بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مقالة للاستاذ الدكتور حسن الباش
ارتايت ان انقلها اليكم
منذ ظهور المسيحية واليهود يكيدون للمسيحيين على مختلف انتماءاتهم المذهبية فمنذ أن ظهرت المسيحية في روما في القرن الثالث الميلادي دس اليهود أفكارهم التوراتية في كثير من تعاليم المسيحية الأوربية لكن الكنيسة الكاثوليكية تشددت تجاه اليهود واعتبرتهم الأكثر عداوة للمسيح وقد ظلت الكنيسة الكاثوليكية تحمل اليهود دم المسيح وتشيع بين أتباعها هذه المقولات حتى قامت حرب دموية ضد اليهود في كثير من بلدان أوربا وخلال ألف وسبعمائة عام ظل موقف الكنيسة من اليهود موقفاً معادياً حتى الاجتماع المسكوني الثاني في الفاتيكان عام 1964م، وعلى إثر الضغوطات المستمرة عبر مئات السنين اضطر بعض اليهود لاعتناق المسيحية ودخلت الكنيسة ذاتها معترك الحياة الدينية من عدة أبواب فمن ناحية همشت روما القدس وأصبحت روما مركز المرجعية الدينية المسيحية الكاثوليكية بعد عام 590م، وانبثق عن ذلك موقف كنيسي معاد للسامية أساسه جعل اليهود يتحملون وحدهم دم المسيح كما قلنا وترتب عليه أيضاً نظرة خاصة للتوراة العهد القديم هذه النظرة تقوم على تفسير التوراة ولا سيما نبوءات الأنبياء تفسيراً رمزياً وليس حرفياً واعتبرت الكنيسة أتباعها أرقى عرقاَ وأرقى إنسانية ما دعم بروز تيارات قومية غربية تدعي التفوق والواقع أنه استناداً على هذه النظرة برزت حروب دينية شنتها الكنيسة الأوربية على الكفار أي المسلمين واليهود على حد زعمهم ففي الحروب الصليبية شن الغربيون حرباَ دموية ضد المسلمين واليهود على السواء وبدأت منذ ذلك الوقت سلسلة من المجازر الدموية والعنصرية ضد كل ما هو غير كاثوليكي ففي بريطانيا وفرنسا وإسبانيا شنت حملات تصفية لليهود أو طرد وكذلك فعلت روسيا القيصرية فكانت مسرحاً لمذابح كبرى لليهود عام 1684م، على يد القوزاق لقد نظرت أوربا لليهود نظرة عداء فبعد أن أجرت بحقهم مذابح عديدة رأى الغربيون أن لا خلاص لأوربا إلا بطرد اليهود كافة وخلاص البلاد الأوروبية منهم وقد جرت محاولات عديدة لإيجاد صيغة لطردهم من أوربا إلا أن اليهود الذين تنصروا ظلوا يدفعون باتجاه تغيير الموقف الديني الأوربي تجاههم وتجاه التوراة وبدأت الثورة التنويرية تعيد النظر في العلاقة بين العهد القديم التوراة والعهد الجديد وعندما ترجمت التوراة إلى اللغة الألمانية على يد مارتن لوثر بدأت الحركة البروتستانتية التي كانت قد قويت آنذاك تنظر إلى التوراة نظرة مغايرة للكنيسة الكاثوليكية وقد أصبحت التوراة في متناول الجماهير الأوربية الشعبية ولم تعد حكراً على رجال اللاهوت وهذا ما ساعد الحركة البروتستانتية على تفسير التوراة تفسيراَ حرفياً وليس رمزياًَ كما كان معهوداً لدى الكاثوليك وكنيسة روما لقد صار البروتستانت ينظرون إلى ما جاءت به التوراة نظرة قدسية خاصة فالوعد الإلهي بامتلاك الأرض الموعودة ومقولة الشعب المختار أصبحتا من أهم الأمور التي يؤمنون بها ومنذ بداية القرن السابع عشر راحت نداءات الحركة البروتستانتية تنتشر هنا وهناك وتبني لأفكارها صروحا قوية في بريطانيا خاصة حتى بدا الاتجاه القائل بشعب الله المختار وعودة المسيح واليهود إلى الأرض المقدسة من أقوى الاتجاهات المسيطرة على البرلمان البريطاني رغم معارضة ملوك بريطانيا له ويرى الكثيرون أن الصهيونية المسيحية بدأت في بريطانيا قوية منذ عام 1621، حين نشر الحقوقي الإنكليزي