الوهابية
وحقيقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، ثم اما بعد.......
وحتى لاينخدع البعض بما يقال عن هذا الرجل من كذب وضلالات ولمن يريد ان يعرف حقيقة هذا الرجل الذى يتعرض يوميا لضلالات واتهامات بالتكفير والارهاب وحروب ثقافية يومية اهدي له هذا الموضوع.......
فقد مضت سنة الله - تعالى - التى لا تتبدل ان يعارض اهل الباطل اهل الحق الداعين إليه ؛ وان يشنعوا عليهم ويثيروا الشبه والشكوك حولهم ليصدوا عن سبيل الله ويبغونها عوجا .
ولان دعوات الاصلاح والتجديد دائما ماتواجه مقاومة عنيفة كرد فعل جماعى دفاعا عن المألوف والموروث؛ اذ انها حين تصطدم بالمألوف وتحاول تغييرة فانها تتحدى اهله والمنتفعين به؛ ولذلك جابهت دعوة التجديد التى انار شعلتها شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمة الله تعالى - حالة عدم الانقياد والتصلب التى اظهرها معارضوه ولم تقتصر تلك الحالة على تجييش الجيوش ورفع السلاح فقط بل انضمت اليها اقلام فاسدة متعصبة تدعوا الى الضلال دائما حاولت مسخ حقيقتها وتشويه صورتها بالكذب والاقتراء .
فالشيخ رحمة الله لم ياتى بجديد او ماهو مخالف للقران والسنه بل رحمه الله كان يدعوا الى العودة الى صحيح القران والسنة بعد ما رأى من تفشى البدع والمنكرات ؛ وكثر الاعتقاد في الأشجار والأحجار والقبور، وغير ذلك من الشرك الأكبر والأصغر. فلا يظن ظان ان الوهابية تختلف مع خصومها فى مسائل تخصهم هم وحدهم ( اى الوهابيون) بل هى معتقد اهل السلف الصالح المبنى على ادلة الكتاب والسنه انطلاقا من منهاج النبوة وليس للوهابيون و للشيخ - رحمة الله - سوى فضل احيائها ؛ وتجديدها ؛ وتذكير المسلمين بها ونفض غبار البدع عنها .
لقد تسرع الكثيرون من العوام فى الحكم على الشيخ والتجنى عليه فالغالبية لم تقرا للشيخ ؛ وانما قرأ من اعدائة ولعبت السياسة دور هام جدا فى ذلك لاسيما السياسة الانجليزية التى كانت ترصد وتراقب بواعث النهضة فى الامة الاسلامية ؛ وتحاول الاجهاز عليها قبل ان تؤتى ثمارها.
كما ان للدولة العثمانية - التى انتشرت فى ظلها طرق صوفية غالية - انطلقت فى هجومها على الدعوة السلفية لمخالفتها لها فى المنهاج ؛ وفى بعض متعلقات العقيدة كالتوسل ‘والاستغاثة بالموتى وثائر البدع والشركيات .اضف الى ذلك الروافض(مايطلق عليهم الشيعة) الذين ينالون من اصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم؛ ورضى الله عنهم؛ويتورطون فى شركيات يزعمون انها من اصول الدين .
اذن فيجب علينا اولا ان نعرض لميلاد الشيخ ونبذة عن حياتة لنعرف من هو هذا الرجل الذى افزع اصحاب البدع والروافض وتشن الحروب الثقافية يوميا من اجله .
ولد الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان التميمي، في بلدة العيينَة عام (1115هـ)، في بيت علم وتقى، وتعلم القرآن وحفظه قبل البلوغ، وكان حاد الفهم، وقَّاد الذهن، ذكي القلب، وسريع الحفظ.
وكان والده آنذاك، قاضي العيينة، فقرأ الشيخ على أبيه الفقه، وكان كثير المطالعة في كتب التفسير والحديث، وكلام العلماء في أصل الإسلام.
وزوجه والده بعد البلوغ مباشرة، ثم طلب من أبيه الحج إلى بيت الله الحرام، فأذن له فحج، وقصد المدينة وأقام فيها شهرين، ثم رجع بعد ذلك إلى أبيه في العُيينة، وأخذ يدرس الفقه على مذهب الإمام أحمد، على والده.
