هذه القصه ذكرها القاضي التنوخي في كتابه الرائع الفرج بعد الشده
واليكم القصه
كان في جوار القاضي ، رجل انتشرت عنه حكاية ، وظهر في يده مال جليل ، بعد فقر طويل ،
فسألت عن الحكاية ، قال : ورثت عن أبي مالا جليلا ، فأسرعت فيه واتلفته ، حتى أفضيت
إلى بيع أبواب داري وسقفوها ، ولم يبق لي من الدنيا حيلة ، وبقيت مدة بلا قوت ، فتمنيت
الموت . فرأيت ليلة في النوم ، كأن قائل يقول لي : غناك بمصر ، فأخرج إليها.فبكرت إلى أبي
عمر القاضي وسألته أن يزودني كتابا إلى مصر ، لأتصرف بها ، ففعل ، وخرجت.فلما وصلت
مصر ، سد الله عليّ الوجوه ولم أظفر بتصرف ، ولا لاح لي شغل .ونفدت نفقتي ، وفكرت في
أن أسأل الناس ، وأمد يدي على الطريق ، فلم تسمح نفسي ، فقلت : أخرج ليلا ، وأسال .
فمازلت أمشي وتأبى نفسي المسألة ، ويحملني الجوع عليها ، وأنا ممتنع ، إلى أن مضى
صدر من الليل . فلقيني الحرس الليلي الذي يطوف بالمدينة .فقبض عليّ ، فسألني عن
خبري ، فقلت : رجل ضعيف ، فلم يصدقني ، وبطحني ، وضربني مقارع .فقصصت عليه
قصتي من أولها إلى آخرها ، وحديث المنام . فقال لي :أنت رجل احمق
ما رأيت أحمق منك ، لقد رأيت في النوم ، كأن رجلا يقول لي : ببغداد في الشارع الفلاني ،
في المحلة الفلانية ـ فذكر شارعي ، ومحلتي ، وأصغيت إليه ـ وأتم الشرطي الحديث فقال :
دار يقال لها : دار فلان ـ فذكر داري ، واسمي ـ فيها بستان ، وفيه سدرة ، ، وكان في بستان
داري سدرة ، وتحت السدرة مدفون ثلاثون ألف دينار ، فامض ، فخذها ، فما فكرت في هذا ،
ولا التفت إليه ، وأنت يا أحمق ، فارقت بغداد ، وجئت إلى مصر بسبب منام .
وأطلقني الحرس الليلي ، وخرجت مع السحر من مصر ، فقدمت بغداد ، فقطعت السدرة ،
وحفرت تحتها ، فوجدت قمقما فيه ثلاثون ألف دينار ، فأخذته ، وأمسكت يدي ، ودبرت أمري ،
فأنا أعيش من تلك الدنانير ، من فضل ما ابتعت منها من ضيعة وعقار إلى اليوم .
واليكم القصه
كان في جوار القاضي ، رجل انتشرت عنه حكاية ، وظهر في يده مال جليل ، بعد فقر طويل ،
فسألت عن الحكاية ، قال : ورثت عن أبي مالا جليلا ، فأسرعت فيه واتلفته ، حتى أفضيت
إلى بيع أبواب داري وسقفوها ، ولم يبق لي من الدنيا حيلة ، وبقيت مدة بلا قوت ، فتمنيت
الموت . فرأيت ليلة في النوم ، كأن قائل يقول لي : غناك بمصر ، فأخرج إليها.فبكرت إلى أبي
عمر القاضي وسألته أن يزودني كتابا إلى مصر ، لأتصرف بها ، ففعل ، وخرجت.فلما وصلت
مصر ، سد الله عليّ الوجوه ولم أظفر بتصرف ، ولا لاح لي شغل .ونفدت نفقتي ، وفكرت في
أن أسأل الناس ، وأمد يدي على الطريق ، فلم تسمح نفسي ، فقلت : أخرج ليلا ، وأسال .
فمازلت أمشي وتأبى نفسي المسألة ، ويحملني الجوع عليها ، وأنا ممتنع ، إلى أن مضى
صدر من الليل . فلقيني الحرس الليلي الذي يطوف بالمدينة .فقبض عليّ ، فسألني عن
خبري ، فقلت : رجل ضعيف ، فلم يصدقني ، وبطحني ، وضربني مقارع .فقصصت عليه
قصتي من أولها إلى آخرها ، وحديث المنام . فقال لي :أنت رجل احمق
ما رأيت أحمق منك ، لقد رأيت في النوم ، كأن رجلا يقول لي : ببغداد في الشارع الفلاني ،
في المحلة الفلانية ـ فذكر شارعي ، ومحلتي ، وأصغيت إليه ـ وأتم الشرطي الحديث فقال :
دار يقال لها : دار فلان ـ فذكر داري ، واسمي ـ فيها بستان ، وفيه سدرة ، ، وكان في بستان
داري سدرة ، وتحت السدرة مدفون ثلاثون ألف دينار ، فامض ، فخذها ، فما فكرت في هذا ،
ولا التفت إليه ، وأنت يا أحمق ، فارقت بغداد ، وجئت إلى مصر بسبب منام .
وأطلقني الحرس الليلي ، وخرجت مع السحر من مصر ، فقدمت بغداد ، فقطعت السدرة ،
وحفرت تحتها ، فوجدت قمقما فيه ثلاثون ألف دينار ، فأخذته ، وأمسكت يدي ، ودبرت أمري ،
فأنا أعيش من تلك الدنانير ، من فضل ما ابتعت منها من ضيعة وعقار إلى اليوم .
تعليق