عضو البرلمان المدعو (هنري فنش) كتاباً بعنوان (البعث العظيم للعالم) أو نداء إلى اليهود وإلى جميع الأمم والممالك في الأرض للإيمان بالمسيح وهذا الكتاب يرفض التفسير الرمزي للتوراة ويوصي صاحبه بقراءة التوراة قراءة حرفية فيقول فيه (حينما تذكر إسرائيل ويهوذا وصهيون وأورشليم في التوراة فالله لا يعني بذلك إسرائيل روحية ولا يعني كنيسة الله تجمع في صفوفها الأمم واليهود المتنصرين ولكن يعني بإسرائيل تلك التي تحدرت من نسل يعقوب وقل الأمر نفسه فيما يخص العودة إلى أرضيهم وانتصارهم على أعدائهم فاليهود هم المعنيون حقاًَ وصدقاً بالتحرير وليس المسيح هو الذي يحرر البشر) وقد دان البرلمان الإنكليزي حينذاك هذا الاتجاه المتزمت القائل بعودة المسيح بعد ألف عام واعتبره الملك جلك الأول 1603-1625 أمراً خطيراَ ولكن هذا الاتجاه بقي حجر الزاوية في الصهيونية المسيحية وقي منتصف القرن السابع عشر تقريباًَ أصبحت السلطة البرلمانية في إنجلتراَ بيد البروتستانت المتزمتين المتعصبين واليهود وقد كانوا يسمون بالطهوريين ومنهم بدأت الهجرة إلى أميركا بشكل واسع حيث اندمجوا مع اليهود المهاجرين مثلهم اندماجاً أشبه ما تكون بما جاءت به التوراة عن فتوحات يوشع والقادة العبرانيين في أرض كنعان فالتغييرات اللاهوتية في الحركة الدينية الجديدية البروتستانتية روجت لفكرة أن اليهود أمة مختارة ونادت كما رأينا بعودتهم إلى فلسطين فإعادة اكتشاف العهد القديم التوراة في الحركة البروتستانتية كعنصر أساسي في مفاهيم الحركة بعد أن كان مهملا من قبل الكاثوليكية قد عزز من النزعة اليهودية ودعم وجهة نظرها في الأوساط المسيحية الجديدة وأصبحت فلسطين بذلك أرضاً يهودية في الفكر المسيحي في أوربا البروتستانتية
هذه مقالة للاستاذ الدكتور حسن الباش
ارتايت ان انقلها اليكم
منذ ظهور المسيحية واليهود يكيدون للمسيحيين على مختلف انتماءاتهم المذهبية فمنذ أن ظهرت المسيحية في روما في القرن الثالث الميلادي دس اليهود أفكارهم التوراتية في كثير من تعاليم المسيحية الأوربية لكن الكنيسة الكاثوليكية تشددت تجاه اليهود واعتبرتهم الأكثر عداوة للمسيح وقد ظلت الكنيسة الكاثوليكية تحمل اليهود دم المسيح وتشيع بين أتباعها هذه المقولات حتى قامت حرب دموية ضد اليهود في كثير من بلدان أوربا وخلال ألف وسبعمائة عام ظل موقف الكنيسة من اليهود موقفاً معادياً حتى الاجتماع المسكوني الثاني في الفاتيكان عام 1964م، وعلى إثر الضغوطات المستمرة عبر مئات السنين اضطر بعض اليهود لاعتناق المسيحية ودخلت الكنيسة ذاتها معترك الحياة الدينية من عدة أبواب فمن ناحية همشت روما القدس وأصبحت روما مركز المرجعية الدينية المسيحية الكاثوليكية بعد عام 590م، وانبثق عن ذلك موقف كنيسي معاد للسامية أساسه جعل اليهود يتحملون وحدهم دم المسيح كما قلنا وترتب عليه أيضاً نظرة خاصة للتوراة العهد القديم هذه النظرة تقوم على تفسير التوراة ولا سيما نبوءات الأنبياء تفسيراً رمزياً وليس حرفياً واعتبرت الكنيسة أتباعها أرقى عرقاَ وأرقى إنسانية ما دعم بروز تيارات قومية غربية تدعي التفوق والواقع أنه استناداً على هذه النظرة برزت حروب دينية شنتها الكنيسة الأوربية على الكفار أي المسلمين واليهود على حد زعمهم ففي الحروب الصليبية شن الغربيون حرباَ دموية ضد المسلمين واليهود على السواء وبدأت منذ ذلك الوقت سلسلة من المجازر الدموية والعنصرية ضد كل ما هو غير كاثوليكي ففي بريطانيا وفرنسا