إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المسالك والممالك

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #91
    ولمرو نهر عظيم تتشعب هذه الأنهار كلها وأنهار الرساتيق منه، ومبتدؤه من وراء الباميان ويعرف هذا النهر بمرغاب وتفسيره مرو آب أي ماء مرو، ومن الناس من يزعم أن النهر منسوب إلى مكان يخرج منه الماء يسمى مرغاب، ومنهم من يقول تفسير مرغ أجمة، ومجرى هذا النهر على مروروذ وعليه ضياعهم، وأول حد هذا النهر من عمل مرو كوكين بين خوزان والقرينين، فخوزان من مرو الروذ والقرينين من مرو، ومقاسم هذا الماء من زرق -قرية بها مقسم ماء مرو، وقد جعل لكل محلة وسكة من هذا النهر نهر صغير، عليه ألواح خشب فيها ثقب يتساوى بها الناس في تناول حصصهم من الماء، فإن زاد أخذ كل شرب نصيبه من الزيادة، وكذلك إذا نقص، ويتولى هذا الماء أمير على حدة، وهو أجل من والي المعونة، بلغني أنه يرتزق على هذا الماء زيادة على عشرة آلاف رجل، لكل واحد منهم على هذا الماء عمل، وكانت مرو معسكر الإسلام في أول الإسلام، وفيها استقامت مملكة فارس للمسلمين، لأن يزدجرد ملك الفرس قتل بها في طاحونة زرق، ومنها ظهرت دعوة بني العباس، وفي دار آل أبي النجم المعيطي صبغ أول سواد لبس المسودة، وفيها جاءت المأمون الخلافة وظهر على أخيه محمد بن زبيدة، ومنها عامة قواد الخلافة وكتابها بالعراق وولاة خراسان، ومنها أئمة من الفقهاء وأهل الدب معروفون، ولو لا أنا بنينا كتابنا على التجور -وأن الذي تركنا شرحه هو معروف في الأخبار والكتب المؤلفة- لشرحنا من طبقات الناس وسائر ما أجملنا ذكره؛ وفي أيام العجم كانوا مقدمين من بين نواحي أبر شهر في الطبع والتأدب، حتى كان طبيبهم المعروف ببرزيه مقدما على سائر أطباء العجم، وملهيهم المعروف بالباربد مقدما على سائر من صاغ الألحان وتعاطي الملاهي،ثم هي من أطيب بلاد خراسان أطعمة، أما خبزهم فليس بخراسان أنظف خبزا وألذ طعما منه، إن اليابس من فواكهها من الزبيب وغير ذلك يفضل على سائر الأماكن، وإنما يذكر من هراة الكثرة، وأنه يكثر في الآفاق، فأما الطعم والجودة فإن المروزي يفضله، ومن صحة فواكههم أن البطيخ يقدد ويحمل إلى الآفاق، ولم أعلم هذا يمكن ببلد غيره. وبلدهم من النظافة وحسن الرصيف وتقسيم الأبنية والمحال في خلال الأنهار والغروس وتمييز أهل كل سوق من غيره بحيث يفضل سائر مدن خراسان في حسنه؛ وفي مفازتهم يكون الأشترغاز الذي يحمل إلى سائر الدنيا، ويرتفع من مرو الابريسم والقز الكثير، وبلغني أن أصل الابريسم بجرجان وطبرستان إنما نقل في القديم من مرو، وربما حمل من بزر دود القز منها إلى طبرستان، ومنها يرتفع القطن الذي ينسب إليه القطن والثياب التي تجهز إلى الآفاق؛ ولها منابر قديمة وحديثة، فبمرو منبران، وبكشمين منبر، وبهرمزفره منبر، وبسنج منبر، وبجيرنج منبر، وبالدندانقان منبر، وبالقرينين منبر، وبباشان منبر، وبخرق منبر، وبالسوسقان منبر، فهذه منابر مرو التي أعرفها.
    [CENTER] [/CENTER]

    تعليق


    • #92
      أما هراة فإنها اسم المدينة ولها أعمال، ومن مدنها مالن وخيسار واستربيان وأوفة وماراباذ وباشان وكروخ وخشت. وبأسفزار أدرسكر وكواران وكوشك وكواشان، وأسفزار اسم للكورة لا اسم مدينة، ومدنها هذه الأربعة التي ذكرناها. وأما هراة فإنها مدينة عليها حصن وثيق، وحواليها ماء، وداخلها مدينة عامرة، ولها ربض، وفي مدينتها قهندز، والمسجد الجامع في مدينتها، ودار الأمارة خارج الحصن بمكان يعرف بخراسان أسباذ، منقطع عن المدينة بينه وبين المدينة أقل من ثلث فرسخ على طريق بوشنج على غربي هراة، وبناؤها من طين، وهي مقدار نصف فرسخ في نحوه، ولمدينتها الداخلة أربعة أبواب: الباب الذي يخرج منه إلى بلخ مما يلي الشمال يسمى باب سَرَاي، والباب الثاني الذي يخرج منه إلى نيسابور غربي يسمى باب زياد، والباب الثالث الذي يخرج منه إلى سجستان جنوبي يسمى فَيروزاباذ، والباب الذي يخرج منه إلى الغور الشرقي يسمى باب خُشك، وأبوابها من خشب غير باب سراي فإنه حديد، وعلى كل باب سوق يستقل بما يحتف من المحال، وفي داخل المدينة والربض مياه جارية، وللحصن أربعة أبواب، بحذاء كل باب من أبواب المدينة باب لهذا الحصن، ويسمى باسم ذلك الباب، وخارج الحصن جدار يطوف بالحصن كّله أطول من قامة، وبينهما مقدار ثلاثين خطوة، والمسجد الجامع من المدينة من وسطها، وحواليه أسواق، والسجن على ظهر قبلة المسجد الجامع، وليس بخواسان وما وراء النهر وسجستان والجبال مسجد أعمر بالناس على دوام الأيام من مسجد هراة ثم مسجد بلخ ثم مسجد سجستان، فإن بهذه المساجد حلق الفقهاء، والناس يتزاحمون على رسم الشام والثغور، وسائر المساجد بهذه الأماكن إنما ينتابها الناس في الجمعات. وهراة مطرح الحمولات من فارس إلى خراسان، وهي فرضة لخرسان وسجستان وفارس، والجبل من هراة على فرسخين على طريق بلخ، ومحتطبهم من مفازة بينها وبين اسفزاز، وليس بهذا الجبل محتطب ولا مرعى، وإنما يرتفقون منه بالحجارة للأرحية والفرش وغير ذلك، وعلى رأس هذا الجبل بيت نار يسمى سِرِشك وهو معمور، وبينه وبين المدينة كنيسة للنصارى، وليس بينهما وبين المدينة مياه ولا بساتين، إلا نهر المدينة على باب المدينة، يعبر بالقنطرة ثم لا يكون بعدها ماء ولا خضرة، وعلى سائر الأبواب مياه وبساتين، أعمرها باب فيروزاباذ، ومخرج مائهم من قرب رباط كروان؛ فإذا خرج عن الغَور إلى هراة ينشعب منه أنهار؛ فمنها نهر يسمى برخُوي يسقي رستاق سنداسنك، ونهر يسمى بارست رستاق كواشان وساوشان ومالن زتيزان وروامز؛ ونهر أذر بيجان سنداسك، ونهر يسمى سكوكان يسقي رستاق سله، ونهر كراغ يسقي رستاق كوكان؛ ونهر يسمى غوسمان يسقي رستاق كرك، ونهر يسمى كنك يسقي رستاق غُوبان وكربكرد، ونهر يسمى فَغَر يسقي رستاق بغاوردان وفيرد؛ونهر يسمى آنجير يسقي مدينة هراة، والبساتين متصلة على طريق سجستان مقدار مرحلة. وأكبر مدينة بهراة بعد هراة كَروخ وأوفه، ويرتفع من كروخ الكشمش الذي يجلب إلى الأفاق، والزبيب الطائفي الذي يحمل إلى الآفاق، معظمه يرتفع من مالن، وكروخ مدينة صغيرة وأهلها شراة، والمسجد الجامع بمحلة منها تسمى سبيدان، وبنائها طين، وهي في شعب بين جبال، وحدّها مقدار عشرين فرسخاً، كلها مشتبكة البساتين والمياه والأشجار والقرى العامرة؛ وأوفه أهل جماعة وهي نحو كروخ، ولها بساتين ومياه وبنائها من طين؛ ومالن أصغر من كروخ، وهي مشتبكة البساتين والمياه والكروم عامرة جداً؛ وخيسار قليلة الأشجار والمياه، وهي أصغر من مالن، وأهلها أهل جماعة؛ واستر بيان أهلها خوارج وهي أصغر من مالن، ولها مياهوبساتينهم قليلة، والغالب عليهم الزرع دون الكروم وهي في الجبال؛ وماراباذ كثيرة البساتين والمياه، وهي مدينة أصغر من مالن، ويرتفع منها أرز كثير يجلب إلى النواحي؛ وباشان مدينة أصغر من مالن، ولهم زرع، وهي قليلة البساتين على كثرة مياهها. وبأسفزار أربع من المدن وأكبرها كواشان، وهي مدينة أصغر من كروخ، ولها ماء وبساتين كثيرة، وأهلها أهل جماعة، وكواران وكوشك وادرسكر هي متقاربة في الكبر، ولها مياه وبساتين، وأسفزار مقدارها ثلاث مراحل في مرحلة، وهي كلها عامرة وليس في ظهرانيها مفازة، وبأسفزار شعب يسمى كاشكان، وفيها قرى عامرة كلهم شراون فأما مدن أسفزار فإن أهلها أهل جماعة.
      [CENTER] [/CENTER]

