صحيح مسلم بشرح النووي
قوله : عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اجتنبوا السبع الموبقات قيل : يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله , والسحر , وقتل النفس , التي حرم الله إلا بالحق , وأكل مال اليتيم , وأكل الربا , والتولي يوم الزحف , وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات . وأبو الغيث
اسمه سالم .
وأما ( الموبقات )
فهي المهلكات يقال : ( وبق الرجل ) بفتح الباء ( ويبق ) بكسرها , و ( وبق ) بضم الواو وكسر الباء ( يوبق ) : إذا هلك . و ( أوبق ) غيره أي أهلكه .
وأما ( المحصنات الغافلات )
فبكسر الصاد وفتحها قراءتان في السبع : قرأ الكسائي بالكسر , والباقون بالفتح , والمراد بالمحصنات هنا العفائف , وبالغافلات الغافلات عن الفواحش , وما قذفن به . وقد ورد الإحصان في الشرع على خمسة أقسام : العفة , والإسلام , والنكاح , والتزويج , والحرية . وقد بينت مواطنه وشرائطه وشواهده في كتاب تهذيب الأسماء واللغات والله أعلم .
وأما عده صلى الله عليه وسلم التولي يوم الزحف من الكبائر فدليل صريح لمذهب العلماء كافة في كونه كبيرة إلا ما حكي عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال : ليس هو من الكبائر . قال : والآية الكريمة في ذلك إنما وردت في أهل بدر خاصة . والصواب ما قاله الجماهير أنه عام باق . والله أعلم .
وأما عده صلى الله عليه وسلم السحر من الكبائر فهو دليل لمذهبنا الصحيح المشهور . ومذهب الجماهير أن السحر حرام من الكبائر فعله وتعلمه وتعليمه . وقال بعض أصحابنا : إن تعلمه ليس بحرام , بل يجوز ليعرف ويرد على صاحبه ويميز عن الكرامة للأولياء : وهذا القائل يمكنه أن يحمل الحديث على فعل السحر . والله أعلم
تعليق