وإسبانيا شنت حملات تصفية لليهود أو طرد وكذلك فعلت روسيا القيصرية فكانت مسرحاً لمذابح كبرى لليهود عام 1684م، على يد القوزاق لقد نظرت أوربا لليهود نظرة عداء فبعد أن أجرت بحقهم مذابح عديدة رأى الغربيون أن لا خلاص لأوربا إلا بطرد اليهود كافة وخلاص البلاد الأوروبية منهم وقد جرت محاولات عديدة لإيجاد صيغة لطردهم من أوربا إلا أن اليهود الذين تنصروا ظلوا يدفعون باتجاه تغيير الموقف الديني الأوربي تجاههم وتجاه التوراة وبدأت الثورة التنويرية تعيد النظر في العلاقة بين العهد القديم التوراة والعهد الجديد وعندما ترجمت التوراة إلى اللغة الألمانية على يد مارتن لوثر بدأت الحركة البروتستانتية التي كانت قد قويت آنذاك تنظر إلى التوراة نظرة مغايرة للكنيسة الكاثوليكية وقد أصبحت التوراة في متناول الجماهير الأوربية الشعبية ولم تعد حكراً على رجال اللاهوت وهذا ما ساعد الحركة البروتستانتية على تفسير التوراة تفسيراَ حرفياً وليس رمزياًَ كما كان معهوداً لدى الكاثوليك وكنيسة روما لقد صار البروتستانت ينظرون إلى ما جاءت به التوراة نظرة قدسية خاصة فالوعد الإلهي بامتلاك الأرض الموعودة ومقولة الشعب المختار أصبحتا من أهم الأمور التي يؤمنون بها ومنذ بداية القرن السابع عشر راحت نداءات الحركة البروتستانتية تنتشر هنا وهناك وتبني لأفكارها صروحا قوية في بريطانيا خاصة حتى بدا الاتجاه القائل بشعب الله المختار وعودة المسيح واليهود إلى الأرض المقدسة من أقوى الاتجاهات المسيطرة على البرلمان البريطاني رغم معارضة ملوك بريطانيا له ويرى الكثيرون أن الصهيونية المسيحية بدأت في بريطانيا قوية منذ عام 1621، حين نشر الحقوقي الإنكليزي عضو البرلمان المدعو (هنري فنش) كتاباً بعنوان (البعث العظيم للعالم) أو نداء إلى اليهود وإلى جميع الأمم والممالك في الأرض للإيمان بالمسيح وهذا الكتاب يرفض التفسير الرمزي للتوراة ويوصي صاحبه بقراءة التوراة قراءة حرفية فيقول فيه (حينما تذكر إسرائيل ويهوذا وصهيون وأورشليم في التوراة فالله لا يعني بذلك إسرائيل روحية ولا يعني كنيسة الله تجمع في صفوفها الأمم واليهود المتنصرين ولكن يعني بإسرائيل تلك التي تحدرت من نسل يعقوب وقل الأمر نفسه فيما يخص العودة إلى أرضيهم وانتصارهم على أعدائهم فاليهود هم المعنيون حقاًَ وصدقاً بالتحرير وليس المسيح هو الذي يحرر البشر) وقد دان البرلمان الإنكليزي حينذاك هذا الاتجاه المتزمت القائل بعودة المسيح بعد ألف عام واعتبره الملك جلك الأول 1603-1625 أمراً خطيراَ ولكن هذا الاتجاه بقي حجر الزاوية في الصهيونية المسيحية وقي منتصف القرن السابع عشر تقريباًَ أصبحت السلطة البرلمانية في إنجلتراَ بيد البروتستانت المتزمتين المتعصبين واليهود وقد كانوا يسمون بالطهوريين ومنهم بدأت الهجرة إلى أميركا بشكل واسع حيث اندمجوا مع اليهود المهاجرين مثلهم اندماجاً أشبه ما تكون بما جاءت به التوراة عن فتوحات يوشع والقادة العبرانيين في أرض كنعان فالتغييرات اللاهوتية في الحركة الدينية الجديدية البروتستانتية روجت لفكرة أن اليهود أمة مختارة ونادت كما رأينا بعودتهم إلى فلسطين فإعادة اكتشاف العهد القديم التوراة في الحركة البروتستانتية كعنصر أساسي في مفاهيم الحركة بعد أن كان مهملا من قبل الكاثوليكية قد عزز من النزعة اليهودية ودعم وجهة نظرها في الأوساط المسيحية الجديدة وأصبحت فلسطين بذلك أرضاً يهودية في الفكر المسيحي في أوربا البروتستانتية
تعليق