حاجتنا إلى معرفة العقيدة الإسلامية
يبدو العنوان لأول وهلة لافتًا للنظر. فربما سأل سائل: وهل نحن في حاجة كمسلمين لمعرفة العقيدة على صفحات الكتب ونحن نشهد شهادة التوحيد ونلتزم بأداء العبادات؟
وإجابتي على هذا السؤال أننا حقًا نعرف عقيدتنا كأصول وقواعد عامة متفرقة بحسب ما تلقيناه من دروس في (الدين) أو ما استمعنا إليه من خطب ومحاضرات أو قرأناه في كتب ومقالات.
كل هذا حسن، ولكن قارنوا بين هذه المعلومات المتفرقة التي نحصلها باجتهاداتنا الخاصة، وبين (كم) معلوماتنا الثقافية في العلوم والآداب والفنون والصناعات.
لقد برعنا في تحصيل العلوم والمعارف باقتدار، وظهر منا النابغون في المهن والصناعات والفنون.
ولكن الظاهرة العامة هي ضعف التحصيل في علوم الدين - لا سيما العقيدة والفقه - بينما تشكل العقيدة قلب الأمة وتحدد ملامحها وتبرز معالم حضارتها.
وربما كان للبعض العذر لأنه ليس مجال تخصصه أي معرفة أركان العقيدة الإسلامية وأصولها، وهي نقطة ضعف خطيرة يترتب عليها اهتزاز تصورنا للحياة والوجود والمصير وما ينجم عنه من آثار في أعمالنا وقيمنا وعلاقتنا مع بعضنا البعض مجتمعات إسلامية أو علاقتنا بغيرنا من دول العالم.
إننا في حاجة إلى بناء الإنسان على أساس (عقائدي) إسلامي لا على أساس وطني أو قومي مبني على تقليد ومحاكاة لحضارة أخرى.
وإذا أردتم الدليل فادرسوا تاريخنا وضعوا أعينكم على العلاقة المضطردة بين معرفة أجدادنا واستمساكهم بعقيدتهم وبين ازدهار حضارتهم، ثم تتبعوا سبل الاستعمار الغربي العسكري والثقافي كيف حقق أهدافه مستفيدًا من دروس حروبه الصليبية في العصور الوسطى، وجاءنا في العصر الحديث مزودًا بحصيلة تجاربه، حيث نجح في (هدم) و(تخريب) نسيج الإنسان المسلم وأحل محله إنسانًا غريبًا عن الإسلام والإسلام غريب عليه.
وما لم نعالج التخريب الذي أحدثه الاستعمار داخل نفوسنا بأن نصحح عقيدتنا ونجعلها أساسًا للحرية والبناء الحضاري، ما لم نفعل ذلك فإننا كمن يحرث في البحر.
تعليق