بسم الله الرحمن الرحيم
( إذا جاء نصر الله و الفتح * و رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابا ) .
( ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * و رفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا * فإذا فرغت فانصب * و إلى ربك فارغب ) .
هذه بعض القصص للفرج بعد الشده ارجو ان تستمتعوا بقراءتها
يا مغيث أغثني
أخرج ابن أبي الدنيا في كتابه ( مجابى الدعوة ) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال:
كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يكنى أبا معلق ، و كان تاجرا يتجر بماله له و لغيره ، و كان له نسك وورع ( ورع : أي له عبارة من صلاة و ذكر الله و تقوى و خشية الله ) ، فخرج مرة ، فلقيه لص مقنع في السلاح ،
فقال : ضع متاعك فإني قاتلك :
قال أبو معلق : شأنك بالمال.
قال اللص : لست أريد إلا دمك .
قال: فذرني أصلي.
قال: صل ما بدا لك .
فتوضأ ثم صلى ، فكان من دعائه :
يا ودود ، يا ذا العرش المجيد ، يا فعالا لما يريد أسألك بعزتك التي لا ترام ، و ملكك الذي لا يضام ، و بنورك الذي ملأ أركان عرشك ، أن تكفيني شر هذا اللص ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني .
فإذا هو بفارس ، بيده حربة رافعها بين أذنى فرسه ، فطعن اللص فقتله ، ثم أقبل على التاجر ، فقال : -أي التاجر - : من أنت ؟ فقد أعانني الله بك .
قال : إني ملك من أهل السماء الرابعة ، لما دعوت ، سمعت لأبواب السماء قعقعة ، ثم دعوت ثانيا فسمعت لأهل السماء ضجة ، ثم دعوت ثالثا فقيل : دعاء مكروب ، فسألت الله أن يوليني قتله .
ثم قال : أبشر و اعلم أنه من توضأ و صلى أربع ركعات و دعا بهذا الدعاء استجيب له ، مكروب أو غير مكروب .
يا أرحم الراحمين
عن الليث بن سعد قال : بلغني أن زيد بن حارثة رضي الله عنه اكترى ( أي استأجر ) من رجل بغلا من الطائف - و اشترط عليه المكرى أن ينزله حيث شاء ، قال : فمال به إلى خربة ، فقال له : انزل ، فنزل ، فإذا في الخربة قتلى كثيرون .
قال : فلما أراد أن يقتله قال له زيد :
دعني أصل ركعتين .
قال : صل فقد صلى قبلك هؤلاء ، فلم تنفعهم صلاتهم شيئا .
قال : فلما صليت أتاني ليقتلني ، فقلت : يا أرحم الراحمين .
فسمع صوتا : ( لا تقتله ) ، فهاب الرجل ذلك ، فخرج فلم يجد شيئا ، فرجع إلى زيد ليقتله فقال زيد : يا أرحم الراحمين .
فسمع صوتا : لا تقتله .
فهاب الرجل و خرج ينظر فلم يجد شيئا .
فعاد ليقتل زيدا ، فقال : يا أرحم الراحمين .
فإذا بفارس على فرس في يده حربة حديد ، في رأسها شعلة من نار ، فطعنه بها ، فأنفذها من ظهره ، فوقع ميتا .
ثم قال لزيد :
لما دعوت المرة الأولى : يا أرحم الراحمين ، كنت في السماء السابعة ، فلما دعوت المرة الثانية : يا أرحم الراحمين ، كنت في سماء الدنيا ، فلما دعوت في الثالثة : يا أرحم الراحمين ، أتيتك .
قلت : إنه الفرج بعد الشدة ، و الإخلاص في اللجوء إلى الله و عدم القنوط من رحمته ، فهو مجيب دعاء المضطرين و كاشف الغم و البلاء و السوء ، سبحانه و تعالى .
بلال بن رباح و الفرج بعد الشدة
الصحابي الجليل بلال بن رباح ، كان عبدا مملوكا لأمية بن خلف ، و كان آدم شديد الأدمة - أي شديد سواد اللون - نحيفا طويلا ، أسلم قديما بمكة و هو عبد مملوك ، فكان ضمن السبعة الأوائل الذين أظهروا الإسلام .
عذبه المشركون حين علموا بإسلامه و جعلوا يقولون له : ربك اللات و العزى ، و هو يقول : أحد ، أحد .
و أخرجوه إلى حر مكة الشديد في الصحراء ثم يسحبونه على الرمال الساخنة الملتهبة و يضعون على صدره الحجر الكبير و هو يردد : أحد ، أحد .
