إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صفحات من تونس- تاريخ شعب رويدة سالم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صفحات من تونس- تاريخ شعب رويدة سالم

    تونس بلاد ذات حضارة ضاربة في القدم تمتد الى عصور ما قبل التاريخ. عثر في الجنوب التونسي على قطع من الحجارة المستديرة المنحوتة تعود للعصر الجيولوجي الرابع القديم وعثر على اكوام من الحلزون والرماد تعود الى حضارة العصر القبصي الاسم القديم لقفصة من العهد الجليدي بين 10 الف سنة و9 الاف سنة قبل المسيح كما ان الاثار الموجودة في مكثر شمال البلاد والتي تعود الى الالفية الثامنة قبل الميلاد تدل على تميز هذه المنطقة بكثافة مواطن التجمعات السكنية فيها قبل التاريخ. تميزت بموقعها الجغرافي الذي جعلها مطمعا لكل القوى التوسعية والاستعمارية ونقطة هامة في الصراع والنشاط البحري المتوسطي الذي صاحب الحياة البشرية منذ القديم. العوامل الجغرافية المتمثلة في معدل ارتفاع منخفض في عموم البلاد على سطح البحر مساو ل300 م وكثرت المناطق السهلية والمنبسطة فيها إلى جانب موقعها المتميز على سواحل المتوسط ساهمت في قيام وحدة بشرية، تنتمي الى الجنس المتوسطي الذي يطلق عليه اسم اللوبيون او الليبيون وهم سكان شمال افريقيا وهم ايضا امتداد للحضارة القبصية واسلاف القبائل الامازيغية التي ينتمي اليها التونسيون وبقية الامازيغ في منطقة شمال افريقيا والذي عاش في كل المنطقة الممتدة من حدود مصر الغربية الى المحيط الاطلسي.

    حسب هيروديت، سكن الساحل الشرقي لبلاد المغرب بين جربة ونهر مجردة قبائل مستقرة تسكن اغلبها السهول وتعمل فيها ومن بينها قبيلة يسميها اليوناني بطليموس "ماخونة" وتمثل حسب الاستاذ عثمان الكعاك مازونة البربرية والتي لا تزال بعض افخاذها ضاربة بالوسط الجنوبي التونسي والاوسة التي يسميها ابن خلدون سطفورة التابعة حاليا لمعتمديه جندوبة الشمالية الى جانب القبائل التي سكنت منطقة خمير ونفرة مقعد والتي لا تزال موجودة.
    هذه القبائل كانت زراعية مستقرة في أراضيها الخصبة وكانت تمارس تربية الحيوانات كالابقار للحضر والاغنام للرحل الى جانب انتاج القمح وزيت الزيتون. تركزت منذ القدم في شبكة كثيفة من المدن وعرفت عبر تاريخها بفضل موقعها الجغرافي تطورا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مكنها من تطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل متميز عن جاراتها الجزائر وليبيا والمغرب.
    لم تكن قادرة على الصمود في وجه النهم الاستعماري والسلطات المركزية سواء الموالية للخارج او المستقلة والتي تستمد سيطرتها من العمل لمصلحة اصحاب السلطة من ابناء البلاد رغبة في استقرار النظام واستتباب الأمن ولأسباب اقتصادية لطبقة المحظوظين من الملاك والتجار فتبنت واقتبست من الحضارات التي احتكت بها سواء في علاقات تجارية سلمية او حربية استعمارية. تمازجت مع كل من مر على ارضها منتجة إطارا تونسيا ذو خصائص تونسية بحتة لونت البلاد وطبعتها بسمات مختلفة وتركت بصماتها فيها وهو ما يجعلها اليوم مختلفة عن كل البلدان العربية الثقافة المحيطة بها او التي تنطلق من ذات الموروث الثقافي..
