إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من اساطير الشعوب .. متجدد

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من اساطير الشعوب .. متجدد

    من اساطير الشعوب

    لا يوجد شعب من الشعوب لا توجد لديه أساطير, و من خلال هذا الموضوع أستعراض بعض أساطير الشعوب (الدينية والإجتماعية) من مقالات منقولة من هنا وهناك,أعدت ترتيبها وساستعرضها تباعاً على شكل أجزاء, أتمنى أن تنال رضاكم

    تشكل الأساطير مدخلا أساسيا للولوج إلى مناطق التفكير البشري, ومراقبة الإنسان في علاقاته الأولى مع الطبيعة والعالم والزمن, فضلا عن أنها تعكس ذلك الوعي البشري الأول ومزاولاته في التفكير والفهم.‏

    ولا يقتصر الأمر على هذا, فالأساطير هي نصوص معرفية بالدرجة الأولى , وهي بالإضافة إلى ذلك نصوص أدبية محملة بصور فنية وجمالية ما يمنحها قيمة إضافية. فالنص الأسطوري ببعديه المعرفي والأدبي يوفر فرصة للإطلالة على عالم الإنسان في تجربته الأولى في الصياغة والتعبير, وفي طريقته في التشفير والترميز, وتحويل معانى الوجود إلى موجودات ادراكية وانفعالية , يعيد الإنسان بثها في ممارساته الطقسية والشعائرية.‏
    النص الأسطوري ليس نصا أدبيا بل هو نص معرفي يتعلق بالواقع بظروفه الموضوعية والمعيشية , ومن هنا تأتي قيمة النص الأسطوري. إنه الانفتاح على المعرفة الإنسانية في طفولتها, بالإضافة إلى كونه يشكل محزون هام للتعرف على فلسفة الفن وانحياز الإنسان للتعبير الفني بدلالاته الحضارية.‏
    بين الأساطير عامة , تأتي أساطير الخلق في جميع الثقافات في محاولة لحل اللغز الاكبر:

    كيف وجد العالم ؟
    من أين جئنا ؟
    وما هو مصيرنا?!.
    إن مثل هذه الأسئلة, متكررة في جميع الثقافات البشرية , يعلن بوضوح عن تلك التقاطعات الأساسية في البنية النفسية والفكرية عند البشر, وخوفهم من المجهول وحبهم للاستطلاع باختلاف مواضعهم الزمانية والمكانية.إنه الوعي الأسطوري , هو وعي طفولي, لكنه يتصل مباشرة بالوعي الفلسفي , وفيما بعد.. بالوعي العلمي , ما يدل على أصالة السؤال:

    كيف وجد العالم؟


    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2012-12-31, 02:56 AM.

  • #2

    كيف وجد العالم؟




    عند شعب دوغون الافريقي

    طائفة الدوجن dogon مجموعة تعيش في جمهورية مالي وهي طائفة قديمة جدا ويتميزون بأستخدمهم للأقنعة يرجع تاريخ هذه الطائفة لألا ف السنين

    عـنـد شعـب دوغـون ( dogon ) في دولـة مـالي بـدأ الامـر منـذ البـدايـة مع امما
    ( Amma ) الذي خلق النجـوم من الطـين ثم رماهم الى الاعلى. الشمس كانت كرة طينية ملتهبة تحيط بها حلقات من النحاس. القمر كان ايضا مثل الشمس ولكن الخالق حمـاه بالنـار فـترة اقصر مما فعـل مع الشمس . الارض كانت ايضا قطعـة من طـين وكانت منطرحة على ظهرها، عندما رآها الأله( Amma ) فقرر ان يضاجعها . ولكن فـرجها انفتح وظهر منه بظـرهـا مدورا ليتتطاول الى ان يصل الى وجه الإله، لذلك قام الإله "امما" بقصه، ليكون التطهير الاول للمرأة.

    نـتـائج المضاجـعـة الاولى مع الارض لـم يكن تـوائـم كما كان الإله يتمنى ولكن ولد لهم ضبع. غير ان الإله لم يفقد الامل ، لقد اعاد المحاولة من جـديد لتـولـد لـه الارض هـذه المـرة تـوائـم مع بعض اسمهم نومـو (Nummo) وكانوا لنصفهم على شكل الحية. لقـد اعطـوا امهم العارية تنورة من جلدهم، عليها كان مكتوب الكلمات الاولى من اللغة الاولى .

    الإله( امما ) فقد الامل ان يستطيع خلق بشر على شاكلته من خلال مضاجـعـة الارض، فقـرر ان يصنـع بنفسـه زوج من شـبهائـه من الطـين . اولاد هـذه المخـلـوقـات كانوا يخلقون ولهم جهتين احداهما ذكر والاخرى انثى. فقط بعد عملية التطهير بقص اللحمة الـزائـدة للعـضـو الذكري وقسم من البظر في مهبل المرأة عندها يصبح كل منهما ذكر وانثى منفصلين ونقيين طاهـرين

    اسطورة الخلق عند شعب دوغون طويلة للغاية ومعقدة وتفاصيلها يعرفها فقط الكهنة، ولكن جـوهـرهـا قـائـم على توضيح صعـوبة خلـق انسان كامل وبدون اخطاء. وحتى عندما اضطر الله ان يخلقه بنفسه لم يستطع ان يخـلقـه كاملا، لقد اضطر الإله ان يذعـن للواقع ويطلب من الانسان ان يقص النقص الذي لم يستطع الإله معالجته. من هنا جاءت عادة التطهير (الختان) عند الشعوب الأفريقية القديمة.





    عند شعب الهنود الحمر

    شعـب الهنود الحمر المسمى هـورون (Huron) عاش على ضفاف البحيرات الكبيرة الـواقعة في مايسمى اليوم ولاية اونتاريو في امريكا الشمالية . اسطورة الخلق لديهـم تحدثنا انه في البـدء لـم يكن هناك إلا الماء وبها كانت تعـيـش الحيـوانات المائية .
    ولكن من عالم آخر فوقـنا سقطـت فجـاءة فـتـاة شابة ليتلقفها بطتين طائرتين . هاتان البطتان استدعوا حيوانات البحـر فـلبت نـداءهـم سلحفـاة بحـر ضخمة ، على ظهـرهـا وضعوا الفتاة. مع بقية حيـوانـات البحـر جـرى عـقـد مجلس استشاري كبير لمعـرفـة الوسيلة من اجـل انقاذ الفتاة. لقـد توصلوا الى ضرورة ايجاد ارض من اجل ان تتمكن من العـيـش عـليها . السلاحف بـدؤ بالغطس واخراج بعض التراب من الاعماق لتقوم الفتاة بلصقـه حـول السلحـفـاة ليصبح بعـد فـترة ارضا كبيرة ممتـلئـة بالـزرع .

    منذ لحظة سقـوط الفتـاة كانت حاملا بتـوائم كلاهـما كانوا من الذكور. احدهم كان خيرا والاخر كان شريرا قتل امه بولادته. بعد دفنها ظهرت النباتات الاكثر شهرة من جسدها المدفـون ، البطاطـا من رأسها والـذرة من صـدرها والبن من اذرعها . ابـناءها وزعوا الارض بينهـم . الشـرير خـلـق كافـة الحيـوانات الشرسة في حـين خلـق الخـير جميع الحيوانات الجيدة

    هذه الاسطورة التي تتوجه لعبادة الارض منتشرة عند كافة هنود شمال امريكا. الخالق فيها يقـوم بمساعدة الانسان على بناء العلاقة على الارض وتحقيق الانسجام والتفاهم. هـنا يأخـذ الخـالـق شكل سلحـفـاة البحـر . عنـد شعـب اخـر من الهنود الحمر المسمى Cheyennei يـأخـذ الخـالـق شكل احـد انواع البط الـبري بأعـتباره مصـدر واساس الخليقة.




    عند هنود المايا

    حاليا يوجد حوالي 6.1 مليون من نسل شعوب المايا .
    استوطنت شعوب المايا مناطق امريكا الوسطى .
    تعددت حضارات المايا و دولهم و مستوطناتهم التي يعود اقدمها إلى حوالي ال 2000 قبل الميلاد .
    سقطت آخـر دول المايا على يد الغـزاة الأوربيين ( الإسبان ) عـام 1697.

    تقـول الأسطـورة :
    في البداية كان هناك بحر مظلم و هاديء. في هذا البحر كانت الآلهة موجودة :
    الخالق تساكول ( Tzakol )، الذي يعطي الأشكل بيتول (Bitol)، المنتصر تيبيو (Tepeu)، الحية ذات الريش الأخضر غـوكـوماتس (Gucumatz)، الصانعـين الـوم (Alom) و كاهولوم (Caholom) و قلب السماء او القوة البدائية هوراكان (Huracan).
    تيبيو و غوكوماتس خلقا الأرض بأن نادهوا الى الوجود. ثم تشكلت الجبال و الوديان و السهـول و انقسم الميـاه . ثـم خلق هذان الإلهان الحيوانات. طالما ان الحيوانات لم تكن تستطيع الكلام و بالتالي لا تستطـيع ان تعبد و تحترم خالقيها و لا تستطيع ان تطلب من خالقيها ان يتركوها على قيد الحياة قررت آلهة الخلق صنع البشر. و لهذا الغرض قاموا بعـدة تجـارب في خلق البشر.

    صنعـوه في المرة الأولى من الطـين و لكنه كان رخـوا و سائلا فأتـلفـوه .
    في المـرة الثـانية صنعـوه من من الخشب . عـاش البشر المصنـوعـين من الخـشـب و استطاعو التناسـل و لكنهم كانو بدون عقل اي انهم لم يستطيعو عبادة الألهة لذلك قرر الآلهة اتلافهم و ارسلو عليهم الفيضان و قضو عليهم .

    في المرة الثالـثـة صنع الألهة البشـر من حبوب الفاصولياء و القصب و لكن هذا النوع من البشر لم يكن يستطيع الكلام او التفكـير و لذلك اتلفـتهـم الآلهة بـأن ارسلت عـليهـم مطرا من صمغ الأشجار السائل و كذلك هاجمتهم الحيوانات و افترستهم حتى ان مقالي الطبخ قـفزت الى وجوههم انتقاما منهم لأن البشر كانو يحرقون مقلاة الطبخ على النار.
    في المرة الأخيرة صنع الآلهة 4 رجـال من الذرة. هؤلاء الرجال الأربعة كانو مشابهين جـدا للآلهة اي انهم كانو اذكياء مثلهـم و كانو على علم بكل شيء و يريدون ان يعلمو كل شيء . لذلك قـام الآلهة بتخفيض قـواهـم العـقـلية من اجـل ان يكونو اقل مكانة من الآلهة.
    خلال نوم الرجال الأربعة خلق الآلهة 4 نساء لهؤلاء الرجال و منهم جاءت القبائل كلها.
    بعـد ذلك تـم خـلـق الشمس و النـور ( حتى ذلك الوقت كان الحياة تحدث في ظلام دامس)




    تعليق


    • #3



      أساطير الهندوس
      خـلال عـام كامل عاش براهـمان ، الـذي لايعـتبر إلـهـا ولكنه قـوة مقـدسـة ، في بيضـة جيلاتينية في البحر الابدي (ليس مقصودا بحار الارض ولا زمن الارض). براهما نفسه هـو الـذي صنح البحـر الابـدي والبيضة الجيـلاتينيـة التي في النتيجـة خـرج مـنـها الى جـانب القـوى المقـدسـة الاخـرى نـاريـانـا ( Narayana ): الـروح الاولى، بوروشا (Purusha): الانسان الاول، واخيرا براهما الذي يعتبر إله يعكس خصائص براهمان لتتلائم مع الانسان.. براهمان في نفس الوقت خالق ومخلوق. بعد سنة في البيضة خلق الكون بأسره والحياة فقط من خلال تفكيره ومن خلال إرادته.


      من اجـل ان تصبح الخليقـة بشـريـة وانسانية وكامـلـة يجـب التضحية بجزء من جسد بوروشا. جزء كبير من جسمه لـن يمس ولكن فمه سيكون من حصة طبقـة الـبراهـما العليا واقـدامه من حصة الطبقة الـدنيا . القـمـر خـلـق من روح الانسان والشمس من عيونه، فمه اصبح النار ونفسه اصبح الرياح.

      في هـذا الـدين يظهر بوضوح فكرة التضحية ، حيث كان بوروشا الضحية الاولى وهو مـرتكـز اساسي في الاصـول الاولى للـدين الهنـدوسي . وبالـرغـم من ان التضحية في الديانة القديمة كانت بالانسان نفسه، اصبحت فيما بعد بأشكال رمزية من خلال التضحية بالهـدايا والـزهـور والنـقـود . واسـطـورة الخـلـق الهنـدوسيـة توضح قـاعـدة التقسيـم الاجتماعي السائدة في المجتمع الهندوسي بين طبقة عليا مفكرة وطبقة دنيا عاملة. وإضافة الى التضحية يظهر اصل الثالوث المقدس.
      البيضة تشير الى بذرة الحياة ونقطة الانطلاق لبداية الخلق والخليقة والعالم عند شعوب مثل بولينيسك. Polynesisk.




      اسطورة الخلق السومري

      حسب اسطـورة الخـليقة السومرية ، قد كان يطلق على الكون اسم ( ان - كي )، وهي كلمة مركبة تعنى ( السماء- الارض ). في هـذه الثنائية تعـتبر ( آن ـ السماء ) رمـز الذكورة، اما (كي ـ الارض) فهي رمزالانوثة، ومن اتحادهما ولد (انليل اله الهواء). ثم قام(انليل) بفصل المساء عن الارض، وجعل والده مستقـلا بعيدا، في حين استحوذ هـو على امه الارض و لعلكم ستلاحظـون وجه الشبه مع عـقـدة اوديب والتى شغـلت تفكير كل علماء النفس و اعتنقها ( سيجموند فـرويد ) و صار من أكبر المروجين لهاوتستمر اساطير الخلق السومرية لتؤكد على دور الانثى الفعال، حيث نجد الالهة (ننليل) بعد ان تضاجع (انليل) تلد (القمر) وهوبدوره ينجب الشمس.......

      و من خلال هذه الأسطورة نجد ان الآلهة الانثوية كانت دائما تمتلك الكلمة العليا، وكانت على درجة المساواة مع الآلهة الذكورية، ولم تكن مهمة الخلق موكولة باله واحـد ، اذ جاء ( انكي ) مكملا عمل اسلافه، حيث تناديه امه( نمو ) بعد ان كان نائما:

      (( يا ابنى قم واخلق لنا خدم للالهة لينتجوا اشباههم).. ثم اعطاها ( انكي ) وصفة من اجل خلق البشر. هكذا خلق البشر بطلب من الهة انثى...
      وهذا ما يقوله انكي لها:

      (( ايا امي ان المخلوق الذي نطقت بأسمه موجود
      اربطي عليه صورة الالهة
      اخلطي قلب الصلصال الذي فوق الغور
      ان الخالقين الطيبين يكتفون بالصلصال
      ان ننماخ الالهة الام سوف تعمل معك من فوق
      والهة الولادة سوف تقف معك في خلقك
      يا امي قرري مصير هذا الوليد
      ان ننماخ (الهة الارض الام) سوف
      تربط عليه قالب الالهة..)).
      ان (( عينانا )) لدى السومريين والتي حملت اسم (( عشتار )) لدى الاكديين، هي الام العظمى ورمز الانوثة التى عبدت في كل البلاد، وفي البداية في جنوب العراق (منطقة الاهوار بالتحديد). انها كانت الرمز الانثوي للخليقة والمعبرة عن الخصب. كان اتحادها مع (( دموزي ) ـ رمز الذكورة) يعنى عودة الحياة . من اوائل ما يصلنا عن شكل ((عينانا) ـ (عشتار)) كان عبر المزهرية الصخرية من جمدة نصر 3000ق م وفيها نجد ((عينانا)) واقفة وامامها رجل عاري يقدم لها سلة من النذور وخلف ((عينانا)) شعارها حزمتا القصب(الذي يكثر في اهوار العراق). وهذا رمز يصعب فهم مضمونه الا انه يعطينا الاحساس بالانوثة.((عينانا)) لا يختلف شكلها كثيرا عن حامل النذور الا انها ترتدي ملابس طويلة وشعرها طويل كذلك. نستطيع ان نفهم بان ((عينانا)) لم تكن تختلف عن الانسان الاعتيادي وقد منحت شكلا انسانيا بحتا، ولكن رموز الالوهية تحيطها وتبرز اهميتها وتجعلها مختلفة عن الكاهن او ربما المتعبد الذي يقدم لها سلة من الفاكهة.

