المعاني اللغوية التي يركز عليها أعداء الإسلام( 2 – 2 )
ثالثا: ومن المعاني اللغوية التي يركزون عليها في تشكيكهم في السنة المطهرة معناها الوارد في القرآن الكريم بمعنى أمر الله -عزَّ وجلَّ- ونهيه، وسائر أحكامه، وطريقته، ويقولون: لا سنة سوى سنة الله - عزَّ وجلَّ - الواردة في كتابه العزيز، وأنه مستحيل أن يكون لرسول الله سنة، ويكون لله -عز وجل- سنة فيشرك الرسول نفسه مع الله - عزَّ وجلَّ -.
وفي ذلك يقول محمد نجيب(1) في كتابه (الصلاة): القرآن وما فيه من آيات هو سنة الله التي سنها وفرضها نظاماً للوجود، واتبعها الله نفسه؛ فهي سنة الله...
وليس من المعقول أن يكون للرسول سنة ويكون لله سنة، فيشرك الرسول نفسه مع الله، ويكون لكلاهما سنة خاصة، وهو أمر مستحيل أن يحصل من مؤمن، ومن رسول على الأخص، فما كان لبشر آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة أن يترك حكم الله وسنته، ويطلب من الناس أن تتبع ما يسنه هو من أحكام، وليس ذلك إن حصل إلا استكباراً في الأرض، وتعالٍ على الله. يقول الله تعالى: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادًا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)(آل عمران /79)، (فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا. استكبارًا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً) (فاطر / 42، 43). وهذا يؤكد وجوب الرجوع لكتاب الله وحده جماع سنة الله(2).
وفي ذلك أيضاً يقول أحمد صبحي منصور(3) في كتابه (حد الردة) معرفاً بالسنة الحقيقية قائلاً: " سنة الله تعالى هي سنة رسوله -عليه السلام-...، الله تعالى ينزل الشرع وحياً، والرسول يبلغه وينفذه، ويكون النبي أول الناس طاعة واتباعًا لأوامر الله تعالى. والله تعالى أمر النبي بأن يقول (إن اتبع إلا ما يوحى إلي)(الأحقاف /9). والإيمان بالرسول معناه الإيمان بكل ما نزل عليه من القرآن، والإيمان بأنه اتبع ذلك الوحي وطبقه، وكان أول الناس إيماناً به وتنفيذا له " (4).
ويقول قاسم أحمد(5) في كتابه (إعادة تقييم الحديث): " إنه بالنظر إلى استخدام كلمتي السنة والحديث في القرآن، والذي يعطينا معلومات شيقة، نجد أن كلمة " سنة " تشير في القرآن إلى النظام أو الناموس الإلهي، وإلى مثال الأمم السابقة التي لقيت مصيرها، فلم يشر القرآن إلى أن السنة هي سلوك النبي، وهذان الاستخدامان تشير إليهما الآيتان التاليتان:
(سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) (الفتح /23).
(قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين) (الأنفال /38).
وكلمة " حديث " استخدمت في القرآن بمعنى "الأخبار"و "القصص" و "الرسالة" و"الشيء" وقد ذكرت ستاً وثلاثين مرة في مواضع لغوية مختلفة، ولا يشير أي منها إلى ما يعرف بالحديث النبوي. فعلى العكس وردت في عشرة مواضع من الآيات البينات تشير إلى القرآن وتستبعد بشدة أي حديث إلى جانب القرآن منها هذه الآيات (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها) (الزمر / 23) (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا أولئك لهم عذاب مهين) (لقمان /6)(6).
- والجواب عن ذلك من وجوه:
الأول: زعم أعداء السنة في تعريفهم بالسنة النبوية من أنها الطريقة العملية، أو السنة العملية، أو هي سنة الله -عزَّ وجلَّ-، وأن تعريف السنة النبوية بأنها كل ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة.... اصطلاح مستحدث من المحدثين، ولم يعرفه النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه - رضي الله عنهم-، بل كان هذا التعريف سببًا في تحنيط الإسلام.
هذا الزعم الكاذب إنما يدل على ما سبق وأن ذكرته من أن هؤلاء الأعداء يخلطون بين المعاني في اللغة وبينهما في الاصطلاح، ولا يهتمون بمعرفتها، ولا ببيانها، إما عن جهل، وإما عن علم، بقصد خداع القارئ وتضليله، وتشكيكه في حجية السنة وفي علمائها.
(1) محمد نجيب كاتب معاصر. من مؤلفاته (الصلاة) أنكر فيه السنة المطهرة، وزعم أن تفاصيل الصلاة واردة في القرآن الكريم، والكتاب صادر عن ندوة أنصار القرآن، نشر دائرة المعارف العلمية الإسلامية.
(2) الصلاة ص 276، 277.
(3) أحمد صبحي منصور تخرج في الأزهر وحصل على العالمية في التاريخ من الجامعة، وتبرأ من السنة فتبرأت منه الجامعة، سافر إلى أمريكا، وعمل مع المتنبئ رشاد خليفة، يحاضر بالجامعة الأمريكية بمصر، ومدير رواق بن خلدون بالمقطم. من مصنفاته: الأنبياء في القرآن، والمسلم العاصي، وعذاب القبر والثعبان الأقرع، ولماذا القرآن، باسم مستعار وهو عبد الله الخليفة. انظر قصته هو ورشاد خليفة في كتابي مسيلمة في مسجد توسان، والدفاع عن السنة الجزء الأول من سلسلة " الإسلام واستمرار المؤامرة كلاهما لفضيلة الأستاذ الدكتور/ طه حبيشي.
(4) حد الردة ص 40.
(5) قاسم أحمد كاتب ماليزي معاصر، ورئيس الحزب الاشتراكي الماليزي – سابقا – من مؤلفاته: إعادة تقييم الحديث، أنكر فيه حجية السنة المطهرة.
(6) انظر: إعادة تقييم الحديث ص 77، 78، واستشهاده بهذه الآية على أن لفظ الحديث هو القرآن استشهاد باطل فـ (لهو الحديث) هنا الأقاصيص والأساطير، انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/ 441.
تعليق