إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أفول الدولة العثمانية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أفول الدولة العثمانية




    أفول الدولة العثمانية
    (1828–1908)




    السلطان محمود خان الثاني

    تتميز هذه المرحلة بانحدار الدولة العثمانية سريعًا وفقدانها لمعظم ممتلكاتها الباقية في أوروبا، حيث أعلنت روسيا الحرب على العثمانيين بعد أن رفضت الدولة العثمانية الاعتراف بقرارات مؤتمر لندن الذي نص على استقلال اليونان، وتمكنت من احتلال البغدان والأفلاق، بل وصلت إلى مدينة أدنة وهددتالآستانة بالسقوط، فتدخلت بريطانيا وفرنسا لوقف تقدم روسيا خوفًا على مصالحها في الشرق، فعُقدت بين الروس والعثمانيين معاهدة أدرنه التي نصت على عودة المناطق التي احتلها الروس إلى الدولة العثمانية مقابل تمتع روسيا ببعض الامتيازات وتعويضها عن الخسائر التي تكبدتها في الحرب، واستقلال بلاد الصرب وتسليم ما تحتفظ به الدولة من قلاعها.وفي أواسط سنة 1830م، ساءت العلاقات بين الدولة العثمانية وفرنسا مجددًا، بعد أن نفذت الأخيرة ما كانت تنويه من مدّة، ألا وهو الاستيلاء على ولاية الجزائر بدعوى منع تعدي القراصنة المسلمين على مراكبها التجارية، وبذلك فقدت الدولة العثمانية الجزائر إلى الأبد، على الرغم من استبسال المقاومة بقيادة الأمير عبد القادر الجزائري، الذي اضطر للاستسلام بعد أن دافع عن بلاده مدة سبع عشرة سنة.



    محمد علي باشا، أشهر من أعلن العصيان على الدولة العثمانية في ذلك الوقت.


    استمرت المشاكل تنهال على الدولة العثمانية بعد سقوط الجزائر، وذلك أن والي مصر محمد علي باشا طمع في توسيع رقعة نفوذه بعد أن غدا أقوى ولاة السلطان العثماني في الشرق العربي، وكان السلطانمحمود الثاني قد وعد محمد علي بأن يوليه على بلاد الشام لقاء خدماته الجليلة التي قدمها للدولة، لكنه عاد وأخلف وعده، إذ شعر أن وجود محمد علي في الشام خطرٌ على كيان السلطنة نفسها. فقرر محمد علي أن يجتاح بلاد الشام بالقوة، فوجه جيشه إلى فلسطينوأخضعها، ثم زحف على مدن الساحل اللبناني وفتحها الواحدة تلو الأخرى، وسرعان ما لحقت بها سوريا الوسطى والشمالية، وامتد زحف الجيش المصري إلى الأناضول حيث هزم الجيش العثماني حديث النشأةفي قونية، وأصبح قاب قوسين أو أدنى من الآستانة، حتى خُيل للعالم في ذلك الوقت أن نهاية الدولة العثمانية أصبحت قريبة.عقب هزيمة قونية، استنجد السلطان محمود الثاني بالدول الأوروبية للوقوف في وجه الخطر المداهم، فلم ينجده إلا روسيا، التي أرسلت 15 ألف جندي إلى الآستانة للدفاع عنها، فخشيت بريطانيا وفرنسا من امتداد النفوذ الروسي وتوسطت للصلح مع محمد علي، حيث أقر له السلطان بولاية مصر وجزيرة كريت وفلسطين ولبنان وأضنة، لقاء نفس الأموال التي كان يؤديها عن الشام الولاة العثمانيون من قبل. وفي غضون ذلك توسّع النفوذ الروسي في الدولة خصوصًا بعد أن أبرم السلطان معاهدة مع روسيا تعهدت فيها الأخيرة بالدفاع عن الدولة العثمانية لو هاجمها المصريون أو غيرهم. عمل السلطان محمود الثاني في أواخر أيامه على استعادة الشام ومصر، فجمع جيشًا جديدًا، ونشط عملاؤه في الشام يحرضون الشعب للثورة على المصريين، ثم سار الجيش وقام بهجوم عبر الفرات أسفر عن كارثة نزلت به، إذ بدده الجيش المصري في معركة نصيبين عام 1839م. ولم تصل أنباء هذه الهزيمة إلى السلطان محمود الثاني، إذ توفي قبل ذلك بأيام.



