إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الجن .. ودعوى تحضير الأرواح !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الجن .. ودعوى تحضير الأرواح !


    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

    تمهيد

    طالما سمعنا في هذا القرن عن تحضير الأرواح، حيث ملأت هذه الفكرة الدنيا بضجيجها، وانتشرت انتشاراً سريعاً في الشرق والغرب، وعقدت لها المجالس والمحاضرات والندوات، وألفت فيها كثير من الكتب والمجلات، وأنشئت لها المدارس والجامعات، وآمن بها الكثير في الشرق والغرب من المسلمين وغيرهم، وخاض أنصارها معارك كلامية، ودافعوا فيها عن فكرتهم أمام المنكرين، ومازلنا نعيش آثارها في أيامنا هذه، ونقرأ الكثير عنها.


    فكرة مٌجملة عن تحضير الأرواح:


    كانت بداية نشأة هذه الفكرة في أمريكا، حيث حصل سنة 1846م أن رجلاً اسمه فيكمان يسكن في قرية هيد سفيل من مقاطعة نيويورك قد سمع ذات ليلة طرقات متعددة على أرض بيته، فذهب ليكتشف الفاعل، فأعيته الحيلة، فصبر على مضض، ولكنه قام ذات ليلة منذعراً من صراخ ابنة صغيرة له، فسألها عما نابها، فزعمت أنها أحست بيد مرت على جسمها وهي في سريرها، فلم ير الرجل بداً من هجر منزله، فخلفه فيه رجل متنور يقال له جون فوكس، فحصل لعائلته ما حصل لسابقتها من الأصوات التي لا تجعل للنوم مساغاً من الجفون، فكانت زوجة جون فوكس تنادي جيرانها، وتستعين في البحث عن الفاعل، فلم يهتدوا إليه، فتجاسرت هذه المرأة ذات ليلة وقالت لذلك الطارق: أحدث عشر طرقات، ففعل، فقالت له: كم عمر ابنتي كاترينه؟ فطرق طرقات على قدر سني عمرها، ثم قالت له: إن كنت روحاً فأحدث طرقتين أيضاً، فأحدثهما، ولم تزل به المرأة حتى علمت بواسطة الطرق أنها روح رجل كان ساكناً في ذلك البيت، فقتله جاره ليسرق ماله ودفنه فيه، فلم يسع زوجة فوكس، إلا استحضار الجيران واستجواب الروح أمامهم، فأجابت بما جعلهم مندهشين مقتنعين في آن واحد، فكان الحال كما أخبرت الروح.

    وقد ضبطت الحكومة الأمريكية هذه الواقعة، وأجرتها مجراها القانوني وكلفت لجنة بدراسة هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر التي كانت تحدث بين وقت وآخر، وبحثها القانوني الشهير أدمون، فاعتقد صحتها وألف فيها كتاباً ضخماً سنة 1865، وتبعه الأستاذ مايس أستاذ الكيمياء في المجمع العلمي الأمريكي، فنسب حصولها لأرواح الموتى.


    ولكن الأمر الذي أحدث الدوي الكبير هو اعتقاد الأستاذ روبيرهار بهذا المذهب، وتأليفه فيه كتاباً سماه الأبحاث التجريبية على الظواهر الروحية،


    فانتشب الصراع من ذلك اليوم بين المصدقين والمكذبين، ولم يبق عالم ولا كاتب ولا كاهن، إلا وألقى بنفسه في تلك المعمعة، فانتقل هذا المذهب بعد ذلك إلى إنجلترا، ووجد له أنصاراً يدافعون عنه، وعلى رأس هؤلاء أحد رؤساء الجمعية الملكية الانجليزية كروركس، ثم أخذ المذهب بالانتشار إلى أقطار العالم، وأصبح له ملايين من الأتباع وأكثر من مائتي مجلة تدافع عنه وتنشره (1) .. عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة لعبد الكريم عبيدات - ص425
    _________
    (1) ((دائرة معارف القرن العشرين)) (1/ 248) باختصار وتصرف، وانظر كتاب ((الإنسان روح لا جسد)) (1/ 102).

