إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الـدفــاع عن الـسـنـة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31


    المعاني اللغوية التي يركز عليها أعداء الإسلام( 2 – 2 )



    ثالثا: ومن المعاني اللغوية التي يركزون عليها في تشكيكهم في السنة المطهرة معناها الوارد في القرآن الكريم بمعنى أمر الله -عزَّ وجلَّ- ونهيه، وسائر أحكامه، وطريقته، ويقولون: لا سنة سوى سنة الله - عزَّ وجلَّ - الواردة في كتابه العزيز، وأنه مستحيل أن يكون لرسول الله سنة، ويكون لله -عز وجل- سنة فيشرك الرسول نفسه مع الله - عزَّ وجلَّ -.

    وفي ذلك يقول محمد نجيب(1) في كتابه (الصلاة): القرآن وما فيه من آيات هو سنة الله التي سنها وفرضها نظاماً للوجود، واتبعها الله نفسه؛ فهي سنة الله...

    وليس من المعقول أن يكون للرسول سنة ويكون لله سنة، فيشرك الرسول نفسه مع الله، ويكون لكلاهما سنة خاصة، وهو أمر مستحيل أن يحصل من مؤمن، ومن رسول على الأخص، فما كان لبشر آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة أن يترك حكم الله وسنته، ويطلب من الناس أن تتبع ما يسنه هو من أحكام، وليس ذلك إن حصل إلا استكباراً في الأرض، وتعالٍ على الله. يقول الله تعالى: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادًا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)(آل عمران /79)، (فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا. استكبارًا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً) (فاطر / 42، 43). وهذا يؤكد وجوب الرجوع لكتاب الله وحده جماع سنة الله(2).

    وفي ذلك أيضاً يقول أحمد صبحي منصور(3) في كتابه (حد الردة) معرفاً بالسنة الحقيقية قائلاً: " سنة الله تعالى هي سنة رسوله -عليه السلام-...، الله تعالى ينزل الشرع وحياً، والرسول يبلغه وينفذه، ويكون النبي أول الناس طاعة واتباعًا لأوامر الله تعالى. والله تعالى أمر النبي بأن يقول (إن اتبع إلا ما يوحى إلي)(الأحقاف /9). والإيمان بالرسول معناه الإيمان بكل ما نزل عليه من القرآن، والإيمان بأنه اتبع ذلك الوحي وطبقه، وكان أول الناس إيماناً به وتنفيذا له " (4).

    ويقول قاسم أحمد(5) في كتابه (إعادة تقييم الحديث): " إنه بالنظر إلى استخدام كلمتي السنة والحديث في القرآن، والذي يعطينا معلومات شيقة، نجد أن كلمة " سنة " تشير في القرآن إلى النظام أو الناموس الإلهي، وإلى مثال الأمم السابقة التي لقيت مصيرها، فلم يشر القرآن إلى أن السنة هي سلوك النبي، وهذان الاستخدامان تشير إليهما الآيتان التاليتان:

    (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) (الفتح /23).

    (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين) (الأنفال /38).

    وكلمة " حديث " استخدمت في القرآن بمعنى "الأخبار"و "القصص" و "الرسالة" و"الشيء" وقد ذكرت ستاً وثلاثين مرة في مواضع لغوية مختلفة، ولا يشير أي منها إلى ما يعرف بالحديث النبوي. فعلى العكس وردت في عشرة مواضع من الآيات البينات تشير إلى القرآن وتستبعد بشدة أي حديث إلى جانب القرآن منها هذه الآيات (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها) (الزمر / 23) (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا أولئك لهم عذاب مهين) (لقمان /6)(6).

    - والجواب عن ذلك من وجوه:

    الأول: زعم أعداء السنة في تعريفهم بالسنة النبوية من أنها الطريقة العملية، أو السنة العملية، أو هي سنة الله -عزَّ وجلَّ-، وأن تعريف السنة النبوية بأنها كل ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة.... اصطلاح مستحدث من المحدثين، ولم يعرفه النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه - رضي الله عنهم-، بل كان هذا التعريف سببًا في تحنيط الإسلام.

    هذا الزعم الكاذب إنما يدل على ما سبق وأن ذكرته من أن هؤلاء الأعداء يخلطون بين المعاني في اللغة وبينهما في الاصطلاح، ولا يهتمون بمعرفتها، ولا ببيانها، إما عن جهل، وإما عن علم، بقصد خداع القارئ وتضليله، وتشكيكه في حجية السنة وفي علمائها.




    (1) محمد نجيب كاتب معاصر. من مؤلفاته (الصلاة) أنكر فيه السنة المطهرة، وزعم أن تفاصيل الصلاة واردة في القرآن الكريم، والكتاب صادر عن ندوة أنصار القرآن، نشر دائرة المعارف العلمية الإسلامية.
    (2) الصلاة ص 276، 277.
    (3) أحمد صبحي منصور تخرج في الأزهر وحصل على العالمية في التاريخ من الجامعة، وتبرأ من السنة فتبرأت منه الجامعة، سافر إلى أمريكا، وعمل مع المتنبئ رشاد خليفة، يحاضر بالجامعة الأمريكية بمصر، ومدير رواق بن خلدون بالمقطم. من مصنفاته: الأنبياء في القرآن، والمسلم العاصي، وعذاب القبر والثعبان الأقرع، ولماذا القرآن، باسم مستعار وهو عبد الله الخليفة. انظر قصته هو ورشاد خليفة في كتابي مسيلمة في مسجد توسان، والدفاع عن السنة الجزء الأول من سلسلة " الإسلام واستمرار المؤامرة كلاهما لفضيلة الأستاذ الدكتور/ طه حبيشي.
    (4) حد الردة ص 40.
    (5) قاسم أحمد كاتب ماليزي معاصر، ورئيس الحزب الاشتراكي الماليزي – سابقا – من مؤلفاته: إعادة تقييم الحديث، أنكر فيه حجية السنة المطهرة.
    (6) انظر: إعادة تقييم الحديث ص 77، 78، واستشهاده بهذه الآية على أن لفظ الحديث هو القرآن استشهاد باطل فـ (لهو الحديث) هنا الأقاصيص والأساطير، انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/ 441.

    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

    تعليق


    • #32





      الجواب عن تعريفات أعداء الإسلام (للسنة)



      الثاني: أن كلمة السنة قد تخصصت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- بأنها الطريقة – طريقته - صلى الله عليه وسلم- في تبليغ ما أوحي إليه من بيان القرآن بلفظه وأسلوبه (حديثًا) أو بفعله (عملاً) أو بتقريره (إجازةً) وهما في دلالتهما كاللفظ – التي يجب على المسلمين اتباعها، فإن عليهم أن يطيعوه ويستجيبوا له في كل ما يأمرهم به، وينهاهم عنه، ويندبهم إليه، كما قال عز وجل (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [ الحشر /7]، وكما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) [ النساء /59 ].

      وآيات القرآن كثيرة في وجوب اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما أمر به ونهى عنه، والشواهد كثيرة على أن كلمة السنة قد أضيفت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وتخصصت بأنها طريقته، ومن تلك الشواهد قوله في حديث الرهط الثلاثة: (... تلك سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني)(1)، وقوله: (عليكم بسنتي)(2).

      وإذا جاوزنا عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى عهد الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان وجدنا الأمر قد استقر عندهم على أن كلمة السنة تعني طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم- دون سواه، وعلى أنها إذا ذكرت معرفة (بأل) ولم تقيد بشأن فلا تنصرف إلا إلى طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم-.

      ومن الشواهد التي دلت على ذلك:

      ما رواه ابن شهاب الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في قصته مع الحجاج الثقفي بشأن وقت صلاة الجمعة، يقول عبد الله للحجاج: " إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة " أي أَدِّ الصلاة في وقت الهجير الذي يكون عند منتصف النهار"، قال ابن شهاب: " قلت لسالم هل فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قال سالم: وهل كانوا يعنون بذلك إلا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "(3).

      فنقل سالم وهو تابعي جليل ثقة وأحد فقهاء المدينة عن الصحابة أنهم إذا استعملوا كلمة السنة مطلقة لا يريدون بها إلا طريقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دون سواه، وبهذه الشهادة الصحيحة الواضحة تندفع دعوى هؤلاء الأعداء القائلة بأن كلمة السنة لم تتخصص إلا في نهاية القرن الثالث الهجري.

      الثالث: أن القول بأن السنة هي السنة العملية المتواترة فقط، قول لا صحة له، بل هو اصطلاح حادث لا يخفى بطلانه(4)، لأنا بينا سابقا أن السنة تشمل أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم-، وأفعاله، وتقريراته، وهذا الذي عليه أهل العلم قديمًا وحديثًا (5).

      ولو قصرت السنة على السنة المتواترة العملية لفرط في كثير من الأحاديث القولية التي نقلت عنه - صلى الله عليه وسلم- في جميع جوانب الدين، في الأحكام، والأخلاق، والمواعظ.(6)

      بل وفرط في السنن العملية التي لم يداوم على فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم-، أو لم يثبت استمراره عليها، كصوم يوم عاشوراء(7)، وصلاة القيام التي صلاها بالناس ثلاث ليال من رمضان فقط(8)، وكالصيغ المختلفة لدعاء الاستفتاح(9).

      وإطلاق السنة على الأحاديث القولية ليس اصطلاحا حادثا كما يزعمون، وإنما هو أمر معهود في الصدر الأول(10).

      الرابع: أن كلمة السنة كانت في جميع الاستعمالات – كما هو واضح من الأمثلة التي أوردناها – تتخصص بمن تضاف إليه أو بما توصف به، أو بالسياق الذي ترد فيه، فينبغي ملاحظة ذلك في كافة استعمالاتها، سواء في اللغة، أو في القرآن الكريم، أو في الأحاديث والآثار، وإهمال ذلك يؤدي – كما رأينا – إلى خلط كبير.