و مر عليه يوما ورقة بن نوفل و هو يعذب و يقول : أحد ، أحد ، فيقول ورقة : أحد أحد و الله يا بلال .
ثم يقبل ورقة بن نوفل على أمية بن خلف عليه اللعنة و هو يصنع ذلك ببلال فيقول : أحلف بالله عز وجل إن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا .
و ظل بلاب يعذب في الله كل يوم حتى مر به أبو بكر الصديق يوما و هم يصنعون ذلك به فقال لأمية : ألا تتقي الله عز وجل في هذا المسكين ؟ حتى متى ؟ .
قال أبو بكر : أفعل ، عندي غلام أسود جلد - أي قوي - و هو على دينك ، أعطيكه به .
قال أمية : قد قبلت .
قال : هو لك .
فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك ، و أخذ أبو بكر بلال فأعتقه لله و أعتق معه أيضا قبل الهجرة ست رقاب غير بلال رضي الله عنه .
و هكذا جاءه الفرج بعد الشدة و صار من العبودية إلى الحرية و من الكفر إلى الإسلام .
و كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول :
كان أبو بكر سيدنا و أعتق بلالا سيدنا .
و أصبح بعد ذلك مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو أول من أذن و رفع الأذان فوق الكعبة المشرفة يوم فتح مكة المكرمة ، بل هو أول من أذن للصلاة في الإسلام .. رضي الله عنه و أرضاه .
عمار بن ياسر و الفرج بعد الشدة
أسلم عمار بن ياسر قديما . بمكة هو و أمه سمية بنت خياط و أبوه ياسر ، و قد عذب المشركون تلك الأسرة المسلمة و كان يمر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم و هم يعذبون بمكة فيقول لهم : صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة .
و قتل أبوه ياسر و أمه من التعذيب على أيدي المشركين فكانا أولى شهيدين في الإسلام .
و ظل عمار يعذب بعد استشهاد أبيه و أمه ، و يحرقونه بالنار ، و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به و يمر يده على رأسه و يقول : يا نار كوني بردا و سلاما على عمار كما كنت على إبراهيم عليه السلام .
و قد دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
اصبر ، اللهم اغفر لآل ياسر ، قال : و قد فعلت .
و أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب رسول الله صلى الله عليه وسلم و ذكر آلهتهم بخير ، فلما أتى الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ما وراؤك ؟
قال : شر يا رسول الله ، ما تركت ( بضم التاء ) حتى نلت منك ، و ذكرت آلهتهم بخير .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكيف تجد قلبك ؟
قال : أجد قلبي مطمئنا بالإيمان .
قال : فإن عادوا فعد .
و هكذا فرج الله شدته و همه و رضى عنه ، و قد مات عمار في معركة صفين و هو يحارب مع علي بن أي طالب رضي الله عنه الفئة الباغية عليه و هم جيش الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عام 37 هـ و كان عمره
وقتها نحو ثلاث أو أربع و تسعين سنه رضي الله عنه و أرضاه .
الفرج بعد الشدة للمريض
قال الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله :
حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني سعيد ابن أبي أيوب عن عبد الرحمن بن علي عن عبد الله بن جعفر :
أن رجلا أصابه مرض شديد ، منعه من الطعام و الشراب و النوم ، فبينا ( فبينما ) هو ذات ليلة ساهرا إذا سمع وجبة شديدة - أي صوت شديد - في حجرته ، فإذا هو كلام ، فوعاه ، فتكلم به ، فبرأ مكانه ، و هو : اللهم أنا عبدك و بك
أملي ، فاجعل الشفاء في جسدي ، و اليقين في قلبي ، و النور في بصري ، و الشكر في صدري ، و ذكرك بالليل و النهار على لساني ، و ارزقني منك رزقا غير محظور و لا ممنوع .
و هكذا يأتي الفرج بعد الشدة للمريض بإذن الله .
الفرج بعد الشدة لإبراهيم عليه السلام
من المحن الشديدة التي تعرض لها نبي الله إبراهيم عليه السلام حين دعا قومه إلى عبادة الله الواحد الأحد و ترك عبادة الأصنام و الكواكب من دون الله ، فعصوه و تآمروا على قتله بحرقه في النار !!
قال تعالى : " قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم * فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين " .
( الصافات : 97 - 98 ) .