    السلطان عبد المجيد خان الأول.

    خلف السلطان عبد المجيد الأول أباه السلطان محمود الثاني، وهو صبيّ لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وكانت الدولة العثمانية على شفير الانهيار، إذ أصبحت بلا جيش، بفعل خسارة الجيوش العثمانية أمام المصريين، وتشتيت القوى المسلحة، وبلا أسطول، بفعل انضمام الأسطول العثماني طواعية إلى الأسطول المصري في الإسكندرية،فسارع السلطان الفتى إلى إجراء مفاوضات مع محمد علي، فاشترط الأخير، لعقد الصلح، أن يكون الحكم في الشام ومصر حقًا وراثيًا في أسرته. وكاد السلطان عبد المجيد يقبل شروط محمد علي لو لم تصله مذكرة مشتركة من الدول الأوروبية الكبرى، عدا فرنسا،تطلب إليه بألا يتخذ قرارًا يتعلق بمحمد علي إلا بمشورتهم، ووعدوه بالتوسط بينه وبين محمد علي، فوافق على ذلك. ثم اجتمعت كل منبريطانيا وروسيا وبروسيا والنمسا وعقدوا اتفاقية صدق عليها العثمانيون، وعرضوها على محمد علي، وهي تنص على بقاء ولاية مصر وراثية في عائلته، وولاية عكا مدى حياته، فرفض محمد علي ذلك وطرد المندوبين الأوروبيين والمندوب العثماني من مصر، وبناءً على ذلك هاجمت البوارج الحربية البريطانية والنمساوية والعثمانية مدن الساحل الشامي واستطاعت أن تحرز انتصارًا كبيرًا على جيوش محمد علي بقيادة ابنه إبراهيم باشا، وأجبرته على العودة إلى مصر والانكماش فيها، وبذلك عادت الشام إلى ربوع الدولة العثمانية، وأصبحت سيادة الدولة على مصر سيادةً اسميّة. توصلت الدول الأوروبية الكبرى، بعد انتهاء الأزمة العثمانية - المصرية، إلى عقد اتفاقية جماعية مع الدولة العثمانية، أُطلق عليها تسمية "معاهدة المضائق" أو "اتفاقية لندن الخاصة بالمضائق"، وقد أرست هذه الاتفاقية نظامًا للمضائق العثمانية ظل مطبقًا بدون إدخال تعديلات جوهرية عليه حتى قيام الحرب العالمية الأولى.حدث في عهد السلطان عبد المجيد عدد من الفتن الداخلية في الولايات العثمانية، وازدادت الدولة ضعفًا على ضعف، مما زاد من أطماع الدول الأوروبية فيها، فدُعيت باسم "الرجل المريض"، وأخذ الأوروبيون يخططون لاقتسام تركتها مستقبلاً.



  • #2



    { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون }

    { و إذا أردناأن نهلك قريةأمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا }

    الشرط في رقى وتقدم الامم هو عدم الانحراف عن منهج الله ، وفي عهود العثمانيين الأوائل ارتفع الخط ولكنه عاد للهبوط بعد انقضاء عهد السلاطين العشرة الذين أرسوا كيان الدولة ومدوا فتوحاتها وكان دائماً الالتزام بمنهج الله هو الأساس وبدأ الانحراف عن منهج الله صغيراً ثم ازداد واتسع تدريجيا ثم تحول إلى ملك غاشم يحكم بالقوة وبالإكراه حتى أصبحت الهرقلية أمراً متعارفاً عليه



    لا شك أن الدولة العثمانية لم تسلم من الأخطاء الفادحة التى كانت سببًا في زوال الدولة ، وإن من يدرس كل سبب من هذه الأسباب التي سوف تذكر.. لا يعجب من انهيار هذه الدولة العظيمة تحت سياط هذه الضربات بل يعجب كيف استطاعت أن تعيش ستمائة سنة وهي تتحمل هذه الضربات القاسية ….