    لم يصلنا الكثير عن عبادات اللوبيين الذين استقروا بتونس قبل الدخول الفينيقي للمنطقة ونظمهم القانونية وحياتهم السياسية. حرق مكتبة قرطاج خلال احتلال روما لها أضاع كل الاعمال الادبية القديمة. في غياب هذه الوثائق المكتوبة لا يمكن الجزم بنوعية الحياة الروحية والعبادات القديمة بيد أن بعض الكشوفات الاثرية المتعلقة اساسا بوضعية الموتى وما يوضع معهم في القبور الى جانب القرابين من الحيوانات تظهر انه كانت توجد بالمنطقة عادات جنائزية تستمد قواعدها من حياة روحية لوبية عامة تشترك فيها مع كل القبائل التي سكنت شمال افريقيا تمجد الاسلاف الموتى وترى في الشمس والقمر الهة تتقرب منها وتطلب حمايتها ومساعدتها. نجد في كتابات هيروديت اشارة لذلك:
    -"يقسمون برجال منهم عرف عنهم الورع والشجاعة في حياتهم، بعدما يضعون أيديهم على قبورهم. وهم يتعبدون بزيارة القبور التلية لأسلافهم، ويستلقون فوقها بعد الصلاة. ويتقبلون كل ما سيرونه في منامهم"
    -"يبدؤون بقطع أذن الضحية ويلقونها على منازلهم ثم يقتلونها بلي عنقها يتقربون بها إلى الشمس والقمر، ولكن ليس لأي إله آخر، وهي طقوس معروفة عند كل اليبيين."
    الاله امون كان الها مشتركا بين الفراعنة واسلاف الامازيغ ولما دخل الفينيقيون البلاد حملوا معهم كبير الهتهم بعل لكن امون فرض نفسه ليبرز بعل-حمون القرطاجني وللتوارى عشتار وتحل محلها الالهة اللوبية تانيث (التي اخذها المصريون ثم الاغريق تحت اسم أثينا) ابنة بوصيدون إله البحر الأمازيغي وبحيرة تريتونيس (خليج قابس) والتي يعتقد أن تونس اخذت اسمها عنها بتحريف الثاء سين ويذكر المؤرخ محمد مصطفى بازمة أن معظم مؤرخي مصر الفرعونية أشاروا إلى أنها معبودة أمازيغية استقرت في غرب الدلتا.

    بالنسبة للحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية نجد عبر بعض الاشارات في اعمال هيروديت وغيره أنها كانت قد انتظمت بجملة من الاعراف والنظم وظهرت مملكة محلية (المملكة الماسيلية التي كانت كانت مدينة توقة (Thugga) دوقة الحالية إحدى عواصمها) (Le Royaume Massyle). . تقول الاسطورة ان احد ملوكها يارباس(Hiarbas) منح امتيازات قاعدة تجارية لاليسا الهاربة من بلدها وهي من بنت حسب الاسطورة مدينة كارطاجو.

    تاريخيا منذ القرن 11 ق م اقام سكان البلاد التونسية علاقات تجارية مع البونيقيين_الفينيقيين الذين انشؤوا مرافئ تجارية لتبادل البضائع كأوتيكا وقاعدة عسكرية في قرطاج صارت اقليما يضم شمال شرق تونس الحالية لحماية الملاحة البحرية.
    استمر القرطاجيون وسكان تونس اللوبيون يتعايشان سلميا في ظل قوانين ونظم اجتماعية وسياسية متطورة. نجد ذكر هذا التعايش والتنظيم السياسي والاجتماعي في خطاب حنون الذي يقر امام المبعوثين الرومان انه خرج لأستكشاف سواحل افريقيا بامر من مواطنيه القرطاجنيين واللوبيين معا وانه يستغرب لاكتشافه قبائلا تعيش بدون قوانين ونظم سياسية واجتماعية كما كان عليه الحال في بلاده، نقرأ نقلا عن فيثاغوراس Les Voyages de Pythagore-Tome V- Pierre Sylvain Marechal --Page 112—
    http://books.google.tn/books?id=i5IG...page&q&f=false
    " يا شعب قرطاج ، أمرتم بمرسوم قائد بحريتكم حنون ان يبحر ويسعى للقيام باكتشافات جديدة من الجانب الآخر لأعمدة هرقل وأن يأسس عدة مؤسسات لوبية-فينيقية على السواحل الإفريقية بالمحيط الأطلنطي... وجدنا أنفسنا بمصبّ لنهر كبير قادم من ليبيا سُمُي بـ Lixus . مكثنا فترة قصيرة على ضفته ، بين بدو رعاة ماشية قاموا بضيافتنا . هذه القبيلة تعيش بلا قوانين ، ودون حكومة . كل شخص يعيش وسط عائلته . وكل عائلة تشكل إمبراطورية صغيرة حيث أكبرها سنا يكون زعيمها."