      في الأسطورة السومرية تصطفي الآلهة الإنسان "زيوسودرا " من دون البشر لتحمله أمانة الحياة على الأرض فتبلغه بنيتها في إغراق الأرض بالفيضان وعليه أن يبني سفينة ويجمع فيها من كل حيوانات الأرض زوجين. وفعل " زيوسودرا" ما أمرت به الآلهة. فتهب العواصف على الأرض وتغرق ويموت كل حي عليها عدا ركاب سفينة زيوسودرا الذي أطلق حمامة ولما عادت عرف أن الأرض مازالت تغمرها المياه، ثم أطلق طائر السنونو وأخيرا أطلق غراب فلم يعد فعرف أن الماء بدأ في الانحسار. وأمام هذا المجهود تكافئ الآلهة " زيو سودرا" بالخلود في عالم الخلود " دلمون". تتعاطف عشتار مع البشر وتعد البشر بعدم تكرار هذا الخراب الكوني فتعلق عقدها في السماء وهو قوس قزح الذي يظهر بعد المطر.
      أما أسطورة الطوفان البابلية الأكثر اكتمالاً والتي جاءت في ملحمة جلجماش تقدم لنا أقدم صياغة حول الطوفان في أثناء هيامه وبحثه عن الخلود يلتقي جلجماش مع الإنسان الخالد " أوتنابشتيم" الذي يحكي له قصته مع الطوفان الذي حدث في مدينته والذي كان سبباً في خلوده
      شوريباك مدينة أنت تعرفها، تقع على نهر الفرات
      لقد شاخت المدينة والآلهة في وسطها
      فحدثتهم نفوسهم أن يرسلوا طوفاناً
      وتصطفي بعض الآلهة أوتنابشتيم لصلاحه وتأمره ببناء سفينة يجمع فيها من بذرة كل ذي حياة، ثم ترسل الآلهة عاصفة مدمرة وبعد سبعة أيام استقرت السفينة على جبل " نصير" ويتكرر حدث إطلاق الحمامة والسنونو والغراب كما في النص السومري حتى عرف أن الماء انحسر عن الأرض، ثم يصب خمر القربان على قمة الجبل. وتعلق الربة عشتار عقدها في السماء ليكون علامة وذكرى للحدث ووعد بعدم تكراره ويحصل أوتنابشتيم وزوجته على الخلود نتيجة عملهم في إنقاذ الجنس البشري
      ثم يرى الإله " انليل" الذي تسبب في الفيضان السفينة الناجية فيغضب وتحاول الآلهة أن تحد من غضبه وتلومه على فعلته
      دون تفكير أجريت الطوفان، حمل المذنب ذنبه والآثم أثمه، أمهله حتى لا يفنى ولا تهمله كي لا يفسد، كنت تستطيع بدل الطوفان أن تسلط الأسود لتنقص عدد البشر.








      اسطورة الخلق في الحضارة الفرعونية

      في البدء لم يكن هناك إلا بحر هائج، هكذا تقول اسطورة الشعب الفرعوني المنقولة عن نون Nun من مصر القديمة. في هذا البحر كانت توجد قوى الخير والشر. قوى الخير تحوي البذرة لكل ماهو حي في حين قوى الشر كانت تقطن الحية العظيمة Apofis. ولكن في لحظة ما خرج الاله آتوم Atum من اعماق البحر رافعا معه الارض من رحم البحر . في نفس الوقت صعدت الالهة رع لتصبح شمسا.

      رع مع الإله آتوم انجبت طفلين هم شو آلهة الهواء والريح وتيفنوت التي كانت آلهة الخصب. ولكن كلا الطفلين اختفوا، فارسل الله " آتوم" عينه الالهية لتبحث عن الاطفال وعندما وجدتهم بكى الإله من الفرح لتتحول دموعه الى البشر الاوائل. الاخوة شو وتيفوت احبوا بعضهم البعض ليتناكحوا ويحصلوا الى ابناء توائم، لتكون الاولى آلهة السماء نوت والثاني آلهة الارض جيب، ، وذلك من اجل المحافظة عليهم بعيدين عن بعضهم البعض حتى لايرتكبوا الخطأ الذي ارتكبه والديهم بالزواج من بعضهم البعض. ومع ذلك كان فراعنة مصر يتزوجون اخواتهم في سبيل التشبه بالالهة، إذ كان سائدا ان الالهة فقط يحق لها الزواج بالاخوة.

      هذه الاسطورة توضح ان الاصل هو الفوضى ليأتي النظام مع الالهة، لذلك وجب احترام ممثلي الالهة على الارض ولي الامر وكهنته من رجال الدين. الامر الذي يوضح الجذور العميقة لاحترام القوانين القادمة من السماء لدى شعوب الشرق وتقديسهم لرجال الدين. كما توضح اسس مشتركة للاساطير التي يتزوج فيها الاخوة بعضهم البعض، إضافة الى اسطورة العالم المائي قبل الخلق.

      وفي مذهب التاسوع بمصر القديمة في مدينة أون"/هليوبوليس/عين شمس الحالية عن قصة الخلق نجد إله الأرض الذكر "جب" و إلهة السماء الأنثى "نوت" ملتصقان كلا بالآخر بعد أن خلقا من الإله "آتم" ونتج من إلتصاقهما /تزاوجهما أربعة آلهة"أوزير" و"إست"(إيزيس) و "نبت حت"(نفتيس) و "ست" بعدها قام الإله "شو" إله الهواء بالفصل بين الأرض"جب" والسماء"نوت" حيث يبدو "جب" الذكر عاريا وقد رفع "شو" من فوقه أنثاه العارية"نوت" ! وهي اسطورة تتشابه للغاية مع الاسطورة البابلية،

      التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2012-12-30, 07:47 PM.

      تعليق


      • #4



        أسطورة الخلق
        عند قبائل استراليا

        في البدء لم يكن هناك احد على الاطلاق على الارض. هكذا تقول الاسطورة عند شعب قبيلة كاراديري Karadjeri الاسترالية.
        بالضبط في لحظة اقتراب الظلام من اليوم الاول خرج كلبين اخويين من باطن الارض لتبدء رحلتهم في الفيافي والبراري. خلال هذه الرحلة كانوا يغيرون بأستمرار احجامهم ونوعهم كحيوان. لقد اصبحوا ايضا بشرا بأحجام هائلة الى درجة ان رأسهم عانق السماء.

        خلال الرحلة كان الكلبين يغنون عن النباتات والحيوانات التي يصادفوها، ويطلقوا عليهم الاسماء، لتصبح واقعا حقيقيا. بأغانيهم خلقوا الحية والكنغر واشجار الصبار وكافة الحيوانات. بعد ذلك اتجه الاخوة الى الشمال ليلتقوا ببشر ليس لهم اعضاء تناسلية. الاخوة الكلاب صنعوا اعضاء تناسلية من الفطر والصقوها بالبشر. لقد اعطوا البشر سلاحا بدائيا واعطوهم اداة يصدر عنها الاصوات كأصوات آبائنا الاوائل. بعد ذلك تحولوا الى حية ليختفوا في ثقب بالارض.

        شعوب استراليا الاصليين يملكون العديد من اساطير الخلق ولكن جميعها يجمعها جامع مشترك انها حدثت في عصر الاحلام، حيث الارض كانت تغوص بالفوضى. لقد تحولت الى واقع فقط عندما بدأت ارواح الاجداد العظام تتجول في البراري لتتطلق الاسماء على ماتراه فيتحول الى حقيقة. كما يفسر لماذا هذه الشعوب تجرح الصبيان تحت قضبانهم التناسلية، وبالطبع لان الاجداد قرروا ذلك.





        اسطورة الخلق
        عند شعوب شمال اوروبا

        تبدأ قصة الخلق عند شعوب الشمال الاسكندنافية بأن الكون كان غير كامل وكان على حافة ثقب عظيم كالفم الهائل. من هذا الثقب كان يخرج نهر عظيم في البيداء الممتلئة بالضباب ويتجه الى الشمال، في حين كانت تخرج شرارات ملتهبة بأتجاه الجنوب. عندما تمكنت الشرارات من إذابة الجليد تحولت القطرات الى انسان هائل، إنه الشرير يمير Ymer. لقد كان هذا الشرير خصب للغاية إذ ان جسمه كان يولد منه بأستمرار المزيد من الاشرار الهائلين.
        المياه المذابة انتجت ايضا بقرة بأسم Audhumbla ، حيث قام الانسان الشرير بشرب حليبها بينما كانت هي مشغولة بلحس الحجر الملحي. وفجاءة نبت للحجر شعر ومن ثم رأس وفي النهاية ظهر رجل كامل منه. هذا الرجل اصبح الجد الاول للالهة اودن Oden, Vile, Ve. هؤلاء الالهة الثلاثة قتلوا آباهم الاول ، غير ان دماء الاب اغرقت جميع الالهة ولم يبقى إلا اثنان منهم: امرأة ورجل، ليصبحوا والدين لجيل جديد من العمالقة.

        الالهة بنت حديقة بها شجرة عملاقة ، ارسلت اغصانها وجذورها الى جميع زوايا الارض. عند الشاطئ عثرت الالهة على قطعتين من خشب هذه الشجرة منهم خلقوا امرأة ورجل بأسم Ask, & Embla ، ليكونوا اول البشر.

        اسطورة شعوب الشمال نموذج على الاساطير التي يجري الخلق فيها من اجسام اولية، كما انها نموذج على الاساطير التي يقتل فيها الانسان الاول خالقه ليتحرر من العبودية. وهذه الاسطورة ترينا كيف ان الاساطير تنطلق من الواقع المحلي فتستخدم البيئة المحلية في الابداع.




        اسطورة الخلق
        عند شعب الصين القديم

        يحكى انه في العهود الموغلة في القدم كانت السماء والارض صنوين لا ينفصلان، وكان الفضاء يشبه بيضة كبيرة، في داخلها ظلام دامس، لا يمكن من خلاله تمييز الاتجاهات. ونشأ في هذه البيضة الكبيرة بطل عظيم واسمه "بان قو" يفصل الارض عن السماء. واستيقظ بان قو بعد 18 الف سنة من النوم، ولم ير الا ظلاما حالكا، وشعر بحرارة شديدة حتى كاد يختنق، وكان يريد النهوض، لكن قشرة البيضة كانت تلف جسده بشدة، ولم يتمكن من مد يديه ورجليه، فغضب "بان قو" واخذ يلوح بفأس كانت معه ، وبعد ذلك سمع صوتا مدويا وانشقت البيضة فجأة، وتطايرت المواد الخفيفة والصافية الى الاعلى لتشكل السماء وسقطت المواد الثقيلة والعكرة الى الاسفل لتكون الارض.

        وكان بان قو سعيدا جدا بعد انفصال الارض عن السماء، لكنه خاف من امكانية التقاء السماء والارض مرة اخرى في يوم ما، لذلك، وقف بين السماء والارض، وكان طوله يزداد عشرة امتار يوميا، ويزداد ارتفاع السماء وسمك الارض عشرة امتار يوميا ايضا، وبعد 18 الف سنة، اصبح بان قو عملاقا، وبلغ طوله 45 الف كيلومتر، وهكذا استقرت السماء والارض آخيرا، ويشعر بان قوه بالتعب الشديد لكنه مطمئن نسبيا، اما الاسطورة فقالت ان جسده الضخم انهار فجأة.

        وبعد وفاة بان قو، اصبحت عينه اليسرى الشمس الحمراء، واصبحت عينه اليمنى القمر الفضي، وتحولت انفاسه الآخيرة الى رياح وسحب، واصبح صوته الاخير هدير الرعد، واصبح شعره ولحيته نجوما متلألئة، وتحول رأسه واطرافه الاربعة الى اربعة اقطاب للارض وجبال شامخة، وتحول دمه الى انهار وبحيرات، واصبحت عروقه طرقا، واصبحت عضلاته اراضي خصبة، واصبح جلده واوباره ازهارا واعشابا واشجارا، واصبحت اسنانه وعظامه معادن واحجارا كريمة، وتحول عرقه الى امطار وندى، ومن هنا تقول الاسطورة ظهور الدنيا.

        لكن ماذا تقول اساطير الصين القديمة عن قصة الخلق؟
        يحكى ان الالهة "نيوى وا" التى تتميز بجسد انسان وذيل تنين كانت تتجول بين السماء والارض بعد انفصالهما بسبب"بان قو"، ورغم وجود الجبال والانهار والنباتات والحيوانات على سطح الارض في ذلك الوقت، لكن الدنيا كانت راكدة وهامدة بسبب عدم وجود بشر، وفي يوم من الايام، شعرت "نيوى وا" بالوحدة وهى تتجول على الارض الساكنة، لذلك، قررت اضافة اشياء مفعمة بالروح والحيوية الى الدنيا.

        كانت نيوى وا تسير على ضفة النهر الاصفر، ورأت صورتها المنعكسة على صفحة الماء، ولم تتمالك عن فرحتها، فقررت صنع دمى من الطين اللين على ضفة النهر، وكانت ذكية وماهرة، فصنعت الكثير من الدمى بسرعة، وكادت تلك الدمى تشبهها تماما، لكنها زودت الدمى باقدام بدلا من ذيل التنين، وبعد ذلك، نفخت نيوى وا عليها، واصبحت تلك الدمى حية تستطيع المشي والنطق وتتمتع بالذكاء والروعة، وسمتها نيوى وا"الانسان"، وادخلت نيوى وا الروح الذكرية-العنصر الذكري في الطبيعة، الى بعض الناس فاصبحوا رجالا، وادخلت الروح الانثوية- العنصر الانثوي في الطبيعة، الى بعضهم الآخر، فاصبحوا نساءا، وكان اولئك الرجال والنساء يرقصون بفرح وسروح حول الالهة نيوى وا، واضفوا النشاط والحيوية على الارض.

        وارادت نيوى وا نشر البشر في كل انحاء الارض، لكنها كانت متعبة جدا، فوجدت طريقة سهلة جدا لذلك، اذ صنعت حبلا من الاعشاب ووضعته في طين النهر واخذت تلفه في الطين الى ان انغمر باكمله، ثم سحبت الحبل من النهر واخذت تهزه يمنة ويسرة، وتناثرت قطع الطين اللين هنا وهناك، واصبحت هذه القطرات حسبما تقول الاسطورة بشرا صغارا الحجم، وهكذا خلقت نيوى وا ناسا منتشرين في انحاء الارض.