    وترجع هذه الأسباب إلى :

    1/ مخالفة منهج الله

    الدولة العثمانية منذ أن قامت كانت العاطفة الإسلامية جياشة قوية ، فلما تبعها التربية الإسلامية والتدريب السليم للنظام العسكري الجديد كانت القوة وكان الفتح وكان التوسع ، فلما ضعفت التربية الإسلامية زادات أعمال السلب والنهب والفسق والفجور واستمر الانحراف وظهرت حركات العصيان وفقدت الدولة هيبتها بسبب انصراف السلاطين إلى ملاذاتهم

    2/ تشجيع الصوفية

    3/ عدم اتخاذ الإسلام مصدرًا أساسيًا للتشريعات

    كثرت إصدار التشريعات والقوانين الوضعية فيما سمي بالتجديدات وذلك بسبب الضغوط الأوروبية…

    4/الحروب الصليبية التي شنت على الدولة

    لم تنقطع الحروب منذ ظهورالدولة العثمانية حتى يوم انهيارها والكلام هنا يطول أما المناوشات والغزوات العسكرية والحركات الانفصالية التي أشعلتها الصليبية العالمية في ممتلكات العثمانيين في أوروبا فهي من الأهمية بمكان إذ لم يخل عهد سلطان منها

    5/ توسع رقعة الدولة

    شغلت الدولة في أوج قوتها وتوسعها مساحة من الأرض تزيد عن أربعة عشر مليونا من الكيلومترات في عهد كانت مواصلاته وسائلها الدواب والعربات وبريدها يستغرق الشهور الطويلة والسنين ، وقد تحصنت بالحواجز الطبيعية من أنهار وبحار وجبال وغيرها .

    والظن أن إعلان الحركات المتمردة والعصابات المتكررة فيها ربما يكون في غاية السهولة كما أن إخمادها أيضاً في غاية الصعوبة . ولم تحتفظ الدولة بتماسكها على الرغم مما أصابها من زلازل ونكبات طيلة ستة قرون إلا بفضل عامل الدين ورابطة العقيدة على الرغم من ظهور من استهان بها ورفع رأسة هنا وهنالك ولكن لم يتجرأ على إعلان إلغائها إذ أن رابطة العقيدة أهم عامل حاسم في كيان الأمم وقد استطاعت تلك الرابطة أن تجمع بين الترك والعرب والكرد والشركس والشاشان والداغستان وغيرهم لقرون طويلة حتى قام أعداء هذا الدين وفرقوا شتات الأمة الواحدة بإثارة العصبية الإقليمية التي وصفها الرسول صلى الله علية وسلم بأنها منتنة .

    6/التخلف العلمي :

    وهو الذي لا يزال قائماً حتى اليوم فالعثمانيين قد جاءوا إلى بلاد الأناضول عاشوا ولم يتحضروا بل شغلتهم الحروب ولم ينصرفوا إلى العلم بسبب الانشغال بالفتوحات والحروب المستمرة في كل الجبهات ، ولم يسمح لهم الأوروبيون بالالتفات إلى العلم ولا إلى التخطيط وحينما انهزمت الدولة عام 1188 هـ . الموافق 1774 م انتبهت قليلاً وبدأ سليم الثالث بالإصلاح وإنشاء المدارس الجديدة وكان هو نفسه يعلّم في مدرسة الهندسة وألف جيشاً حديثاً حتى ثار عليه الجيش القديم وأغتاله .

    وقد مكن ذلك التخلف الغرب من التفوق المادي فاخترع الأسلحة الحديثة ووسائل الصناعة وبدأ عصر الآلة والبخار والكهرباء وانطبق قول الله عز وجل :

    ( كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاًّ ولا ذمة ) .


    فتقدموا على المسلمين بعد أن كانت لهم الغلبة ولم يتورعوا في استخدام ما توصلوا إليه من أسلحه الدمار والخراب ضدهم وحاولوا التشكيك في عقيدتهم وتاريخهم ، وقد حذّرنا القرآن منهم فقال جلّ وعلا :

    ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردّوكم عن دينكم إن استطاعوا ) .

    ولكن الصليبيين تمكنوا من بث أفكارهم بدل العلوم والصناعة …

    7 / كان العثمانيون يكتفون من البلاد المفتوحة بالخراج

    ويتركون السكان على وضعهم القائم من العقيدة واللغة والعبادات ، إذ يهملون الدعوة والعمل على نشر الإسلام وإظهار مزايا الإسلام من المساواة والعدل والأمن وانسجامه مع الفطرة البشرية

    8/ ضعف الدولة العثمانية في أواخر عهدها جعل الدول الأوروبية تتآمر عليها

    فأثاروا ضدها الحركات الانفصالية السياسية والدينية ، كما استغل دعاة القومية والصهيونية هذا الضعف مما جعلهم يقومون بحركات لتقويض هذه الدولة .