      تعليق


      • #93
        وأما بوشنج فإن بها من المدن خر كرد وفر كرد وكوسوى وكره، وأكبرها بوشنج، وهي مدينة نحو النصف من هراة، وهي وهراة في مستو، ومن بوشنج إلى الجبل نحو فرسخين، وهو هذا الجبل الذي من هراة إليه فرسخان، وبناؤهم من جنس بناء هراة، ولهم مياه وأشجار كثيرة؛ وبها من أشجار العرعر ماليس بجميع خراسان في بلد، ويحمل هذا الخشب إلى سائر النواحي، وماؤهم من نهر الهراة، وهو النهر الذي يخرج إلى سرخس، غير أنه ينقطع الماء دون سرخس، ولا يستعمل إلا في بعض السنة، ولبوشنج سور وخندق وثلاثة أبواب: باب يسمى باب علي إلى نيسابور، وباب هراة إلى هراة، وباب قوهستان إلى قوهستان، وأكبر المدن بها بعد بوشنج كوسوى، وهي مدينة لها ماء وبساتين قليلة، وهي نحو الثلث من بوشنج، وبناؤهم من طين. وخركرد لها ماء وبساتين كثيرة، وهي أصغر من كوسوى، وفركرد أصغر من خركرد، ولها ماء جار، وهم أصحاب سوائم، وليس لهم بساتين كثيرة؛ وهي نحو من فركرد في الكبر.
        وأما باذغيس فإن بها من مدنها جبل الفضة وكوفا وكوغناباذ وبشت وجاذوى وكابرون وكالوون ودهستان، والسلطان يكون مقامه بكوغناباذ، وأعمرها وأكبرها دهستان، وتكون نحو النصف من بوشنج، وبناؤها من طين، ولهم أسراب كثيرة في الأرض، وهي على جبل، ولهم ماء جار قليل، وليست لهم بساتين ولا كروم وإنما هي مباخس؛ وكذلك كوفا وجبل الفضة، وكوفا أكبر من جبل الفضة، وجبل الفضة على جبل كان فيه معدن الفضة، وتعطل لفناء الحطب، وأما كوفا فإنهما في صحراء، وبكوغناباذ وبشت وجاذوي بساتين ومياه، ولهم مباخس كثيرة، وكالوون وكابرون ليس لهم بساتين ولا مياه جارية، وإنما مياههم من الأمطار والآبار، وهم أصحاب زروع مباخس وأصحاب أغنام. وجبل الفضة على طريق سرخس من هراة، وباذغيس أهل جماعة، إلا خجستان -قرية أحمد بن عبد الله- فإن أهلها شراة.
        وأما كنج رستاق فإن مدينتها ببن، ولها كيف وبغشور، والسلطان منها بببن، وهي أكبر هذه المدن، وببن أكبر من بوشنج، وبغشور نحو بوشنج في الكبر، وكيف نحو نصف بغشور، وببن وكيف لهما مياه كثيرة جارية وبساتين وكروم، وبناؤهما من طين، وأما بغشور فإنها في مفازة، وهي عذى وزروعهم كلها مباخس، وماؤهم من الآبار، وهم أصحاب زروع، وهي مدينة صحيحة التربة والهواء، وهذه المدن كلها على طريق مروروذ.
        ومروروذ بها من المدن قصر أحنف ودزه ومروروذ، وأكبرها مروروذ، وهي أصغر من بوشنج، ولها نهر كبير وهذا النهر الجاري إلى مرو، ولهم عليه بساتين وكروم كثيرة، وهي طيبة التربة والهواء؛ وقصر أحنف على مرحلة منها على طريق بلخ، ودزه على طريق أنبار على أربعة فراسخ، وقصر أحنف لها ماء جار ولها بساتين وكروم وفواكه حسنة، ودزه يشق نهر مروروذ إلى النهر غلوة، والطالقان مدينة نحو من مروروذ، في الكبر، ولها مياه جارية وبساتين قليلة، وبناؤها وبناء مروروذ من طين، وهي أصح هواء من مروروذ، إلى الجبل ثلاثة فراسخ مما يلي المغرب، ومن جانب الجبل منه على فرسخين مما يلي المشرق، والطالقان في الجبل ولها رساتيق في الجبل؛ والفاريات مدينة أصغر من الطالقان، إلا أنهار أكثر بساتين ومياها من الطالقان، وبناؤها من طين.
        [CENTER] [/CENTER]

        تعليق


        • #94
          والجوزجان اسم للناحية، ومدينتها اليهوية وشبورقان -وأنخذ رساتيق ومدينتها أشترج-وكنددرم وأنبار وسام، وأكبرها أنبار وبها مقام السلطان، وهي مدينة على الجبل وهي أكبرها من مروروذ، ولها مياه وكروم وبساتين كثيرة، وبناؤها طين، وسان مدينة صغيرة لها مياه وبساتين، والغالب على ثمارها الجوز وهي في الجبل، واليهودية أكبر من سان، ولها مياه وبساتين وهي في الجبل؛ وكنددرم في الجبل وهي مدينة كثيرة الكروم والجوز ولها مياه كثيرة؛ وشبورقان لها ماء جار، والغالب عليهم الزروع وبساتينهم قليلة،وهي أكبر من كنددرم ومن سان، وهي نحو من اليهودية في الكبر؛ وأشترج -مدينة أتخذ- مدينة صغيرة في مفازة، لها سبع قرى وبيوت للأكراد -أصحاب أغنام وإبل- منها شعر ومدن، ويرتفع من ناحية الجوزجان الجلود التي تحمل إلى سائر خرسان. وهي في غاية الخصب. فمن شبورقان إلى أنبار مرحلة في ناحية الجنوب، ومن شبورقان إلى اليهودية يحتاج أن يرجع إلى فارياب مرحلتين، ثم منها إلى اليهودية مرحاة؛ ومن شبورقان إلى أنحذ مرحلتان في الشمال، ومن شبورقان إلى كنددرم أربع مرحل، ثلاثة مراحل إلى اليهودية ومرحلة؛ إليها.
          وغرج الشار لها مدينتان، إحداهما تسمى نشين والأخرى سورمين، وهما متقاربتان في الكبر، وليس بهما مقام للسلطان، والشار الذي تنسب إليه المملكة مقيم بقرية في الجبل تسمى بلكيان، وهاتان المدينتان أهما مياه وبساتين، ويرتفع من نشين أرز كثير يحمل إلى البلدان، ويرتفع من سورمين زبيب كثير يحمل إلى النواحي، وبين نشين وبين دزه مروروذ مرحلة في المطلح، وهي من نهر مروروذ على غلوة عن شرقية، ومن نشين إلى سورمين مرحلة مما يلي الجنوب، وهي في الجبل.
          وأما الغور فإنها دار كفر، وإنما ذكرناه في الإسلام لأن به مسلمين، وهي جبال عامرة ذات عيون وبساتين وأنهار، وهي خصيبة منيعة، وفي أوائلهم مما يلي المشرق قوم يظهرون الإسلام وليسوا بالمسلمين، ويحتف بالغور عمل هراة إلى فره، ومن إلى بلدي داور إلى رباط كروان من عمل ابن فريغون، ومن رباط كروان إلى غرج الشار ومنها إلى هراة، فهذا الذي يطوف بالغور كلها مسلمون، وإنما ذكرناها لأنها في وسط الإسلام.
          أما سرخس فإنها مدينة بين نيسابور ومرو، وهي في أرض سهلة، وليس لها جار إلا نهر يجري في بعض السنة ولا يدوم ماؤها، وهو فضل مياه هراة، وزروعهم مباخس، وهي مدينة على نحو النصف من مرو، وهي عامرة صحيصة التربة، والغالب على نواحيها المراعي، وهي قليلة القرى، ومعظم أملاكهم الجمال، وهي مطرح لحمولات ما يحيط بها من مدن خرسان، وماؤهم آبار، وأرحيتهم على الدواب، وأبنيتها طين. وأما نسا فإنه اسم المدينة، وهي خصبة كثيرة المياه والبساتين، وهي في الكبر نحو سرخس، ولهم مياه جارية في دورهم، وسككهم نزهة جداً، ولها رساتيق واسعة خصبة، وهي في أضعاف الجبال. وفراوة ثغرفي البرية في وجه الغزية، وهي منقطعة عن القرى وفيها منبر، يقيم بها المرابطون وهم عدد يسير، إلا أنهم يرجعون إلى عدة وافرة ينتبابها الناس، وهي رباط اسمها فراوة ليس بها قرية، ولا تتصل بها عمارة، ولهم عين ماء تجري للشرب في وسط القرية، وليست لهم بساتين ولا زروع إلا مباقل على هذا الماء، واهلها دون ألف رجل.
          [CENTER] [/CENTER]