        ولم تكثف نيوى وا بذلك، وبدأت تفكر في كيفية استمرار الانسان جيلا بعد جيل، لان تلك المخلوقات ستموت عاجلا أو آجلا، لذلك، زوجت نيوى وا الرجال والنساء ليتناسلوا وتستمر دورة الحياة، وهكذا استمر البشر بالتناسل والازدياد يوما بعد يوم.





        تعليق


        • #5





          أساطير خلق الكون لدى شعب اليوروبا في أفريقيا

          شعب اليوروبا يعيش في الجزء الغربي مما يعرف اليوم بجمهورية النيجر أما أسطورتهم فتقول:
          في البداية كانت السماء في الأعالى والماء في الأسفل, وكانت أوريشا القوة المسيطرة, وهي مجلس الآلهة, في السماء كانت السيطرة بيد ألورون, أما في المياه في الأسفل فكان اولوكون هو المسيطر.
          ذات يوم قرر الإله أوبتلا أن يخلق اليابسة. فاستأذن بذلك أولورون حاكم السماء واستشار الآلهة اورنوميلة, التي كانت المستشارة الكبرى وصاحبة الرأي والحكمة في مجلس الآلهة.
          قالت أورنوميله: "كي نخلق اليابسة نحتاج الى بعض الأشياء" ثم أردفت تشرح التفاصيل: "سلسلة ذهبية طويلة, صدفة حلزونية مليئة بالرمل, دجاجة بيضاء قطة سوداء وشجرة نخيل" (المقصود هنا شجرة نخيل خاصة, تنمو في افريقيا, ويستخرج من ثمارها النبيذ).

          جمع الإله أوبتلا جميع الأشياء المطلوبة ثم وضعها في حقيبة. أخذ السلسلة الذهبية الطويلة أولا, وعلقها في ركن من السماء, واستعان بها للنزول الى الأسفل. نزل ببطء الى أن اكتشف أنه وصل حتى طرف السلسلة, وشعر أنه يطأ على الأرضية من تحته. بعد ذلك أخرج اوبتلا صدفة الحلزون من حقيبته ثم رش الرمل من جوفها نحو الضباب من تحته, ثم أطلق سراح الدجاجة. حطت الدجاجة على الرمل وبدأت تنبثه وتنقره, فانتشر الرمل الى كل ناحية. وسرعان ما تحول الرمل الى جبال عالية وإلى سهول ووديان.
          أخرج اوبتلا شجرة النخيل ثم غرسها, وسرعان ما شاهد أمامه غابة كبيرة من شجر النخيل. تلفت اوبتلا حوله فغمرته مشاعر الرضى من نتيجة عمله. لقد سمى الأرض "إيف" واستوطن الأرض التي أوجدها مع القطة التي كانت معه.
          ولكن لم يمض زمن طويل حتى شعر اوبتلا بالملل والوحدة, وكي يُشغل نفسه راح ينتج أشكالا من الطين, وخلال انشغاله بذلك أخذ يشرب من خمر التمور.
          واصل أوبتلا شرب الخمرة, زجاجة بعد زجاجة, واستمر في انتاج المزيد من الأشكال الطينية, بعد أن انتهى من صنع هذه الأشكال طلب من اولورون, سيد السماء, ان يبعث الروح في هذه الأشكال الطينية التي صنعها, استجاب اولورون لمطلبه, ليشاهد في اليوم الثاني هذه الأشكال مخلوقات حية تتنفس وتتحرك. لقد واجهت اوبتلا مشكلة واحدة: جميع هذه المخلوقات كانت قبيحة وعديمة الشكل.
          انتابه الذعر وأقسم أن لا يشرب الخمرة أبدًا أثناء انتاج الأشكال. جلس أوبتلا ثانية وأخذ ينتج الأشكال من الطين مجددًا, لكن الأشخاص التي شكلها من الطين كانت متكاملة تماما في هذه المرة. نفخ أولورون الروح في هذه الأشخاص فكانت متقنة, وانتشرت في الحال لبناء البيوت والمدن.
          أصبح أوبتلا سيد البشرية الذي يقرر خلق الأشياء أو ابادتها.
          كانت جميع آلهة الاوريشا (مجلس الآلهة) راضية جدا مما فعله أوبتلا, ما عدا أولوكون إله البحر, الذي غضب جدًا لأن أحدًا لم يستشره في أي مرحلة من مراحل خلق الأرض والجنس البشري. وفي غضبه أوجد طوفانا ضخما, محا معظم ما أنجزه أوبتلا. بعد هذا الطوفان أدرك الجميع أن الماء مصدر نعمة وحياة للأرض ولكنه يستطيع تدمير الأرض وتخريبها أيضا.





          أساطير الخلق عند اليونان

          تقول حكاية خلق الكون اليونانية أن هذا الكون كان خرابا ويبابا… أي في حالة من العدم وغياب النظام المطلق. كان اليباب يشكل المادة الخام الأولية التي تفتقر إلى الهيئة والشكل حيث انبثقت عنه فيما بعد كائنات مستقلة محددة: الأرض- الجبال, الغياهب- الهاويات- ثرثروس, الليل- نيكس والايروس, الذي لا تكون الحياة بدونه. ولدت جايا أوراونوس- السماء, وغطتها بالشفق الأحمر المتلألئ, وأصبح زوجا لها. كانت جايا وأورانوس أول زوج وزوجة في الكون. وقد أنجبا العمالقة الخوارق (التيتان والسيكلوب...) من ذوي العين الواحدة في وسط الجبين. وبما أن أورانوس قد خاف من كثرة أولاده الذين كانوا مُسوخا مريعة, فقد خبأها في غياهب الارض وأعماقها. بينما أحبتهم جايا كثيرًا جدًا وغضبت على أورانوس زوجها لأنه خبأهم في أعماق الأرض وصممت في طوية نفسها على الانتقام منه. كان إله الزمن كرونوس أصغر أبناء جايا وأورانوس, الوحيد الذي لم يخف من أبيه. صنعت له جايا منجلا من أقوى وأشد الصخور التي عثرت عليها, ثم أعطته له وشرحت له تماما كيف ينتقم من أبيه أورانوس.

          كانت جايا تعلم أن أورانوس إله السماء كان ينزل كل ليلة مع حلول الظلام إلى الأرض. وعلى هذا الأساس أمرت كرونوس أن يتربص لأبيه ويضربه بهذا المنجل عندما يستلقي للراحة. تصرّف كرونوس كما أمرته أمه تمامًا, فقتل أباه بضربة واحدة، وورث مكانه كإله للسماء, وتزوج من أخته ريا- إحدى آلهات الأرض. وهكذا أوجد كرونوس السلالة البشرية الأولى المصنوعة من الذهب, وعلى هذا الأساس, سُمي عصره بالعصر الذهبي. لم يضطر الناس في هذا العصر إلى العمل ولم يمرضوا أو يموتوا. إلا أن كرونوس كان بربريا وحشيًا مثل أبيه. وبما أنه كان يعرف أن أحد أبنائه قد ينحيّه عن الحكم, فقد قرر أن يبتلع أولاده فور ولادتهم, كي لا يستطيع أحد منهم أن يرثه ويفرض سيطرته على العالم بدلا منه. وعندما حملت ريا بزيوس, أدركت ما الذي ينتظره بعد مولده, لذلك, توجهت ريا الى أمها جايا, فساعدتها على الوصول إلى جزيرة كريت حيث وضعت هناك ابنها زيوس في مغارة, حيث كانت الحواري تسقيه الحليب, بينما كان العفاريت الصغار يرقصون ويخشخشون برماحهم, ويحامون عنه ويحرسونه ويهدئون من روعه عندما يبكي. بعد الولادة, جاء كرونوس ليبتلع المولود الجديد… فماذا فعلت ريا؟ لفـّت صخرة قاسية في القماط وسلمته لزوجها. ابتلع كرونوس الصخرة الملفوفة دون أن يشك في محتواها. وهكذا نجا زيوس, وكبر وهو متستر، ليصبح بعد ذلك أقوى وأعظم إله. عندما بلغ زيوس سن الرشد انضم الى جيش أمه جايا المكون من العمالقة والمسوخ, والى آلهة أخرى ليحارب كرونوس ويقضي عليه. كانت الحرب رهيبة واستمرت على مدار سنوات عديدة. وقتل جميع مواليد العصر الذهبي. وبالطبع انتصر زيوس في المعركة، وخلّص أخوانه وأخواته, وبنى لنفسه قصرًا, كان مقرًا سيطر منه على البلاد وعلى الناس وعلى الآلهة. وكان هذا القصر بالطبع الاوليمبوس المشهور. تزوج زيوس من أخته هيرا وأنجبا الكثير من الأولاد. وكان لزيوس نساء أخريات وضعن له الأولاد أيضا. وعلى هذا النحو امتلأ الكون بسرعة بالالهة الاخرى. قرر زيوس أن يُنتج سلالة بشرية, تمجّد آلهة الاوليمبوس وتقدرها. خُلقت السلالة الجديدة من الفضة ولكن أيامها كانت قصيرة. وكان مواليد ذلك العصر أغبياء لم يحترموا الآلهة, الأمر الذي أثار عليهم غضب زيوس, لذا فقد أخفى زيوس أهل عصر الفضة في رُكن بعيد جدًا في غياهب الأرض, في العالم السفلي.

          لا تسير الأمور في مجاريها دون أبناء البشر, وهكذا بدأ عصر البرونز الذي كون فيه زيوس السلالة البشرية الثالثة المصنوعة من البرونز. ولكن زيوس لم يقرّ عَينًا بهؤلاء الناس لأن أهل هذا العصر كانوا عدوانيين بشكل خاص, ومن مثيري الفتنة والفساد, ويقضي واحدهما على الآخر. لذا قرر زيوس أن يخفيهم على الفور في أعماق العالم السفلي. حينذاك نشأ في العالم جيل الأبطال الذين تحدثت عنهم الأساطير الرائعة في التراث الهيليني. منح كل بطل في عصر الأبطال مكان خاصا “في الجزر المباركة الميمونة” الكائنة في أعماق العالم السفلي. كان النور والجمال يعم هذه الجزر بشكل دائم, ولكن حتى رجالات عصر الأبطال, اختفت معالمهم وجاءت بعدهم السلالة التي تعرف بالسلالة الحديدية والتي من المفروض, بموجب حكايات الأساطير اليونانية أن تكون أقسى وأصعب من جميع السلالات التي سبقتها. كان يترتب على أهل العصر الحديدي أن يعملوا ويشقوا طوال أيام حياتهم. وأن يعانوا ويموتون كذلك. ومع كل هذا فقد كانوا يُعتبرون أقوى من جميع السابقين, وكانوا أيضا السبب المباشر لخلود وبقاء آلهة الاوليمبوس.



          أساطير الخلق اليابانية

          فرضت الآلهة مهمة صعبة للغاية على أبناء السماء ايزانجي وايزانمي. ترى ماذا كانت هذه المهمة؟ خلق العالم. ترى لماذا كانت هذه المهمة صعبة للغاية, ذلك لأن الخراب والفوضى والهباء, كانوا يسودون كل بقعة من هذا العالم, الذي كان شبيه بيضة ضخمة, تعلوها السّماء, التي كانت ذراتها أخف كثيرا من ذرات البيضة.
          كيف خلقت السماء والأرض؟ قبل خَلق السماء والأرض كانت الدنيا تغوص في ظلام دامس. وكانت في وسط الظلام بيضة ضخمة مضغوطة ودسمة.
          تدريجيا وفي بطء, طرأت على البيضة مع مر الزمن بعض التغييرات. الجزيئات الفاتحة الشفافة الصافية انفصلت عن الجزيئات الثقيلة والصلبة فيها.
          تناسقت المواد الثقيلة الصلبة مع بعضها فأوجدت الأرض, فعل ذلك إين ويين, أما الأجزاء الخفيفة والصافية فقد ارتفعت إلى الأعالي فتكونت السماء, التي سُميّت يو-يانغ.
          ومن أين وصل ايزانجي وايزانمي؟ لقد ولدا مثل ما تولد الآلهة من لقاحات حية كانت تحاق فوق البحر القديم.
          رَكب ايزانجي وايزانمي معدّية (طوف) وأبحروا بها في كل أنحاء المملكة خلال عدة أيام, لكنهما لم يعثرا على أي أثر أو إشارة للأرض. تباحثا في الأمر وتوصلا إلى استنتاج يقول بأنه اذا كانت هناك أرض, فانها لا بد ستكون في الأعماق, في المكان التي سقطت فيه الجزيئات الثقيلة الصلبة, فقررا أن يأخذا معهما رمح الحجر الاخضر الذي في السماء, والذي كان مرصعًا بالحجارة الكريمة, وأضاءا آلاف الشعلات, للاستعانة بها في البحث عن الأعماق. لقد غطسّا طرف الرمح في الماء وحركوه داخل الماء, كان الماء معكرًا ومطاطيا, فزادت كثافته, والتصقت الجزيئات ببعضها البعض ولما رفعوا الرمح سالت منه النقاط التي نشأت منها جزيرة اونوجوروجمه, ويعني هذا الاسم الجزيرة التي نشأت من ذاتها أو الجزيرة التي نشأت لا تلقائيا.

          قرر ايرانجي وايزانمي النزول إلى الجزيرة, وان يتزوجا ويعيشا فيها. ساعدهما قوس القزح في السماء الذي أصبح جسرا أعانهما على النزول الى الجزيرة. وعندما وصلا الى الجزيرة توجه الأول الى اليمين وتوجهت الثانية الى اليسار للتعرف على ما يوجد في الجزيرة, وأين سيكون المكان الأفضل والمناسب أكثر لبناء بيتهما, ولما عادا والتقيا ثانية هتفت ايزانمي قائلة "كم أنا سعيدة بأن أكون زوجة لك". غضب ايزانجي على ايزانمي وقال "محظور عليك أن تتكلمي بهذا الأمر قبلي, اذ أن امرأة! يترتب علينا أن نبدأ من جديد". توجه كل واحد منهما في إتجاه آخر وعندما التقيا ثانية, بدأ ايزانجي الكلام أولا وقال: "ما أجمل هذه الفتاة التي التقيت بها". الآن يستطيعان الزواج وانجاب الأولاد, الذي كانوا في الحقيقة جزرًا. كانت الجزر الاولى غير موفقة بسبب غلطة ايزانمي, لأنها تكلمت في البداية, فانجرفت هذه الجزر في البحر. لكن الجزر التي ولدت بعد ذلك أصبحت جزر اليابان الثمانية الكبرى. كما أنجبا بعد ذلك ابنة, مشرقة مشعة فقررا ارسالها لتسيطر في السماء ولتكون آلهة الشمس وقد سميّاها اوهو هيرو- مي- نو- موتشي.

          أحد أبنائهما تسوكيومي- نو- ميكوتو, كان القمر والذي أصبح فيما بعد زوجًا لاوهو هيرو-مي- نو موتشي, وظل يرافقها ويسيطر معها على السماء. كان لهما أولاد آخرون بالطبع, والذين أصبحوا آلهة وأجزاء من الكون. لقد عاشا سنوات مديدة بسعادة وهناء, حتى مولد إله النار. أثناء الولادة احترقت ايزانمي وانتقلت للعالم الدنيوي في الأعماق. تأثر ايزانجي وحزن وعاش كسير القلب يائسا, وترك بيته وانتقل للإقامة في جزيزة بعيدة جدّا, جزيرة تشوكوج, حيث عاش هناك منعزلا , وحيدًا.