      الخامس: أن مصطلح السنة ومصطلح الحديث كانا مترادفين زمن النبوة المباركة، وزمن الصحابة -رضي الله عنهم- وزمن التابعين وتابعيهم -رضي الله عن الجميع-، وعلى ذلك علماء الشرع الحنيف – وقد سبق بيان ذلك – خلافًا لأعداء الإسلام الزاعمين: أن مصطلح السنة غير مصطلح الحديث، وأنهما يجب أن يكونا متميزين عن بعضهما.





      (1) سبق تخريجه.
      (2) سبق تخريجه.
      (3) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب الجمع بين الصلاتين، رقم (1662).
      (4) انظر: الأنوار الكاشفة ص 57.
      (5) انظر: موقف الجماعة الإسلامية من الحديث النبوي ص 68-70 فقد نقل فيه مؤلفه سبعة عشر قولاً من أقوال أهل العلم مما يدل على إطلاق السنة على أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته.
      (6) انظر: دفاع عن السنة ص 291.
      (7) الحديث أخرجه أحمد في مسنده (1/241) بلفظ: (صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود..)
      (8) انظر الحديث في صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل، رقم (1129).
      (9) انظر: موقف الجماعة الإسلامية من الحديث النبوي ص 57.
      (10) انظر: دفاع عن السنة ص 291.

      تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

      قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
      "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
      وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

      تعليق


      • #33
        السنة اصطلاحًا( 1- 2 )



        يختلف تعريف السنة في الاصطلاح تبعاً لاختلاف أغراض العلماء من بحوثهم حسب تخصصاتهم المختلفة، وفيما يلي تعريفها

        عند المحدثين، والأصوليين، والفقهاء.

        السنة في اصطلاح المحدثين:

        للمحدثين تعريفات متعددة للسنة، من هذه التعريفات:

        1- هي أقواله - صلى الله عليه وسلم- وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخَلْقِيَّةِ، والخُلُقِيَّةِ، وسائر أخباره سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها.

        هذا هو المشهور عند جمهور المحدثين، وكأن السنة عندهم خاصة بالحديث المرفوع فقط، أما الموقوف والمقطوع فلا.

        ولعل سند هؤلاء فيما ذهبوا إليه هو: تسمية النبي - صلى الله عليه وسلم- لكل ما جاء به في مقابلة القرآن بالسنة، مثل قوله في خطبته في حجة الوداع: (يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً: كتاب الله وسنتي)(1).

        وعلى هذا القول يحمل تسمية كثير من المحدثين لكتبهم في الحديث باسم السنن مثل:سنن أبي عيسى الترمذي المتوفي سنة 279هـ، وسنن الإمام أبي داود السجستاني المتوفي سنة 275هـ، وسنن النسائي المتوفي سنة 303هـ، وسنن ابن ماجه القزويني المتوفي سنة 373هـ، أو سنة 275هـ.

        2-وقيل: هي – أي السنة – أقواله - صلى الله عليه وسلم-، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخَلقية والخُلقية، وسائر أخباره سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها،وكذلك أقوال الصحابة وأفعالهم.

        وممن ذهب إلى هذا القول الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت -رضي الله عنه- المتوفي سنة 150هـ، فقد ورد عنه أنه قال:" ما جاءنا عن الصحابة اتبعناهم، وما جاءنا عن التابعين زاحمناهم ".

        وقال: " إذا لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسوله أخذت بقول أصحابه من شئت، وأدع قول من شئت، ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم "(1).

        وكأن السنة عند أبي حنيفة مخصوصة بالمرفوع والموقوف فقط، أما ما عداهما من المقطوع فلا، ولعل سنده فيما ذهب إليه قول - صلى الله عليه وسلم-: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ)(1).

        3- وقيل: هي – أي السنة – أقواله - صلى الله عليه وسلم-، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخلقية، والخلقية، وسائر أخباره، سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها، وكذلك أقوال الصحابة والتابعين، وأفعالهم.

        وممن ذهب إلى هذا القول الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين المعروف البيهقي المتوفى سنة 458هـ، حيث أسمى كتابه – الذي جمع فيه ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وفتاوى الصحابة والتابعين وأفعالهم –بالسنن الكبرى، وكأن السنة عنده تشمل: المرفوع، والموقوف، والمقطوع.

        ولعله استند فيما ذهب إليه إلى: أن الصحابة خالطوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وشاهدوا الوحي والتنـزيل، وكذلك خالط التابعون الصحابة وجالسوهم، وسمعوا منهم، فكان قولهم وفعلهم أولى بالقبول من غيرهم، وأصبح داخلاً في مفهوم السنة.






        (1) الحديث أخرجه مالك في الموطأ بلاغاً، كتاب القدر، ص: 561، ط: الشعب، قال الزرقاني في شرحه للموطأ ( 4/246): "إن بلاغة صحيح كما قال ابن عيينة "، وقد أسنده ابن عبد البر في التمهيد من حديث أبي هريرة، وحديث عمرو بن عوف،وقال: " هذا حديث مشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم-عند أهل العلم، شهرة يكاد يستغنى بها عن الإسناد "، ينظر: ( فتح المالك بترتيب التمهيد لابن عبد البر على موطأ مالك (9/282-283 )، وأخرجه الحاكم في المستدرك ( رقم 931 ) وصححه، ووافقه الذهبي ".
        (2) أصول السرخسي ( 1/313).
        (3) الحديث أخرجه الترمذي في السنن،كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع رقم (2676)، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود في السنن، كتاب السنة، باب لزوم السنة، رقم ( 4607 )، وابن ماجه في السنن، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين رقم ( 42، 43 )، والإمام أحمد في المسند ( 4/126، 127) كلهم من حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-.

        تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

        قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
        "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
        وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

        تعليق


        • #34




          السنة اصطلاحًا( 2- 2 )





          الراجح من هذه التعريفات هو التعريف الثاني، والذي يدرج أقوال الصحابة وأفعالهم في السنة، لكن مع الأخذ في الاعتبار أن السنة إذا أطلقت وعُرّفت تنصرف إلى سنته - صلى الله عليه وسلم-، أما إطلاقها على ما جاء عن الصحابة فإنما يأتي مقيدًا، فيقال: (سنة الخلفاء الراشدين)، أو (السنة الراشدة)، وسبب هذا الترجيح ما يأتي:

          1- أن الله - عزَّ وجلَّ- زكى الصحابة والتابعين في كتابة الكريم، فقال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(1).

          يقول الشاطبي: " سنة الصحابة - رضي الله عنهم- سنة يعمل عليها ويرجع إليها، ومن الدليل على ذلك: ثناء الله عليهم من غير مثنوية(2)، ومدحهم بالعدالة وما يرجع إليها، كقوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)(3) وقوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(4).

          2- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حَضَّ على الأخذ عنهم، فقال: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ.... )(5).

          وقال أيضاً: ( ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك . وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة ، قال من هي يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي ). قال الالباني حديث حسن 2641

          وقد أدرك سلفنا قيمة هذا التوجيه النبوي، فقرروا سنية أقوال الصحابة وأفعالهم:

          أخرج ابن عبد البر بسنده عن مالك بن أنس قال، قال عمر بن عبد العزيز: "سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وولاة الأمر من بعده سننًا الأخذ بها تصديق بكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، من عمل بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا"(6).

          وروى الدارمي بسنده عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود - رضي الله عنه- أنه قال: " ما أحب أن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم-لم يختلفوا، فإنهم لو اجتمعوا على شيء فتركه رجل ترك السنة، ولو اختلفوا فأخذ رجل بقول أحد أخذ بالسنة "(7).

          وأخرج ابن عبد البر بسنده عن صالح بن كيسان قال: "اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم، فقلنا: نكتب السنن: فكتبنا ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه فإنه سنة، وقلت أنا: ليس بسنة فلا نكتبه، وكَتَبَ ولم أَكْتُبْ، فانجح وضيعت"(8).

          وهذا ما حدا بالإمام البيهقي أن يجمع في كتابه "السنن الكبرى" ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وما جاء عن الصحابة والتابعين من أقوالهم وأفعالهم، وكأن السنة عنده تشمل: المرفوع، والموقوف، والمقطوع.

          3- ما كونوا عليه من الفقه في الدين بحيث صاروا أقدر من غيرهم على الفتوى والاجتهاد، فكأن ما جاء عن هؤلاء من قول، أو فتوى، أو فعل، لا يخرج عن اقتداء بسنة، أو قياس على سنة، لذا كان من الأليق أن يكون داخلاً في مفهوم السنة.

          قال الشاطبي: "جمهور العلماء قدموا الصحابة عند ترجيح الأقاويل، فقد جعل طائفة قول أبي بكر وعمر حجة ودليلاً، وبعضهم عَدَّ قول الخلفاء الأربعة دليلاً، وبعضهم يعد قول الصحابة على الإطلاق حجة ودليلاً، ولكل قول من هذه الأقوال متعلق من السنة... وحسبك من ذلك:ما جاء في الأحاديث من إيجاب محبتهم، وذم من أبغضهم، وأن من أحبهم فقد أحب النبي - صلى الله عليه وسلم-، ومن أبغضهم فقد أبغض النبي - صلى الله عليه وسلم-، وما ذاك من جهة كونهم رأوه، أو جاوروه، أو حاوروه فقط، إذ لا مزية في ذلك، وإنما هو لشدة متابعتهم له، وأخذهم أنفسهم بالعمل على سنته مع حمايته ونصرته، ومن كان بهذه المثابة حقيق أن يتخذ قدوة، وتجعل سيرته قبلة"(9).





