بسم الله الرحمان الرحيم
في هذه المشارلة البسيطة سأحاول مدكم بما أعرفه عن الحضارة الرومانية في ولاية إفريفيا البروفنصلية , هذه التسمية أطلقت على البلاد التونسية وجزء من الجزائر . كيف سيطر الرومان على المنطقة ؟
التنافس الروماني القرطاجي حول الحوض الغربي للمتوسط أدى بهما إلى التصادم عسكريا في حروب ثلاثة عرفت بالحروب البونية بين قرطاج وروما إندلعت الأولى سنة 264قم إلى 241م ق و التي سهيت بحرب صقلية أما الثانية و التي سميت بحر حنبعل فامتدت بين 219 و 201 قم لينتهي هذا الصراع بتخريب قرطاج و إحراقها خلال الحرب الثالثة 149-146 قم . بعد ذلك تعددت محاولات إعادة إعمار قرطاج لكنها فشلت لأسباب مختلفة أهمها محاولة كايوس قراكوس و محاولة يوليوس قيصر لكن إغتياله حال دون إتمام مشروعه. 27ق م يقرر أقتاوينوس إبن يوليوس قيصر بالتبني و مؤسس النظام الإمبراطوري إعادة بناء قرطاج ( أقتاوينوس الملقب بأوغسطوس أول الأباطرة الرومان ) . بعد إتمام البناء أصبحت قرطاج عاصمة للولاية الرومانية الجديدة التي سميت إفريقيا البرونصلية و التي إمتدت على كامل البلاد التونسية الحالية و خزء من شرقي الجزائر . إزدهرت المنطقة خلال العهد الروماني على جميع الأصعدة , من ذلك عمرانيا فالمجال التونسي إحتوى خلال العهد الروماني على أكثر من 200 مدينة بكل معالمها الررومانية المعروفة و من هذ ه المدن نذكر إضافةالى قرطاج هدرومتوم (سوسة) نيابوليس (نابل ) توقا ( دقة ) مكتريس ( مكثر ) سيكا فينيريا ( الكاف ) أوينا ( أوذنة ) تيسدروس ( الجم ) وغيرها من المدن التي أنشات أو أعيد تهيئتها على النمط الروماني لتوطين الجيوش و عائلاتهم و المهاجرين الإطاليين. تميزت من بين هذه المدن قرطاج بإعتبارها عاصمة الولاية و ثالث مدينة في العالم الروماني بعد روما و القسطنطينية من حيث الحجم و عدد السكان فهي تمسح 315 هكتار و تعد حوالي مليون ساكن في أواخر القرن الثاني الميلادي.تعددت و ظائف المدينة في إفريقيا البروقنصلية على غرار المدن الرومانية من سياسية و سكنية و إحتوت جملة من العالم المتصلة بهذه الوظائف من فوروم ( الساحة العمومية ) و الكابيتوليم ( معبد الديانة الرسمية للدولة الرومانية ) و حمامات و مسارح نصف دائرية و دائرية كمسرح مدينة تيسدروس . كما تميزت المنطقة عن سائر الولايات الرومانية بإزدها فن الفسيفساء الذي تأثر في إفريقيا البروقنصلية بالمدرسة الإسكندرية ( أي إعتماد المكعبات متعددة الألوان ) فقد إتتشرت اللوحات الفسيفسائية في كامل مدن الولاية بل تنافس الأثرياء فيما بينهم في تزيين بلاطات منازلهم باللوحات الفسيفسائية و تنوعت المواضيع التي جسدتها هذه اللوحات , إذ نجد اليوم بالمتاحف التونسية لوحات تمثل مشاهد صيد , و اخرى بها مشاهد مصارعة كذلك نجد لوحات تبرز مشاهد عن الحياة اليومية , مشاهد عن الزراعة و الأعمال الفلاحية , لوحات تبرز المعتقدات و الآلهة ....المجال الثاني الذي ميز الولاة الروملنية هو الفلاحة إذ سمت تونس خلال العهد الروماني ( مطمور روما ) و ذلك لأهمية إنتاجها الفلاحي و خاصة إنتاج الحبوب و زيت الزيتون فخلال القرن الثالث الميلادي إغتنمت الولاية فرصة تدهور الإقتصاد الإيطالي لإحياء غراسة الأشجار المثمرة بعد أن قضي عليها إثر إحراق قرطاج سنة 146 ق م وبفضل التقاليد الفلاحية المكتسبة منذ العهد القرطاجي و أيضا بفضل تعدد التشريعات و القوانين المشجعة على العمل في الفلاحة أضحت الولاية توفر كامل حاجيات روما الغذائية بمفردها و قدرت صادرات قرطاج من الحبوب إلى روما حسب المصادر الرومانية بحوالي 1.2 مليون قنطار هذا إضافة إلى بقية المنتوجات الأخرى كالزيوت و الخمور . أيضا في مجال الفكر كان للولاية إسهاماتها في إثراء الحضارة الرومانية فروائع أبولوس لا تزال تثري إلى اليوم الأدب الغربي , و أبولوس من أصل إفريقي . كطلك في هذا الإطار نذكر القديس أوغسطينوس الذي عاش بين 350 و430 ميلادي و الذي وضع فلسفة مسيحية أثرت في الفكر المسيحي الغربي حتى أزمنتنا الحديثة . في مجال السياسة و الحكم كان لولاية إفريقيا البروقتصلية أيضا كلمتها فالعائلة السيفيرية التي حكم أبناؤها الإمراطورية هي من أصل إفريقي وأشهر أبنائها الإمبرطور سيبتيموس سوريوس أو سيبتيم سيفار الذي حكم بين 193 و211 م .
هذه لمحة بسيطة عن الإرث الروماني بشمال إفريقيا و إنشاء الله سأتعق في بعض الخصوصيات مستقبلا .
تعليق