          رمز "بين ويانج" يعني توحيد المتناقضات.
          يتناقض إين ويين واحدهما مع الآخر, ولكن أي لم يتمكن أن يعيش دون الآخر. إين هو الجزء الأنثوي ويين هو الجزء الذكوري.
          يعني اسم ايزانجي: الرجل الذي يدعو.
          اما اسم ايزانمي: فيعني المرأة التي تدعو.





          تعليق


          • #6


            أسطورة الخلق التوراتية




            إذا أخذنا كتاب التوراة اليهودي وتصفحناه من موقف غير نقدي نستطيع تحديد حركات الشعب اليهودي في الشرق الأدنى (سورية ومصر) على ثلاث مراحل أساسية أو حركات هجرية.

            أولها، هجرة إبراهيم الجدّ الأول للشعب اليهودي، من مدينة أور الكلدانية في أرض الرافدين واستقراره في أرض كنعان بفلسطين. وذلك في القرن الثامن عشر قبل الميلاد.

            المرحلة الثانية تظهر بقيادة يعقوب حفيد إبراهيم من اسحق وهو الذي حسب الأسطورة تصارع مع الله طوال الليل وعنه تصدر الأسباط الاثني عشر. ومعه جدد الله وعده لإبراهيم بارض الميعاد.

            أما المرحلة الثالثة في أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد، فتقوم بها جموع اليهود الفارين من مصر بقيادة موسى.

            دخلت هذه الجموع الرعوية الجائعة أرض فلسطين من الجنوب بعد أن تاهوا في صحراء سيناء أربعين سنة، جزاء خوفهم من دخول الأرض أول مرة. لقد أرهبتهم أرض كنعان وأهلها الجبابرة بما رأوا فيها من منعة وثروة وحضارة، فعادوا إلى الصحراء.

            لقد كان تقدم العبرانيين في أرض سورية الجنوبية بطيئاً جداً. إلّا أنهم، كما ذكر في التوراة، لم يكن تقدمهم بمثابة بطشهم فسياسة الإفناء التي اتبعوها لم يكن لها مثيل إلا أعمالهم الحالية في فلسطين فعلى سبيل المثال، عندما دخل يشوع إلى العي نقرأ بالتوراة وصف الحالة بما يلي: "رجع جميع اسرائيل إلى العي وضربوها بحد السيف. وكان جملة من قتل ذلك اليوم، رجل وامرأة، اثنا عشر ألفاً، جميع أهالي العي. وأحرق يشوع العي وجعلها تل ردم إلى الأبد خراباً". ولا بد من التنويه بأن الآمر الناهي والمخطط الرئيسي لهذه الأعمال الوحشية هو إله اليهود.

            وبعد احتلال فلسطين يخبرنا الكتاب أنهم انقسموا إلى مملكتين: اسرائيل في الشمال ويهوذا في الجنوب. وكما يصف لنا الحالة فراس السواح "بقي العبرانيون عالة على الثقافات المجاورة. ففي أوج ازدهار دولتهم، أيام الملك سليمان، نجد هذا الملك يستعين بالحرفيين والصناع الكنعانيين لبناء هيكله المشهور ويستورد له المواد اللازمة من فينيقيا".
            وما أن يقارب القرن السادس قبل الميلاد على نهايته حتى يدخل نبوخذ نصر البابلي العظيم مملكة اسرائيل ويحمل رجالها أسرى إلى بابل وبعد ذلك يأتي الفتح اليوناني ثمر الروماني ويتلاشى الكيان السياسي المزعوم لليهود. ويتبع ذلك تفكك وجودهم الاجتماعي والديني بانتشار المسيحية وتحول الشعوب السورية إليها.

            - ما تظهرة الأركيولوجيا:

            "لم يوجدوا تاريخهم بل أن تاريخهم هو الذي أوجدهم"، هذا ما يقوله وِل ديورنت في موسوعته الشهيرة قصة الحضارة عن الشعب اليهودي. وإن قصص الآباء في سفر التكوين، رغم ترجيح وجود أساسي واقعي لها، ليست إلا نوعاً من الملحمة البطولية، مما تعودت الشعوب تدبيجة عن البدايات الأولى.

            خيبت الأبحاث الأركيولوجية آمال الباحثين عن اسرائيل التوراتية، فالمنطقة بأثرها لم تظهر إلا استمرارية للثقافة المحلية الكنعانية. ولا وجود لأي دليل أثري على حلول أقوام جديدة في هذه المنطقة جلبت إليها تقاليد وثقافات مغايرة. يقول موسى مطلق إبراهيم في كتابه "وعد التوراة، من ابرام إلى هرتزل": "أيّاً كانت الحقيقة التاريخية بشأن التاريخ التوراتي ككل أو بشأن مملكة إسرائيل التوراتية […] فالحقيقة التي لا تقبل الجدل أن جميع الهجرات البدوية التي دخلت الهلال الخصيب في التاريخ القديم قد انصهرت في إنسانه، وانطبعت بطابعه الحضاري في جميع مجالات الحياة" ويضيف قائلاً: "إن الهجرة المسماة عبرانية قد انسحبت عليها هذه الحقيقة […] ولم يكن لها من الخصوصية ما يميزها في شيء، اللهم إلا تلك الردة الدينية- السياسية- الاجتماعية التي حصلت في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد تحت المآثي التي نزلت بمملكة أوشليم وشعبها".

            أما في ما يختص بالفتوحات العسكرية فالمقاومة المسلحة التي واجهها الإسرائيليون من قبل ملوك شرق الأردن لا أساس لها من الصحة، لأن منطقة شرق الأردن كانت خالية من المراكز الحضرية بين القرن السابع عشر والقرن العاشر قبل الميلاد.
            وفيما يتعلق بأريحا وقصة تدميرها على يد يشوع تظهر التنقيبات أن آثار الدمار الزلزالية في أريحا تعود إلى أزمنة سابقة بكثير للتاريخ المفترض لدخول الإسرائليين خلال الربع الأخير من القرن الثالث عشر قبل الميلاد.

            أمّا عن مملكة الإسرائليين الموحدة، فإن المسح الأركيولوجي للمناطق الهضبية التي كانت نواة هذه المنطقة، ينفي وجود قاعدة سكانية واقتصادية في هذه المناطق خلال القرن العاشر تسمح بقيام مثل هذه المملكة. فمملكة داوود وسليمان ليست مستبعدة تاريخياً فقط، بل أنها مستحيلة الوجود. وجميع نتائج التنقيب تظهر وبوضوح أن أورشليم لم تكن في القرن العاشر قبل الميلاد إلا بلدة صغيرة جداً. وخلاصة القول في أمر المملكة الموحدة هو أنها لم تكن سوى مملكة صغيرة لا تزيد ضخامة عن ممالك بلاد الشام القائمة في ذلك العصر.
            بعد توضيح المسائل المتعلقة بالسياق التاريخي للشعب اليهودي بين التوراة والأركيولوجيا من حقنا أن نشك بصحة تلك النصوص التي لم تكن سوى صنيعة خيال شعب ضعيف أراد أن يتكبر على أوراق الكتب.

            إن الديانة اليهويدية لم تنشأ وتتطور في فلسطين عبر الفترة المديدة الفاصلة بين مطلع الألف الثاني قبل الميلاد وأواخر الألف الأول قبل الميلاد، ولم يكن لهذه الديانة أية صلة بشعب معين اسمه شعب إسرائيل، لأن تاريخ هذا الشعب، كما ترسمه الرواية التوراتية، لا يعدو أن يكون فانتازيا لا تصلها صلة بالتاريخ الحقيقي للمنطقة. بل لقد نشأت هذه الديانة وتطورت واتخذت شكلها الحالي خلال القرون القليلة السابقة للميلاد. كما أكد البروفسور توماس طومسون استاذ علم الآثار في جامعة "ماركويت" في ميلواكي في الولايات المتحدة في كتابه "التاريخ القديم للإسرائليين": "إن مجموع التاريخ الغربي للإسرائليين يستند إلى قصص من "العهد القديم" من صنع الخيال" .

            ب*- أصول المتون التوراتية:

            أن كل ترجمات التوراة إلى اللغات الحديثة ترجع إلى النص المسوري، الذي أكمل العلماء المسوريون تنقيطه في تاريخ لا يتجاوز القرن العاشر ميلادي.
            إلى جانب النص التقليدي، لدينا ترجمات قديمة للتوراة بعضها يرجع إلى ما قبل الميلاد، اعتمدت نصوصاً مغايرة للنص التقليدي الذي تم تثبيته بعد ذلك، أهمها الترجمة اليونانية المعروفة بالسبعينية عندما أخذ المسيحيون يبادلون اليهود على أساس النص السبعين، أخذ اليهود بترجمة أخرى وهي Aquila حوالي منتصف القرن الثاني ميلادي والتي يبدو أنها اعتمدت نصاً أقرب إلى النص التقليدي منه إلى النص الأصلي للترجمة السبعينية.
            بعد ذلك ظهرت ترجمة Symmachus ، التي تميزت بتعبير أرحب بالأسلوب اليوناني. وبعدها بنصف قرن ظهرت ترجمة Theodotion التي يبدو أن أصلها العبري أقرب إلى أصل Aquila والنص التقليدي منه إلى السبعينية.

            بين هذه الترجمات المختلفة كان يبدو أن السبعينية وحدها تنتمي إلى تقليد يختلف عن التقليد الذي تنتمي إليه الترجمات الأخرى.
            كما لدينا الوثائق المعروفة بمخطوطات البحر الميت المكتشفة عام 1948 في كهوف وادي قمران. وقد أرجع الباحثون أقدم نص بينها إلى نهاية القرن الثالث قبل الميلاد. وبعد أن أجرى العلماء بحوثهم تبين أنها تتبع النص التقليدي.

            لقد أكدت لنا مخطوطات البحر الميت وجود أصول عبرية قديمة لنصوص توراتية متداولة إلى جانب النص التقليدي، مثل التوراة السامرية. ومن المؤكد أن تعدد التقاليد هذا، هو الذي حثّ مجمع "جمينا" على تثبيت النص التوراتي بشكل نهائي.
            ولعل أهم ما قدمته مخطوطات البحر الميت التوراتية إلى "علم الكتاب"، هو تغيير موقف العلماء الحديثين من النص المسوري، لأنه لم يعد يمثل النص الوحيد الحقيقي في مقابل النصوص المشكوك بأمرها.

            ت*- نص اسطورة الخلق التوراتية:

            سوف نعرض الآن نص التكوين كما هو مذكور في التوراة (العهد القديم):
            الاصحاح الأول: في البدء خلق الرب السماوات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الرب يرف فوق وجه الماء. وقال الرب ليكون نور فكان النور. ورأى الرب النور أنه حسن، وفصل الرب بين النور والظلمة، ودعا الرب النور نهاراً والظلمة ليلاً، وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً. وقال الرب ليكن جلد في وسط المياه، وليكن فاصلاً بين مياه ومياه. فعمل الرب الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد، وكان ذلك. ودعا الرب الجلد سماء. وكان مساء وكان صباح يوماً ثانياً. وقال الرب لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة، وكان كذلك. ودعا الرب اليابسة أرضاً، ومجتمع المياه دعاه بحراً، ورأى الرب ذلك أنه حسن. وقال الرب لتنبت الأرض عشباً وبقلاً يبزر بزراً وشجراً ذا ثمر يعمل ثمراً كجنسه بزره فيه على الأرض، وكان كذلك فأخرجت الأرض بقلاً وعشباً وبقلاً يبزر بزراً كجنسه وشجراً يعمل ثمراً بزره فيه كجنسه، ورأى الرب ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يوماً ثالثاً. وقال الرب لتكون أنوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل، وتكون أنواراً في جلد السماء لتنير على الأرض، وكان كذلك. فعمل الرب النورين العظيمين، النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل، والنجوم، جعلها الرب في جلد السماء لتنير على الأرض. ولتحكم على النهار والليل، ولتفصل بين النور والظلمة، ورأى الرب ذلك حسن. وكان مساء وكان صباح يوماً رابعاً. وقال الرب لتفض المياه زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء. فخلق الرب التنانين والعظام وكل ذوات الأنفس الحية الذبابة التي فاضت بها المياه كأجناسها، وكل طائر ذي جناح ورأى الرب ذلك أنه حسن. وباركها الرب قائلاً أثمري وأكثري واملئي المياه في البحار، وليكثر الطير على الأرض. وكان مساء وكان صباح يوماً خامساً. وقال الرب لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها، بهائم ودبابات ووحوش أرض كأجناسها وجميع دبابات الأرض كأجناسها، ورأى الرب ذلك حسن. وقال الرب نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض. فخلق الرب الإنسان على صورته، على صورة الرب خلقه، ذكراً وأنثى خلقهم. وباركهم الرب وقال لهم أثمروا وأكثروا واملأو الأرض واخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى كل حيوان يدب على الأرض. وقال الرب اني أعطيتكم كل بقل يبزر بزراً على وجه الأرض وكل شجر فيه ثمر شجر يبزر بزراً. لكم يكون طعاماً. وكل حيوان الأرض وكل طير السماء وكل دبابة على الأرض فيها نفس حية اعطيت عشباً أخضر طعاماً، وكان كذلك. ورأى الرب كل ما عمله فإذا هو حسن جداً وكان مساء وكان صباح يوماً سادساً.

            الاصحاح الثاني: فأكملت السماوات والأرض وكل جندها. وفرغ الرب في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الرب اليوم السابع وقدسه لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الرب خالقاً. هذه مبادئ السماوات والأرض حين خلقت، يوم عمل الرب الإله الأرض والسماوات ، كل شجر البرية ولم يكن بعد في الأرض وكل عشب البرية لم ينبت بعد، لأن الرب الإله، لم يكن قد أمطر على الأرض، ولا كان انسان ليعمل على الأرض، ثم كان ضباب يطلع من الأرض ويسقي كل وجه الأرض. وجبل الرب آدم تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة الحياة فصار آدم نفساً حياً. وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً ووضع هناك آدم الذي جبله. وانبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة، ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس. اسم الواحد فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب. وذهب تلك الأرض جيد، هناك المقل وحجر الجزع. واسم النهر الثاني جيحون وهو المحيط بجميع أرض كوش. واسم النهر الثالث حداقل، وهو الجاري شرقي آشور، والنهر الرابع الفرات. وأخذ الرب الآلهة آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها.

            ث*- تناقضات النص:

            يظهر النص التوراتي تناقداً بارزاً في عرض الأحداث. ففي البدء يخلق الرب السماوات والأرض. ثم نجده يخلقهما مرة ثانية بفصل المياه من بعضها. ومرة نجده يخلق البشر دفعة واحدة وفي المرة الثانية يخلقهم بدءاً من زوجين، ذكراً وانثى.
            يعود هذا التناقض في النص إلى امتزاج قصتين للخلق. الأولى تظهر باسم يهوه والثانية باسم ايلوهيم. ويعتقد العلماء بأن القصة الخاصة بيهوه كتبت في يهوذا والقصة الخاصة بايلوهيم كتبت في افرايم. وإن هذه وتلك قد امتزجتا بقصة واحدة بعد سقوط السامرة.
            وإذا حللنا رواية التكوين استطعنا تمييز الروايتين وفق العرض التالي:

            - النص اليهودي:

            1- الحالة الأولى للكون، عماء مائي.
            2- يعزى الخلق إلى يهوى الذي قام به في ستة أيام منفصلة، في كل يوم عمل.
            3- تتسلسل مراحل الخلق وفق التالي:
            - النور
            - السماء
            - اليابسة
            - الزرع
            - الأجرام السماوية
            - الأسماك والطيور
            - الحيوانات والبشر رجالاً ونساء.