          (1) سورة التوبة / 100.
          (2) أي من غير استثناء.
          (3) سورة آ ل عمران /110.
          (4) سورة البقرة /143.
          (5) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في لزوم السنة، رقم (4607)، والترمذي في سننه، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، رقم (2676)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه في سننه، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، رقم (42، 43).
          (6) جامع بين العلم (2/1176 رقم 2326)، وأخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (1/435رقم 455).
          (7) سنن الدارمي، المقدمة، باب اختلاف الفقهاء (1/151).
          (8) جامع بين العلم (1/333 رقم (442) وإسناده صحيح، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (11/258-259).
          (9) الموافقات (4/ 456، 462، 463).

          تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

          قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
          "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
          وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

          تعليق


          • #35



            الهجوم على السنة نشأته وتطوره( 1-3)



            لقد كان العرب قبل مجيء الإسلام ونبيه الكريم قبائل متنازعين، وأعداء متقاتلين ، لا تجمعهم غاية ، ولا يوحدهم هدف ، فامتن الله عليهم بهذا الدين ، فألف به بين القلوب ، ووحد به بين الصفوف ، وجعلهم به إخوانا متحابين ، متعاونين متناصرين ، إن غاب أحدهم تفقدوه ، وإن افتقر واسوه ، وإن احتاج أعانوه ، وإن مرض عادوه ، وإن مات شيعوه ، دينهم النصيحة ، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يقول الله تعالى ممتنًا ومذكرًا بهذا الواقع وتلك الحقيقة : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون )(1)، ويقول تعالى ( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون )(2)

            قال ابن كثير : ( ينبه تعالى عباده المؤمنين على نعمه عليهم ، وإحسانه إليهم ، حيث كانوا قليلين فكثرهم ، ومستضعفين خائفين فقواهم ونصرهم ، وفقـــراء عالة فرزقهم من الطيبات ، واستشكرهم فأطاعوه، وامتثلوا جميع ما أمرهم .....

            قال قتادة : كان هذا الحي من العرب أذلَّ الناس ذلاً ، وأشقاه عيشا ، وأجوعه بطونا ، وأعراه جلودًا ، وأبينه ضلالا ، من عاش منهم عاش شقيا ، ومن مات منهم ردي في النار ، يؤكلون ولا يأكلون ، والله ما نعلم قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلا منهم ، حتى جاء الله بالإسلام فمكن به في البلاد ، ووسع به في الرزق، وجعلهم به ملوكا على رقاب الناس ، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم ، فاشكروا الله على نعمه ، فإن ربكم منعم يحب الشكر ، وأهل الشكر في مزيد من الله )(3)



            ولم يقبض الله تعالى نبيه إليه إلا بعد أن أكمل الله له ولأمته هذا الدين، فأنزل عليه قبل وفاته بأشهر فـي حجة الوداع: ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )(4)

            فكان كمال الدين من نعم الله العظيمة على هذه الأمة، ولذا كانت اليهود تغبط المسلمين على هذه الآية

            روى الشيخان عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين ! آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، قال : أي آية ؟ قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ).(5)

            قال ابن عباس - رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية: ( أخبر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبدًا، وقد أتمه الله فلا ينقصه أبدًا، وقد رضيه فلا يسخطه أبدًا )(6).

            وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه ترك هذه الأمة على طريقة واضحة، لا ينحرف عنها إلا هالك.

            فعن أبي الدرداء - رضي الله تعالى عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (........ وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها ونهارها سواء )(7)، وفي حديث العرباض ( ... لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك )(8).

            كما قرر لهم - صلى الله عليه وسلم- أنه قد بلغهم رسالة ربه كاملة ، وما من خير إلا وقد دلهم عليه، وما من شر إلا وقد حذرهم منه ، ففي حديث عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ....)(9).

            وكان رأس الخير الذي دل الأمة عليه ووصى به الاعتصام بالكتاب والسنة ففيهما الهداية والنجاة، قال - صلى الله عليه وسلم-: ( إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدًا: كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم- )(10).

            وقد استجاب الصحابة الكرام لهذه الوصية ، فكانوا أعظـم الناس تمسكًا بالشرع، والوقوف عند النصوص ، لأنهم أدركوا هذه المعاني ، فعرفوا أن الدين قد كمل فلا يحتاج إلى زيادة ، وأن الشريعة استبانت ووضحت فلا تحتاج إلى بيان، وإنما الأمر في التسليم والانقياد، فكانوا كما وصفهم ابن مسعود - رضي الله عنه-: (خيـر هذه الأمة : أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا ) (11) .

            وما زال الناس على هذا الأمر حتى عصفت بهم الأهواء، وتلاعبت بهم الآراء، وانحرفت بهم السبل، وكان الشر الذي حذر الله منه، قال تعالى: ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء )(12)

            قال ابن كثير : ( والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفا له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه ( وكانوا شيعا ) أي: فرقًا، كأهل الملل والنحل - وهي الأهواء والضلالات - فالله قد برأ رسوله مما هم فيه ، وهذه الآية كقوله تعالى : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) الآية ....

            فهذا هو الصراط المستقيم ، وهو ما جاءت به الرسل: من عبادة الله وحده لا شريك له، والتمسك بشريعة الرسول المتأخر، وما خالف ذلك فضلالات وجهالات، وآراء وأهواء ، والرسل برآء منها )(13).



            (1) سورة آل عمران / 103.
            (2) سورة الأنفال / 26.
            (3) عمد التفسير ( 2 / 115 ، 116 ) .
            (4) سورة المائدة / 3.
            (5) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه ( 45 ) وصحيح مسلم، كتاب التفسير ( 3017 ).
            (6) تفسير ابن كثير ( 2 / 12 ) .
            (7) أخرجه ابن ماجه ، المقدمة ، باب اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ( 5 ) .
            (8) أخرجه أحمد ( 4 / 126 ) وصححه الألباني هو وسابقه بمجموع طرقه في ظلال الجنة . انظر : ظلال الجنة مع كتاب السنة لابن أبي عاصم ص26 ( 47 ، 48 ، 49 ) .
            (9) أخرجه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول ( 1844 ) .
            (10) أخرجه الحاكم ، كتاب العلم ، باب خطبته - صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع ( 318 )، وقال : في إسناده عكرمة واحتج به البخاري ، وابن أبي أويس واحتج به مسلم ، وسائر رواته متفق عليهم ، ثم قال : وله شاهد من حديث أبي هريرة، وأخرجه في الموضع السابق ، ووافقه الذهبي وقال وله أصل في الصحيح .
            (11) جزء من أثر رواه البغوي عن ابن مسعود في شرح السنة ( 1 / 214 ) .
            (12) سورة الأنعام / 159.
            (13) عمدة التفسير ( 1 / 845 ).

            تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

            قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
            "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
            وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

            تعليق


            • #36
              الهجوم على السنة نشأته وتطوره
              (2-3)





              وفي حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة : ( يا عائشة، إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ، هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء ، ليس لهم توبة ، أنا منهم برئ ، وهم مني براء )(1)

              وكان الابتداع ، واتباع الأهواء ، وعدم التسليم والانقياد لحكم الله ورسوله هو الشر الذي عكر صفاء هذه الأمة، وأحدث بين أبنائها الفرقة، وكانت البداية بدعة الخوارج ، وأول من بدأها في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- : أعرابي جاهل مغرور وقف بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- معترضا على حكمه في قسمة مال جاء من اليمن، وقد وصف لنا الصحابة ذلك الرجل فقالوا :رجل غائر العينين ،مشرف الوجنتين ، وناشز الجبهة ، كث اللحية ، محلوق الرأس ، مشمر الإزار ) ، وقد قال للرسول - صلى الله عليه وسلم- بلهجة الآمر المتعالم بعد قسم الرسول - صلى الله عليه وسلم- للمال : ( اتق الله ) ، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم- : (ويلك أو لست أحق أهل الأرض أن يتق الله ؟ ) .

              وعندما ولى نظر إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم- وقال : ( إنه يخرج من ضئضئي هذا قوم يتلون كتاب الله رطباً ، لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .. )(2)

              قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( أول البدع ظهورا في الإسلام وأظهرها ذما في السنن والآثار بدعة الحرورية المارقة(3) ، فإن أولهم قال للنبي - صلى الله عليه وسلم- في وجهه : اعدل يا محمد ، فإنك لم تعدل ، وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم- بقتلهم وقتالهم ، وقاتلهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- ). (4)

              لكن بدعة الخوارج هذه ما لبثت أن خمدت، وعاش الناس طيلة حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وطيلة خلافة الشيخين ( أبي بكر وعمر ) متبعين كتاب ربهم ،ومقتفين سنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم- ، لا تعرف البدع إليهم طريقا ، ولا التكلف والتعمق إلي نفوسهم سبيلا إلا ما كان من حالات فردية يقضي عليها في مهدها ، حتي كان آخر عصر عثمان - رضي الله عنه- ، عندما عم الفتح الإسلامي كثيرا من الأقطار ، فدخل في الإسلام بعض من لم يتمكن الإسلام من نفوسهم ، لقرب عهدهم به وقلة فقههم فيه ، كما اندس بين هؤلاء من لم يرد الإسلام أصلا؛ وإنما أسلم نفاقا؛ وكيدا للإسلام وأهله . فكان نتيجة ذلك خروج ثورة مسلحة ضد عثمان - رضي الله عنه- على يد شرذمة من غوغاء الناس وسفهائهم ، يقودها يهودي ماكر خبيث هو عبد الله بن سبأ الحميري ، انتهت بمقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه- مظلوما علي يد هؤلاء ، فكان هذا أول الوهن .