    لاحول ولاقوة إلا بالله

  • #2


    علاقة الجن بتحضير الأرواح

    لقد كانت الشياطين تنزل على الكهنة فتخبرهم بالكلمة من الحق فيكذبون معها مائة كذبة، وكانوا يتراءون لهم في صور مختلفة كما تقدم معنا، ومن صفات الجن التشكل في الصور المختلفة، وبإمكانهم أن يظهروا للإنسان في صورة أشخاص يكون للشخص معرفة مسبقة بهم قبل موتهم،

    ولقد تمثل الشيطان للمشركين يوم وقعة بدر في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، وحرضهم على قتال الرسول عليه السلام ثم تولى عنهم بعد ذلك عندما عاين الملائكة، وتمثل الشيطان كذلك لأبي هريرة في صورة شيخ يريد السرقة، ولقد شاهدهم ابن مسعود في صور مختلفة،

    وفي إحدى الليالي التي كلم فيها عليه الصلاة والسلام الجن، رأى ابن مسعود الجن يتقطعون مثل قطع السحاب، ومرة رآهم يتحدرون على الرسول كأمثال النسور والحجل، وغير ذلك مما هو من صفات الجن، ولقد ثبت وجودهم واتصالهم ببني آدم اتصالاً وثيقاً وأنهم يعيشون معهم على الأرض، وأحياناً يدخلون في أجسامهم ويتسلطون عليهم بكيفية لا يعلمها إلا الله.

    وبناء على ذلك فإن الجن يمكن أن يتشبهوا بالرياح, والأنوار مختلفة الألوان, وبالسحاب, والدخان, والشخصيات العظيمة، كما يمكن للجن تقليد أي شخصية حية أو ميتة بعد موتها، فأعمارها تزيد على أعمار بني آدم كما في بعض الآثار، كما أن تكليم الجني للإنسان على لسان إنسان أخر أمر ثابت كما تقدم معنا، وتحريك الجني لقلم ليكتب, أوسلسلة ترسم بواسطة قلم أو أثاث حجرة أو غير ذلك مما نسمع عنه أمر ممكن وواقع (1).

    فلمَ لا يكون ما يزعمه دعاة استحضار الأرواح من عبث مردة الجن الذين همهم السخرية ببعض البشر الذين يوافقونهم في أعمالهم؟!. عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة لعبد الكريم عبيدات - ص447
    _________
    (1) ((مع رسل الله وكتبه واليوم الآخر)) (ص: 155).



    لاحول ولاقوة إلا بالله

    تعليق


    • #3

      حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح


      لقد شاع بين كثيرٍ من الناس من الكتّاب وغيرهم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح، وزعموا أنهم يستحضرون أرواح الموتى بطريقة اخترعها المشتغلون بهذه الشعوذة، يسألونها عن أخبار الموتى من نعيم وعذاب، وغير ذلك من الشئون التي يظن أن عند الموتى علماً بها في حياتهم.

      ولقد تأملت هذا الموضوع كثيراً فاتضح لي أنه علم باطل، وأنه شعوذة شيطانية يراد منها إفساد العقائد والأخلاق والتلبيس على المسلمين، والتوصل إلى دعوى علم الغيب في أشياء كثيرة.
      ولهذا رأيت أن أكتب في ذلك كلمة موجزة لإيضاح الحق والنصح للأمة وكشف التلبيس عن الناس، فأقول:
      لا ريب أن هذه المسألة مثل جميع المسائل يجب ردها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،
      فما أثبتاه أو أحدهما أثبتناه، وما نفياه أو أحدهما نفيناه، كما قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59].
      ومسألة (الروح) من الأمور الغيبية التي اختص الله سبحانه وتعالى بعلمها ومعرفة كنهها ، فلا يصح الخوض فيها إلا بدليل شرعي،
      قال الله تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا [الجن: 27]،
      وقال سبحانه في سورة النمل: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ [النمل:65].