            - النص الالوهيمي:
            1- الحالة الأولى للكون خفر وخراب لا حياة فيه ولا زرع ولا ماء.
            2- يعزى الخلق إلى ايلوهيم، دون أن تقسيم زمني.
            3- تتسلسل مراحل الخلق وفق التالي
            - الإنسان، آدم من التراب
            - جنة في شرق عدن
            - الأشجار من كل نوع بما فيها شجرة المعرفة
            - الحيوانات والوحوش والطيور (لا ذكر للأسماك)
            - المرأة تخلق من رجل.

            كان يعدّ سفر التكوين التوراتي نصاً أصيلاً من ابتداع اليهود وعبقريتهم. ولكن يعد الكشف عن آثار مكتبة آشور بانيبال منذ نهاية القرن التاسع عشر كان لهذه الأصالة حديث آخر وهذا ما سنستعرضه في الجزء القادم

            تعليق


            • #7

              تابع: أسطورة الخلق التوارتية

              أجمع معظم الباحثون في الأساطير السورية والتوراة بعد اطلاعهم على كنوز الحضارة السورية التي بدأت تظهر للنور في أواخر القرن التاسع عشر، على عدم فرادة معظم النصوص التوراتية ونكران حصرية إبداعية اليهود لها.
              "هذه النصوص الميثولوحية (التكوين، الطوفان… في التوراة) منقولة عن ميثولوجية بابل وكنعان بالنص الحرفي أو منقولة جزئياً أو محورة بشكل يتفق والمفاهيم اليهودية. وإن مؤرخي التوراة لم يكتفوا "بابتداء مروياتهم بالجد الأكبر للشعب العبراني فتوسعوا في قصة الإنسان ولخصوها مبتدئين بالخليقة، وأخذوا في ذلك موادهم من مصادر بابلية ، وقصارى القول، إن كتاب التوراة، وهو المأثرة الثقافية الوحيدة للشعب اليهودي، قد نشأ وتطور انطلاقاً من أرضية ثقافية سورية وبابلية ومصرية. وإن مسيرة الفكر العبراني في سعيه لبناء ديانة مستقلة، لم تتكلل بالنجاح إلا عن طريق استيعاب وتمثل الديانات السابقة، والآلهة القوية التي لم يستطع يهوه زحزحتها إلا باستعارتها لنفسه"
              لعلّ من أبرز وجوه التشابه بين الأساطير السورية والأساطير المذكورة في التوراة تظهر جلياً بين أسطورة الخلق البابلية "الاينوما ايليش" وأسطورة الخلق التوراتية في شفر التكوين.

              سوف نحاول الآن عرض نقاط التشابه بين الأسطورتين:

              1- تقسيم الخلق على سبع مراحل :

              تتقسم مراحل الخلق في الاينوما ايليش على سبع ألواح متتالية بينما نرى يهوه يخلق الكون على سبعة أيام . وذلك على الشكل التالي:

              ألواح التكوين السبع أيام التكوين السبع

              (الاينوما ايليش) .................................. (سفر التكوين)
              1- العماء الأول، تعامة الماء المالح ........... 1- الظلام يغلف المياه
              وزوجها الماء الحلو. يحيط بهما الظلام ......... وروح الرب يرف فوق المياه
              2- النور يشع ويتولد من الآلهة .................. 2- خلق النور
              3- خلق السماء..................................... 3- خلق السماء
              4- خلق الأرض..................................... 4- خلق الأرض
              5- خلق الأجرام السماوية ......................... 5- خلق الأجرام السماوية
              6- خلق الإنسان .................................... 6- خلق الإنسان
              7- مردوخ ينتهي من الخلق ...................... 7- يهوه يستريح والآلهة تحتفل به

              2- طبيعة المبدأ الأول:
              المبدأ الأول في كلا النصين هو المياه التي منها يتم كل عمليات الخلق.

              1-عندما في الأعالي لم يكن هناك سماء، 1- وكانت الأرض خربة خالية
              وفي الأسفل لم يكن هناك أرض وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الرب لم يكن من الآلهة سوى آبسو أبوهم فوق وجه المياه وممو، وتعامة التي حملت بهم جميعاً.
              يمزجون أمواهم معاً.

              3- الضوء قبل النجوم والأجرام السماوية المشعة:

              تتحدث الاينوما ايليش عن وجود الأيام والليالي منذ عهد آبسو، كما أن مردوخ نفسه كان يشع بالنور. في المقابل يذكر الفصل الأول من سفر التكوين أن الرب خلق النور ليميز الليل من النهار قبل أن يخلق الأجرام المنيرة والنجوم والكواكب.

              وفتح آبسو فمه قائلاَ لنعمامة بصوت مرتفع وقال الرب ليكون نور فكان نور
              "لقد غدا سلوكهم مؤلماً لي في النهار لا أستطع ورأى الرب النور أنه حسن، وفصل
              الراحة وفي الليل لا يحلو لي الرقاد[…] الرب بين النور والظلمة ودعا الرب
              (عن مردوخ) مثله كنور عشرة آلهة معاً النور نهاراً والظلمة ليلاً.

              4- خلق السماء:

              يتفق النصان على أن السماء كانت نتيجة فصل المياه الأولى إلى قسمين. ففي النص البابلي يشطر مردوخ تعامة شطرين ويرفع أحدهما سماء، وفي النص التوراتي يفصل يهوه بين المياه التي تحت الجلد والتي فوقه سماء.

              شقها نصفين (أي تعامة) فانفتحت كما الصدفة وفصل بين المياه التي تحت الجلد
              رفع نصفها الأول وشكل منه السماء سقفاً. والمياه التي فوق الجلد، وكان ذلك.
              ودعا الرب الجلد سماء.

              5- خلق الأرض:

              بعد أن فصل مردوخ تعامة وجعل من نصفها العلوي سماء يضع حراساً وعوارض لكي يمنع المياه العلوية من أن تتسرب وبفعل ذلك يتسنى لإبسو خلق الأرض. كما نرى يهوه يأمر بتجمع المياه في مكان واحد لتظهر اليابسة.

              رفع نصفها الأول وشكل منه السماء سقفاً. وقال الرب لتتجمع المياه تحت
              وضع تحته العوارض وأقام الحرس أمرهم السماء إلى مكان واحد، ولتظهر
              بحراسة مائه فلا يتسرب […] اليابسة، ودعا الرب اليابسة
              قاس الرب أبعاد الإبسو وأقام لنفسه نظيراً
              أرضاً.له أسماه عيشارا (أي الأرض)

              6- خلق الأجرام المنيرة:
              بعد خلق السماء والأرض نرى يهوه كما مردوخ يخلقان الأجرام المضيئة وينظمان الزمان، النهار، والليل (…)

              أوجد لكل (من الآلهة مثيله من النجوم وقال الرب لتكن أنوار في جلد
              ثم أخرج القمر فسطع بنوره وأوكله الليل السماء لتنير على الأرض، وكان
              كذلك. فعمل الرب النورين العظيمين
              بعد أن أوكل بالأيام شمش (الشمس) وفصل النور الأكبر لحكم النهار والنور
              بين تخوم النهار وتخوم الليل. الأصغر لحكم الليل. والنجوم وجعلها
              في جلد السماء لتنير على الأرض.

              7- خلق الحيوانات والنبات:
              بسبب الضرر الذي لحق بألواح الاينوما ايليش يعتقد العلماء بأن السطور التي تذكر خلق الحيوانات والنبات مذكورة ضمن الأجزاء المفقودة من اللوح الخامس. أما النص التوراتي فيتحدث عن خلق حيوانات في اليوم الخامس بينما نبات الأرض فلم يظهر إلا بظهور الإنسان.

              8- خلق الإنسان:

              يخلق الإنسان في الروايتين في المرحلة الأخيرة من الخلق. كما تتفق الروايتين على أهمية هذا العمل وعلى ألوهية الإنسان المخلوق.

              سأخلق دماء وعظاماً (من دماء إله اسمه كينغو) فخلق الرب الإنسان على صورته
              منها سأشكل "لالو" ويكون اسمه الإنسان […] على صورة الرب خلقه.
              بعد أن قام أيا بخلق البشر […]
              ذلك الفعل الذي يسمو عن الافهام.


              9- الاستراحة بعد اتمام الخلق:
              بعد أن أنهى مردوخ الخلق كما يهوه تظهر الأسطورتين حالة الطمأنينة والراحة عند كليهما.

              وبعد أن أنهى كل تنظيم وقسم لكل من الآلهة وفرغ الرب في اليوم السابع من
              نصيبه فتح الانوناكي فمهم وقالوا لسيدهم عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم
              مردوخ: "[…] سنبني لك هيكلاً مكاناً به السابع من جميع عمله الذي عمل.
              نركن مساءً لنستريح […]".

              نتساءل مذهولين بعد تفحص تلك وجوه التشابه بين أسطورة الخلق البابلية وأسطورة الخلق التوراتية عن أسباب هذه التشابهات. صحيح، ومما لا شك فيه، أن الهلال الخصيب كان الاطار الذي نضجت فيه تأملات الإنسان البدئية وتصوراته الدينية وأساطيره. لكن الشعب اليهودي لم يكن يوماً واحداً من هذه الشعوب المبدعة التي تفاعلت على أرض الخصب- سورية. يعود تاريخ تدوين الملحمة البابلية إلى تاريخ قديم، حدده دارسوها بحوالي 1800 سنة قبل الميلاد، أي قبل ولادة موسى بأربعة قرون. ولا شك أن أصولها ترجع إلى مصادر موغلة في القدم. أمّا التوراة العبرانية فقد دوّنت أقدم أسفارها وهي أسفار موسى الخمسة بعد العودة من الأسر البابلي في القرن الرابع أو الثالث قبل الميلاد. ولم يقر النص النهائي للتوراة إلا في القرن الأول قبل الميلاد. فمن ناحية الأسبقية التاريخية نرى أن الاينوما ايليش أوغل في الزمن من أسطورة الخلق التوراتية .

              من ناحية أخرى، لا بد من الإشارة إلا أن اليهود قد سبوا مرتين إلى بابل. وقد قدم السبي لليهود فرصة للاضطلاع على آداب وديانات وأساطير ثقافة البابليين. ومن المعروف بأن المنتصر هو الذي ينشر ثقافته وليس العكس. كما أن اللغة البابلية قد شاعت في المنطقة وانتشرت غرباً حتى الساحل السوري، وشمالاً حتى آسيا الصغرى، وذلك منذ مطلع الألف الثاني قبل الميلاد. ولا يمكن انتشار لغة من دون آدابها. وقد يكون هذا سبباً آخر لاضطلاع اليهود على الأساطير البابلية.

              ليبدع شعب من الشعوب في أي مجال من المجالات لا بد له وأن يكون قد مر بأول الظروف المدينية الا وهي الاستقرار. كان اليهود رحلاً حيناً وعبيداً أحياناً. فكيف لشعب بدوي استعبدته الأمم العظيمة (سورية- الفراعنة) أن يصبح فجأة كاتب أعظم مآثر بشرية؟
              خلاصة القول، إن أسطورة الخلق التوراتية لا يمكن اعتبارها قطعاً إبداعاً يهودياً صرفاً، كما أن اليهود لم يتركوا الأسطورة البابلية بعدها العالمي الذي تميزت به بل جعلوا منها معتقدات قبلية ضيقة لأنانية في نفوسهم تعشق الخلود على الأوراق واغتصاب الأراضي والعقول.

              تعليق


              • #8



                التفكير الأسطوري

                يقول مايكل شيرمر: الأساطير قصص تحمل معانى، أخلاق و تحفيز، كانت هذه الأساطير صائبة أم لا، لا يهم.
                الأسطورة هي المحاولات الأولى لتفكير البشري وهي محاولة لتفسير الظواهر الطبيعية بطريقة قصصية وتفكيك معاني ورموز الأسطورة يتطلب مهارة عالية وفهما للبيئة التي نشأة فيها
                أختار الإنسان الأول القصة الشعرية ليعبر بها عن أفكاره, ولم يختر عرض الحقائق المجردة أو التفكير المنطقي وربما يعود ذلك لأن دماغ الإنسان مصمم لتفاعل الإجتماعي و مهيئ أكثر للأستماع للقصة التي تحوي أحداث وتفاعلات بشرية اكثر من رموز منطقية , نحن وحتى يومنا هذا مازلنا نستمتع بالقصة وبالشعر أكثر بكثير من قراءة كتاب في المنطق أو الفلسفة .

                أؤلئك الناس الذين خرجوا بهذه الأساطير لم يكن ينقصهم الذكاء أو نفاذ البصيرة لذلك فأساطيرهم تلك وأن بدأت مضحكة للبعض في عصرنا الحاضر إلا أنها تحمل معاني رمزية عميقة
                فعلى سبيل المثال أسطورة الشعوب الإسترالية من الممكن أن نجد فيها تشأبه مع نظرية التطور البيلوجي من حيث تحول شكل الكلبين إلى حيوانات أخرى, كذلك أسطورة شعوب الشمال من الممكن أن نفسرها بأنها كذلك تحتوي إشارة إلى الثقوب السوداء وأن العالم نشأ من ثقب أسود وهذا ما تشيره إليه أحد نظريات نشؤ الكون.
                هذا نوع من التفسير التأؤيلي ينشأ بسبب إعادتنا لتركيب الكلمات القديمة لتناسب الأفكار الحديثة.
                من الملاحظ أن هذه الأساطير هي وليدة بيئتها (كحال كل الأساطير) فعلى سبيل المثال تشير الأسطورة اليابانية إلى تكون الجزيرة الأولى ومن المعروف أن اليابان عبارة عن مجموعة ضخمة من الجزر فالإنسان هناك أستخدم فكرة الجزيرة ليفسر من خلالها نشأة الكون .

                تشير أساطير شعوب الشمال إلى البرد والثلج لتفسر بها ظهور الكون بينما في المقابل لا ذكر للجليد في أساطير المناطق الحارة ونجد بدل منه البحر والنهر, فلو تخيلنا أسطورة عمانية محلية فأن النخلة والفلج والناقة ستكون من مفرداتها أحيانا بعض الأساطير تتجاوز المفرادت المحلية وهي تلك الأساطير التي تتلاقح مع حضارات أخرى.

                والأساطير عموما تتناسخ من بعضها فالأساطير اليهودية والتي تعتبر أول الأديان الأبراهيمية قد أستنسخت ونقلت الكثير من أساطير الشعوب الأخرى وربما يعود هذا إلى تاريخ اليهود الحافل بالترحال والتنقل والحروب, والأسطورة في ذلك الوقت كانت تمثل القوة الفكرية لأي شعب من الشعوب فهي تحتوي تاريخ مجيد على شكل محلمة بطولية وتفسير علمي وأرشادات أخلاقية كل ذلك يختزل على شكل قصة شعرية يقتبس الناس منها سلوكهم وأفكارهم وتناسخ الأساطير شائع جدا أو بالأحرى سرقتها, فتاريخ البشرية هو تاريخ السرقة والأحتلال فالمحتل يأخذ كل ما يستطيع أخذه وتملكه فعلى سبيل المثال آيل وهو أحد آلهة الكنعانين قد أستولى علية اليهود من خلال أبتداعهم لأسطورة الصراع بين يعقوب وآيل وعندما انتصر يعقوب على آيل سمي ب "أسرآيل" ويفسرها البعض بأسر آيل ويفسرها أخرون بأنها نصير آيل, ما يهم هنا هو سرقة اليهود لألهة الشعوب الأخرى من خلال أسطورة وهنا نجد صراع الأساطير كصراع فكري بين الحضارات.