              ثم جاء عهد علي - رضي الله عنه- فكان أن تمخضت فتنة مقتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وما تلاها من حروب عن بدعتين متقابلتين : بدعة الخوارج المكفرين لعلي - رضي الله عنه- وبعض الصحابة - رضي الله عنهم- ، وبدعة الرافضة المدعين لإمامته وعصمته، أو نبوته، أو إلاهيته ، ثم تتابع خروج الفرق بعد ذلك :

              ففي آخر عصر الصحابة -رضي الله عنهم - في خلافة عبد الملك بن مروان - حدثت بدعة المرجئة والقدرية .

              وفي أول عصر التابعين - في أواخر الخلافة الأموية - حدثت بدعة الجهمية والمشبهة الممثلة(5)

              قال ابن كثير : ( إن أول بدعة وقعت في الإسلام فتنة الخوارج ، وكان مبدؤهم بسبب الدنيا حين قسم النبي - صلى الله عليه وسلم- غنائم حنين ، فكأنهم رأوا في عقولهم الفاسدة أنه لم يعدل في القسمة ! ففاجؤوه بهذه المقولة ، فقال قائلهم - وهو ذو الخويصرة بقر الله خاصرته - : اعدل فإنك لم تعدل ! فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ( لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل ، أيأمنني علي أهل الأرض ولا تأمنوني ؟! ) فلما قفل الرجل استأذن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- - وفي رواية : خالد بن الوليد - في قتله ، فقال - صلى الله عليه وسلم-: ( دعه فإنه يخرج من ضئضئ هذا - أي من جنسه - قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، وقراءته مع قراءتهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم )(6) . ثم كان ظهورهم أيام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-، وقتلهم بالنهروان ، ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة ، ثم انبعثت القدرية ، ثم المعتزلة ، ثم الجهمية ، وغير ذلك من البدع التي أخبر عنها الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- في قوله: ( وستفترق هذه الأمة علي ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ) قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : ( من كان علي ما أنا عليه وأصحابي )(7)






              (1) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ( 5 / 449 ، 450 ) وأبو نعيم في الحلية ( 4 / 138 ) والطبراني في الصغير ( 1 / 303 ) من حديث أبي هريرة ، وقال الهيثمي في المجمع ( 7 / 22 ، 23 ) إسناد الطبراني في الصغير جيد
              (2) أخرجه مسلم، كتاب الزكاة ، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ( 2452 )
              الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2427
              خلاصة حكم المحدث: صحيح
              (3) الحرورية : هم الخوارج ، سموا بذلك لانحيازهم إلي مكان يعرف باسم : حروراء .
              (4) مجموع الفتاوي ( 19 / 72 ) .
              (5) انظر:ك منهاج السنة ( 6 / 230 ـــ 233 ) والصواعق المرسلة ( 1 / 147 ــ 151 ) .
              (6) انظر: أحاديث الخوارج وصفاتهم في صحيح مسلم ، كتاب الزكاة ، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ( 2449 ــ 2456 ) والمسند ( 616 ) وابن حبان ( 24 ) .
              (7) عمدة التفسير ( 1 / 353 ) والحديث أخرجه الترمذي ، كتاب الإيمان ، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة ( 2641 ) وقال : هذا حديث حسن غريب مفسر لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه .

              تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

              قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
              "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
              وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

              تعليق


              • #37



                الهجوم علي السنة نشأته وتطوره (3-3)





                وخطورة فرقة الخوارج -أول الفـــرق ظهورًا في الإسلام - أنها ترد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم- بقحة وجرأة ، وتخالف ما جاء به ، وهذا يتناقض مع ما يزعمونه من أنهم يؤمنون به رسولاً لرب العالمين ، فالإيمان به رسولا يلزم طاعته ، ولهذا لما قال أولهم للرسول - صلي الله عليه وسلم- : ( اعدل ، فإنك لم تعدل )، كان قوله هذا تجويزًا منه أن يخون ويظلم، فبما ائتمنه الله عليه من الأموال! فكيف يستقيم هذا مع ادعاء هذا القائل أنه يؤمن به رسولا لرب العالمين !! ولذلك قال الرسول - صلي الله عليه وسلم- لأمثال هذا الرجل : ( أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني ؟ ! ) .الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4764
                خلاصة حكم المحدث: صحيح


                وقد كذب هؤلاء بالسنن الثابتة المتواترة، زاعمين أنها تخالف القرآن، فمن ذلك تكذيبهم بحكم الرجم، وتكذيبهم بالنصاب الذي يقطع فيه السارق، فيزعمون أن الزاني المحصن يجلد ولا يرجم، وأن السارق تقطع يده في القليل والكثير.

                يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ( فهم لا يرون اتباع السنة التي يظنون أنها تخالف القرآن ، كالرجم ، ونصاب السرقة ، وغير ذلك فضلوا )(1)، وهذا الرد للسنة ليس بسبب تكذيبهم بصحة النقل عن الرسول - صلي الله عليه وسلم- ، ولكنه رد لقول الرسول - صلي الله عليه وسلم- .

                يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك : ( والخوارج جوزوا على الرسول نفسه أن يجور ويضل في سنته ، ولم يوجبوا طاعته ومتابعته ، وإنما صدقوه فيما بلغه من القرآن دون ما شرعه من السنة التي تخالف - بزعمهم - ظاهر القرآن )(2).

                وقد كان من أتي بعدهم من نفاة السنة أشد دهاء منهم ، فلم يصرحوا كما صرح هؤلاء برد السنة ، ولكنهم أخذوا يحتالون لذلك بشتى الحيل .

                يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وغالب أهل البدع غير الخوارج يتابعونهم على هذا ، فإنهم يرون : أن الرسول - صلي الله عليه وسلم- لو قال بخلاف مقالتهم لما اتبعوه ، كما يحكي عمرو بن عبيد في حديث الصادق المصدوق ، وإنما يدفعون عن أنفسهم التهمة غما : برد النقل ، وإما : بتأويل المنقول ، فيطعنون تارة في الإسناد ، وتارة في المتن ، وإلا فهم ليسوا متبعين ، ولا مؤتمين بحقيقة السنة التي جاء بها الرسول - صلي الله عليه وسلم-، بل ولا بحقيقة القرآن )(3).

                وقد ضل هؤلاء برفضهم السنة ، ووقعوا في أخطاء جسيمة ، ومن ذلك : أنهم كفروا المسلمين بالذنوب والسيئات ، واستحلوا دماءهم وأموالهم ، وجعلوا دار المسلمين دار حرب ، ودارهم دار الإيمان ، والسبب في ذلك كمــــا يقول شيخ الإسلام هو:
                روجهم عن السنة ، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة ، وما ليس بحسنة حسنة ،.... وهذا تشترك فيه البدع المخالفة للسنة ، فقائلها لابد أن يثبت ما نفته السنة ، وينفي ما أثبتته السنة ، ويحسن ما قبحته ، أو يحسن ما قبحت ، وهذا القدر قد يقع من بعض أهل العلم خطأ في بعض المسائل ، لكن أهل البدع يخالفون السنة الظاهرة المروية )(4)

                وقد واجه الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان هذه الفرقة وأمثالها من أهل البدع، فأنكروا عليهم بدعهم ، وحذروا الناس منهم .

                فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال : ( أصحاب الرأي أعداء السنن ، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها ، وتفلتت منهم أن يعوها ، واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا : لا نعلم ، فعارضوا السنن برأيهم ، فإياكم وإياهم )(5) .

                وعن أبي قلابة قال : ( لا تجالسوا أهل الأهواء ، ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة ، أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم )(6) .

                وعن الحسن البصري أنه قال: ( لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، ولا تسمعوا منهم )(7).

                ثم قيض الله -عز وجل- في كل عصر من العصور من يقف لهذه الفرق الضالة وأقوالها بالمرصاد ، ويواجه ظلماتها بنور الحق ، وهؤلاء هم حملة السنة ، وقد وعوا عن الله وعن رسوله ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ، واستناروا بمنهج رسول الله - صلي الله عليه وسلم-في كشفهم للضلال والشبهات ، وكلما زاد أهل الضلال في عنادهم وتعسفوا في رد الحق ، كلما توسع أهل الحق في الرد عليهم وبيان باطلهم .

                يقول ابن المديني - رحمه الله - في حديث رسول الله - صلي الله عليه وسلم-: ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين علي الحق .... ) هم أهل الحديث ، والذين يتعاهدون مذهب رسول الله - صلي الله عليه وسلم-، ويذودون عن العلم ، لولاهم لأهلك الناس المعتزلة والرافضة والجهمية ، وأهل الإرجاء والرأي )(8) .



                مناظرة الإمام الشافعي ( 204 هـ ) للرافضين للسنة .

                أول من عرف عنه أنه ناظر الرافضين للسنة ، وأطال في حجاجهم والرد عليهم ، هو الإمام الشافعي - رحمه الله - فقد ذكر في كتابه الأم في ( كتاب جماع العلم ، باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها )، وقد ذكر الشافعي هناك محاورة ، جرت بينه وبين واحد من هذه الفرقة ( ينسب إلي العلم بمذهب أصحابه ).

                وملخص حجة من يرد الأخبار كلها كما حكاه الشافعي عنهم : أن القرآن جاء تبيانا لكل شيء ، فإن جاءت الأحاديث بأحكام جديدة لم تكن في القرآن كان ذلك معارضة من ظني الثبوت : وهي الأحاديث ، لقطعي الثبوت : وهو القرآن ، والظني لا يقوي علي معارضة القطعي ، والسنة إن جاءت مؤكدة لحكم القرآن ، كان الاتباع للقرآن لا للسنة ، وإن جاءت لبيان ما أجمله القرآن ، كان ذلك تبيانا للقطعي الذي يكفر من أنكر حرفًا واحدًا منه بالظني الذي يكفر من أنكر ثبوته ، ويلزم علي هذا أن يقبلوا الأحاديث إذا كانت متواترة ، لأنها تفيد القطع بثبوتها ، إلا أنهم لا يسلمون بذلك ، بل هي عندهم أيضا ظنية الثبوت ، لأنها جاءت من طرق آحادية ظنية ، فاحتمال الكذب في روايته قائما ، ولو كانوا جمعا عظيما )(9).