وكانت نجد - والشيخ في مقتبل عمره - تغص بالمنكرات، وكان الشرك آنذاك قد فشا فيها، وكثر الاعتقاد في الأشجار والأحجار والقبور، وغير ذلك من الشرك الأكبر والأصغر.
وعزم الشيخ على مقاومة هذه المظاهر الجاهلية، من شرك وخرافة وبدع، وأخذ يعمل على نشر الكتاب والسنة، وسيرة السلف الصالحين، ولذلك قرر أن يرتحل من بلدة العيينة، يطلب العلم والنصرة، وإعداد العدة من النور والحكمة، ولعله يجد من يساعده على ماعرف من دين الإسلام.
وخلاصة ماذكره المؤرخون، وأهل التحقيق، أن الشيخ رحل إلى خارج وطنه، لطلب العلم، ثم إلى الحجاز، ثم إلى البصرة، وإلى الأحساء، ثم البصرة أيضاً، والزبير، ثم إلى الحجاز، ولم يتمكن من الرحلة إلى الشام، وعاد إلى نجد يدعوهم إلى التوحيد.
وكانت عودته من المدينة إلى حريملاء، حيث كان والده قد انتقل إليها من العيينة، وتولى والده القضاء في حريملاء، وأقام الشيخ محمد بعد عودته من رحلته العلمية يدعو إلى التوحيد، ويبين بطلان دعاء غير الله، وما يترتب على غير ذلك من فساد في العقيدة، وخلل في الدين.
ولما توفي والده عام (1153هـ)، أعلن الشيخ الدعوة إلى تصحيح العقائد السائدة بعقيدة السلف الصالح.
ولم تكن حريملاء صالحة لأن تكون منطلقاً لدعوته، فانتقل منها عام (1155هـ)
- تقريباً - إلى العيينة، فأظهر الله عقيدة السلف الصالح، وتولى الشيخ لنشرها، وتدريس العلوم النافعة، وتأليف الكتب الماتعة في أصول الإسلام وفروعه.
كانت وفاة هذا العالم الفقيه المجدد محمد بن عبدالوهاب، عام (1206هـ)، ولم يخلف ديناراً ولا درهماً، ولم يوزع بين ورثته مالاً ولم يقسم، لكنه خلف لنا - رحمه الله -ثروة عظيمة من التراث العلمي، والمؤلفات النافعة.
وسنعرض اولا لاقوال خصوم الاسلام عن الوهابية والشيخ محمد بن عبد الوهاب :
1 - جاء فى دائرة المعارف البريطانية ( الحركة الوهابية اسم لحركة التطهير فى الاسلام؛ والوهابيون يتبعون تعاليم الرسول وحده‘ ويهملون كل ماسواها؛ واعداء الوهابية هم اعداء الاسلام الصحيح))
2 - قال المستشرق الاسبانى(ارمانو) : ((ان كل ما الصق بالوهابية من سفاسف واكاذيب لاصحة له على الاطلاق فالوهابيون قوم يريدون الرجوع بالاسلام الى عصر صحابة محمد صلى الله عليه وسلم ))
3 - قال المستشرق ( جولدتسيهر ) فى كتابه ( العقيدة والشريعة) : (( اذا اردنا البحث فى علاقة الاسلام السنى بالحركة الوهابية نجد انه مما يسترعى انتباهنا خاصة من وجهة النظر الخاصة بالتاريخ الدينى الحقيقة الاتية : يجب على كل من ينصب نفسه للحكم على الحوادث الاسلامية ان يعتبر الوهابيون انصارا للديانة الاسلامية على الصورة التى وضعها النبى واصحابه ‘فغاية الوهابية هى اعادة الاسلام كما كان))
4 - قال (برنارد لويس)فى كتابه ( العرب فى التاريخ ) : ((وبإسم الاسلام الخالى من الشوائب الذى ساد فى القرن الاول ‘ نادى محمد ابن عبد الوهاب بالابتعاد عن جميع ما اضيف للعقيدة والعبادات من زيادات بإعتبارها بدعا خرافية غريبة عن الاسلام الصحيح ))
5 - وقال المستشرق الانجليزى ( جيب ) فى كتابه ( الاتجاهات المدنية فى الاسلام ) : ((أما مجال الفكر : فإن الوهابية بما قامت به من الفتن ضد التدخلات العدوانية ‘ وضد الاصول القائلة بوحدة الوجود ‘ التى تريد تدنيس التوحيد فى الاسلام : فقد كانت عاملا مفيدا للخلاص الابدى ‘ وحركة تجديد اخذت تنجح فى العالم الاسلامى شيئا فشيئا))
