قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم
" إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول أتنكر من هذا شيئا أظلمك كتبتي الحافظون فيقول لا يا رب فيقول أفلك عذر فيقول لا يا رب فيقول بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول احضر وزنك فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقال فإنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله تعالى شيء " .
تخريجه : رمز له السيوطي في الجامع : (حم ت ك هب) عن ابن عمرو.
وقال الألباني –رحمه الله - : صحيح : انظر حديث رقم: 1776 في صحيح الجامع.
(لفظة الشهادة) أي شهادة أن لا إله إلا الله (فهي) أي هذه الكلمة (سبيل الفوز) بدخول الجنة والنجاة من النار قال الله عز وجل: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185] (و) هي سبيل (السعادة) في الدارين أي طريقهما لا وصول إليهما إلا بهذه الكلمة, فهي الكلمة التي أرسل الله بها رسله وأنزل بها كتبه, ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار وفي شأنها تكون الشقاوة والسعادة, وبها تؤخذ الكتب باليمين أو الشمال, ويقل الميزان أو يخف, وبها النجاة من النار بعد الورود, وبعدم التزامها البقاء في النار, وبها أخذ الله الميثاق, وعليها الجزاء والمحاسبة, وعنها السؤال يوم التلاق إذ
يقول تعالى: { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }[الحجر:92]
وقال تعالى: { فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف:6] فأما سؤاله تعالى الذين أرسل إليهم يوم القيامة فمنه
قوله تعالى: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:65] والآيات قبلها وبعدها وغير ذلك وأما سؤاله المرسلين فمنه
قوله تعالى: { يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجَبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّك أَنْتَ عَلامُ الغُيُوب} [المائدة:109] وغير ذلك من الآيات, وهي أعظم نعمة أنعم الله عز وجل بها على عباده أن هداهم إليها, ولهذا ذكرها في سورة النحل التي هي سورة النعم, فقدمها أولا قبل كل نعمة
فقال تعالى: { يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ} [النحل:2] وهي كلمة الشهادة ومفتاح دار السعادة, وهي أصل الدين وأساسه ورأس أمره وساق شجرته وعمود فسطاطه, وبقية أركان الدين وفرائضه متفرعة عنها, ومتشعبة منها مكملات لها مقيدة بالتزام معناها والعمل بمقتضاها, فهي العروة الوثقى التي
قال الله عز وجل: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا }[البقرة:256]
قاله سعيد بن جبير والضحاك, وهي العهد الذي ذكر الله عز وجل
إذ يقول:{ لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم:87] قال ذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (هو شهادة أن لا إله إلا الله, والبراءة من الحول والقوة إلا بالله, وأن لا يرجو إلا الله عز وجل) وهي الحسنى التي
قال الله عز وجل: { فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:5-7] الآيات, قاله أبو عبد الرحمن السلمي والضحاك ورواه عطية عن ابن عباس وهي كلمة الحق التي ذكر الله عز وجل إذ
يقول تعالى:{ إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف:86] قال ذلك البغوي وهي كلمة التقوى التي ذكر الله عز وجل
إذ يقول: { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح:26] وروى ذلك ابن جرير وعبد الله بن أحمد والترمذي بأسانيدهم إلى أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي القول الثابت الذي ذكر الله عز وجل إذ
يقول تعالى: { يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ{ [إبراهيم:27] أخرجاه في الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي الكلمة الطيبة المضروبة مثلا قبل ذلك إذ
يقول تعالى: {ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء{ [إبراهيم:24] قاله علي بن طلحة عن ابن عباس, أصلها ثابت في قلب المؤمن, وفرعها العمل الصالح في السماء صاعد إلى الله عز وجل وكذا قال الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغير واحد وهي الحسنة التي ذكر الله عز وجل إذ يقول: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام:160]
قال الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعِ يَوْمَئِذٍ آمِنُون} [النمل:89] قال ذلك زين العابدين إبراهيم النخعي, وعن أبي ذر مرفوعا (هي أحسن الحسنات) وهي تمحو الذنوب والخطايا وهي المثل الأعلى الذي ذكر الله عز وجل
