محاضرة للشيخ محمود المصري
بعنوان من يدفعهم عنا وهو رفيقي في الجنة
• المقدمة.
• نشأة ونسب سيدنا طلحة.
• سيرته قبل الإسلام.
• طلحة ثمن الإسلام.
• إيذاء المشركين له ثم الهجرة.
• غزوة أحد "كان هذااليوم كله لطلحة".
• إنفاق وكرم سيدنا طلحة.
• موقف طلحة وقتله فى الفتنة.
• ما يستفاد من قصة طلحة.
إن الحمد لله تعالى نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم و إليه ترجعون و أشهد أن محمدا عبده ورسوله و صفيه من خلقه و حبيبه أدى الأمانة و بلغ الرسالة و نصح الأمة فكشف الله به الغمة و جاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين فصلوات ربي و سلامه عليه وعلى آله و صحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى و أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله و سلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار
مرحبا بكم مع صفحة جديدة من صفحات قصص أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم - الحقيقة قصة هذه الليلة هى قصة التضحية والفداء قصة واحد من الصحابة كان عنده إستعداد أنه يضحى بكل شئ فى حياته لكى يدافع عن النبى صلى الله عليه وسلم وبذلك أريد أن أبدأ هذا الدرس بسؤال صغير لو عرض عليك أن تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم ياترى هل كنت ستفعل!! بالتأكيد كل واحد سيقول نعم طبعا أضحى بكل شئ من أجله صلى الله عليه وسلم- إذن أنت الأن مطالب بأشياء أبسط من ذلك بكثير: مطالب أن تتبع سنة النبى -مطالب أن تصلى - تحجب زوجتك تحجب بناتك - أن تحسن إلى جيرانك - أن تبر والديك - أن تفعل هذه الأشياء الطيبات وهذه أشياء أبسط بكثير من أن تضحى بدمائك من أجل النبي صلى الله عليه وسلم- هذا الصحابي الجليل لك أن تتخيل أنه وقف في يوم من الأيام مقابل جيشا كاملا لكي يدافع عن النبي وضرب تسعة وثلاثون ضربة بالسيف ومازال يدافع عن النبي وشل في يديه وهو يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم لقاؤنا مع الشهيد الحي!!
طلحة بن عُبَيدِ الله
الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم "من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشى على الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله" وهو من العشرة المبشرين بالجنة وكثير من المسلمين بكل أسف لا يعرفون أسماء العشرة المبشرين بالجنة لكن يعرفون أسماء الفريق القومي والإحتياطي والبدل وأسماء الفرقة التي يحبها وأسماء الفنانين وتاريخ حياتهم وما يحب أن يأكل ويشرب والمكان الذي يحب أن يتنزه فيه كل واحد منهم- سبحان الله! لكن كثيرا منا لا يعرف شيئا عن أصحاب النبي مع أننا والله في حاجة لأن نعظم أصحاب النبي حتى يكونوا أغلى عندنا من الأزواج والأولاد بل ومن الآباء والأمهات- الصحابة هم أجدادنا الذين نفتخر بهم وهم أفضل جيل طلعت عليه الشمس وغربت بعد الأنبياء والمرسلين صلوات ربى وسلامه عليهم- تخيل سيدنا طلحة بن عبيد الله من العشرة المبشرين بالجنة وهؤلاء العشرة منهم ستة أسلموا على يد أبى بكر الصديق الذي أسلم على يديه أكثر من ثلاثين صحابيا ومن هؤلاء الستة ضيفنا الليلة طلحة بن عبيد الله -تعالوا نعيش القصة من أولها لكن بعد- الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم- نشأ سيدنا طلحة فى مكة بين أبويه وكان أبوه عبيد الله من أشراف وأثرياء مكة -أى من الأغنياء- وكان صاحب منصب وجاه وكانت له مكانة بين أهل مكة وأم طلحة الصعبة بنت عبد الله كان جدها لأمها وهب بن عبدالله وكان رجلا مشهورا بالعطاء والكرم وكان يغدق بالأموال على كل القبائل التى من حوله فهذا نسب سيدنا طلحة بن عبيد الله -أى أنه كان من علية القوم وكان يتعلم من أمه وأبيه فتعلم منهم الجود والكرم والوفاء والأخلاق الطيبة وسبحان الله كانوا أفاضل فتعلم منهم كل مكرمة رضى الله عنه وأرضاه وعندما كبرسيدنا طلحة بن عبيد الله تزوج حمنة بنت جحش وهى أخت زينب بنت جحش زوج النبى صلى الله عليه وسلم وكان لسيدنا طلحة هوايات في صغره- كان يحب الرماية جدا لكن عندما كبر انشغل بالتجارة فعرفته أسواق الشام واليمن بأنه التاجر الأمين وكان مشهورا بالأمانة والصدق وكان سخيا جدا وسمحا فى البيع والشراء وكان الناس جميعا يحبونه وكان هو وأبوبكر الصديق أشهر إثنين من التجار الذين