تعدُّ الحضارة الفرعونيَّة من أقدم التَّجمُّعات البشريَّة الحضاريَّة الَّتي تمَّ التوثيق لها، فجُذورها موغِلة في القدم، ممتدَّة فيما بعدها، ولها تراث عقدي من الأساطير والسِّحْر أحدث زخمًا فكريًّا بامتِداداته في مَن عاصرها من الأمم، وما تلاها من الحضارات.
وفي الحضارة الفرْعوْنيَّة هرَمُ السلطة يعْلوه الفراعنة، ولا يعلو عليْهم أحدٌ لا من البشَر ولا من الآلهة، يليهم "الملأ":
1- الجيش: ويُمثّل القوَّة الماديَّة والعسكريَّة للفرعون، وهو الجهاز الضَّابط والمنفِّذ، وبه يبسط الفرعون سلطانه ويرقب أتباعه، ويبطش بِمن خالفه بجنده، ويُحافظ على سيادته على مملكته، ويحميها من الغزاة.
2- السَّحرة أو الكهنة: وهم الهيئة السياسيَّة والاستِشاريَّة، المساعدة في تدبير شؤون الحكم، كانوا يمثِّلون الدِّين والفكر، والفلسفة التي يَعتمد عليها الفرعون في إصدار الأوامر وتدْبير شؤون الدولة.
{وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ * قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ * وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 104 - 127].
والكهنة كانوا عماد الحضارة الفكريَّة والعقديَّة، وقد تتلمذ على أيدِيهم خلق عظيم، منهم بعض كبار فلاسفة اليونان؛ كفيثاغورس وأفلاطون وغيرهم، فاشتغلوا بالعلوم الطبيعيَّة، وعلم الفلَك، والرياضيَّات والهندسة، والكيمياء والسيمياء والطّبّ، وتكوَّنت خلال هذه الحضارة الطوطميَّة قاعدة هائلة من الثَّقافة السحْريَّة السَّوداء، والعقائد الوثنيَّة والأساطير الخرافيَّة[1].
وفي خضم تلك الحضارة، كان يقبع تحت سلطانها بنو إسرائيل، يسومهم آل فرعون سوء العذاب، ولأنَّهم ضمن النسيج الاجتِماعي الحضاري الفرْعوني؛ كان من نتاج الاحتكاك الثقافي تلقِّي ثقافة الغالب، وامتزاجها مع ما لهم من عادات وعبادات، وضمّها ضِمْن تُراثهم العقدي والفكْري على أنَّها من نتاجهم تدريجيًّا؛ لإقامتهم عدَّة قرون في مصر الفرعونيَّة، فتشكَّلتْ عندهم تعاليم كهنوتيَّة فلسفيَّة سحريَّة، هي جماع الخليط بين التُّراث الإسرائيلي والتراث المصري الفِرعوني، عُرفت في التاريخ اليهودي فيما بعد بثقافة القبالاه اليهودية، المستوْحاة من القابالاه المصريَّة القديمة، وهذه التَّعاليم بمثابة فلسفة منهجيَّة للتَّفكير والتَّحليل، مرَّت بأطوار عدَّة حتَّى طبَّقوها على شرح التَّوراة، فكسبت رداءً دينيًّا معه وشاح الشَّرعيَّة التلموديَّة.
وفي الحضارة الفرْعوْنيَّة هرَمُ السلطة يعْلوه الفراعنة، ولا يعلو عليْهم أحدٌ لا من البشَر ولا من الآلهة، يليهم "الملأ":
1- الجيش: ويُمثّل القوَّة الماديَّة والعسكريَّة للفرعون، وهو الجهاز الضَّابط والمنفِّذ، وبه يبسط الفرعون سلطانه ويرقب أتباعه، ويبطش بِمن خالفه بجنده، ويُحافظ على سيادته على مملكته، ويحميها من الغزاة.
2- السَّحرة أو الكهنة: وهم الهيئة السياسيَّة والاستِشاريَّة، المساعدة في تدبير شؤون الحكم، كانوا يمثِّلون الدِّين والفكر، والفلسفة التي يَعتمد عليها الفرعون في إصدار الأوامر وتدْبير شؤون الدولة.
{وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ * قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ * وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 104 - 127].
والكهنة كانوا عماد الحضارة الفكريَّة والعقديَّة، وقد تتلمذ على أيدِيهم خلق عظيم، منهم بعض كبار فلاسفة اليونان؛ كفيثاغورس وأفلاطون وغيرهم، فاشتغلوا بالعلوم الطبيعيَّة، وعلم الفلَك، والرياضيَّات والهندسة، والكيمياء والسيمياء والطّبّ، وتكوَّنت خلال هذه الحضارة الطوطميَّة قاعدة هائلة من الثَّقافة السحْريَّة السَّوداء، والعقائد الوثنيَّة والأساطير الخرافيَّة[1].
وفي خضم تلك الحضارة، كان يقبع تحت سلطانها بنو إسرائيل، يسومهم آل فرعون سوء العذاب، ولأنَّهم ضمن النسيج الاجتِماعي الحضاري الفرْعوني؛ كان من نتاج الاحتكاك الثقافي تلقِّي ثقافة الغالب، وامتزاجها مع ما لهم من عادات وعبادات، وضمّها ضِمْن تُراثهم العقدي والفكْري على أنَّها من نتاجهم تدريجيًّا؛ لإقامتهم عدَّة قرون في مصر الفرعونيَّة، فتشكَّلتْ عندهم تعاليم كهنوتيَّة فلسفيَّة سحريَّة، هي جماع الخليط بين التُّراث الإسرائيلي والتراث المصري الفِرعوني، عُرفت في التاريخ اليهودي فيما بعد بثقافة القبالاه اليهودية، المستوْحاة من القابالاه المصريَّة القديمة، وهذه التَّعاليم بمثابة فلسفة منهجيَّة للتَّفكير والتَّحليل، مرَّت بأطوار عدَّة حتَّى طبَّقوها على شرح التَّوراة، فكسبت رداءً دينيًّا معه وشاح الشَّرعيَّة التلموديَّة.
تعليق