                ويتلخص جواب الإمام الشافعي - رحمه الله - عن شبه هؤلاء بما يلي :

                1 - أن الله أوجب علينا اتباع رسوله ، وهذا عام بمن كان في زمنه ، وكل ما يأتي بعده، ولا سبيل إلي ذلك لمن لم يشاهد الرسول - صلي الله عليه وسلم- إلا عن طريق الأحاديث ، فيكون الله قد أمرنا باتباعها وقبولها ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

                2 - أنه لابد من قبول الأحاديث لمعرفة أحكام القرآن نفسه، فإن الناسخ فيه والمنسوخ لا يعرفان إلا بالرجوع إلى السنة.

                3 - أن هناك أحكاما متفقًا عليها بين جميع أهل العلم وطوائف المسلمين قاطبة ، حتى الذين ينكرون حجية السنة ، وذلك كعدد الصلوات المفروضة ، وعدد ركعاتها ، ونصاب الزكاة وغيرها ، ولم يكن من سبيل لمعرفتها وثبوتها إلا بالسنة .

                4 - أن الشرع قد جاء بتخصيص القطعي بظني، كما في الشهادة علي القتل والمال، فإن حرمة النفس والمال مقطوع بهما، وقد قبلت فيهما شهادة الاثنين، وهي ظنية بلا جدال.

                5 - أن الأخبار وإن كانت تحتمل الخطأ والوهم والكذب ، ولكن الاحتمال بعد التثبت، والتأكد من عدالة الراوي، ومقابلة الروايات بروايات أقرانه من المحدثين أصبح أقل من الاحتمال الوارد في الشهادات، خصوصًا إذا عضد الرواية نص من كتاب أو سنة ، فإن الاحتمال يكون معدوما .

                6 - ولم يذكر الشافعي - رحمه الله تعالي - في هذا الموضع جواب قولهم : إن الله أنزل الكتاب تبيانا لكل شئ ، وذكره في مواضع كثيرة من كتابه الرسالة ،

                وجوابه : أن الله لم ينص في الكتاب علي كل جزئية من جزئيات الشريعة ، وإنما بين أصول الشريعة ومصادرها وقواعدها ومبادئها العامة ، ومن الأصول التي بينها : وجوب العمل بسنة الرسول - صلي الله عليه وسلم-، كما في قوله تعالي : (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )(10) .

                ومن طالع كتاب ( الرسالة ) للإمام الشافعي، فإنه يجده قد رد ردودا مطولة علي من رفض الاحتجاج بالسنة، أو الاحتجاج بشيء منها، كالذين رفضوا الاحتجاج بخبر الآحاد.(11)




                (1) - مجموع الفتاوى ( 13 / 208 ).
                (2) - مجموع الفتاوى ( 19 / 73 ).
                (3) - مجموع الفتاوى ( 19 / 73 ).
                (4) - مجموع الفتاوى ( 19 / 72 ).
                (5) - أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم( 2001 )، والخطيب في الفقيه والمتفقه ( 479 ).
                (6) - أخرجه الدرامي ( 1 / 120 ) والآجري في الشريعة ص 56 .
                (7) - أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 1 / 133 ) .
                (8) - مفتاح الجنة ص 48 .
                (9) - راحع كتاب الأم ( 7 / 250 ) وانظر : دفاع عن الحديث النبوي ص 101 ، والأضواء السنية علي مذاهب رافضي الاحتجاج بالسنة النبوية ص 24 ، 25 وما بعدهما .
                (10) - سورة الحشر / 7.
                (11) - انظر: الأضواء السنية ص 27.

                تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                تعليق


                • #38
                  ابن قتيبة يتبع الشافعي في الرد على أعداء السنة




                  مر معنا حوار الإمام الشافعي لمن أنكر السنة، ثم جاء القرن الثالث الهجري الذي توفي الإمام الشافعي في العام الرابع من بدايته ليكون العصر الذهبي لجمع السنة، وتنقيتها، وتدوينها, حيث دون مسند الإمام أحمد , والصحيحان , وكتب السنن الأربعة , وغيرها من الكتب الأخرى .

                  غير أن ذلك القرن ضم أيضاً من حاول هدم السنة المطهرة, فلو نظرنا مثلاً إلى كتاب ( تأويل مختلف الحديث ) لابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ , نراه قد جعل كتابه في الرد على أعداء أهل الحديث، والجمع بين الأخبار التي ادعوا عليها التناقض والاختلاف, والجواب عما أوردوه من الشبه على بعض الأخبار المتشابهة، أو المشكلة بادئ الرأي , ولا يكتفي ابن قتيبة بالرد على الشبه, وبيان سوء فهم من أثاروا تلك الشبه , وإنما يتحدث عن الأشخاص أنفسهم الذين أثاروها حتى يعرف القارئ سبب عدائهم لأهل الحديث.

                  فيذكر منهم النظّام ويقول:وجد النظّام شاطراً من الشطار, يغدوا على سكرٍ , ويروح على سكرٍ , ويبيت على جرائها , ويدخل في الأدناس و ويرتكب الفواحش والشائنات ....إلخ .

                  وذكر أن النظّام خرج على إجماع الأمة , وطعن في أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي هريرة , ثم عقب ابن قتيبة بعد هذا بقوله: هذا هو قوله – أي النظّام – في جلة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ورضي عنهم , كأنه لم يسمع بقول الله تعالى في كتابه الكريم(محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) ...إلخ السورة (1), ولم يسمع بقوله تعالى(لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم ) ...إلخ الآية (2).

                  وبعد حديثه عن النظّام ورده عليه يقول: ثم نصير إلى قول أبي هذيل العلاف فنجده كذاباً أفاكاً ...إلخ(3), وهكذا استمر ابن قتيبة في كتابه.




                  (1) سورة الفتح/29.
                  (2) سورة الفتح/18.
                  (3) انظر: تأويل مختلف الحديث ص 17/42

                  تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                  قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                  "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                  وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                  تعليق


                  • #39





                    والشاطبي يرد أيضاً على أعداء السنة





                    من الذين دافعوا عن السنة وردوا على أعدائها خاصة الذين يردون الأخبار مقتصرين على الكتاب الكريم الإمام الشاطبي، وذلك في كتابه القيم (الموافقات) , وقد قال فيهم: (الاقتصار على كتاب رأي قوم لا خلاق لهم, خارجين على السنة , إذ عولوا على ما بنيت عليه من أن الكتاب فيه بيان كل شيء , فاطرحوا أحكام السنة , فأداهم ذلك إلى الانخلاع عن الجماعة, وتأويل القرآن على غير ما أنزل الله(1).

                    والشاطبي –رحمه الله – أدرك الغاية التي يرمي إليها هؤلاء , فقد ساق الشاطبي عدة آثار عن السلف تحث على مواجهة الذين يجادلون في القرآن بالسنة، كقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-(سيأتي قوم يجادلونك بشبهات القرآن , فخذوهم بالأحاديث, فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله).

                    وقول أبو الدرداء - رضي الله عنه-(إن مما أخشى عليكم زلة العالم، وجدل المنافق بالقرآن), وقول ابن مسعود - رضي الله عنه- (ستجدون أقوماً يدعونكم إلى كتاب الله, وقد نبذوه وراء ظهورهم فعليكم بالعلم, وإياكم والتبدع, وإياكم والتنطع, وعليكم بالعتيق) (2).



                    وقد ذكر الشاطبي أنَّ العلماء يسوقون هذه النصوص, ويحملونها على تأويل القرآن بالرأي، مع طرح السنن, ثم حدد الذي يرمي إليه النابذون للسنة فقال(إن كثير من أهل البدع اطرحوا الأحاديث، وتأولوا كتاب الله على غير تأويله، فضلوا وأضلوا), فهدفهم ليس تعظيم كتاب الله, بل التلاعب بكتاب الله.

                    ولما كانت السنة سياجاً يحمي القرآن من التلاعب به, وجهوا جهودهم لنبذها, ليتم لهم حمل القرآن على آرائهم الفاسدة من غير نكير, والذين يكون مقصدهم حسناً ويظنون صادقين مع أنفسهم أنهم بنبذهم السنة يعظمون الكتاب مخطئون, فهذا الطريق يؤدي إلى الجهل بالكتاب وطرحه.

                    يقول الشاطبي - رحمه الله تعالى-(السنة توضح المجمل, وتقيد المطلق, وتخصص العموم , فتخرج كثيراً من الصيغ القرآنية عن ظاهر مفهومها في أصل اللغة, فإذا طرحت واتبع ظاهر الصيغ بمجرد الهوى صار هذا النظر ضالاً في نظره، جاهلاً بالكتاب, خابطاً في عمياء , لا يهتدي إلى الصواب فيها, إذ ليس للعقول من إدراك المنافع والمضار في التصرفات الدنيوية إلا النزر اليسير, وهي في الأخروية أبعد على الجملة والتفصيل) (3).






                    (1) انظر: الموافقات/ 3/11.
                    (2) انظر: الموافقات 3/12.
                    (3) انظر: الموافقات 3/14.