إشتهروا بالسماحة والصدق والأمانة وسبحان الله كما قلت لكم أن سيرة الإنسان تنفعه عند الدعوة إلى الله عز وجل فعندما تكون سيرتك طيبة بفضل الله عز وجل تجد الناس يحبونك- حتى إذا مات الإنسان وكانت سيرته طيبة فإن سيرته تبقى بعده فهذه السيرة عمر آخر للإنسان وإذا أصبح داعية إلى الله وسيرته طيبة فالناس تستجب إليه سريعا لأنهم يعلمون سيرته وأنه إنسان فاضل ولذلك عندما كان سيدنا يوسف فى السجن عليه السلام عندما طلب الإثنين أن يؤل لهما الرؤيا قالوا له "نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين" فكان سمت الإحسان ظاهرا على وجهه بفضل الله فقبل أن يؤل لهم الرؤيا دعاهم إلى الله عز وجل وعلمهم التوحيد قبل أى شئ إذا سيرة الإنسان تنفعه فى حياته وفى دعوته- فكان سيدنا طلحة يرى الجاهلية التى كان يعيش الناس فيها من وأد البنات وشرب الخمور والزنا والميسر وكل الأشياء القبيحة التى كانت منتشرة فى هذا المجتمع وكان يتمنى أن يكون الناس جميعا أفاضل -مثلما هو فاضل- وأن يكونوا على أخلاق طيبة وكان يتمنى أن تعم الرحمة والود واللين والإحسان الجزيرة العربية بل والكون كله وشاء المولى عز وجل أن هذه الأمنية لم يطل الإنتظار عليها فقد بعث الله حبيبه محمد لكى ينشر الخير كله على الكون بأبى هو وأمى صلى الله عليه وسلم- طبعا أول من أسلم كان سيدنا أبو بكر الصديق وكان كما قلت تاجر مشهور جدا بالأمانة والجود والوفاء وكان كذلك أيضا طلحة بن عبيد الله ولما علم طلحة بأن سيدنا أو بكر أسلم قال من المؤكد أن لا يجتمع محمد صلى الله عليه وسلم وأبى بكر على باطل أبدا - فالنبى كان معروفا فى الجاهلية بالصادق الأمين وكان أبو جهل نفسه عندما سئل عن النبى ماذا تنقمون على محمد وماذا تقولون فيه يقول أنه الصادق الأمين -فطلحة بن عبيد الله عندما وجد أبى بكر دخل فى الإسلام ودخل مع النبى وهو كان يعرف أخلاق النبى وأخلاق أبى بكر فأسرع للإسلام وبسرعة إستجابة - وأنت إذا علمت هذا الأمر فيه خير فإياك أن تتأخر فلا تؤخرعمل اليوم لغد فهو عندما علم أنهم على الحق أسرع وصافح النبى صلى الله عليه وسلم وأسلم بين يدي الحبيب صلى الله عليه وسلم لدرجة أنه من شدة المسارعة والمسابقة كان طلحة بن عبيد الله رقم ثمانية من الذين أسلموا حتى أنه يقول عن نفسه "والله لقد مر على يوم وأنا ثمن الإسلام" أى أنا ثامن من يدخل فى الإسلام وهذا درس جميل جدا نبدأ به وهو أن الإنسان ياحبذا أن يكون مسابقا ياحبذا أن تكون أنت أول من يلتزم فى المكان الذى تعيش فيه أو أول من يضع كولدير ماء فى الطريق لكى يشرب الناس منه أو أن تكونى أول من تلبس حجابها فى المنطقة التى تعيشين فيها أو أول من يتوب من المعصية فى وسط أصحابك أو أول من يطلب العلم أو أول من يدعوا إلى الله- قال تعالى "وسابقوا إلى مغفرة من ربكم" -وقال تعالى "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم" وأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم كانوا فى سباق دائم لا ينقطع أبدا بالنسبة لطاعة الله سبحانه وتعالى نعطى مثالين بسيطين لكن بعد -الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم- حديث رواه مسلم -أن النبى صلى الله عليه وسلم كان جالسا فى يوم وسط الصحابة- فكان النبى لا يقول لهم من فيكم أكمل عمارته أو من فيكم الذى بنى الدور الثانى أومن إشترى المرسيدس النبى كان لايسألهم إلا عن طاعة تقربهم إلى الله- قال من أصبح اليوم صائما قال أبو بكر أنا قال من عاد منكم اليوم مريضا قال أبو بكر أنا قال من تبع منكم اليوم جنازة قال أبو بكر أنا قال من تصدق اليوم على مسكين قال أبو بكر أنا قال النبى صلى الله عليه وسلم ما إجتمعن فى إمرئ إلا دخل الجنة" وحديث آخر جميل جدا رواه أحمد والنسائى بإسناد حسن "أن النبى عليه الصلاة والسلام فى يوم من الأيام أيضا مرهو وأبوبكر وعمرعلى دارعبد الله بن مسعود -أى مروا من أمام بيت عبد الله بن مسعود وكان ذلك فى الثلث الأخير من الليل فياترى عبد الله بن مسعود ماذا كان يفعل وعلى أى شئ يسهر- كان عبد الله بن مسعود يصلى قيام الليل- أيام ما كانت بيوت المسلمين عامرة بذكر الله وبطاعة الله وقيام الليل وقراءة القرآن وكانت البيوت عامرة بالخير نعم كانوا يعيشون على الحصير وكانوا لا يملكون إلا طبق وإناء وكوب وأشياء بسيطة جدا لكن