إذ يقول: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الروم:27] قال ذلك قتادة ومحمد بن جرير, ورواه مالك عن محمد بن المنكدر وهي سبب النجاة كما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع مؤذنا يقول: (أشهد أن لا إله إلا الله فقال صلى الله عليه وسلم: خرجت من النار) وفيه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله حرم الله عليه النار), وفي حديث الشفاعة: (أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه مثقال ذرة من إيمان) وهي سبب دخول الجنة كما في الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق وأن النار حق أدخله الله الجنة من أي أبواب الجنة الثمانية شاء) ، وفي رواية: (أدخله الله الجنة على ما كان من عمل) وهي أفضل ما ذكر الله عز وجل به, وأثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة كما في المسند عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن نوحا عليه الصلاة والسلام قال لابنه عند موته: آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن لا إله إلا الله ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كل حلقة مبهمة لفصمتهن لا إله إلا الله) ، وفي الترمذي والنسائي وفي المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد قال لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت لها أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش), وهي الأمان من وحشة القبور وهول الحشر واعلم أن النصوص الواردة في فضل هذه الشهادة كثيرة لا يحاط بها, وفيما ذكرنا كفاية, وسنذكر إن شاء الله تعالى عند ذكر شروطها ما تيسر من نصوص الكتاب والسنة, ويكفيك في فضل لا إله إلا الله أخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنها أعلى جميع شعب الإيمان, كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون – أو بضع وستون- شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله, وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) وهذا لفظ مسلم (من قالها) أي قال هذه الكلمة حال كونه (معتقدا) أي عالما ومتيقنا (معناها) الذي دلت عليه نفيا وإثباتا (وكان) مع ذلك (عاملا بمقتضاها) على وفق ما علمه منها وتيقنه فإن ثمرة العلم به (في القول) أي قول القلب واللسان (والفعل) أي عمل القلب واللسان والجوارح قال الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:2-3] (ومات مؤمنا) أي على ذلك, وهذا شرط لا بد منه فإنما الأعمال بالخواتيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة) الحديث في الصحيحين عن أبي ذر بطوله (يبعث يوم الحشر) أي يوم الجمع (ناج) من النار (آمنا) من فزع يوم القيامة .
قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء:101-103]
وقال الله تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النحل:89] ..
" إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول أتنكر من هذا شيئا أظلمك كتبتي الحافظون فيقول لا يا رب فيقول أفلك عذر فيقول لا يا رب فيقول بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول احضر وزنك فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقال فإنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله تعالى شيء " .
تخريجه : رمز له السيوطي في الجامع : (حم ت ك هب) عن ابن عمرو.
وقال الألباني –رحمه الله - : صحيح : انظر حديث رقم: 1776 في صحيح الجامع.
(لفظة الشهادة) أي شهادة أن لا إله إلا الله (فهي) أي هذه الكلمة (سبيل الفوز) بدخول الجنة والنجاة من النار قال الله عز وجل: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185] (و) هي سبيل (السعادة) في الدارين أي طريقهما لا وصول إليهما إلا بهذه الكلمة, فهي الكلمة التي أرسل الله بها رسله وأنزل بها كتبه, ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار وفي شأنها تكون الشقاوة والسعادة, وبها تؤخذ الكتب باليمين أو الشمال, ويقل الميزان أو يخف, وبها النجاة من النار بعد الورود, وبعدم التزامها البقاء في النار, وبها أخذ الله الميثاق, وعليها الجزاء والمحاسبة, وعنها السؤال يوم التلاق إذ
يقول تعالى: { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }[الحجر:92]
وقال تعالى: { فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف:6] فأما سؤاله تعالى الذين أرسل إليهم يوم القيامة فمنه
قوله تعالى: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:65] والآيات قبلها وبعدها وغير ذلك وأما سؤاله المرسلين فمنه
قوله تعالى: { يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجَبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّك أَنْتَ عَلامُ الغُيُوب} [المائدة:109] وغير ذلك من الآيات, وهي أعظم نعمة أنعم الله عز وجل بها على عباده أن هداهم إليها, ولهذا ذكرها في سورة النحل التي هي سورة النعم, فقدمها أولا قبل كل نعمة
فقال تعالى: { يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ} [النحل:2] وهي كلمة الشهادة ومفتاح دار السعادة, وهي أصل الدين وأساسه ورأس أمره وساق شجرته وعمود فسطاطه, وبقية أركان الدين وفرائضه متفرعة عنها, ومتشعبة منها مكملات لها مقيدة بالتزام معناها والعمل بمقتضاها, فهي العروة الوثقى التي
قال الله عز وجل: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا }[البقرة:256]