                    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                    تعليق


                    • #40




                      السيوطي يقتفي أثر من سبقه في الدفاع عن السنة





                      في عصر الإمام السيوطي ( 911 هـ ) ثارت هذه الفرقة التي تهاجم السنة، وترفض الاحتجاج بها ، فشمر - رحمه الله - عن ساعد الجد ، وألف كتاباً في الرد عليهم عنوانه: ( مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة )، وقد جاء في مقدمته : (( اعلموا - يرحمكم الله - أن من العلم كهيئة الدواء، ومن الآراء كهيئة الخلاء ، لا تذكر إلا عند داعية الضرورة ، وأن مما فاح ريحه في هذا الزمان وكان دارساً - بحمد الله تعالى- منذ أزمان ، وهو : أن قائلاً رافضياً زنديقاً أكثر في كلامه أن السنة النبوية ، والأحاديث المروية - زادها الله علواً وشرفاً - لا يُحْتَجُ بها ، وأن الحجة في القرآن خاصة ، وأورد على ذلك حديث : ( ما جاءكم عني فأعرضوه على القرآن ، فإن وجدتم له أصلاً فخذوا به ، وإلا فردوههكذا سمعت هذا الكلام بجملته منه ، وسمعه منه خلائق غيري ، فمنهم من لا يلقي له بالاً، ومنهم من لا يعرف أصل هذا الكلام ، ولا من أين جاء ، فأردت أن أوضح للناس أصل ذلك ، وأبين بطلانه ، وأنه من أعظم المهالك ))(1).

                      وتحدث السيوطي عن أصل هذه المقالة الفاسدة فقال : ( وأصل هذا الرأي الفاسد أن الزنادقة وطائفة من الرافضة ذهبوا إلي إنكار الاحتجاج بالسنة، والاقتصار علي القرآن ، وهم في ذلك مختلفو المقاصد ، فمنهم من كان يعتقد أن النبوة لعلي، وأن جبريل - عليه السلام - أخطأ في نزوله إلى سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم- ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، ومنهم من أقر للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالنبوة ، ولكن قال : إن الخلافة كانت حقاً لعليٍّ ، فلما عدل بها الصحابة عنه إلى أبي بكر - رضي الله عنهم أجمعين - قال هؤلاء المخذلون - لعنهم الله - كفروا حيث جاروا، وعدلوا بالحق عن مستحقه . وكَفَّروا - لعنهم الله - عليًا -رضي الله عنه- أيضا لعدم طلبه حقه، فبنوا على ذلك رد الأحاديث كلها، لأنها عندهم- بزعمهم - من رواية قوم كفار، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

                      وهذه آراء ما كنت أستحل حكايتها، لولا ما دعت إليه الضرورة من بيان أصل هذا المذهب الفاسد الذي كان الناس في راحة منه من إعصار )(2).

                      وقد ذكر - رحمه الله تعالى - أن ( أهل هذا الرأي كانوا موجودين بكثرة في زمن الأئمة الأربعة فمن بعدهم، وتصدى الأئمة الأربعة وأصحابهم في دروسهم ومناظراتهم للرد عليهم )(3).

                      وقد نقل في كتابه كثيراً مما كتبه العلماء الأعلام من قبله في كتبهم، مستدلين به على الاحتجاج بالسنة، كما نقل عنهم ردودهم على الذين يذهبون هذا المذهب الفاسد.







                      (1) - مفتاح الجنة ص 11 .
                      (2) - مفتاح الجنة ص 12 .
                      (3) - المصدر السابق ص 12.

                      تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                      قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                      "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                      وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                      تعليق


                      • #41

                        التلامذة المستشرقين ينشرون سمومهم






                        ومرت أوقات كان الغرب فيها يزاول هذه المهمات بنفسه، ثم اهتدوا إلى ( البديل ) وهم المتأثرون بهم من أبناء المسلمين: فريق مخدوع تتلمذ على أيدي المستشرقين، وأشربت نفسه أغراضهم وأمراضهم، فلم يَعُدْ يرى إلا بعيونهم، ولا يسمع إلا بآذانهم، ولا يفهم ولا يعي إلا بعقولهم، شُحِنَ بالشبهات، ثم دُفِعَ به إلى دور العلم والإعلام، ينشر سمومه، ويثير في سماء السنة غيومه، فلم يترك قاعدة من قواعد علوم الحديث إلا شكك في قيمتها وجدواها، ولم يدع راويا من كبار الرواة من الصحابة والتابعين إلا نسج حوله الشبهات، واتهمه بعظيم الاتهامات توطئة لرد كل ما نقل عنه من المرويات، ولم يترك كتاباً من كتب السنة التي أجمعت الأمة علي تلقيها بالقبول، وسلمت لرجالها بالعلم والفهم والفضل إلا شكك في أصولها، وطعن في رواتها وأسانيدها ومتونها .

                        من أبرز هؤلاء التلاميذ: المدعو محمود أبو رية فقد ألف كتابه ( أضواء على السنة المحمدية )، وما هو بأضواء؛ ولكنه ظلمات في ظلمات، حمل فيه علي السنة ونقلتها، وذهب يطعن في صحاح الأحاديث في أصح مصادرها، وقد صرح بتكذيبه بأحاديث كثيرة وردت في البخاري ومسلم وغيرهما، وزعم أن صحاح كتب السنة حوت كثيراً من الإسرائيليات والمسيحيات على حد تعبيره، وقد ضرب عرض الحائط بالقواعد والموازين التي وضعها علماء الحديث لتبين الصحيح من الباطل من الأحاديث .

                        انظر إلى منهجه في التصحيح والتضعيف حيث يقول : ( أصبحت على بينة من أمر ما نسب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أحاديث ، آخذ ما آخذ منه ونفسي راضية، وأدع ما أدع وقلبي مطمئن، ولا عليَّ في هذا أو ذاك أي حرج أو جناح )(1)، فقد جعل عقله المقياس في قبول الحديث أو رفضه، وإذا رضينا منهجه هذا، فإن السنة تصبح لعبة في أيدي الناس، يكذب كل فريق بما صدق به غيره .

                        وقد أمعن أبو رية في التطاول على الصحابي الجليل أبي هريرة، ومما قال فيه : ( وسجل التاريخ أنه كان أَكِلاً نَهِمَاً، يُطْعَمُ كل يوم في بيت النبي، أو في بيت أحد أصحابه، حتى كان بعضهم ينفر منه )(2)، وكذب بالأحاديث التي وردت من طريق هذا الصحابي الجليل.

                        وقد فتح أبو رية بكتابه هذا باب شر كبير، وقد أخذ شبهاته التي سطرها كثير من المغرضين والحاقدين، فما من كاتب رام الهجوم علي السنة إلا وكانت ظلمات أبي رية أحد مراجعه .

                        وحسبنا أن نعلم أن جذور أبي رية تمتد إلى ما كتبه أعداء الإسلام، وليس هذا تقولاً عليه، ولكننا من فمّه ندينه، فقد جاء في كتابه قوله : (من يشاء أن يستزيد من معرفة الإسرائيليات والمسيحيات وغيرها في الدين الإسلامي، فليرجع إلى كتب الحديث والتاريخ، وإلى كتب المستشرقين أمثال ( جولد تسيهر، وفون كريمر )(3).

                        لكن هؤلاء وأولئك ومن لفَّ لفهم وسعي سعيهم ورام هدفهم في محاربة السنة، لن يصلوا ــ بإذن الله تعالى ــ إلى هدفهم المنشود وغايتهم المطلوبة، بل سيظلون يتخبطون خبط عشواء في متاهات مظلمة، كثيرة الالتواء، صعبة المخرج، إلى أن يموتوا غيظاً وحقداً وكمداً، لأن الله تكفل بحفظ دينه وإظهاره وعلوه في دنيا العالمين ، قال تعالى( إنَّا نحن نزلنا الذكر وإنَّا له لحافظون )(4) وقال تعالى : ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون . هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون )(5).

                        وتصديقاً لهذا الوعد الإلهي فقد قيض الله للسنة ــ عبر القرون المختلفة ــ جنودا يذبون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ولهم مؤلفات ــ في القديم والحديث ــ محمودة مشكورة في هذا الباب، منها:

                        1 ــ كتاب ( الرسالة ) و ( اختلاف الحديث ) للإمام الشافعي .

                        2 ــ كتاب ( تأويل مختلف الحديث ) لابن قتيبة .

                        3 ــ كتاب ( شرح مشكل الآثار ) للإمام الطحاوي .

                        4 ــ كتاب ( السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ) للدكتور مصطفى السباعي .

                        5 ــ كتاب ( دفاع عن السنة ) للدكتور محمد أبو شهبة .

                        6 ــ كتاب ( حجية السنة ) للدكتور عبد الغني عبد الخالق .

                        7 ــ كتاب ( ظلمات أبي رية ) للشيخ محمد عبد الرازق حمزة .

                        8 ــ كتاب ( الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة ) للعلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني .

                        9 ــ كتاب ( السنة قبل التدوين ) و( أبو هريرة راوية الإسلام ) للدكتور محمد عجاج الخطيب .

                        10 ــ دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه للدكتور محمد مصطفى الأعظمي .

                        11 ــ كتاب ( الحديث والمحدثون ) للشيخ محمد أبو زهو .

                        12 ــ كتاب ( السنة في مواجهة الأباطيل ) للأستاذ محمد طاهر حكيم .

                        13 ــ كتاب ( السنة المفتري عليها ) و ( السنة بين الوحي والعقل ) للمستشار سالم البهنساوي .


                        14 ــ كتاب ( السنة النبوية ومطاعن المبتدعة فيها ) للدكتور مكي الشامي .

                        15 ــ كتاب ( المستشرقون والحديث النبوي ) للدكتور محمد بهاء الدين

                        16 ــ كتاب ( السنة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم ) للدكتور عبد الموجود عبد اللطيف .

                        17 ــ كتاب ( شبهات حول السنة ودحضها ) للدكتور خليل ملا خاطر.

                        18 ــ كتاب ( اهتمام المحدثين بنقد الحديث سنداً ومتناً ودحض مزاعم المستشرقين وأتباعهم ) للدكتور محمد لقمان السلفي .

                        19 ــ كتاب ( القرآنيون وشبهاتهم حول السنة ) للدكتور خادم حسين إلهي بخش .

