أما الاغتيالات المحمودة، فهي اغتيالات على الطريقة الإسلامية؛ كاغتيال عبد الله بن أنيس لـخالد بن سفيان الهذلي ، وهو من سادات الجاهلية، جمع ألف مقاتل وحاول أن يصبح المدينة أو يمسيها.
فسمع الرسول صلى الله عليه وسلم بخبره فقال: (من يقتل خالداً الهذلي وله الجنة؟
قال عبد الله بن أنيس : أنا، يا رسول الله، لكن اعفو عني، يا رسول الله، أن أقول خلفك كلاماً يقول: ائذن أن أتكلم خلفك بكلام غير صحيح).
قال: أذنت لك.
قال: كيف أعرفه، يا رسول الله، وأنا ما رأيته؟
قال: إذا رأيت خالداً سوف تجد قشعريرة في جسمك (أي: نفضة) فاعرف أنه هو.
فذهب عبد الله ينام النهار، ويمشي الليل، حتى أتى إلى قرب عرفة، فلما رآه خالد سامره، وضاحكه، وأنس إليه.
فاحتز رأسه في المنام، وذهب به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم مقبلاً به، وبه من الظمأ، والتعب، والجوع ما الله به عليم، كافأه الله بالجنة، فقال صلى الله عليه وسلم وهو يتبسم: أفلح الوجه.
قال: وجهك، يا رسول الله.
قال: قتلته؟
قال: نعم، يا رسول الله، وهذا رأسه.
قال: خذ هذه العصا تتوكأ بها في الجنة، والمتوكئون بالعصي في الجنة قليل، فهي علامة ما بيني وبينك)
فأخذها وبقيت معه حتى دفنت معه، رضي الله عنه وأرضاه.
وأما كعب بن الأشرف ، فقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم به، وبكيده للإسلام، فقد كان يجمع الجواري، ينشدن هجواً في الر سول صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم: (من يقتل كعب بن الأشرف).
قال محمد بن مسلمة : أنا (أربعة هو خامسهم).
فذهبوا إليه، فنادوه، فلما خرج إليهم من الليل، أخرجوه إلى الصحراء، ثم قتلوه فرجعوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم: (كيف قتلتموه).
قال عباد بن بشر : [أنا أحدثك يا رسول الله:
صرخت له فلم يعلم بصوتي وأقبل طالعاً عم الرأس جدري
فعدت له فقال من المنادي فقلت أخوك عباد بن بشير
]
عباد بن بشر ، كان أحد الشهداء الكبار، يقول صلى الله عليه وسلم: (رحم الله عباداً لقد ذكرني آية كنت نسيتها) (1) لأنه كان يصلي بصوته الجميل في المسجد، حيث يسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم قال عباد :
فأقبل نحونا يهوي سريعاً فقطعه أبو عبس بن جبر
أبو عبس أحد الشباب المؤمنين يقول: قطعه أبو عبس تقطيعاً.
ورداه ابن مسلمة بسيف به الكفار يوم الروع يفري
وكان الله خامسنا فعدنا بأعظم منة وعظيم نصر
فرحم الله الصالحين من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وجمعنا الله بهم في دار الكرامة، إنه ولى ذلك والقادر عليه.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
تعليق