                الإنسان عندما بدأ في الإنتقال من الفكر الأسطوري إلى الفكر المنطقي أستخدم مفردات البيئة المحلية فنظرية العناصر الأربعة والتي فسرت العالم وتركيب كل الأشياء كانت عبارة عن أربع عناصر موجودة في الطبيعة وهي الماء والهواء والنار والتراب ومثل هذه النظرية تمثل نقلة في الفكر الإنساني حيث أنها تخلص من "الذوات" أو الكائنات الأسطورية وأستبدلها بقوى وعلاقات مجردة, الإنسان مازال يبحث عن مفاهيم مجردة يفسر من خلالها العالم وأنتقل من العفاريت والعمالقة والآلهه إلى الهواء والماء والأن يصل به المطاف إلى الألكترونات والكواركات والمادة المضادة

                تعليق


                • #9


                  هذه أحد الكتب التي تتناول أساطير الخلق مترجم للعربية لفيرجينيا هاملتون والمترجم: أسامة أسبر‏
                  دار النشر: التكوين 2006‏

                  ملخص للكتاب:
                  كثيرة هي الاساطير التي رافقت الانسان منذ خلقه حتى الآن , وقد قدمت نفسها حقيقة ووقائع مهما اختلفت عن تجربتنا الطبيعية والواقعية .
                  هناك اساطير دينية - مقدسة - وهناك اساطير تتحدث عن احداث غير عادية وكائنات ظرفية . اما القصص الاسطورية عن الخلق فهي مغايرة لأنها تروي الوقائع بإطار ما وراء الزمن وهي لا تحدث في سياق زمن محدد . أن الخلق يعني اخراج شيء ما إلى الوجود ,‏

                  وهذه الاساطير ابدعها بشر احسوا بروعة الكون وعظمته , وعبروا عن رغبة لاكتشاف وشرح من هم ولماذا وجدوا ومن اين جاؤوا . تعد الميثولوجيا الاصلية الكائنات البشرية ارفع من الحيوانات وادنى من الآلهة .‏

                  الاساطير التي يوردها الكتاب من جميع اقطار العالم منها ما يفسر كيف وجد الكون والارض والسماء وانبلاج النهار من الليل , وخلق الانسان والفرق بين النوم والموت والظلمة والنور .‏

                  ومن اساطير آسيا « العثور على الليل » : في البدء كان هناك ضوء يشع في كل مكان وكان تحته حجر كبير انشق ليولد منه اثنا عشر ابنا , وكانوا مختلفين , منهم الحكيم والمغفل , وورقة التوت والجوز و .. ولأن الاب يملك سلطة قوية فكر بصناعة الرجال والاشياء والحيوانات والاحجار .‏

                  فنحت زراعين ورجلين من شجرة ثم اليدين والاصابع والعينين والاذنين وجمع تلك الاشياء ووضع ستة منها واوقفها في صف , وقام برقصة مقدسة امامها , بدأت الدمى تتحرك وهو ينقر على طبله حتى اصبحت الدمى حية وقادرة على النهوض والجري والسير وحاول اخوه تقليده فجمع ست دمى وقام برقصة امامها وقرع طبله , تحركت لكنه حفر حفرة ودفنها ورحل لانه غبي .. عاد ليراها فكانت متعفنة ورائحتها كريهة .. ومن هنا جاءت فكرة الموت .. ثم ابتكر طريقة لصناعة النباتات والقوارب وبقية الاشياء ..‏

                  وعن الليل والنهار حاول أن يجد تفسيرا لهما .. فعاد بقطعة من الليل في يده ومعه بعض الطيور التي جمعها من شتى الاصقاع .. ونعرف أن النهار سيأتي من خلال صخب تلك الطيور .. ثم حمل حجرا وفتح ثقبا في الليل فخرج منه ضوء احمر سرعان ما شع متألقا .. فكان النهار .. ومن يومها اصبح الليل للراحة والنهار للعمل وهكذا تمر الايام والنهار يأتي ويذهب كل يوم .‏

                  ومن الاساطير الروسية - الانسان يتحول إلى شيطان - تحكي عن ظروف الخلق وكيف كان الطين يعوم على الماء وله وجه بشري وكان صديقا للانسان وحاول أن يخلق انسانا آخر بعد أن اصابه الغرور .. فغضب الإله وخلق الارق بعد أن تحول الانسان إلى شيطان .. وزرع الارض .. هنا يكبر الرمز سبعة .. فهو يخلق سبع اشجار وسبعة اغصان بعد سبعة اعوام ونمو سبعة اغصان .. فخلق انسانا ثامنا وسأله لماذا هم حزينون ? فأجابه بسبب عدم النساء .. فبدأ بصنع امرأة .. جامدة .. وطلب من الكلب حراستها .. لكن الشيطان اغرى الكلب بفروه... ثم عزف على آلته سبعة فدبت فيها الحياة وصارلها عقل وروح ..‏

                  القمر والشمس « مو - ليزا - الخالقان » وتقول :‏

                  خلقت الام الكبرى « نانا » العالم , ثم التوأمين , مو - ليزا‏

                  وكان القمر الذي يملك سلطة على الليل , ويعيش في الغرب‏

                  أما « ليزا » فكانت الشمس ومنزلها في الشرق .‏

                  ولم يكن لهما ابناء , لكن حين حدث الكسوف واصبح احدهما في ظل الآخر وكان عدد الآلهة اربعة وعشرون اولها آلهة التراب والعاصفة والحديد ومن هنا جاءت التوائم - الحديد - العشب - الاسماك - لتعمر الارض والفضاء ولانهم لم يتمكنوا من رؤية الآلهة فقد تحدثوا عن السماء كروح وعن العواصف والبرق كأرواح وكل هذا بسبب قوة آلهة السماء - مو - ليزا - القمر والشمس .‏

                  اما عن المرأة , فهناك اسطورة تقول : انها سقطت من السماء , بعد أن حملها طائران , صاحا طلبا للنجدة من الحيوانات في البراري , فجاءت السلحفاة اولا وغاص الضفدع تحت الماء .. ثم انجبت المرأة ولدين احدهما جيد والآخر سيئ لكن الثاني ولد بعنف وخرج من خاصرة امه فماتت ..‏

                  لتدفن المرأة وتنمو النباتات فوقها فكان نباتا القرع والذرة في صدرها والفاصولياء من قدميها .. وعن الخطيئة الاولى .‏

                  يقتتل الاخوان من اجل الارض وكان الأخ الشرير اسرع فضرب اخاه ومات وذهبت روحه إلى الغرب البعيد وهذا ما آمن به اليهود الذين يؤمنون انهم حين يموتون تذهب ارواحهم إلى الغرب البعيد وهناك سيحيون إلى الابد ..‏

                  وتتناول الاساطير الثلج والنار والشمال والجنوب والشتاء والصيف‏

                  وعن الارض والسماء : كان يعيش / اولورن / في السماء مع ارواح اخرى , ملكا للسماء والوجود ويهبط ليلعب مع بعض الآلهة في المستنقع , ولم تكن هناك يابسة .. فطلب من البشر ايجاد مكان صلب يضع عليها اقدامه واعطاهم صدقة بعض تراب .. فتشكلت الارض الصلبة واستغرقت اربعة ايام .‏

                  وفي ثلاثة باقية صنع البشر من تراب .. وحين اكتشف مخبأه انامه نوما عميقا .‏

                  كتاب مفيد وشيق تخبرنا اساطيره عن افعال الخلق واصل الكون والآلهة , وعالمنا وخلق البشرية , نعم انها الاساطير التي طرحت الاسئلة وقدمت اسباب قيام البشر وظروفها بطريقة شيقة انها تعكس تفكير البشر آنذاك .. فهل نتخيل كيف حصلت تلك الاساطير في غابر الزمن وما مدى صحتها ? .‏

                  تعليق


                  • #10
                    ما شاء الله على هذا المجهود الجبار
                    ذهب اكثر العلماء الى ان معظم نظريات الخلق غير الكتابيه(التي لم تذكر في الكتب السماويه)هي نتاج افكار فلسفيه ابتدعها البشر لسد الفراغ و العجزو النقص المعرفي عندهم و المتمثل بعدم قدرتهم على توضيح قصة الخلق فكان على الكهنه والحكماء اختراع قصة يشرحون فيها بداية الخليقه و كلا من هؤلاء ربط ودمج قصته بشيء من مورثهم الشعبي فكانت هذه الاساطير و المعتقدات

                    تعليق


                    • #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة safe مشاهدة المشاركة
                      ما شاء الله على هذا المجهود الجبار
                      ذهب اكثر العلماء الى ان معظم نظريات الخلق غير الكتابيه(التي لم تذكر في الكتب السماويه)هي نتاج افكار فلسفيه ابتدعها البشر لسد الفراغ و العجزو النقص المعرفي عندهم و المتمثل بعدم قدرتهم على توضيح قصة الخلق فكان على الكهنه والحكماء اختراع قصة يشرحون فيها بداية الخليقه و كلا من هؤلاء ربط ودمج قصته بشيء من مورثهم الشعبي فكانت هذه الاساطير و المعتقدات

                      اخى العزيز صافى
                      شكرا لمرورك الكريم ومداخلتك القيمة واسمح لى بتعقيب بسيط عليها


                      ان علم
                      الأساطير يتناول بالدراسة كل مايكون خارجًا عن المألوف وخارقًا للعادات في صفات الإنسان والحيوان والطير والمخلوقات الخرافية. حاول الناس دائمًا أن يفهموا سبب حدوث أمور معينة. ومثال ذلك أن الناس أرادوا أن يعرفوا لماذا تُشرق الشمس وتغيب؟
                      وما سبب البرق؟
                      كما أرادوا أن يعرفوا كيف تم خلق الأرض؟
                      وكيف وُجدت الإنسانية؟ وأين وُجدت أولاً؟

                      واليوم يملك الناس إجابات يقينيَّة عن طريق الدين، والنظريات العلمية، لكثير من هذه الأسئلة عن العالم حولهم. وقد كانوا قديمًا تنقصهم المعرفة اللازمة لإعطاء إجابات علمية عن تلك الأمور. ولذلك فغالبًا ما كانوا يفسِّرون الأحداث المتعلقة بالطبيعة بشكل قصص عن الآلهة ذكورها وإناثها وعن الأبطال الخرافيين. فمثلاً كان لدى الإغريق قصة يفسرون بها وجود الشر والمشكلات الأخرى. ذلك بأنهم كانوا يعتقدون بأنه فيما مضى كانت شرور العالم ومشكلاته محبوسة داخل صندوق. وقد هرب الناس عندما قامت بفتحه المرأة الأولى، وهي المسماة باندورا . ومثل هذه القصص تسمى أساطير . وتُدعى دراسة
                      الأساطير عادة علمالأساطير . ولا تزال تُستعمل الأساطير في بعض أنحاء العالم لتفسير الحقائق العلمية الخاصة بعالمنا.

                      تتعلق معظم
                      الأساطير القديمة بكائنات مقدسة هي الآلهة. وهذه الآلهة تتمتع عند المعتقدين بها بقوى خارقة للطبيعة تفوق إلى حد كبير قوة البشر. ولكن على الرغم من القوى الخارقة المنسوبة إليها، فإن كثيرًا من الآلهة من الجنسين وكذلك كثيرًا من الأبطال الذين برزوا في الأساطير القديمة (الميثولوجيا) لهم خواصّ إنسانية. فهم ينساقون وراء العواطف كالحُبّ والحسد ويمرون بالتجارب الإنسانية، كالولادة والموت. وهناك عدد من الكائنات الأسطورية تشبه البشر إلى حد بعيد. وفي كثير من الحالات فإن الصفات الإنسانية للآلهة تبرز المُثل السائدة في مجتمع ما. فالآلهة الطيبة ذكورًا وإناثًا تتمتع بصفات يُعجب بها المجتمع، بينما تتمتع الآلهة الشريرة بالصفات التي يمقتها ذلك المجتمع.

                      ونستطيع بدراستنا للأساطير أن نعرف كيف أجابت المجتمعات المختلفة قديمًا عن الأسئلة الأساسية المتعلقة بالعالم ومكان الفرد فيه. ونحن ندرس
                      الأساطير لنعرف كيف أن شعبًا من الشعوب طَوَّر نظامًا اجتماعيًا معينًا بعاداته المختلفة وطرق حياته المتعددة.

                      وعلى مدى آلاف السنين قدمت
                      الأساطير المادة اللازمة لكثير من الفنون العالمية الشهيرة. كما ألهمت الأساطير والشخصيات الأسطورية الأدباء والشعراء والفنانين إبداع روائع الأدب والموسيقى والهندسة المعمارية والرسم والنحت.

                      كانت
                      الأساطير مجرد خرافات وتخيلات وأوهام ومحاولات اجتهادية لتفسير أحداث كونية ولم تكن تستند إلا إلى الظن، وهي بالنسبة للعالم المتحضر اليوم وبعد ظهور الأديان والتقدم العلمي لم تعد غير مجرد قصص تسلية، كما أنها تعين على التعرف على جانب من تفكير الأقدمين.

                      نستطيع أن نقسم
                      الأساطير إلى مجموعتين هما: أساطير الخلق وأساطير التعليل . وتحاول أساطير الخلق أن تفسر أصل الكون وخلق البشر وظهور الآلهة. أما الأساطير التعليلية فإنها تهدف إلى تفسير الظواهر الطبيعية. فالإسكندينافيون القدماء مثلاً كانوا يعتقدون بأن أحد آلهتهم ـ واسمه ثور ـ هو الذي كان يصنع الرعد والبرق عندما كان يقذف بمطرقة في وجوه الأعداء وقد اعتقد الإغريق القدماء بما يشبه هذا التعليل.

                      وهناك بعض
                      الأساطير المتعلقة بالمرض والموت، فقد اعتقد كثير من المجتمعات القديمة وبعض المجتمعات البدائية التي لا تزال تعيش في عصرنا الحاضر أن بعض الكائنات الأسطورية هي التي تسبب الموت. وقد تشير الأساطير المتعلقة بالأبطال الوطنيين إلى بعض القيم الأخلاقية، وهي أساطير يؤمن بها الناس رغم عدم استنادها إلى أي أساس، كذلك قد تجد مجموعة أسطورية أخرى ليس لها اسم معين إذ إنها ليست بشرًا أو حيوانات وإنما هي خليط من الاثنين ومثال ذلك أبوالهول في مصر القديمة الذي له رأس إنسان وجسم أسد.

                      كذلك نجد بقاعًا وأماكن أسطورية ـ حسب بعض المعتقدات ـ وهي تزخر بالأرواح والعفاريت وغيرها مثل جبل فوجي أعلى جبل في اليابان. وقد اعتقد الإغريق بوجود مواقع أسطورية تحت الأرض مثل ¸هاديس· إذ كانوا يعتقدون أن أرواح الموتى تعيش فيها.