    9/ الحركات الانفصالية والتمردات المحلية :

    نتيجة للتفوق قامت أوروبا بحبك المؤامرات ضد المسلمين ودفعوا طلاب الزعامة وغذوا الحاقدين والجهلة وشجعوا على العصيان . وأصبح سفراء الدول الغربية يتدخلون في الشؤون الداخلية والسياسية الخارجية للدولة…حتى وصل الأمر بهم أن هددوا الدولة العثمانية بقطع العلاقات لدولهم إذا قامت الدولة بأي إجراء انتقامي ..خاصة لدول البلقان..

    أما في جهات الشرق فكان خصوم العثمانيين التقليديين يشعلون الثورات بين الحين والآخر ، ولعل أهم الحركات الانفصالية التي أضعفت الدولة كانت حركة محمد علي باشا في مصر .

    وأخيراً تأتي دعوة الحركة الوهابية ـ التي قامت في الجزيرة العربية ! ويضعها بعض الكتاب ضمن أسباب ضعف الدول العثمانية…

    10/ الامتيازات التي كانت تمنح للأجانب اعتباطاً بسخاء وكرم لا مبرر لهما

    كانت تمثل التفريط بحق الوطن في اقبح صورة ، فقد منحت الدولة العثمانية ، وهي في أوج عظمتها وسلطانها ، امتيازات لدول أجنبية جعلتها شبة شريكة معها في حكم البلاد . ولا أرى سبباً لهذا الاستهتار ألا الجهل وعدم تقدير الأمور قدرها الحقيقي وتقدير قوة ودهاء الدول التي منحت هذه الامتيازات والعاقل لا يستهين بعدوه مهما كان صغيراً وضعيفاً .
    وقد حولت الامتيازات إلى اتفاقات ثنائية فأصبح بإمكان السفن الفرنسية دخول الموانئ العثمانية تحت حماية العلم الفرنسي ومنح الزوار حرية زيارة الأماكن المقدسة والإشراف عليها وحرية ممارسة الطقوس الدينية هناك . ثم أصبح مع مرور الزمن وكأنها حقوق مكتسبة ثم توسعت وشملت بعض السكان المحليين كالإعفاء من الضرائب والاستثناء من سلطة المحاكم الشرعية العثمانية والتقاضي في محاكم خاصة سموها المحاكم المختلطة وقد لعبت دورا كبيرا فيما بعد .

    وأصبح لروسيا بموجب معاهدة كينارجي حق بناء كنيسة باستانبول وحق حماية النصارى التابعين لمذهبها الأرثوذكسي من رعايا الدولة ، وفي عهد السلطان عبد المجيد تقرر منح أهالي لبنان حكومة مستقلة تحت سيادة الدولة العثمانية يكون حاكمها نصراني ويكون للباب العالي حماية مؤلفة من 300 جندي فقط ترابط على الطريق الموصل بين دمشق وبيروت ، وبذلك تشجعت أقليات أخرى ، وطالب النصارى في البوسنة بتحريض أجنبي الحصول على امتيازات فقاومتهم الدولة ولكنهم لم يركنوا للهدوء وازدادوا من عصيانهم بدعم أوروبا لهم . لقد ساعدت الامتيازات على إشعال بؤر الفتن وأربكت الدولة وشغلتها عهوداً طويلة واتخذت ذريعة لتدخل الدول بحجة حماية الرعايا وبالتالي الاحتلال والعدوان .

    11/ الغرور الذي أصاب سلاطين بني عثمان

    فتحت لهم الأرض أبوابها على مصراعيها يلجونها كما يشاءون . وإن من يقرأ كتاب الملك سليمان القانوني إلى ملك فرنساء لايجد فيه ما يشبه كتاب ملك إلى ملك أو إمبراطور عظيم إلى ملك صغير او حتى إلى أمير ، بل يجده وكأنة كتاب سيد الى مسود ومن يطالع صيغ المعاهدات ، في أوج عظمة الدولة ، وما كان يضفى فيها على سلاطين بني عثمان من ألقاب يكادون يشاركون بها الله تعالى في صفاته بينما تكون ألقاب الأباطرة والملوك عادية ، أقول إن من يطالع صيغ هذه المعاهدات يدرك إلى أي حد بلغ بهؤلاء السلاطين الجهل والغرور