    هذا التعايش ظلت بعض مظاهره موجودة مثل اللغة البونيقية المستعملة في الارياف حتى بعد خمس قرون من تهديم قرطاج (أيام القديس اوقيستان) والعادات الشرقية التي لاتزال متواجدة كطرق اللباس واللون الاحمر الفينيقي المقدس وتحضير بعض المأكولات الى جانب الطقوس والعادات الدينية البونيقية الباقية الى اليوم.
    مع ضعف البونيقيين في صور وزوال سيطرتهم على سواحل المتوسط هربت مجموعة كبيرة من الفينيقيين واستقرت في قرطاج في تعايش سلمي مع اهل البلاد اللوبيين
    يقول Rollin Histoire des Carthaginois- Premiere Partie http://visualiseur.bnf.fr/CadresFene...21&I=262&M=tdm –:
    "عندما حاصر الإسكندر الأكبر مدينة صور، ليضع أهلها في أمان أعز ما يملكون بعثوا بنسائهم وأطفالهم إلى قرطاج ، وتم استقبالهم والاعتناء بهم برأفة وطيبة وسخاء مثل التي نترقبها من الآباء والأمهات اللذين هم أكثر حنانا وثروة ، بالرغم من انه في ذلك العهد كانت الحرب تضغط بقوة".
    هذا الاستقرار الاجتماعي والسياسي الى جانب الازدهار الاقتصادي الذي وفرته الفلاحة والتجارة مكن الحكومة من وراثة امجاد ومستعمرات فينيقيا.
    في القرن السادس قبل الميلاد تحول القرطاجيون الذي صاروا "افارقة" الى قوة عظمى تفتخر بانها سيدة 300 مدينة مجتمعة لازال يوجد منها الى اليومفي كل انحاء تونس الحالية الى جانب قرطاج حضرموت/سوسة وتبسوس/راس الديماس ولبتيس/لمطة وكركينا/قرقنة ونيابولس/نابل وكلوبيا/قليبية وهيبوس أكرا/بنزرت وتبرقا/طبرقة وباجا/باجة وسكافينيريا/الكاف وتوكايا او توقا/دقة ومكتر/مكثر وكبسة/قفصة وتالة (تاريخ تونس- الاستاذ محمد الهادي الشريف).
    سيطرت خارجيا على اليونانيين في جزيرة صقليية وعلى سردانيا وكرسيكا والسواحل الليبية واسبانيا وارسلت رحلات اكتشاف، كرحلتي حنون وخملك في القرن الخامس قبل الميلاد، للسواحل الافريقية ونحو الجزر البريطانية للتوسع في النشاط البحري كما عرفت تطورا على المستوى الفلاحي يمكن ان نستشفه من الاهمية التي احتلها كتاب "موسوعة الفلاحة" لماغون القرطاجني.
    سيطرتها على الملاحة البحرية انتجت صراعات عنيفة مع الاغريقيين ثم الرومان مما ادى الى نشوب عدة حروب نذكر مها خاصة الحروب البونية الثلاث التي انتهت بهزيمة قرطاج. استمرت هذه الحروب على مراحل ثلاث من 264 الى سنة 149 ساند خلالها الملوك الامازيغ سيفاكس في البداية ثم عدوه الملك ماسينيسا الامازيغي الملك الذي جرد من ملكيته ومن أراضي أجداده من طرف المساسيلي " "سيفاكس" (الذي اسس مملكته في مقطقة طينة التي توجد بها أثار قديمة كثيرة جنوب صفاقس الحالية ويعتقد ان اسم صفاقس اخذ من اسمه) روما بعد ان كان ملوك الماسيل والمساسيل منبهرين بحضارة قرطاج واقاموا ودرسوا فيها وتزوجوا بنات الطبقات النبيلة وسموا ابناءهم باسماء قرطاجنية وعبدوا الهتها وحرضوا رعياهم على العمل باساليب ماغون الفلاحية.
    الى جانب هذه الحروب يذكر الباحث الليبي محمد بن مسعود في كتابه "تاريخ ليبيا العام- لما أصبحت قرطاجنة دولة عظيمة. استولت حوالي سنة 400 ق.م على المغرب كله من جبل طارق إلى سرت. فتغيرت حينئذ معاملتهم للطرابلسيين. وانقلبوا من جالية غريبة إلى أمة مسيطرة بقوتي البر والبحر."