و شرعوا يجمعون حطبا من جميع ما يمكنهم من الأرض ، فمكثوا مدة يجمعون له و ذلك إرضاء لآلهتهم ، ثم حفروا حفرة عظيمة ووضعوا فيها ذلك الحطب الذي جمعوه ، و أطلقوا فيه النار ، فاضطرمت ، و تأججت و علا شررها إلى عنان
السماء .
ثم وضعوا إبراهيم عليه السلام في منجنيق بعد أن قيدوه و هو يردد : لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد و لك الملك لا شريك لك .
فلما أرادوا قذفه في النار قال : حسبنا الله و نعم الوكيل .
و قال بعض السلف إن جبريل عليه السلام عرض له في الهواء أي و هو في طريقه إلى النار بعد أن قذفوه بالمنجنيق : يا إبراهيم ألك حاجة ؟
فقال : أما إليك فلا !
أراد إبراهيم عليه السلام أن يكون المنقذ له من هذه الشدة هو الله عز وجل .
يروى عن ابن عباس و سعيد بن جبير أنه قال : جعل ملك المطر يقول : متى أومر فأرسل المطر ؟ فكان أمر الله تعالى أسرع .
كان الفرج من الله سبحانه و تعالى لإبراهيم عليه السلام أن أمر النار أن تكون بردا و سلاما على إبراهيم .
قال تعالى : " قلنا يا نار كوني بردا و سلاما على إبراهيم " .
( الأنبياء : 69 ) .
فكانت النار بردا و سلاما عليه حتى إن أهل الأرض كما قال أهل العلم لم ينتفع أحد منهم بنار ، فقد كان الأمر إلى النار كلها على الأرض .. و لم تحرق النار منه سوى و ثاقه .
و قال الضحاك : يروى أن جبريل عليه السلام كان معه يمسح العرق عن وجهه و لم يصبه منها شيء .
و قال السدى : كان معه أيضا ملك الظل و صار إبراهيم عليه السلام في ميل الحوبة حوله نار و هو في روضة خضراء ، و الناس لا يقدرون الوصول إليه و لا هو يخرج إليهم .
و عن المنهال بن عمرو قال : أخبرت أن إبراهيم مكث هناك - أي في النار - إما أربعين يوما أو خمسين يوما .. و أنه قال : ما كنت أياما و ليالي أطيب عيشا إذ كنت فيها ، ووددت أن عيشي و حياتي كلها مثل إذ كنت فيها
( إذا جاء نصر الله و الفتح * و رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابا ) .
( ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * و رفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا * فإذا فرغت فانصب * و إلى ربك فارغب ) .
هذه بعض القصص للفرج بعد الشده ارجو ان تستمتعوا بقراءتها
يا مغيث أغثني
أخرج ابن أبي الدنيا في كتابه ( مجابى الدعوة ) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال:
كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يكنى أبا معلق ، و كان تاجرا يتجر بماله له و لغيره ، و كان له نسك وورع ( ورع : أي له عبارة من صلاة و ذكر الله و تقوى و خشية الله ) ، فخرج مرة ، فلقيه لص مقنع في السلاح ،
فقال : ضع متاعك فإني قاتلك :
قال أبو معلق : شأنك بالمال.
قال اللص : لست أريد إلا دمك .
قال: فذرني أصلي.
قال: صل ما بدا لك .
فتوضأ ثم صلى ، فكان من دعائه :
يا ودود ، يا ذا العرش المجيد ، يا فعالا لما يريد أسألك بعزتك التي لا ترام ، و ملكك الذي لا يضام ، و بنورك الذي ملأ أركان عرشك ، أن تكفيني شر هذا اللص ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني .
فإذا هو بفارس ، بيده حربة رافعها بين أذنى فرسه ، فطعن اللص فقتله ، ثم أقبل على التاجر ، فقال : -أي التاجر - : من أنت ؟ فقد أعانني الله بك .
قال : إني ملك من أهل السماء الرابعة ، لما دعوت ، سمعت لأبواب السماء قعقعة ، ثم دعوت ثانيا فسمعت لأهل السماء ضجة ، ثم دعوت ثالثا فقيل : دعاء مكروب ، فسألت الله أن يوليني قتله .
ثم قال : أبشر و اعلم أنه من توضأ و صلى أربع ركعات و دعا بهذا الدعاء استجيب له ، مكروب أو غير مكروب .
يا أرحم الراحمين
عن الليث بن سعد قال : بلغني أن زيد بن حارثة رضي الله عنه اكترى ( أي استأجر ) من رجل بغلا من الطائف - و اشترط عليه المكرى أن ينزله حيث شاء ، قال : فمال به إلى خربة ، فقال له : انزل ، فنزل ، فإذا في الخربة قتلى كثيرون .