    12/الجيش الإنكشاري

    هو الجيش الذي أنشأه السلطان أو رخان باختيار أفراده من أبناء البلاد الأوروبية المفتوحة وتلقينهم مبادئ الدين الإسلامي ووضعهم في ثكنات عسكرية خاصة وتدريبهم على فنون الحرب والقتال . ولقد أبلى ذلك الجيش بلاء حسنا في كافة المعارك التي خاضها العثمانيون إبان قوتهم فكانوا يندفعون كالأسود في ساحات القتال وكان لهم الفضل في ترجيح كفة النصر في المعركة الحاسمة يوم فتح القسطنطينية وغيرها من المعارك الشهيرة . ثم مع مرور الزمن بدأ الوهن يتسرب إلى صفوفهم عندما عاشوا بين المدنيين وكثرت تعدياتهم بصفتهم العسكر المختص بهم السلطان.

    فما اختلط الجند بأهل المدن إلا وقد فسدت طبيعتهم وتغيرت أخلاقهم وتبدلت مهمتهم وانغمسوا في الملذات والمحرمات وشق عليهم أن ينفروا في أوقات البرد الشديد ونظروا إلى العطايا السلطانية ومالوا إلى النهب والسلب حين غزو البلاد . فأثاروا الاضطرابات يريدون الحروب ولو كان جحيمها يصب فوق رؤوسهم ليواصلوا نهب البلاد المفتوحة، وأصبحوا ينقضون العهود ويخرقون الهدنة للذين تمت معهم عن طريق السلطان..
    وبذلك نسوا الغاية التي وجدوا من أجلها . لقد كانت فاتحة أعمال السلطان مراد الثالث عام 982هـ . هي إصدار أمر بمنع شرب الخمور فهاجوا وماجوا حتى اضطروه لإباحته ضمن شروط لخوفه من نقمتهم .

    وهكذا فإن الجيوش لا تهزم إلا حينما تترك عقيدتها ولا تلتزم بمبادئها .
    إن وثوب الانكشارية إلى مركز القيادة في الدولة العثمانية جعلها في حالة خطيرة من الفوضى فصاروا هم الأمرون والناهون والسلطان ألعوبة بأيديهم فظهر الفساد وضاعت البلاد .

    ثاروا في استانبول والقاهرة ،يطالبون بإشعال الحروب حينما اقتضت المصلحة ألا تكون هناك حروباً . وقد أشار سنان باشا عام 997 هـ . إلى إشعالها بمحاربة المجرمين تحت إلحاح شديد من قبلهم وكانت النتيجة انهزام والي بودا العثماني ومقتل حسن باشا والي الهرسك وسقوط عدة قلاع عثمانية بأيدي النمسا . وفي عام 1027 هـ . حاول السلطان عثمان إبادتهم بإعداد العدة لحشد جيوش جديدة في ولايات آسيا الصغرى وتدريبها وتنظيمها ولما حاول ذلك خلعوه وقتلوه وأعادوا مصطفى الأول الذي خلعوه عام 1032 هـ .

    واستمر الانكشارية في عهد السلطان مراد الرابع سنوات عشر سائرين في طريق الضلال سادرين في غيهم وطغيانهم فهم الذين نصبوه فالأمر والنهى يجب أن يكون لهم ما دام رأس الدولة بأيديهم . وهم الذين قاموا بقتل السلطان إبراهيم الأول خنقاً حينما حاول التخلص منهم ، وهم الذين اربكوا الدولة إذ وضعوها في حالة من الفوضى بقتلهم السلاطين وتولية أولادهم الصغار السن من بعدهم كالسلطان محمد الرابع ، فقام الإفرنج باحتلال أجزاء من البلاد فاضطر الصدر الأعظم والعلماء إلى عزله . ثم ثار الانكشارية في عهد السلطان سليمان الثاني ودخلت جيوش الأعداء بعضاً من أراضي الدولة واحتلتها . وخلع الانكشارية السلاطين مصطفى الثاني ، أحمد الثالث ، مصطفى الرابع ، إلى أن قيض الله للسلطان محمود الثاني عام 1241 هـ . التخلص منهم فقد هيأ لذلك وسلط عليهم المدفعية فدمرتهم وانتهى أمرهم .