      وقد اختلف العلماء رحمهم الله في المراد بالروح في قوله تعالى في سورة الإسراء: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلًا [الإسراء: 85]،

      فقال بعضهم: إنه الروح الذي في الأبدان وعلى هذا فالآية دليل على أن الروح أمر من أمر الله لا يعلم الناس عنه شيئاً إلا ما علمهم الله إياه؛ لأن ذلك أمر من الأمور التي اختص الله سبحانه بعلمها وحجب ذلك عن الخلق، وقد دل القران الكريم والأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن أرواح الموتى تبقى بعد موت الأبدان، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى .. الآية [الزمر: 42]

      وثبت: ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه، وقالوا: ما نراه انطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً، قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمدٍ بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا)) (1). _________
      (1) [14830])) رواه البخاري (3976) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

      لاحول ولاقوة إلا بالله

      تعليق


      • #4

        وثبت عنه صلى الله عليه وسلم ((إن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه)) (1).

        قال العلامة ابن القيم رحمه الله: (والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به).
        ونقل ابن القيم أن ابن عباس رضي الله عنهما قال في تفسير قوله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [الزمر: 42]. (بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتساءلون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها).

        ثم قال ابن القيم رحمه الله: (وقد دل على التقاء أرواح الأحياء والأموات أن الحي يرى الميت في منامه فيستخبره ويخبره الميت بما لا يعلم الحي فيصادف خبره كما أخبر).

        فهذا هو الذي عليه السلف من أن أرواح الأموات باقية إلى ما شاء الله وتسمع،

        ولكن لم يثبت أنها تتصل بالأحياء في غير المنام، كما أنه لا صحة لما يدعيه المشعوذون من قدرتهم على تحضير أرواح من يشاءون من الأموات ويكلمونها ويسألونها فهذه ادعاءات باطلة ليس لها ما يؤيدها من النقل ولا من العقل، بل إن الله سبحانه وتعالى هو العالم بهذه الأرواح والمتصرف فيها وهو القادر على ردها إلى أجسامها متى شاء ذلك، فهو المتصرف وحده في ملكه وخلقه لا ينازعه منازع.
        أما من يدعي غير ذلك فهو يدعي ما ليس له به علم، ويكذب على الناس فيما يروجه من أخبار الأرواح؛ إما لكسب مال، أو لإثبات قدرته على ما لا يقدر عليه غيره، أو للتلبيس على الناس لإفساد الدين والعقيدة.
        _________
        (1) رواه البخاري (1374)، ومسلم (2870).

        لاحول ولاقوة إلا بالله

        تعليق


        • #5


          وما يدعيه هؤلاء الدجالون من تحضير الأرواح إنما هي أرواح شياطين يخدمها بعبادتها وتحقيق مطالبها، وتخدمه بما يطلب منها كذباً وزوراً في انتحالها أسماء من يدعونه من الأموات،
          كما قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ [الأنعام:112 - 113]،

          وقال تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام:128]،

          وذكر علماء التفسير أن استمتاع الجن بالإنس بعبادتهم إياهم بالذبائح والنذور والدعاء، وأن استمتاع الإنس بالجن قضاء حوائجهم التي يطلبونها منهم، وإخبارهم ببعض المغيبات التي يطلع عليها الجن في بعض الجهات النائية، أو يسترقونها من السمع، أو يكذبونه وهو الأكثر،
          ولو فرضنا أن هؤلاء الإنس لا يتقربون إلى الأرواح التي يستحضرونها بشيء من العبادة فإن ذلك لا يوجب حل ذلك وإباحته؛


          لأن سؤال الشياطين والعرافين والكهنة والمنجمين ممنوع شرعاً، وتصديقهم فما يخبرون به أعظم تحريماً وأكبر إثماً بل هو من شعب الكفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) (1)، وفي مسند أحمد والسنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)) (2).

          __________________

          (1) [14832])) رواه مسلم (2230).
          (2) [14833])) رواه أبو داود (3904) , وزاد (أو أتى امرأتا حائضا أو أتى امرأتا في دبرها فقد برئ) بدلا من (فقد كفر) والترمذي (135) , وابن ماجه (639) , والنسائي في ((السنن الكبرى)) (5/ 323) (9017) بلفظ ((من أتى حائضا أو امرأة في دبرها) بدون (عرافا) , ورواه الحاكم (1/ 49) , قال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة, وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرطهما جميعا من حديث ابن سيرين ولم يخرجاه, ووافقه الذهبي, وقال البيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/ 198): له متابعة, وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (10/ 227): له شاهد [وروي] بإسنادين جيدين ولفظهما (من أتى كاهنا) , وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) و ((صحيح ابن ماجه)). وفي رواية: لأبي داود (3904) وأحمد (2/ 408) (9279) , والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/ 198) , من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول .... فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم). والحديث سكت عنه أبو داود, وقال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (3/ 17): لا يتابع عليه (حكيم الأثرم) ولا يعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة, وقال البيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/ 198): له متابعة, وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)).