          تعليق


          • #95
            وقوهستان من خراسان على مفازة فارس، وليست بها مدينة بهذا الاسم، وقصبتها قاين، ولها من المدن ينابذ والطبسين وتعرف بكري وخور وطبس ويعرف بطبس ويعرف بطبس مسينانت، فأما قاين فهي من الكبر نحو سرخس، وبناؤهم من طين، ولها قهندز وعليه خندق، والمسجد الجامع ودار الإمارة في القهندز، وماؤهم من الفتى، وبساتيهم قليلة، وقراها متفرعة، وهي من الصرود، وأما الطبسين فإنها مدينة أصغر من قاين، وهي من الجروم، وبها نخيل وعليها حصن، ولا قلعة لها؛ وبناؤها طين، وماؤها من الفتى، ونخيلها أكثر من بساتين قاين. وأما خور فإنها أصغر من الطبسين، وهي بقرب خوست، وليس بخوست منبر، وإنما المنبر بخور، وبناؤها من طين، وليس لها حصن ولا قلعة، ولها بساتين قليلة، وماؤها من الفتى، وبها ضيق في الماء، وأهلها أهل سوائم، وهي على طرف المفازة، وليس لهم بساتين. وأما ينابذ فإنها أكبر من خور، وبناؤها من طين، ولها قرى ورساتيق، وماؤها من قني. والطبس أكبر من ينابذ، وماؤها من الفتى، وبناؤها طين، ولها حصن خراب وليس لها قلعة، والنخيل بقوهستان بالطبسين، وسائر ما ذكرناه من الصرود وهذه المدن والقرى التي بقوهستان هي متباعدة، في أعراضها مفازة، وليست العمارة بقوهستان مشتبكة اشتباكها بسائر نواحي خرسان، وفي أضعاف هذه المدن مفاوز يسكنها الأكراد وأصحاب السوائم من الإبل والغنم؛ وفي حد قاين منها على يومين مما يلي نيسابور هذا الطين المحاحي "النجاحي?" الذي يحمل إلى الآفاق للأكل؛ وليس بقوهستان -فيما علمته- نهر جار إلا الفتى والآبار، ويرتفع منها شيء من الكرابيس يحمل إلى الآفاق ومسوح ونخاخ، وليس بها أمتعة مرتفعة.
            وأما بلخ فإن الذي يتصل بها: طخيرستان والختل وبنجهير وبذخشتان وعمل باميان وما يتصل بها. فأما مدن طخيرستان فإنها: خلم وسمنجان وبغلان وسكلكند وورواليز وآرهن وراون والطايقال وسكيمشت ورؤب وسراي عاصم وخست أندراب وأندراب ومذروكاه.
            وأما الختل فإن مدنها: هلاورد ولاوكند وهما مدينتا الوخش- وكاربنك وتمليات وهلبك وسكندرة ومنك وأنديجاراغ وفارغر ورستاق بنك. وقد جعلت الختل في ما وراء النهر. وأما عمل الباميان وما يتصل بها فإن مدنها: الباميان وبسغورفند وسكاوند وكابل ولجر وفروان وغزنة؛ وبنجهير هي مدينة واحدة تسمى بنجهير، وبذخشان إقليم له رساتيق، ومدينتها بذخشان، وهي مملكة أبي الفتح.
            فأما بلخ فإنها مدينة في مستو، وبينها وبين أقرب الجبال إليها نحو أربعة فراسخ ويسمى جبل كو، وعليها سور ولها ربض، والمسجد الجامع في المدينة في وسطها، وأسواقها حوالي المسجد الجامع، ومسجدها معمور بالناس على دوام الأيام كلها، وهي نحو من نصف فرسخ في مثله؛ وبناؤها الطين، ولها أبواب منها: باب النوبهار وباب رحبة وباب الحديد وباب الهنداوي وباب اليهود وباب شست بند وباب يحيى، ولها نهر يسمى دِهَاس يجريفي ربضها على النوبهار، وهو نهر يدير عشرة أرحية، ويسقى إلى سياه جرد، ويحف بأبوابها كلها البساتين والكروم، وليس على سور المدينة خندق، والسور من طين.
            وأما طُخَيرستان فإن أكبر مدينة بها الطايقان، وهي مدينة في مستو، وبينها وبين الجبل غلوة، ولها نهر كبير وبساتين وكروم، ومقدار الطايقان نحو الثلث من بلخ، ثم يليها في الكبر وَرْواليز، ويلي ورواليز في الكبر أندرابة، وهي مدينة في شعب جبال، وبها تجمع الفضة التي تقع من جابايه. وبنجهير بها نهران، أحدهما يسمى نهر أندراب والآخر نهر كاسان، ولها كروم وأشجار كثيرة، وجميع ما بقي من مدن طخيرستان متقارب في الكبر، وهي كلها دون الطايقان وورواليز وأندرابة، وهي ذات أنهار وأشجار وزروع كثيرة عامرة خصبة.
            [CENTER] [/CENTER]

            تعليق


            • #96
              وأما مدن الخُتّلف إنها كلها ذوات أنهار وأشجار، وهي على غاية الخصب، وكلها في مستوى الاسكندرة فإنها في جبال، على أن الختل كلها جبال كلها جبال إلا الوخش، وأكبر مدينة بالختل مُنك يليها هلبك، والسلطان بهلبك، والختل بين نهر وَخْشاب وبين نهر بذخشان ويسمى جرياب، وفي أضعافها أنهار كثيرة، تجتمع كلها قبل الترمذ بقرب القواذيان وبين نهر بَذَخشان ويسمى جِرياب، وفي أضعافها أنهار كثيرة، تجتمع كلها قبل الترمذ بقرب القواذيان فتصير كلها جيحون. ومُنك تكون نحوا من أندرابة، وهُلبك أصغر منها، وأبنية هذه المدن من طين، وسور مُنك من جص وحجارة، يليها من دور الكفر وخّان وكران؛ وبذخشان مدينة أصغر من مُنك، ولها رستاق كبير عامر جدا خصب، وبها كروم وأنهار، وهي على نهر جريان من غربية، ويكون بالختل دواب كثيرة تجلب إلى الآفاق، ويرتفع من بذخشان البجاذي واللازورد، ولها معادن في الجبال تخرج منها، ويقع إليها مسك من طريق وخان من تبت.
              وأما بنجهير فأنها مدينة على جبل، تشتمل على نحو عشرة آلاف رجل، والغالب على أهلها العيث والفساد، ولهم نهر وبساتين وليست لهم وزارع، وأما جاربايه فإنها أصغر من بنجهير، وكلاهما معدن الفضة، ومقام أهلها على تلك المعادن، وليس بجاربايه بساتين ولا زروع، ويشق وسط المدينة نهر بنجهير، وهو نهر بنجهير، وجاربايه جميعا، وينتهي إلى فروان حتى يقع في أرض الهند.
              وأما عمل الباميان فإن أكبر مدنها الباميان، وتكون نحوا من نصف بلخ، وتنسب تلك المملكة إلى شيرباميان، وليس لها سور، وهي على جبل، ويجري بين مدنها نهر كبير يقع إلى غرحستان، وفواكههم تجلب إليهم، وليس بها بساتين، وليس بنواحي الباميان مدينة على جبل سوى الباميان، وكلها ذوات أنهار وأشجار وثمار، إلا غزنة فإنها لا بساتين لها ولا نهر، وليس في هذه المدن التي في نواحي بلخ أكثر مالا وتجارة من غزنة، فإنها فرضة الهند، وكابل لها قهندر موصوف بالتحصن، وإليها طريق واحد، وفيها المسلمون، ولها ربض به الكفار من الهنود، ويزعمون أن الشاه لا يستحق الملك إلا بأن يعقد له الملك بكابل- وأن كان منها على بعد، ولا يستحقه حتى يصل إليها فيعقد الشاهية له هنال، وهي فرضة الهند أيضاً. ويرتفع من بلخ النوق من البخاتي المقدمة على سائر البخت بالنواحي، وبها الأترج والنيلوفر وقصب السكر وما لا يكون إلا بالبلدان الحارة، إلا أنه لا نخيل بها، ويقع فيها وفي نواحيها الثلوج. ولجرا وسكاوند وكابل جروم حارة غير أنه لا نخيل بها.
              وأما الغور فإنها جبال يحيط بها من كل جانب دار الإسلام، وأهلها كفار إلا نفرايسيرا مسلمين، وهي جبال منيعة، ولسانهم غير لسان أهل خراسان، وجبالهم خصبة كثيرة الزروع والمواشي والمراعي، وأدخلناها في جملة خراسان لأن ثلاثة من حدودها تحيط بها خراسان، وحد لها يلي نواحي سجستان، وأكثر رقيق الغور يقع إلى هراة وسجستان ونواحيها، وتمتد من ظهر الغور جبال في حد خراسان على حدود الباميان إلى البنجهبر حتى تدخل بلاد وخان، وتفترق في ما وراء النهر إلى داخل الترك على حدود إيلاق والشاش إلى قرب خرخيز، وفي هذا الجبل من أوله إلى آخره معادن الفضة والذهب، وأغزرها ما قرب من بلاد خرخيز، حتى ينتهي إلى ما وراء النهر من فرغانة والشاش، وأغزر هذه المعادن في دار الإسلام في ناحية بنجهير وما والاها.
              وأما سواحل جيحون وخوارزم فإنا نذكرها في صفة ما وراء النهر.
              [CENTER] [/CENTER]