    13/ كما ان السلاطين العثمانيين تعوّد أغلبهم بعد عهود المجد والقوة أن لا يقودوا الجيوش بأنفسهم

    وتركوا الأمر لقواد قد يكون بعضهم غير كفء فانهزموا في مواقع كثيرة وتضاءل الحماس والحمية الدينية لغياب السلطان عن مركز قيادة الجيش كما كان يحدث سابقاً .


    14/ احتجاب السلاطين وعدم ممارستهم السلطة بأنفسهم والاتكال على وزراء جهال .

    فقد كان سلاطين آل عثمان حتى السلطان سليم الأول يتولون قيادة الجيش بأنفسهم ، فيبعثون الحماسة والحمية في صدور الجنود ، ثم صار السلاطين يعهدون بالقيادة إلى ضباط فصار الجنود يتقاعسون ويتهاونون تبعاً للمثل القائل ’’ الناس على دين ملوكهم ‘‘


    15/ تسليم أمور الدولة إلى غير الأكفاء من الناس

    إذ كان طباخ القصر وبستانية وحاطبة والخصي والخادم يصلون إلى رتبة رئاسة الوزارة أو القيادة العامة للجيش . فماذا ينتظر من جاهل أن يفعل ؟


    16/ زواج السلاطين بالأجنبيات وتسلط هؤلاء الأجنبيات على عواطف أزواجهن وتصريفهم في سياسة بلادهن الأصلية وتحكمهن بمقدرات الدولة .

    فكم من الملوك قتلوا أولادهم أو إخوانهم بدسائس زوجاتهم وارتكبوا أعمالاً تضر بمصلحتهم إرضاءً لزوجاتهم .هذا علاوة على زواج بعض السلاطين من الأوروبيات فيه إساءة للأمة.


    17/ تعدد الزوجات والمحظيات اللواتي كان الأجانب والحكام يقدمونهن هدية للسلطان

    كأنهن السلع أو التحف واللواتي كان السلاطين إذا رأوا كثرتهن في قصورهم يهدونهن أحيانا إلى قادتهم أو خواصهم على سبيل التكريم . وكان من البديهي أن يحصل بين أولاد الأمهات وأمهات الأولاد ، سواءً أكانت الأمهات زوجات أو محظيات ، تحاسد وتباغض يؤديان إلى قتل السلاطين أولادهم وإخوانهم والى أمور غير معقولة ومقبولة عقلاً وشرعاً

    18/ تفكك روابط الأسرة السلطانية بسبب كثرة النساء حتى أصبحت عادة قتل السلطان إخوانه أو أولاده ،

    يوم يتولى العرش ، أمراً معروفاً ومألوفاً . وكأنه يضحي بخراف احتفاء بهذا اليوم من غير أن يشعر بوخز ضمير أو لسعة ألم .
    أما العادة السيئة الأليمة وهي عادة قتل السلاطين لابنائهم وإخوانهم وهي المنافية للإنسانية وإن وجدت لها مبررات واهنة فقد أودت بأرواح الأطفال والأبرياء بلا ذنب ، سوى خوف المنازعة في الملك فيما بعد وحرمت الأمة من رجال قد يكون منهم أفذاذا وعباقرة ، فحل محلهم رجال احتلوا مناصب رفيعة في الدولة وفي قيادة الجيوش من بلاد أوروبا العثمانية تظاهر بعضهم الإسلام و أبطن الكفر وعاد بالدمار والهزيمة إلى البلاد

    تمثل هذا الإجراء العرفي الذي اختطفه بايزيد الأول،وتحول على يد محمد الفاتح إلى قانون ثابت،ومفاد هذا القانون الإجازة للسلطان المتولي للعرش أن يقدم على تصفية الأمراء المنافسين وذلك بالاتفاق مع هيئة العلماء… وهذه سياسة قوامها تغليب المصلحة السياسية العليا للدولة المتمثلة بحفظ وحدة كيانها السياسي في مواجهة ما يترتب على اعتماد مبدأ وراثة الملك من إختلالات تكوينية توفر المناخ المناسب لا تجاه تفكيك كيان الدولة عند انتقال السلطة من الأب إلى الأبناء.