                        20 ــ كتاب ( الدفاع عن السنة ) و ( السنة في مواجهة أعدائها ) و (ضلالات منكري السنة ) للدكتور طه الدسوقي حبيش .

                        21 ــ كتاب ( ضوابط الرواية عند المحدثين ) للأستاذ الصديق بشير نصر .

                        22 ــ كتاب ( دفع الشبهات عن السنة النبوية ) للدكتور عبد المهدي عبد الهادي.

                        23 ــ كتاب ( موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية ) للأستاذ أمين الصادق

                        24 ــ كتاب ( السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام . مناقشتها والرد عليها ) للدكتور عماد السيد الشربيني .

                        25 ــ كتاب ( السنة النبوية بين كيد الأعداء وجهل الأدعياء ) للأستاذ حمدي الصعيدي .

                        وهناك كتب ورسائل أخرى في هذا الباب ، إضافة إلى جهود المؤسسات العلمية المشهودة ومواقع الإنترنت وغيرها.

                        وهكذا نرى أن علماء الأمة على وعي بما يدبر ويحاك ضد ثوابت الأمة ومصادرها ، ولن يزيدهم ما يصوب إليهم من سهام التشكيك والتضليل إلا ثباتاً في الموقف ، وقوة في الرد، وعزيمة على التواصل والاستمرار في العطاء والبذل ( ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة )(6).

                        ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )(7).






                        (1) - أضواء على السنة المحمدية ص 13 . ط أولي 1958م مطبعة دار التأليف .
                        (2) - أضواء على السنة المحمدية ص 154 .
                        (3) - أضواء على السنة المحمدية ص 148 .وانظر : الأضواء السنية على مذاهب رافضي الاحتجاج بالسنة النبوية ص33 ــ 39 .
                        (4) - سورة الحجر / 9.
                        (5) - سورة التوبة / 32 ــ 33 .
                        (6) - سورة الأنفال / 42.
                        (7) - سورة الشعراء / 227.

                        تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                        قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                        "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                        وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                        تعليق


                        • #42







                          الطاعنون في السنة - قديما وحديثا - (1-2)



                          عرضنا فيما سبق لتاريخ الهجوم على السنة والمراحل التي مر بها عصرًا بعد عصرٍ ، وألمحنا في ثنايا ذلك إلى بعض الفرق التي طعنت في السنة وهاجمتها، وهنا نتناول بشيء من التفصيل الطاعنين في السنة ـ قديما وحديثا ـ والمهاجمين إياها، لكن في البداية أود التنبيه إلى أن الطاعنين في السنة فرق شتى، وجماعات مختلفة، وأفراد عديدون، لكن إنكارهم للسنة، وطعنهم فيها على درجات :

                          1ـ فمنهم المنكرون للسنة كلها : مثل بعض الفرق القديمة أو الرافضة ، ومثل غلام أحمد برويز، الذي أسس ( جمعية أهل القرآن ).

                          2ـ ومنهم من ينكر السنة لكن يستثني منها السنة العملية المتواترة، كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج ، وهذا مذهب كثير من المعتزلة، وكثير من منكري السنة حديثًا .

                          3ـ ومنهم المقرون بالسنة، لكن لا يحتجون منها بأخبار الآحاد في العقيدة، مثل كثير من أهل الكلام.

                          4ـ ومنهم من ليس له قاعدة، ولا ضابط ، وإنما ينكر هذا الحديث أو ذاك؛ لمخالفته لمعقوله، أو لهواه، أو لغرض في نفسه، أو لسبب آخر.(1)

                          وقد يتساءل البعض: لماذا الحديث عن هذه الفرق ؟.

                          ونقول : إن الحديث عن هؤلاء إنما يأتي من باب قول الشاعر :


                          عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه * ومن لا يعرف الشر يقع فيه


                          وهذه الفرق فضلا عن موقفها من السنة المطهرة، ومن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، كان لها الأثر الكبير في تفريق الأمة الإسلامية إلى أحزاب وشيع، من هذا المنطق تأتي أهمية دراسة تلك الفرق لما يأتي :


                          أولاً: لأن هذه الفرق وإن كانت قديمة فليست العبرة بأشخاص مؤسسي تلك الفرق، ولا بزمنهم؛ ولكن العبرة بوجود أفكار تلك الفرق في وقتنا الحاضر، فإننا إذا نظرنا إلى بعض تلك الفرق الماضية كالخوارج( القرآنيون )، نجد أن لها امتدادا يسري في الأمة سريان الوباء ، وكذلك المعتزلة لا زالت أفكارهم حية قوية، يتشدق بها بعض المغرضين من الذين استهوتهم الحضارة الغربية والشرقية ، فراحوا يمجدون العقل، ويحكمونه في نصوص الشرع، قرآنا وسنة ، فما وافق عقولهم قبلوه، وإلا ردوه ، أو تأولوه تأويلا يضر بعقيدة المسلم ، ويصفون من يعتمد على ما وراء ذلك بالتأخر والانزواء .


                          إنهم يريدون الخروج عن المنهج الإسلامي ، ولكنهم لم يجرؤا صراحة على ذلك ، فوجدوا أن التستر وراء تلك الآراء التي قال بها من ينتسب إلى الإسلام خير وسيلة لتحقيق ذلك ، فذهبوا إلى تمجيد تلك الأفكار؛ لتحقيق أهدافهم البعيدة .


                          من هنا تأتي أهمية دراسة تلك الفرق لبيان ما فيها من أفكار وآراء هدامة، مخالفة لحقيقة الإسلام ، وكيف يعمل على إحيائها وترويجها في العصر الحاضر من سار على دربهم، أو تأثر بهم ، ذلك أنه ما من بلاء كان فيما سبق من الزمان إلا وهو موجود اليوم في وضوح تام ، فلكل قوم وارث ، وصدق الله إذ يقول : ( كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم )(2).


                          وأيضا لكشف القناع عن تلك الحركات، والأفكار الهدامة، التي يقول بها في العصر الحاضر أولئك الخارجون عن الخط السوي، والصراط المستقيم ، وتعرية دورهم الخطير في الطعن والتشكيك في الإسلام ( قرآنا وسنة ) من ناحية ، وإشاعة الفرقة والاختلاف في صفوف الأمة من ناحية أخرى ، وذلك إنما يكون بتعريف الناس بفكرهم، وحقيقة أمرهم؛ ليحذروهم .






                          (1) - انظر : قضايا منهجية ودعوية ص62
                          (2) - سورة البقرة /118

                          تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                          قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                          "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                          وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                          تعليق


                          • #43
                            الطاعنون في السنة- قديما وحديثا - (2-2)



                            انتهينا في الحلقة السابقة إلى ذكر الأمر الأول في أهمية دراسة الفرق التي طعنت في السنة، ونستكمل في هذه الحلقة بقية الأمور، فأقول:


                            ثانياً:

                            إن دراسة تلك الفرق يكشف لنا جذور البلاء الذي شتت قوى المسلمين، وفرقهم شيعا، وجعل بأسهم بينهم شديدًا، كما يكشف لنا جذور شبهات أعداء السنة في الوقت الحاضر.(1)


                            ثالثاً:

                            إن الفرق التي ظهرت قديما ما من فرقة منها إلا وقد قامت مبادئها علي بعض المنكرات ، وهي تدعي أنها المحقة وما عداها علي الضلال ، فألبسوا الحق بالباطل ، وأظهروا مروقهم وخروجهم عن منهج الكتاب والسنة في أثواب براقة؛ لترويج بدعهم، والدعوة لها .

                            فتأتي دراسة تلك الفرق لبيان أضرارها علي العقيدة الإسلامية، ووحدة الأمة ، وردًا على من يزعمون أن الخوارج كانوا من الصحابة ، وأن المعتزلة ــ وهم كانوا من الصحابة والتابعين ــ رفضوا السنة في العقائد، كما رفضها الخلفاء الراشدون والخوارج ، بل يزعمون - زيادة على ما سبق- أنهم هم الذين نقلوا القرآن ، ونقلوا شعائر الدين قبل إقرار مذهب السلف في ديار المسلمين .(2)


                            رابعاً:

                            إن عدم دراسة الفرق، والرد عليها، وإبطال الأفكار المخالفة للحق ، فيه إفساح المجال للفرق المبتدعة أن تفعل ما تريد ، وأن تدعوا إلى ما تريد، من بدع وخرافات، دون أن تجد من يتصدى لها بالدراسة والنقد، كما هو الواقع ، فإن كثيرا من طلاب العلم ـــ فضلا عن عوام المسلمين ــ يجهلون أفكار فرق يموج بها العالم ، وهي تعمل ليلا ونهارا علي نشر باطلها ، ولعل هذه الغفلة من المسلمين عن التوجه لكشف هذه الفرق المارقة من تخطيط أولئك المارقين، الذين يحلوا لهم حجب الأنظار عنهم، وعن مخططاتهم الإجرامية ، ولا أدل على ذلك من تلك الأفكار، وبعض العبارات التي يرددها كثير من المسلمين في كثير من المجتمعات الإسلامية، دون أن يعرفوا أن مصدرها، إما من الخوارج، مثل قولهم لا حجة في شيء من أحكام الشريعة إلا من القرآن، أما السنة فلا حجة فيها، ومثل استحلال دماء المسلمين لأقل شبهة، وتكفير الشخص، بل المجتمعات الإسلامية بأدنى ذنب، أو من المعتزلة، مثل تمجيد العقل، وتحكيمه في نصوص الشرع قرآنا وسنة، فما وافقه قُبِلَ، وإلا فيرد، أو من الشيعة،مثل تكفير الصحابة أو بعضهم، واتهامهم بالكذب، والخوض في فتنة عثمان، وعليٍّ، ومعاوية ــ رضوان الله على الجميع-، أو من البهائية، مثل تقديس العدد تسعة عشر، إلي غير ذلك.