              تعليق


              • #97
                وآمل وزم هما مدينتان متقاربتان في الكبر على شط جيحون، ولهما ماء جار وبساتين وزروع؛ وآمل مجمع طرق خراسان إلى ما وراء النهر، وخوارزم على الساحل، وزم دون آمل في العمارة، إلا أن بها معبر ما وراء النهر إلى خراسان، ويحيط بهما جميعا مفارة تصل من حدود بلخ إلى بحر خوارزم، والغالب على هذه المفازة الرمال، وليس بها عيون ولا أنهار إلا آبار ومراع، إلى أن ينتهي إلى طريق مرو إلى آمل، ثم يصير بينها وبين خوارزم وبلاد الغزية مغاوز، تقل آبارها والسوائم بها، وأكثر السوائم بخراسان من الإبل بناحية سرخس وبلخ، فأما الغنم فإن أكثرها يجلب إليهم من بلاد الغزية ومن الغور والخلج. وبخراسان من الدواب والرقيق والأطعمة والملبوس وسائر ما يحتاج الناس إليه ما يسعهم، فأنفس الدواب ما يرتفع من نواحي بلخ، وأنفس الرقيق ما يرتفع من بلاد الترك إليهم، وأنفس ثياب القطن والإبريسم ما يقع من نيسابور ومرو، وأطيب البز ما يرتفع من مرو، وخير لحمان الغنم ما يجلب من بلاد الغزية، وأعذب المياه وأخفها ماء جيحون، وأيسر أهل خراسان أهل نيسابور، وأنجب أهل خراسان أهل بلخ ومرو في الفقه والدين والنظر والكلام. وأزكى أرض خراسان السقي نيسابور، والأعذاء ما بين هراة ومرو الروذ، وليس بخراسان جروم إلا ما كان بناحية قوهستان فيما فارس وكرمان، وأشد خراسان برداو ثلوجا الباميان وخوارزم، إلا أنا جعلنا خوارزم من وراء النهر.
                وأما المسافات بخراسان: فمن نيسابور إلى آخر حدها مما يلي قومس إلى قرية الأكراد بقرب أسداباذ 7 أيام، ومن قرية الأكراد إلى الدامغان 5 منازل، ومن نيسابور إلى سرخس 6 مراحل، ومن سرخس إلى مرو 5 مراحل، ومن مرو إلى آمل على شط نهر جيحون 6 مراحل، فمن أول عمل نيسابور مما يلي قومس إلى وادي جيحون على السمت 23 مرحلة. ومن نيسابور إلى اسفرائين وهو آخر عمل نيسابور 5 مراحل ومن نيسابور إلى بوزجان 4 مراحل. ومن بوزجان إلى بوشنج 4 مراحل، ومن بوشنج إلى هراة مرحلة، ومن هراة إلى اسفزار3 مراحل. ومن اسفزار إلى دره وهي آخر عمل هراة مرحلتان، ومن دره إلى سجستان 7 أيام، فمن أسفرائين إلى دره 19 مرحلة. ومن نيسابور إلى طوس 3 مراحل، ومن نيسابور إلى نسا 6 مراحل، ومن نسا إلى فراوة 4 مراحل، ومن نيسابور إلى فاين قصبة قوهستان نحو 9 مراحل، ومن فاين إلى هراة نحو 8 مراحل، ومن مرو إلى الروذ 6 مراحل، ومن مرو إلى هراة 12 مرحلة، ومن مرو إلى أبيورد 6 مراحل، ومنها إلى نسا 4 مراحل. وقد ذكرنا ما بين مرو وآمل وما بين مرو وسرخس. ومن هراة إلى مرو الروذ وهو طريق بلخ 6 مراحل، ومن هراة إلى سرخس 5 مراحل. وقد ذكرنا الطريق من هراة إلى نيسبور، وإلى آخر حدها مما يلي سجستان وإلى قصبة قوهستان. والطريق من بلخ مرو الروذ 12 يوما ومن بلخ إلى شط الوادي -طريق الترمذ- يومان، ومن بلخ إلى أندرابه 9 مراحل، ومن بلخ إلى الباميان 10 مراحل، ومن الباميان إلى غزنه نحو 8 مراحل، ومن بلخ إلى بذخشان نحو 13 مرحلة. ومن بلخ إلى شط الوادي -على طريق الختل بمكان يعرف بميلة- 3 مراحل.
                وأما عرض خراسان من بذخشان على شط وادي جيحون إلى بحيرة خوارزم: فمن بذخشان إلى الرمذ على سمت النهر نحو 13 مرحلة، ومن الترمذ إلى زم 5 مراحل، ومن زم إلى آمل 4 مراحل؛ ومن آمل إلى مدينة خوارزم 12 مرحلة، ومن مدينة خوارزم إلى بحيرة خوارزم 6 مراحل.
                [CENTER] [/CENTER]

                تعليق


                • #98
                  قد ذكرنا المسافات التي بين المدن المشهورة بخراسان، وسنذكر لكل مدينة مشهورة جوامع من المسافات بين المدن التي في عملها. فأما نيسابور فإن منها إلى بوزجان 4 مراحل، ومن بوزجان عن يسار الجائي من هراة إلى نيسابور على مرحلة إلى مالن، وتعرف بمالن كواخرز وليست بمالن هراة، ومن مالن إلى جايمند مرحلة، ومن جايمند إلى سنكان يوم، ومن سنكان إلى ينابذ يومان، ومن ينابذ إلى قاين يومان، وسلومك إذا عدلت عن يسار سنكان على يومين، ومن سلومك إلى زوزن يوم، ومن زوزن إلى قاين 3 أيام. ومن نيسابور إلى ترشيز 4مراحل، ومن ورشيز إلى كندر يوم، ومن كندر إلى ينابذ يومان، ومن ينابذ إلى قاين يومان، ومن نيسابور إلى خسر وجرد 4مراحل، وسابزوار قبل خسر وجرد بنحو فرسخين، ومن خسرو جرد إلى بهمناباذ مرحلة كبيرة، ومن بهمناباذ إلى مزنيان على طريق قومس نحو فرسخ. ومن نيسابور إلى خان روان، ومن خان روان إلى مهرجان يومان، ومن مهرجان إلى اسفرئين يومان؛ وإذا خرجت من بهمناباذ فإلى أزاذوار يوم، ومن أزاذوار إلى ديواره يوم، ومن ديواره إلى مهرجان يومان.
                  وأما مسافات مدن مرو إلى كشميهن منزل، وهرمزفره بحذاء كشميهن على مقدار فرسخ عن يسارها؛ وعليها طريق مفازة سيفانة تؤدي إلى خوارزم وباشان، قبا هرمزفره بفرسخ على طريقها، وسنج على مرحلة من المدينة بين طريق سرخس وطريق مرو، وجيرنج على ستة فراسخ من المدينة قبي زرق بفرسخ على الوادي، ومرورم على هذا الطريق على أربعة فراسخ من مرو على الوادي؛ والدندانقان على مرحلة من مرو على طريق سرخس؛والقرينين على أربع مراحل من مرو على وادي مرو، وخرق على نحو ثلاثة فراسخ من المدينة بين طريق سرخس وأبيورد وسوسقان على نسق خرق إلا أنها أبعد منها بنحو فرسخ.
                  وأما مسافات مدن هراة وما يتصل بها من بوشنج وباذغيس وكنج رستاق: فإن من هراة إلى أسفزار 3 مراحل، ومدن أسفزار هي أربع قد سميناها، وهي كلها في أقل من مرحلة، وبين هراة ومالن هراة نصف يوم، وبين هراة وكروخ 3 أيام، وبين هراة وبوشنج يوم، وبين بوشنج وكره 4 فراسخ عن يسار الذاهب إلى نيسابور، وينها وبين الطريق نحو فرسخين، ومن بوشنج إلى فركرده يومان، ومن فردكره إلى خركرده يومان، ومن خركرده إلى زوزن يوم، ومن هراة إلى باشان هواة مرحلة، ومن باشان إلى خيسار مرحلة خفيفة، ومن خيسار إلى أستربيان مرحلة، ومن أستربيان إلى ماراباذ مرحلة خفيفة، ومن ماراباذ إلى أوفه مرحلة خفيفة، من أوفه إلى خشب في حد الغور. ومن هراة إلى ببنه مرحلتان، ومن ببنه إلى كيف مرحلة، ومن كيف إلى بغشور يوم.
                  وأما مسافات مدن بلخ: فمن بلخ إلى خلم يومان، ومن خلم إلى ورواليز يومان، ومن ورواليز أبي الطايقان يومان، ومن الطايقان إلى بذخشان 7 أيام؛ ومن خلم إلى سمنجان يومان، ومن سمنجان إلى أندرابه 5 أيام، ومن اندرابه إلى جاربايه 3 مراحل، ومن جاربايه إلى بنجهير يوم، ومن عسكر بنجهير إلى فروان مرحلتان، ومن بلخ إلى بغلان 6 مراحل، ومنها إلى سمنجان 4مراحل، وإلى بغلان مرحلتان. ومن بلخ إلى مذر 6مراحل، ومن مذر إلى كه منزل، ومن كه إلى الباميان 3 مراحل، ومن بلخ أشبورقان إلى الفاريات 3 مراحل، ومن اشيورقان إلى الفاريات إلى الطايقان 3 مراحل، ومن الطايقان إلى مروروذ 3 مراحل.
                  والمسافة بين مدن قوهستان: فمن قاين إلى زوزن 3 أيام، ومن قاين إلى طبس مسيناق يومان، ومن قاين إلى خور يوم، ومن خور إلى خوست فرسخان، ومن قاين إلى الطبسين 3 مراحل، فهذه جمل مسافات خراسان.
                  ما وراء النهر
                  فأما ما وراء النهر فيحيط به من شرقية: فأمر وراشت، وما يتاخم الختل من أرض الهند على خط مستقيم، وغربيه بلاد الغزية والخزلجية من حد طراز، ممتدا على التقويس حتى ينتهي إلى فأراب وبيسكند وسغد سمرقند ونواحي بخارى إلى خوارزم، حتى ينتهي إلى بحيرتها، وشمالية الترك الخزلجية من أقصى بلد فرغانة إلى الطراز على خط مستقيم، وجنوبيه نهر جيحون من لدن بذخشان إلى بحيرة خوارزم على خط مستقيم؛ وجعلنا خوارزم والختل في ما وراء نهر جرياب ووخشاب، وعمود جيحون جرياب، وما دونه من وراء النهر. وخوارزم مدينتها وراء النهر، وهي إلى مدن ما وراء النهر أقرب منها إلى مدن خراسان.
                  [CENTER] [/CENTER]

