تابع - شكالية العقل ... في الإلحـاد
حتى الخطأُ يستحيل أن يظهر في عالم مادي
خيرُ دليلٍ على الفرقِ بين القصدِ والتنفيذِ أن الإنسانَ في أغلبِ الأحيانِ يفشلُ في تحقيق رغباتِه، في المقابل إن جاز القولُ أن للمادة قصدٌ، فهو قصدٌ آنيٌّ يعكسُ الحدثَ المتحققَ نفسَه، ولذلك لا معنى لأي خطإٍ ماديٍّ ما دام لا يوجدُ مجالٌ لأيةِ مقارنةٍ بين القصد والتنفيذ. فدماغُ الإنسانِ بما فيه من نشاطٍ عصبيٍّ لا يخطئُ ماديا بل يتبعُ كلَّ القوانينِ الفيزيائيةِ الصحيحةِ ولا يتمردْ على سننِها .. ومع ذلك يمكنُ أن يصدرَ من الإنسانِ الخطأ.
وهذا دليلٌ قاطعٌ على أن المسئولَ عن الخطإِ وأيضاً المرجع الذي به حكمنا على خطئه ليس تفاعلاتٍ ولا قوانينَ مادية.
فإن ادعى الملحدُ أن ما يحتكمُ إليه الإنسانُ من قيمٍ وأخلاق "ما هي إلا قوانينٌ وضعيةٌ نتجت عن حالاتٍ نفسيةٍ وعاداتٍ وتقاليد".
نجيبُه:
لكنك لا تؤمنُ أنها حالةً نفسيةً للروح بل هي حالةٌ ماديةٌ لا يمكنُها أن تُخَطِّئ حالةً ماديةً أخرى، فحتى تناطحُ الذراتِ هو تصرفٌ لا خطأ فيه ما دام موافقًا للقوانين الفيزيائيةِ الصحيحة.
من أكثر القواعد المنطقيةِ بداهةً أن )عطف الصحيحِ على الصحيح لا يُنتجُ إلا صحيحاً(. وبما أن تصرفَ كلِّ ذرةٍ هو تصرفٌ صحيحٌ فاتحادُ سلوكِ كلِّ ذراتِ الكونِ لا يمكنُه أن يُنتجَ خطأً واحداً. ولذلك إذا ظهرتْ في الكون مفاهيمُ للخطإِ فهذا يعني أن المسئولَ عنها يستحيلُ أن يكون مادة. والأمرُ لا يقتصرُ على الأخلاقياتِ والقيمِ فقط، بل حتى الخطأُ المنطقيُّ الذي يمكنُ أن يسقطَ فيه العقلُ يستحيلُ أن يكون سببُه آليةً ماديةً بحتةً لا تعرف الخطأَ الفيزيائي.
فإن قيل ما بالُ القوانينِ الأخرى؟
الجواب:
في عالمِ الإلحاد، كلُّ القوانينِ لبِناتُها الأصليةُ لا بد أن تتكون من قوانينَ فيزيائية.
إذاً متى تعثرت أخلاقيا أو حتى منطقياً فاعلم أن خطأك هذا هو دليلٌ حيٌّ على بطلانِ الفكر الإلحادي، واعلم أنك ما تمتعتَ بالقدرة على مخالفةِ بعضِ القوانينِ إلا لغاياتٍ من أهمِّها التكليف.
-يُتبع-
تعليق