السعادة كانت تملأ البيت كله نحن اليوم ماشاء الله لدينا مكيفات وديب فريزر وثلاجة اثنى عشر قدم ماشاء الله والموكيت والسجاد العجمى والإنترنت وكل هذا ومع ذلك لا تشعر بأى شئ من السعادة وعربة مكيفة تحت أرجلك ورغم ذلك لا تشعر بالسعادة وكأن الدنيا كلها وكأنك تنظر لها من ثقب إبرة ولكن هم كانوا يشعرون بأنهم ملكوا الدنيا بهذه الحصيرة التى يجلسون عليها لماذا لأنها كانت دائما تبتل بدموعهم من خشية الله وكانت هذه الأرض تشهد لهم بأنهم يطيعون ربنا كانت الأرض أو الغرفة البسيطة التى يعيشون فيها كانت تشهد طالما ملؤوها سجودا وركوعا وخشوعا لله سبحانه وتعالى سيدك "النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يسجد وهو فى غرفة أمنا عائشة- وهو من سيد ولد آدم الذى- عرضت عليه جبال مكة أن تصير له ذهبا فقال بل أجوع يوما فأصبر وأشبع يوما فأشكر- النبى صلى الله عليه وسلم الذى اذا طلب أن يملك الكون هذا كله سيملكه صلى الله عليه وسلم ورغم ذلك كان عندما يحب أن يسجد -لا يجد مكانا فى الغرفة يسجد فيه فكان يغمز أمنا عائشة فى رجلها- لكى يسجد النبى لأنه لا يوجد مكان فى الغرفة فالغرفة ضيقة وعندما يقوم صلى الله عليه وسلم من سجوده كان يغمزها لكى تعيد رجلها ثانية كى تستطيع النوم بأبى هو وأمى صلى الله عليه وسلم "فالنبى هو وأبو بكر وعمر مروا على دار عبد الله بن مسعود ووجدوه يصلى قيام الليل بسورة النساء ويبكى فقال النبى صلى الله عليه وسلم لأبى بكر وعمر من سره أن يسمع القرآن غضا طريا كما أنزل فليسمع إلى قراءة ابن أم عبد –يعنى ابن مسعود- وجلس عبد الله بن مسعود يدعوا -وهذا كله ولا يدرى أن النبى خارج البيت- فقال صلى الله عليه وسلم سل تعطى- أى عندما رفع سيدنا عبد الله بن مسعود يديه للدعاء قال النبى صلى الله عليه وسلم سل تعطى وهذا بوحى من الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أى أن أى دعاء ستدعوا به الآن فإن أبواب السماء مفتحة فماذا طلب سيدنا عبد الله بن مسعودهل طلب قصرا هل طلب فيللا هل قال يارب وسع علينا نريد شقة على النيل وسيارة شبح لا ولكنه طلب ثلاثة أشياء بالله عليك إحفظهم -قال سيدنا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه اللهم إنى أسألك إيمانا لا يرتد ونعيما لاينفد ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعالى جنان الخلد فقال النبى آمين- أى أن النبى أمنه على الثلاث دعوات إيمانا لايرتد أى سيبقى سيدنا عبد الله بن مسعود على إيمانه إلى أن يموت ونعيما لاينفد إذن سيدخل الجنة والثالثة مرافقة النبى صلى الله عليه وسلم فى أعالى جنان الخلد فالشاهد من الحديث أن سيدنا عمر قال -اليوم أسبق أبا بكر إن كنت سبقته يوما- أى أننى لم أستطع أن أسبق أبا بكر فى خير- إذا سأذهب لأبشر عبد الله بن مسعود بأن النبى صلى الله عليه وسلم أمن على دعاءه فلما إنتهى الناس من صلاة الصبح جرى إلى بيت عبد الله بن مسعود قال فوجدت أبابكر خارجا من عنده قد بشره بتأمين النبى صلى الله عليه وسلم على دعاءه قال والله لا أسبقك إلى خير أبدا يا أبا بكر- وقد عرف أن المرتبة الأولى بعد النبى صلى الله عليه وسلم هى لأبى بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه- نعود إلى موضوعنا فإن سيدنا طلحة بن عبيد الله عذب عذابا شديدا ورغم أنه مثلما قلت كان من علية القوم وكان له مكانة إجتماعية عالية جدا رغم ذلك لم يفلت من عذاب المشركين رضى الله عنه وأرضاه لكنه تحمل وثبت- وهذا درس جميل جدا فكثير من الشباب يلتزم ومع أول إبتلاء يتعرض له يحلق لحيته ويترك الصلاة ويجلس على القهاوى ويبعد عن طاعة الله وكثير من البنات مع أول إبتلاء فأهلها يضايقونها لأنها إرتدت الحجاب أو زوجها لايريدها أن ترتديه فتسعى لإرضاء الخلق وتنسى رضا الخالق عز وجل فتخلع الحجاب لترضى أبوها وأمها أو تخلعه لترضى زوجها- نسأل الله العفو والعافية- انظر إلى طلحة بن عبيد الله تعذب نعم- ما المشكلة سأتعذب عذابا بسيطا فهو أهون مليون مرة من غمسة واحدة فى النار فالإنسان الذى يمكن أن يتعذب فى الدنيا ويتحمل لكى يثبت على دينه سينسى كل هذا مع أول غمسة فى الجنة فما بالك بالذى سيعيش مع النبى وأصحابه فى الجنة أما الإنسان الذى لن يثبت على دينه سيرتاح لكن فى النهاية سينسى كل هذه الراحة مع أول غمسة فى النار نسأل