                  تعليق


                  • #99
                    ما وراء النهر من أخصب أقاليم الإسلام وأنزهها وأكثرها خيرا، وأهلها يرجعون إلى رغبة في الخير، واستجابة لمن دعاهم إليه، مع قلة غائلة وسلامة ناحية، وسماحة بما ملكت أيديهم، مع شدة شوكة ومنعة وبأس وعدة وآلة وكراع وسلاح؛ فأما الخصب بها فإنه ليس من إقليم ذكرناه إلا يقحط أهله مرارا قبل أن يقحط ما وراء النهر، ثم إن أصيبوا ببرد أو جراد أو آفة تأني على زروعهم ففي فضل ما يسلم في عرض بلادهم ما يقوم بأودهم، حتى يستغنوا عن نقل شيء إليهم من غير بلادهم، وليس بما وراء النهر مكان يخلو من مدن أو قرى أو مباخس أو مراع لسائمة، وليس شئ لا بد للناس منه إلا وعندهم منه ما يقيم أودهم ويفضل عنهم لغيرهم؛ فإما أطعمتهم فمن السعة والكثرة على ما ذكرناه؛ وأما مياههم فإنها أعذب المياه وأخفها، وقد عمت المياه العذبة جبالها وضواحيها ومدنها؛ وأما الدواب ففيها من النتاج ما فيه كفاية لهم مع كثرة ارتباطهم لها، وكذلك البغال والحمير والإبل؛ وأما لحومهم فإن بها من النتاج ما يحلبونه من الغزية والخزلجية، وما يتصل بهم من حواليها ما يفضل عن كفايتهم؛ وأما لحومهم فإن بها من النتاج ما يجلبونه من الغزية والخزلجية، وما يتصل بهم من حواليها ما يفضل عن كفايتهم؛ أما الملبوس ففيها من ثياب القطن ما يفضل عنهم، حتى ينقل عنهم إلى الآفاق، ولهم الفراء والصوف والآوبار، وببلادهم من معادن الحديد ما يفضل عن حاجتهم من الأسلحة والأدوات، وبها معدن الفضة والذهب والزيبق، الذي لا يقاربه في الغزارة والكثرة معدن في سائر بلدان الإسلام إلا بنجهير في الفضة، وأما الزيبق والذهب وسائر ما يكون في المعادن فأغزرها ما يرتفع مما وراء النهر، وليس في شئ من بلدان الإسلام النوشاذر والكاغد إلا في ما وراء النهر؛ أما فواكههم فإنك إذا تبطنت السغد وأشر وسنة وفرغانه والشاش رأيت من كثرتها ما يزيد على سائر الآفاق، حتى يرعاها لكثرتها دوابهم؛ وأما الرقيق فإنه يقع إليهم من الأتراك المحيطة بهم ما يفضل عن كفايتهم، وينقل إلى الآفاق من بلادهم، وهو خير رقيق يحيط بالمشرق كله؛ وبها من المسك الذي يجلب إليهم من تبت وخرخيز ما ينقل إلى سائر الأمصار منها؛ ويرتفع من الصغانيان إلى واشْجِرْد من الزعفران ما ينتقل إلى الآفاق، وكذلك الآوبار من السمور والسنجاب والثعالب وغيرها، مما يحمل إلى أقصى الغرب، مع طرائف من الحديد والختة والبزاة، وغير ذلك مما يحتاج إليه الملوك. وأما سماحتهم فإن الناس في أكثر ما وراء النهر كأنهم في دار واحدة، ما ينزل أحد بأحد إلا كأنه رجل دخل دار نفسه، لا يجد المضيف من طارق في نفسه كراهة، بل يستفزع مجهوده في إقامة أوده، من غير معرفة تقدمت ولا توقع مكافأة، بل اعتقادا للسماحة في أموالهم، وهمة كل امرئ منهم على قدره فيما ملكت يده، من القيام على نفسه ومن يطرقه، وبحسبك أنك لا تجد فيهم صاحب ضيعة إلا كانت همته ابتناء قصر فسيح ومنزل للأضياف فتراه عامة دهره متأنقا في إعداد ما يصلح لمن طرقه، فإذا حل بينهم طارق تنافسوا فيه وتنازعوه، فليس أحد يتصرف بما وراء النهر في مكان به ناس يخاف الضياع في ليل أو نهار، فهم فيما بينهم يتبارون في مثل هذا حتى يجحف ذلك بأموالهم ويقدح في أملاكهم، كما يتبارى سائر الناس في الجمع، ويتباهون بالملم والمكاثرة في المال، ولقد شهدت منزلا بالسغد ضربت الأوتاد على باب داره، فبلغني أن بابها لم يرد منذ مائة سنة وأكثر لا يمنع من نزولها طارق، وربما نزل بالليل بغتة من غير استعداد المائة والمائتان والأكثر بدوابهم وحشمهم، فيجحدون من علف دوابهم وطعامهم ودثارهم ما يعمهم، من غير أن يتكلف صاحب المنزل أمرا لذلك لدوام ذلك منهم، قد أقيم على كل عمل من يستقل به، وأعد ما يحتاج إليه على دوام الأوقات، بحيث لا يحتاج معه إلى تجديد أمر عند طروقهم، وصاحب المنزل من البشاشة والإقبال والمساواة لإضيافه، بحيث يعلم كل من شاهده سروره بذلك وسماحته، ولم أر مثل هذا ولم أسمع به في شئ من بلدان الإسلام الرعية، ومع ذلك فإنك لا تجد في بلدان الإسلام أهل الثروة إلا والغالب على أكثرهم صرف نفقاتهم، إلى خاصّ أنفسهم في الملاهي وما لا يرضاه الله، وإلى المنافسات فيما بيهم في الأشياء المذمومة إلاالقليل، وترى الغالب على أهل الأموال بما وراء النهر صرف نفقاتهم إلى الرباطات
                    [CENTER] [/CENTER]