          لاحول ولاقوة إلا بالله

          تعليق


          • #6



            وقد جاء في هذا المعنى أحاديث وآثار كثيرة، ولا شك أن هذه الأرواح التي يستحضرونها بزعمهم داخلة فيما منع منه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها من جنس الأرواح التي تقترن بالكهان والعرافين من أصناف الشياطين فيكون لها حكمها، فلا يجوز سؤالها ولا استحضارها ولا تصديقها، بل كل ذلك محرم ومنكر بل وباطل، لما سمعت من الأحاديث والآثار في ذلك،

            ولأن ما ينقلونه عن هذه الأرواح يعتبر من علم الغيب، وقد قال الله سبحانه:
            قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ [النمل: 65].

            وقد تكون هذه الأرواح هي الشياطين المقترنة بالأموات الذين طلبوا أرواحهم فتخبر بما تعلمه من حال الميت في حياته مدعية أنها روح الميت الذي كانت مقترنة به، فلا يجوز تصديقها ولا استحضارها ولا سؤالها كما تقدم الدليل على ذلك. وما يحضِّره ليس إلا الشياطين والجن يستخدمهم مقابل ما يتقرب به إليهم من العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله، فيصل بذلك إلى حد الشرك الأكبر الذي يخرج صاحبه من الملة - نعوذ بالله من ذلك -.

            ولقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في دار الإفتاء السعودية فتوى عن التنويم المغناطيسي الذي هو أحد أنواع تحضير الأرواح هذا نصها: (التنويم المغناطيسي ضرب من ضروب الكهانة باستخدام جني يسلطه المنوِّم على المنوَّم، فيتكلم بلسانه ويكسبه قوةً على بعض الأعمال بسيطرته عليه إن صدق مع المنوم وكان طوعاً له، مقابل ما يتقرب به المنوِّم إليه، ويجعل ذلك الجني المنوَّم طوع إرادة المنوِّم يقوم بما يطلبه منه من الأعمال بمساعدة الجني له إن صدق ذلك الجني مع المنوم، وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقاً أو وسيلة للدلالة على مكان سرقة أو ضالة أو علاج مريض، أو القيام بأي عملٍ آخر بواسطة المنوِّم غير جائز بل هو شرك لما تقدم، ولأنه التجاء إلى غير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية التي جعلها الله سبحانه إلى المخلوقات وأباحها لهم) انتهى كلام اللجنة.

            وممن كشف حقيقة هذه الدعوى الباطلة الدكتور محمد محمد حسين في كتابه (الروحية الحديثة حقيقتها وأهدافها) وكان ممن خدع بهذه الشعوذة زمناً طويلاً، ثم هداه الله إلى الحق وكشف زيف تلك الدعوى بعد أن توغل فيها ولم يجد فيها سوى الخرافات والدجل،

            وقد ذكر أن المشتغلين بتحضير الأرواح يسلكون طرقاً مختلفة، منهم المبتدئون الذين يعتمدون على كوب صغير أو فنجان يتنقل بين حروف قد رسمت فوق منضدة، وتتكون إجابات الأرواح المستحضرة - حسب زعمهم - من مجموع الحروف بحسب ترتيب تنقله فيها، ومنهم من يعتمد على طريقة السلة يوضع في طرفها قلم يكتب الإجابات على أسئلة السائلين، ومنهم من يعتمد على وسيط كوسيط التنويم المغناطيسي.