6 - وقال (بوكهارت) : ((وما الوهابية - ان شئنا ان نصفها - الا الاسلام فى طهارته ؛ وقال : لكى نصف الدين الوهابى‘ فإن ذلك يعنى وصف العقيدة الاسلامية ؛ ولذلك فإن علماء القاهرة اعلنوا انهم لم يجدوا اى هرطقة - اى بدعة او خروجا عن الدين - فى الوهابية ))
7 - وذكر الدكتور ( داكبرت ) المؤرخ الالمانى فى كتابه ( عبد العزيز) : ((ان الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانت تملأ قلبه فكرة جديدة للقوى العربية ‘ وانه عزا تلاشى قوة العرب الذى اخضعهم للنفوذ الاجنبى الى ابتعادهم عن سيرة السلف الصالح ‘ وانقسامهم الى شيع ؛ وابتعادهم عن خلقهم العربى الاصيل ؛ ثم قال : ورأى الشيخ ان سبب الانقاذ هو الرجوع الى تعاليم الدين المشروعة ع الى تعاليم الرسول الصحيحة ‘ فراح يبشر - بوحى من ضميره وعقيدته -بمحاربة البدع التى ادخلت على الاسلام عبر العصور الغابرة ‘ والضال المضل من تقارير علماء الدين غير مقيم وزنا لما نص عليه القرأن صراحة او لما يمكن نسبته بصورة قاطعة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم وراح يحارب بكل قواه المستمدة من عقيدته الصلبة تقديس الاولياء ‘ وجعلهم واسطة بين الناس والرسول وينادى بهدم الاضرحة ‘ ومزارات الاولياء ‘ وازالة معالمها اقتداء بالنبى الكريمع الذى حارب بدعة تقديس الهياكل ‘ وعبدة الاصنام الموروثة من الجاهلية ))
8 - قال المؤرخ الفرنسى ( سيديو) مامعناه : (( ان انجلترا وفرنسا حين علمتا بقيام محمد بن عبد الوهاب وابن سعود وبأنضمام جميع العرب اليهما لأن قيامهما كان لأحياء كلمة الدين ‘ خافتا ان ينتبه المسلمون فينضموا اليهما‘ وتذهب عنهم غفلتهم ‘ ويعود الاسلام كما كان فى ايام عمر - رضى الله عنه - فيترتب على ذلك حروب دينية وفتوحات اسلامية ترجع اوروبا منها فى خسران عظيم ‘ فحرضتا الدولة العلية على حربهم ‘وهى فوضت ذلك الى محمد على باشا))
اقوال المفكرين العرب وعلماء الدين :
1 - قال د طه حسين - "رغم اختلافنا معه فى امور كثيرة " - قال فى كتابه ( الحياة الادبية فى جزيرة العرب) مشيرا الى المذهب الوهابى : (( قلت :ان هذا المذهب جديد وقديم معا ‘ والواقع انه جديد بالنسبة الى المعاصرين‘ ولكنه قديم فى حقيقة الامر ‘ لأنه ليس إلا الدعوة القويمة الى الاسلام الخالص النقلى المطهر من كل شوائب الشرك والوثنية ؛ هو الدعوة الى الاسلام كما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم خالصا لله وحده ع ملغيا كل واسطة بين الله والناس))
وقال ايضا فى صفحتى ( 13 . 14 ) :ولولا ان الترك والمصريين اجتمعوا على حرب هذا المذهب ع وحاربوه فى داره بقوى واسلحة لا عهد لأهل البادية بها ؛ لكان من المرجوا ان يوحد هذا المذهب كلمة العرب فى القرن الثانى عشر والثالث عشر الهجرى كما وحد ظهور الاسلام كلمتهم فى القرن الاول))
وقال ايضا : (( اذا كان الوهابيون لم يستطيعوا تكرار الفتح الاسلامى‘ فقد استطاعوا ان يبرهنوا على امكانية تحقيقه ‘ او على الاقل استطاعوا ان يدعموا حجة الرافضين للحل التغريبى)) .