الله العفو والعافية إذن دينك دينك لحمك دمك فأغلى شئ عندك أن تلقى الله على التوحيد وعلى نعمة هذا الدين العظيم- فما الذى يثبت الإنسان على دينه!! الذى يثبت الإنسان على دينه هو صدق إنتماءه لهذا الدين وما الذى يجعل الصحابى ينفق!! هو صدق الإنتماء وما الذى يجعله يهاجر ويترك بلاده وأولاده وحياته وبيته!! هو صدق الإنتماء وما الذى يجعله يضحى بكل حياته وبدمه وأى شئ أغلى من الدم يعلم أنه سيدخل المعركة وسيتقطع إلى قطع فى سبيل الله ما الذى يجعله يفعل ذلك وهو مرتاح وسعيد لدرجة أن حرام بن ملحان كما عند البخارى فى حادثة بئر معونة وقد دخل الرمح من ظهره وخرج من صدره أريدك أن تتخيل معى هذا المشهد فعندما خرج الرمح من صدره فار دمه مثل النافوره فأمسك الدم بيديه الإثنتين ومسح على وجهه وابتسم وقال فزت ورب الكعبة فبماذا فاز وهو قد مات فعند أول بثقة دم غفر له كل ذنوبه ورأي مقعده من الجنة وأصبح شهيدا وسيكون مع النبى فى الجنة فما أعظم من ذلك لذا قال فزت ورب الكعبة وكما قلنا ونقول فى كل درس عندما اشتد إيذاء المشركين لأصحاب النبى عليه الصلاة والسلام أذن لهم النبى صلى الله عليه وسلم صاحب القلب الرحيم بالهجرة إلى المدينة المنورة ثم هاجر النبى صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وكان من ضمن الذين هاجروا سيدنا طلحة بن عبيد الله وعاشوا فى رحاب الأنصار رضى الله عنهم وأرضاهم ويأتى يوم ويبشر فيه النبى صلى الله عليه وسلم سيدنا طلحة بأنه سيموت شهيدا فتخيل إذا جاء لك النبى صلى الله عليه وسلم وقال لك يا فلان إنك ستموت شهيدا بل وقالها له فى شكل جميل جدا حديث رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم فى يوم من الأيام صعد على جبل حراء فتحرك الجبل فرحا بمن فوقه فقال النبى صلى الله عليه وسلم اثبت حراء فإنما عليك نبى أو صديق أو شهيد وكان فوقه النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص إذن لقد حكم النبى صلى الله عليه وسلم بالشهادة لعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص وحديث آخر فى البخارى ومسلم صعد النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان على جبل أحد فاهتز الجبل فرحا فقال النبى صلى الله عليه وسلم "اثبت أحد فإنما عليك نبى وصديق وشهيدان" والشهيدان هما عمر وعثمان وكما اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ وهو تلميذ من تلاميذ النبى صلى الله عليه وسلم أى أن عرش مالك الملك وملك الملوك اهتز فرحا بقدوم روح سعد بن معاذ رضى الله عنه وأرضاه والحديث فى البخارى ومسلم كما أن الحصى والطعام كانوا يسبحون فى يد النبى صلى الله عليه وسلم وفى حديث رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال كنا نسمع صوت تسبيح الحصى فى يد النبى صلى الله عليه وسلم أى أن الصحابة كانوا يسمعون صوت تسبيحه وكما ترون فإنها كلها أحاديث صحيحة بفضل الله عز وجل فكان سيدنا طلحة سعيدا سعادة لايمكننى وصفها لأن النبى صلى الله عليه وسلم بشره بالشهادة لأن فى الحديث الذى رواه أحمد والترمذى بسند صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشهيد له سبع خصال يتميز بها عن سائر الخلق يقول النبى صلى الله عليه وسلم " للشهيد عند ربه سبع خصال يغفر له عند أول دفعة من دمه -أى تعود صحيفته بيضاء ليس بها ذنب واحد- ويرى مقعده من الجنة- لذا تجده يبتسم أى يرى المكان الذى سيعيش فيه فى الجنة- ويحلى حلة الإيمان- ورابع خصلة- يزوج بإثنتين وسبعين زوجة من الحور العين الواحدة منهن لو بدا بعض بنانها بدا- أى إذا ظهر بعض أصابعها- لطمس نور الشمس والقمر ولو أن خصلة من شعرها بدت لملأ ريحها ما بين المشرق والمغرب ونصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها وتنظر إلى مخ سوقها من وراء سبعين حلة من الحسن والجمال وتنظر فى مرآة خدها أربعين سنة لاتملها ولا تملك وتغنى لك نحن النعيمات فلا نبأس أبدا نحن المقيمات فلا نظعن أبدا نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام طوبى لمن كنا له وكان لنا -لذا فكما قلت لك فإن كل المشاكل ستحل فى الجنة- سبحان الله قال تعالى "إنا أنشأناهن إنشاءا فجعلناهن أبكارا عربا أترابا" فإن عربا تحل مشكلة الرجال والعروب هى المرأة التى تتفنن فى كلام العشق والغرام لزوجها فى