    مما نتج عنه مع توسع نفوذ قرطاجنة برا على حساب جيرانها من اللوبيين في ليبيا وفي نوميديا صداما مع القبائل والممالك الرافضة لسيطرتها فنشبت حسب الاستاذ شفيق البيطار " بينها وبين الأمازيغيين تحرشات ابتداء من مطلع القرن الرابع قبل الميلاد. فحاصروها حصارا شديدا سنة 396ق.م".
    انعدم الاستقرار وتتالت الاضطرابات الداخلية بين الحكومة المركزية والمستوطنات التي صارت مجبرة على دفع ضرائب عالية بعد الحرب البونية الاولى. هذه الحرب التي خسرتها امام روما والتي نتجت عنها ازمة داخلية استمرت ثلاث سنوات تمثلت في عجز الحكومة على تسديد التزماتها المادية مع جيشها من المرتزقة اللوبيين العائدين من صقيلية فسرحتهم مما ادى الى اندلاع ثورة المرتزقة بقيادة ماظوس سنة 241ق.م.
    سنة 149 دمرت روما قرطاج نهائيا وتمكنت روما من احتلال شرق بلاد المغرب وانشاء افريقية البروقنصلية التي تضم تونس الحالية وجزء من الشرق الجزائري، اول مقاطعة رومانية بشمال إفريقيا وبعد قرن سقطت مملكة الماسيل وامتد نفوذروما ليشمل كل المغرب ولتنشأ حكومة موالية لها في نوميديا (قسنطينة الجزائرية).

    سيطر الرومان على افريقية البروقنصلية/تونس وسعوا الى رومنتها بفرض خصائصهم الحضارية (الدين واللغة والمعمار...) فدخلت البلاد الى جانب الخصائص العمرانية عبادة الثالوث الروماني المتمثل في جوبيتير ويونو ومينورا مما ادى الى انقسام السكان الاصليين الى قبائل امازيغية ثائرة على روما وسياستها الاستعمارية في العمق التونسي ونوميديا والمناطق الجبلية المنيعة ومرومنين من ابناء البلاد الافارقة خاصة النخب الحضرية والاثرياء وهم من نشر الحضارة الرومانية في البلاد. بلغت نسبة الارستقراطية الرومانية من اصول افريقية 15 بالمائة في داخل روما ومثلوا عائلات تداولت على حكم روما كالعائلة السيفيرية التي حكم أبناؤها الإمراطورية الرومانية وأشهر أبنائها الإمبرطور سيبتيموس سوريوس أو سيبتيم سيفار الذي حكم بين 193 و211 م وألغورديانوس نسبة لغُرْدِيَان الأوّل أو غُورِدْيَان الأوّل Marcus Antonius Gordianus Sempronianus Romanus Africanus حاكم مقاطعة أفريكا الرومانية ثم إمبراطور روماني في عام 238 م الذي بنى قصر الجم تكريما لأهل بلدته تيسدروس.
    كما ساهمت هذه الرومنة في ببناء اكثر من 200 مدينة على النمط الروماني في المجال التونسي فقط فاعيد بناء عدة مدن كدقة حيث يوجد الكابتول الروماني ونابل وسوسة والكاف وسبيطلة وقرطاج التي صارت في القرن الثاني بعد الميلاد مع اعتناق روما للمسيحية مدينة مسيحية كبرى ذات تأثير روحي كبير على كل العالم المعروف آنذاك.
    هذه الرومنة اضافة للقوة العسكرية والموالين لروما من ملوك الامازيغ گوس الحاكم الموريطاني والملك گودا والملك بوگود حاكمي الممالك النوميدية والليمس الذي اقيم على مرحلتين في القرن الاول قبل الميلاد وخلال القرن الثاني ميلادي وهو عبارة عن خندق تتخلله شبكة من الطرق والحصون العسكرية ومراكز الحراسة والجسور ومخازن التموين يمتد من طرابلس مرورا بالبحيرات التونسية و جبال الأوراس حتى جنوب الرباط بالمغرب مكنت روما من السيطرة على مصادر اغلب مناطق شمال افريقيا الاقتصادية فصارت تونس مزدهرة ومتطورة تقنيا خاصة في مجال الفلاحة وتحولت الى مخزن حبوب روما.