قال : فلما أراد أن يقتله قال له زيد :
دعني أصل ركعتين .
قال : صل فقد صلى قبلك هؤلاء ، فلم تنفعهم صلاتهم شيئا .
قال : فلما صليت أتاني ليقتلني ، فقلت : يا أرحم الراحمين .
فسمع صوتا : ( لا تقتله ) ، فهاب الرجل ذلك ، فخرج فلم يجد شيئا ، فرجع إلى زيد ليقتله فقال زيد : يا أرحم الراحمين .
فسمع صوتا : لا تقتله .
فهاب الرجل و خرج ينظر فلم يجد شيئا .
فعاد ليقتل زيدا ، فقال : يا أرحم الراحمين .
فإذا بفارس على فرس في يده حربة حديد ، في رأسها شعلة من نار ، فطعنه بها ، فأنفذها من ظهره ، فوقع ميتا .
ثم قال لزيد :
لما دعوت المرة الأولى : يا أرحم الراحمين ، كنت في السماء السابعة ، فلما دعوت المرة الثانية : يا أرحم الراحمين ، كنت في سماء الدنيا ، فلما دعوت في الثالثة : يا أرحم الراحمين ، أتيتك .
قلت : إنه الفرج بعد الشدة ، و الإخلاص في اللجوء إلى الله و عدم القنوط من رحمته ، فهو مجيب دعاء المضطرين و كاشف الغم و البلاء و السوء ، سبحانه و تعالى .
بلال بن رباح و الفرج بعد الشدة
الصحابي الجليل بلال بن رباح ، كان عبدا مملوكا لأمية بن خلف ، و كان آدم شديد الأدمة - أي شديد سواد اللون - نحيفا طويلا ، أسلم قديما بمكة و هو عبد مملوك ، فكان ضمن السبعة الأوائل الذين أظهروا الإسلام .
عذبه المشركون حين علموا بإسلامه و جعلوا يقولون له : ربك اللات و العزى ، و هو يقول : أحد ، أحد .
و أخرجوه إلى حر مكة الشديد في الصحراء ثم يسحبونه على الرمال الساخنة الملتهبة و يضعون على صدره الحجر الكبير و هو يردد : أحد ، أحد .
و مر عليه يوما ورقة بن نوفل و هو يعذب و يقول : أحد ، أحد ، فيقول ورقة : أحد أحد و الله يا بلال .
ثم يقبل ورقة بن نوفل على أمية بن خلف عليه اللعنة و هو يصنع ذلك ببلال فيقول : أحلف بالله عز وجل إن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا .
و ظل بلاب يعذب في الله كل يوم حتى مر به أبو بكر الصديق يوما و هم يصنعون ذلك به فقال لأمية : ألا تتقي الله عز وجل في هذا المسكين ؟ حتى متى ؟ .
قال أبو بكر : أفعل ، عندي غلام أسود جلد - أي قوي - و هو على دينك ، أعطيكه به .
قال أمية : قد قبلت .
قال : هو لك .
فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك ، و أخذ أبو بكر بلال فأعتقه لله و أعتق معه أيضا قبل الهجرة ست رقاب غير بلال رضي الله عنه .
و هكذا جاءه الفرج بعد الشدة و صار من العبودية إلى الحرية و من الكفر إلى الإسلام .
و كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول :
كان أبو بكر سيدنا و أعتق بلالا سيدنا .
و أصبح بعد ذلك مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو أول من أذن و رفع الأذان فوق الكعبة المشرفة يوم فتح مكة المكرمة ، بل هو أول من أذن للصلاة في الإسلام .. رضي الله عنه و أرضاه .
عمار بن ياسر و الفرج بعد الشدة
أسلم عمار بن ياسر قديما . بمكة هو و أمه سمية بنت خياط و أبوه ياسر ، و قد عذب المشركون تلك الأسرة المسلمة و كان يمر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم و هم يعذبون بمكة فيقول لهم : صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة .
و قتل أبوه ياسر و أمه من التعذيب على أيدي المشركين فكانا أولى شهيدين في الإسلام .
و ظل عمار يعذب بعد استشهاد أبيه و أمه ، و يحرقونه بالنار ، و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به و يمر يده على رأسه و يقول : يا نار كوني بردا و سلاما على عمار كما كنت على إبراهيم عليه السلام .
و قد دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
اصبر ، اللهم اغفر لآل ياسر ، قال : و قد فعلت .
و أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب رسول الله صلى الله عليه وسلم و ذكر آلهتهم بخير ، فلما أتى الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ما وراؤك ؟
قال : شر يا رسول الله ، ما تركت ( بضم التاء ) حتى نلت منك ، و ذكرت آلهتهم بخير .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكيف تجد قلبك ؟
قال : أجد قلبي مطمئنا بالإيمان .
قال : فإن عادوا فعد .
و هكذا فرج الله شدته و همه و رضى عنه ، و قد مات عمار في معركة صفين و هو يحارب مع علي بن أي طالب رضي الله عنه الفئة الباغية عليه و هم جيش الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عام 37 هـ و كان عمره
وقتها نحو ثلاث أو أربع و تسعين سنه رضي الله عنه و أرضاه .
الفرج بعد الشدة للمريض
قال الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله :
حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني سعيد ابن أبي أيوب عن عبد الرحمن بن علي عن عبد الله بن جعفر :
أن رجلا أصابه مرض شديد ، منعه من الطعام و الشراب و النوم ، فبينا ( فبينما ) هو ذات ليلة ساهرا إذا سمع وجبة شديدة - أي صوت شديد - في حجرته ، فإذا هو كلام ، فوعاه ، فتكلم به ، فبرأ مكانه ، و هو : اللهم أنا عبدك و بك
أملي ، فاجعل الشفاء في جسدي ، و اليقين في قلبي ، و النور في بصري ، و الشكر في صدري ، و ذكرك بالليل و النهار على لساني ، و ارزقني منك رزقا غير محظور و لا ممنوع .
و هكذا يأتي الفرج بعد الشدة للمريض بإذن الله .
الفرج بعد الشدة لإبراهيم عليه السلام
من المحن الشديدة التي تعرض لها نبي الله إبراهيم عليه السلام حين دعا قومه إلى عبادة الله الواحد الأحد و ترك عبادة الأصنام و الكواكب من دون الله ، فعصوه و تآمروا على قتله بحرقه في النار !!
قال تعالى : " قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم * فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين " .
( الصافات : 97 - 98 ) .
و شرعوا يجمعون حطبا من جميع ما يمكنهم من الأرض ، فمكثوا مدة يجمعون له و ذلك إرضاء لآلهتهم ، ثم حفروا حفرة عظيمة ووضعوا فيها ذلك الحطب الذي جمعوه ، و أطلقوا فيه النار ، فاضطرمت ، و تأججت و علا شررها إلى عنان
السماء .
ثم وضعوا إبراهيم عليه السلام في منجنيق بعد أن قيدوه و هو يردد : لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد و لك الملك لا شريك لك .
فلما أرادوا قذفه في النار قال : حسبنا الله و نعم الوكيل .
و قال بعض السلف إن جبريل عليه السلام عرض له في الهواء أي و هو في طريقه إلى النار بعد أن قذفوه بالمنجنيق : يا إبراهيم ألك حاجة ؟
فقال : أما إليك فلا !
أراد إبراهيم عليه السلام أن يكون المنقذ له من هذه الشدة هو الله عز وجل .
يروى عن ابن عباس و سعيد بن جبير أنه قال : جعل ملك المطر يقول : متى أومر فأرسل المطر ؟ فكان أمر الله تعالى أسرع .
كان الفرج من الله سبحانه و تعالى لإبراهيم عليه السلام أن أمر النار أن تكون بردا و سلاما على إبراهيم .
قال تعالى : " قلنا يا نار كوني بردا و سلاما على إبراهيم " .
( الأنبياء : 69 ) .
فكانت النار بردا و سلاما عليه حتى إن أهل الأرض كما قال أهل العلم لم ينتفع أحد منهم بنار ، فقد كان الأمر إلى النار كلها على الأرض .. و لم تحرق النار منه سوى و ثاقه .
و قال الضحاك : يروى أن جبريل عليه السلام كان معه يمسح العرق عن وجهه و لم يصبه منها شيء .
و قال السدى : كان معه أيضا ملك الظل و صار إبراهيم عليه السلام في ميل الحوبة حوله نار و هو في روضة خضراء ، و الناس لا يقدرون الوصول إليه و لا هو يخرج إليهم .
و عن المنهال بن عمرو قال : أخبرت أن إبراهيم مكث هناك - أي في النار - إما أربعين يوما أو خمسين يوما .. و أنه قال : ما كنت أياما و ليالي أطيب عيشا إذ كنت فيها ، ووددت أن عيشي و حياتي كلها مثل إذ كنت فيها
تعليق