الحلال وأترابا تحل مشكلة النساء فكلهن فى سن واحدة وهى ثلاثة وثلاثين سنة وهى السن التى رفع فيها سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام حيا إلى السماء فالكل فى سن واحدة -ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويلبس تاج الوقار الياقوتة الواحدة فيه خير من الدنيا ومافيها -وآخر خصلة- يشفع فى سبعين إنسانا من أهل بيته تكون قد وجبت لهم النار فيدخلهم الجنة" وعندما علم سيدنا طلحة بن عبيد الله أنه سيموت شهيدا ظل يبحث عن الشهادة فى كل مكان فشهد كل الغزوات مع النبى صلى الله عليه وسلم إلا أول الغزوات وهى غزوة بدر وذلك لأحد سببين على إختلاف الروايات والأول قيل أنه كان مسافرا فى تجارة بالشام والثانى أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل طلحة بن عبيد الله مع سعيد بن زيد وعمرو بن نفيل ليعرفوا متى ستعود القافلة فلما وصلوا الحوراء عرف أبو سفيان أنهم يتتبعوه فسار فى طريق آخر فلما رجعوا بعدها كانت غزوة بدر قد إنتهت لذا لم يحضرها وتمر الأيام وتأتى غزوة أحد وعندما نذكرغزوة أحد لابد أن نقول أن هذااليوم كله كان لطلحة بن عبيد الله وكان سيدنا أبى بكر الصديق إذا ذكر أمامه غزوة أحد يقول كان هذا اليوم كله لطلحة بن عبيد الله رضى الله عنه وأرضاه وفى بداية الغزوة أمر النبى صلى الله عليه وسلم خمسين رجل من الرماة ليصعدوا فوق جبل ليحموا ظهور المسلمين كى لا يعتدى عليهم المشركين من الخلف وكان على رأس هؤلاء الرماة عبد الله بن جبير فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم لو رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا أماكنكم فكان النصر فى بداية الغزوة للنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلما رأى الرماة أن النبى صلى الله عليه وسلم قد إنتصروا وأصحابه أخذوا يجمعون الغنائم فقالوا ننزل لنجمع الغنائم معهم فقال لهم عبد الله بن جبير أما سمعتم قول النبى صلى الله عليه وسلم أنه أمركم أن لاتبرحوا أماكنكم حتى ولو رأيتموهم تخطفهم الطير فقالوا لقد أنتهت الغزوة فنزل أربعون وبقى عشرة وكان على رأسهم عبد الله بن جبير فلما نزلوا حدثت مأساة وهى أن رأى خالد بن الوليد وكان مازال مشركا لأنه أسلم فى عام الفتح رضى الله عنه فلما رأى الأربعين نزلوا من فوق الجبل استدار وصعد هو ومن معه من المشركين فقتلوا العشرة من الرماة وانقضوا على ستين آخرين فقتلوا سبعين من صحابة النبى صلى الله عليه وسلم فكان موقف غاية فى الخطورة والصعوبة على النبى صلى الله عليه وسلم كان من بينهم حبيب النبى صلى الله عليه وسلم وعمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما فى الصحيحين جرح النبى صلى الله عليه وسلم وانكسرت رباعيته وهشمت خوذته وسالت دماءه صلى الله عليه وسلم إلى أن جاءت فاطمة بنت النبى لتمسح دماء النبى صلى الله عليه وسلم وانظروا لهذا المشهد المؤثر ونتيجة لضرب ابن قمئة عليه من الله ما يستحقه دخلت حلقات المخفر فى وجه النبى صلى الله عليه وسلم فثبتت الحلقات فى وجه النبى صلى الله عليه وسلم ثم أتى أبو عبيدة بن الجراح صحابى النبى صلى الله عليه وسلم وهو من العشر المبشرين بالجنة يريد أن يخرج الحلقات فاستحي أن يستخرجها بيديه فإستخرجها بأسنانه فإنكسرت كل أسنانه وأصبح أهتم يقول الصحابة فما رأينا هتما أجمل من هتم أبى عبيدة لأن أسنانه سقطت دفاعا عن النبى صلى الله عليه وسلم ويأتى صحابى آخر فيمتص الدماء مكان الحلقتين ويقول النبى صلى الله عليه وسلم له مج الدم فابتلع دم النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى من سره أن ينظر لرجل من أهل الجنة فلينظر إلى ذلك الرجل لأنه لا يمكن أن يضرب جسد فى النار وداخله دم النبى صلى الله عليه وسلم وتمر اللحظات الصعبة ويأتى ابن قمئة مرة ثانية فيضرب النبى بالسيف على عاتقه ضربة اشتكى منها النبى صلى الله عليه وسلم شهر كامل بأبى هو وأمى انظر ماحدث مع رسول الله نصبوا له شراك حفرة فوقع فيها وضرب على وجهه وكسرت رباعيته كل هذا العذاب الذى رآه النبى صلى الله عليه وسلم لكى نخرج نحن مسلمين- فهل بعد هذا كله نفرط فى دين الله تفرط فى الصلاة تفرط المسلمة فى حجابها لا تسمع كلام النبى صلى الله عليه وسلم ويحدث هذا للنبى لتخرج أنت موحدا بالله لتدخل الجنة وتشرب من حوض