            وذكر أنه يشك في مدعي تحضير الأرواح وأن وراءهم من يدفعهم بدليل الدعاية التي عملت لهم، فتسابقت إلى تتبع أخبارهم ونشر ادعاءاتهم صحف ومجلات لم تكن من قبل تنشط لشيء يمس الروح أو الحياة الآخرة، ولم تكن في يوم من الأيام داعية إلى الدين أو الإيمان بالله. وذكر أنهم يهتمون بإحياء الدعوة الفرعونية وغيرها من الدعوات الجاهلية، كما ذكر أن الذين روجوا لأصل هذه الفكرة هم أناس فقدوا عزيزاً عليهم فيعزون أنفسهم بالأوهام، وأن أشهر من روج لهذه البدعة السيد أوليفر لودج الذي فقد ابنه في الحرب العالمية الأولى، ومثله مؤسس الروحية في مصر أحمد فهمي أبو الخير الذي مات ابنه عام (1937 م)، وكان رزق به بعد طول انتظار.


            لاحول ولاقوة إلا بالله

            تعليق


            • #7

              وذكر الدكتور محمد محمد حسين أنه مارس هذه البدعة فبدأ بطريقة الفنجان والمنضدة فلم يجد فيها ما يبعث على الاقتناع، وانتهى إلى مرحلة الوسيط، وحاول مشاهدة ما يدعونه من تجسيد الروح أو الصوت المباشر ويرونه دليل دعواهم فلم ينجح هو ولا غيره؛ لأنه لا وجود لذلك في حقيقة الأمر، وإنما هي ألاعيب محكمة تقوم على حيل خفية بارعة ترمي إلى هدم الأديان.

              وأصبحت الصهيونية العالمية الهدامة ليست بعيدة عنها. ولما لم يقتنع بتلك الأفكار الفاسدة وكشف حقيقتها انسحب منها وعزم على توضيح الحقيقة للناس ويقول: (إن هؤلاء المنحرفين لا يزالون بالناس حتى يستلوا من صدورهم الإيمان وما استقر في نفوسهم من عقيدة ويسلمونهم إلى خليط مضطرب من الظنون والأوهام. ومدعو تحضير الأرواح لا يثبتون للرسل صلوات الله وسلامه عليهم إلا صفة الوساطة الروحية، كما قال زعيمهم أرثر فندلاي في كتابه (على حافة العالم الأثري) عن الأنبياء هم: وسطاء في درجة عالية من درجات الوساطة، والمعجزات التي جرت على أيديهم ليست إلا ظواهر روحية كالظواهر التي تحدث في حجرة تحضير الأرواح).

              ويقول الدكتور حسين: (إنهم إذا فشلوا في تحضير الأرواح قالوا: الوسيط غير ناجح أو مجهد أو إن شهود الجلسة غير متوافقين، أو إن بينهم من حضر إلى الاجتماع شاكاً أو متحدياً).

              ومن بين مزاعمهم الباطلة أنهم زعموا أن جبريل عليه السلام يحضر جلساتهم ويباركها - قبحهم الله - انتهى المقصود من كلام الدكتور محمد محمد حسين.

              ومما ذكرناه في أول الجواب وما ذكرته اللجنة والدكتور محمد محمد حسين في التنويم المغناطيسي :

              يتضح بطلان ما يدعيه محادثوا الأرواح من كونهم يحضرون أرواح الموتى ويسألونهم عما أرادوه، ويعلم أن هذه كلها أعمال شيطانية وشعوذة باطلة داخلة فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم من سؤال الكهنة والعرافين وأصحاب التنجيم ونحوهم، والواجب على المسئولين في الدول الإسلامية منع هذا الباطل والقضاء عليه وعقوبة من يتعاطاه حتى يكف عنه، كما أن الواجب على رؤساء تحرير الصحف الإسلامية أن لا ينقلوا هذا الباطل وأن لا يدنسوا به صحفهم، وإذا كان لابد من نقل فليكن نقل الرد والتزييف والإبطال والتحذير من ألاعيب الشياطين من الإنس والجن ومكرهم وخداعهم وتلبيسهم على الناس، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وهو المسئول سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، ويمنحهم الفقه في الدين، ويعيذهم من خداع المجرمين وتلبيس أولياء الشياطين إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


              مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز - 3/ 309 -316

              والله أعلم
              ________________________

              المصدر:
              إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف
              الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net

              لاحول ولاقوة إلا بالله

              تعليق

              يعمل...
              X