إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الخلافة العثمانية من الإجحاف إلى الإنصاف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الخلافة العثمانية من الإجحاف إلى الإنصاف

    الخلافة العثمانية من الإجحاف إلى الإنصاف

    يُعَدُّ القرنُ السادسَ عَشَرَ من أكثرِ القرون حساسية على العالم الإسلامي،
    ولا سِيَّما في الشرق الأوسط والمغرب الأقصى وشمالي إفريقيا، ورغم هذا استطاع العثمانيُّون بمهارتِهم السياسية والعسكرية أنْ يتسيَّدوه، فبنظرةٍ مُنصفة على خريطة العالم القديم إبَّانَ هذا القرن، سنجدهم قد جاهدوا في أربعةِ مَحاور رئيسة.
    الأول: محور المواجهة المتصاعدة والمحتدمة مع العالم الغربي، ولا سيما وسط أوربا، بهدف وصولِهم إلى بلاد الأندلس بَرًّا وبَحرًا لتحرير المسلمين من الإبادة الجماعية هناك على أيدي الفرنجة المتعصِّبين، ومَحاكم التفتيش الرهيبة، التي نَصَبَتْ لَهم المشانقَ والمحارق الجهنمية.
    المحور الثاني: كان في غرب البحر الأبيض المتوسط؛ حيث كانت أساطيلُ فرنسا وإسبانيا وجنوة تشكل تحالفًا بحريًّا لضرب سواحل شمال إفريقيا واحتلالها.وكانت هذه القوى الصَّليبية البحرية تتصدَّى للسُّفن الإسلامية، التي كانت تَحمل المسلمين الفارِّين مِنَ الْهَوْلِ الصليبي بالأندلس، فكان الأسطولُ العثماني يَخْفِرُ ويتصدَّى لهذه الأساطيل، واستطاع تحرير ليبيا، والجزائر، وتونس، والمغرب الأقصى من الاحتلال الإسباني.
    المحور الثالث: كان في جنوب الجزيرة العربية والخليج العربي والبحر الأحمر؛ حيث كان الخطر البحري البرتغالي يَتهدَّدها، فكان الوجودُ العثماني هناك حمايةً لها؛ لتأمين السفن التجارية الإسلامية في المحيط الهندي، ومياه الخليج، والبحر الأحمر، والأهم حماية مَكَّة والمدينة المنورة، والأراضي المقدسة بالحجاز من الخطر البرتغالي.
    المحور الرابع:
    التصدي للخطر الصفوي الشيعي بإيران، وإحباط مخططات الصفويِّين للاستيلاء على مصر والشام وفلسطين والحجاز، والعمل على التصدي للمذابح الإيرانية للمسلمين السُّنَّة في العراق وأذربيجان ومناطق بحر قزوين.
    لهذا نجد العُثمانيِّين طوالَ القرن السادسَ عَشَرَ كانوا في جهادٍ مُتصل على كلِّ الجبهات المستعرة، التي لم تخمد أُوَارها، رَافعين راياتِ الإسلام، وسائرين على نَهج السَّلَف الصالح، فقد ظهروا أمامَ العالم الإسلامي حُماةً لأهل السنة وقوة إنقاذ لهم.والخلافة العُثمانية مهما قيل عنها إفكًا، أو لاكت سيرتَها بعضُ الأقلام ممن جهل بتاريخها، أو حسن نية، فأفقدها مصداقِيَّتَها بغير حق - فهذه الخلافة قد جاهدت في سبيلِ الله منذ إنشائها عام 1250م، وظَلَّت في رباطٍ لم ينقطع، حتى انطوى تَحت لوائها العالَم المسيحي في شرقي أوربا، ودخل في دينِ الله الملايين من المسيحيِّين هناك، فهي خلافة فاتحة، وَسَّعَت رقعة العالم الإسلامي لأول مرة في تاريخ الإسلام، عندما فتحت أقطارًا أوربيَّة، وإسقاطُها للإمبراطوريَّة البيزنطية كان لطمةً كبرى للغرب، حتى اعتبروا هذا الفتحَ الإسلاميَّ للقسطنطينية بدايةَ العصر الحديث، فلقد أحْيَت عصرَ الفتوحات الإسلامية الكبرى بعد مواتٍ لأكثرَ من خمسة قرون، ومَيْزَة الفتوحات العثمانية أنَّ الذين قاموا بها أتراكٌ مسلمون، وليسوا عربًا، كما كان في الفتوحات الكبرى إبَّان الخلافة الراشديَّة والأُمُوية، وهذا يدُلُّ على أن الإسلامَ قد أصبح عالميًّا.