2 - قال الأديب المصري د- مصطفى صادق الرافعي : ((عاش الشرق الإسلامي زهاء خمسة قرون من عمر الزمن ، ينعم في بحبوحة ونعيم ، وحضارة وارفة الظلال ، بفضل نور الإسلام الوهاج الذي عمّم خيراته على كل أرض ، ونشر هدايته لكل قبيل.
بعدها اعتراه الوهن والضعف ، فمر في عهود سوداء ، وحاقت به ظلمات حالكة ، فتقلصت هداية الإسلام عن أرضه أو أوشكت ، وأصبح تراث المسلمين نهباً مقسماً بين شذاذ الأمم ، وذئبان الشعوب ، يستغلون علومه ويستأكلون حضارته ، فسيطر على بلاده الغربيون ، فأذاقوها من العذاب أقسـاه ، ومن الألم أشده ، حتى انحدرت بلاد المسلمين إلى هوة عميقة من الضعف والتخلف والانحطاط.
ثم ما إن أطلّ القرن الثامن عشر ، حتى انطلقت صيحة واعية مؤمنة من قلب الجزيرة العربية ، تهيب بالمسلمين أن يتحرروا من الشوائب التي اعترت عقائدهم ، والخرافات والأباطيل التي شوّهت دينهم ، وأن يعودوا في جميع شؤون حياتهم إلى ما كان عليه حال السابقين الأولي من أسلافهم.
وكان مرسل هذه الصيحة ، الداعي إلى الله على بصيرة القائد الفذّ ، محمد بن عبدالوهاب ، وإليه تنسب "الحركة السلفية" التي دعت إلى إصلاح النفوس ، واستعادة مجد الإسلام ، فظهرت بظهورها تباشير صبح جديد ، فيه كل معاني الصباح ، من نور وضياء ، وإشراق ولألاء ، فأيقظ المسلمين من سباتهم العميق الذي رزخوا تحت وطأته حقباً طويلة من الزمن. و ومن بديع ماقال هذا الاديب الكبير فى حق الامام المجدد يرجى الرجوع الى كتابه الماتع [ الدعوة والدعـاة في الإســلام ] ))
3 - رأي عباس محمود العقاد : تناول الأستاذ عباس العقاد في كتابه ( الإسلام في القرن العشرين )
دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فقال : (( ظاهر من سيرة الشيخ محمد ابن عبدالوهاب الوهابية أنه لقي في رسالته عنتا , فاشتد كما يشتد من يدعو غير سميع ومن العنت أطباق الناس على الجهل والتوسل بما لا يضر ولا ينفع والتماس المصالح بغير أسبابها وآتيان الممالك من غير أبوابها وقد غبر البادية زمان كانوا يتكلمون فيه على التعاويذ والتمائم وأضاليل المشعوذين والمنجمين ويدعون السعي من وجوهه توسلا بأباطيل السحرة والدجالين حتى الاستشفاء ودفع الوباء فكان حقا على الدعاة أن يصرفهم عن هذه الجهالة وكان من أثر هذه الدعوة أنها صرفتهم عن ألوان البدع والخرافات ))
4 - وقال احمد بن سعيد البغدادى فى كتاب ( نديم الادب): (( واما حقيقة هذه الطائفة فإنها حنبلية المذهب ؛ وجميع ما ذكر المؤرخون عنها محرف‘ وفيه تناقض كلى لمن اطلع عليه بتأمل....؛وهذه الطائفة بريئة مما ينسب اليها الجاهلون‘ ومن سبها يأثم والله اعلم بغيبه واحكم))
5 - وكتب الاستاذ محمد كرد -رحمه الله- فى كتابه ( القديم والحديث) فقال فى اهل نجد ( وما ابن عبد الوهاب إلا داعية هداهم من الضلال‘ وساقهم الى الدين السمح‘واذا بدت شدة من بعضهم‘ فهى ناشئة من نشأة البادية وقلما رأينا شعبا من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص مثل هؤلاء القوم , وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنين طويلة فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة ...))
