عن أبي سعيدالخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح ، فينادي مناد يأهل الجنة ، فيشرئبون وينظرون فيقول لهم : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم، هذا الموت . وكلهم قد رآه ثم ينادي مناد : ياأهل النار ، فيشرئبون وينظرون فيقول لهم ، هل تعرفون هذا؟ فيقولون : نعم ، هذا الموت وكلهم قد رآه. فيذبح بين الجنة والنار ثم يقول :ياأهل الجنة خلود فلا موت ، وياأهل النار خلود فلاموت ،ثم قرأ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم(( وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لايؤمنون))
فما أنكر أحد الفريقين معرفته بالموت فقد كان كل واحد منهم يدرك في الدنيا أنه سيموت في يوم من الأيام لامحالة.
ولكن أهل الجنة عودوا أنفسهم أيام الدنيا على تذكره ، وكلما تذكروه زاد إستعدادهم للآخرة ، وأعدوا العدة كلما شعروا بقرب ذلك لأنهم تربوا على توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم ، عندما قال (أكثروا من ذكر هادم اللذات )
أما أهل النار فعلى العكس من ذلك لم يعطوا الموت حقه ولا حتى بالتفكر فيه ولم يعملوا لأجله بل غلبت عليهم دنياهم وأنستهم الموت وما بعد الموت فهذا هو الفرق بين أهل الجنة وأهل النار .
وها هو يزيد الرقاشي الذي يعتبر من أحد كبار المذكرين في الكوفة كان يقول لنفسه " ويحك يايزيد ، من ذا يصلي عنك بعد الموت ؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت ؟ من ذا يترضى عنك ربك بعد الموت؟ ثم يقول : أيها الناس ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم ؟ من الموت طالبه، والقبر بيته، والتراب فراشه ، والدود أنيسه، وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر كيف يكون حاله
فأهل الجنة عندما رأوا الموت ممثلاً بالكبش عرفوه ولم ينكروه وقالوا: نعم إنه الموت . وكيف ينسونه ووهو الذي خلع فؤادهم ، وأقلق راحتهم ، ونغص عليهم لذاتهم ، مما جعلهم يعملون دون ملل، ويستعدون ليوم الله سبحانه وتعالى، قبل أن تقضى أيامهم في الدنيا لذلك إستحقوا أن يسمعوا البشارة من ربهم
( خلود فلا موت)
وأما أهل النار فقد كانوا يعرفون أنه الموت ولكنهم ينسونه أو يتناسونه، مما جعلهم يستشعرون بالخلود ، وكأنهم لايموتون، فلم يستعدوا للآخرة، وشغلهم التسويف عن التوبة والعمل الصالح ، لذلك إستحقوا سماع البشارة من ربهم( خلود فلا موت).
وهو جواب كلا الفريقين ، ولكن أصحاب الجنة يخلدون في نعيم دائم ولذة لاتنقطع ، وأصحاب النار يخلدون في جهنموالعذاب الذي لايخفف عنهم يوماً بل ةلا ساعة، فيطلبون حينها الموت الذي كانوا يتناسونه في الدنيا ليكون أجمل أمانيهم في الآخرة، ولكنهم سيخلدون فيجهنم.
اللهم لاتجعل الدنيا أكبر همنا
تعليق