    بين الصفوية والمملوكية:
    تُعَدُّ الصفويةُ دعوةً صوفية المنشأ، وتنسب لداعيتها صفي الدين عام 1334م، وكان عند بَدْءِ ظهورها تتمركز في مدينة أردبيل بأذربيجان جنوبَ غرب بَحر قزوين، ولَم تلبث هذه الدَّعوة إلاَّ وكشفت عن هُويتها الشيعيَّة في مُنتصف القرن الخامسَ عَشَر، وأصبح أتباعُها إرهابيِّين، واستطاعوا السيطرةَ على بعض القبائل السنية التُّركمانية بجنوب وشرق الأناضول عند أطراف الدَّولة العثمانية، ثم استولوا على غربي فارس.
    وهذه الجماعات الشيعيَّة الإرهابية قَوِيَ نفوذُها، واستطاع قائدها إسماعيل الصفوي تأسيسَ دولة تضُمُّ غرب وشرق فارس والعراق والخليج، وجعل عاصِمَتها تبريز، وأعلن إسماعيل أنَّه شاه فارس وإمام الشيعة، ثم قام بملاحقة المسلمين السُّنيِّين، وأجبرهم على اعتناقِ المذهب الشيعي، وهو المذهب الرسمي للدولة الصفوية.ولم يَكتفِ الشاه إسماعيل بهذا، فقام عن طريقِ عُملائه ببثِّ الرُّعب والإرهاب في المشرق الإسلامي بالهند وأفغانستان ومصر والشام، حتى استطاعَ عُملاؤُه اختراقَ بلاط السَّلطنة المملوكية وقيادة الجيش؛
    للتَّمهيد للانقلاب الشيعي المزمع قيامه ضِدَّ السلطان قنصوة الغوري، الذي لم ينتبه لهذه الخطة التي استهدف بها الصفويُّون الاستيلاءَ على مصر والشام وفلسطين والحجاز واليمن، وكلها كانت أقاليمَ تتبع السَّلطنة المملوكية بالقاهرة، وكان الصفويُّون عن طريق جواسيسهم قد أيقنوا أنَّ السلطنةَ المملوكية مفلسة.
    فالسلطنة المملوكية في مَطلعِ القرن السادسَ عَشَرَ شهدت صراعاتٍ دَموية بين السُّلطان وأمراء المماليك الذين انشقُّوا عليه، وكان الجيشُ السلطاني يُعاني جنودُه الجوعَ، وعدمَ التدريب أو التسليح، حتى ساءت أحوالُهم، وعَمَّ الكسادُ الاقتصاديُّ كُلَّ ديارِ السلطنة بعدما توقَّفت قوافلُ التجارة العالميَّة عَبْرَها، وساد التخلُّف الاجتماعي، وتفشَّى الظلمُ للفلاحين والتُّجَّار الذين كانوا يعانون من الضرائب المتزايدة، وكانت البلادُ في فوضى، وعساكرُ المماليك لا هَمَّ لهم سوى النهب والسلب والاعتداء على الأعراض، والتعرُّض للنسوة في الشوارع.
    النجدة العثمانية:
    وأمام هذه الأوضاع المتردية، والتهديدات المتلاحقة لسفن القراصنة الفرنجة للسواحل الشامية والمصرية - انبهر المصريُّون والشاميُّون بأنباءِ الانتصاراتِ المُذهلة التي كان يُحققها العثمانيُّون في مواجهاتِهم للغرب، وفَشِلَ الصفويون في الترويج لدعوتِهم في ديارهم؛ لسوء سمعتهم في العالم العربي؛ لممارستهم القمعية ضِدَّ المسلمين السنة، فتطلعت الشعوبُ العربية من أقصى الصومال حتى المغرب العربي وأعالي الفرات والعراق لمجيء العُثمانيِّين، كحُماة لأهل السنة، ولم يكونوا بغافلين.ففي عام 1512م كان العُثمانيون في مُواجهةٍ بَحرية ضد البنادقة، الذين كان أسطولهم يُداهِم السواحلَ العثمانية بالبحر الأبيض المتوسط، وكان السُّلطان العثماني سليم الأول يقود جيوشَه للتصدي لهذا الخطر، فاجتاحَ أسطولُه جزيرةَ قبرص وليانتو ومدون وكورن على الساحل الغربي لليونان لتأمين قواتِه البرية هناك، ووصل البندقية (فينيسيا) في أعلى بحر الأدرياتيك واحتلها، وتَقَدَّم بقواتِه بَرًّا إلى (فستزا)، وهذا ما جعل البنادقة يطلبون الصلحَ نظيرَ دفع الجزية.
