إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرحلة اليابانية إلى الجزيرة العربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16

    وبعد أن فرغنا من تناول الطعام انتقلنا إلى غرفة الضيوف مع النائب الأول (ولي العهد) صاحب السمو الأمير سعود. كانت جدران الغرفة مزخرفة بأشكال جميلة ذات ألوان واضحة جدا، وعلى المنضدة وضع مذياع وكرة تحمل خريطة العالم كتلك التي شاهدناها في «الشعبة السياسية».



    كان النائب الأول الأمير سعود يبدو كأبيه، طويل القامة ـ تصل قامته إلى نحو 180 سنتيمتراً ـ لكنه لم يكن عريضاً كأبيه، وكان لون بشرته داكناً. يضع على عينيه نظارة، طريقته في الحديث مثل والده تماماً، إلا أنه كان أسرع قليلا في إخراج عباراته من والده. ونستمتع بالمشي في هذا الجو الجميل الذي زاده ضوء القمر ـ ليلة الرابع عشر ـ روعة وحسناً.




    أعادت إلي هذه الليلة المقمرة ذكرى ليلة شبيهة بها في القاهرة، حينما ذهبت إلى منطقة الأهرام، لا تزال هذه الذكرى ماثلة في نفسي وناظري، الآن أعاد لي بدر الرياض ذكرى الليلة المقمرة في القاهرة، فاغرورقت عيناي بالدموع. بعد أن عدنا إلى غرفتنا، كتبت برقية على الآلة الكاتبة، ثم دلفت إلى سريري، ونمت نوماً عميقاً.



    حدثنا الأمير عن الزمن الذي جاء فيه والده إلى هنا ودخل على هذه القلعة، وحدثنا أيضاً عن الوضع الداخلي في المملكة العربية السعودية، والقضايا التي واجهت الملك. ثم سألنا عن اليابان، وبدأ كأنه مهتم كثيراً باليابان.
    تسلمنا هدايا الملك: أهدى إلى الوزير سيفا مذهباً، وكسوة تتكون من مشلح وجلباب وغترة وعقال، وأهدى الملك إلى المهندس ميتسوتشي ولي أيضاً ساعة يمكن أن تضيء أرقامها وعقاربها بالليل، وعليها اسم الملك، وكسوة كالتي أهديت إلى الوزيرة، وأهدى لخادمنا محمود كسوة تتكون من مشلح وجلباب وغترة وعقال.



    وأخبرنا يوسف ياسين بأنه ليس عندهم نظام يسمح بإعطاء النياشين، لأن ذلك ليس من الإسلام، ولذا أهديت إلينا هذه الهدايا. وفيما يتعلق بالسيف قال: إن الملك تعود أن يستخدمه، لهذا فإن من الشرف الكبير للأجنبي أن ينال سيف الملك، وفيما يتعلق بالكسوة قال: إنها مليئة بالطيب الذي يستخدمه الملك عادة. ولا أزال احتفظ بهذه الكسوة، ويمكنني أن أشم رائحة الطيب، كلما شعرت بالحاجة إلى ذلك.
    [CENTER] [/CENTER]

    تعليق


    • #17
      المطر في الصحراء



      * حين رجعنا من القصر ازداد هطول المطر أكثر فأكثر، وشاهدنا في الطريق خيمة بعض البدو، وقد غطوها بجلد الغنم وبحصيرة وحزموها بالحبال.


      كان المطر غزيراً جداً جداً، لذا تبلل كل شيء تماما، خرجت من الخيمة امرأة، وبدا كأن المطر انهمر من سقف الخيمة أيضاً، فهذه الخيمة تستخدم عادة للحماية من أشعة الشمس وشدة القيظ ومن العواصف الترابية، والرياح الشديدة، لكنها لا تصلح للوقاية من المطر، فلا فائدة من هذه البيوت في هذا الوقت، والواقع أنها أقل من بيوت الفقراء في اليابان.



      انخفضت درجة الحرارة أكثر. وصرنا نشعر بالبرد. والبدو في الخيمة، ربما كانوا يرتعشون داخلها، قسوة الطبيعة هذه جعلت هؤلاء العرب أقوياء، وقادرين على تحمل مصاعب الحياة وشدائدها.




      شعرت من أجلهم بالأسى لأنني احتمي داخل السيارة من المطر، وأشعر بما يشعرون به. لكن الأمر في غاية السوء، ليس هنا فقط، لكن في جميع أنحاء العالم: فقد زرت الهند مرة، فرأيت أحوال الناس أسوأ بكثير مما هي عليه هنا. وزرت مرة منطقة الفسطاط بالقاهرة.




      ثم ذهبت بعد ذلك إلى شارع قصر النيل، وقارنت بين المنطقتين فلاحظت تناقضاً. وزرت فندق الملك داود في القدس، وشاهدت أيضاً العرب الذين كانوا يقفون عراة مكبلين بالحبال! وفي البصرة شاهدت يختاً رائعا لامرأة بريطانية، وشاهدت بجانبه بعض الناس يعومون على قطعة مسطحة من الخشب في نهر الفرات،


      وفي أكرا بالهند كان هناك قصر رائع، وبجواره «كشك» (كابينة) مكسورة تفوح منه رائحة عفنة يعيش فيه الناس، وفي شانغهاي شاهدت امرأة فرنسية كانت تمشي مع كلبها تتبختر، وبجانبها إحدى الغواني الصينيات ممن طحنهن الفقر.


      فعدم التوازن يمكن أن يرى في أي مكان على أرض المعمورة.



      لكنني حين شاهدت الناس هنا، هؤلاء العرب البدو، شعرت أنهم سعداء جداً، فهم قبل كل شيء ـ ورغم كل شيء ـ يتمتعون بالمساواة في كل شيء!! سوف نترك اليوم هذا المكان.




      ونغادر من هنا عائدين من حيث جئنا. استيقظت وبدأت أحزم الأمتعة وأجهزة الحقائب. وفي التاسعة ذهبنا إلى القصر الذي يقيم فيه الملك، قصر الشمسية مع يوسف ياسين ومستشاره إبراهيم.




      التقينا بالملك لقاء الوداع، كانت كلماته لنا بسيطة جداً ومعبرة.. قال: «الناس في بلدنا ليسوا متعصبين، لكن يمكنني أن أقول: إن الناس معتدلون». وأعاد الملك هذه الكلمات على أسماعنا أكثر من مرة. بعد أن التقينا بالملك ـ وبترتيب من يوسف ياسين ـ أخذنا تصريحا بالتقاط صورة مع الملك.





      إبراهيم سوف يلتقط الصورة لنا مع الملك، بينما سألتقط صورة للوزير الياباني مع الملك، والتقط الوزير صورة للملك وحده، وهي الصورة الموجودة في هذا الكتاب. ولكن فيما بعد اكتشفنا أن الصورة التي التقطها إبراهيم لم تظهر.
      [CENTER] [/CENTER]

      تعليق

      يعمل...
      X