6 - قال الدكتور محمد عبد الله ماضى في كتابه (حاضر العالم الإسلامي ) :فكذلك أخذ المصلح الديني ، والزعيم الإسلامي محمد بن عبد الوهاب في منتصف القرن الثاني عشر الهجري ، يدعوا إلى تصحيح العقيدة ،والرجوع إلى مبادئ الإسلام الصحيحة ، واعتناقها من جديد بين النجديين .وكانوا قد فسدت عقيدتهم ، وضلت سيرتهم .وأخذ الزعيم السياسي النجدي محمد بن سعود ، يناصر ابن عبد الوهاب في دعوته الدينية الإصلاحية ، ويعمل على نشرها واعتناق الناس لها
7 - قال الدكتور محمد ضياء الدين الريس أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة فؤاد الأول فى بحث فى مجلة الارشاد الكويتية : ((والمبادئ الأساسية للدعوة الوهابية ، هي تنقية معنى التوحيد من الشوائب الشرك ظاهرة وخفية ، وإخلاص الدين لله ، وعدم الالتجاء إلى غير الله وعدم الغلو في تمجيد الرسول بما يخرجه عن حدود الطبيعة البشرية ، وتحديد معنى الرسالة التي كلف بإبلاغها .ومصادر العقيدة ، هو الرجوع إلى مذهب السلف في فهم الدين ، وتفسير آيات القرآن ، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم .
وتكره الوهابية التعقيدات التي أدخلها المتكلمون والفلاسفة والصوفية ، ولا مانع من الاجتهاد ، كما يرون ضرورة القيام بواجب الجهاد .
وهذه الحركة كانت نهضة أخلاقية شاملة ، ووثبة روحية جريئة ودعوة إلى دين الحق والإصلاح .
فقد أيقظت العقول الراقدة ، وحركت المشاعر الخامدة ، ودعت إلى إعادة النظر في الدين ، لتصفية العقيدة ، وتطهير العقول من الخرافات والأوهام .
فقد احتوت على مبدأين ، كان لهما أكبر الأثر في تطور العالم الإسلامي وتقدمه .
وهما الدعوة إلى الرجوع إلى مذهب السلف ، مع الاعتماد على الكتاب والسنة وتقرير مبدأ الاجتهاد .
فكان هذان المبدان أساساً لنهضة فلسفة روحية .
والواقع أن كل حركات الإصلاح التي ظهرت في الشرق ، في القرن التاسع عشر ، كانت مدينة للدعوة الوهابية ، لتقرير هذه الأصول .
ويمكن تحديد الصلة بينها وبين كل من هذه الحركات ، إما عن طريق الاقتباس أو المحاكات ))
8 - قال عبد الكريم الخطيب في كتابه ( محمد بن عبد الوهاب ) : العقل الحر ( في الفصل الخامس ):
((الكلمة الطيبة كلمة مباركة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، لأنها كلمة الحق ، والحق في ظل الله ، يباركه وينتصر له .
ودعوة محمد بن عبد الوهاب ، من الكلم ، الطيب ، لأنها تستند إلى الحق ، وتدعو له ، وتعمل في سبيله ، لهذا كانت دعوة مباركة ، وفيرة الثمر ، كثيرة الخير .
لقد قام صاحبها ، يدعوا إلى الله ، لا يبغي بهذا جاهاً ، ولا بطلب سلطاناً ، وإنما يضيء للناس معالم الطريق ، ويكشف لهم المعاثر والمزالق التي أقامها الشيطان وأعوان الشيطان )) إلى أن قال :
والذي لا شك فيه،أن الدعوة الوهابية،كانت أشبه بالقذيفة الصارخة،تنفجر في جوف الليل والناس نيام.