النبى صلى الله عليه وسلم وكل هذا وفى النهاية نضحى بدين الله ويكون الدين آخر شئ نفكر فيه في حياتنا اليومية وفى ظل هذه المآسى والأحداث شاع خبر مقتل النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة أحد فلما شاع الخبر إذا بالصحابة يتركون الأسلحة ويجلسون ويمربهم أنس بن النضرعم أنس بن مالك كما رواه البخارى ومسلم فيقول لهم ماذا تصنعون قالوا قتل رسول الله قال لهم فما تصنعون بالحياة من بعد رسول الله قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ثم شهر سيفه وتقدم أنس بن النضر وقال اللهم إنى أعتذر إليك مما صنع هؤلاء- يعنى الصحابة -وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء- يعنى المشركين- ثم تقدم فقاتل فقتل وفى رواية أخرى أنه لقيه سعد بن معاذ الذى اهتز عرش الرحمن لموته فقال له أنس ياسعد إنى لأجد ريح الجنة دون أحد فكانت الناس كلها تفر وأنس يقبل على مصدر ريح الجنة التى يشمها كأنه كان على موعد مع الشهادة فى سبيل الله وتمر الأحداث وأراد المشركون قتل النبى صلى الله عليه وسلم بعدما تيقنوا أنه لازال حيا وإذا بالحبيب ينادى على أصحابه "قائلا هلم إلى أنا رسول الله"فيأتى تسعة -سبعة من الأنصار واثنين من المهاجرين وهما سعد بن أبى وقاص وطلحة بن عبيد الله رضى الله عن الجميع- وإذا بالنبى صلى الله عليه وسلم أول ما اجتمع هؤلاء التسعة وجيش المشركين كاملا ويقول النبى صلى الله عليه وسلم "من للقوم وهو رفيقى فى الجنة" فتقدم الأنصار واحدا تلو الآخر حتى قتلوا جميعا وإذا بالنبى صلى الله عليه وسلم ينظر إلى طلحة وسعد "ويقول ما أنصفنا أصحابنا" وكان مشهد آخر واحد فى السبعة مؤثر جدا ومبكى كان اسمه عمارة بن يزيد بن السكن لما قتل ظل يزحف على يديه ورجليه وهو فى النزع الأخير حتى وصل إلى النبى صلى الله عليه وسلم ووضع خده على رجل النبى صلى الله عليه وسلم ومات عليها كأنه يقول له أنا معك حتى آخر قطرة من دمى يا رسول الله فيا ترى لوكنت معهم هل كنت ستدافع عن النبى هل كنت ستبذل روحك من أجل النبى إذا كنت إلى الآن لاتستطيع التخلص من الدخان ولا تحافظ على الصلوات الخمسة ولا تستطيعين المحافظة على الحجاب ولا تستطيع بر والديك وتقول أدافع عن النبى صلى الله عليه وسلم إذن دافع عن سنة النبى صلى الله عليه وسلم -المهم قام النبى صلى الله عليه وسلم ونكل كنانته التى فيها سهامه وأعطاها لسعد وقال ارم سعد فداك أبى وأمى ثم تقدم اثنى عشر صحابى آخرون كما جاء فى رواية أخرى عند الحاكم بسند حسن وكان من ببنهم أيضا طلحة بن عبيد الله فقال النبى صلى الله عليه وسلم من للقوم فقال طلحة أنا فقال النبى صلى الله عليه وسلم مكانك أى انتظر فدخل واحد فقاتل فقتل حتى قتل الإثنى عشر صحابى جميعا ولم يبقى إلا طلحة فقال النبى صلى الله عليه وسلم من للقوم فقال طلحة أنا فكان اليوم كله له تخيل واحدا يقاتل جيشا كاملا دفاعا عن النبى صلى الله عليه وسلم ولو أنه انصرف ولم يقاتل لكان معزورا ولكنه آثر القتل ليدافع عن النبى صلى الله عليه وسلم حتى آخر لحظة فى حياته فتقدم ومع أول اشتباك له مع المشركين ضرب فقطعت أصابعه الأربعة فقال حس من شدة الألم فقال النبى محفزا لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة إلى السماء الدنيا والناس ينظرون إليك وفى رواية قال لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة حتى يلجوا بك فى جو السماء وفى رواية ثالثة لو قلت بسم الله لرأيت يبنى لك بيت فى الجنة وأنت حى فى الدنيا وكان النبى صلى الله عليه وسلم من شدة التعب والإعياء لايستطيع القيام فكان طلحة يحمل رسول الله على يديه ويرجع بظهره ثم يضع النبى صلى الله عليه وسلم ويقاتل ويرجع يحمله وهكذا حتى بلغ من الإعياء مبلغا شديدا حتى وصل صخرة لايستطيع عندها حمل النبى صلى الله عليه وسلم وكان النبى قد أفاق فوجد ما بلغ من طلحة فصعد على الصخرة وقال أوجب طلحة اللهم أوجب لطلحة الجنة فكان طلحة من العشرة المبشرين بالجنة فقد ضرب طلحة فى لحظات دفاعه عن النبى صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثين ضربة بالسيف وشلت يداه سبحان الله تشل يد طلحة دفاعا عن النبى صلى الله عليه وسلم وأنت لاتستطيع حجب يديك عن أكل الحرام وعن كل ما يغضب الله ورجليك من كل خطوة تمشى بها فى معصية الله سبحان