    وبعد قرن من الزمان جرى استبداله بقانون آخر قضى بالتخلي عن سياسة التصفية الجسدية والاكتفاء بسياسة سجن جميع الأمراء ـ عداء أبناء السلطان الحاكم ـ في مقاصير خاصة ومنعهم من كل اتصال بالعالم الخارجي.
    ثن تعرض هذا القانون لتعديل..حيث أوجب قانون جديد:إلزامية انتقال العرش حين خلوه إلى أكبر الأحياء من الذكور من الأسرة العثمانية. لقد ترتب على تنفيذ هذا القانون وخلال قرن ونيف إلى اعتلاء الأخوة والأعمام وأولاد العم منصب السلطان وهم غالبتهم من سجناء الأقفاص،وبالتالي فقد تبوأ مركز السلطان أفراد يفتقدون أبسسط شروط هذا المركز…

    ولذا فقد كان أفراد الأسرة السلطانية يعيشون في خوف مستمر ويتربص بعضهم بالبعض الآخر الدوائر ولا يبالون بأن يشقوا عصا الطاعة في وجه السلطان سواءً أكان أخاً أم أباً أم ابناً وذلك ليس حباً بالسيطرة فقط بل لإنقاذ أعناقهم أحياناً من الغدر .

    ت
    دخل نساء القصر بالسياسة وشفاعتهن لدى أزواجهن السلاطين برفع الخدم إلى منصب الوزراء أو إيصال المتزلفين إلى مراتب الحل والعقد ، كرئاسة الوزارة وقيادة الجيش . وفي كثير من الأحيان لا يكون لهؤلاء الرجال من ميزة يمتازون ألا تجسسهم لحسابهن .
    يمكن أن نعد ما مر معنا أهم العوامل التي آلت بالدولة العثمانية إلى الزوجات الأجنبية التي تزوج بها بعض السلاطين كالسلطان سليمان وغيره إذ قامت تلك بحبك المؤامرات في الخفاء بغية تنفيذ أغراضها . والانغماس في الترف والشهوات . وفي عهد السلطان أحمد الثالث عام 1115 هـ. عندما حاصرت الجيوش العثمانية قيصر روسيا بطرس الأكبر وخليلته كاترينا من قبل بلطه جي محمد باشا حدث ان قامت كاترينا بإغراء القائد العثماني بالجواهر واستمالته إليها فرفع الحصار عنهما فأضاع فرصة ثمينة للقضاء على رأس الدولة التي كادت للعثمانيين ولعبت دورا كبيراً جداً في إضعاف وزوال دولتهم .


    19/ بقاء أولياء العهد مسجونين في دور الحريم فلا يرون من الدنيا شيئاً ولا يعلمون شيئاً

    كثيراً ما كانوا لا يتعلمون شيئاً أيضا لأنهم لم يكونوا يدرون إلى ما سيصيرون فإما أنهم سيذهبون ضحية مؤامرة قبل أن يصلوا إلى العرش وإما أنهم يصلون لى العرش لكي يجدوا فئة من الناس تسيطر عليهم وتتحكم بهم أو يسحبون عن العرش ويقتلون أو تسيرهم نساء القصر أو يسيرهم جهلهم .

    20/ خيانة الوزراء ، إذ أن كثيرًا من الأجانب المسيحيين كانوا يتظاهرون بالإسلام

    يدخلون في خدمة السلطان ويرتقون بالدسائس والتجسس حتى يصلون إلى أعلى المراتب ، وقد أبدى السلطان عبد الحميد استغرابه من وفرة الأجانب الذين تقدموا إلى القصر يطلبون عملاً فيه حتى ولو بصفة خصيان وقال : لقد وصلني في أسبوع واحد ثلاث رسائل بلغة رقيقة يطلب أصحابها عملاً في القصر حتى ولو حراساً للحريم ، وكانت الأولى من موسيقى فرنسي والثانية من كيميائي ألماني والثالثة من تاجر سكسوني . وعلق السلطان على ذلك بقولة : من العجب أن يتخلى هؤلاء عن دينهم وعن رجولتهم في سبيل خدمة الحريم . فهؤلاء وأمثالهم كانوا يصلون إلى رئاسة الوزراة ، ولذا فقد قال خالد بك مبعوث أنقرة في المجلس العثماني بهذا الصدد : لو رجعنا إلى البحث عن أصول الذين تولوا الحكم في الدولة العثمانية وارتكبوا السيئات والمظالم بأسم الشعب التركي لوجدنا تسعين في المائة منهم ليسوا اتراكاً .


