((بِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)).
لا شيء منَا ترى تبقى بشاشته يبقى الإله ويُودي المال والولد
لم تُغن عن هرمز يوماً خزائنُهُ والخُلدَ قد حاولت عادَ فما خلدُوا
ولا سليمان إذ تجري الرياحُ له والجنُّ والإنسُ فيما بينها تردُ
أين المُلوك التي كانت لعِزتهَا من كُل أوبٍ عليهَا وافِد يَفِدُ
حوضٌ هُنالك مورودٌ بلا كذبِ لا بُد من وردهٍ يوماً كما وردوا
ما مرّ من قديم الزمان، ملك كملك سليمان ، فقد عُلم منطق الطير بلا تُرجمان، وقد اجتمعت في غيبته الحيوانات والطيور، في يوم فرح وسرور، وهناء وحُبور، فقالت البهائم للأسد: أيها الأمير، اجلس على السرير، فإنك أبونا الكبير، فتربّع جالساً، ثم سكت عابساً، فخاف الجميع، وأصبحوا في موقف فظيع، فقام الحمار، أبو المِغوار، فقال: يا حيدرة! سكوتك ما أنكره، فقال الأسد: يا حمار البلد، يا رمز الجَلَد، سكتُّ لأن الثعلب غاب، وقَسَماً لو حضر لأغرزَنَّ في رأسه النّاب، فقام الذّيب يتكلم وهو خطيب مُصيب، فقال للأسد: يا أبا أُسامة إن الثعلب قليل الكرامة، عديم الشهامة، فليتك تُورده النّدامة، فهو لا يستحق السلامة، وكان أحد التّيوس مع الجلوس، فانسلّ إلى الثعلب فوجده يلعب فقال: انتبه أيّها الصديق، فالكمين في الطريق، إن الأسد يتوعدك بالذبح، فاجتهد معه في الصّلح، فقال الثعلب: فمن الذي دهاني عنده، وغيَّر عليَّ ودّه، قال التّيس: هو عدوّك وعدوّي، الذي في كل واد يدوي، هو الذيب الغادر، صاحب الخيانة الفاجر، قال الثعلب: أنا الداهية الدّهياء، لأنثرنَّ لحمه في العراء، أما سمعت الشاعر أحمد، إذ يقول في شعر مسدد:
فلما حضر الثعلب إلى الأسد، ودخل مجلسه وقعد، قال أبو أُسامة، والثعلب أمامه: ما لك تأخرت يا بليد، تالله إن الموت أقرب إليك من حبل الوريد. قال الثعلب: مهلاً يا أبا أُسامة، أبقاكَ الله للزعامة، سمعت أنك مريض، فذهبت إلى البلد العريض، ألتمس لك دواءً، جعله الله لك شفاءً، قال: أحسنت، وسهّلتَ عليّ الأمر وهَوَّنت، فماذا وجدت؟
قال: وجدت أن علاجك في كبد الذِّيب مع حفنة من زبيب، فقال الأسد للذّيب: أمرك عجيب، وشأنك غريب، علاجي لديك، وقد سبق أن شكوت عليك، فلما دنا الذيب واقترب، سحبه الأسد فانسحب، فخلع رأسه، وقطع أنفاسه، ثم سلخ لبده، وأخرج كبده، فصاح الهدهد، وهو فوق بعض الأخشاب، يا أبا أُسامة، ما تترك الظلم والغشامة، فردّ عليه الأسد، اسكت سدّ الله فاكَ، أنسيتَ أنك عصيت أمر مولاك.
قال الهدهد: يا ظلوم يا غشوم يا مشئوم، أنا الذي دلَّ على بلقيس يا خسيس، وجئت سليمان ملك الإنس والجانّ، بنبأ من سبأ ، وحملت الرسالة في بسالة، ودعوت للتوحيد، وهو حق الله على العبيد، فـبلقيس أسلمت بسببي، وحسبي معروف ونَسَبي، ثم أنشد الهدهد:
فأعرض أبو أُسامة، وقطع كلامه، وإذا بحيّة لها فحيح، أقبلت تصيح، قد ذَبُلَ شعر رأسها وشاب، وما بقي لها إلا ناب، فقال الأسد: من بالباب؟
قالت الحيّة: أنا أُم الجلباب، فقال: ما اسمك يا حيّة، وما معك من قضية؟
قالت: اسمي لس، وخبري عليَّ ظاهر فقِس، أنا كنت أسكن في قرية من قرى فلسطين ، رأسي في الماء وذنبي في الطير، فعصى أهل القرية خالقهم، وكفروا رازقهم، فساقني إليهم، وسلّطني عليهم، فقذفت في بئرهم من سُمي زعافاً، فماتوا آلافاً، وهلكوا أصنافاً، ورَدَم الله عليهم القرية، لأنهم أهل فِرية.