الله طلحة قدم حياته كلها دفاعا عن النبى حتى قال النبى كما عند الترمذى بإسناد حسن "من سره أن ينظر إلى شهيد يمشى على الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله" لذلك نعرف لماذا كان يقول أبو بكر إذا سئل عن أحد كان هذا اليوم كله لطلحة وقد حدث مشهد جميل جدابعد انتهاء الغزوة كما رواه الترمذى بسند حسن "دخل رجل أعرابى مسجد النبى قال يا رسول الله من الذين يعنيهم الله بتلك الآية من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا فسكت النبى ولم يرد ثم دخل طلحة ووقف على باب المسجد فقام النبى وقال من السائل عن تلك الآية فقال الأعرابى أنا يا رسول الله فقال هذا من الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه" وفى رواية "هذا ممن قضى نحبه" - فالباب لازال مفتوحا ولم يغلق والحمد لله وقد قال تعالى "فمنهم من قضى نحبة ومنهم من ينتظر" فأنتم ممن ينتظر لو صدقنا حقا مع الله كما قال النبى إن تصدق الله يصدقك لذلك من العيب أن يكون قدوتنا فى غير النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأن يكون اللاعبون والفنانين هم قدوتنا انظر لطلحة كيف بذل حياته كلها دفاعا عن النبى بالله عليك هل تعبت مرة فى عمرك كلها وتمزقت رجليك لدين الله أو فى خدمة أخ مسلم أو تعين إنسان ملهوف أو تساعد أرملة أو يتيم هل أحسست بهذا الإحسان هل بذلت جهدا فى الدعوة إلى الله هل بذلت جهدا فى طلب العلم والله ثم والله لو فعلت ذلك مرة ثم آويت إلى النوم لتنام أجمل ليلة فى حياتك لأنك تعبت من أجل الله تعالى لذلك كان بعض السلف إذا أراد أن يعرف مدى سعى الرجل فى دين الله ينظر إلى حذاءه فإذا كان متهتكا يعرف كم سعى فى طاعة الله وطلب العلم وإذا كان غير ذلك عرف أنه ما بذل جهدا لله تعالى انظروا كم بذل الصحابة لدين الله تعالى وكانت هناك منقبة جميلة لطلحة عندما كان يحمل النبى صلى الله عليه وسلم عرجت رجلاه من شدة ضرب السيوف فلما أراد أن يحمل النبى صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يظهر عرجه للنبى فتكلف فى المشى ومشى مستويا وتحمل ألم عرجه حتى لا يشعر النبى صلى الله عليه وسلم وليخفف عنه فلما تكلف من أجل النبى صلى الله عليه وسلم شفاه الله وأذهب عرجه تكرمة له بأدبه مع الرسول وكان طلحة يدافع عن النبى وعن كل مؤمن وأيضا روى الترمذى بسند حسن أن بعض الناس أراد أن يتهم أبا هريرة ويقول نحن نسمع من أبى هريرة أحاديث لم نسمعها منكم فمن أين يأتى بهذا الكلام فقال طلحة وهو يحسن الظن بكل المسلمين قال وهل هناك إنسان فيه خير يكذب على رسول الله إذا أحدثك ما الذى كان يحدث إنا كنا أهل بيوت وكنا لانأتى النبى صلى الله عليه وسلم إلا بكرة وعشيا وكان أبو هريرة يصحب النبى صلى الله عليه وسلم دائمافلا شك أبدا أنه كان يسمع من النبى مالم نكن نسمع وهذا هو ما نريد عمله أن نحسن الظن ببعضنا وخاصة بدعاة الأمة نحسن الظن بهم لأنهم على ثغرمن ثغورالإسلام وهم يمثلون الجهاز المناعى للأمة وحماتها من الوقوع فى البدع والشرك ومن وقوع الآفات فى الأمة وهم من يدافع عن حصن الإسلام أسأل الله أن يحفظ جميع دعاة الأمة تعالوا لنرى صورة من صور إنفاق وكرم سيدنا طلحة فى ليلة من الليالى رزق بسبعمائة الف درهم فقام يتململ طوال الليل وكان متزوجا بأم كلثوم بنت الصديق فقالت له مالك فقال لها مال قد جائنى وقد كثر مالى فكيف ألقى الله عز وجل وفى بيتى مثل هذا المال فماذا قالت الزوجة الفاضلة قالت هون عليك إذا أصبح الصباح فقسم مالك بين إخوانك فقال والله إنك لموفقة فأتى بالمال فى الصباح وقسم ماله كله بين المهاجرين والانصار رضى الله عن الجميع ظل طلحة فى صحبة النبى صلى الله عليه وسلم فترة طويلة إلى أن جاء اليوم الذى أظلمت فيه سماء المدينة ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تولى الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم على وفى خلافة على حدث موقف لطلحة فى موقعة الجمل فى الفتنة بين على ومعاوية ونقول ونكرر موقفنا أن الصحابة كلهم عدول وأنهم تأولوا الأمر فمنهم من أصاب ومنهم من أخطأ لكنهم جميعا ما أرادوا دنيا ولاجاه ولاسمعة ولامال رضى الله عنهم وسبيلنا الكف عن الخوض فى سير الصحابة ونستغفر الله عنهم وندعوا لهم ونترضى عنهم جميعا فكان طلحة فى صف معاوية فخرج طلحة مع