                      وعندما نقارن أساطير متشابهة لمجتمعات مختلفة نأخذ بعين الاعتبار العلاقات الإحيائية والخصائص الوراثية والتاريخية. فالعلاقات الإحيائية تستند إلى الطرق التي يستجيب بها الناس للظواهر العامة التي تحدث في محيطهم. والمثال على ذلك اعتقاد كل من قبيلة ماووري في نيوزيلندا والإغريق القدماء بأسطورة تصف كيفية انفصال الأرض عن السماء. أما عن علاقة الخصائص الوراثية في الأساطير، فقد نجد مجتمعًا كبيرًا يعتقد بأسطورة معينة عندما ينقسم إلى مجتمعات أصغر، ذلك لأن كل جماعة تحتفظ بجزء من تلك الأسطورة بالطريقة التي تحلو لها، فتكون العلاقة بين هذه
                      الأساطير ذات خصائص وراثية. فالأساطير التي تروى عن كبير آلهة الإغريق القدماء زيوس، والمعبود الهندي القديم إندرا تعتبر ذات خصائص وراثية إذ نجدهما متماثلين في كثير من الصفات، ويمكن تفسير هذا التشابه بأن الإغريق القدماء والهنود القدماء قد نشأوا من أصل حضاري مشترك.

                      وتظهر العلاقات التاريخية عندما نجد أساطير متشابهة بين مجتمعات ذات ثقافات لا يمت بعضها إلى بعض بصلة. وكان الشاعر الإغريقي هسيود قد كتب قصيدته الطويلة وفيها أساطير هندية ـ يونانية كثيرة متشابهة وكذلك أساطير من التاريخ القديم للشرقين الأدنى والأوسط.

                      تعليق


                      • #12



                        أسطورة الخلق البابلية
                        الاينوما ايليش

                        تعتبر أسطورة الخليقة البابلية أندر وأعرق وأوسع أسطورة خليقة في العالم القديم، وهي بسبب عراقتها هذه كانت مصدراً أساسياً لأغلب أساطير التكوين في ذلك الوقت.
                        اسم هذه الأسطورة مأخوذ، كما هي عادة البابليين، من الكلمات الافتتاحية للنص. فاينوما ايليش تعني: عندما في الأعالي.
                        الملحمة تركبت من عدة أساطير سومريّة بنت عليها العبقرية البابلية ذلك الهيكل الشامخ، الذي يعطي خلاصة عن علم وفكر وفلسفة وفن شعب عريق في مجالات هامة عدة.
                        وجدت الملحمة موزعة على سبعة ألواح فخارية، أثناء الحفريات التي كشفت عن قصر الملك آشور بانيبال ، مكتبته التي احتوت على مئات الألواح في شتى الموضوعات الأدبية والدينية والقانونية… وقد جرى الكشف عن الألواح تباعاً منذ نهاية القرن الماضي وحتى نهاية الربع الأول من القرن الحالي، أما تاريخ كتابتها فيعود إلى مطلع الألف الثاني ق.م. أي قبل ألف وخمسمئة سنة تقريباً من كتابة الألياذة لهوميروس، وتدوين أسفار التوراة العبرانية.
                        وسوف نعرض الآن ملخص هذه الأسطورة الشعرية العظيمة

                        عندما في الأعالي لم يكن هناك سماء، وفي الأسفل لم يكن هناك أرض. لم يكن في الوجود سوى المياه الأولى ممثلة في ثلاثة آلهة: "ابسو" و "تعامة" و "ممو". فأبسو هو الماء العذب، وتعامة زوجته كانت الماء المالح، أما ممو، فيعتقد البعض بأنه الأمواج المتلاطمة الناشئة عن المياه الأولى، و البعض الآخر بانه الضباب المنتشر فوق تلك المياه والناشئ عنها. هذه الكتلة المائية الأولى كانت تملأ الكون وهي العماء الأول الذي انبثقت منه فيما بعد بقية الآلهة والموجودات، وكانت آلهتها الثلاثة تعيش في حالة سرمدية من السكون والصمت المطلق، ممتزجة ببعضها البعض في حالة هيولية. لا تمايز فيها ولا تشكل. ثم أخذت هذه الآلهة بالتناسل فولد لآبسو وتعامة الهان جديدان هما "لخمو" و"لخامو" وهذان بدورهما أنجبا "انشار" و "كيشار" اللذين فاقا ابويهما قوة ومنعة. وبعد سنوات مديدة ولد لأنشار وكيشار ابن اسمياه "آنو" وهو الذي صار فيما بعد الهاً للسماء. وآنو بدروه انجب انكي أو أيا، وهو إله الحكمة والفطنة، والذي غدا فيما بعد إله المياه العذبة الباطنية. ولقد بلغ ايا حداً من القوة والهيبة، جعله يسود حتى على آبائه.

                        وهكذا امتلأت أعماق الآلهة تعامة بالآلهة الجديدة، المليئة بالشباب والحيوية، والتي كانت في فعالية دائمة وحركة دائبة، مما غير الحالة السابقة وأحدث وضعاً جديداً، لم تألفه آلهة السكون البدائية، التي عكرت صفوها الحركة، وأقلقت سكونها. حاولت الآلهة البدئية السيطرة على الموقف واستيعاب نشاط الآلهة الجديدة ولكن عبثاً، الأمر الذي دفعها للعنف. فقام آبسو بوضع خطة لابادة النسل الجديد والعودة للنوم مرة أخرى. وباشر بتنفيذ خطته، رغم معارضة تعامة التي ما زالت تكن بعض عواطف الأمومة.

                        لدى سماعهم بمخططات آبسو، خاف الآلهة الشباب واضطربوا. ولم يخلصهم من حيرتهم سوى أشدهم وأعقلهم، الإله ايا، الذي ضرب حلقة سحرية حول رفاقه، تحميهم من بطش آبائهم، ثم صنع تعويذة سحرية ألقاها على آبسو الذي راح في سبات عميق. وفيما هو نائم، قام ايا بنزع العمامة الملكية عن رأس آبسو، ووضعها على رأسه رمزاً لسلطانه الجديد. كما نزع عن آبسو أيضاً اللقب الإلهي واسبغه على نفسه، كما انقض على ممو (الضباب المنتشر فوق المياه الأولى) المعاضد لآبسو فسحقه وخرم أنفه بحبل يجره وراءه أينما ذهب. ومنذ ذلك الوقت صار ايا إلهاً للماء العذب يدفع به إلى سطح الأرض بمقدار، ويتحكم به بمقدار، وهو الذي يعطي الانهار والجداول والبحيرات ماءها العذب. وهو الذي يفجر الأرض عيوناً من مسكنه الباطني. ومنذ ذلك الوقت أيضاً، يشاهد ممو فوق المياه الأنهار والبحيرات لأن ايا قد ربطه بحبل فهو موثق به إلى الأبد.

                        بعد هذه الأحداث الجسام، ولد الإله مردوخ أعظم آلهة بابل، الذي أنقذهم مرة أخرى من بطش الآلهة القديمة، ورفع نفسه سيداً للمجمع المقدس. وكيف لا وهو ابن ايا (انكي) الذي فاق أباه قوة وحكمة وبطشاً. وكما كان الانقاذ الأول على يد الأب انكي، كذلك كان الانقاذ الثاني على يد الابن الشاب مردوخ. فتعامة التي تركت زوجها آبسو لمصيره المحزن دون ان تهرع لمساعدته وهو يذبح على يد الآلهة الصغيرة تجد نفسها الآن مقتنعة بضرورة السير على نفس الطريق لأن الآلهة الصغيرة لم تغير مسلكها، بل زادها انتصارها ثقة وتصميماً على أسلوبها في الحياة. وهنا اجتمعت الآلهة القديمة إلى تعامة وحرضتها على حرب أولئك المتمردين على التقاليد الكونية فوافقت وشرعت بتجهيز جيش عرم قوامه أحد عشر نوعاً من الكائنات الغريبة التي أنجبتها خصيصاً لساعة الصدام، أفاعٍ وزواحف وتنانين هائلة وحشرات عملاقة، جعلت عليها الإله "كينغو" قائداً، بعد ان اختارته زوجاً لها، وعلقت على صدره ألواح الأقدار.

                        علم الفريق الآخر بما تخطط له تعامة وصحبها فاجتمعوا خائفين قلقين،وأرسلوا الإله ايا الذي أنقذهم في المرة الأولى، عسى ينقذهم في المرة الثانية. ولكن ايا عاد مذعوراً مما رأى، فأرسلوا آنو الذي مضى وعاد في حالة هلع شديد. وهنا خطر لكبيرهم انشار خاطر جعل أساريره تتهلل اذ تذكر مردوخ، الفتى القوي العتي، فارسل في طلبه حالاً.وعندما مثل بين يديه وعلم بسبب دعوته، أعلن عن استعداده للقاء تعامة وجيشها بشرط الموافقة على اعطائه امتيازات وسلطات استثنائية. فكان له ما أراد. وجلسوا جميعاً حول مائدة الشراب وقد اطمأنت قلوبهم لقيادة الإله الشاب.

                        أعطى الآلهة، مردوخ، قوة تقرير المصائر، بدلاً من انشار. وأعطوه قوة الكلمة الخالقة. ولكي يمتحنوا قوة كلمته الخالقة، أتوا بثوب وضعوه في وسطهم وطلبوا من مردوخ أن يأمر بفناء الثوب، فزال الثوب بكلمة آمرة من مردوخ، ثم عاد إلى الوجود بكلمة أخرى. هنا تأكد الآلهة من أن مردوخ إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون. فأقاموا له عرشاً يليق بألوهيته، وأعلوه سيداً عليهم جميعاً، ثم أسلموه الطريق إلى تعامة. وقبل أن يمضي صنع لنفسه قوساً وجعبة وسهاماً وهراوة، كما صنع شبكة هائلة، أمر الرياح الأربعة أن تمسكها من أطرافها. ملأ جسمه باللهب الحارق، وأرسل البرق أمامه، يشق له الطريق. دفع أمامه الأعاصير العاتية أطلق طوفان المياه. وانقض طائراً بعربته الإلهية وهي العاصفة الرهيبة التي لا تصد، منطلقاً نحو تعامة، والآلهة تتدافع من حوله تشهد مشهداً عجيباً.

                        عندما التقى الجمعان، طلب مردوخ قتالاً منفرداً مع تعامة، فوافقت عليه، ودخل الاثنان حالاً في صراع مميت . وبعد فاصل قصير نشر مردوخ شبكته ورماها فوق تعامة محمولة على الرياح، وعندما فتحت فمها لالتهامه دفع في بطنها الرياح الشيطانية الصاخبة فانفتحت وامتنع عليها الحراك. وهنا أطلق الرب من سهامه واحداً تغلغل في حشاها وشطر قلبها. وعندما تهاوت على الأرض أجهز على حياتها، ثم التفت إلى زوجها وقائد جيشها كينغو فرماه في الأصفاد، وسلبه ألواح الأقدار وعلقها على صدره. وهنا تمزق جيش تعامة شر تمزيق، وفر معظمه يطلب نجاة لنفسه، ولكن مردوخ طاردهم، فقتل من قتل، وأسر من أسر.
                        بعد هذا الانتصار المؤزر على قوة السكون والسلب والفوضى، التفت مردوخ إلى بناء الكون وتنظيمه وإخراجه من حالة الهيولة الأولى، إلى حالة النظام والترتيب، حالة الحركة والفعالية و الحضارة. عاد مردوخ إلى جثة تعامة يتأملها، ثم أمسك بها وشقها شقين، رفع النصف الأول فصار سماء وسوى النصف الثاني فصار أرضاً. ثم التفت بعد ذلك إلى باقي عمليات الخلق. فخلق النجوم محطات راحة للآلهة. وصنع الشمس والقمر وحدد لهما مساريهما. ثم خلق الإنسان من دماء الإله السجين كنغو،حيث قتله، وافرج عن بقية الأسرى بعد أن اعترفوا بأن المحرض الأول هو كنغو، كما خلق الحيوانات والنبات. ونظم الآلهة في فريقين، جعل الفريق الأول في السماء وهو الانوناكي، والثاني جعله في الأرض وما تحتها وهم الأيجيجي.

                        بعد الانتهاء من عملية الخلق، يجتمع الإله مردوخ بجميع الآلهة ويحتفلون بتتويجه سيداً للكون. بنوا مدينة هي بابل، ورفعوا له في وسطها معبداً تناطح ذروته السحاب هو معبد الايزاجيلا. وفي الاحتفال المهيب أعلنوا أسماء مردوخ الخمسين.


                        تعليق


                        • #13


                          أسطورة خلق الكون عند المايا

                          عندما كان العالم مجرد بحر وسماء فقط, التقت الآلهة السبعة, وعقدوا جلسة, بثوا من خلالها نورًأ ساطعا في الظلام الدامس. من كان المشتركون في هذه الجلسة؟ أربعة حراس رياح السماء, غوسوماتس, السيد صاحب معطف الريش الأخضر, تافاو العامل, وهوركان الذي كان يسمى أيضا قلب السماء.



                          عندما توصلت الآلهة الى اتفاق جماعي, أرسل هوركان البرق وأنزل الرعد وقال: الأرض, وعلى الفور ظهرت الأرض على سطح المياه. فكرت الآلهة أيضا بالجبال والسهول والمروج وبالمزروعات والتباتات, فانتصبت الجبال وبسطت المروج وغطت المزروعات الخضراء وجه الأرض. وقرر الجميع أنهم بحاجة الى كائنات حيّة من شتى الأنواع, كي تمجدهم وتقدرهم. في البداية خلقت العصافير, ثم الأفاعي والحيوانات الضارية. وضعت الآلهة لكل نوع من المخلوقات الحية لغة خاصة بها, وقررت أن تكون مسؤوليات الحيوانات حراسة النباتات والمزروعات. بعد ذلك توجهت الآلهة الى الكائنات الحية وطالبتها بتمجيد وتسبيح خالقيهم مع ذكر أسمائهم. واستطاعت الحيوانات أن تزأر وتنعب وتسجع وتهدل, وأن تسقسق وتغرد وتنبح وتخور وتموء وتنعر. فكان ضجيج الحيوانات مريعًا مما حدا بتفاو وغوسومتس أن يطلبا منهم الهدوء وايقاف هذا الضجيج. لم تقر عيون الآلهة بفشلهم الذريع هذا, وقررت خلق الإنسان الذي يعرف كيف يحترم الذين خلقوه. أخذت الآلهة بعض الطين وخلقت منه الإنسان. صحيح أن البشر استطاعوا التحرك والتنقل والتكلم والنظر إلى الأمام فقط, ولكن الآلهة لم ترض عن البشر لأنهم كانوا عديمي الإحساس والفهم, ولأنهم انحلّوا وتقوضوا بعد وقت وجيز من خلقهم.
                          أصر تفاو وغوسومتس على خلق جنس بشري أقوى وأفضل, وهكذا نُحتت السّلالة الثانية من الخشب. كانت هذه السلالة قوية جدًا, وكان الناس قادرين على المشي والنطق والتكاثر. ولكن هؤلاء الناس كانوا عديمي اللطف والإحساس, وكانت قلوبهم خالية من المشاعر. لم تكن لديهم ذاكرة ولا معرفة عمن خلقوهم ولما كانوا ينطقون كان كلامهم فارغا ولا معنى له. ولم يتمكن هؤلاء الناس من السجود للآلهة التي خلقتهم.