                    تعليق


                    • وعمارة الطرق والوقوف على سبيل الجهاد ووجود الخير إلا القليل منهم، وليس من بلد ولا منهل ولا مفازة مطروقة ولا قرية آهلة إلا بها من الرباطات ما يفضل عن نزول من طرقه، وبلغت أن بما وراء النهر زيادة على عشرة آلاف رباط، في كثير منها إذا نزل النازل أقيم علف دابته وطعام نفسه إن احتاج إلى ذلك، وقل ما رأيت خانا أو طرف سكة أو محلة أو مجمع ناس في الحائط بسمرقند يخلو من ماء جمد مسبل، ولقد أخبرني من يرجع إلى خيره أن بسمرقند في المدينة وحائطها فيما يشتمل عليه السور الخارج زيادة على ألفي مكان، يسقي فيها ماء الجمد مسبّلا. من بين سقاية مبتية وجباب منصوبة. وأما بأسهم وشوكتهم فإنه ليس في الإسلام ناحية أكبر حظا في الجهاد منهم.وذلك أن جميع حدود ما وراء النهر إلى دار الحرب. أما من خوارزم إلى ناحية إسْبيِجاب فيهم الترك الغزية، ومن إسبيجاب إلى أقص فرغانة الترك الخزلجية، ثم يطوف بحدود ما وراء النهر من السندية وبلد الهند من ظهر الختل إلى حدّالترك في ظهر فرغانة، فهم القاهرون لأهل هذه النواحي، ومستيض أنه ليس في الإسلام دار حرب هم أشد شوكة من الترك، فهم ثغر المسلمين في وجه الترك، يمنعونهم من دار الإسلام، وجميع ما وراء النهر ثغر، يبلغهم نفير العدو، ولقد أخبرني من كان مع نصر بن أحمد الله في غزاة شاوغر، أنهم كانوا يحزرون ثلاثمائة ألف، وأن أربعة آلاف رجل انقطعوا عن بأعيانهم؛ وبأغنى أن المعتصم كتب إلى عبد الله بن طاهر كتابا عرض يتهدّده فيه،وأنفذ الكتاب إلى نوح بنأسد، فكتب إليه أن بما وراء النهر ثلاثمائة ألف قرية، وليس من قرية إلا يخرج منها فارس وراجل، لا يبين على أهلها فقدهم؛ وبلغني أن بالشاش وفرغانة من الاستعداد مالا يوصف مثله عن ثغر من الثغور، حتى إن الرجل الواحد من الرعية عنده من بين مائة دابة إلى خمسمائة وليس بسلطان، وهم على بعد دارهم أول سابق إلى الحج، لا يدخل البادية قبلهم أحد. ولا يخرج منها بعدهم أحد، وهم مع ذلك أحسن الناس طاعة لكبرائهم، وألطفهم خدمة لعظمائهم وفيما بيهم، حتى دعا ذلك الخافاء إلى أن استدعوا مما وراء رجالا، وكانت الأتراك جيوشهم، لفضلهم على سائر الأجناس في البأس والجرأة والشجاعة والإقدام؛ ماوراء النهر قوادهم وحاشيتم وخواص خدمهم- للطفهم في الخدمة وحسن الطاعة والهيئة في الملبس والزي السلطاني -فصاروا حاشية الخلافة وثقاتهم ورؤساء عساكرهم، مثل الفراغنة والأتراك الذين هم شحنة دار الخلافة، والأتراك الذين كانوا الأسهم ونجدتهم غلبوا على الخلافة مثل الأفشين وآل أبي الساج- من أشروسنة، والإخشيذ من سمرقند، والمرزبان بن تركسفي وعجيف بن عنبسة من السغد، والبخارا خذاه وغيرهم من أمراء الحضرة وقوادها وجيوشها؛ والمملوك على هذا الإقليم وعلى سائر خراسان آل سامان، وهم من أولاد بهرام جوبين الذي سار ذكره في العجم بالبأس والنجدة، فلمثل هذه الأسباب ليس في الإسلام ملك أمنع جانباً ولا أوفر عدة ولا أكمل أسباباً للملك منهم، لأنه ليس في الإسلام جيش الأوهم شذاذ القبائل والبلدان والأطراف، إذا تفرقوا في هزيمة وتمزقوا في حادثة لم يلتق منهم جمع بعد غير جيش هؤلاء الملوك، فإن جيوشهم الأتراك المملوكون، ومن الأحرار من يعرف داره ومكانه، إذا قتل منهم قوم أوماتوا ففي وفور عددهم ما يعاض من بين ظهرانيهم مثلهم، وإن تفرقوا في حادثة تراجعوا كلهم إلى مكان واحد، فلا يقدح فيهم ما يقدح في سائر عساكر الأطراف، ولا سبيل لهم إلى التفرق في العساكر والتنقل في الممالك، كما يكون عليه رسوم صعاليك العساكر وشحنة البلدان؛ ولقد خرج بارس غلام لإسماعيل بن أحمد رحمه الله ابن المعتز، هارباً من أحمد بن إسماعيل رحمه الله، فخرج في عدة هالت الخلافة، وظهر أثرها بقدومه من العدد والآلة والكراع والسلاح، ولم يكن بحضرة الخلافة جيش مثله، وإنما كان عبداً للسمانية لم يتبين على أهل خراسان فقده، وليس في بلدان الإسلام ملوك قد أعرقوا في الملك يتوارثونه بينهم من أيام العجم مثلهم، وقد بينا أيام آل سامان في فارس لأنهم من الفرس، فبينا مكانهم من فارس وسبب وقوعهم إلى خرسان، وجوامع من سيرتهم وأيامهم مما يغني عن إعادته. وأما نزاهة ما وراء النهر فإني لم أر -ولا بلغني في الإسلام- بلدا أحسن خارجا من بخاري، لأنك إذا علوت قلعتها لم يقع بصرك من جميع
                      [CENTER] [/CENTER]

                      تعليق


                      • النواحي إلا على خضرة، تتصل خضرتها بلون السماء، فكان السماء بها مكبة خضراء مكبوبة على بساط أخضر، تلوح القصور فيما بينها كالنوائر فيها، وأراضي ضياعهم مقومة بالاستواء كأنها المرآة، وليس بما وراء النهر وخرسان بلد أحسن قياما بالعمارة على ضياعهم من أهل بخاري، ولا أكثر عددا على قدرها في المساحة منهم، وذلك مخصوص بهذه البلدة، لأن الموصوف من متنزهات الأرض سغد سمرقند ونهر الأبلة وغوطة دمشق، على أن سابور وجور من فارس لا تقصران عن غوطة دمشق ونهر الأبلة، ولكن الذكر لهذه الأماكن، فأما غوطة دمشق فإنك إذا كنت بدمشق ترى بعيبك على فراسخ وأقل جبالا قرعاء عن النبات والشجر، وأمكنة خالية عن العمارة والخضرة، وأكمل النزهة ما ملأ البصر وسد الأفق، وأما نهر الأبلة فليس بها ولا بنواحيها مكان يستوقف النظر إلا نحو فرسخ منها، وليس بها مكان عال فيدرك البصر أكثر من فرسخ، ولا يستوي المكان الذي لا يرى منه إلا مقدار ما يرى من مكان ليس بمستتر بالنزهة، ومكان يستعطف البصر منه سعة في العيان وسفرا في المنظر؛ وأما سغد سمرقند فلا أعرف بها ولا بسمرقند مكانا إذا علا الناظر فيه على شرف، إلا وقع بصره على جبال خالية من الشجر أو صحراء غبراء-وإن كان مزروعا، على أن غبراة المزارع في أضعاف خضرة النبات من الزينة، غير أن الأرض الغبراء المنتشرة عن تقويمها في العمارة في العيان تسلب بهجة الخضرة وتذهب بزينة الغبرة؛ ويحيط ببخارى وقراها ومزارعها سور قطره عشرة فراسخ في مثلها كلها عامرة. وأما سغد سمرقند فإنها أنزه الأماكن الثلاثة التي ذكرنا، لأنها من حد بخارى على وادي السغد يمينا وشمالا تتصل إلى حد البتم لا تنقطع، ومقدارها في المسافة ثمانية أيام، مشتبكة الخضرة والبساتين، فهي ميادين وبساتين ورياض مشتبكة، قد حفت بالأنهار الدائم جريها، والحياض في صدور رياضها وميادينها، مخضرة الأشجار والزروع، ممتدة على جانبي واديها، ومن وراء الخضرة من جانبيها مزارع تحرسها، ومن وراء هذا المزارع مراعي سوائمها، والقلعة من كل مدينة وقرية بها تبص في أضعاف خضرتها، كأنها ثوب ديباج أخضر، قد سيرت بمجاري مياهها، وزينت بتبصيص قصورها، وهي أزكى بلاد الله وأحسنها أشجارا وثمارا، وفي عامة مساكنهم البساتين والحياض والمياه الجارية، قل ما تخلو سكة أو دار من نهر جار. وبفرغانة والشاش وأشروسنة وسائر ما وراء النهر من الأشجار الملتفة والثمار الكثيرة والرياض المتصلة ما لا يوجد مثله في سائر الأمصار، وبفرغانة -في الجبال الممتدة بينها وبين بلاد الترك- من الأعناب والجوز والتفاح وسائر الفواكه مع الورد والبنفسج وأنواع من الرياحين، كل ذلك مباح لا مالك له ولا مانع دونه، وكذلك في جبالها وجبال ما وراء النهر من الفستق المباح ما ليس في بلد غيره، وبأشروسنة ورد يتصل إلى آخر الخريف.واحي إلا على خضرة، تتصل خضرتها بلون السماء، فكان السماء بها مكبة خضراء مكبوبة على بساط أخضر، تلوح القصور فيما بينها كالنوائر فيها، وأراضي ضياعهم مقومة بالاستواء كأنها المرآة، وليس بما وراء النهر وخرسان بلد أحسن قياما بالعمارة على ضياعهم من أهل بخاري، ولا أكثر عددا على قدرها في المساحة منهم، وذلك مخصوص بهذه البلدة، لأن الموصوف من متنزهات الأرض سغد سمرقند ونهر الأبلة وغوطة دمشق، على أن سابور وجور من فارس لا تقصران عن غوطة دمشق ونهر الأبلة، ولكن الذكر لهذه الأماكن، فأما غوطة دمشق فإنك إذا كنت بدمشق ترى بعيبك على فراسخ وأقل جبالا قرعاء عن النبات والشجر، وأمكنة خالية عن العمارة والخضرة، وأكمل النزهة ما ملأ البصر وسد الأفق، وأما نهر الأبلة فليس بها ولا بنواحيها مكان يستوقف النظر إلا نحو فرسخ منها، وليس بها مكان عال فيدرك البصر أكثر من فرسخ، ولا يستوي المكان الذي لا يرى منه إلا مقدار ما يرى من مكان ليس بمستتر بالنزهة، ومكان يستعطف البصر منه سعة في العيان وسفرا في المنظر؛ وأما سغد سمرقند فلا أعرف بها ولا بسمرقند مكانا إذا علا الناظر فيه على شرف، إلا وقع بصره على جبال خالية من الشجر أو صحراء غبراء-وإن كان مزروعا، على أن غبراة المزارع في أضعاف خضرة النبات من الزينة، غير أن الأرض الغبراء المنتشرة عن تقويمها في العمارة في العيان تسلب بهجة الخضرة وتذهب بزينة الغبرة؛ ويحيط ببخارى وقراها ومزارعها سور قطره عشرة فراسخ في مثلها كلها عامرة. وأما سغد سمرقند فإنها أنزه الأماكن الثلاثة التي ذكرنا، لأنها من حد بخارى على وادي السغد يمينا وشمالا تتصل إلى حد البتم لا تنقطع، ومقدارها في المسافة ثمانية أيام، مشتبكة الخضرة والبساتين، فهي ميادين وبساتين ورياض مشتبكة، قد حفت بالأنهار الدائم جريها، والحياض في صدور رياضها وميادينها، مخضرة الأشجار والزروع، ممتدة على جانبي واديها، ومن وراء الخضرة من جانبيها مزارع تحرسها، ومن وراء هذا المزارع مراعي سوائمها، والقلعة من كل مدينة وقرية بها تبص في أضعاف خضرتها، كأنها ثوب ديباج أخضر، قد سيرت بمجاري مياهها، وزينت بتبصيص قصورها، وهي أزكى بلاد الله وأحسنها أشجارا وثمارا، وفي عامة مساكنهم البساتين والحياض والمياه الجارية، قل ما تخلو سكة أو دار من نهر جار. وبفرغانة والشاش وأشروسنة وسائر ما وراء النهر من الأشجار الملتفة والثمار الكثيرة والرياض المتصلة ما لا يوجد مثله في سائر الأمصار، وبفرغانة -في الجبال الممتدة بينها وبين بلاد الترك- من الأعناب والجوز والتفاح وسائر الفواكه مع الورد والبنفسج وأنواع من الرياحين، كل ذلك مباح لا مالك له ولا مانع دونه، وكذلك في جبالها وجبال ما وراء النهر من الفستق المباح ما ليس في بلد غيره، وبأشروسنة ورد يتصل إلى آخر الخريف.
                        [CENTER] [/CENTER]

                        تعليق


                        • ولما وراء النهر كور: أولها فيما يصاقب جيحون على معبر خراسان كورة بخارى، ويتصل سائر السغد المنسوب إلى سمرقند، وأشروسنة والشاش وفرغانة وكش ونسف والصغانيان وأعمالها والختل وما يمتد على نهر جيحون، من الترمذ والقواذيان وأخسيسك وخوارزم، وأما فأراب وأسبيجاب إلى الطراز وإيلاق فمجموع إلى الشاش، وأما خجندة فمضمونة إلى فرغانة، وجمعنا ما بين وأشجرد والصغانيان إلى عمل الصغانيان، وجعلنا الختل فيما وراء النهر، لأنها ما بين وخشاب وجرياب، وجعلنا خوارزم مما وراء النهر، لأن مدينتها وراء النهر، وهي إلى كور ما وراء النهر أقرب، فأما بخارى وكش ونسف فقد كان يجوز أن نجمعها كلها إلى السغد، ولكنا فرقناها ليكون أيسر في التفضيل وأخف، وليس في جمع هذه الأطراف بعضها إلى بعض ولا في تفريقها كبير درك غير الإبانة، عما في أعراضها من المدن والأنهار، وموضوعات المدن في صفاتها، فلا فرق بين الجمع في ذلك والتفريق، إلا لسهولة العبارة عنها في التفصيل، فنبدأ مما وراء النهر بجيحون فنذكره ونذكر ما عليه من الكور.
                          [CENTER] [/CENTER]

                          تعليق


                          • فأما جيحون فإن عموده نهر يعرف بجرياب، يخرج من بلاد وخان في حدود بذخشان، فتجتمع إليه أهار في حدود الختل والوخش فيصير منه هذا النهر العظيم، فمن هذه الأنهار نهر يلي جرياب يسمى بأخشوا، وهو نهر هلبك، ويليه نهر بربان، والثالث فارغر، والرابع نهر أنديجاراغ، والخامس نهر وخشاب وهو أعظم هذه الأنهار، فتجتمع هذه المياه قبل آرهن ثم يجتمع مع وخشاب قبل القواذبان، ثم يقع إليه بعد ذلك أنهار تخرج من البتم، فمنها أنهار بالقواذيان فتجتمع كلها وتقع في جيحون بقرب القواذيان؛ وأما وخشاب فيخرج من بلاد الترك حتى يظهر في أرض الوخش، ويضيق في جبل هناك حتى يعبر على قنطرة، ولا يعلم ماء في كثرته يضيق مثل ضيقه في هذا الموضع، وهذه القنطرة الحد بين الوخش وبين وأشجرد، ثم يجري في هذا الوادي في حدود بلخ إلى الترمذ، ثم على كالف ثم إلى زم ثم إلى آمل حتى ينتهي إلى خوارزم ثم إلى بحيرتها، ولا ينتفع بماء الوادي بالختل والترمذ إلى ناحية زم أحد، فتعمر به زم وآمل وفربر، ثم ينتهي إلى خوارزم فيعمر خوارزم، وعامة نفعه لأهل خوارزم، فأول كورة على جيحون مما وراء النهر الختل: والوخش، وهما كورتان غير أنهما مجموعتان في عمل واحد، وهما ما بين نهر حريان ووخشاب، فمن مدن الختل: هلبك ومنك وتمليات وفارغر وكاربنج وأنديجاراغ ورستاق بنك؛ ومدن الوخش: هلاورد ولا وكند، ومقام السلطان بهلبك، ومنك وهلاورد هما أكبر من هلبك، غير أن مقام السلطان بهلبك. والذي يتاخم الوخش والختل ووخان والسندية وكران، وهي دور كفر يقع منها المسك والرقيق. وبوخان معادن من الفضة غزيرة، وفي أودية الختل ذهب يجمع في السيول من بلاد وخان، وبين وخان وتبت قريب، وأرض الختل ذات زروع كثيرة ومياه وثمار، وهي على غاية الخصب والسعة، وبها دواب ومواش كثيرة.فإذا جزت الختل والوخش إلى نواحي وأشجرد والقواذيان والترمذ والصفانيان وما في أضعافها فإنها كور مفردة بالأعمال؛ وأما الترمذ فإنها مدينة على وادي جيحون لها قهندز ومدينة وربض، ويحيط بالربض أيضاً سور، ودار الإمارة في القهندز، في المدينة في السوق، والمسجد الجامع في المدينة، والمصلي داخل السور في الربض، وأسواقها في مدينتها، وأبنيتها طين، ومعظم سككها وأسواقها مفروشة بالآجر، وهي عامرة آهلة؛ وفرضة تلك النواحي على جيحون، وأقرب الجبال إليها على نحو مرحلة؛ وماؤهم للشرب من جيحون ونهر يجري من الصغانيان، وليس لضياعهم من جيحون شرب، وشرب ضياعهم من نهر الصغانيان، ولها من المدى صر منجن وهاشم جرد؛ والقواذيان مدينة لها كورة، وهي أصغر من الترمذ، ولها من المدن نودز، والواشجرد نحو الترمذي الكبر، وشومان، أصغر منها، ويرتفع من واشجرد وشومان إلى قرب الصغانيان زعفران كثير، يحمل إلى الآفاق ويرتفع من القواذيان الفوة، والصغانيان مدينة أكبر من ترمذ، الا أن الترمذ أكثر أهلا ومالا، وللصغانيان قلعة. وأما أخسيسك فهي بحذاء زم، وزم في أرض خراسان إلا أنهما مجموعتان في العمل، والمنبر بالزم، وهي مدينة خصبة صغيرة، والغالب على أطرافها السائم من الإبل والغنم، وعلى ظهر كل واحدة منهما مفاوز وآبار ومراع. وأما فربر فهي مدينة من بخارى، وقد وصفناها في جملة بخارى. وأما خوارزم فإنه اسم الإقليم، وهو إقليم منقطع عن خراسان وعما وراء النهر، وتحيط به المفاوز من كل جانب، وحدها متصل بحد الغزية فيما يلي الشمال والمغرب، وجنوبيه وشرقيه خراسان وما وراء النهر، وهي في آخر نهر جيحون، وليس بعدها على النهر عمارة إلى أن يقع في بحيرة خوارزم، وهي على جانبي جيحون، ومدينتها في الجانب الشمالي من جيحون، ولها في الجانب الجنوبي مدينة كبيرة تسمى الجرجانية، وهي أكبر مدينة بخوارزم بعد قصبتها، وهي متجر الغزية، ومنها تخرج القوافل إلى جرجان والخزر وإلى خراسان. وقد كان في التقدير أن نصور نصف خوارزم في صورة خراسان، ونصفها في صورة ما وراء النهر، غير أن الغرض في هذا الكتاب معرفة صور هذه الأقاليم ومدنها، فاخترت أن تكون خوارزم مجموعة في الصورة، وجعلتها في صورة ما وراء النهر، فأبلغ بذلك غرضي من غير تكرار في الصورتين. وبخوارزم من المدن سوى القصبة درغان وهزاراسب وخيوه وخُشْمِيثَن وأرْدَخُشْمِيثَن وسَافَرْدَز ونُوزْوَار وكردران خواش وكُرْدَر وقرية بَرَاتكين ومَذْمِينِة ومرداجقان
                            [CENTER] [/CENTER]

                            تعليق


                            • والجُرْجَانِيَّة.نِيَّة.


                              فأما قصبتها فإنها تسمى بالخوارزمية كاَثْ، ولها قلعة ليست بعامرة، وكانت لها مدينة فخربها النهر، وبنى الناس من وراء المدينة، وقد قارب النهر القلعة ويخاف على تهدمها، والمسجد الجامع على ظهر القلعة، ودار خوارزم شاه عند المسجد الجامع، والحبس عند القلعة، وفي وسط المدينة نهر جَرْدُوريشق المدينة، والسوق على جانبي هذا النهر، وطولها نحو ثلث فرسخ في نحوه، وأما أبوابها فقد تهدم بعض المدينة وذهب أبواب ما تهدم منها، والباقي قد بنى خلف ما تهدم على الوادي، وأول حد خوارزم يسمى الطاهرية مما يلي آمل، فتمتد هذه العمارة في جنوبي جيحون، وليس في شماليه عمارة، إلى أن ينتهي إلى قرية تسمى غارابخشنه، ثم يكون من غارابخشنه إلى مدينة خوارزم عامرا من جانبي جيحون جميعا، وقبل غاربخشنه بستة فراسخ نهر يأخذ من جيحون فيه عمارة الرستاق إلى المدينة، ويسمى هذا النهر كَاوْخُوَاره وتفسيره أكل البقر، وهو نهر عرضه نحو خمسة أبواع، وعمقه نحو قامتين فيحمل السفن، ويتشعب من كاوخواره بعد أن يجري خمسة فراسخ نهر يسمى كَرِيه يعمر به بعض الرساتيق، وليس للعمارة على شط جيحون من الطاهرية إلى هَزَارَاسْب كبير عرض، يعرض بهزاراسب فيصير عرضه نحوا من مرحلة إلى مقابل المدينة، ثم لا يزال يضيق حتى يصير باُلجرْجَانِّية نحو فرسخين، ثم ينتهي إلى قرية تسمى كيت على خمسة فراسخ من كوجاغ، وهي قرية بقرب جبل، وليس في العرض عمارة غيرها، ووراء هذا الجبل المفازة، ومن هزاراسب إلى سائر ما على غربي جيحون أنهار: منها نهر هزاراسب يأخذ من جيحون مما يلي آمل، وهو نحو نصف كاوخواره ويحتمل السفن، ثم على نحو فرسخين من هزاراسب نهر يعرف بكَرْدُرَان خُوَاش، وهو أكبر من نهر هزاراسب، وبعده نهر خِيوَه وهو نهر أكبر من كردران خواش، ويجري فيه السفن إلى خيوه، وبعده نهر مدْرا وهو نهر أكبر من كاوخواره مرتين، تجري فيه السفن إلى مدرا، وبين نهر مدرا نحو ميل، ومن نهر مدرا إلى نهر وداك تجري فيه السفن إلى الجرجانية، وبين نهر وداك ونهر مدرا ونهر مدرا نحو ميل، ومن نهر وداك إلى مدينة خوارزم نحو فرسخين، وأسفل المدينة من ناحية الجرجانية نهر يسمى بوه، فيجتمع ماء بوه وماء وداك في حد قرية تعرف بأندراستان أسفل منها إلى ما يلي الجرجانية، ووداك أكبر من بوه، وتجري فيهما السفن إلى الجلرجانية على غلوة ثم يكون هناك سكر يندمنع السفن، ومن مجتمع هذين الماء إلى الجرجانية نحو مرحلة، وبين نهر كاوخواره والمدينة اثنا عشر فرسخا، وعرض نهر خوارزم عند المدينة نحو فرسخين؛ ولكردر نهر يأخذ من أسفل مدينة خوارزم، على أربعة فراسخ من أربعة مواضع متقاربة، فيصير نهرا واحدا مثل بوه ووداك إذا اجتمعا، ويقال إن جيحون كان مجراه في هذا الموضع، وإذا قل ماء جيحون يقل الماء في هذا النهر، وبحذاء كيت في المفازة بفرسخ من الجانب الشمالي المدينة التي تسمى مذمينية، وهي من جيحون على أربعة فراسخ إلا أنها من الجرجانية، وأنما صار هكذا لأن النهر تحول من كردر يقطع ما بين كيت ومذمينية،ٍوليس على الشط بعد مذمينية عمارة؛ وبين جيحون وكردر رستاق مرداجقان، وبين مرداجقان وجيحون فرسخان، وهي بحذاءالجرجانية، ولكل قرية بين كردر والمدينة نهر يقع من جيحون، وجميع هذه الأنهار كلها من جيحون، ثم ينتهي جيحون إلى بحيرة خوارزم، بموضع فيه صيادون ليس به قرية ولا بناء، ويسمى هذه الموضوع خليجان، وعلى شط هذا البحر مما يلي خليجان أرض الغزّية، فإذا كان الصلح جاءوا من هذا الجانب إلى قرية براتكين، ومن الجانب الآخر إلى الجرجانية، وكلتاهما ثغران؛ وفي جيحون قبل أن يبلغ نهر كاوخواره بنحو ثلاثة فراسخ جبل يقطع وسطه قطعاً، فيضيق النهر حتى يعود عرض الماء إلى نحو من الثلث، ويسمى هذا الموضع أبو قشّة، وهو موضع يخاف على السفن منه من شدة جريه والهور الذي عند مخرجه، وبين الموضع الذي يقع فيه نهر جيحون إلى الموضع الذي يقع فيه نهر الشاش من هذه البحيرة نحو أربعة أيام، ووادي جيحون ربما جمد في الشتاء حتى يعبر عليه بلاثقال، ويبتدئ جموده من ناحية خوارزم حتى يعلو إلى حيث انتهى الجمد؛ وأبرد ما على جيحون من البقاع خوارزم، وعلى شط بحيرة خوارزم جبل جغراغز، ويجمد عنده الماء حتى يبقى إلى الصيف، وهو أجمة قصباء، ودور هذه البحيرة-فيما بلغني- نحو من مائة
                              [CENTER] [/CENTER]

                              تعليق


                              • فرسخ، وماؤها مالح وليس لها مغيض ظاهر، ويقع فيها نهر جيحون ونهر الشاش وأنهار غيرهما، فلا يعذب ماؤها ولا يزيد على صغرها، ويشبه-والله أعلم- أن يكون بينها وبين بحر الخزر خروق، يتصل بها ماؤهما، وبين البحرين نحو من عشرين مرحلة على السمت.خ، وماؤها مالح وليس لها مغيض ظاهر، ويقع فيها نهر جيحون ونهر الشاش وأنهار غيرهما، فلا يعذب ماؤها ولا يزيد على صغرها، ويشبه-والله أعلم- أن يكون بينها وبين بحر الخزر خروق، يتصل بها ماؤهما، وبين البحرين نحو من عشرين مرحلة على السمت.
                                وخوارزم مدينة خصبة كثيرة الطعام والفواكه، إلا أنها لا جوز بها، ويرتفع منها من ثياب القطن والصوف أمتعة كثيرة تنقل إلى الآفاق، وفي خواص أهلها يسار وقيام على أنفسهم بالمروة الظاهرة، وهم أكثر أهل خراسان انتشاراً وسفراً، فليس بخراسان مدينة كبيرة إلا وبها من أهل خوارزم جمع كبير، ولسانهم لسان مفرد، وليس بخراسان بلد على لسانهم، وزيّهم القراطق والقلانس، وخلقهم لا يخفى فيما بين أهل خراسان، ولهم بأس على الغُزيّة ومنعة، وليس ببلدهم معادن ذهب ولا فضة ولا شئ من جواهر الأرض، وعامة يسارهم من متاجرة الترك واقتناء المواشي، ويقع إليهم أكثر رقيق الصقالبة والخزر وما والاها مع رقيق الأتراك، والأوبار من الفنك والسمّور والثعالب والخزّ وغير ذلك من أصناف الوبر.
                                فهذا ما على جيحون من الكور، فنبدأ مما وراء النهر في كورة بخارى، لأنها أول الكور وبها دار إمارة خراسان، وهي مستقيمة على ترصيف كور ما وراء النهر، ثم يتبع ما يليها على الاتصال إن شاء الله.
                                [CENTER] [/CENTER]

                                تعليق

                                يعمل...
                                X