كانت صوتاً راعداً أيقظ المجتمع الإسلامي كله،وأزعج طائر النوم المحوم على أوطانهم منذ أمد بعيد ))
9 - رأي المفكر المصري د. محمد عمارة : ويعد ابن عبد الوهاب أهم من انتقل بالتجديد الإسلامي ، في العصر الحديث ، من إطار التجديد الفردي والمشروع الفكري إلى إطار " الدعوة " التي اتخذت لها " دولة " تحميها وتقاتل في سبيل نشرها ، الأمر الذي جعل لدعوته من التأثير والاستمرارية ما لم تحظ بهما دعوات تجديدية أخرى ربما كانت أرسخ منها قدماً في فكر التجديد .
ولقد كان تجديد الشيخ ابن عبد الوهاب واجتهاده اختياراً في إطار المذهب الحنبلي ، واستدعاء لنصوص ومقولات أعلامه – وخاصة منهم مؤسس المذهب الإمام أحمد بن حنبل [ 164 - 241 هـ = 780 - 855 م ] وشيخ الإسلام ابن تيمية [ 661 - 728 هـ = 1263 - 1328 م ] أكثر مما كان " إبداعا " فكريًّا مبتكراً وجديداً .. كان اجتهاد اختيارات في إطار المذهب ، استدعى النصوص والمقولات التي تنقي عقيدة التوحيد مما ران عليها وشابها من مظاهر الشرك والبدع والخرافات .. على النحو الذي ناسب بيئة نجد ومشكلاتها في ذلك التاريخ .
وسنكتفى بأراء هولاء من المفكرين وننتقل الى العلماء من رجال الدين :
1 - موقف الشيخ محمد عبده :قال احمد امين فى كتابه( من زعماء الاصلاح) عن الشيخ محمد عبده : ((وفى مصر شب الشيخ محمد عبده فرأى تعاليم بن عبد الوهاب تملأ الجو ‘ فرجع الى هذه التعاليم فى اصولها من عهد النبى صلى الله عليه وسلم الى عهد ابن تيمية الى عهد ابن عبد الوهاب ‘ وكان اكبر امله ان يقوم فى حياته للمسلمين بعمل صالح فأداه اجتهاده وبحثه الى هذين الاساسيينالذين بنى عليهما ابن عبد الوهاب تعاليمه وهما :محاربة البدع وما دخل على العقيدة الاسلامية من فسد بأشراك الاولياء والقبور والاضرحة مع الله تعالى ؛وفتح باب الاجتهاد الذى اغلقه ضعاف العقول من المقلدين.....وجرد نفسه لخدمة هذا الغرض .
.......وفى كتابه ( خمسون عاما فى جزيرة العرب) يذكر الشيخ حافظ وهبة انه سمع الشيخ محمد عبده مفتى مصر يثنى على الشيخ محمد بن عبد الوهاب ؛ ويلقبه بالمصلح العظيم ‘ ويلقى تبعة وقف دعوته الاصلاحية على الاتراك وعلى محمد على الالبانى لجهلهم ‘ ومسايرتهم لعلماء عصرهم ممن ساروا على سنة من سبقهم من مؤيدى البدع والخرافات ومجافاة حقائق الاسلام))
ويقول الشيخ محمد اسماعيل المقدم فى استدراك له فى كتابه خواطر حول الوهابية :إن القول بأن دعوة الشيخ محمد عبده صدى لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لا يخلو من مسامحة ؛ ولا شك فى وجود بعض الملامح المشرقة فى دعوة محمد عبده‘ لكن ان نغلو فى وصفها حتى نعدها امتدادا للمنهج السلفى الواضح الذى تبناه ابن عبد الوهاب فهذه مجازفة ونتفق معه فى ذلك.
2 - قال الشيخ العلامة يوسف القرضاوي في كتابه (فقه الأولويات ) : "
((الإمام ابن عبد الوهاب
فالإمام محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية كانت الأولوية عنده للعقيدة، لحماية حمى التوحيد من الشركيات والخرافيات التي لوثت نبعه، وكدرت صفاءه، وألف في ذلك كتبه ورسائله، وقام بحملاته الدعوية والعملية في هدم مظاهر الشرك)).