    في بدء الاحتلال الروماني انتشرت الثالوث الروماني في منطقة افريقية ومع اعتناق روما للمسيحية وسعيها لنشرها في مستعمراتها عارض السكان الأصليون في البداية انتشارها عبر الحفاظ على بعض الاشكال العبادية البونيقية الشرقية الموجودة الى اليوم كالتمائم واليد المفتوحة "الخمسة" والسمكة والهلال وابتهالات الاستسقاء لكن نظرا لحضور الاله "زحل الروماني الافريقي- saturne" الى جانب التواجد اليهود الذين يقول الحاجام اليهودي التونسي الاصل جوزيف انهم "اتخذوا من جربة ملجأ لهم مباشرة بعد أن قام نبوخذ نصر، ملك بابل، بتدمير الهيكل الأول عام 586 قبل الميلاد." مكونين مجموعة دينية مستقلة بذاتها عن بقية اليهودالشرقيين والغربيين يطلق عليها "التونس" واحتكاكهم باهل البلاد في علاقات تعايش سلمي ومواطنة عبر التاريخ لم تتزعزع الا مع قيام دولة اسرائيل في فلسطين كان الاطار الروحي العام مهيأ لأيمان بالتوحيد وبذلك انتشرت المسيحية حيث وجد فيها مع أواسط القرن الثاني ميلادي الفقراء والمهمشون العزاء فانتشرت بشكل متواصل لتتحول قرطاج ثالث مدينة بعد روما و القسطنطينية والتي تنتمي مسيحيتها إلى القديس الامازيغي أوغسطين saint Augustin في اواسط القرن الثالث الى احدى العواصم الروحية الهامة تضم كنيستها الافريقية اكثر من ستة مائة اسقف.
    في القرن الرابع ظهرت الدوناتية نسبة الى الشخصية الدينية المسيحية الأمازيغية الأب دونا Donatus فاعتنقها الامازيغ الثائرون على الاستعمار الروماني في كل شمال افريقيا لأنها تمثل ثورة على كل ما هو دخيل ولأن القديس دونا مثل توقهم للتحرر بما انه دافع عن وحدة الشعب الأمازيغي وحقه في بلاده في مواجهة الاستعمار الرومان وهو كما يقول الدكتور الدكتور عثمان سعدي رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية صاحب الصيحة المشهورة "لا علاقة للمسيحية بالإمبراطور والإمبراطورية، الله أرسل المسيح لإنصاف المستضعفين".
    الدوناتية هذا المذهب الوطني التائق الى التحرر من الاستعمار والذي مثل تعبيرا عن رفض الظلم والتسلط والاستبداد اتخذ شكل حراك اجتماعي واسع النطاق وجمع تحت رايته القبائل الامازيغية وقبائل المرتفعات النوميدية وعمال المزارع الكبرى المطرودين من ارضهم او الفارين من الاستغلال الى تخوم الصحراء والمناطق الجبلية الوعرة ممن رفضوا الرومنة سانده في نضاله الدوارون Les circoncellionsالذين قاموا بثورة اجتماعية تشكلت من الفقراء والمعدمين الذين حرموا من اراضيهم التي انتزعت منهم بالقوة واطردوا خارج خط الليمس الامني في القرنين الثالث والرابع ميلادي وما هذه الحركة الا احدى حركات التحرر الامازيغية الثورية التي كانت تقوم هنا وهناك في كامل الشمال الافريقي.
    [CENTER][SIZE=4][COLOR=#000080] [B]"وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ "[/B][/COLOR][/SIZE]
    [/CENTER]

  • #2
    في منتصف القرن الخامس، تقلص النفوذ الروماني وقام الوندال/الفَندال الاريوسيين بغزو المستعمرات الرومانية والسيطرة عليها فدخلوا الى شمال افريقيا بمساعدة الدوناتيين الذين سعوا بهذا التحالف الى التخلص من السيطرة البابوية عقائديا والرومانية سياسيا.
    عاشت هذه القبيلة الجرمانية الشرقية الاصل في ايبيريا التي كان يعتنق اغلب اهلها الاريوسية رغم محاولات روما رومنتها وتغيير اللغة ونشر الكاثوليكية الى ان اخرجهم منها القوط الغربيون Visigoth وقد حملت اسمهم " واندالوسيا/ فاندالوسيا " ثم حول العرب الاسم الى الاندلس فيما بعد استنادا لما ذكره ابن عذاري المراكشي في كتابه البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب: «وقيل أن أول من نزل الأندلس بعد الطوفان قوم يُعرفون بالأندلش (بشين معجمة)، فسميت بهم الأندلس (بسين غي ر معجمة)».