فلمّا مَلَكَ سليمان ، اختفت القرية عن العيان، فأراد أن يرى القرية رأي العين، فاستدعى الرياح في ذلك الحين، فقال للريح الشمالية: هبّي قوية، وأخرِجي لنا تلك البئر المطويّة، والقرية المَنسيّة، قالت: يا نبيّ الله! أنا أضعف من ذلك بكثير، أنا خلقني ربّي لتلقيح الثِّمار، بقدرة القدير، فقال للغربية: أنتِ لا زلت فتيّة، فهُبّي على هذه الديار، لنرى ما تحتها من الآثار، قالت: يا نبيّ الله! أنا خلقني ربي لتلطيف الهواء، وتبريد الماء، ولكن عليك بالدَّبور، فإنها التي أهلكت كل كفور.
ثم مرّ الكلب، رمز السّلب والنّهب، قال: يا جماعة، اسمعوا مني ساعة، فأنا مقصود بالمدح والهجاء، وما زالت الأشراف تهجي وتمدح كما ذكر صاحب الإنشاء، فأنا أصِيدُ الصيد، وأُقيده بِقَيد، وحِفظي للبيت سديد، وبأسي لصاحبي شديد، لكنني دائماً بخس محدث، كما ورد إن تحمل عليه يلهث، فلي إصابات وغلطات، والحسنات يُذهبن السيئات، فلا تظنوا أني آية في الخساسة، ومضرب المثل في النجاسة، بل أنجس منّي، وهذه فائدة خُذوها عنّي، من ترك العمل بما علم، وأعرَضَ عن التقوى بعد الفهم، وأسرف في الظلم. ثم انفضّ المجلس وقد امتلأت بالأنس الأنفس.
واعلم أيّها الملهم أن سليمان أعظم من مَلَكَ من بني الإنسان، وأقصر رسالة في الحديث والقديم:
((إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)).
حتى سليمانُ ما تم الخُلودُ له والريح تخدمهُ والبدو والحضرُ ودانت له الأرض والأجناد تحرُسُهُ فزارهُ الموتُ واشتاقت له الحُفَرُ
=============
منقووووووووووووول
لا شيء منَا ترى تبقى بشاشته يبقى الإله ويُودي المال والولد
لم تُغن عن هرمز يوماً خزائنُهُ والخُلدَ قد حاولت عادَ فما خلدُوا
ولا سليمان إذ تجري الرياحُ له والجنُّ والإنسُ فيما بينها تردُ
أين المُلوك التي كانت لعِزتهَا من كُل أوبٍ عليهَا وافِد يَفِدُ
حوضٌ هُنالك مورودٌ بلا كذبِ لا بُد من وردهٍ يوماً كما وردوا
ما مرّ من قديم الزمان، ملك كملك سليمان ، فقد عُلم منطق الطير بلا تُرجمان، وقد اجتمعت في غيبته الحيوانات والطيور، في يوم فرح وسرور، وهناء وحُبور، فقالت البهائم للأسد: أيها الأمير، اجلس على السرير، فإنك أبونا الكبير، فتربّع جالساً، ثم سكت عابساً، فخاف الجميع، وأصبحوا في موقف فظيع، فقام الحمار، أبو المِغوار، فقال: يا حيدرة! سكوتك ما أنكره، فقال الأسد: يا حمار البلد، يا رمز الجَلَد، سكتُّ لأن الثعلب غاب، وقَسَماً لو حضر لأغرزَنَّ في رأسه النّاب، فقام الذّيب يتكلم وهو خطيب مُصيب، فقال للأسد: يا أبا أُسامة إن الثعلب قليل الكرامة، عديم الشهامة، فليتك تُورده النّدامة، فهو لا يستحق السلامة، وكان أحد التّيوس مع الجلوس، فانسلّ إلى الثعلب فوجده يلعب فقال: انتبه أيّها الصديق، فالكمين في الطريق، إن الأسد يتوعدك بالذبح، فاجتهد معه في الصّلح، فقال الثعلب: فمن الذي دهاني عنده، وغيَّر عليَّ ودّه، قال التّيس: هو عدوّك وعدوّي، الذي في كل واد يدوي، هو الذيب الغادر، صاحب الخيانة الفاجر، قال الثعلب: أنا الداهية الدّهياء، لأنثرنَّ لحمه في العراء، أما سمعت الشاعر أحمد، إذ يقول في شعر مسدد:
الرأيُ قبلَ شجَاعةِ الشجعانهُوَ أول وهيَ المحل الثاني
فلما حضر الثعلب إلى الأسد، ودخل مجلسه وقعد، قال أبو أُسامة، والثعلب أمامه: ما لك تأخرت يا بليد، تالله إن الموت أقرب إليك من حبل الوريد. قال الثعلب: مهلاً يا أبا أُسامة، أبقاكَ الله للزعامة، سمعت أنك مريض، فذهبت إلى البلد العريض، ألتمس لك دواءً، جعله الله لك شفاءً، قال: أحسنت، وسهّلتَ عليّ الأمر وهَوَّنت، فماذا وجدت؟
قال: وجدت أن علاجك في كبد الذِّيب مع حفنة من زبيب، فقال الأسد للذّيب: أمرك عجيب، وشأنك غريب، علاجي لديك، وقد سبق أن شكوت عليك، فلما دنا الذيب واقترب، سحبه الأسد فانسحب، فخلع رأسه، وقطع أنفاسه، ثم سلخ لبده، وأخرج كبده، فصاح الهدهد، وهو فوق بعض الأخشاب، يا أبا أُسامة، ما تترك الظلم والغشامة، فردّ عليه الأسد، اسكت سدّ الله فاكَ، أنسيتَ أنك عصيت أمر مولاك.