    21/ وكذلك وصل هذا الحال إلى المؤسسات الدينية

    فبعد انخراط شيخ الإسلام داخل منطق السلطة غدا باستطاعته أن يستثمر ما تتيحه السلطة من إمكانيات ووسائل فعالة بغية حيازة الثروات،وتوريث المناصب…لقد أدّت هذه الوضعية إلى ضمور شرعية هذا المركز سواء في نظر مراكز القوى الأخرى أو في نظر قوى المجتمع المختلفة.ففي مطلع القرن الثامن عشر 1703 م حصلت انتفاضة شعبية في استانبول ضد شيخ الإسلام لاحتكاره الوظائئف العليا لعائلته وقد أدّت الانتفاضة إلى عزل شيخ الإسلام ومن ثم إعدامه…
    فتسرب الفساد إلى طبقة العلماء،حيث كانوا يأتون في الرتبة الثانية في الدولة بعد السلطان. …وكان القضاء لا يسير إلا بالرشوة.
    ما حصل من تفكك وتفسخ للهئيات الإسلامية أصبح موضوعًا ينبغي إصلاحه والتصدي لسلبياته المختلفة،فقد جاء في الرسالة الإصلاحية لقوجي بيك الموجهة إلى السلطان مراد الرابع عام 1630 م جملة من التنبيهات الكاشفة لوضعية هذه المؤسسة وما يخترقها من نقاط اختلال متعددة الأوجه. فقد جاء في هذه الرسالة:
    … حسب القوانين القديمة في زمن السلاطين الأسلاف،كان الشخص الذي يحتل منصب المفتي أولاً ومنصب قاضي عسكر الرومللي أو الأناضول يتم اختياره من بين الأشخاص الأكثر علمًا والأشد إيمانًا بالله. وطالما كان المفتي يقوم بواجباته لم يكن ليخلع من منصبه أبدًا ؛ لأن هذه الدرجة هي الأعلى في العلوم،والاحترام الواجب تجاهها مختلف عن سواه.وقديمًا كان المفتون ،عداء عن كونهم مصدر العلم،لا يخفون الحقيقة أبدًا عن السلاطين…ولكن العلم انطفأ حاليًا.والقوانين قلبت… ومؤخرًا فإن منصب المفتي قد أعطي لأناس ليست لهم الكفاءة بالتضاد مع القوانين والأعراف التي كانت متبعة سسابقًا،وكذلك الأمر بالنسبة لقضاة العسكر.وبيع المناصب انتقلت عدواة إلى الملازمين الذين ليسوا إلا كتاب بسطاء وإلى غيرهم من الأشخاص الذين يصيرون بواسطة المال مدرسين وقضاة …


    22/ تبذير الملوك حتى بلغت نفقات القصور الملكية في بعض الأحيان ثلث واردات الدولة

    ( ويرى بعض الكتاب أن قصور العثمانين رغم فخامتها إلا أنها كانت أقل من قصور أمراء أوروبا…)


    23/ مشكلة الديون

    التي أقرضتها الدول الأوروبية للدولة العثمانية بسبب كثرة الانفاقات على الإصلاحيات.وفائدتها التي أصبحت أضخم من قيمة القروض.
    وفخ الديون منهج أنتهجه الأوروبيون لنصبه ضد الدول الإسلامية منذ القرن التاسع عشرم .
    وفخ الاقتراض من الدول الأوروبية (اقتراض ربوي طبعًا) وما يسببه الربا من دمار لهذه الدول الإسلامية.
    هذه الأسباب هي التي قضت على الدولة العثمانية أنزلتها من شامخ عزها إلى حضيض المذلة والهوان . وإن من يدرس ، بإنعام نظر ، كل سبب من هذه الأسباب المذكورة آنفاً ويرى مدى تأثيره الواسع في المحيط الدولي لا يعجب من انهيار هذه الدولة العظيمة تحت سياط هذه الضربات بل يعجب كيف استطاعت أن تعيش ستمائة سنة وهي تتحمل هذه الضربات القاسية …. ، ولكنها عاشت بفضل اختلاف أعدائها على تقسيمها فيما بينهم

    تعليق

    يعمل...
    X