    وعلى صعيد آخر استغل الصفويُّون انشغالَ السلطان سليم في حروبه ضِدَّ الغرب، فأشعلوا الحربَ لصالح فرنسا والبابوية بطول خطِّ المواجهة على الأناضول العثمانية؛ للضَّغط على سليم لسحب قواتِه التي كانت تُهدِّد إيطاليا وسواحلها الجنوبية، التي كانت خاضعةً للحلف الإسباني الفرنسي، واضطر السلطانُ سليم إلى العبور بقواتِه من أوربا للتصدي للصفويين عام 1514م، وطلب من السُّلطان قنصوة الغوري السماحَ لقواتِه بالعبور من إقليم آلبستان الذي كان يتبعُ السلطنةَ بالقاهرة؛ حيثُ يقع على أطرافِ الشام المملوكية، وليقصر المسافة على قواتِه المنهكة من السير الطويل، وتوفيرًا للوقت؛ حتى يتمكنَ بسُرعة من دخول الأراضي الصفوية؛ للتخفيفِ عن مُسلمي السنة الذين هاجمهم الصفويُّون وذبحوهم، لكن قنصوة رَفَضَ وأهان رُسلَ العثمانيِّين وسجنهم؛ لأنَّ الأمراءَ عملاءَ الصفويِّين حذروه وأوعزوا له بالرَّفض؛ إرضاءً للصفويِّين، الذين وَعَدوه بنجدتِه لو هاجم العثمانيُّون سلطنتَهم، وكان رُسُلُ الصفويين قد وصلت لقنصوة، وأبلغوه بهذا المعنى.
    وأمام هذا الرفض غَيَّرَ السلطانُ سليم اتجاهَ المجهود الرئيس لقواتِه، ودخل الأراضي الصفوية من جنوب شرق الأناضول؛ حيث داهم إقليمَ كاليدران، وألْحَقَ الهزيمةَ بإسماعيل الصفوي، وتقدَّم بقواتِه حتى دخل تبريز عاصمة الصفويين واحتلَّها، بعدها عاد واستولى على ديار بكر والموصل وأجزاء من كردستان، وهذه كلُّها أراضٍ سُنِّيَّة كانت تحت الخطر الصفوي، وعاد إلى آلبستان التي انشقَّت على قنصوة واحتلها، وأصبحت قاعدةً حربية للجيش العُثماني على الحدود الصفوية والمملوكية، ومُهمتها حمايةُ أهلِ السنة من الخطر الشيعي الصفوي المتربص بالدَّولة المملوكية في أعالي نهر الفرات جنوب شرق حلب المملوكية، هذه الحقيقة لم ينتبه لها قنصوة؛ لأنَّه لم يكن بعيدَ النظر.
    العثمانيون يدخلون مصر:
    كان العثمانيُّون لهم مفهومهم في الجهاد حسب مذهبِهم الحنفي؛ لهذا كانوا مُلتزمين بتطبيق الشرع، ولا سيما فرضية الجهاد، فعندما يكون الجهاد فرضَ كفاية دافعوا عن ديار الإسلام، ولم يَحتلوها إلا لضرورةٍ قتالية أو دفاعية، وعندما حاربوا الصَّفويِّين؛ ليدافعوا عن الإمارات التركمانية السنية على حدود الأناضول، حَمَوْها من خطرِ الصفويِّين، وانسحبوا منها ومن الأراضي الفارسية الصفوية؛ لأنَّها ديارُ إسلامٍ لا ديار حرب، ولو كانوا راغِبين في التوسُّع بالعالم الإسلامي، فقد كان الطريقُ مفتوحًا لهم حتى دلهي بالهند، لكنَّها ديار الإسلام يَحرُم عليها الإغارةُ عليها، وكانت شعوبُ وسط آسيا إماراتٍ تركمانية وخزرية وأوزبكية مُسلمة؛ لهذا لم يستولوا عليها، فكان هدفُهم الجهادَ في سبيل الله، وتوسيع رقعة الإسلام في أوربا الوثنيَّة والمسيحية بتأمين العالم الإسلامي من الخطر الصليبي.
    لكن في عام 1516م اتَّجَهَ قنصوة الغوري بِجَيشه، حتى وصل إلى مدينة حلب على حدود الشام؛ لتهديد العُثمانيِّين، والضغط عليهم في إقليم آلبستان، وكان هذا بالتنسيق مع رُسُلِ إسماعيل الصفوي؛ ليُشكِّلَ حلفًا ضد السلطان سليم، فسنان باشا - قائد الجيش العثماني الذي أصبح بين شقي الصَّفويِّين والمماليك في مُواجهة عسكرية - أرسل رسالةً عاجلةً للسلطان سليم الأول يبلغه فيها بالموقف العسكري، والتحرُّكات المملوكية على حدود السَّلطنة العثمانية، فأتى سليم على عجل لسهل آلبستان بعدما أرسلَ رُسُلَه لقنصوة يطلب منه عقدَ معاهدةِ سلام بينهما، لكن قنصوة كعادته سجن الرُّسلَ، ولم يرد على رسالةِ السلطان سليم.والعثمانيُّون كانوا على بَيِّنَة من الضَّعف العسكري لقواتِ المماليك، وكان على السلطان سليم أنْ يَختار القرارَ الأصوب، وهو القضاء على الخطر المملوكي؛ حتى لا يطعنه الصفويُّون المتنمرون له، ولا سيما أنَّهم اخترقوا حاشيةَ قنصوة وسَيَزِجُّون به للحرب لحساب الصفويين الذين على خط المواجهة.
    ففي أكتوبر 922هـ/ 1516م عَبَرَت القواتُ العثمانية الحدودَ،
    وتقابلت مع قنصوة في مرج دابق قُرْبَ حلب، وبعد ساعاتٍ قُتِلَ قنصوة؛ ليبدأ العدُّ التنازلي لسقوط دولة المماليك بمصر والشام والحجاز، وأعلن طومان باي نائبُ قنصوة نفسَه سلطانًا، وسار سليم بعد المعركة وسط ترحيب الشاميِّين به؛ حيث كان الطريقُ مفتوحًا أمام قواته للقاهرة، وكان الجيش العثماني مجهزًا بالأسلحة الحديثة، ومُدربًا على المعارك، بينما تشتَّتت القواتُ المملوكية بعدما أعلن أمراءُ المماليك ولاءَهم للسلطان سليم، وانضموا لجيشه.
    ولم يكن السلطانُ سليم راغبًا في احتلال مصر، فعندما وصل غَزَّة توقَّف؛ ليعود من حيث أتى، وأرسل لطومان باي رُسُلَه يبلغه أنَّه اختاره حاكمًا، لكنَّه أرسل قواتِه فهزمها سليم، واتَّجه بعدها إلى القاهرة، وتلاقى طومان باي مع العثمانيِّين في الريدانية (العباسية) عند مشارف القاهرة، لكنَّ المماليك لم يصمدوا ساعةً، وهرب طومان باي لمدينة البهنسا، لكن العربان قبضوا عليه، وسلَّموه للسلطان سليم، وأعْدَمه على باب زويلة بعدما عرضَ عليه حُكْمَ مصر ورفض.
    وبعد دخول العثمانيِّين للقاهرة كانت صلاة الجمعة في اليوم التالي، ووقف الخطباءُ فوق منابر القاهرة يدعون: "اللهم انصُرِ السلطانَ ابن السلطان سيد البرين والبحرين، ومحطم الجيشين، سلطان العراقين وحامي الحرمين الشريفين المنتصر الملك سليم شاه، امنحه يا ربَّ العالمين القوة؛ ليسودَ العالم".وخرج المصلون من صلاتِهم وهُم في ذُهُول؛ لِمَا سمعوه ولم يصدقوا أنفسَهم أنَّهم قد تخلصوا من المماليك الظالمين.
    الإسلام هو القومية:
    من الخطأ التاريخي أن نحمَّ على دخولِ العثمانيين للعالم العربي من منظورٍ قومي عربي أو بيئي؛ لأنَّ دُعاة القومية العربية قد أرهصوا بأنَّ الوجودَ العُثماني كان لتحقيق السيادةِ العنصرية التركية على العُنصرية العربيَّة، واعتبروه إمبريالِيَّةً واستعمارًا، وهذه النَّعْرَة قد روَّج لها الكُتَّاب المارونيُّون في الشام، ففي القرن الماضي أدخلوا مصطلحَ العروبة في كتابَتِهم، كدعوة إيديولوجية مستترة لضرب الخلافةِ العثمانية؛ لأنَّها رمزٌ للخلائف الإسلامية الكبرى، وهؤلاء المارونيُّون قد ظاهروا الصليبيين والفرنسيين عند احتلالهم للشام، بل كانوا يُشكِّلون طابورًا خامسًا لحساب الأعداء أيام نابليون.
    فدخول العثمانيِّين العالَمَ العربي في القرن السادسَ عَشَرَ كان لضرورةٍ فقهيَّة، وإستراتيجية دينيَّة وسياسية؛ لأنَّ الإسلامَ لاَ يعرفُ العرقية أو العُنصرية، ولا يقرُّ بالقبلية أو النعرة الإقليمية، فأُمَّته أمة واحدة، والعالم الإسلامي كله هو دياره.وحماية هذه الديار ضِدَّ الكفار فرضٌ على كل مسلم في البوسنة، أو حتى في الإسكيمو، ودفع الضرر عن جماعة المسلمين فرضيَّة جهادية إذا اقتضى ذلك لا تسقط، أو يكفر المسلم عنها.فلا يُمكن لدولةٍ سُنية عُظمى كالخلافة العُثمانية أن تقفَ مكتوفةَ الأيدي؛ لتترك العالَمَ الإسلاميَّ نَهبًا وطَمَعًا للمتربصين به من أعداء الإسلام.
    إعلان الخلافة العثمانية:

    بعدما دخل سليم القاهرة أعلنَ سقوطَ الخلافة العباسية الثانية بها، وأخذ معه الخليفة للأستانة؛ حيث تنازل له عن الخلافة، وفي عام 1538م أعلن السلطانُ سليمان القانوني الخلافةَ العثمانية، ولَقَّبَ نفسَه بخليفة المسلمين، وأعلن أنَّ هذه الخلافة سُنية ومذهبها الرَّسْمي المذهبُ الحنفي، كما أعلن الجهادَ في سبيل الله، ولَقِيَ هذا الإعلان صدًى واسعًا في كل أرجاء العالم الإسلامي؛ لأنَّ هذا الإعلان كان من صَدرِ قوة، وإحياء للخلافة الراشدية، ولا سيما أنَّ المقدسات الدينية بمكة والمدينة والقدس كانت تحت حماية الخلفاء العُثمانيِّين، وهذا ما أضفى عليهم مكانةً دينية، وعندما أصدر سليمان (قانون نامه) (دستور الدولة العثمانية)، جَعَلَ فيه الشريعة الإسلامية مصدرَ هذه القوانين؛ لهذا طَبَّقَ المذهب الحنفي على أهلِ الذِّمَّة الذي كفل لهم حقوقهم.
    فجعل لكلِّ مِلَّة رئيسًا (ملة باشا) يَختاره أهلُ الملة، ويصدر بتعيينه فرمان يُخوِّله الإشرافَ على شؤون ملته الشخصيَّة والدينية، وجعل للمسلمين شيخًا للإسلام ومقره الأستانة، ويتبعه كلُّ المُفْتِين وقضاةُ القضاة في كُلِّ الولايات العُثمانية، وهؤلاء يشرفون على المؤسسات الدينية الإسلامية والمساجد والأئمة والمحاكم ودُور العلم.
    وأخيرًا:
    فهذه صورة الخلافة العثمانية في القرن السادسَ عَشَرَ، عندما كانت في أوجِ عظمتها السياسية والاجتماعية والعسكرية، وما كتب عنها هو شَهَادة حَقٍّ، ولا سيما أنَّها كانت مظهرًا من مظاهر عظمة الإسلام، وهذا لا تدعيه، ولكنَّها الحقيقة الدامغة التي أقَرَّ بها المؤرخون المنصفون لها.
    د.محمد احمد عوف







    من عاش عمراً طويلاً له الخبرة و الحكمة في الحياة، فالحياة ما هي إلا مسرح و الجميع ممثلون فيها ، و كلٌ يلعب دوراً في سيرها، لذلك للكل بصمة خاصّة به يضعها لكي يفيد بهاالآخرين.

  • #2

    الاخوة الاعزاء

    تم فتح موضوع فى منتهى الاهمية ويمس حالنا جميعا كعرب مسلمين حيث اننا جميعا نقيم في الماضي ولا نهتم بحاضرنا ولاندرى شيئا عن مستقبلنا


    اننا من أكثر شعوبِ العالمِ فخراً بماضيها …
    ومن جهةٍ ثانية، فإن ملايين المفتخرين بهذا الماضي يكادون أن يكونوا جميعاً من غير العالمين بهذا الماضي ناهيك عن العلم العميق بسائر جوانبه …
    ومن جهةٍ ثالثة، فإن هناك خلطاً دائماً بين هذا الماضي والحاضر …

    أما كوننا من أكثرِ شعوبِ العالم فخراً بماضينا، فأمرٌ لا يحتاج للإثبات، إذ أن مطالعةَ جريدة أو مجلةٍ أو مشاهدةِ أي برنامج تليفزيوني تنبئ بهذا القدر الهائل من الفخرِ بالماضي، فنحن في حالةِ تذكيرٍ مستمرةٍ للدنيا وللآخرين ولأنفسِنا بأن ماضينا أعظمُ ُ من أي ماضٍ لأية أمةٍ أخرى.

    ومن المؤكد، أن ماضينا متميزٌ ولكن من المؤكد أن هذا الماضي يضم صفحات بيضاء كما أنه يضم أيضاً صفحاتٍ سوداء. والوقوف على الصفحاتِ البيضاءِ والسوداء في ماضينا من الأمور التي تستغرق أعماراً كاملة لأشخاص وهبوا أَنفسَهم لدراسةِ هذا التاريخ . وبالتالي، فإن حديثنا الذي لا يتوقف عن ماضينا يعيبه من الناحية الموضوعية أنه يفترض أن صفحاتِ هذا الماضي كانت كلها بيضاءً ناصعةً وهذا غير صحيح. كذلك فإن ظاهرةَ التغني المستمر بالماضي تحتاجُ للتفكير والدراسة فمن غير الطبيعي أنَّ لا يكون هناك توازنٌ بين الفخر بالماضي والانشغال بصنع حاضر ومستقبل مجيدين .
    لاشك أن هناك خللا في تفكيرنا في هذه المسألة إذ أن الانشغال بصنع الحاضر والمستقبل يعتبر متواضعاً إلى جانب الإنشغال بالتفاخر بالماضي.
    كذلك فإن افتراضَنا أننا الوحيدون الذين يملكون ماضياً مجيداً هو الآخر أمرٌ مخالفٌ للواقعِ والثابتِ. فكما أن من حقنا أن نفخر بتاريخنا الاسلامى القديم فإن أبناء وأحفاد الإغريق والرومان هم أيضاً أصحاب حضارة وماضٍ مجيد ولا يحق لمن يحترم الحقائق التاريخية أن يستهين بهما كما انهم لا يفعلون مثلنا .
    وفى اعتقادي أن واقعنا البائس هو ما يدفعنا باستمرار للتغني والتفاخر بالماضي، كأننا نشعر أنه بدون ذلك الماضي فإن المعادلةَ ستكون مختلةً وفى غير صالحنا. والمنطقي، أن نفتخر بجوانب عديدة من ماضينا افتخاراً متزناً غير مشوبٍ بالحماسةِ الزائدة والتعصب على أن يكون هناك فخر متوازن بمعطياتِ الحاضرِ ومكونات المستقبل.
    وإذا كان العربُ هم الذين اطلقوا المقولة الشهيرة والصائبة والتي تقول:
    (ليس الفتى من يقول كان أبى، وإنما الفتى من يقول هأَنذا)
    فإن الأمرَ هنا يكون بغيرِ حاجةٍ منى لمزيد من الشرحِ ِ.

    ومن جهةٍ ثانيةٍ، فإن افتخارَ معظمنا بماضينا يعطى الإحساس بأننا نعلم الكثير عن هذا الماضي. والحقيقة أن السوادَ الأعظم منا لا يعرف أي شيء إلا الشعارات العامة وما يتم نقلة من مواضيع على النت عن ماضينا وتاريخنا. بل أنني أزعم أن الأغلبية العظمى من المتعلمين تعليماً عالياً بمجتمعنا لا يعرفون الترتيب الزمن للخلفاء الامويين او العباسيين رغم أن معرفة ذلك لا تعنى أي تخصص في تاريخنا القديم . ولكن عدم المعرفة بها يعني الجهل التام بأبسط المعارف التاريخية وهو ما يجعل الافتخار الحماسي بهذا الماضي (ممن لا يعرفون أي شيء عنه) ظاهرةً عقليةً ونفسيةً تحتاجُ للدراسةِ والتحليلِ.

    أرجوا التفاعل من الأعضاء لأنني أراها قضية هامة
    بل أنها هامة جداً


    تعليق


    • #3
      من لم يكن له ماضي فلن يكون له حاضر.


      { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ }


      الآيات آل عمران110


      هذه الآية الكريمة دليل قاطع على اننا خير وافضل الامم على الاطلاق فلا وجه للمقارنة بيننا وبين أبناء وأحفاد الإغريق والرومان او غيرهم!

      اما من حيث الافضلية في الامة الاسلامية فهم الصحابة الكرام والثلاثة القرون من بعدهم.فإن لم نفتخربهم فبمن عسانا نفتخر يا ترى!

      روى البخاري (2652) ، ومسلم (2533) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ ) .

      قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
      " قوله: (خير الناس) دليل على أن قرنه خير الناس، فصحابته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل من الحواريين الذين هم أنصار عيسى ، وأفضل من النقباء السبعين الذين اختارهم موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
      وهذه الأفضلية أفضلية من حيث العموم والجنس ، لا من حيث الأفراد ، فلا يعني أنه لا يوجد في تابعي التابعين من هو أفضل من التابعين ، أو لا يوجد في التابعين من هو أعلم من بعض الصحابة ، أما فضل الصحبة ، فلا يناله أحد غير الصحابة ولا أحد يسبقهم فيه ، وأما العلم والعبادة ، فقد يكون فيمن بعد الصحابة من هو أكثر من بعضهم علما وعبادة " .
      انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (10/ 1057-1058) .

      فلهاذ يجب علينا ان ننظر دائما الى من هم افضل منا من أمثال هاؤلاء الذين صنعو لنا ما ضينا المشرقوأن نقرا ونعرف و نبحث كيف صنع الأجداد التاريخ ، وما ابرز صفاتهم القيادية ، وفطنتهم في العيش ، والتزامهم بالدين الحنيف منهج وسلوك ، وليس باتباع العورات والنبش عن الزلات ونشر سلبيات من صنعوا لنا المجد والتعمق فيا ! فقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال ( اذكروا موتاكم بخير) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، فحين نعرف المواقف العظيمة لأبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي رضي الله عنهما أو علماء وخلفاء المسلمين عبر التاريخ تتسع صدورنا للتسامح والاقتداء بهم والتوحد والإخوة تحت راية هذا الدين . حين نقرا التاريخ الإسلامي نشعر بالفخر والاعتزاز بكل رجاله ، فالجميع ساهم في بناء حضارة الإسلام ، ولا ينبغي أن نقلل من شان احد ، فللصحابة رضوان الله عليهم دور خاص وعظيم في بناء الدولة الإسلامية بمعية الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكذلك الخلافات الإسلامية المتعاقبة بداية من الأمويين وانتهاء
      بالعثمانيين ،
      كيف يحق لنا الانتقاص من دور أي من أولئك الذين بفضلهم نفخر ، بل وصرنا أصحاب حضارة حتى وان كانت في الماضي فهذا بفضلهم .

      كيف يراء البعض في الصحابة رضوان الله عليهم مغتصبين للسلطة !!! بل ويتعدى ذلك إلى شتمهم !! ولا حول ولا قوة إلا بالله مستمدين تعصبهم ذلك إلى بعض كتب التاريخ ؟! نسي هؤلاء أن الصحابة يكفيهم فخرا مصاحبة الرسول عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم ، لماذا نقرا تاريخ يجرنا إلى الحقد، ما الفائدة من قراءة مواضيع تذكر سلبيات الصحابة رضوان الله عليهم، إن كانت فعلا هنالك سلبيات! كان الأجدر بنا ولأمتنا ولأنفسنا هو قراءة المواقف البطولية الخالدة التي صدرها الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، مالنا ومال معرفة أن فلان وعلان كان كذا وكذا ....الخ ما يجب علينا معرفته هو أن هاؤلاءالرموز قادوا الفتوحات الإسلامية ووسعوا ارض الدولة الإسلامية وكفى ،ما الفائدة من القراءة عن السلبيات التي نحن في غنى عنها ، يقرءا البعض التاريخ بل ويتعمق في سلبيات بعض رموزنا التاريخية ، الذين سيحاسبهم الخالق جل وعلا ، ولهم ما كسبوا ولنا ما كسبنا .
      ما يجب أن نقراءه من التاريخ هو ايجابيات المسلمين حكام ومحكومين ، والتغاضي وإهمال سلبياتهم لان ذلك لا يؤدي إلا إلى التخلف والانحطاط بل والى إيقاظ الفتن ، التي يكون الملعون هو من أيقضها.