                            ومن المعلوم أن ذلك إنما يعود إلي الجهل بأفكار وأهداف هذه الفرق التي أضلت كثيرًا من شباب هذه الأمة في كثير من المجتمعات الإسلامية، قديما وحديثا . من هنا تأتي أهمية دراسة الفرق، وكشف القناع عن أهوائها وبدعها ، ليكون ذلك الكشف نورًا يضئ لشباب الأمة طريقه وسط هذا الظلام الفكري المفتعل من قبل ذيول تلك الفرق، التي تعمل في الظلام؛ لنشر أفكارها ، وفرض مخططاتها المعادية للإسلام .(3)





                            (1) - انظر : السنة في كتابات أعداء الإسلام ( 1 / 73 ) .
                            (2) - انظر : كشف الشبهات عن الشيخ الغزالي ص 63 ، 77 ، 94 .
                            (3) - انظر : فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام، وموقف الإسلام منها ( 1 / 22 ــ 26 ) .

                            تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                            قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                            "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                            وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                            تعليق


                            • #44




                              الخوارج وموقفهم من السنة




                              التعريف بالخوارج :

                              الخوارج في اللغة: جمع خارج وخارجي، وقد أطلقت هذه الكلمة في كتب اللغة علي طائفة من أهل الآراء والأهواء؛ لخروجها على الدين، أو على الإمام علي - رضي الله عنه-.

                              قال الأزهري : " والخوارج : قوم من أهل الأهواء، لهم مقالة على حدة"(1)، وقال الزبيدي عنهم : " وهم الحرورية ، والخارجية طائفة منهم ، وهم سبع طوائف ، سموا بهم لخروجهم على الناس، أو عن الدين، أو عن الحق، أو عن علي - رضي الله عنه- بعد صفين "(2).

                              وفي الاصطلاح : قال الشهرستاني: " كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجيًا ، سواء كان الخروج في زمن الصحابة على الأئمة الراشدين ، أو كان بعدهم على التابعين بإحسان والأئمة في كل زمان "(3).

                              وترجع بداية نشأة الخوارج كفرقة ذات اتجاه سياسي، وفكر خاص حين خرجوا على الإمام علي ــ رضي الله عنه ــ بعد أن رضي بالتحكيم في موقعة صفين ، والتحموا معه في معركة النهروان الشهيرة (4).

                              والخوارج وإن تفرقوا إلى فرق عديدة فإنه يجمعهم:

                              1ــ القول بالتبري من عثمان، وعلي ــ رضي الله عنهما ــ، ويقدمون ذلك على كل طاعة، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك .

                              2 ــ ويكفرون أصحاب الكبائر.

                              3 ــ ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقاً واجبًا .

                              إلا أن لعبد القاهر البغدادي رأيًا آخر فيما يجمع الخوارج ، فهو يقول : (وإنما الصواب فيما يجمع الخوارج كلها ما حكاه شيخنا أبو الحسن الأشعري - رحمه الله-: من تكفيرهم علياً، وعثمان، وأصحاب الجمل، والحكمين، ومن صوبهما، أو صوب أحدهما، أو رضي بالتحكيم )(5).

                              ذلك أن أبا الحسن الأشعري يقول في مقالات الإسلاميين : ( أجمعت الخوارج على تكفير علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ أن حكم ، وهم مختلفون : هل كفره شرك أم لا ؟ وأجمعوا على أن كل كبيرة كفر إلا النجدات فإنها لا تقول ذلك ، وأجمعوا على أن الله – سبحانه- يعذب أصحاب الكبائر عذابًا دائما إلا النجدات ).





                              (1) - تهذيب اللغة ( 7 / 50 )
                              (2) - تاج العروس ( 2 / 30 )
                              (3) - الملل والنحل ( 1 / 114 ).
                              (4) - انظر: الفصل في الملل والنحل ( 4 / 157 )، والملل والنحل ( 1 / 21 )، والبداية والنهاية ( 7 / 189 )، وفرق معاصرة ( 1 / 70 ، 71 ) .
                              (5) - الفرق بين الفرق ص 74 .

                              تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                              قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                              "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                              وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                              تعليق


                              • #45


                                مواطن انحراف الخوارج عن السنة



                                إن أبرز سمات الخوارج التشدد والغلو والتطرف في جميع أحكامهم ، ولهذا خرجوا عن الإسلام الدين الوسط ، الذي يتميز بالاعتدال الذي هو الفضيلة ، ووسموا فرقتهم بالجمود والتحجر الذي يتوقف عند ظواهر النصوص القرآنية دون مراعاة لما يمكن أن ينسخ تلك النصوص القرآنية، أو يخصص عمومها، أو يقيد مطلقها ، أو يزيد عليها بعض الأحكام مما تكفلت السنة المطهرة بتشريعه وبيانه .

                                وقد سبق أن بينا موقفهم من مرويات جل الصحابة المتمثل في رد رواية الذين كفروهم منهم .

                                وقد نشأ عن موقفهم هذا جحد أغلب النصوص الحديثية، بل فإنهم ( لم يلتفتوا إلى إجماع الأمة ولم يقدروه ، عند فهمهم لنصوص القرآن، مع أن الإجماع في الحقيقة يستند إلى أصل من الكتاب والسنة ، وليس أمرًا مبتدعا في الدين، أو خارجا على قواعده وأصوله )(1).

                                كما كان لحدة مزاجهم، وتطرفهم، وميلهم الفاحش إلى تكفير من يخالفهم في جليل الأمور وحقيرها ، الدور الفعال في انقساماتهم على أنفسهم وتفرقهم إلى طرائق قددا. وكان لكل هذه المعاني مجتمعة الأثر الكبير فيما أحدثوه من الضلالات والبدع التي يربو العقلاء بأنفسهم عن اقترافها، فضلا عن المؤمنين الذين يستبرئون لدينهم .

                                وهذه جملة من ضلالاتهم المخالفة صراحة ما ثبت من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.

                                1ـ إن من أشهر ضلالاتهم وأوضحها، لا سيما التي اقترفتها المحكمة الأولى والأزارقة ( تكفيرعلي وعثمان وأصحاب الجمل ، ومعاوية وأصحابه والحكمين ومن رضي بالتحكيم )(2).

                                ـ أما علي فخطؤه في التحكيم إذ حكم الرجال، ولا حكم إلا لله . . .(3)، كما خطؤوه في محو اسمه من إمرة المسلمين . . . وانتهوا إلى تكفيره .

                                ـ أما عثمان فطعنوا فيه للأحداث التي عدوها عليه من محاباة بني قبيلته على حساب مصالح الأمة، إلى غير ذلك من التجاوزات التي ألمحنا إليها منذ حين.

                                أما أصحاب الجمل، وأصحاب صفين، ومعاوية ، فطعنوا فيهم لانغماسهم في الفتنة؛ ولأنهم أطراف في النزاع .

                                وقد طفق الأزارقة يتأولون الآيات، ويتعسفون في تفسيرها قصد تطويع معانيها لخدمة أغراضهم وأهوائهم، فتأولوا قوله تعالى : ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ) ] البقرة : 204[

                                وقالوا إنما نزلت هذه الآية في علي.

                                كما صوبوا عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي ، حتى إن عمران بن حطان ، وهو مفتي الخوارج وزاهدهم وشاعرهم الأكبر ، أشاد به في أبيات مشهورة منها :

                                يا ضربة من منيب ما أراد بها
                                إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا (4

                                وإن هذا الموقف من صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم- ليخالف السنة مخالفة صريحة ، ذلك أن عددا من الذين كفروهم قد شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالجنة ، كعلي، وطلحة بن عبيد الله، والزبير، وعثمان(5) ، كما كانوا ضمن بيعة الرضوان الذين قال الله تعالى فيهم : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة )(6)، وإن كتب السنة الخلية عن الهوى لتمتلئ بمناقب أولئك الأصحاب وفضائلهم الباقية على الزمن(7).

                                أما محو علي لاسمه من إمرة المسلمين فليس إلا اقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم- يوم الحديبية ، حيث محا لفظ ( رسول الله ) بعد أن اعترض عليه المشركون المتصالحون معه على ذلك(8)، والخوارج لما خالفوا السنة ابتعدوا عن هديها ولم يعتبروا بأحداثها(9).





                                (1) - التفسير والمفسرون 2/313
                                (2) - الفرق بين الفرق 81 .[2]
                                (3) - ولما سمعها علي- رضي الله عنه- قال : (( كلمة حق أريد بها باطل )) أو (( كلمة عدل أريد بها جور، إنما يقولون لا إمارة، ولا بد من إمارة بر أو فاجر )) 1/116 ـ117 (ملل الشهرستاني )
                                (4) - الملل ـ الشهرستاني 1/120 . البداية والنهاية 7\ 359 وقد عارضه بكر بن حماد الزناتي التاهرتي ( 200هـ 296هـ ) هاجيا له : فقال في قصيد طويل :

                                بل ضربة من غوي أورثته لظى
                                مخلدا قد أتى الرحمن غضبانا

                                (5) - انظر الحديث رقم ( 3574 ، 3575 ) من سنن الترمذي .
                                (6) - سورة الفتح / 18 .
                                (7) - انظر : صحيح البخاري ، كتاب فضائل الصحابة ، ومسلم ، كتاب الفضائل . وسنن الترمذي ،أبواب المناقب .
                                (8) - انظر : جامع بيان العلم وفضله 2 / 127 ، وصحيح البخاري ، كتاب الصلح ، باب كيف يكتب هذا ما صالح ...، وكتاب المغازي ، باب عمرة القضاء .
                                (9) - انظر : أصول علم الحديث بين النهج والمصطلح ص 162 ــ 164 .


                                تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                                قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                                "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                                وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                                تعليق

                                يعمل...
                                X