                          ارسل تفاو وغوسماتس على الأرض طوفانا كبيرا لإبادة السلالة البشرية التي أنشأوها, فأمرا جميع الكائنات الحية بمهاجمة هؤلاء الناس وقتلهم, وقد تحول القليلون الذين هربوا من الطوفان ولجأوا الى الشجر, الى قرود.

                          ترددت الآلهة ثانية واحتارت عما ستفعله, ترتب عليها في هذه المرّة الإسراع في استكمال المهمة قبل بزوغ الشمس. لقد أدركت الآلهة أنها بحاجة ماسة الى مادة أصيلة تمكنهما من خلق الحياة, والقوة والحكمة. وبينما كانت الآلهة تكابد وتحتار في البحث عن مكان وجود هذه المواد مثل أمامها أربعة حيوانات: قطة برية, ذئب الغابات, الببغاء والحدأة. الذين حدتوهم عن المادة الأكثر مناسبة وقادوها الى المكان التي تنمو فيه الذّرة. أخذت الآلهة بذور الذرة, فطحنوها وعجنوها من الطحين, وجعلةا أربعة أفراد من البشر.

                          كانت المخلوقات الجديدة متكاملة. كانت قوية بما فيه الكفاية للبقاء, وكانت أرواحها غنية بالأفكار والمشاعر. وفور خلقهم سجدت لخالقيهم ومجدوها وشكروها,

                          فكان تفاو وغوسماتس في غاية الرضى
                          "ماذا ترون؟" سألت الملائكة أهل الذرة التي خلقتها.
                          "إننا نرى دائما, عبر الصخور والأشجار والجبال, نحن قادرون أن نرى بقية الكون أيضا, وفي وسعنا أن نرى ونفهم كل شيء" .
                          نظر تفاو وغوسماتس الى بعضهما البعض.
                          "ربما خلقنا أناسًا أكثر تكاملا مما يجب, يترتب عليهم ألا يروننا بهذا الشكل العميق الخاص بنا فقط."



                          كان إبداعهم موفقا الى حد بعيد, جعل الآلهة تعتقد أن ما خلقوه كان متكاملا للغاية, مما جعلهم يرتابون أن الإنسان الذي خلقوه قد يحتل مكانتهم. وماذا فعلوا؟ رشقوا البخار على وجوه البشر, فأضعفوا قوة البصر في عيونهم كي لا يروا مثلما ترى الآلهة. بعد هذه الخطوة, استطاع الناس رؤية كل ما هو قريب منهم فقط, ففقدوا بذلك قدرة الرؤية عبر الأشياء, وفقدوا القدرة على رؤية المستقبل. كما أن نظرتهم الى الدنيا كانت منتقصة. ومع ذلك واصل الناس السجود لخالق الدنيا ويسبحونه ويمجدونه واستقروا في الأرض الجديدة واستوطنوها.
                          تفاو وغوسماتس خلقا أيضا أربع نساء ليعيشوا مع الرجال الذين خلقوهم في العالم الجديد. كان الرجال الأربعة والنساء الأربع الآباء الأقدمين لكافة أبناء السلالة البشرية التي تعيش في أيامنا. وما زالت رؤية بني البشر حتى اليوم غير متكاملة

                          تعليق


                          • #14


                            أساطير خلق الكون الأسكندينافية

                            في البداية كان فراغ الكون مركبا من وهاد لا تعد ولا تحصى. من الشمال كانت أرض الجليد ومن الجنوب أرض النار. بلدان الجليد كانت مظلمة ومغمورة بالضباب والظلام, وكانت تجري فيها سبعة أنهار جليدية. أما في بلاد النار فقد جرت أنهار من المياه الساخنة, التي تبرد تدريجيا كلما اقتربت من بلاد الجليد إلى أن تتجمد كليا في نهاية المطاف. وهكذا امتلأت الوهاد تدريجيا بالمياه التي كانت تتجمد ونجم عن ذلك تجمد مناطق ثلجية شاسعة, تهب منها الرياح الجنوبية. والرياح الجنوبية رياح دافئة ساخنة تدفىء المناطق الجليدية. ومن الجليد انذرفت أول نقطة من الماء. تلتها بعد ذلك النقطة الثانية فالنقطة الثالثة والمزيد من النقاط المتلاحقة الكثيرة. حينها حدثت المعجزة! وصلت الى المنطقة هبّة ريح خفيّة خاصة, تجمعت هذه النقاط معا فنجم عنها تكون جسد المارد العملاق إيمير. ما هو الشيء الذي بعث الدفء الى جسد المارد إيمير؟ ليس هناك من يعرف, كل ما نعرفه أن جسد المارد العملاق إيمير, راح يتصبب عرقًا, ومن نقاط العرق التي تندفت من تحت إبطه وُلد عملاقان ماردان أحداهما رجل والثانية امرأة. بعد زمن قصير , نفخت فيهما الحياة وتصببت في هذه الأثناء نقاط أخرى من الجليد تولدت عنها البقرة اودوملا, سكب ضرعها أربعة أنهار من الحليب تغذى منها المارد العملاق أيمير وذريته. وممّ تغذت البقرة اودوملا؟ لقد لحوست كتل الجليد المحيطة بها, والتي كانت تذوب تدريجيا بأثر ملامسته لسانها الدافيء. تحت هذه النقاط نبت شعر, تلاه رأس وجسد بوري المخلوق البشري الخامس. لم يكن بوري من سلالة العمالقة. نزوج ابن بوري من امرأة من بنات العمالقة وأصبح أولادهم الآلهة الاسكندنافية الثلاثة الأوائل وهم: فِه, أودين وفيلي.

                            مع مرور الزمن نشبت الحرب بين الآلهة والعمالقة. كانت الحرب ضروسًا للغاية, لقي فيها العملاق إيمير حتفه مع جميع العمالقة الآخرين. عملاق واحد فقط نجح في الهرب مع زوجته, لقد هربا نحو مناطق الجليد البعيدة, حيث أقاما هناك بيتهما وأنجبا أولادهما. كانت الآلهة راضية عن نتائج الحرب لأنها استطاعت بعد الحرب السيطرة على العالم لوحدها. لكن العالم, ظل متجمدًا حزينا, فقررت الآلهة خلق عالم جديد. "من أي مادة سنخلق الكون"؟ تساءلت الآلهة, اذ أن كل ما كان حولهما هو الماء والجليد, وكذلك الماء والجليد والمزيد من الماء والجليد. وكذلك جسد العملاق ايمير الميت الذي كان مُسّجى فوق أكوام الجليد. قررت الآلهة استخدام جسد إيمير, فاستطاعوا حمله بجهود مشتركة وقذفوا به الى الفضاء فتحول جسده الميت الى أرض. أسمت الآلهة هذه الأرض "المجلس الأوسط" لقد تكونت الجبال والمياه والأنهار من جسد العملاق إيمير. أنبت شعر رأسه جذورًا وأوراقا وهكذا نشأت الغابات. ثم وضعت الآلهة رأس إيمير فوق أربعة أعمدة عالية جدًا فتكونت عن ذلك السماء.

                            وكيف جاءت الشمس الى الكون؟ زخرفت الآلهة السماء بالريش الذي تطاير ووصل الى أرض النار. ومن أكبر شرارة وُلدت الشمس. كل ما تبقى على الآلهة إدخال النظام وسريان مفعوله في الكون الجديد. وتحديد تبدل الليل والنهار ومواسم السنة, وهكذا فعلت. وقد اتفقت على أن من حقها أن تستريح وتلعب فبنت لأنفسها قصرًا رائعا كبيرا وضخمًا, ودعت اليه الآلهة والآلهات وأقاموا فيه الحفلات السعيدة المرحة. من حين لآخر استعملت الآلهة أقواس القزح كجسر للنزول عبره الى الأرض لزيارتها. تكاثرت سلالة الآلهة وتبقى في البلاد القليل من الأقزام التي خلقت من لحم العملاق ايمير وعاشوا في أوجار محفورة في الأرض, ذات مرة, وأثناء نزول ثلاثة من العمالقة عبر جسر قوس القزح, للاستمتاع بنزهة على الأرض, وجدوا جذعي شجرة ميتة وقرروا أن يبعثوا فيهما روح الحياة. تسلم كل جذع مهمة معينة: نفخ اودين فيهما روح الحياة. منحهما نير الفهم والحكمة, وبعث فيهما الدفء والحرارة, وصبغهما بألوان الحياة. تحرك الجذعان وتنفسا طويلا, وتحولا الى شخصية جديدة, فقد أصبحا أول زوج من السلالة البشرية.

                            تعليق


                            • #15

                              أسطورة خلق الكون اليونانية




                              كيف فسرت الحضارة والثقافة الإغريقية ظهور الكون والآلهة؟
                              وكيف إنقسم الفراغ ليتحول الى أرض وسماء وبحر؟


                              أغلب الثقافات والحضارات أوجدت أساطير تساعد على توضيح كيفية خلق الكون وبداية الزمن. لأن أصل الكون مجهول، فكل الثقافات حاولت جاهدة لإيجاد تفسير لهذا الغموض.

                              أسطورة إغريقية مهمة برزت لنا عن طريق الشاعر الاغريقي "هيسيود" في قصيدة "ثيوجوني" التي تعتبر واحدة من اوائل الأساطيرالتي لم تندتر وبقيت لتشرح ظهور الأرض وميلاد الآلهة في اليونان



                              قبل أن يكون هناك كل من الأرض أو البحر أو البشر او الآلهة، لم يكن هناك سوى الفراغ، وفي هذه الفترة، لم يكن هناك أي نوع من التنظيم، مجرد فراغ وفوضى، لم يكن هناك قمر أو شمس، لم تكن هناك جبال وأنهار أو أي ميزات على وجه البسيطة. في الواقع لم تكن هناك حتى الأرض، كل ما كان موجودا هو فراغ عظيم. حتى أنه لم يكن هناك زمن. في الأخير، هذا الفراغ قسم نفسه الى الأرض والسماء والبحر. وعند انتهاء هذا التقسيم كل شيئ كان مسالم ومثالي.
                              بعد أن إنقسم الفراغ العظيم الى الأرض والسماء والبحر، إلاهة ظهرت الى الوجود بدون أن تولد من أي أم، إسم هذه الإلاهة كان "جايا" الذي يعني الأرض، وقد بسطت سيطرتها على الأرض بينما تتشكل. الجبال فصلت عن السهول، والبحار والأنهار تشكلت، مثلما يرسم الفنان على اللوحة. "جايا" كانت مشغولة في خلق هذه التحفة الجميلة. لم يمر الكثير من الوقت حتى بدأت "جايا" ترغب في الأولاد لمساعدتها في اعمار وحكم هذه الأرض البديعة.
                              رغبة "جايا" الجامحة في الأولاد أدت الى ان تحمل من تلقاء نفسها. أطلقت جايا اسم "اورانوس" على مولودها، وقد أصبح حاكم السماء، وبما أن السماء تغطي الأرض فقد أنجبت "جايا" إلاهة الأرض من "اورانوس" الإله السماء ثلاثة أبناء عمالقة أطلق عليها اسم ذوو المائة يد. وقد كانوا عمالقة كان لكل واحد منهم مائة يد وخمسون رأس. رغم أن جايا كانت سعيدة وفخورة بأبنائها وأحبتهم، إلا أن اورانوس كان خائفا من أن ينقلب عليه ابناؤه في يوم من الأيام. وبسبب هذا الخوف كان اورانوس قد كره أولاده وقد أعادهم بالقوة الى رحم جايا.
                              بعد أن قام اورانوس بإرجاع اولاده ( ذوو المائة يد) مع جايا الى رحم جايا بالقوة خوفا من أن ينقلبوا ضده يوما ما ويحكمو مكانه، "جايا" ولدت ثلاثة أبناء عمالقة أخرين، وقد كانوا ايضا عمالقة ويسمون "السيكلوب". كانت لهم عين واحدة وسط الجبهة. بالرغم من أنهم كانو مرعبين، فهاؤلاء الآلهة الصغار كانو أقوياء جدا، كما أنهم كانو حرفيين ماهرين وقد صنعو الرعد والصواعق لأمهم لتستخدمها كأدوات واسلحة. ولسوء الحظ، اورانوس كان خائفا من الثلاث "السيكلوب" أيضا، لذا، من أجل أن يتخلص منهم، اورانوس قيد السيكلوب ورماهم في مغارة بعيدة وعميقة، تسمى هذه المغارة "تارتاروس". شعر بعد ذلك اورانوس بأمان وهو يعتقد أنه لن يرى هؤلاء الأبناء العمالقة مرة اخرى.
                              وهي حزينة لفقدانها ذوو المائة يد والسايكلوب، وغاضبة على اورانوس المتوحش. جايا أنجبت مجموعة تالثة من الأطفال. يطلق عليهم اسم "التيتان". وكان عددهم اثنى عشر - ست الآلهات (انثى) وست من الآلهة (ذكور). كانو مختلفين كثيرا عن اقربائهم السابقين. التيتان كانو شبيهين بالبشر ولم تكن لهم ملامح وحشية.
                              أما أسماؤهم كانت: تيتيس، تيا، منيموساين، ريا، تيميس،فيبي، أما الآلهة الذكور فأسماؤهم: أوسيانوس، هيبيريون،ابيتوس، كرونوس، كريوس، ثم كايوس.
                              اورانوس كان مازال خائفا من أن ينقلب عليه أحد أبنائه في يوم ما، وبسبب خوفه هذا، دفع ابنائه التيتان ايضا الى داخل رحم جايا الى جانب اخوانهم ذوو المائة يد، جايا ساخطة على اورانوس بسبب عدم سماحه لأبنائه للعيش بحرية. هي أرادت بشدة أن ترى أبنائها يعيشون حياة ممتعة وبدون قيود.
                              جاءت جايا بخطة تسمح بأن يولد أبنائها الى العالم والبقاء فيه، كانت جايا قادرة على التكلم مع أبنائها في رحمها الغائر، ولم تجد أي متاعب في إقناعهم لمساعدتها في خطتها. كرونوس - إبنها الأصغر من بين الإثني عشر تيتان، كان الأكثر حماسة لمساعدة أمه جايا في تنفيد خطتها. لذلك، عزم الإثنان على بدئ خدعتهم على اورانوس وتحرير التيتان وذوو المائة يد من رحم جايا الشبيه بالسجن.

                              كرونوس وجايا انتظرا الفرصة المناسبة لتنفيذ خطتهم. أخيرا، في إحدى الليالي عندما ذهب اورانوس الى سرير جايا، تسلل كرونوس من رحم جايا وطعن أباه المتوحش بمنجل يستعمل في حصد المحاصيل. بينما اورانوس يلقى حتفه، تخوفه من أن ينقلب عليه أبنائه أصبح واقعا، انحنى اورانوس الى الأمام وألقى اللعنة على ابنه: قائلا "كرونوس" ..وهو يلهث للتنفس، "يوما ما سوف يحذث أن يقع لك ما فعلته بي لتوك" ثم إرتجف ومات على الفور، ونظرة غضب وخيانة مرسومة في عينيه.
                              بعد موت اورانوس، شعرت جايا وأبنائها بالحرية للمرة الأولى. التيتان وذوو المائة يد ولدو مرة أخرى من رحم أمهم جايا، والسايكلوب تحرروا من تارتاروس. جميع أبناء جايا قرروا أن ينصبوا كرونوس كملك لهم. تزوج كرونوس أخته، التيتان المسماة ريا، وحكموا الكون لمدة طويلة بسلام

                              تعليق

                              يعمل...
                              X