قال الهدهد: يا ظلوم يا غشوم يا مشئوم، أنا الذي دلَّ على بلقيس يا خسيس، وجئت سليمان ملك الإنس والجانّ، بنبأ من سبأ ، وحملت الرسالة في بسالة، ودعوت للتوحيد، وهو حق الله على العبيد، فـبلقيس أسلمت بسببي، وحسبي معروف ونَسَبي، ثم أنشد الهدهد:
فأعرض أبو أُسامة، وقطع كلامه، وإذا بحيّة لها فحيح، أقبلت تصيح، قد ذَبُلَ شعر رأسها وشاب، وما بقي لها إلا ناب، فقال الأسد: من بالباب؟
قالت الحيّة: أنا أُم الجلباب، فقال: ما اسمك يا حيّة، وما معك من قضية؟
قالت: اسمي لس، وخبري عليَّ ظاهر فقِس، أنا كنت أسكن في قرية من قرى فلسطين ، رأسي في الماء وذنبي في الطير، فعصى أهل القرية خالقهم، وكفروا رازقهم، فساقني إليهم، وسلّطني عليهم، فقذفت في بئرهم من سُمي زعافاً، فماتوا آلافاً، وهلكوا أصنافاً، ورَدَم الله عليهم القرية، لأنهم أهل فِرية.
فلمّا مَلَكَ سليمان ، اختفت القرية عن العيان، فأراد أن يرى القرية رأي العين، فاستدعى الرياح في ذلك الحين، فقال للريح الشمالية: هبّي قوية، وأخرِجي لنا تلك البئر المطويّة، والقرية المَنسيّة، قالت: يا نبيّ الله! أنا أضعف من ذلك بكثير، أنا خلقني ربّي لتلقيح الثِّمار، بقدرة القدير، فقال للغربية: أنتِ لا زلت فتيّة، فهُبّي على هذه الديار، لنرى ما تحتها من الآثار، قالت: يا نبيّ الله! أنا خلقني ربي لتلطيف الهواء، وتبريد الماء، ولكن عليك بالدَّبور، فإنها التي أهلكت كل كفور.
ثم مرّ الكلب، رمز السّلب والنّهب، قال: يا جماعة، اسمعوا مني ساعة، فأنا مقصود بالمدح والهجاء، وما زالت الأشراف تهجي وتمدح كما ذكر صاحب الإنشاء، فأنا أصِيدُ الصيد، وأُقيده بِقَيد، وحِفظي للبيت سديد، وبأسي لصاحبي شديد، لكنني دائماً بخس محدث، كما ورد إن تحمل عليه يلهث، فلي إصابات وغلطات، والحسنات يُذهبن السيئات، فلا تظنوا أني آية في الخساسة، ومضرب المثل في النجاسة، بل أنجس منّي، وهذه فائدة خُذوها عنّي، من ترك العمل بما علم، وأعرَضَ عن التقوى بعد الفهم، وأسرف في الظلم. ثم انفضّ المجلس وقد امتلأت بالأنس الأنفس.
واعلم أيّها الملهم أن سليمان أعظم من مَلَكَ من بني الإنسان، وأقصر رسالة في الحديث والقديم:
((إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)).
حتى سليمانُ ما تم الخُلودُ له والريح تخدمهُ والبدو والحضرُ ودانت له الأرض والأجناد تحرُسُهُ فزارهُ الموتُ واشتاقت له الحُفَرُ
=============
منقووووووووووووول
تعليق