قاله سعيد بن جبير والضحاك, وهي العهد الذي ذكر الله عز وجل
إذ يقول:{ لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم:87] قال ذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (هو شهادة أن لا إله إلا الله, والبراءة من الحول والقوة إلا بالله, وأن لا يرجو إلا الله عز وجل) وهي الحسنى التي
قال الله عز وجل: { فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:5-7] الآيات, قاله أبو عبد الرحمن السلمي والضحاك ورواه عطية عن ابن عباس وهي كلمة الحق التي ذكر الله عز وجل إذ
يقول تعالى:{ إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف:86] قال ذلك البغوي وهي كلمة التقوى التي ذكر الله عز وجل
إذ يقول: { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح:26] وروى ذلك ابن جرير وعبد الله بن أحمد والترمذي بأسانيدهم إلى أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي القول الثابت الذي ذكر الله عز وجل إذ
يقول تعالى: { يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ{ [إبراهيم:27] أخرجاه في الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي الكلمة الطيبة المضروبة مثلا قبل ذلك إذ
يقول تعالى: {ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء{ [إبراهيم:24] قاله علي بن طلحة عن ابن عباس, أصلها ثابت في قلب المؤمن, وفرعها العمل الصالح في السماء صاعد إلى الله عز وجل وكذا قال الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغير واحد وهي الحسنة التي ذكر الله عز وجل إذ يقول: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام:160]
قال الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعِ يَوْمَئِذٍ آمِنُون} [النمل:89] قال ذلك زين العابدين إبراهيم النخعي, وعن أبي ذر مرفوعا (هي أحسن الحسنات) وهي تمحو الذنوب والخطايا وهي المثل الأعلى الذي ذكر الله عز وجل
إذ يقول: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الروم:27] قال ذلك قتادة ومحمد بن جرير, ورواه مالك عن محمد بن المنكدر وهي سبب النجاة كما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع مؤذنا يقول: (أشهد أن لا إله إلا الله فقال صلى الله عليه وسلم: خرجت من النار) وفيه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله حرم الله عليه النار), وفي حديث الشفاعة: (أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه مثقال ذرة من إيمان) وهي سبب دخول الجنة كما في الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق وأن النار حق أدخله الله الجنة من أي أبواب الجنة الثمانية شاء) ، وفي رواية: (أدخله الله الجنة على ما كان من عمل) وهي أفضل ما ذكر الله عز وجل به, وأثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة كما في المسند عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن نوحا عليه الصلاة والسلام قال لابنه عند موته: آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن لا إله إلا الله ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كل حلقة مبهمة لفصمتهن لا إله إلا الله) ، وفي الترمذي والنسائي وفي المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد قال لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت لها أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش), وهي الأمان من وحشة القبور وهول الحشر واعلم أن النصوص الواردة في فضل هذه الشهادة كثيرة لا يحاط بها, وفيما ذكرنا كفاية, وسنذكر إن شاء الله تعالى عند ذكر شروطها ما تيسر من نصوص الكتاب والسنة, ويكفيك في فضل لا إله إلا الله أخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنها أعلى جميع شعب الإيمان, كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون – أو بضع وستون- شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله, وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) وهذا لفظ مسلم (من قالها) أي قال هذه الكلمة حال كونه (معتقدا) أي عالما ومتيقنا (معناها) الذي دلت عليه نفيا وإثباتا (وكان) مع ذلك (عاملا بمقتضاها) على وفق ما علمه منها وتيقنه فإن ثمرة العلم به (في القول) أي قول القلب واللسان (والفعل) أي عمل القلب واللسان والجوارح قال الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:2-3] (ومات مؤمنا) أي على ذلك, وهذا شرط لا بد منه فإنما الأعمال بالخواتيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة) الحديث في الصحيحين عن أبي ذر بطوله (يبعث يوم الحشر) أي يوم الجمع (ناج) من النار (آمنا) من فزع يوم القيامة .
قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء:101-103]
وقال الله تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النحل:89] ..
معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي - ص509
تعليق