الزبير يطالبون بالثأر أو دم سيدنا عثمان من قتلة عثمان لكن بمجرد وصولهم اعتزل طلحة والزبير القتال لأنهم وجدوا عمارا فى صف على وقد قال النبى ياعمار تقتلك الفئة الباغية فاعتزلوا الفتنة وشجعهم أن عليا كلم الزبير فذكره بحديث النبى قائلا انشدك بالله يا زبير هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك تقاتله وأنت له ظالم فقال له الزبير نعم فاعتزل الزبير وطلحة وتركوا هذا القتال وعند خروجهم قتلا الاثنين الزبير قتله رجل اسمه عمروبن جرموذ أما طلحة قيل جاءه سهم ولم يعرف من ضربه وقيل قتله مروان بن الحكم ولذلك قال الذهبى رحمه الله "قاتل طلحة فى الوزر بمنزلة قاتل على" حتى قال على بشروا قاتل طلحة بالنار وظل طلحة ينزف دما بعد ما ضرب بالسهم حتى مات رضى الله عنه وانظر إلى المشهد المؤثر لما قتل طلحة ذهب إليه على وحمله ومسح التراب من على وجهه وهو يترحم عليه ثم قال ليتنى مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة بل وفى رواية أخرى عن أبى حبيبة مولى طلحة قال دخلت على على بن أبى طالب مع عمران بن طلحة فرحب به على وأدناه منه وقال والله إنى لأرجوا الله أن يجعلنى وأباك من من قال الله فيهم"ونزعنا ما فى صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين" وهكذا مات الشهيد الذى بذل عمره كله فى خدمة دين الله والدفاع عن رسول الله مات طلحة الجود طلحة الخير طلحة الفياض وجزاء له يحفظ الله عزوجل جسده بعد موته حيث رأت ابنته عائشة ذات ليلة أباها فى المنام بعد موته بتسع وثلاثين سنة من دفنه وقد قال لها إن النز قد آذانى -أى الرطوبة- فانقلينى من القبر إلى غيره فجمعت رجال القبيلة ونبشوا قبره فأخرجوا طلحة فوجدوه كما هو كأنه قد دفن منذ ساعة واحدة نعم احفظ الله يحفظك فمن حفظ الله حفظه الله عزوجل نخرج من درس سيدنا طلحة بعدة أشياء أولا التسابق إلى كل طاعة كان هو ثامن من أسلم فكم ستكون أنت فى الإلتزام ثانيا الصبرعلى الإبتلاء فإنه قد عذب ولكن الدين غالى دينك دينك لحمك دمك ثالثا محبة النبى صلى الله عليه وسلم انظر مافعله سيدنا طلحة للدفاع عن النبى صلى الله عليه وسلم فدافع أنت عن سنة النبى وتمسك بسنته حتى تلقاه على الحوض رابعا حسن الظن بالمسلمين وخصوصا بدعاة الأمة كما دافع سيدنا طلحة عن سيدنا أبى هريرة خامسا الجود والإنفاق كما أنفق سيدنا طلحة سبعمائة درهم فى يوم واحد قال تعالى "وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين" والنبى قال "ثلاث أقسم عليهن ما نقص مال من صدقة" سادسا الوقوف عند الحق كما عاد سيدنا طلحة عندما وجد سيدنا عمار فى جيش سيدنا على و تذكر أن النبى قال لسيدنا عمار "تقتلك الفئة الباغية" نعلم أن هناك يوما سنقف فيه بين يدى الله تعالى ونسأل فيه عن كل صغيرة وكبيرة "ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لايغادر صغيرة ولاكبيرة إلاأحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا"
وصدق من قال:
تذكر وقوفك يوم العرض عريانا
مستوحشا قلق الأحشاء حيرانا النار تذفر من غيظ ومن حنق
على العصاة ورب العرش غضبانا
اقرأ كتابك ياعبد على مهل
فهل ترى فيه حرفا غير ما كانا
فلما قرأت ولم تنكر قراءته
وأقررت إقرار من عرف الأشياء عرفانا
نادى الجليل خذوه ياملائكتى
وامضوا بعبد عصى للنارعطشانا
المجرمون غدا فى النار يلتهبوا
والموحدون فى دار الخلد سكانا
فالحقيقة أننا محتاجين إلى من يذكرنا كل لحظة بأننا سنلقى الله عزوجل وعندما نتخيل ما كان يفعله الصحابة وكيف ضحوا بأموالهم وأنفسهم فما الذى يجعلنا لانقلدهم فالدين الذى كانوا يدينون به نحن ندين به والإله الذى كانوا يعبدونه نحن نعبده والنبى الذى اتبعوه سنته بين أيدينا والقرآن الذى قرأوه بين أيدينا فنحن محتاجين أن نجد فى هذا الجيل من هو على شاكلة طلحة بن عبيد الله وعمر وأبى بكر وعثمان وعلى والزبير والمقداد نسأل الله أن يجمعنا وإياكم بهم فى الجنة وأن يجعلنا ممن يشربون من حوض النبى وممن يصحبون النبى فى الجنة اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم اشفى مرضى المسلمين وارحم موتى المسلمين وانصر الإسلام والمسلمين واجمعنا مع سيد الأولين والآخرين فى جنات النعيم وارزقنا جميعا لذة النظر إلى وجهك الكريم فى غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق