إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السبي الاشوري والتهجير القسري لليهود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السبي الاشوري والتهجير القسري لليهود



    السبي الاشوري والتهجير القسري






    السبي الاشوري والتهجير القسري





    السبي الاشوري والتهجير القسري لليهود



    يعتبر أقدم وجود لليهود في العراق زمن الإمبراطورية الآشورية الأخيرة التي دامت حوالي ثلاثمائة عام , فقد لعبت هذه الإمبراطورية دوراً في تحطيم
    مملكة يهوذا وسبي السكان اليهود إلى أماكن جبلية في بلاد آشور ( كردستان العراق وإيران وتركيا), حيث أكد الدكتور أحمد سوسة في كتابة " حياتي في نصف قرن " ص83 : ( فقد نمكن شلمنصر الثالث (859 – 824 ق.م) من إخضاع الآراميين والفينيقيين وإسرائيل , ثم الحملة الثانية الذي قام بها ملك آشور " تجلات بلاشر الثالث( 746-727ق.م) بحملة على مملكة إسرائيل واستوى على أراضيها ما عدا السامره وضمها إلى آشور وحملً سكانها اليهود إلى الأماكن الجبلية النائية من المملكة وأحل محلهم سكان من أقاليم أخرى .

    كما وقام الملك شلمنصر الخامس (727-722ق.م) بحملة على مملكة إسرائيل ومحاصرة عاصمتها السامره , فقد أجلى قائد الجيش بعد وفاة الملك شلمنصر الخامس ما يقارب 27290 نسمة إلى المناطق الجبلية في مملكة آشور وكذلك الملك سنحاريب (705-681ق.م)فقد قام بحملة على مملكة يهوذا وأخذ من اليهود مائتي ألف نسمة إلى أماكن جبلية بعيدة).
    بعد استقرارهم في كردستان وجبالها كوًنوا لهم قرى خاصة بهم وانسجموا مع التجمع الكردي والبعض قد اندمج مع السكان الوثنيين والديانة النصرانية عند ظهورها , فقلدوا الأكراد في خط حياتهم إذ يمارسون أعمال الزراعة وتربية المواشي تحت حماية رؤساء القبائل الأكراد مقابل دفع الجزية لهم , فقد انتشروا في مناطق كردستان العراق كالعمادية وكفري ودهوك وعقره وزاخو والزيبار وبرواري العاليا والسفلى والمزوري والدوسكي , فقد عمل البعض في صياغة الذهب والتجارة والحياكة والبعض عمل في مجال حقول الزراعة وتربية المواشي .

    لم يكن عددهم في تلك الهجرة الجماعية يزيد على أربعة آلاف نسمة , غير أن الكثير من الباحثين يحددون تأريخ ظهور أول مجموعة يهودية في العراق في أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع قبل الميلاد , وإن هذا التأريخ يأتي متطابق مع تأريخ السبي الآشوري إلى شمال العراق بحدود عام ( 626 ق.م) طبقاً لسياسة الإمبراطورية الآشورية في تشتيت الأسرى الواقعين تحت سيطرتهم إلى عدت مناطق نائية منعزلة عن أي تجمع سكاني قريب آخر , ويلاحظ إن بعض المؤرخين كان يظن إن الأسرى من السبي البابلي التقوا بأبناء جلدتهم من الأسرى الآشوري , فيوسف غنيم مؤلف كتاب (نزهة المشتاق في تأريخ يهود العراق) يقول : " إن قوافل من السبي البلبي شاهدوا أبناء جلدتهم جالية ضخمه من أعقاب شلمنصر وسنحاريب وأسرحدون فتعانقوا معانقة أعز الأخوان وتعاونوا في منفاهم على حفظ كيانهم وصيانة تقاليدهم من كل مس".

    ويذكر الرحالة الانكليزي ( ولستد) إن في بغداد وحدها حوالي سبعة آلاف يهودي , علماً أن رحلة السيد ( ولستد) كانت في عام 1830 وفي مطلع القرن التاسع عشر قدر عددهم في بغداد حوالي 2500 أسرة يهودية , أما في السليمانية فقد قدر عددهم ب(300) أسرة وهم موجودون في مدن أخرى منها العمادية بنسب مختلفة في ذلك الوقت وفيها لهم كنيسان فوق قلعتها وكذلك في (صندور) وفي (بيت النور) كنيس آخر وفي عام 1620 إذ اهتم اليهود في هذه المنطقة وتمركزهم فيها بسبب تواجد ضريح داود بن يوسف بن أفرام المتوفى عام1620م ويدعى( ابن حران) وإلى جانبه زوجته( الست نجاد), ولهم جالية في معبد في كفري , ويذكر يوسف غنيمة :"إن حكومة الاحتلال قامت بإحصاء لسكان العراق عام1924 فكان عدد يهود العراق 87448 نسمة موزعين على خمسة عشر مدينة عراقية أكبرها مدينة بغداد حيث كان يقطنها 50000 خمسون ألف يهودي وأقلها مدينة كربلاء حيث كان اليهود فيها لا يتجاوزون المائة وستون فرداً , أما في إحصاء عام1947 فلقد بلغ تعداد اليهود في العراق 117877 مائة وسبعة عشر ألف وثمانمائة وسبعة وسبعون نسمة , بينهم عدد كبير من الأغنياء وذوي الاختصاصات , وكان لليهود مقبرة خاصة تقع في شارع الشيخ عمر".

    شهدت مدينة كفري عبر مراحل التأريخ منذ أن كانت عاصمة لدولة مستقلة تحمل اسم( كيماش) في العهد البابلي وأعطت لكل العهود رجال أفذاذ وشخصيات مهمة غير إنها ظلت علماً منسياً ولم تكن أن تتعلق بحاشيته الزمن , وكلمة كفر كما يذكر في المنجد تطلق على نوع من القار يستخدم في طلاء السفن والبواخر, ويلاحظ في أطراف المدينة وأطلالها مناجم عملاقة للفحم الحجري , حيث استخرج العثمانيون الفحم منها في الحرب العالمية الأولى لتشغيل المكائن والآلات والقاطرات وكذلك لأمور التدفئة وإدامة السفن , لكن الأستاذ طه باقر يعتقد إن كلمة كفر متطورة من كلمة كار البابلية , والأديب نريمان يعتقد إنها تعني الفحم , والأستاذ جمال بابان مؤلف كتاب (أصول أسماء المدن والمواقع العراقية) يؤكد إن كفر كلمة تطلق على نوع من الأشجار الدائمة الخضرة كانت غابات تغطي المنطقة قديماً وهذا ما يؤكده الأستاذ مكرم الطالباني ابن المدينة ووزير ري سابق.

    تخبرنا المصادر التأريخية أن هذه المدينة كانت مركزاً لدويلة مستقلة تسمى (قوشة جابان)حيث كان موقعها آنذاك في ( أسكي كفري) شمال المدينة ولا زال آثار التهري والدمار والانهيار ماثلة للعيان, كما فيها شواهد لموقعة(قزلر قلعسي) التي تدور حولها والأساطير والقصص المشوقة وموقعة (7 مغارة) حيث المعابد الزرادشتية السبعة المتلاصقة أحدها بالآخر ولكنها قد نسفت بالديناميت من قبل العابثين لسرقة آثارها أيام النظام السابق , وهنالك مواقع أثرية أخرى منها موقعة ( دربندي تالا) وموقع( آسكي كفري) ومغارة ( كوبان) وقلعة (شيروانة ) الرائعة في بنكرد المسمى ب( دامش أتان).

    كفري تشتهر ببساتينها الغناء , وكانت قديماً ملتقى الطرق التجارية إلى جانب موقعها الستراتيجي والصناعي حيث تقع في منتصف الطريق التجاري القديم من بلاد فارس إلى بغداد حيث كثرت حانات المسافرين للاستراحة وألتبضع في آن واحد.
    يبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة وأغلبهم من الكورد والتركمان وكانت تسكن أقلية يهودية من (26) عائلة حسب ما ورد في ( أخبار كفري وحوادثها من 1940 إلى 1960) للأستاذ هاشم سيد أحمد , إذ تمتهن العوائل اليهودية الصيرفة والأعمال التجارية ولهم توراة كدار للعبادة لا زالت قائمة ولكن استخدمت فيما بعد تسفير اليهود كأستوديو للتصوير من قبل أحد الأهالي, وفي هذه المدينة مقبرة في موقع (دربندي تالا) تعرضت في سنوات الحصار إلى العبث من قبل البسطاء ظناً منهم إن قبور اليهود تضم ذهباً إلى جانب رفاة الموتى.

    ويذكر السائح والصحفي الألماني ( توماس شميد نيكر) إن (كفري كانت مدينة تجارية قديمة تضم جالية يهودية كبيرة تعد الثانية بعد بغداد , وكانت هذه الجالية تعيش إلى جانب الأهالي الكورد والتركمان بحيث بلغت نسبتهم ربع سكان المدينة وثالث فئة فيها وتربطهم علاقات المحبة والمعرفة فيما بينهم , ويتصف أهل كفري بالتسامح ولا زالت هذه التقاليد باقية إلى الخمسينات من القرن الماضي ),وعند دعوة الحكومة الملكية العراقية عام1950 لإسقاط الجنسية العراقية عنهم كان عدد اليهود في كردستان حوالي 13000 نسمة , أسقطت الجنسية العراقية عنهم وهجًروا إلى إسرائيل وجمدت أموالهم المنقولة وغير المنقولة عنوه ,بعد أن كان التعايش والتسامح سائداً بينهم وبين المسلمون ويعيشون بينهم سوية في تلك المدينة , أما العرب فقد وصلوا المدينة عندما بدأت حملات السلب والنهب لأموال اليهود التي بدأت في بغداد وامتدت إلى المدن التي تحوي اليهود ومنها كفري للمساهمة في نهب أموال اليهود المهجًرين.

    لقد رفضوا يهود كفري استقبال خبر تأسيس دولة يهودية في فلسطين عام 1948 , واعتبروها كيات صهيوني معادي للقومية العربية ولكن عام 1951 كان عام محاربة الدولة للطائفة اليهودية , عام إسقاط الجنسية عن يهود العراق , حيث شوهدت العجلات العسكرية تنقل يهود كفري مرغمين حتى لم يتمكنوا من شحن أمتعتهم.
    عندما التقى الزائر والصحفي والسائح توماس شميد نيكر عام 2008 بالسيد أحمد من أهالي كفري يذكر هذا السيد للسائح توماس شميد نيكر , إن هنالك طفل صغير يهودي كان خارج المدينة يعمل راعياً للأغنام , وعند عودته قبل غروب الشمس لم يجد أسرته وذويه وأي من أقاربه فالجميع أجبروا على المغادرة , هذا الطفل لم يرى ويسمع شيء عن ذويه منذ ذلك التأريخ , فتبنته عائلة مسلمة واعتنق الإسلام وحمل أسماً مسلماً , إذ تم تسفير أكثر من 130 ألف يهودي عراقي إلى قبرص ومنها إلى إسرائيل , ثم توالت هجرة اليهود إلى إسرائيل , ولكن قيام ثورة 14 تموز 1958 ودعوة الزعيم عبد الكريم قاسم إلى المحافظة على دور العبادة وممارسة الطقوس الدينية في الأعياد والمناسبات في كل من بغداد والموصل والبصرة.
    عند مجيء البعث للسلطة عام1968 لقي اليهود الكثير من المضايقات والاعتقالات والتصفية داخل السجون وعلى أعواد المشانق بتهمة التجسس لدولة إسرائيل , وقد حارب البعث السامية حيث تم إعدام بعد محاكمة 14 تاجر بظمنهم 9 تجار يهود بتهمة التجسس لإسرائيل وتم إعدامهم وعرضهم في ساحة التحرير في بغداد على أعواد المشانق.
    في عام 2003 بعد رحيل نظام البعث لم يبقى من يهود العراق إلا (30-40) شخصاً وكانوا من كبار السن ولكن الجمعيات اليهودية لم تتركهم فقد تمكنوا من ترحيلهم إلى إسرائيل, ونلاحظ إن كبار السن من أبناء كفري القدامى يتذكرون أيام معيشتهم مع مواطني البلد من اليهود وأغلب يهود العراق الذي هاجروا وهجًروا لا يزالون يرتبطون بذكريات وعواطف توجه اتجاه وطنهم العراق , إلا إن الدستور الجديد بعد عام 2003 وجه صفعه لتلك الأحلام والأماني : بجواز اكتساب العراقي جنسيتين في آن واحد ما عدا إسرائيل.
    لكن لو نعود إلى الطفل الذي كان يرعى أغنامه هو نفس السيد أحمد الذي يدعي في لقاء مع الصحفي الألماني أثناء تهجير ذويه وقد وقع تحت رعاية أشراف المدينة حيث عمل عند بلوغ سناً متقدماً مساعداً لسواق الباصات الخشبية , وقد سجلوا ذويه اسمه في السجلات عند بلوغهم الدولة اليهودية كونهُ تخلف عنهم , وقام هذا الصحفي الألماني بتوجيه الجمعية اليهودية العراقية بتنفيذ وصية والدية بمتابعة هذا اليهودي(أحمد) عام2008 والتقى به , لقد اضمحل شعب بكامله عاش في العراق أكثر من 2500 عام بسبب سياسات الحكومات الجائرة وتنفيذ مخططاتهم المعادية للآخر من جوانب عده , منها معاداتهم للسامية والجوانب الدينية وإقصائها.

يعمل...
X