      من عاش عمراً طويلاً له الخبرة و الحكمة في الحياة، فالحياة ما هي إلا مسرح و الجميع ممثلون فيها ، و كلٌ يلعب دوراً في سيرها، لذلك للكل بصمة خاصّة به يضعها لكي يفيد بهاالآخرين.

      تعليق


      • #4
        سلسلة تباهي العرب اليوم بما ليس لهم وتفاخرهم بما لم يصنعوا وقولهم بما لم يفعلوا كمثل دعوى أنهم أسسوا الحضارة الغربية بفكر أمثال ابن سيناء في الفلسفة والطب والبيروني في الفلسفة والرياضيات والخوارزمي في الرياضيات والفلك وأنهم أسسوا في الطيران بأسطورة عباس بن فرناس.

        وللاسف معظمهم لم يكن من العرب ولكنهم مسلمين .

        تعليق


        • #5
          مما لا شك فيه أن اليهود والغرب وعملاءهم نجحوا في تشويه صورة الدولة العثمانية عبر تزوير التاريخ ، فقد قامت العديد من الدول العربية المستعربة بالترويج لأكاذيبهم متذرعين بالقومية العربية التي أنشئوها ، وأي قومية هذه التي أضاعت البلاد والعباد .

          لقد حملت الدولة العثمانية منذ أن بزغ فجرها هموم الأمة الإسلامية بكل فخر واعتزاز ، وسَعَت بكل ما أوتيت من قوة إلى رعاية هذه الأمة وتأمين أمنها وراحتها وسلامتها في كل نواحي الحياة .
          كما حرصت كل الحرص على نصرة الإسلام ونشر مبادئه وقيمه في أرجاء المعمورة، ثم رفعِ رايته خفاقة مقتدين بنهج رسولهم صلى الله عليه وسلم ومتبعين سنته أفضل اتباع .

          تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

          قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
          "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
          وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة صباحو مشاهدة المشاركة
            مما لا شك فيه أن اليهود والغرب وعملاءهم نجحوا في تشويه صورة الدولة العثمانية عبر تزوير التاريخ ، فقد قامت العديد من الدول العربية المستعربة بالترويج لأكاذيبهم متذرعين بالقومية العربية التي أنشئوها ، وأي قومية هذه التي أضاعت البلاد والعباد .

            لقد حملت الدولة العثمانية منذ أن بزغ فجرها هموم الأمة الإسلامية بكل فخر واعتزاز ، وسَعَت بكل ما أوتيت من قوة إلى رعاية هذه الأمة وتأمين أمنها وراحتها وسلامتها في كل نواحي الحياة .
            كما حرصت كل الحرص على نصرة الإسلام ونشر مبادئه وقيمه في أرجاء المعمورة، ثم رفعِ رايته خفاقة مقتدين بنهج رسولهم صلى الله عليه وسلم ومتبعين سنته أفضل اتباع .
            إن مشكلة هذه الأمة: عدم وجود العلماء الربانيين الذين يأخذون بنواصي أفرادها إلى الخير، ولو أن كل مسلم أمعن النظر في هذه المصيبة التي ابتلي المسلمون بها الآن أقل ما يمكن أن يفعله أن يريق الدموع، أما الأسى والحزن فهذا محله القلب، وإلا فهذه الرءوس الكثيرة جداً في عالم المسلمين اليوم الجاهلة، التي تأخذ بنواصيهم إلى كل شر، ولا أدري بأي قرآن أو بأي سنة أو فهم لأصول المسلمين ينظر هؤلاء إلى النصوص الشرعية!
            من عاش عمراً طويلاً له الخبرة و الحكمة في الحياة، فالحياة ما هي إلا مسرح و الجميع ممثلون فيها ، و كلٌ يلعب دوراً في سيرها، لذلك للكل بصمة خاصّة به يضعها لكي يفيد بهاالآخرين.

            تعليق

            يعمل...
            X