وقال الشيخ يوسف ايضا في (ثقافة الداعية – مؤسسة الرسالة – الطبعة الأولى 1417 هـ - ص 107 ) : (( ينبغي الاهتمام بحركات الإصلاح والتجديد في تاريخ الإسلام ، وبرجال التجديد الذين يبعثهم الله بين حين وآخر في هذه الأمة ليجددوا لها دينهما ، أياً كان لون هؤلاء الرجال واتجاههم ، فقد يكون منهم الخلفاء كعمر بن عبدالعزيز ، أو السلاطين والأمراء كنور الدين وصلاح الدين أو الفقهاء والدعاة كالشافعي والغزالي وابن تيمية وابن عبدالوهاب ، وقد يكون المجدد فرداً وقد يكون جماعة أو مدرسة اصلاحية يبرز بها اتجاه في الإصلاح له سماته وخصائص ))
وقد وصف د . يوسف القرضاوي ابن عبد الوهاب بشيخ الإسلام في كتابه حقيقة التوحيد
3 - السيد محمد رشيد رضا :
قال في التعريف بكتاب (( صيانة الإنسان )) بعد أن ذكر فشو البدع بسبب ضعف العلم والعمل بالكتاب والسنة ، ونصر الملوك والحكام لأهلها . وتأييد المعممين لها . قال رحمه الله ما نصه :
الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :
لم يخل قرن من القرون التي كثر فيها البدع من علماء ربانيين ، يجددون لهذه الأمة أمر دينها بالدعوة والتعليم وحسن القدوة ، وعدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، كما ورد في الأحاديث .ولقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي ، من هؤلاء العدول المجددين قام يدعون إلى تجريد التوحيد ، وإخلاص العبادة وحده ، بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم . وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة.فنهدت لمناهضته واضطاده ، القُوى الثلاث . قوة الدولة والحكام ، وقوة أنصارها من علماء النفاق ، وقوة العوام الطغاة .
وكان أقوى سلاحهم في الرد عليه ، أنه خالف جمهور المسلمين .
من هؤلاء المسلمون الذين خالفهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دعوته ؟
هم أعراب في البوادي شر من أهل الجاهلية يعيشون بالسلب والنهب ويستحلون قتل المسلم وغيره ، لأجل الكسب ، ويتحاكمون إلى طواغيتهم في كل أمر،ويجحدون كثيراً من أمور الإسلام المجمع عليها ، التي لا يسع مسلماً جهلها ، إلى آخر ما قال ، عليه رحمه الله ذى الجلال .
4 - رأى الشيخ محمد حسان : الوهابية ليست حزبا وليست جماعة وليست دينا وانما الوهابية منسوبة الى رجل عالم ربانى من العلماء الافاضل الذين من الله عز وجل بهم على الامة فى وقت فى ارض الجزيرة ؛كانت ارض الجزيرة فى حاجة الى عالم ربانى يرد الامة الى توحيد الرب العلى ردا جميلا فقام هذا الرجل العالم يدعوا الله سبحانه وتعالى على بصيرة وكثير من الناس لم يفهموا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بل واتهموه باتهامات باطلة فاتهموه انه يكفر الناس وما الى ذلك... ومن جميل ما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى كتبه قال وإذا كنت لا اكفر من يطوف حول قبر البدوى فكيف اكفر من هو دونهم فالرجل لا يكفر الا اذا اقيمت الحجة الرسالية على الناس وليس كما يقول البعض بانه يصدر التكفير الى كل الناس ويتهم النس بالكفر...لا والله بل الرجل يطالب بان تقام الحجة الرسالية الخاصة ويفرق بين اقمة الحجة وفهم الحجة فى كثير من المواطن التى نقلها عنها تلاميذه....
وفى النهاية ينبغى ان نسأل انفسنا لماذا يهاجم هؤلاء الشيخ ابن عبد الوهاب؟؟؟
الاجابة لك اخى القارىء
اخواني واخواتي الكرام
لا أريد منكم إلا الدعاء لي ولوالدي
وهذا مانتظره
جزاكم الله الف خير وبارك الله فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصادر : كتاب الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته (للشيخ العلامة ابن باز) ؛ كتاب خواطر حول الوهابية للشيخ محمد اسماعيل المقدم ؛ وبعض مواقع الانترنت
منقول
تعليق