    انطلقوا بعد ان اخرجوا من ايبيريا الى شمال افريقيا حيث اسسوا دولتهم واتخذوا قرطاج عاصمة لها ثم سيطروا على الجزر الرومانية ودخلوا روما وخربوها. عاشوا طيلة قرن في افريقية البروقنصلية في تعايش سلمي مع اهل البلاد لكن نظام دولتهم بدأ يختل سريعا وفي سنة 510 م احتمعت القبائل الامازيغية التي بدأت تستعيد نفوذها وكونت احلافا وقوى مستقلة وامارات مثل امارة الفركساس نسبة لقبيلة الفراشيش-les fraxinenses- في منطقة تالة والقصرين وقامت بمهاجمة المدن وهزت اركان ثقافتها واستقرارها فارتحل بعض الفندال بعد تحالفهم مع ثيودريك العظيم (454 – 30 أغسطس 526 الذي وحد القوط الشرقيين والغربيين والافرنج في فترة حكم كلوفيس الاول في حين امتزج البقية مع السكان الاصليين اصحاب الحضارة المتقدمة عليهم وذابوا فيهم شيئا فشيئا بسبب قلة عددهم مقارنة بسكان شمال بلاد المغرب ولبعض التشابه بين المعتقد الاريوسي القائل بوحدة طبيعة المسيح أي أن يسوع كائن مخلوق له صفات إلهية ولكنه لم يكن إلهاً بذاته والمعتقد الثوري الدوناتي المسيحي المتطرف الرافض للسلطة البابوية والذي يقول عنه المؤرخ الديني البريطاني فريند W.H.C.Frend في كتابه الكنيسة الدواناتية: إن الدوناتية كانت المقدمة لإلغاء الإسلام للمسيحية وللثقافة الرومانية، بالإضافة التفقير التدريجي للمجتمع ألفلاحي الذي ولّد اليأس والثورة، والكنيسة الدوناتية لم تكتف بدعمها وإنما هيجتها: يكفي ملاحظة دعمها لثورة فيرموس، ولعلاقاتها مع الدائريين، لمعرفة أن الدواناتية كانت تمثل العقيدة في شكلها المتطرف .
    دخل الساحة التونسية بعدهم البزنطيون احفاد روما لكن تأثيرهم على الشعب لم يكن هاما ومحاولاتهم احياء عقيدة التثليث لم ينجح وكان تاثيرهم الذي كان نسبيا ومقتصرا على السواحل هشا هزته عدة ظروف صعبة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية التي كان فيها تنازع بين الدين البيزنطي والمذهب القائل بوحدة ذات المسيح وكانت القبائل البربرية في الداخل موزعة بين معتقداتها المحلية والاعتقاد في وحدانية الله بذلك سنحت الفرصة لظهور دين جديد سواء كان تطورا طبيعيا للاريوسية والدوناتية بتتبع التطور الطبيعي للاديان باعتبارها ثقافة بشرية لا دخل لأي قوى فوق طبيعية فيها او كدين قائم الذات آت من الشرق كما يقول المؤمنون. أتي الاسلام في منتصف القرن السابع واحتل الساحة العقائدية بتنوعها واختلافاتها وبدأ انصاره في تعريب البلاد بشكل متفاوت بين الجهات ومحو اللغة اللوبية البونيقية في مجتمع معقد التكوين ومجموعة بشرية خضعت لمؤثرات عديدة وتأثرت بنظم ثقافية متنوعة المصادر.



    هذا الموضوع منقول و به بعض الاراء التي تعبر عن قناعات الكاتبه فقط .



    لمراجع
    البربر - عثمان الكعاك
    مسيحية ضد روما - جميل حمداوي
    تاريخ تونس - محمد الهادي الشريف
    صفحات من تاريخ تونس - محمد الخوجة
    [CENTER][SIZE=4][COLOR=#000080] [B]"وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ "[/B][/COLOR][/SIZE]
    [/CENTER]

    تعليق

    يعمل...
    X